لا تعجلي! أنتِ أيضاً صحابيّة! تريدين أن تعرفي أدقَّ... 💬 أقوال أدهم شرقاوي 📖 كتاب أنتِ أيضا صحابية
- 📖 من ❞ كتاب أنتِ أيضا صحابية ❝ أدهم شرقاوي 📖
█ لا تعجلي! أنتِ أيضاً صحابيّة! تريدين أن تعرفي أدقَّ تفاصيل دينكِ لأنكِ تعرفين أنَّ الله سبحانه يُعبد من جهلٍ وأن المرءَ كلما استقام له الفهم بانت الحكمة! وها أنتِ اليوم رفقة نبيكِ وحبيبكِ ﷺ وها تسمعينه يقول: يُستجاب لأحدكم ما لم يعجّل يقول: دعوتُ فلم يُستجب لي! يا صحابيَّة إن تعالى يُحِبُّ العبدَ اللحوح تقولُ أمكِ عائشة رضي عنها: ذات يومٍ دعا النبيُّ ثم دعا! ويوم بدرٍ حين رأى جموع المشركين قد أقبلتْ استقبلَ القِبلة رفع يديه يقول ﷺ: اللهم أنْجِزْ لي وعدتني اللهم إنك إن تُهلِكْ هذه العصابة أهل الإسلام لا تُعبدُ الأرض أبداً! وما زال يدعو ويدعو حتى سقط رداؤه منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه ووضعه منكبيه ثم قال له: يا نبيَّ كفاكَ مناشدتكَ ربّكَ! فإنه سينجز لكَ وعدكَ! يا كان لكِ عند حاجة فألحّي بها ولا تستأخري الإجابة فتتوقفي عن الدعاء! لعلَّ يسمعَ صوتكِ! كرري دعوتكِ ولا تملي منها أبداً وتحرّي دعائكِ أوقات فهي أرجى غيرها لإجابة الدعاء! فإذا فرغ المؤذن الأذان صلي وسلي الوسيلة ثم ارفعي إلى الجبار حاجتكِ! وإذا هطل المطر فقولي: اللهم صيباً نافعاً كتاب أيضا صحابية مجاناً PDF اونلاين 2025 أنت الحضن الحنون الذي نأوي إليه هاربين مشقة الحياة الكتف نستغني الإتكاء عليه رغم رقته! العكاز الإستناد نعومته! مصنع الرجال مهد الأبطال! لست ضلعا قاصراً مخلوقاً ضعيفاً يستحق الشفقة أنت نصف المجتمع التي تلدين تربين النصف الآخر كل رجل جاء الدنيا يوماً جنيناً بطنك يأكل صحتك عافيتك ملك أو زعيم مفكر ثري ناجح قطعة لحم صغيرة بين يديك نبي ربيتيه صنعتيه عظيم فارفعي رأسك عالياً!
❞ لا تعجلي! أنتِ أيضاً صحابيّة! تريدين أن تعرفي أدقَّ تفاصيل دينكِ، لأنكِ تعرفين أنَّ الله سبحانه لا يُعبد من جهلٍ، وأن المرءَ كلما استقام له الفهم بانت له الحكمة! وها أنتِ اليوم رفقة نبيكِ وحبيبكِ ﷺ، وها أنتِ تسمعينه يقول: يُستجاب لأحدكم ما لم يعجّل، يقول: دعوتُ فلم يُستجب لي! يا صحابيَّة، إن الله تعالى يُحِبُّ العبدَ اللحوح، تقولُ أمكِ عائشة رضي الله عنها: ذات يومٍ دعا النبيُّ ﷺ، ثم دعا، ثم دعا! ويوم بدرٍ حين رأى جموع المشركين قد أقبلتْ استقبلَ القِبلة، ثم رفع يديه يقول ﷺ: اللهم أنْجِزْ لي ما وعدتني، اللهم إنك إن تُهلِكْ هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تُعبدُ في الأرض أبداً! وما زال يدعو، ويدعو، حتى سقط رداؤه ﷺ من على منكبيه فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه ووضعه على منكبيه ثم قال له: يا نبيَّ الله كفاكَ مناشدتكَ ربّكَ! فإنه سينجز لكَ ما وعدكَ! يا صحابيَّة، إن كان لكِ عند الله حاجة فألحّي بها، ولا تستأخري الإجابة فتتوقفي عن الدعاء! لعلَّ الله تعالى يُحِبُّ أن يسمعَ صوتكِ! كرري دعوتكِ، ولا تملي منها أبداً، وتحرّي في دعائكِ أوقات الإجابة، فهي أرجى من غيرها لإجابة الدعاء! فإذا فرغ المؤذن من الأذان، صلي على نبيكِ وسلي له الوسيلة ، ثم ارفعي إلى الجبار حاجتكِ! وإذا هطل المطر فقولي: اللهم صيباً نافعاً، ثم ارفعي إلى المليكِ حاجتكِ! وإذا نظرتِ إلى الكعبة فقولي: اللهم زِدْ هذا البيت تعظيماً وتشريفاً، ثم ارفعي إلى المعطي حاجتكِ! وإذا كنتِ في السجود فلا تعجلي رفع رأسكِ، سلي الحاجة في السجود فإنكِ فيه أقرب ما تكونين إلى ربكِ! واقصدي مسكيناً في بيته، وضعي في يده صدقة! ومريضاً لا يجد ثمن دوائه واشتريه له! وأرملة ذات أولاد ومعكِ بعض الطعام والثياب! وفاقدة أب أو أخ أو حبيب فزوريها وعزيها! وهناك ارفعي حاجتكِ فإن الله عند المنكسرة قلوبهم! يا صحابيَّة، أحياناً تتأخر الإجابة بذنبٍ أنتِ عليه، وإن الجبار ينتظرُ توبتكِ ليعطيكِ! خرجَ موسى عليه السلام ببني إسرائيل لصلاة الاستسقاء، وقد أجدبت الأرض، وكاد الناس أن يهلكوا، ولكن المطر رغم الصلاة لم يهطل، وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن فيهم عبداً عاصياً، فأخبرهم بذلك، وطلبَ منهم أن يخرج هذا العاصي من بينهم، وما هي إلا لحظات حتى انهمر المطر! فسألَ موسى عليه السلام ربَّه عن سبب نزول المطر، رغم أن هذا العاصي لم يخرج من بينهم، فأخبره الله تعالى بأن العاصي قد تاب بينه وبين ربه، فسأل موسى عليه السلام عنه، فقال له الله تعالى: يا موسى، سترته عاصياً فكيف أفضحه تائباً! أمة كاملة حُرمتْ المطر بسبب عاصٍ لم يتب! فمن باب أولى أن يُحرم المرء إجابة دعوته بسبب معصيته هو! فإن كانت لكِ دعوة تأخرتْ فراجعي نفسكِ! انظري في ذنبٍ يحتاجُ إقلاعاً، فلعله هو الذي يحول بين دعائكِ وإجابته، فإنَّ الله تعالى ما أمر بالمسألة إلا لأنه يريدُ أن يعطي، وإنَّ المنع في كثير من الأحيان كامن فينا نحن فراجعي نفسكِ! يا صحابيَّة، قال رجل لعيسى عليه السلام: أوصني! فقال له: اُنظُرْ إلى رغيفك من أين هو! بمعنى: ابحثْ عن الحلال! إن المال الحرام يحول بين الدعاء والإجابة، وفي الحديث الشريف يقول النبي ﷺ: إنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ وقال: ﴿˝يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ثم ذكرَ الرجل يطيل السفر، أشعثَ أغبر يمدُّ يديه إلى السماء: يارب، يارب! ومطعمه حرام، وشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذيَ بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟! فإذا تأخرت الإجابة عنكِ فانظري في مصدر دخلكِ، لعلَّ لكِ تجارة داخلها شيء من حرام، فأصلحي هذا أولاً، ثم أبشري بالإجابة! يا صحابيَّة، كان أحد التابعين يسألُ الله أن يُيسر له الجهاد، فلم ييسره الله تعالى له، فلما استغربَ عدم الإجابة، رأى في المنام من يقول له: إنكَ إن غزوتَ أُسِرْتَ، وإن أُسِرْتَ تنصَّرتَ! إن الله تعالى يحرمنا أحياناً لأنه يحبنا! ويمنع عنا الشيء الذي نطلبه لأنه فيه ضرر لنا، وكان الأوائل يفرحون بإجابة الدعاء مرَّة، ويفرحون بعدم إجابته مرتين! لأن الإجابة هي اختيار المرء لنفسه، أما المنع فهو اختيار الله لعبده، وخيرة الله لنا خير من خيرتنا لأنفسنا! لعلَّ الحبيب الذي سألتِ الله إياه طويلاً فمنعكِ، الحياة ستكون معه جحيماً لا يُطاق وقد يفتنكِ في دينكِ! أنتِ لا ترين من الكتاب إلا غلافه، ولعلَّ الوظيفة التي كنتِ تريدينها وحُرمتِ منها، كانت النجاة كل النجاة أن لا تكوني فيها! إنَّ الله تعالى يُقلِّب الأمور بطريقة مدهشة، لا يستطيع فكرنا البشري القاصر أن يدركها، فأحسني الظن باللهِ، واعلمي أن اختياراته لكِ هي عين نجاتكِ! وأن منعه إياكِ هي عين عطائكِ! يا صحابيَّة، قد تتأخر الإجابة لأن الوقت لم يحن بعد، بعض الأشياء إذا أخذناها باكراً أتلفناها أو أتلفتنا! على بعض الوقت أن يمضي أولاً، على بعض الأسباب أن تتهيأ، على بعض النضج أن نكتسبه! واقرئي إن شئتِ قول ربكِ: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ بعض العطاء مرهون بالوقت، ولعل وقت إجابتكِ لم يحن بعد، فلا تقلعي عن الدعاء، وانتظري! واقرئي أيضاً قول ربكِ: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾ لو أخذ اليتيمان الكنز باكراً لأضاعاه، أو لسلبهم الناس إياه، كان على بعض العطاء أن يبقى مخبئاً حتى تحين اللحظة المناسبة!. ❝
❞ لا تعجلي! أنتِ أيضاً صحابيّة! تريدين أن تعرفي أدقَّ تفاصيل دينكِ، لأنكِ تعرفين أنَّ الله سبحانه لا يُعبد من جهلٍ، وأن المرءَ كلما استقام له الفهم بانت له الحكمة! وها أنتِ اليوم رفقة نبيكِ وحبيبكِ ﷺ، وها أنتِ تسمعينه يقول: يُستجاب لأحدكم ما لم يعجّل، يقول: دعوتُ فلم يُستجب لي! يا صحابيَّة، إن الله تعالى يُحِبُّ العبدَ اللحوح، تقولُ أمكِ عائشة رضي الله عنها: ذات يومٍ دعا النبيُّ ﷺ، ثم دعا، ثم دعا! ويوم بدرٍ حين رأى جموع المشركين قد أقبلتْ استقبلَ القِبلة، ثم رفع يديه يقول ﷺ: اللهم أنْجِزْ لي ما وعدتني، اللهم إنك إن تُهلِكْ هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تُعبدُ في الأرض أبداً! وما زال يدعو، ويدعو، حتى سقط رداؤه ﷺ من على منكبيه فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه ووضعه على منكبيه ثم قال له: يا نبيَّ الله كفاكَ مناشدتكَ ربّكَ! فإنه سينجز لكَ ما وعدكَ! يا صحابيَّة، إن كان لكِ عند الله حاجة فألحّي بها، ولا تستأخري الإجابة فتتوقفي عن الدعاء! لعلَّ الله تعالى يُحِبُّ أن يسمعَ صوتكِ! كرري دعوتكِ، ولا تملي منها أبداً، وتحرّي في دعائكِ أوقات الإجابة، فهي أرجى من غيرها لإجابة الدعاء! فإذا فرغ المؤذن من الأذان، صلي على نبيكِ وسلي له الوسيلة ، ثم ارفعي إلى الجبار حاجتكِ! وإذا هطل المطر فقولي: اللهم صيباً نافعاً، ثم ارفعي إلى المليكِ حاجتكِ! وإذا نظرتِ إلى الكعبة فقولي: اللهم زِدْ هذا البيت تعظيماً وتشريفاً، ثم ارفعي إلى المعطي حاجتكِ! وإذا كنتِ في السجود فلا تعجلي رفع رأسكِ، سلي الحاجة في السجود فإنكِ فيه أقرب ما تكونين إلى ربكِ! واقصدي مسكيناً في بيته، وضعي في يده صدقة! ومريضاً لا يجد ثمن دوائه واشتريه له! وأرملة ذات أولاد ومعكِ بعض الطعام والثياب! وفاقدة أب أو أخ أو حبيب فزوريها وعزيها! وهناك ارفعي حاجتكِ فإن الله عند المنكسرة قلوبهم! يا صحابيَّة، أحياناً تتأخر الإجابة بذنبٍ أنتِ عليه، وإن الجبار ينتظرُ توبتكِ ليعطيكِ! خرجَ موسى عليه السلام ببني إسرائيل لصلاة الاستسقاء، وقد أجدبت الأرض، وكاد الناس أن يهلكوا، ولكن المطر رغم الصلاة لم يهطل، وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن فيهم عبداً عاصياً، فأخبرهم بذلك، وطلبَ منهم أن يخرج هذا العاصي من بينهم، وما هي إلا لحظات حتى انهمر المطر! فسألَ موسى عليه السلام ربَّه عن سبب نزول المطر، رغم أن هذا العاصي لم يخرج من بينهم، فأخبره الله تعالى بأن العاصي قد تاب بينه وبين ربه، فسأل موسى عليه السلام عنه، فقال له الله تعالى: يا موسى، سترته عاصياً فكيف أفضحه تائباً! أمة كاملة حُرمتْ المطر بسبب عاصٍ لم يتب! فمن باب أولى أن يُحرم المرء إجابة دعوته بسبب معصيته هو! فإن كانت لكِ دعوة تأخرتْ فراجعي نفسكِ! انظري في ذنبٍ يحتاجُ إقلاعاً، فلعله هو الذي يحول بين دعائكِ وإجابته، فإنَّ الله تعالى ما أمر بالمسألة إلا لأنه يريدُ أن يعطي، وإنَّ المنع في كثير من الأحيان كامن فينا نحن فراجعي نفسكِ! يا صحابيَّة، قال رجل لعيسى عليه السلام: أوصني! فقال له: اُنظُرْ إلى رغيفك من أين هو! بمعنى: ابحثْ عن الحلال! إن المال الحرام يحول بين الدعاء والإجابة، وفي الحديث الشريف يقول النبي ﷺ: إنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ وقال: ﴿\"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ثم ذكرَ الرجل يطيل السفر، أشعثَ أغبر يمدُّ يديه إلى السماء: يارب، يارب! ومطعمه حرام، وشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذيَ بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟! فإذا تأخرت الإجابة عنكِ فانظري في مصدر دخلكِ، لعلَّ لكِ تجارة داخلها شيء من حرام، فأصلحي هذا أولاً، ثم أبشري بالإجابة! يا صحابيَّة، كان أحد التابعين يسألُ الله أن يُيسر له الجهاد، فلم ييسره الله تعالى له، فلما استغربَ عدم الإجابة، رأى في المنام من يقول له: إنكَ إن غزوتَ أُسِرْتَ، وإن أُسِرْتَ تنصَّرتَ! إن الله تعالى يحرمنا أحياناً لأنه يحبنا! ويمنع عنا الشيء الذي نطلبه لأنه فيه ضرر لنا، وكان الأوائل يفرحون بإجابة الدعاء مرَّة، ويفرحون بعدم إجابته مرتين! لأن الإجابة هي اختيار المرء لنفسه، أما المنع فهو اختيار الله لعبده، وخيرة الله لنا خير من خيرتنا لأنفسنا! لعلَّ الحبيب الذي سألتِ الله إياه طويلاً فمنعكِ، الحياة ستكون معه جحيماً لا يُطاق وقد يفتنكِ في دينكِ! أنتِ لا ترين من الكتاب إلا غلافه، ولعلَّ الوظيفة التي كنتِ تريدينها وحُرمتِ منها، كانت النجاة كل النجاة أن لا تكوني فيها! إنَّ الله تعالى يُقلِّب الأمور بطريقة مدهشة، لا يستطيع فكرنا البشري القاصر أن يدركها، فأحسني الظن باللهِ، واعلمي أن اختياراته لكِ هي عين نجاتكِ! وأن منعه إياكِ هي عين عطائكِ! يا صحابيَّة، قد تتأخر الإجابة لأن الوقت لم يحن بعد، بعض الأشياء إذا أخذناها باكراً أتلفناها أو أتلفتنا! على بعض الوقت أن يمضي أولاً، على بعض الأسباب أن تتهيأ، على بعض النضج أن نكتسبه! واقرئي إن شئتِ قول ربكِ: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ بعض العطاء مرهون بالوقت، ولعل وقت إجابتكِ لم يحن بعد، فلا تقلعي عن الدعاء، وانتظري! واقرئي أيضاً قول ربكِ: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾ لو أخذ اليتيمان الكنز باكراً لأضاعاه، أو لسلبهم الناس إياه، كان على بعض العطاء أن يبقى مخبئاً حتى تحين اللحظة المناسبة!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ لا تعجلي! أنتِ أيضاً صحابيّة! تريدين أن تعرفي أدقَّ تفاصيل دينكِ، لأنكِ تعرفين أنَّ الله سبحانه لا يُعبد من جهلٍ، وأن المرءَ كلما استقام له الفهم بانت له الحكمة! وها أنتِ اليوم رفقة نبيكِ وحبيبكِ ﷺ، وها أنتِ تسمعينه يقول: يُستجاب لأحدكم ما لم يعجّل، يقول: دعوتُ فلم يُستجب لي! يا صحابيَّة، إن الله تعالى يُحِبُّ العبدَ اللحوح، تقولُ أمكِ عائشة رضي الله عنها: ذات يومٍ دعا النبيُّ ﷺ، ثم دعا، ثم دعا! ويوم بدرٍ حين رأى جموع المشركين قد أقبلتْ استقبلَ القِبلة، ثم رفع يديه يقول ﷺ: اللهم أنْجِزْ لي ما وعدتني، اللهم إنك إن تُهلِكْ هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تُعبدُ في الأرض أبداً! وما زال يدعو، ويدعو، حتى سقط رداؤه ﷺ من على منكبيه فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه ووضعه على منكبيه ثم قال له: يا نبيَّ الله كفاكَ مناشدتكَ ربّكَ! فإنه سينجز لكَ ما وعدكَ! يا صحابيَّة، إن كان لكِ عند الله حاجة فألحّي بها، ولا تستأخري الإجابة فتتوقفي عن الدعاء! لعلَّ الله تعالى يُحِبُّ أن يسمعَ صوتكِ! كرري دعوتكِ، ولا تملي منها أبداً، وتحرّي في دعائكِ أوقات الإجابة، فهي أرجى من غيرها لإجابة الدعاء! فإذا فرغ المؤذن من الأذان، صلي على نبيكِ وسلي له الوسيلة ، ثم ارفعي إلى الجبار حاجتكِ! وإذا هطل المطر فقولي: اللهم صيباً نافعاً، ثم ارفعي إلى المليكِ حاجتكِ! وإذا نظرتِ إلى الكعبة فقولي: اللهم زِدْ هذا البيت تعظيماً وتشريفاً، ثم ارفعي إلى المعطي حاجتكِ! وإذا كنتِ في السجود فلا تعجلي رفع رأسكِ، سلي الحاجة في السجود فإنكِ فيه أقرب ما تكونين إلى ربكِ! واقصدي مسكيناً في بيته، وضعي في يده صدقة! ومريضاً لا يجد ثمن دوائه واشتريه له! وأرملة ذات أولاد ومعكِ بعض الطعام والثياب! وفاقدة أب أو أخ أو حبيب فزوريها وعزيها! وهناك ارفعي حاجتكِ فإن الله عند المنكسرة قلوبهم! يا صحابيَّة، أحياناً تتأخر الإجابة بذنبٍ أنتِ عليه، وإن الجبار ينتظرُ توبتكِ ليعطيكِ! خرجَ موسى عليه السلام ببني إسرائيل لصلاة الاستسقاء، وقد أجدبت الأرض، وكاد الناس أن يهلكوا، ولكن المطر رغم الصلاة لم يهطل، وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن فيهم عبداً عاصياً، فأخبرهم بذلك، وطلبَ منهم أن يخرج هذا العاصي من بينهم، وما هي إلا لحظات حتى انهمر المطر! فسألَ موسى عليه السلام ربَّه عن سبب نزول المطر، رغم أن هذا العاصي لم يخرج من بينهم، فأخبره الله تعالى بأن العاصي قد تاب بينه وبين ربه، فسأل موسى عليه السلام عنه، فقال له الله تعالى: يا موسى، سترته عاصياً فكيف أفضحه تائباً! أمة كاملة حُرمتْ المطر بسبب عاصٍ لم يتب! فمن باب أولى أن يُحرم المرء إجابة دعوته بسبب معصيته هو! فإن كانت لكِ دعوة تأخرتْ فراجعي نفسكِ! انظري في ذنبٍ يحتاجُ إقلاعاً، فلعله هو الذي يحول بين دعائكِ وإجابته، فإنَّ الله تعالى ما أمر بالمسألة إلا لأنه يريدُ أن يعطي، وإنَّ المنع في كثير من الأحيان كامن فينا نحن فراجعي نفسكِ! يا صحابيَّة، قال رجل لعيسى عليه السلام: أوصني! فقال له: اُنظُرْ إلى رغيفك من أين هو! بمعنى: ابحثْ عن الحلال! إن المال الحرام يحول بين الدعاء والإجابة، وفي الحديث الشريف يقول النبي ﷺ: إنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ وقال: ﴿˝يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ثم ذكرَ الرجل يطيل السفر، أشعثَ أغبر يمدُّ يديه إلى السماء: يارب، يارب! ومطعمه حرام، وشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذيَ بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟! فإذا تأخرت الإجابة عنكِ فانظري في مصدر دخلكِ، لعلَّ لكِ تجارة داخلها شيء من حرام، فأصلحي هذا أولاً، ثم أبشري بالإجابة! يا صحابيَّة، كان أحد التابعين يسألُ الله أن يُيسر له الجهاد، فلم ييسره الله تعالى له، فلما استغربَ عدم الإجابة، رأى في المنام من يقول له: إنكَ إن غزوتَ أُسِرْتَ، وإن أُسِرْتَ تنصَّرتَ! إن الله تعالى يحرمنا أحياناً لأنه يحبنا! ويمنع عنا الشيء الذي نطلبه لأنه فيه ضرر لنا، وكان الأوائل يفرحون بإجابة الدعاء مرَّة، ويفرحون بعدم إجابته مرتين! لأن الإجابة هي اختيار المرء لنفسه، أما المنع فهو اختيار الله لعبده، وخيرة الله لنا خير من خيرتنا لأنفسنا! لعلَّ الحبيب الذي سألتِ الله إياه طويلاً فمنعكِ، الحياة ستكون معه جحيماً لا يُطاق وقد يفتنكِ في دينكِ! أنتِ لا ترين من الكتاب إلا غلافه، ولعلَّ الوظيفة التي كنتِ تريدينها وحُرمتِ منها، كانت النجاة كل النجاة أن لا تكوني فيها! إنَّ الله تعالى يُقلِّب الأمور بطريقة مدهشة، لا يستطيع فكرنا البشري القاصر أن يدركها، فأحسني الظن باللهِ، واعلمي أن اختياراته لكِ هي عين نجاتكِ! وأن منعه إياكِ هي عين عطائكِ! يا صحابيَّة، قد تتأخر الإجابة لأن الوقت لم يحن بعد، بعض الأشياء إذا أخذناها باكراً أتلفناها أو أتلفتنا! على بعض الوقت أن يمضي أولاً، على بعض الأسباب أن تتهيأ، على بعض النضج أن نكتسبه! واقرئي إن شئتِ قول ربكِ: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ بعض العطاء مرهون بالوقت، ولعل وقت إجابتكِ لم يحن بعد، فلا تقلعي عن الدعاء، وانتظري! واقرئي أيضاً قول ربكِ: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾ لو أخذ اليتيمان الكنز باكراً لأضاعاه، أو لسلبهم الناس إياه، كان على بعض العطاء أن يبقى مخبئاً حتى تحين اللحظة المناسبة!. ❝
❞ أنتِ أيضاً صحابيَّة! تركتِ بيتكِ في مكة، وهاجرتِ إلى المدينة تابعةً قلبكِ ودينكِ ونبيّكِ ﷺ كلُّ شيءٍ فيكِ يشتاقُ إلى مكة، الحنين إلى الكعبة لا يهدأ، وتنتظرين بفارغ الصبر تلك اللحظة التي ستكحلين فيها عينيكِ برؤيتها مجدداً! ويُخبركِ النبيُّ ﷺ أنه قد عزمَ على فتح مكة، فيرقصُ قلبكِ فرحاً بهذا الخبر، ولكنَّ النبيَّ ﷺ قد طلب منكم أن تُبقوا هذا الأمر سراً! فالحربُ نهاية المطاف خدعة، والذي يملكُ عنصر المفاجأة نادراً ما يُهزم! وقد أراد النبيُّ ﷺ فتحاً بأقل الخسائر، نمتِ تلكَ الليلة وأنت تحلمين بتلك اللحظة، التي ستُقبّلين فيها تُراب مكة، وستشهدين الأصنام تُداس بالأقدام، وسترين بلالاً يصعدُ على ظهر الكعبة، منادياً ملء حنجرته أنَّ \"الله أكبر\"! ولكن طارئاً قد حدث هدَّدَ كل هذا الحلم بالانهيار، يستدعي النبيُّ ﷺ ثلاثةً من خيرة أصحابه، علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود في مهمة عاجلة وخطيرة، ويأمرهم بالتوجه إلى \"روضة خاخ\" وهناك سيجدون امرأةً تحملُ رسالة، عليهم إحضارها فوراً مهما كلَّفَ الأمر! وينطلقُ الفرسان الثلاثة على جناح السرعة، وهناك يعثرون على المرأة التي أخبرهم عنها نبيهم ﷺ، فلم ينطقْ مرةً ﷺ عن هوىً كانت معيَّة الله تحفُّه، والوحي يؤيده! طلبوا من المرأة أن تعطيهم الرسالة التي تحملها، ولكنها أنكرتْ وجودها! فقالوا لها: إما أن تُخرجي الكتاب، أو لنضعنَّ الثياب! فلما عرفتْ أنهم قد عزموا تفتيشها، أخرجت الرسالة من بين ضفائر شعرها حيث خبأتها! فأخذوا الرسالة وعادوا بها إلى النبيِّ ﷺ، وفي المدينة يفتحُ النبيُّ ﷺ الرسالة، فإذا بها من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش، يُعلمهم فيها أنَّ النبيَّ ﷺ قد عزمَ على فتح مكة! في العلوم العسكرية يُعتبر هذا خرقاً أمنياً خطيراً، وإن شئتِ فهذه خيانة عُظمى! ويُبرر حاطبٌ للنبيِّ ﷺ فعلته هذه، بأنَّ له أهلاً ضعافاً في مكة قد نالهم أذى قريش، وأنه أراد أن يُخففوا عنهم، وأنَّ الإيمان في قلبه كالجبال الرواسي لم يتزحزح قيد أُنملة! ويقبلُ النبيُّ ﷺ عُذر حاطب بن أبي بلتعة، ولكن عمر بن الخطاب الحازم في دين الله، الشرس إذا تعلَّقَ الأمر بالإسلام، يقولُ للنبيِّ ﷺ: يا رسول الله، ائذنْ لي أن أضربَ عنق هذا المنافق! فقال له النبيُّ ﷺ: لا يا عُمر، إنه قد شهدَ بدراً، لعلَّ اللهَ اطلعَ على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم! يا للوفاء يا رسول الله، يا للوفاء! لم يُنسِه هذا التصرف الخاطئ ماضيَ صاحبه المشرق معه! فلا تنسي أنتِ كلَّ معروف أُسديَ إليكِ، عندما يقعُ خلافٌ بينكِ وبين زوجكِ، لا تنسي تلك اللحظات الحلوة التي عشتماها معاً! تذكري تلكَ المواقف التي طيَّبَ فيها خاطركِ، تذكري الهدايا التي ملأ قلبكِ بها سعادة، تذكري حنانه عليكِ يوم مرضتِ، وتذكري مشواراً لم يكن يرغبُ فيه، ولكنه ذهبَ لأنه يريدُ أن يُسعدكِ! تذكري أنه إن بخلَ عليكِ مرةً، فقد كان كريماً عليكِ مرَّاتٍ! وإن لم يسمح له وقته باصطحابكِ إلى أهلكِ، فقد فعلها عشرات المرات! تذكري أنه إن غضبَ منكِ الآن، فقد صفحَ عنكِ في غيرها! تذكري اللقمة التي كان يضعها في فمكِ حُباً، والكلمة التي كان يقولها لكِ شوقاً، والحُرُّ من راعى وداد لحظة، وقد كان نبيُّكِ لا ينسى المعروف، فاقتدي به ولا تنسي المعروف أيضاً! أخوكِ الذي غضبتِ منه الآن، ألم تضحكان من قبل معاً وتبكيان معاً؟! فلِمَ ستهون عليكِ تلكَ اللحظات الحلوة؟! أختكِ التي حصل بينكِ وبينها خصام ألم تكن يوماً حبَّة قلبكِ؟! فما بالكِ تهدمين عمراً من المودة لأجل خصام عابر؟! ابنكِ الذي قصَّر معكِ هذه المرَّة ألم يبرَّكِ مراتٍ ومراتٍ؟! أليس من النُّبلِ أن تهبي هذه لتلكَ؟! حماتكِ التي أغضبتكِ الآن ألم تكُنْ لكَ مرةً أُماً؟ أما كانتْ في صفّكِ مرَّةً؟ فلمَ تهون عليكِ العِشرة؟! جارتكِ التي لم يُعجبكِ منها تصرفها هذه المرَّة أما أعجبكِ تصرفها مرَّاتٍ؟! أما أهدتكِ يوماً من طعامها؟ أما زارتكِ في مرضٍ؟ فلماذا تريدين من الناس أن يكونوا ملائكةً على الدَّوام؟! كان نبيُّكِ ﷺ وفياً، ولن تكوني صحابيَّةً إلا إذا كنتِ مثله! جاءه يوماً موفدان من مسيلمة الكذاب، فسألهما: هل تؤمنان أنه نبيٍّ؟! فقالا: نعم! فقال لهما: لولا أن الرُّسل لا تُقتل لقتلتكما! كذَّباه في نبوته، واعترفا بنبوة غيره، ومع هذا لم يخرجه غضبه من وفائه، فإن كان المرسل الكافر لا يُقتل على كفره، بل يؤمّنُ ويُكرم أليس الزوج المسلم أحقُّ بالوفاء؟! أليست الأخت والحماة والجارة والصديقة أحقُّ بالوفاء؟! أرسلتْ قريشٌ أبا رافعٍ موفداً إلى النبيِّ ﷺ، فلما جاء إلى المدينة دخلَ الإسلامُ إلى قلبه، فأخبرَ النبيَّ ﷺ أنه يريدُ أن يبقى في المدينة، فقال له النبيُّ ﷺ: إني لا أخيسُ بالعهد، ولا أحبسُ الرُّسُلَ، ولكن ارجعْ إلى قومكَ، فإن كان في نفسكَ الذي فيها الآن فارجِعْ! وأنتِ أيضاً إن كنتِ صحابية فلا تخيسي بالعهد! أنتِ عِرضُ رجلٍ فاحفظيه، وأمان أولادكِ فالزميهم، وسُمعة أبيكِ فحاربي لأجلها، لا تحني رأس رجالٍ أحبوكِ وربوكِ لأجل لحظة طيش، ولا لأجل شعور عابر، من أمَّنكِ فأدِّي إليه أمانته! يقول حُذيفة بن اليمان: ما منعني أن أشهدَ بدراً إلا أني خرجتُ أنا وأبي حسيل نريدُ النبيَّ ﷺ فأخذنا كفار قريش، وقالوا: إنكم تريدون محمداً؟ فقلنا لهم: ما نريده، ما نريد إلا المدينة؟ فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفنَّ إلى المدينة ولا نُقاتل معه! فأتينا النبيَّ ﷺ وأخبرناه بالخبر فقال: انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعينُ باللهَ عليهم! هذا هو نبيّكِ ﷺ! كان يفي بعهده للكافر الذي جاء لقتاله! فإن كنتِ تريدين حيازة شرفَ أن تكوني صحابيَّة فوفاءعهود المسلمين أولى! فلا تنسي عهداً قطعته، ولا معروفاً أُسديَ إليكِ، ولا لحظةً حُلوة عشتها، كوني وفيَّةً كما يليقُ بالصحابيَّة أن تكون!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ أنتِ أيضاً صحابيَّة! تركتِ بيتكِ في مكة، وهاجرتِ إلى المدينة تابعةً قلبكِ ودينكِ ونبيّكِ ﷺ كلُّ شيءٍ فيكِ يشتاقُ إلى مكة، الحنين إلى الكعبة لا يهدأ، وتنتظرين بفارغ الصبر تلك اللحظة التي ستكحلين فيها عينيكِ برؤيتها مجدداً! ويُخبركِ النبيُّ ﷺ أنه قد عزمَ على فتح مكة، فيرقصُ قلبكِ فرحاً بهذا الخبر، ولكنَّ النبيَّ ﷺ قد طلب منكم أن تُبقوا هذا الأمر سراً! فالحربُ نهاية المطاف خدعة، والذي يملكُ عنصر المفاجأة نادراً ما يُهزم! وقد أراد النبيُّ ﷺ فتحاً بأقل الخسائر، نمتِ تلكَ الليلة وأنت تحلمين بتلك اللحظة، التي ستُقبّلين فيها تُراب مكة، وستشهدين الأصنام تُداس بالأقدام، وسترين بلالاً يصعدُ على ظهر الكعبة، منادياً ملء حنجرته أنَّ ˝الله أكبر˝! ولكن طارئاً قد حدث هدَّدَ كل هذا الحلم بالانهيار، يستدعي النبيُّ ﷺ ثلاثةً من خيرة أصحابه، علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود في مهمة عاجلة وخطيرة، ويأمرهم بالتوجه إلى ˝روضة خاخ˝ وهناك سيجدون امرأةً تحملُ رسالة، عليهم إحضارها فوراً مهما كلَّفَ الأمر! وينطلقُ الفرسان الثلاثة على جناح السرعة، وهناك يعثرون على المرأة التي أخبرهم عنها نبيهم ﷺ، فلم ينطقْ مرةً ﷺ عن هوىً كانت معيَّة الله تحفُّه، والوحي يؤيده! طلبوا من المرأة أن تعطيهم الرسالة التي تحملها، ولكنها أنكرتْ وجودها! فقالوا لها: إما أن تُخرجي الكتاب، أو لنضعنَّ الثياب! فلما عرفتْ أنهم قد عزموا تفتيشها، أخرجت الرسالة من بين ضفائر شعرها حيث خبأتها! فأخذوا الرسالة وعادوا بها إلى النبيِّ ﷺ، وفي المدينة يفتحُ النبيُّ ﷺ الرسالة، فإذا بها من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش، يُعلمهم فيها أنَّ النبيَّ ﷺ قد عزمَ على فتح مكة! في العلوم العسكرية يُعتبر هذا خرقاً أمنياً خطيراً، وإن شئتِ فهذه خيانة عُظمى! ويُبرر حاطبٌ للنبيِّ ﷺ فعلته هذه، بأنَّ له أهلاً ضعافاً في مكة قد نالهم أذى قريش، وأنه أراد أن يُخففوا عنهم، وأنَّ الإيمان في قلبه كالجبال الرواسي لم يتزحزح قيد أُنملة! ويقبلُ النبيُّ ﷺ عُذر حاطب بن أبي بلتعة، ولكن عمر بن الخطاب الحازم في دين الله، الشرس إذا تعلَّقَ الأمر بالإسلام، يقولُ للنبيِّ ﷺ: يا رسول الله، ائذنْ لي أن أضربَ عنق هذا المنافق! فقال له النبيُّ ﷺ: لا يا عُمر، إنه قد شهدَ بدراً، لعلَّ اللهَ اطلعَ على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم! يا للوفاء يا رسول الله، يا للوفاء! لم يُنسِه هذا التصرف الخاطئ ماضيَ صاحبه المشرق معه! فلا تنسي أنتِ كلَّ معروف أُسديَ إليكِ، عندما يقعُ خلافٌ بينكِ وبين زوجكِ، لا تنسي تلك اللحظات الحلوة التي عشتماها معاً! تذكري تلكَ المواقف التي طيَّبَ فيها خاطركِ، تذكري الهدايا التي ملأ قلبكِ بها سعادة، تذكري حنانه عليكِ يوم مرضتِ، وتذكري مشواراً لم يكن يرغبُ فيه، ولكنه ذهبَ لأنه يريدُ أن يُسعدكِ! تذكري أنه إن بخلَ عليكِ مرةً، فقد كان كريماً عليكِ مرَّاتٍ! وإن لم يسمح له وقته باصطحابكِ إلى أهلكِ، فقد فعلها عشرات المرات! تذكري أنه إن غضبَ منكِ الآن، فقد صفحَ عنكِ في غيرها! تذكري اللقمة التي كان يضعها في فمكِ حُباً، والكلمة التي كان يقولها لكِ شوقاً، والحُرُّ من راعى وداد لحظة، وقد كان نبيُّكِ لا ينسى المعروف، فاقتدي به ولا تنسي المعروف أيضاً! أخوكِ الذي غضبتِ منه الآن، ألم تضحكان من قبل معاً وتبكيان معاً؟! فلِمَ ستهون عليكِ تلكَ اللحظات الحلوة؟! أختكِ التي حصل بينكِ وبينها خصام ألم تكن يوماً حبَّة قلبكِ؟! فما بالكِ تهدمين عمراً من المودة لأجل خصام عابر؟! ابنكِ الذي قصَّر معكِ هذه المرَّة ألم يبرَّكِ مراتٍ ومراتٍ؟! أليس من النُّبلِ أن تهبي هذه لتلكَ؟! حماتكِ التي أغضبتكِ الآن ألم تكُنْ لكَ مرةً أُماً؟ أما كانتْ في صفّكِ مرَّةً؟ فلمَ تهون عليكِ العِشرة؟! جارتكِ التي لم يُعجبكِ منها تصرفها هذه المرَّة أما أعجبكِ تصرفها مرَّاتٍ؟! أما أهدتكِ يوماً من طعامها؟ أما زارتكِ في مرضٍ؟ فلماذا تريدين من الناس أن يكونوا ملائكةً على الدَّوام؟! كان نبيُّكِ ﷺ وفياً، ولن تكوني صحابيَّةً إلا إذا كنتِ مثله! جاءه يوماً موفدان من مسيلمة الكذاب، فسألهما: هل تؤمنان أنه نبيٍّ؟! فقالا: نعم! فقال لهما: لولا أن الرُّسل لا تُقتل لقتلتكما! كذَّباه في نبوته، واعترفا بنبوة غيره، ومع هذا لم يخرجه غضبه من وفائه، فإن كان المرسل الكافر لا يُقتل على كفره، بل يؤمّنُ ويُكرم أليس الزوج المسلم أحقُّ بالوفاء؟! أليست الأخت والحماة والجارة والصديقة أحقُّ بالوفاء؟! أرسلتْ قريشٌ أبا رافعٍ موفداً إلى النبيِّ ﷺ، فلما جاء إلى المدينة دخلَ الإسلامُ إلى قلبه، فأخبرَ النبيَّ ﷺ أنه يريدُ أن يبقى في المدينة، فقال له النبيُّ ﷺ: إني لا أخيسُ بالعهد، ولا أحبسُ الرُّسُلَ، ولكن ارجعْ إلى قومكَ، فإن كان في نفسكَ الذي فيها الآن فارجِعْ! وأنتِ أيضاً إن كنتِ صحابية فلا تخيسي بالعهد! أنتِ عِرضُ رجلٍ فاحفظيه، وأمان أولادكِ فالزميهم، وسُمعة أبيكِ فحاربي لأجلها، لا تحني رأس رجالٍ أحبوكِ وربوكِ لأجل لحظة طيش، ولا لأجل شعور عابر، من أمَّنكِ فأدِّي إليه أمانته! يقول حُذيفة بن اليمان: ما منعني أن أشهدَ بدراً إلا أني خرجتُ أنا وأبي حسيل نريدُ النبيَّ ﷺ فأخذنا كفار قريش، وقالوا: إنكم تريدون محمداً؟ فقلنا لهم: ما نريده، ما نريد إلا المدينة؟ فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفنَّ إلى المدينة ولا نُقاتل معه! فأتينا النبيَّ ﷺ وأخبرناه بالخبر فقال: انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعينُ باللهَ عليهم! هذا هو نبيّكِ ﷺ! كان يفي بعهده للكافر الذي جاء لقتاله! فإن كنتِ تريدين حيازة شرفَ أن تكوني صحابيَّة فوفاءعهود المسلمين أولى! فلا تنسي عهداً قطعته، ولا معروفاً أُسديَ إليكِ، ولا لحظةً حُلوة عشتها، كوني وفيَّةً كما يليقُ بالصحابيَّة أن تكون!. ❝