أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية هي إحدى زوجات الرسول... 💬 أقوال مجموعة من المؤلفين 📖 خواطر رمضان 24
- 📖 من ❞ خواطر رمضان 24 ❝ مجموعة من المؤلفين 📖
█ أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية هي إحدى زوجات الرسول محمد ومن السابقين فما سيرتها؟ نشأتها نشأت بيت من بيوت سادات قريش فأبوها أبو كان بني مخزوم وعُرف عنه فرط جوده حتى لُقّب بـزاد الركب حيث إذا سافر لا يترك يرافقه يحمل الزاد والمتاع بل يكفله بذلك وهي ابنة عم الصحابي خالد بن الوليد أنها أخت عمار ياسر الرضاعة حياتها قبل زواجها النبي محمد قبل الإسلام تزوجت ابن عمها المخزومي وكانا إلى ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين هاجرت مع زوجها الحبشة وأنجبت ولدها هناك ثم عادا بعد أن بلغ المسلمين قد انتشر وحين عادوا وجدوا تزال تسيطر فلم يدخل أحد منهم إلا جوار أشراف دخل وزوجته خاله طالب وبقيا هاجر يثرب فهمّا بالهجرة لكن أهلها منعوا السير بها فهاجر منفردًا بابنه ظلت حزن تبكيهم رقّ لحالها وتركوها تلحق بهم خرجت تنوي الهجرة دون رفيق فرآها عثمان طلحة وسألها عن وجهتها فأخبرته فأخذ بخطام دابتها كتاب رمضان 24 مجاناً PDF اونلاين 2025 مجمع لبعض القصص النبوية وسير الصحابيات
❞ أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية هي إحدى زوجات الرسول محمد، ومن السابقين. فما سيرتها؟
نشأتها نشأت أم سلمة في بيت من بيوت سادات قريش، فأبوها أبو أمية كان من سادات بني مخزوم وعُرف عنه فرط جوده حتى لُقّب بـزاد الركب، حيث كان إذا سافر لا يترك من يرافقه يحمل الزاد والمتاع بل يكفله بذلك. وهي ابنة عم الصحابي خالد بن الوليد، أنها أخت الصحابي عمار بن ياسر في الرضاعة.
حياتها قبل زواجها من النبي محمد قبل الإسلام، تزوجت هند بنت أبي أمية من ابن عمها أبو سلمة المخزومي وكانا من السابقين إلى الإسلام. ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين، هاجرت مع زوجها إلى الحبشة،وأنجبت ولدها سلمة هناك، ثم عادا إلى مكة بعد أن بلغ المسلمين في الحبشة أن الإسلام قد انتشر. وحين عادوا إلى مكة، وجدوا قريش لا تزال تسيطر، فلم يدخل أحد منهم مكة إلا في جوار أحد أشراف مكة. دخل أبو سلمة وزوجته أم سلمة في جوار خاله أبي طالب، وبقيا في مكة حتى هاجر النبي محمد إلى يثرب،فهمّا بالهجرة، لكن أهلها منعوا أبو سلمة من السير بها إلى يثرب، فهاجر منفردًا بابنه سلمة. ظلت أم سلمة في حزن تبكيهم، حتى رقّ أهلها لحالها، وتركوها تلحق بهم إلى يثرب. خرجت أم سلمة تنوي الهجرة إلى يثرب دون رفيق، فرآها عثمان بن طلحة، وسألها عن وجهتها، فأخبرته. فأخذ بخطام دابتها، ورحل بها إلى مشارف يثرب، وقفل راجعًا. وفي يثرب، أنجبت أم سلمة ثلاثة أبناء درة وعمر وزينب. وفي سنة 3 هـ، أصيب زوجها في غزوة أحد بجرح بليغ، ظل ملازمه حتى توفي في 8 جمادى الآخرة 4 هـ.
زواجها من النبي محمد بعد انقضاء عدتها، خطبها أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب، فردتهما ولم توافق على أي منهما. ثم بعد ذلك خطبها النبي محمد، فقبلت أم سلمة. فدخل بها في شوال 4 هـ في حجرة أم المؤمنين زينب بنت خزيمة بعد موتها، وكان صداقها بسيطًا لا يزيد عن فراش حشوه ليف، وقدر وصحيفة كثيفة ورحى.
مكانتها عند النبي كان لأم سلمة مكانتها عند النبي محمد، فيروى أن النجاشي أهدى إلى النبي محمد حُلّة وأواقي من مسك، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحُلَّة. وتروي ابنتها زينب أن النبي محمد ضم إليه يومًا الحسن والحسين وفاطمة، وقال: «رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.» فبكت أم سلمة وكانت ابنتها زينب معها، فسألها عن بكائها، فقالت: «يا رسول الله، خصصتهم وتركتني وابنتي.» فقال: «أَنْتِ وَابْنَتُكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ.» كما ذكرت عائشة، أن النبي محمد كان إذا صلّى العصر، دخل على نسائه واحدة واحدة، يبدأ بأم سلمة لأنها أكبرهن، ويختم بعائشة. كان النبي محمد أيضًا يستحسن رأيها ويأخذ به، فيروى أنه بعد أن أُقر صلح الحديبية، قال النبي محمد لأصحابه: «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا»، فتباطأ أصحابه لعدم رضاهم عن بنود الصلح، فحزن النبي محمد ودخل على أم سلمة التي كانت معه في تلك العُمرة، فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت له: «يا نبي الله أتحبُّ ذلك؟ اخرج ثم لا تكلِّم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك وتدعو حالقك فيحلقك.» فخرج فلم يكلِّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ فنحر وحلق، فلمَّا رأَى أصحابه ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا. كما كانت أم سلمة سببًا في نزول بعض آيات القرآن، فقد ذكر مجاهد بن جبر أنها قالت يومًا: «يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث.» فنزل الوحي بقوله تعالى:(وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا). وبقوله:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) كما روى عمرو بن دينار عن ابنها سلمة أنها قالت: «يا رسول الله، لا نَسْمَع اللهَ ذَكَر النساء في الهجرة بشيء؟» فنزل الوحي بقوله:( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ).
حياتها بعد النبي محمد بعد وفاة النبي محمد، لزمت أم سلمة بيتها، وعكفت على العبادة. ولجأ الكثيرون إليها لسماع الحديث والتفقه في الدين لعلمها بأحكام الشريعة. فقد سمعت أم سلمة من النبي محمد وابنته فاطمة، كما روت عن زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد. وروى عنها خلق كثير منهم أم المؤمنين عائشة وأبي سعيد الخدري. وتُعد أم سلمة ثاني أكثر النساء رواية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة. وقد روت رضي الله عنها -كما ذكر الذهبي في مسندها- ثلاثمائة وثمانين حديثًا، ويقال روت 378 حديثاً. اتَّفق البخاري ومسلم على ثلاثة عشر، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر، وقد روت -رضي الله عنها- الأحاديث الخاصَّة بمعشر النساء بغرض التعليم والتوجيه، فقد روت أن النبي كان يُقَبِّلها وهو صائم، وأنها كانت تغتسل معه من الإناء الواحد من الجنابة، وأنها كانت تنام مع النبي في لحافٍ واحد، وأنها كانت تأتيها الحيضة.. فيقول لها : ˝أَنَفِسْتِ؟˝ قلتُ: نعم. قال: ˝قُومِي فَأَصْلِحِي حَالَكِ ثُمَّ عُودِي˝. فألقيتُ عني ثيابي، ولبستُ ثياب حيضتي، ثم عدتُ فدخلت معه اللحاف.
كان معظم مرويات أم سلمة في الأحكام وما اختص بالعبادات أساسًا كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجوفي أحكام الجنائز والآداب والسلوكيات. كما روت في المغازي والمظالم والفتن.
مشاركة أم سلمة في أحداث عصرها: وبعد وفاة النبي شاركت أمُّ المؤمنين أمُّ سلمة -رضي الله عنها- في أحداث عصرها؛ لم تكن أم سلمة بمنأى تام عن السياسة، فقد كتبت لعثمان بن عفان تنصحه بعد اضطراب الأمور في عهده، ويقال أنها دخلتْ ذاتَ يوم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان قائلة له: ˝ما لي أرى رعيَّتك عنك نافرين، ومن جناحك ناقرين، لا تُعَفِّ طريقًا كان رسول الله لَحَبَهَا، ولا تقتدح بزند كان أكباه، وتوخَّ حيث توخَّى صاحباك -أبو بكر وعمر- فإنهما ثَكَمَا الأمر ثَكْمًا ولم يظلمَا، هذا حقُّ أمومتي أَقْضِيه إليك، وإن عليك حقَّ الطاعة. فقال عثمان: أمَّا بعد، فقد قلتِ فوعيتُ، وأوصيتِ فقبلتُ. وبعد مقتل عثمان بن عفان والفتنة التي وقعت بين المسلمين، كتبت أم سلمة إلى عائشة حين همّت بالخروج إلى البصرة تنصحها بعدم الخروج، فشكرتها عائشة، وأوضحت لها بأن نيتها الإصلاح بين فئتين متناحرتين. كما كتبت إلى معاوية بن أبي سفيان تذكر له فضل علي. وكانت أم سلمة حريصة على وحدة صف المسلمين، فحين قدم بُسر بن أرطاة إلى المدينة في خلافة معاوية، ورفض أن يُبايع، أتته أم سلمة، وقالت له: «بايع، فقد أمرت عبد الله بن زمعة ابن أخي أن يُبايع.» كما عُرف عنها الفصاحة والبلاغة والإيجاز وتمكنها من اللغة.
وفاة أم سلمة رضي الله عنها: وقد تُوُفِّيَتْ أُمُّ المؤمنين أمُّ سلمة رضي الله عنها في ولاية يزيد بن معاوية سنة ٦١ه، كما ذكر ابن حبان، وقد تجاوزت الرابعة والثمانين من عمرها، وقيل: عُمِّرت تسعين سنة رضي الله عنها. فكانت آخر زوجات النبي محمد وفاة، ودُفنت بالبقيع، وكانت قد أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد لما مرضت، ولكنها توفيت ومات قبلها.
❞ أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية هي إحدى زوجات الرسول محمد، ومن السابقين. فما سيرتها؟ نشأتها نشأت أم سلمة في بيت من بيوت سادات قريش، فأبوها أبو أمية كان من سادات بني مخزوم وعُرف عنه فرط جوده حتى لُقّب بـزاد الركب، حيث كان إذا سافر لا يترك من يرافقه يحمل الزاد والمتاع بل يكفله بذلك. وهي ابنة عم الصحابي خالد بن الوليد، أنها أخت الصحابي عمار بن ياسر في الرضاعة. حياتها قبل زواجها من النبي محمد قبل الإسلام، تزوجت هند بنت أبي أمية من ابن عمها أبو سلمة المخزومي وكانا من السابقين إلى الإسلام. ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين، هاجرت مع زوجها إلى الحبشة،وأنجبت ولدها سلمة هناك، ثم عادا إلى مكة بعد أن بلغ المسلمين في الحبشة أن الإسلام قد انتشر. وحين عادوا إلى مكة، وجدوا قريش لا تزال تسيطر، فلم يدخل أحد منهم مكة إلا في جوار أحد أشراف مكة. دخل أبو سلمة وزوجته أم سلمة في جوار خاله أبي طالب، وبقيا في مكة حتى هاجر النبي محمد إلى يثرب،فهمّا بالهجرة، لكن أهلها منعوا أبو سلمة من السير بها إلى يثرب، فهاجر منفردًا بابنه سلمة. ظلت أم سلمة في حزن تبكيهم، حتى رقّ أهلها لحالها، وتركوها تلحق بهم إلى يثرب. خرجت أم سلمة تنوي الهجرة إلى يثرب دون رفيق، فرآها عثمان بن طلحة، وسألها عن وجهتها، فأخبرته. فأخذ بخطام دابتها، ورحل بها إلى مشارف يثرب، وقفل راجعًا. وفي يثرب، أنجبت أم سلمة ثلاثة أبناء درة وعمر وزينب. وفي سنة 3 هـ، أصيب زوجها في غزوة أحد بجرح بليغ، ظل ملازمه حتى توفي في 8 جمادى الآخرة 4 هـ. زواجها من النبي محمد بعد انقضاء عدتها، خطبها أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب، فردتهما ولم توافق على أي منهما. ثم بعد ذلك خطبها النبي محمد، فقبلت أم سلمة. فدخل بها في شوال 4 هـ في حجرة أم المؤمنين زينب بنت خزيمة بعد موتها، وكان صداقها بسيطًا لا يزيد عن فراش حشوه ليف، وقدر وصحيفة كثيفة ورحى. مكانتها عند النبي كان لأم سلمة مكانتها عند النبي محمد، فيروى أن النجاشي أهدى إلى النبي محمد حُلّة وأواقي من مسك، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحُلَّة. وتروي ابنتها زينب أن النبي محمد ضم إليه يومًا الحسن والحسين وفاطمة، وقال: «رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.» فبكت أم سلمة وكانت ابنتها زينب معها، فسألها عن بكائها، فقالت: «يا رسول الله، خصصتهم وتركتني وابنتي.» فقال: «أَنْتِ وَابْنَتُكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ.» كما ذكرت عائشة، أن النبي محمد كان إذا صلّى العصر، دخل على نسائه واحدة واحدة، يبدأ بأم سلمة لأنها أكبرهن، ويختم بعائشة. كان النبي محمد أيضًا يستحسن رأيها ويأخذ به، فيروى أنه بعد أن أُقر صلح الحديبية، قال النبي محمد لأصحابه: «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا»، فتباطأ أصحابه لعدم رضاهم عن بنود الصلح، فحزن النبي محمد ودخل على أم سلمة التي كانت معه في تلك العُمرة، فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت له: «يا نبي الله أتحبُّ ذلك؟ اخرج ثم لا تكلِّم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك وتدعو حالقك فيحلقك.» فخرج فلم يكلِّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ فنحر وحلق، فلمَّا رأَى أصحابه ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا. كما كانت أم سلمة سببًا في نزول بعض آيات القرآن، فقد ذكر مجاهد بن جبر أنها قالت يومًا: «يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث.» فنزل الوحي بقوله تعالى:(وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا). وبقوله:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) كما روى عمرو بن دينار عن ابنها سلمة أنها قالت: «يا رسول الله، لا نَسْمَع اللهَ ذَكَر النساء في الهجرة بشيء؟» فنزل الوحي بقوله:( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ). حياتها بعد النبي محمد بعد وفاة النبي محمد، لزمت أم سلمة بيتها، وعكفت على العبادة. ولجأ الكثيرون إليها لسماع الحديث والتفقه في الدين لعلمها بأحكام الشريعة. فقد سمعت أم سلمة من النبي محمد وابنته فاطمة، كما روت عن زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد. وروى عنها خلق كثير منهم أم المؤمنين عائشة وأبي سعيد الخدري. وتُعد أم سلمة ثاني أكثر النساء رواية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة. وقد روت رضي الله عنها -كما ذكر الذهبي في مسندها- ثلاثمائة وثمانين حديثًا، ويقال روت 378 حديثاً. اتَّفق البخاري ومسلم على ثلاثة عشر، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر، وقد روت -رضي الله عنها- الأحاديث الخاصَّة بمعشر النساء بغرض التعليم والتوجيه، فقد روت أن النبي كان يُقَبِّلها وهو صائم، وأنها كانت تغتسل معه من الإناء الواحد من الجنابة، وأنها كانت تنام مع النبي في لحافٍ واحد، وأنها كانت تأتيها الحيضة... فيقول لها : \"أَنَفِسْتِ؟\" قلتُ: نعم. قال: \"قُومِي فَأَصْلِحِي حَالَكِ ثُمَّ عُودِي\". فألقيتُ عني ثيابي، ولبستُ ثياب حيضتي، ثم عدتُ فدخلت معه اللحاف. كان معظم مرويات أم سلمة في الأحكام وما اختص بالعبادات أساسًا كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجوفي أحكام الجنائز والآداب والسلوكيات. كما روت في المغازي والمظالم والفتن. مشاركة أم سلمة في أحداث عصرها: وبعد وفاة النبي شاركت أمُّ المؤمنين أمُّ سلمة -رضي الله عنها- في أحداث عصرها؛ لم تكن أم سلمة بمنأى تام عن السياسة، فقد كتبت لعثمان بن عفان تنصحه بعد اضطراب الأمور في عهده، ويقال أنها دخلتْ ذاتَ يوم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان قائلة له: \"ما لي أرى رعيَّتك عنك نافرين، ومن جناحك ناقرين، لا تُعَفِّ طريقًا كان رسول الله لَحَبَهَا، ولا تقتدح بزند كان أكباه، وتوخَّ حيث توخَّى صاحباك -أبو بكر وعمر- فإنهما ثَكَمَا الأمر ثَكْمًا ولم يظلمَا، هذا حقُّ أمومتي أَقْضِيه إليك، وإن عليك حقَّ الطاعة. فقال عثمان: أمَّا بعد، فقد قلتِ فوعيتُ، وأوصيتِ فقبلتُ. وبعد مقتل عثمان بن عفان والفتنة التي وقعت بين المسلمين، كتبت أم سلمة إلى عائشة حين همّت بالخروج إلى البصرة تنصحها بعدم الخروج، فشكرتها عائشة، وأوضحت لها بأن نيتها الإصلاح بين فئتين متناحرتين. كما كتبت إلى معاوية بن أبي سفيان تذكر له فضل علي. وكانت أم سلمة حريصة على وحدة صف المسلمين، فحين قدم بُسر بن أرطاة إلى المدينة في خلافة معاوية، ورفض أن يُبايع، أتته أم سلمة، وقالت له: «بايع، فقد أمرت عبد الله بن زمعة ابن أخي أن يُبايع.» كما عُرف عنها الفصاحة والبلاغة والإيجاز وتمكنها من اللغة. وفاة أم سلمة رضي الله عنها: وقد تُوُفِّيَتْ أُمُّ المؤمنين أمُّ سلمة رضي الله عنها في ولاية يزيد بن معاوية سنة ٦١ه، كما ذكر ابن حبان، وقد تجاوزت الرابعة والثمانين من عمرها، وقيل: عُمِّرت تسعين سنة رضي الله عنها. فكانت آخر زوجات النبي محمد وفاة، ودُفنت بالبقيع، وكانت قد أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد لما مرضت، ولكنها توفيت ومات قبلها. #أمهات_المؤمنين #صفاءفوزي. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية هي إحدى زوجات الرسول محمد، ومن السابقين. فما سيرتها؟
نشأتها نشأت أم سلمة في بيت من بيوت سادات قريش، فأبوها أبو أمية كان من سادات بني مخزوم وعُرف عنه فرط جوده حتى لُقّب بـزاد الركب، حيث كان إذا سافر لا يترك من يرافقه يحمل الزاد والمتاع بل يكفله بذلك. وهي ابنة عم الصحابي خالد بن الوليد، أنها أخت الصحابي عمار بن ياسر في الرضاعة.
حياتها قبل زواجها من النبي محمد قبل الإسلام، تزوجت هند بنت أبي أمية من ابن عمها أبو سلمة المخزومي وكانا من السابقين إلى الإسلام. ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين، هاجرت مع زوجها إلى الحبشة،وأنجبت ولدها سلمة هناك، ثم عادا إلى مكة بعد أن بلغ المسلمين في الحبشة أن الإسلام قد انتشر. وحين عادوا إلى مكة، وجدوا قريش لا تزال تسيطر، فلم يدخل أحد منهم مكة إلا في جوار أحد أشراف مكة. دخل أبو سلمة وزوجته أم سلمة في جوار خاله أبي طالب، وبقيا في مكة حتى هاجر النبي محمد إلى يثرب،فهمّا بالهجرة، لكن أهلها منعوا أبو سلمة من السير بها إلى يثرب، فهاجر منفردًا بابنه سلمة. ظلت أم سلمة في حزن تبكيهم، حتى رقّ أهلها لحالها، وتركوها تلحق بهم إلى يثرب. خرجت أم سلمة تنوي الهجرة إلى يثرب دون رفيق، فرآها عثمان بن طلحة، وسألها عن وجهتها، فأخبرته. فأخذ بخطام دابتها، ورحل بها إلى مشارف يثرب، وقفل راجعًا. وفي يثرب، أنجبت أم سلمة ثلاثة أبناء درة وعمر وزينب. وفي سنة 3 هـ، أصيب زوجها في غزوة أحد بجرح بليغ، ظل ملازمه حتى توفي في 8 جمادى الآخرة 4 هـ.
زواجها من النبي محمد بعد انقضاء عدتها، خطبها أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب، فردتهما ولم توافق على أي منهما. ثم بعد ذلك خطبها النبي محمد، فقبلت أم سلمة. فدخل بها في شوال 4 هـ في حجرة أم المؤمنين زينب بنت خزيمة بعد موتها، وكان صداقها بسيطًا لا يزيد عن فراش حشوه ليف، وقدر وصحيفة كثيفة ورحى.
مكانتها عند النبي كان لأم سلمة مكانتها عند النبي محمد، فيروى أن النجاشي أهدى إلى النبي محمد حُلّة وأواقي من مسك، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحُلَّة. وتروي ابنتها زينب أن النبي محمد ضم إليه يومًا الحسن والحسين وفاطمة، وقال: «رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.» فبكت أم سلمة وكانت ابنتها زينب معها، فسألها عن بكائها، فقالت: «يا رسول الله، خصصتهم وتركتني وابنتي.» فقال: «أَنْتِ وَابْنَتُكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ.» كما ذكرت عائشة، أن النبي محمد كان إذا صلّى العصر، دخل على نسائه واحدة واحدة، يبدأ بأم سلمة لأنها أكبرهن، ويختم بعائشة. كان النبي محمد أيضًا يستحسن رأيها ويأخذ به، فيروى أنه بعد أن أُقر صلح الحديبية، قال النبي محمد لأصحابه: «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا»، فتباطأ أصحابه لعدم رضاهم عن بنود الصلح، فحزن النبي محمد ودخل على أم سلمة التي كانت معه في تلك العُمرة، فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت له: «يا نبي الله أتحبُّ ذلك؟ اخرج ثم لا تكلِّم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك وتدعو حالقك فيحلقك.» فخرج فلم يكلِّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ فنحر وحلق، فلمَّا رأَى أصحابه ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا. كما كانت أم سلمة سببًا في نزول بعض آيات القرآن، فقد ذكر مجاهد بن جبر أنها قالت يومًا: «يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث.» فنزل الوحي بقوله تعالى:(وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا). وبقوله:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) كما روى عمرو بن دينار عن ابنها سلمة أنها قالت: «يا رسول الله، لا نَسْمَع اللهَ ذَكَر النساء في الهجرة بشيء؟» فنزل الوحي بقوله:( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ).
حياتها بعد النبي محمد بعد وفاة النبي محمد، لزمت أم سلمة بيتها، وعكفت على العبادة. ولجأ الكثيرون إليها لسماع الحديث والتفقه في الدين لعلمها بأحكام الشريعة. فقد سمعت أم سلمة من النبي محمد وابنته فاطمة، كما روت عن زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد. وروى عنها خلق كثير منهم أم المؤمنين عائشة وأبي سعيد الخدري. وتُعد أم سلمة ثاني أكثر النساء رواية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة. وقد روت رضي الله عنها -كما ذكر الذهبي في مسندها- ثلاثمائة وثمانين حديثًا، ويقال روت 378 حديثاً. اتَّفق البخاري ومسلم على ثلاثة عشر، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر، وقد روت -رضي الله عنها- الأحاديث الخاصَّة بمعشر النساء بغرض التعليم والتوجيه، فقد روت أن النبي كان يُقَبِّلها وهو صائم، وأنها كانت تغتسل معه من الإناء الواحد من الجنابة، وأنها كانت تنام مع النبي في لحافٍ واحد، وأنها كانت تأتيها الحيضة.. فيقول لها : ˝أَنَفِسْتِ؟˝ قلتُ: نعم. قال: ˝قُومِي فَأَصْلِحِي حَالَكِ ثُمَّ عُودِي˝. فألقيتُ عني ثيابي، ولبستُ ثياب حيضتي، ثم عدتُ فدخلت معه اللحاف.
كان معظم مرويات أم سلمة في الأحكام وما اختص بالعبادات أساسًا كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجوفي أحكام الجنائز والآداب والسلوكيات. كما روت في المغازي والمظالم والفتن.
مشاركة أم سلمة في أحداث عصرها: وبعد وفاة النبي شاركت أمُّ المؤمنين أمُّ سلمة -رضي الله عنها- في أحداث عصرها؛ لم تكن أم سلمة بمنأى تام عن السياسة، فقد كتبت لعثمان بن عفان تنصحه بعد اضطراب الأمور في عهده، ويقال أنها دخلتْ ذاتَ يوم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان قائلة له: ˝ما لي أرى رعيَّتك عنك نافرين، ومن جناحك ناقرين، لا تُعَفِّ طريقًا كان رسول الله لَحَبَهَا، ولا تقتدح بزند كان أكباه، وتوخَّ حيث توخَّى صاحباك -أبو بكر وعمر- فإنهما ثَكَمَا الأمر ثَكْمًا ولم يظلمَا، هذا حقُّ أمومتي أَقْضِيه إليك، وإن عليك حقَّ الطاعة. فقال عثمان: أمَّا بعد، فقد قلتِ فوعيتُ، وأوصيتِ فقبلتُ. وبعد مقتل عثمان بن عفان والفتنة التي وقعت بين المسلمين، كتبت أم سلمة إلى عائشة حين همّت بالخروج إلى البصرة تنصحها بعدم الخروج، فشكرتها عائشة، وأوضحت لها بأن نيتها الإصلاح بين فئتين متناحرتين. كما كتبت إلى معاوية بن أبي سفيان تذكر له فضل علي. وكانت أم سلمة حريصة على وحدة صف المسلمين، فحين قدم بُسر بن أرطاة إلى المدينة في خلافة معاوية، ورفض أن يُبايع، أتته أم سلمة، وقالت له: «بايع، فقد أمرت عبد الله بن زمعة ابن أخي أن يُبايع.» كما عُرف عنها الفصاحة والبلاغة والإيجاز وتمكنها من اللغة.
وفاة أم سلمة رضي الله عنها: وقد تُوُفِّيَتْ أُمُّ المؤمنين أمُّ سلمة رضي الله عنها في ولاية يزيد بن معاوية سنة ٦١ه، كما ذكر ابن حبان، وقد تجاوزت الرابعة والثمانين من عمرها، وقيل: عُمِّرت تسعين سنة رضي الله عنها. فكانت آخر زوجات النبي محمد وفاة، ودُفنت بالبقيع، وكانت قد أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد لما مرضت، ولكنها توفيت ومات قبلها.
❞ غيرة عائشة تشير الكثير من المواقف التي نقلتها كتب السير والتراجم التي أرّخت لتلك الفترة إلى وجود مظاهر لغيرة بين عائشة وزوجات النبي محمد الأخريات. وهو ما أقرت به عائشة حين صنّفت زوجاته في حزبين، الأول فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر ضم أم سلمة وبقية نساء النبي محمد. أحب النبي محمد عائشة أكثر من نسائه، وهو ما أدركه المسلمون، فكانوا يؤخرون هداياهم حتى يكون في بيت عائشة، وهو ما أدركته أمهات المؤمنين، فندبن أم سلمة لتسأل النبي أن يكلم الناس في ذلك، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ». ورغم تلك المحبة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الغيرة من زوجاته الأخريات، ففي حجة الوداع خرج النبي بزوجاته، وكانت عائشة على جمل خفيف ومعها متاع قليل، فيما كانت صفية على جمل بطيء ومعها متاع ثقيل، فأمر النبي محمد أن يتبادلا راحلتيهما حتى يسرع الركب. فغضبت عائشة، وقالت: «يَا لَعِبَادِ اللَّهِ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ»، فشرح لها النبي سبب ما فعل، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟» فتبسم وقال: «أَفِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟»، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَفَهَلا عَدَلْتَ؟». فسمعها أباها، فهمّ بضربها، فأوقفه النبي محمد وقال له: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ». وقد كانت عائشة أكثر زوجات النبي غيرة وأشدهن حساسية في ذلك، فيُروى أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ، بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ، فَضَرَبْتُهُ بِيَدِي فَكَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ هَذَا؟ قَالَ: \"إِنَاءٌ مَكَانُ إِنَاءٍ، وَطَعَامٌ مَكَانُ طَعَامٍ\"». كما كانت تغار من زوجته الأولى خديجة رغم وفاتها، وتقر بذلك وتحكي: «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ. قَالَتْ: فَغِرْت، فَقُلْت: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا». فقال النبي محمد: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَأَشْرَكَتْنِي فِي مَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا وَحَرَمَنِي وَلَدَ غَيْرِهَا.» فقالت: «وَاللَّهِ لا أُعَاتِبُك فِيهَا بَعْدَ الْيَوْمِ». وكما كانت عائشة تغير من أزواج النبي، كُنّ كذلك يغرن منها. أرسلن يومًا إليه فاطمة (أحب بناته)، وكان في بيت عائشة لتقول له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ» فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ» فقالت: «بَلَى» فقال: «فَأَحِبِّي هَذِهِ». فرجعت فاطمة لهن، وأخبرتهن الخبر، فأرسلن زينب بنت جحش بنفس القول، ثم وقعت زينب بعائشة، فاستطالت عليها، فردّت عائشة، فتبسم النبي محمد وقال: «إِنَّهَا ابنَةُ أَبِيْ بَكْر». وفي موقف آخر، غارت عائشة من مكث النبي محمد عند زوجته زينب بنت جحش التي كانت تسقيه عندها العسل، فتواصت هي وحفصة عند دخول النبي محمد على أي منهما أن تقل له: «إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ»، فقال: «لا بَأْسَ شَرِبْتُ عَسَلا عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ». فنزل الوحي بآية:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ). وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير، أن النبي محمد قد أصاب جاريته مارية القبطية (أم ولده إبراهيم) في غرفة زوجته حفصة في يوم عائشة، فغضبت حفصة وقالت «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ مَا جِئْتَهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي عَلَى فِرَاشِي» فقال: «أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟» فقالت حفصة: «بَلَى» فحرَّمها النبي على نفسه، وقال لها: «لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ» فذكرته لعائشة. فنزلت فيهما لنهيهما عن الخوض في هذا الأمر. آية:( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ). حادثة الإفك خرجت عائشة -رضيَ الله عنها- مع النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في غزوةِ بني المُصطلق، كما جاء في حديث عائشة -رضيَ الله عنها- قالت-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي) وكان ذلك بعد أن فرض الله -تعالى- الحجاب على النّساء، وفي طريقِ العودة من الغزوة نزلت من هودجها لحاجةٍ ما، ولمَّا عادت إلى الهودجِ تفقّدت عقدها فلم تجده، فرجعت للبحثِ عنه، وفي أثناءِ ذلك حَمل الرّجال الهودج ووضعوه على البعيرِ وهم يعتقدون وجودها داخله؛ لِخفّتها وصِغر سِنِّها، ومضى المُسلمون تاركينها وراءهم في الصّحراء، فلمَّا وجدت عقدها ورجعت إلى مكانِ تجمُّع الصّحابة الكرام لم تجد أحداً. وفي ذلك روت عائشة رضي الله عنها: (فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينما أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صحابيّ هو صفوان بن المعطل السلميّ يمشي خلف الجيش يتابع مسيره، ويتفقّد أحوال من تأخّر عنه، فوجد عائشة نائمةٌ فعرفها، فاسترجع صفوان فاستيقظت على صوته، فتقول عائشة: فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلّمنا بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطأ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش). وكان ممّن رأى مجيء عائشة -رضي الله عنها- مع صفوان منافقٌ يُدعى عبد الله بن أبيّ بن سلول، فعندما رآهما نازلين أشاع خبراً كذباً: أنّ صفوان قد فعل الفاحشة بعائشة رضي الله عنها، وهو الإفك الذي أثير حولها، وهي منه بريئةٌ، ومعنى الإفك الكذب والافتراء، فكان هذا كذباً لا أساس له ولا استبيان. عندما وصل المسلمون المدينة، مرضت عائشة -رضي الله عنها- مرضاً شديداً أقعدها في فراشها شهراً كاملاً، فلم تكن تخرج أو ترى الناس من حولها، ولم تعلم بما يُقال عنها، إلّا متأخّراً بعد شفائها، لكنّها كانت تشعر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد جافاها قليلاً، ولم تكن تعرف سبب ذلك، وقد علمت عائشة الأخبار عندما خرجت بعدما اقترب شفاؤها خرجت مع أمّ مسطحٍ لحاجتهما، وبينما هما تمشيان إذ عثرت أم مسطح بثوبها، فقالت: تعس مسطح، فقالت لها عائشة: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت لها أمّه: أولم تسمعي ما قال مسطح فيك؟ فقالت: لا والله، فأخبرتها بخبر الحادثة، ولم تكن تعلم به من قبل، فقالت أنّها ازدادت مرضاً إلى مرضها، وعرفت ما كان. حال عائشة بعد معرفتها الخبر حين عملت عائشة -رضي الله عنها- بما قيل فيها، استأذنت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن تمرَض في بيت أهلها، فأذن لها، وكانت تريد أن تستبين الخبر من والدتها ووالدها، فأخبرتها والدتها بكلّ ما كان، فتقول عائشة أنّها لم تنم ليلتها، حتى أصبحت باكيةً لا تدري ما تفعل، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- وهو في تلك الحال أيضاً قد تأخّر عنه الوحي، فشاور أصاحبه فيما يفعل، هل يترك زوجته عائشة أم يبقيها، ثمّ صعد إلى منبره، فقال: (يا معشرَ المسلمين، مَن يَعْذُرُني مِن رجلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي، واللهِ ما علمتُ على أهلي إلّا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عليه إلّا خيراً وما يَدْخُلُ على أهلي إلّا معي)، فضجّ الناس؛ كلٌّ يريد أن يرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو بضرب رقاب بعضهم بعضاً، فأسكتهم رسول الله وقد أهمّه ما أهمّه. وأمّا عائشة -رضي الله عنها- فلا تزال على حالها لا تسكن لها دمعة. ظلّت عائشة على هذا الحال ليلتين أُخريين حتى جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندها، يقول لها: (أمّا بعد، يا عائشة، إنّه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف ثمّ تاب، تاب الله عليه)، فاضطربت عائشة بعد هذا الكلام، وقلّص دمعها، وأجابت: وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ من القرآن كثيراً: إنّي والله لقد علمت: (إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا، إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ} [يوسف] وقالت ذلك وهي تعلم بداخلها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها. ثمّ اضطجعت على فراشها تبكي. نزول براءة السيدة عائشة أنزل الله -تعالى- في كتابه الكريم آياتٍ تُبرّئ السيّدة عائشة -رضي الله عنها-؛ جزاءً على صبرها وتوكّلها على اللهِ -تعالى-، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول في نفسها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها، ولكنَّها قالت: (ولكن والله ما كنت أظن أنَّ الله منزل في شأني وحياً يُتلى)، فكانت ترى نفسها أقلّ شأناً من أن يتكلّم الله -عزّ وجلّ- بأمرها في قرآنٍ يُتلى إلى قيام الساعة، وتوقّعت تبرئتها برؤية النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- ذلك في المنام. ولمَّا نزل الوحي ببراءةِ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها-، ذهبَ النبيّ -عليه السلام- إليها، وقالَ لها: (أبشري يا عائشة! أمَّا الله فقد برّأك) وأنزلَ اللهُ -تعالى- عشر آياتٍ من سورة النور في تبرئتِها، وبدأت بقوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)، إلى قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). فقد بيَّنت الآيات بشكلٍ واضحٍ وصريح براءة السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- ممَّا اتَّهمهُ بها أصحابُ الإفك، فطلبت أُمّ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- منها أن تقوم وتشكر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فقالت: لا أحمدُ إلَّا الله؛ ممَّا يدلُ على صفاءِ عقيدتها، وإيمانها وتوكّلها على اللهِ -تعالى. فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا. هكذا نزل جبريل -عليه السّلام- بآياتٍ ببراءة السيدة عائشة رضي الله عنها، وانتهى الابتلاء الذي مرّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم #أمهات_المؤمنين #صفاءفوزى. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ غيرة عائشة تشير الكثير من المواقف التي نقلتها كتب السير والتراجم التي أرّخت لتلك الفترة إلى وجود مظاهر لغيرة بين عائشة وزوجات النبي محمد الأخريات. وهو ما أقرت به عائشة حين صنّفت زوجاته في حزبين، الأول فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر ضم أم سلمة وبقية نساء النبي محمد. أحب النبي محمد عائشة أكثر من نسائه، وهو ما أدركه المسلمون، فكانوا يؤخرون هداياهم حتى يكون في بيت عائشة، وهو ما أدركته أمهات المؤمنين، فندبن أم سلمة لتسأل النبي أن يكلم الناس في ذلك، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ». ورغم تلك المحبة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الغيرة من زوجاته الأخريات، ففي حجة الوداع خرج النبي بزوجاته، وكانت عائشة على جمل خفيف ومعها متاع قليل، فيما كانت صفية على جمل بطيء ومعها متاع ثقيل، فأمر النبي محمد أن يتبادلا راحلتيهما حتى يسرع الركب. فغضبت عائشة، وقالت: «يَا لَعِبَادِ اللَّهِ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ»، فشرح لها النبي سبب ما فعل، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟» فتبسم وقال: «أَفِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟»، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَفَهَلا عَدَلْتَ؟». فسمعها أباها، فهمّ بضربها، فأوقفه النبي محمد وقال له: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ». وقد كانت عائشة أكثر زوجات النبي غيرة وأشدهن حساسية في ذلك، فيُروى أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ، بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ، فَضَرَبْتُهُ بِيَدِي فَكَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ هَذَا؟ قَالَ: ˝إِنَاءٌ مَكَانُ إِنَاءٍ، وَطَعَامٌ مَكَانُ طَعَامٍ˝». كما كانت تغار من زوجته الأولى خديجة رغم وفاتها، وتقر بذلك وتحكي: «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ. قَالَتْ: فَغِرْت، فَقُلْت: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا». فقال النبي محمد: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَأَشْرَكَتْنِي فِي مَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا وَحَرَمَنِي وَلَدَ غَيْرِهَا.» فقالت: «وَاللَّهِ لا أُعَاتِبُك فِيهَا بَعْدَ الْيَوْمِ». وكما كانت عائشة تغير من أزواج النبي، كُنّ كذلك يغرن منها. أرسلن يومًا إليه فاطمة (أحب بناته)، وكان في بيت عائشة لتقول له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ» فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ» فقالت: «بَلَى» فقال: «فَأَحِبِّي هَذِهِ». فرجعت فاطمة لهن، وأخبرتهن الخبر، فأرسلن زينب بنت جحش بنفس القول، ثم وقعت زينب بعائشة، فاستطالت عليها، فردّت عائشة، فتبسم النبي محمد وقال: «إِنَّهَا ابنَةُ أَبِيْ بَكْر». وفي موقف آخر، غارت عائشة من مكث النبي محمد عند زوجته زينب بنت جحش التي كانت تسقيه عندها العسل، فتواصت هي وحفصة عند دخول النبي محمد على أي منهما أن تقل له: «إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ»، فقال: «لا بَأْسَ شَرِبْتُ عَسَلا عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ».
وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير، أن النبي محمد قد أصاب جاريته مارية القبطية (أم ولده إبراهيم) في غرفة زوجته حفصة في يوم عائشة، فغضبت حفصة وقالت «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ مَا جِئْتَهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي عَلَى فِرَاشِي» فقال: «أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟» فقالت حفصة: «بَلَى» فحرَّمها النبي على نفسه، وقال لها: «لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ» فذكرته لعائشة. فنزلت فيهما لنهيهما عن الخوض في هذا الأمر. آية:( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ).
حادثة الإفك خرجت عائشة -رضيَ الله عنها- مع النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في غزوةِ بني المُصطلق، كما جاء في حديث عائشة -رضيَ الله عنها- قالت-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي) وكان ذلك بعد أن فرض الله -تعالى- الحجاب على النّساء، وفي طريقِ العودة من الغزوة نزلت من هودجها لحاجةٍ ما، ولمَّا عادت إلى الهودجِ تفقّدت عقدها فلم تجده، فرجعت للبحثِ عنه، وفي أثناءِ ذلك حَمل الرّجال الهودج ووضعوه على البعيرِ وهم يعتقدون وجودها داخله؛ لِخفّتها وصِغر سِنِّها، ومضى المُسلمون تاركينها وراءهم في الصّحراء، فلمَّا وجدت عقدها ورجعت إلى مكانِ تجمُّع الصّحابة الكرام لم تجد أحداً. وفي ذلك روت عائشة رضي الله عنها: (فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينما أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صحابيّ هو صفوان بن المعطل السلميّ يمشي خلف الجيش يتابع مسيره، ويتفقّد أحوال من تأخّر عنه، فوجد عائشة نائمةٌ فعرفها، فاسترجع صفوان فاستيقظت على صوته، فتقول عائشة: فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلّمنا بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطأ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش). وكان ممّن رأى مجيء عائشة -رضي الله عنها- مع صفوان منافقٌ يُدعى عبد الله بن أبيّ بن سلول، فعندما رآهما نازلين أشاع خبراً كذباً: أنّ صفوان قد فعل الفاحشة بعائشة رضي الله عنها، وهو الإفك الذي أثير حولها، وهي منه بريئةٌ، ومعنى الإفك الكذب والافتراء، فكان هذا كذباً لا أساس له ولا استبيان. عندما وصل المسلمون المدينة، مرضت عائشة -رضي الله عنها- مرضاً شديداً أقعدها في فراشها شهراً كاملاً، فلم تكن تخرج أو ترى الناس من حولها، ولم تعلم بما يُقال عنها، إلّا متأخّراً بعد شفائها، لكنّها كانت تشعر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد جافاها قليلاً، ولم تكن تعرف سبب ذلك، وقد علمت عائشة الأخبار عندما خرجت بعدما اقترب شفاؤها خرجت مع أمّ مسطحٍ لحاجتهما، وبينما هما تمشيان إذ عثرت أم مسطح بثوبها، فقالت: تعس مسطح، فقالت لها عائشة: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت لها أمّه: أولم تسمعي ما قال مسطح فيك؟ فقالت: لا والله، فأخبرتها بخبر الحادثة، ولم تكن تعلم به من قبل، فقالت أنّها ازدادت مرضاً إلى مرضها، وعرفت ما كان.
حال عائشة بعد معرفتها الخبر حين عملت عائشة -رضي الله عنها- بما قيل فيها، استأذنت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن تمرَض في بيت أهلها، فأذن لها، وكانت تريد أن تستبين الخبر من والدتها ووالدها، فأخبرتها والدتها بكلّ ما كان، فتقول عائشة أنّها لم تنم ليلتها، حتى أصبحت باكيةً لا تدري ما تفعل، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- وهو في تلك الحال أيضاً قد تأخّر عنه الوحي، فشاور أصاحبه فيما يفعل، هل يترك زوجته عائشة أم يبقيها، ثمّ صعد إلى منبره، فقال: (يا معشرَ المسلمين، مَن يَعْذُرُني مِن رجلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي، واللهِ ما علمتُ على أهلي إلّا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عليه إلّا خيراً وما يَدْخُلُ على أهلي إلّا معي)، فضجّ الناس؛ كلٌّ يريد أن يرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو بضرب رقاب بعضهم بعضاً، فأسكتهم رسول الله وقد أهمّه ما أهمّه.
وأمّا عائشة -رضي الله عنها- فلا تزال على حالها لا تسكن لها دمعة. ظلّت عائشة على هذا الحال ليلتين أُخريين حتى جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندها، يقول لها: (أمّا بعد، يا عائشة، إنّه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف ثمّ تاب، تاب الله عليه)، فاضطربت عائشة بعد هذا الكلام، وقلّص دمعها، وأجابت: وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ من القرآن كثيراً: إنّي والله لقد علمت: (إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا، إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ﴾ [يوسف] وقالت ذلك وهي تعلم بداخلها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها. ثمّ اضطجعت على فراشها تبكي.
نزول براءة السيدة عائشة أنزل الله -تعالى- في كتابه الكريم آياتٍ تُبرّئ السيّدة عائشة -رضي الله عنها-؛ جزاءً على صبرها وتوكّلها على اللهِ -تعالى-، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول في نفسها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها، ولكنَّها قالت: (ولكن والله ما كنت أظن أنَّ الله منزل في شأني وحياً يُتلى)، فكانت ترى نفسها أقلّ شأناً من أن يتكلّم الله -عزّ وجلّ- بأمرها في قرآنٍ يُتلى إلى قيام الساعة، وتوقّعت تبرئتها برؤية النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- ذلك في المنام. ولمَّا نزل الوحي ببراءةِ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها-، ذهبَ النبيّ -عليه السلام- إليها، وقالَ لها: (أبشري يا عائشة! أمَّا الله فقد برّأك) وأنزلَ اللهُ -تعالى- عشر آياتٍ من سورة النور في تبرئتِها، وبدأت بقوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)، إلى قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). فقد بيَّنت الآيات بشكلٍ واضحٍ وصريح براءة السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- ممَّا اتَّهمهُ بها أصحابُ الإفك، فطلبت أُمّ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- منها أن تقوم وتشكر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فقالت: لا أحمدُ إلَّا الله؛ ممَّا يدلُ على صفاءِ عقيدتها، وإيمانها وتوكّلها على اللهِ -تعالى. فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا. هكذا نزل جبريل -عليه السّلام- بآياتٍ ببراءة السيدة عائشة رضي الله عنها، وانتهى الابتلاء الذي مرّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم