█ هديه ﷺ الصلاة الميت : وكان إذا قدّم إليه ميت يُصلّي عليه سأل دين أم لا فإن لم يكن صلى وإن كان يصل وأذن لأصحابه أن يصلوا صلاته شفاعة وشفاعته موجبة والعبد مرتهن بدينه ولا يدخل الجنة حتى يقضى عنه فلما فتح الله يُصلي المدين ويتحمل دينه ويدع ماله لورثته فإذا أخذ كبر وحَمِدَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وصلى ابن عباس جنازة فقرأ بعد التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب جهراً وقال: لِتَعْلَمُوا أنها سُنَّة وكذلك قال أبو أمامة بن سهل : إنَّ قراءة الفاتحة سنة ويُذكر عن النبي ﷺ أنه أمر يقرأ الجنازة يصح إسناده شيخنا تجب صلاة بل هي وذكر جماعة من الصحابة ومقصود هو الدعاء للميت لذلك حفظَ ونقل ما يُنقل مِنْ والصلاة فحُفِظَ دعائه ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَه وَوَسِّعْ مَدْخَلَه واغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ وَنَقِّهِ كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته ومعاملته وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ قال ابن عباس عنه ﷺ لَيْلَةَ مَبيتِهِ عِنْدَهُ : إِنَّهُ لَمَّا اسْتَيْقَظ ، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلى السَّمَاءِ وَقَرأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِيمَ مِنْ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ) (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) إلى آخرها ، ثم قال ﷺ ( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيْمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ ، ومُحَمَّدٌ حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وبكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمتُ وَمَا أَخَرْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، أَنْتَ إِلهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيم . ❝
❞ غزوة مؤته ..
وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام ، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة ، وكان سببها أن رسول الله ﷺ بعث الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لهب بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم أو بصرى ، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني ، فأوثقه رباطاً ، ثم قدّمه فضرب عنقه ، ولم يُقْتَل لرسول الله ﷺ رسول غيره ، فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر ، فبعث البعوث ، واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال ﷺ ( إن أصيبَ فَجَعْفَرُ بْن أبي طالب عَلَى النَّاسِ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ ، فَعَبْدُ الله بن رواحة ) ، فتجهز الناس وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ، ودع الناسُ أمراء رسول الله ﷺ ، وسلموا عليهم ، فبكى عبد الله بن رواحة ، فقالوا : ما يُبكيك ؟ فقال : أما والله ما حب الدنيا ولا صَبابَةٌ بكم ، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقرأ آيةً مِن كتاب الله يذكرُ فيها النار { وإن مِنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْما مقضيا } ، فلست أدري كيف لي بالصَّدَرِ بَعْدَ الوُرُودِ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله بالسلامة ، ودفع عنكم ، وردّكم إلينا صالحين ، ثم مَضَوْا حتى نزلوا مَعَان ، فبلغ الناسَ أَن هِرَقْل بالبلقاء في مئة ألف من الروم ، وانضم إليهم من لخم ، وجُذام ، وبَلْقَيْن ، وبَهْرَاء ، وبَلي ، مئة ألف ، فلما بلغ ذلك المسلمين ، أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا : نكتُبُ إلى رسول الله ﷺ فَنُخبِرُه بعدد عدونا ، فإما أن يُمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له ، فشجع الناس عبد الله بن رواحة ، فقال : يا قوم والله إن الذي تكرهون للتي خرجتُم تطلبون : الشهادة ، وما نُقاتِلُ الناس بعدد ولا قُوَّة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا به الله ، فإنطلقوا ، فإنها إحدى الحسنيين ، إما ظَفَر وإما شَهَادَةٌ ، فمضى الناس حتى إذا كانوا بتحوم البلقاء ، لقيتهم الجموع بقرية يقال لها : مشارف ، فدنا العدو ، وانحاز المسلمون إلى مؤتة فالتقى الناس عندها ، فتعبئ المسلمون ، ثم اقتتلوا والراية في يد زيد بن حارثة ، فلم يزل يقاتل بها حتى شَاط في رماح القوم وخر صريعاً ، وأخذها جعفر ، فقاتل بها حتى إذا أرهقه القتال ، اقتحم عن فرسه فعقرها ، ثم قاتل حتَّى قُتِلَ ، فكان جعفر أوَّل من عَقَرَ فرسَه في الإسلام عند القتال فقُطِعَتْ يمينُه ، فأخذ الراية بيساره فَقُطِعَتْ يساره ، فاحتضن الراية حتى قُتِلَ وله ثلاث وثلاثون سنة ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة ، وتقدم بها وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ، ثم نزل ، فأتاه ابن عم له ، بعرق من لحم فقال : شُدّ بها صُلْبَك ، فإنك قد لقيتَ في أَيَّامِكَ هَذِهِ ما لقيت فأخذها من يده فانتهس منها نهسة ، ثم سمع الحَطَمَة في ناحية الناس ، فقال : وأنت في الدنيا ، ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه وتقدَّم ، فقاتل حتَّى قُتِلَ ، ثم أخذ الراية ثابت بن أَقْرَم أخو بني عجلان فقال يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنتَ ، قال: ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية دافع القوم ، وحاش بهم ، ثم انحاز بالمسلمين وانصرف بالناس ، وأطلع الله سبحانه على ذلك رسوله ﷺ من يومهم ذلك ، فأخبر به أصحابه ، وقال ﷺ ( لَقَدْ رَفِعُوا إِليَّ في الجَنَّةِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ فَرَأَيْتُ فِي سرير عَبْدِ الله بن رواحة ازْوِرَاراً عَنْ سَرِيرِ صَاحِبَيْهِ ، فقلت : عَمَّ هذا ؟ فقيل لي : مَضَيا ، وَتَرَدَّدَ عَبْدُ اللَّه بَعْضَ التَّرَدُّدِ ثُمَّ مَضَى ) . ❝
❞ تكملة هديه ﷺ في الحج
وقف ﷺ في موقفه ، وأعلم الناس أن مزدلفة كلها موقف ، ثم سار مِن مُزْدَلِفَةَ مُرْدِفَاً للفضل بن عباس وهو يلبي في مسيره ، وانطلق أسامة بن زيد على رجليه في سُباقِ قُريش ، وفي طريقه ذلك أمر ابن عباس أن يَلْقُط له حَصى الجمار ، سبع حصياتٍ ، ولم يكسرها من الجبل تلك الليلة كما يفعلُ من لا علم عنده ، ولا التقطها بالليل ، فالتقط له سبع حصيات مِنْ حَصَى الخَذْفِ ، فجعل يَنْفُضُهُنَّ في كَفِّهِ ويَقُولُ ( بأمثال هؤلاء فارموا ، وإيَّاكُم والغُلُو في الدين ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم الغُلُوُّ في الدين ، وفي طريقه تلك ، عَرَضَتْ له امرأةٌ مِن خَثعَمَ جَمِيلة ، فسألته عن الحج عَنْ أَبِيهَا وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً لا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّحِلَةِ ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهُ ، وجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ ، وَصَرفَهُ إلى الشق الآخَرِ ، وكان الفَضْلُ وَسِيماً ، فَقِيلَ : صَرَف وجْهَهُ عَنْ نَظَرِهَا إِلَيْهِ ، وقيل : صَرَفَهُ عَنْ نَظَرِهِ إِلَيْهَا ، وَالصَّوابُ : إِنَّهُ فَعَلَهُ للأمَرْين ، فإنه في القصة جعل يَنْظُرُ إليها وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ ، وسأله آخر هنالك عن أمِّه ، فقال : إِنَّهَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ ، فَإِن حَمَلْتُها لَمْ تَسْتَمْسِكُ ، وَإِنْ رَبَطْتُها خَشِيتُ انَ أَقْتُلَها ، فَقَالَ ( أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : فَحُجَّ عَنْ أُمِّكَ) ، فلما أتى بَطْنَ مُحَسرِ ، حَرَّك ناقته وأسرع السير ، وهذه كانت عادته ﷺ في المواضع التي نزل فيها بأسُ اللَّهِ بأعدائه ، فإن هُنالِكَ أصابَ أصحاب الفيل ما قص الله علينا ، ولذلك سُمِّي ذلك الوادي وادي مُحَسِّر ، لأن الفيل حَسَرَ فيه ، أي : أعيى ، وانقطع عن الذهاب إلى مكة ، وكذلك فعل في سلوكه الحِجْرَ دِيار ثمود ، فإنه تقنع بثوبه ، وأسرع السير ، وسلك ﷺ الطريق الوسطى بين الطريقين ، وهي التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى منى ، فأتى جمرة العقبة ، فوقف في أسفل الوادي ، وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه واستقبل الجمرة وهو على راحلته ، فرماها راكباً بعد طلوع الشمس ، واحدة بعد واحدة ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حصاة ، وحينئذ قطع التلبية ، وكان ﷺ في مسيره ذلك يُلبي حتى شرع في الرمي ، ورمى بلال وأسامة معه ، أحدهما أخذ بخطام ناقته ، والآخر يُظلله بثوبه من الحر . ❝