█ وادع رسول الله ﷺ مَن بالمدينة من اليهود عند هجرته إليها وكتب بينه وبينهم كتاباً وبادر حَبرَهم وعالمهم عبد بن سلام فدخل الإسلام وأبي عامتهم إلَّا الكفر وكانوا ثلاث قبائل : بنو قينقاع وبنو النضير قريظة وحاربه الثلاثة فمنَّ بني وأجلى النضير وقتل وسبى ذُرِّيَّتهم ونزلت (سورة الحشر) الأحزاب) كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ غزوة وادي القُرى ..
ثُم إنصرف رسول الله ﷺ من خيبر إلى وادي القُرى ، وكان بها جماعةٌ من اليهود ، وقد انضاف إليهم جماعة من العرب ، فلما نزلوا استقبلهم يهود بالرمي ، وهم على غير تعبئة ، فقُتِلَ مِدْعَم مولى رسول الله ﷺ ، فقال الناس : هنيئاً له الجنة ، فقال النبي ﷺ ( كَلَّا والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمَ ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ لتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَاراً ) ، فلما سمع بذلك الناس ، جاء رجل إلى النبي ﷺ بِشِرَاكِ أو شِرَاكين ، فقال النبي ﷺ ( شِرَاكَ مِنْ نَارٍ أَوْ شراكان مِنْ نارٍ ) فعبأ رسول الله ﷺ أصحابه للقتال ، وصفهم ، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة ، وراية إلى الحباب بن المنذر ، ورايةً إلى سهل بن حنيف ، وراية إلى عباد بن بشر ، ثم دعاهم إلى الإسلام ، وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم ، وحقنوا دماءهم وحسابهم على الله ، فبرز رجل منهم ، فبرز إليه الزبير بن العوام ، فقتله ، ثم برز آخر ، فقتله ، ثم برز آخر ، فبرز إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله ، حتى قُتل منهم أحد عشر رجلاً ، كلما قُتِلَ منهم رجلٌ ، دعا من بقي إلى الإسلام ، وكانت الصلاة تحضر ذلك اليوم ، فيصلي ﷺ بأصحابه ، ثم يعود فيدعوهم إلى الإسلام وإلى الله ورسوله ، فقاتلهم حتى أمسوا ، وغدا عليهم ، فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا ما بأيديهم ، وفتحها عنوة ، وغنمه الله أموالهم ، وأصابوا أثاثاً ومتاعاً كثيراً ، وأقام رسول الله ﷺ بوادي القرى أربعة أيام ، وقسم ما أصاب على أصحابه بوادي القُرى ، وترك الأرض والنخل بأيدي اليهود ، وعاملهم عليها ، فلما بلغ يهود تيماء ما واطأ عليه رسول الله ﷺ أهل خيبر وفدك ووادي القُرى ، صالحوا رسول الله ﷺ ، وأقاموا بأموالهم ، فلما كان زمن عمر الخطاب رضي الله عنه ، أخرج يهود خيبر وفدك ، ولم يُخرج أهل تيماء ووادي القُرى ، لأنهما داخلتان في أرض الشام ، ويرى أن ما دون وادي القُرى إلى المدينة حِجاز ، وأن ما وراء ذلك من الشام وانصرف رسول الله ﷺ راجعاً إلى المدينة . ❝
❞ وإستنصر المسلمون الله ، وإستغاثوه وأخلصوا له ، وتضرَّعُوا إليهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مَلَائِكَتِهِ { أَنِّي مَعَكُمْ فَثبتوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرعب } ، وأوحى الله إلى رسوله ﷺ { ان مُمِدُّكُم بِأَلْفِ مِنَ الْمَلَئكَةِ مُردِفِينَ } ، وبات رسول الله ﷺ يصلي إلى جذع شجرة هناك ، وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة ، فلما أصبحوا أقبلت قريش في كتائبها ، واصطف الفريقان ، فمشى حكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة في قريش ، أن يرْجِعُوا ولا يقاتلوا ، فأبى ذلك أبو جهل ، وجرى بينه وبين عتبة كلام ، وأمر أبو جهل أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دَمَ أخيه عمرو ، فكشف عن استه ، وصرخ : واعَمْراه ، فحمي القوم ، ونشبتِ الحرب ، وعَدَّلَ رسول الله ﷺ الصفوف ، ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر خاصة ، وقام سعد بن معاذ في قوم من الأنصار على باب العريش ، يحمون رسول الله ﷺ ، وخرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة ، يطلبون المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة الأنصار : عبد الله بن رواحة ، وعوف ، ومُعَوِّذ ، ابنا عفراء ، فقالوا لهم : من أنتم ؟ فقالوا : من الأنصار ، قالوا : أكفاء كرام ، وإنما نُريد بني عمنا ، فبرز إليهم علي وعُبيدة بن الحارث وحمزة ، فقَتل علي قِرْنَه الوليد ، وقَتل حمزة قرنه عتبة ، وقيل : شيبة ، واختلف عُبيدة وقِرنه ضربتين ، فكَرَّ علي وحمزة على قِرن عبيدة ، فقتلاه واحتملا عبيدة ، وقد قطعت رجله ، فلم يزل ضَمِنَا حتى مات بالصَّفْراءِ ، ثم حمي الوطيس ، واستدارت رحى الحرب ، واشتد القتال ، وأخذ رسول الله ﷺ في الدعاء والابتهال ومناشدة ربه عز وجل ، حتى سقط رداؤه عن منكبيه فردَّه عليه الصديق ، وقال : بغض مناشَدَتِكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ منجز لَكَ ما وَعَدَكَ ، فأغفى رسول الله ﷺ إغفاءة واحدة وأخذ القوم النعاس في حال الحرب ، ثم رفع رسولُ الله ﷺ رأسه فقال ( أَبْشِرْ يا أَبَا بَكْر ! هذا جِبْرِيلُ عَلَى تَنَايَاه النقع ) ، وجاء النصر ، وأنزل الله جنده ، وأيد رسوله والمؤمنين ، ومنحهم أكتاف المُشركين أسراً وقتلاً ، فقتلوا منهم سبعين ، وأسروا سبعين . ❝
❞ وفي هذا الشهر ، بعينه وهو صفر من السنة الرابعة ، كانت وقعة بئر مَعُونة ، وملخصها أن أبا براء عامر بن مالك المدعو ملاعب الأسِنَّة ، قَدِمَ على رسول الله ﷺ المدينة ، فدعاه إلى الإسلام ، فلم يسلم ولم يبعد فقال يا رسول الله ، لو بعثت أصحابك إلى أهلِ نَجْدٍ يدعونهم إلى دينك ، لرجوتُ أن يُجيبُوهم ، فقال ﷺ ( إِني أَخَافُ عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدِ ) ، فقال أبو براء : أنا جارٌ لهم فبعث معه أربعين رجلاً في قول ابن إسحاق ، وفي الصحيح أنهم كانُوا سبعين ، والذي في الصحيح هو الصحيح ، وأمَّرَ عليهم المنذر بن عمرو - أحد بني ساعدة الملقب بالمُعْنِقِ ليموت - وكانوا من خيار المسلمين ، وفضلائهم ، وساداتهم ، وقرائهم ، فساروا حتى نزلوا بئر مَعُونة ، وهي بين أرض بني عامر ، وحرة بني سليم ، فنزلوا هناك ، ثم بعثوا حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله ﷺ إلى عدو الله عامر بن الطفيل ، فلم ينظر فيه ، وأمر رجلاً ، فطعنه بالحربة من خلفه ، فلما أنفذها فيه ، ورأى الدَّمَ ، قال: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ ، ثم استَنفَرَ عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين ، فلم يُجيبُوه لأجل جوار أبي براء ، فاستنفر بني سليم ، فأجابته عُصَيَّةُ وَرِعْلٌ وذَكْوَانُ ، فجاؤوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله ، فقاتلوا حتى قُتِلُوا عن آخرهم إلَّا كعب بن زيد بن النجار ، فإنه ارتُثُ بين القتلى ، فعاش حتَّى قُتِلَ يومَ الخندق ، وكان عمرو بن أمية الضمري ، والمنذر بن عقبة بن عامر في سَرْح المسلمين ، فرأيا الطير تحومُ على موضع الوقعة ، فنزل المنذر بن محمد ، فقاتل المشركين حتى قُتِلَ مَعَ أصحابه ، وأُسِرَ عَمرُو بن أمية الضمْرِي ، فلما أخبر أنه من مضر جَزَّ عامِرٌ ناصيته ، وأعتقه عن رقبة كانت على أمه ، ورجع عمرو بن أمية ، فلما كان بالقَرْقَرَةِ مِن صدر قناة نزل في ظل شجرة ، وجاء رجلان من بني كلاب فنزلا معه فلما ناما فتك بهما عمرو ، وهو يرى أنه قد أصاب ثأراً من أصحابه ، وإذا معهما عهد مِنْ رسول الله ﷺ لم يشعُر به ، فلما قَدِمَ أخبر رسول الله ﷺ بما فعل ، فقال ﷺ ( لَقَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَينِ لا دِيَّنَهُمَا ) ، وقنت رسول الله ﷺ شَهْرَا يَدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا القُرَّاء أَصْحَابَ بِثْرِ مَعُونَةَ بَعْدَ الرُّكُوعِ ، ثم تَرَكَهُ لَمَّا جَاؤُوا تَائِبِينَ مُسْلِمِينَ . ❝