❞❝
❞ ومضت ربع ساعة من بعد الثامنة مساءًا، يجلس في مكتبه، ويكتب لها الرسالة الخطية رقم 39 مستهلًا كلماتها بشوقٍ ،جارفٍ ولهفةٍ ترنو الى عينيها المحيط :
أسامة : صباحٌ مشرقٌ بنور محياك يا أنا ، صباحٌ ارتسمت عليه رقتك فاستحال عذبًا رقراقا كأسير الحياة ، صباح يرنو بعذوبة صوتك وهمسك الأخاذ .
صباح ٌيتنفس عبقَ هواك ويتعطر بأنفاس صدرك الدافئ دفء َ شمس الشتاء الحانية وضوء القمر حين يحنو على الأرض ،يبدد ظلمتها ،تكسوها بهجة وفتنة، وسحرًا وجمالًا .
صباحٌ يضحك كضحكتك التي أحالت أحزاني فرحًا، وقسوة السنين أملًا وعشقًا ،وبددت آلام قلبي وأوجاع الجراح والحنين .
تبقين أنتِ حبيبتي مهما عاندت الدنيا وأوهمتنا أنه من المستحيل، فلا مستحيل إلا أن نفترق وتنفلت أيدينا عن رباط الحب وعهود العشق والوفاء .
يرسل إليها رسالته منتظرا ردها بلهفة واشتياق .
غزتْ قلبَه واعتلتْ رايتُها بنشوى النصرِ والارتقاءِ .
عصفتْ بحناياه فما عادَ يملكُ من مصيرِ هواه إلا الخضوعَ والإذعانَ وإبرازَ هويةِ الاعترافِ .
قابلها صبيحةِ يوم ٍ من أيامِ هواه المتعطشِ وغرامهِ المرسوم ِعلى شاشاتِ عينيهِ ونبراتِ صوتهِ التي أعياها الشوقُ وأضناها التماسُ السبيلِ لطرحِ ورقاتِ الاعتراف .
طلب منها الحديثَ عن أمر ٍ يلحُ عليه واصطحبها لركنٍ من أركان الكلية التي يدرسانِ فيها حيثُ تراهما الأعينُ وتخفت عنهما الأصواتُ .
بدا عاجزًا عن استجماعِ قواه وإعادةِ سردِ الكلماتِ التي رتّبها مئاتِ المراتِ طوالَ ليلهِ الكليمِ .
أعياه خوفُه أن تصدمَه أو تعصفَ به حيثُ اللاعودةُ لمعاني الحياةِ .
صار كطفلٍ صغيرٍ أصاب ذنبا وقد حبسته أمّه في ركن ٍ من جنًبات ِالاعترافِ فلا كلماتٍ تسعفه ولا حيلًا تُنجّيه من نظراتِ أمّهِ التي تعلمُ كلَ تفاصيلِه وهمساتِه وخلجاتِ الصدرِ المرتجفِ ، فلا مناصَ منها غيرَكاملِ الاعترافِ ومِنْ ثَمّ عذابُ الانتظار، ِوتبعاتُ الإقرارِ .
ظلَّ يستجمعُ كلماتِه ليلحقَ بزمام ِ المبادرةِ لعلَّ نفسَه تسكنُ على شواطئِ هواها العصيّ ِ وعينيها التي تفتك ُ بكلِ مغامرٍ تراوده نفسُه لمعاني الاقتراب ِ .
ما عاد أمامه في ظل حصارِ عينيها ومهارة ِنبرات ِ صوتِها الرخيمِ غيرَ تسليمِها مفاتيحِ قلبِه واستباحة ِالديار . ❝
❞ - حاولتُ كثيرًا أن أفهم ذلك الغموض الكامن خلف انجذاب روحٍ إلى أخرى، ما الذي يدفع أحدنا للشعور بالانتماء لشخصٍ آخر يشاركه الكوكب ذاته؟ ما سرّ كلّ هذه المشاعر المعقّدة والمتشابكة التي قد تدفع أحدنا لربط سعادته وتعاسته بكائنٍ آخر حتى وإن لم يبادله ذرّة؟ أتساءل وأضع عشرات الإجابات وأختم دائمًا بالإجابة الأكثر منطقية وإراحة لي: لا أعلم.
- هل تشك يا علاء في حبها لغسان، وأنها لم تكن تبادله المشاعر ذاتها التي جعلته أسيرًا لدائرتها؟
- بالعكس فأنا أومن تمامًا أنها أحبته كما أحبها تماما.
- ضحكت ضحكتها الساخرة كعادتها، لا تتعجل الحكم أيها الأغر، فالليل أمامنا لا يزال طويلًا لتتكشف أمامنا الحقائق وتزول عنها عتمتها.
- تمنيتُ أن أصرخَ في وجهها قائلًا: متى تتوقفين عن إفساد كل قصة حب آمنت بها وخلدتها دواوين العاشقين؟
- نظرت نحوي، وهي تعبث بلحيتي .. لستَ في حاجةٍ إلى أن تصرخ يا صغيري، فأنا ملهمتك التي تقرأ ما يدور بخلدك، لا تتعجل النتيجة، ودَعْ القصةَ تفصحْ عن مكنونها، . ❝