❞ الانتظار
الانتظار حيوان وحشي ينهش كل شئٌ جميل يقضي علي لحظات وتخطيط اخذ وقت كبير وفرحة عارمة كانت علي اتم الاستعداد الانتظار كطفل استعدّ لحفل كبير وانتظر والديه واصدقائه ولم يتذكر احد وطال الانتظار وهو ينتظر انهم يتذكرون حفلٍ وعدوه به مسبقاً ولكن لم يتذكر احد فانكسر في قلبه فرحةٍ كان ينتظرها بشغفٍ كبير.. لا تنتظر احداً اسعد نفسك بنفسك لان الجميع تأخذه دوامة الحياة.. لا تدع وحش الانتظار يضيع عليك اجمل اوقات حياتك.. لا تضيع حياتك في الانتظار. ثابر امرح افرح لا تكن فريسة الانتظار.
ك/عبير حمدي \"اوراق الخريف\". ❝ ⏤عبير حمدي احمد
❞ الانتظار
الانتظار حيوان وحشي ينهش كل شئٌ جميل يقضي علي لحظات وتخطيط اخذ وقت كبير وفرحة عارمة كانت علي اتم الاستعداد الانتظار كطفل استعدّ لحفل كبير وانتظر والديه واصدقائه ولم يتذكر احد وطال الانتظار وهو ينتظر انهم يتذكرون حفلٍ وعدوه به مسبقاً ولكن لم يتذكر احد فانكسر في قلبه فرحةٍ كان ينتظرها بشغفٍ كبير. لا تنتظر احداً اسعد نفسك بنفسك لان الجميع تأخذه دوامة الحياة. لا تدع وحش الانتظار يضيع عليك اجمل اوقات حياتك. لا تضيع حياتك في الانتظار. ثابر امرح افرح لا تكن فريسة الانتظار.
❞ اليوم انتهى عالمك القديم..
وكل السبل طمست ..
وكل المسالك محيت..
زالت كل أيامك...
ولم يتبقى لك سوى الغرق
- لِمَ ضربت مدافع بريطانيا قلعة السلطان المملوكي قايتباي في الإسكندرية؟
- لأنهم يتذكرون وأنت تنسى. ما أحزنك! تقابلنا من قبل يا حسن. ولكن محيت ذاكرتك.. ستعود.. وعندما تعود سيمتد وجعك إلى ما بعد كل البحور. أنت حسن والمجذوب. أتعرف هذا؟ هما الشخص نفسه. ولكن حقيقتك لم تظهر لك وهذا أفضل. عرفتك من خطابات تاجر البندقية التي أحملها.
- أطال حسن نظره إلى القلعة، ثم قال.. من بنى هذه القلعة؟
- بناها رجلُ كان يملك حينها كل الطرق حتى اكتشف غيره طريقا جديدا فأصبح طريقه بائسا. كيف لا تتذكر؟ التف البرتغاليون حول إفريقيا ليتجنبوا طريق مصر.. ثم جاء رجل فرنسي يفكر في طريق جديد أقصر وأسرع، يجعل كل الطرق دونه بلا قيمة.. وتعرف أين وجد هذا الطريق؟ في مصر.
اعترض الإنجليز على الطريق وقالوا إنه لن يفلح ولكنه فلح..واختصر الطريق إلى الهند آلاف الأميال.. ماذا يفعل الإنجليز؟ طريق البحر سريع، ولكنه على أرض غير أرضهم، بناه غيرهم. الطريق.. هو الغاية.. دوما
- ردد: الطريق هو الغاية. ليس الديون ولا الحماية.. ولا. ❝ ⏤ريم بسيوني
❞ اليوم انتهى عالمك القديم.
وكل السبل طمست .
وكل المسالك محيت.
زالت كل أيامك..
ولم يتبقى لك سوى الغرق
- لِمَ ضربت مدافع بريطانيا قلعة السلطان المملوكي قايتباي في الإسكندرية؟
- لأنهم يتذكرون وأنت تنسى. ما أحزنك! تقابلنا من قبل يا حسن. ولكن محيت ذاكرتك. ستعود. وعندما تعود سيمتد وجعك إلى ما بعد كل البحور. أنت حسن والمجذوب. أتعرف هذا؟ هما الشخص نفسه. ولكن حقيقتك لم تظهر لك وهذا أفضل. عرفتك من خطابات تاجر البندقية التي أحملها.
- أطال حسن نظره إلى القلعة، ثم قال. من بنى هذه القلعة؟
- بناها رجلُ كان يملك حينها كل الطرق حتى اكتشف غيره طريقا جديدا فأصبح طريقه بائسا. كيف لا تتذكر؟ التف البرتغاليون حول إفريقيا ليتجنبوا طريق مصر. ثم جاء رجل فرنسي يفكر في طريق جديد أقصر وأسرع، يجعل كل الطرق دونه بلا قيمة. وتعرف أين وجد هذا الطريق؟ في مصر.
اعترض الإنجليز على الطريق وقالوا إنه لن يفلح ولكنه فلح.واختصر الطريق إلى الهند آلاف الأميال. ماذا يفعل الإنجليز؟ طريق البحر سريع، ولكنه على أرض غير أرضهم، بناه غيرهم. الطريق. هو الغاية. دوما
- ردد: الطريق هو الغاية. ليس الديون ولا الحماية. ولا
❞ الفصل الخامس والأخير
عند يمن
من تلك التي فرقت بيني وبين نجمتي؟ من تلك؟
كانت الكلمات تتصاعد في قلبه كعواصف لا تهدأ، وعينيه تغرقان في الظلام، كأنما يرى ما بين الظلال ويبحث عن بصيص ضياء وسط هذا الظلام الدامس، أرسل يمن رسالة إلى ملاك، تتناثر من بين أصابعه كأنها سكاكين مرُّة:
\"من أنتِ لتفرقي بيننا؟ من أنتِ لتحكمي على قلبي؟ أنتِ لستِ ملاكًا، بل جحيم.\"
وبكل صدمةٍ، قرأت ملاك الرسالة. ولكن في قلبها، كان هناك شيءٌ أكثر مرارة من الكلمات: خيبة أمل عميقة، وقع الثقل على صدرها، فشعرت بالإعياء يتسلل إليها كوحش مخيف، بدأت تردد كلمات نثرية، كانت تعرفها جيدًا، فقد كانت ملاذًا دائمًا لها في كل معركة:
\"أنا أختكِ بالإسلام، أمحو غشاوة أعيننا الذي يزينها لنا الشيطان، أنا نثرٌ يدلكِ إلى الصواب، وإن أحببت من فرقتها عنك، فلتذهب إلى منزلها، لتطلب يدها في النور، عسى أن تلقى مرادك عند الله.\"
ثم أضافت بنبرة أكثر حزنًا:
\"أعلم أني لست ملاكًا، ولكنني فتاة تعشق النثر، والسلام عليكم.\"
وبتلك الكلمات، كان الختام، أغشي على ملاك، واختفت عينها عن هذا العالم، كما لو أن قلبها قد ابتلعته المجهول.
عند سليم
الحديث كان شديد التوتر في منزل سليم، وقف أسامة وهشام وأشرف أمامه، والقلق في أعينهم.
\"سليم، هل أنتَ مصمم على هذا؟ ألم تقل أن تلك الفتاة التي اسمها ملاك، قد نصحتك بترك الأمر للشيخ؟\"
قال أسامة بصوتٍ منخفض.
\"نعم، قالت ذلك، ولكن هذا حقي.\"
أجاب سليم، وصوته يندلع كصاعقة في فجرٍ هادئ.
كان الهدوء الذي طلبه أصدقاؤه يبدد في نفسه كل أمل، لكنهم كانوا يصرون:
\"لنهدأ ونفكر معًا، لماذا لا تسمع كلام ملاك؟\"
أجاب سليم بحيرة، فألمه كان يتحول إلى نارٍ في قلبه: \"ماذا عن حقي؟\"
لكن أصدقاؤه لم يتركوه وحده، وقالوا معًا:
\"سيظهر الله حقك أمام عينيك، ثق بنا، فلن نترك سوءًا يحدث لك.\"
وقالوا له بحنان:
\"لنذهب معًا.\"
سليم: إلى أين؟
الأصدقاء ببسمة أمل: إلى التحفيظ.
سليم بقلق: وماذا عن فتحي؟
الأصدقاء بحنان: اترك لنا الأمر يا سليم.
سليم بتردد: سأفعل ذلك، هيا بنا.
عند ملاك
كانت همس تتسلل إلى غرفة ملاك، وعينها تائهة بين أملٍ وهلع. ووجدت ملاك ممددة على الأرض، فاقدة الوعي، وبدأت علامات الإعياء تظهر بوضوح على وجهها.
همس لم تستطع تحمل رؤية أختها بهذه الحالة، فهرعت إلى هاتفها في رعب، واتصلت بالمشفى.
تم نقل ملاك إلى المشفى بسرعة، وكان في قلب همس دويّ يشبه صوت أجنحة الموت.
في المشفى
كانت الغرفة مكتظة بالقلق، همس واقفة في الخارج تنتظر على أحر من الجمر، ساعات من الانتظار، وعينيها مملوءتان بالأمل المكسور، حتى خرج الطبيب أخيرًا، وعيناه تفيض بالأسى.
\"آسف... حالة ملاك تدهورت. حالتها في تدهور تام.\"
أصيبت همس بالصمت، كأن الكلمات قد انتهت في قلبها:
\"ماذا تعني؟ ألحظات الوداع؟\"
قال الطبيب، وأشاح بنظره: \"كل شيء بأمر الله.\"
همس، وقد امتلأت عيناها بالحزن، همست: \"ونعم بالله.\"
عند سليم
في مكان التحفيظ، بعد انتهاء الجلسة، كان سليم يتجول في المكان، قلبه يئن، وعينيه تلتمسان كل زاوية، فجأة، جاء فتحي، يحاول استفزازه.
\"أنت من تُدعى فتحي؟\" سمعه فتحي يناديه.
أجاب فتحي، عينيه مشوشة: \"نعم، أنا هو.\"
ثم كان الصوت الذي أعقب ذلك أقوى من كلمات فتحي: \"إن لم تعطني هاتفك الآن، ستكن نهايتك.\"
ثم جاء الصوت القوي الذي تتبع الكلمات، \"كيف لك أن تبعث مع عائلتي؟ كيف تلعب بمشاعر أختي، وتطلب منها ما يُغضب الله؟\"
وتصاعد الحديث، حتى أصبح كالصراع بين الظلام والنور، لكن النهاية كانت سريعة، فأخذ الفتى هاتف فتحي، وأظهر الحقيقة، وتبددت الأكاذيب.
قال الأصدقاء لسليم، مؤكدين له أن الله هو من يُظهر الحق دون الحاجة لأي تدخل بشري: \"الحق سيظهر... لا داعي لأن تضر نفسك.\"
وفي النهاية،
تحدث سليم عن ملاك، وقال:
\"لقد كانت على حق، إنني الآن أرى صدقي بأمر الله، دون أن أؤذي نفسي.\"
وأصبح جميعهم يشكرون الله على براءته.
عند يمنى وجهاد
كانت جهاد في حالة من السعادة العميقة، تنتظر أن تقفز نحو أحلامها، تنتظر هشام الذي سيتقدم إليها.
لكن شيئًا غير متوقع حدث، دخل سليم وهشام معًا، وكان هشام يحمل بيده رسالة تثبت خيانة يمنى، رسائلها التي كانت تهدف إلى تدمير سعادة جهاد، وها هي اللحظة التي تُكشف فيها الحقيقة.
جهاد نظرت إلى يمنى في صدمة، وكلماتها كانت مليئة بالألم:
\"لماذا؟ لماذا كل هذا الحقد؟ كنت أعتبركِ أختي.\"
ويمنى، ضحكت بتهكم:
\"أنا الشريرة، أليس كذلك؟\"
ولكن الحقيقة كانت قد خرجت، ومهازلها قد انتهت، والدها جاء غاضبًا وأخذها معه، ووسط ذلك الصراع كانت السعادة قد عادت إلى جهاد.
عند فتحي
ظل يعاني من إصابة بليغة، بينما كانت أفكاره تحترق وتشتعل بألم لا يهدأ، وكان العقل الشيطاني لا يزال يسيطر عليه، لكنه أدرك أخيرًا أنه لن يهدأ حتى يهلك نفسه.
عند ملاك
كان التواصل معها مستحيلاً، وسليم لا يدري عنها شيئًا، وقد تسرب القلق إلى متابعين نثرها، أما أحلام، فقد كثَّفت مراسلتها، لكن دون جدوى.
همس: مرَّ أسبوعٌ ولا يزال الخطر يزداد، ورغم حديثي معها، تصرُّ على رفض الموافقة على تلك العملية.
الطبيب: لما؟ كل ذلك من أجل الذكريات؟ فلتذهب إلى الجحيم.
همس: ليست الذكريات هي المقصودة، بل حياتها كلها مرهونة بتلك الذكريات.
الطبيب: وكيف ذلك؟ ما هي تلك الذكريات؟
همس: ليس الآن وقت الحديث عنها، دعنا نذهب لنطمئن عليها.
في الغرفة، كان القلق يملأ المكان، ونظرات همس والطبيب تتبادلان، بينما كان قلب همس يخفق بفزع لم تشعر به من قبل.
ملاك: همس، اسمحي لي بهاتفي، وأستأذن منك أن تجلسي بجانبي.
همس: ماذا تودين؟
الطبيب: ليس كثيرًا.
ملاك: اسمح لي، فقد تكون هذه آخر نثر لي.
نظر إليها الطبيب بأسى، ثم خرج تاركًا خلفه أجواءً من الحزن والهم.
ملاك: يذكرني بوالد السمكة نيمو، كِشري، ابتسمي يا همس، أم أنه عادكِ بالكآبة؟
همس: لم يعديني، بل أنتِ العنيدة هنا.
ملاك: ما يهمني الآن هو أن تفتحي هاتفي، وأنثري بدلاً عني تلك الكلمات:
لقد اعتدتم على قراءة كلماتي وخواطري، لكن يؤسفني أن أخبركم أنني وصلت إلى النهاية، لا يعلم أحدكم عن مرضي، ولم أتحدث عنه من قبل، فقد اعتدت أن أكون مبتسمة، وأن أكون أملًا لكم نحو المستقبل المضيء، ولكن المرض قد غلبني، ووهن روحي أضعفني، فلا تحزنوا عليّْ، وادعوا لي بما يجول في خاطركم، وآخر ما أود أن أنثره لكم هو:
ماذا لو أنَّ ميعادي قد اقترب؟ فهذه وصيتي...
أود لو أنني أستطيع رؤيتك قبل وفاتي، وأسرد لك كل ما في قلبي من مشاعر لم أكن أجرؤ على النطق بها، لعلك تشعر بما بداخلي تجاهك، أتعلم، أدعو الله أن يرزقني رؤية وجهك قبل مماتي، لعل شوقي يهدأ، وأتساءل إن كانت روحي تستطيع أن تواكبك وتحميك بعد وفاتي؟ فإذا كان للروح أن ترافق من تحب، فإني سأوصيها أن تكون معك، تحميك من كل سوء، وإن استطعت أن أصنع ذكريات مع من حولي، فأتمنى ألا ينسوني، وأن يتذكروني، ويزوروني من حين لآخر، فزياراتهم تسعدني وتُشعرني بالأمان، أتمنى لو أنني قد تركت أثرًا جميلًا في قلوبهم.
لا أدري إن كنت قد تركت فيهم ذكرى طيبة أم لا، لكنني أتمنى أن أكون الذكرى الجميلة التي تبقى في قلوبهم.
أتعلم يا قمرى أن قلبي يشعر بك أينما كنت، وأنه يتمنى لو كنت بالقرب مني ولو لحظة واحدة، فقربك هو نجاتي، ومأمني.
الوداع يا قرائي الأعزاء.
وحين أُغلقت الرسالة، كانت ملاك قد أغمضت عينيها، وكأنها نامت على صدر الحياة للأبد.
انهارت دموع القراء، وانفجر سليم بالبكاء، وعلى الرغم من محاولاته المستمرة في إرسال الرسائل، لم تلقَ منه أي إجابة، أما أحلام، فقد حزنت على ملاك التي دخلت حياتها مثل الحلم، ثم تلاشت كسراب، أما يمن، فقد شعر بالذنب لما تسببت به كلماته في جرح ملاك، فصارت بالنسبة له سرابًا.
كأن ملاك كانت سرابًا وتلاشت مع أول ضياء فجر جديد، كأنها كالزهرة التي نشرت السعادة ثم انطلقت مع هبوب الرياح.
بعد عامين
كان في هاتفها نصٌّ لم تُرسله بعد، نصٌّ يُشبه قلبها: بريئًا، وحزينًا، وأبيًا، فقررت أن أنثره لكم، كما أرادت ملاك.
ثم تضع همس نصّْ \"أبناء الفجر\"؛ ليكون هذا الختام الرمزي للقصة.
أبناء الفجر
يا أبناء الفجر، يا نوارس الضياء في بحر الظلمات، يا رجفة الرجاء في صدور من أضناهم الانتظار إني أودعكم، وكأنني ألملم بقايا نجمٍ خبا قبل أن يكتمل مداه، كنت بينكم ظلَّ حلمٍ يتعثر فوق ركام الأحزان، وقبسَ نورٍ يقتات من فتات اليقين، تعلمت منكم أن الجراح قد تزهر، وأن من قلب الألم يولد نشيد لا يفهمه إلا من سار حافيًا على دروب الشوك، وإن مضيتُ، فليشهد الفجر أنني مضيتُ وقلبي يزهر لكم بدعاءٍ صامت، وأملٍ يتوارى في دجى الرحيل، لا تبكوا على الأطلال، بل امضوا، ازرعوا في بيداء الروح حدائق من ضياء، واحملوا في كفوفكم قناديل الحلم التي أشعلناها معًا، فأنتم أبناء الفجر، آخر ما حفظه القلب، وأول ما تناثر من حطامه نورًا.
ملاك
قرأ القراء ما نثرته ملاك، وقال سليم: يا ليتكِ هنا، يا ملاك، لترين كيف أن نصائحك كانت دربًا للنور في حياتنا.
أما أحلام: يا ليتكِ هنا، يا ملاك، لأسرد لكِ كيف أن كلماتك كانت سببًا في أنني أظل على ضوء الأمل، بعد أن قرأت نثرك عن العشق.
أما يمن، فقد قال: يا ليتني أستطيع أن أعتذر عن كلماتي التي جرحتكِ، وأن أخبركِ بأنكِ السبب في أنني أعيش حبًا حقيقيًا، فبعد أن قرأت رسالتك، فهمتُ معنى الحب الصادق.
وإلى هنا ومع الختام أصف ملاك بصورةٍ نُقشت داخل صدري، فتاة تُحاط بالطيور بجانب قفصٍ من حديد أمام مياه البحر الزرقاء، فأنثر ما يُخالج قلبي لذلك المشهد الرقيق:
اشتد خفقان قلبي وأنا أحدِّق بذلك القفص، شعرتُ وكأنَّ الأجنحة المنكسرة تناجيني، تناشدني أن أنقذها من الأسر والذبول، مددتُ يدي بترددٍ مرتعش، لامستُ بأصابعي القضبان الباردة، وكأنني ألامس جراح نفسي، همستُ دون أن أدري: \"أما آنَ للأجنحة أن تتحرر؟ أما آنَ لقلوبنا أن تطير دون قيود؟\"
رفعتُ رأسي نحو الأفق، كان الغروب يسكب لونه الدموي على صفحة الماء، وكأن السماء تبكي وداع الأحباب، تذكرتُ ملاك، تلك التي كانت كطائرٍ أبيض حلَّق في سماء حياتنا، ثم رحلت، تاركةً خلفها نورًا لا ينطفئ، تناهى إلى سمعي صوتٌ داخلي، يشبه نثرها الرقيق، يقول: \"لا تحزنوا لغياب الطيور، فالطيور لا تموت، بل تصبح جزءًا من السماء،\" ابتسمتُ وسط دمعتي، وأدركتُ أن الأرواح النقية لا ترحل إلا لتصير ضوءًا يهدينا في دجن أيامنا.
وبذلك ظلَّ اسم ملاك خالدًا في قلوب من أحبوها، وبقي نثرها دعاءً عالقًا بين الأرض والسماء، يهمس لكل قلب حزين: \"ازرع الخير وإن متَّ، فالأثر لا يموت.\"
لـِ ندى العطفي
بيلا. ❝ ⏤Nada Elatfe
❞ الفصل الخامس والأخير
عند يمن
من تلك التي فرقت بيني وبين نجمتي؟ من تلك؟
كانت الكلمات تتصاعد في قلبه كعواصف لا تهدأ، وعينيه تغرقان في الظلام، كأنما يرى ما بين الظلال ويبحث عن بصيص ضياء وسط هذا الظلام الدامس، أرسل يمن رسالة إلى ملاك، تتناثر من بين أصابعه كأنها سكاكين مرُّة:
˝من أنتِ لتفرقي بيننا؟ من أنتِ لتحكمي على قلبي؟ أنتِ لستِ ملاكًا، بل جحيم.˝
وبكل صدمةٍ، قرأت ملاك الرسالة. ولكن في قلبها، كان هناك شيءٌ أكثر مرارة من الكلمات: خيبة أمل عميقة، وقع الثقل على صدرها، فشعرت بالإعياء يتسلل إليها كوحش مخيف، بدأت تردد كلمات نثرية، كانت تعرفها جيدًا، فقد كانت ملاذًا دائمًا لها في كل معركة:
˝أنا أختكِ بالإسلام، أمحو غشاوة أعيننا الذي يزينها لنا الشيطان، أنا نثرٌ يدلكِ إلى الصواب، وإن أحببت من فرقتها عنك، فلتذهب إلى منزلها، لتطلب يدها في النور، عسى أن تلقى مرادك عند الله.˝
ثم أضافت بنبرة أكثر حزنًا:
˝أعلم أني لست ملاكًا، ولكنني فتاة تعشق النثر، والسلام عليكم.˝
وبتلك الكلمات، كان الختام، أغشي على ملاك، واختفت عينها عن هذا العالم، كما لو أن قلبها قد ابتلعته المجهول.
عند سليم
الحديث كان شديد التوتر في منزل سليم، وقف أسامة وهشام وأشرف أمامه، والقلق في أعينهم.
˝سليم، هل أنتَ مصمم على هذا؟ ألم تقل أن تلك الفتاة التي اسمها ملاك، قد نصحتك بترك الأمر للشيخ؟˝
قال أسامة بصوتٍ منخفض.
˝نعم، قالت ذلك، ولكن هذا حقي.˝
أجاب سليم، وصوته يندلع كصاعقة في فجرٍ هادئ.
كان الهدوء الذي طلبه أصدقاؤه يبدد في نفسه كل أمل، لكنهم كانوا يصرون:
˝لنهدأ ونفكر معًا، لماذا لا تسمع كلام ملاك؟˝
أجاب سليم بحيرة، فألمه كان يتحول إلى نارٍ في قلبه: ˝ماذا عن حقي؟˝
لكن أصدقاؤه لم يتركوه وحده، وقالوا معًا:
˝سيظهر الله حقك أمام عينيك، ثق بنا، فلن نترك سوءًا يحدث لك.˝
وقالوا له بحنان:
˝لنذهب معًا.˝
سليم: إلى أين؟
الأصدقاء ببسمة أمل: إلى التحفيظ.
سليم بقلق: وماذا عن فتحي؟
الأصدقاء بحنان: اترك لنا الأمر يا سليم.
سليم بتردد: سأفعل ذلك، هيا بنا.
عند ملاك
كانت همس تتسلل إلى غرفة ملاك، وعينها تائهة بين أملٍ وهلع. ووجدت ملاك ممددة على الأرض، فاقدة الوعي، وبدأت علامات الإعياء تظهر بوضوح على وجهها.
همس لم تستطع تحمل رؤية أختها بهذه الحالة، فهرعت إلى هاتفها في رعب، واتصلت بالمشفى.
تم نقل ملاك إلى المشفى بسرعة، وكان في قلب همس دويّ يشبه صوت أجنحة الموت.
في المشفى
كانت الغرفة مكتظة بالقلق، همس واقفة في الخارج تنتظر على أحر من الجمر، ساعات من الانتظار، وعينيها مملوءتان بالأمل المكسور، حتى خرج الطبيب أخيرًا، وعيناه تفيض بالأسى.
˝آسف.. حالة ملاك تدهورت. حالتها في تدهور تام.˝
أصيبت همس بالصمت، كأن الكلمات قد انتهت في قلبها:
˝ماذا تعني؟ ألحظات الوداع؟˝
قال الطبيب، وأشاح بنظره: ˝كل شيء بأمر الله.˝
همس، وقد امتلأت عيناها بالحزن، همست: ˝ونعم بالله.˝
عند سليم
في مكان التحفيظ، بعد انتهاء الجلسة، كان سليم يتجول في المكان، قلبه يئن، وعينيه تلتمسان كل زاوية، فجأة، جاء فتحي، يحاول استفزازه.
˝أنت من تُدعى فتحي؟˝ سمعه فتحي يناديه.
أجاب فتحي، عينيه مشوشة: ˝نعم، أنا هو.˝
ثم كان الصوت الذي أعقب ذلك أقوى من كلمات فتحي: ˝إن لم تعطني هاتفك الآن، ستكن نهايتك.˝
ثم جاء الصوت القوي الذي تتبع الكلمات، ˝كيف لك أن تبعث مع عائلتي؟ كيف تلعب بمشاعر أختي، وتطلب منها ما يُغضب الله؟˝
وتصاعد الحديث، حتى أصبح كالصراع بين الظلام والنور، لكن النهاية كانت سريعة، فأخذ الفتى هاتف فتحي، وأظهر الحقيقة، وتبددت الأكاذيب.
قال الأصدقاء لسليم، مؤكدين له أن الله هو من يُظهر الحق دون الحاجة لأي تدخل بشري: ˝الحق سيظهر.. لا داعي لأن تضر نفسك.˝
وفي النهاية،
تحدث سليم عن ملاك، وقال:
˝لقد كانت على حق، إنني الآن أرى صدقي بأمر الله، دون أن أؤذي نفسي.˝
وأصبح جميعهم يشكرون الله على براءته.
عند يمنى وجهاد
كانت جهاد في حالة من السعادة العميقة، تنتظر أن تقفز نحو أحلامها، تنتظر هشام الذي سيتقدم إليها.
لكن شيئًا غير متوقع حدث، دخل سليم وهشام معًا، وكان هشام يحمل بيده رسالة تثبت خيانة يمنى، رسائلها التي كانت تهدف إلى تدمير سعادة جهاد، وها هي اللحظة التي تُكشف فيها الحقيقة.
جهاد نظرت إلى يمنى في صدمة، وكلماتها كانت مليئة بالألم:
˝لماذا؟ لماذا كل هذا الحقد؟ كنت أعتبركِ أختي.˝
ويمنى، ضحكت بتهكم:
˝أنا الشريرة، أليس كذلك؟˝
ولكن الحقيقة كانت قد خرجت، ومهازلها قد انتهت، والدها جاء غاضبًا وأخذها معه، ووسط ذلك الصراع كانت السعادة قد عادت إلى جهاد.
عند فتحي
ظل يعاني من إصابة بليغة، بينما كانت أفكاره تحترق وتشتعل بألم لا يهدأ، وكان العقل الشيطاني لا يزال يسيطر عليه، لكنه أدرك أخيرًا أنه لن يهدأ حتى يهلك نفسه.
عند ملاك
كان التواصل معها مستحيلاً، وسليم لا يدري عنها شيئًا، وقد تسرب القلق إلى متابعين نثرها، أما أحلام، فقد كثَّفت مراسلتها، لكن دون جدوى.
همس: مرَّ أسبوعٌ ولا يزال الخطر يزداد، ورغم حديثي معها، تصرُّ على رفض الموافقة على تلك العملية.
الطبيب: لما؟ كل ذلك من أجل الذكريات؟ فلتذهب إلى الجحيم.
همس: ليست الذكريات هي المقصودة، بل حياتها كلها مرهونة بتلك الذكريات.
الطبيب: وكيف ذلك؟ ما هي تلك الذكريات؟
همس: ليس الآن وقت الحديث عنها، دعنا نذهب لنطمئن عليها.
في الغرفة، كان القلق يملأ المكان، ونظرات همس والطبيب تتبادلان، بينما كان قلب همس يخفق بفزع لم تشعر به من قبل.
ملاك: همس، اسمحي لي بهاتفي، وأستأذن منك أن تجلسي بجانبي.
همس: ماذا تودين؟
الطبيب: ليس كثيرًا.
ملاك: اسمح لي، فقد تكون هذه آخر نثر لي.
نظر إليها الطبيب بأسى، ثم خرج تاركًا خلفه أجواءً من الحزن والهم.
ملاك: يذكرني بوالد السمكة نيمو، كِشري، ابتسمي يا همس، أم أنه عادكِ بالكآبة؟
همس: لم يعديني، بل أنتِ العنيدة هنا.
ملاك: ما يهمني الآن هو أن تفتحي هاتفي، وأنثري بدلاً عني تلك الكلمات:
لقد اعتدتم على قراءة كلماتي وخواطري، لكن يؤسفني أن أخبركم أنني وصلت إلى النهاية، لا يعلم أحدكم عن مرضي، ولم أتحدث عنه من قبل، فقد اعتدت أن أكون مبتسمة، وأن أكون أملًا لكم نحو المستقبل المضيء، ولكن المرض قد غلبني، ووهن روحي أضعفني، فلا تحزنوا عليّْ، وادعوا لي بما يجول في خاطركم، وآخر ما أود أن أنثره لكم هو:
ماذا لو أنَّ ميعادي قد اقترب؟ فهذه وصيتي..
أود لو أنني أستطيع رؤيتك قبل وفاتي، وأسرد لك كل ما في قلبي من مشاعر لم أكن أجرؤ على النطق بها، لعلك تشعر بما بداخلي تجاهك، أتعلم، أدعو الله أن يرزقني رؤية وجهك قبل مماتي، لعل شوقي يهدأ، وأتساءل إن كانت روحي تستطيع أن تواكبك وتحميك بعد وفاتي؟ فإذا كان للروح أن ترافق من تحب، فإني سأوصيها أن تكون معك، تحميك من كل سوء، وإن استطعت أن أصنع ذكريات مع من حولي، فأتمنى ألا ينسوني، وأن يتذكروني، ويزوروني من حين لآخر، فزياراتهم تسعدني وتُشعرني بالأمان، أتمنى لو أنني قد تركت أثرًا جميلًا في قلوبهم.
لا أدري إن كنت قد تركت فيهم ذكرى طيبة أم لا، لكنني أتمنى أن أكون الذكرى الجميلة التي تبقى في قلوبهم.
أتعلم يا قمرى أن قلبي يشعر بك أينما كنت، وأنه يتمنى لو كنت بالقرب مني ولو لحظة واحدة، فقربك هو نجاتي، ومأمني.
الوداع يا قرائي الأعزاء.
وحين أُغلقت الرسالة، كانت ملاك قد أغمضت عينيها، وكأنها نامت على صدر الحياة للأبد.
انهارت دموع القراء، وانفجر سليم بالبكاء، وعلى الرغم من محاولاته المستمرة في إرسال الرسائل، لم تلقَ منه أي إجابة، أما أحلام، فقد حزنت على ملاك التي دخلت حياتها مثل الحلم، ثم تلاشت كسراب، أما يمن، فقد شعر بالذنب لما تسببت به كلماته في جرح ملاك، فصارت بالنسبة له سرابًا.
كأن ملاك كانت سرابًا وتلاشت مع أول ضياء فجر جديد، كأنها كالزهرة التي نشرت السعادة ثم انطلقت مع هبوب الرياح.
بعد عامين
كان في هاتفها نصٌّ لم تُرسله بعد، نصٌّ يُشبه قلبها: بريئًا، وحزينًا، وأبيًا، فقررت أن أنثره لكم، كما أرادت ملاك.
ثم تضع همس نصّْ ˝أبناء الفجر˝؛ ليكون هذا الختام الرمزي للقصة.
أبناء الفجر
يا أبناء الفجر، يا نوارس الضياء في بحر الظلمات، يا رجفة الرجاء في صدور من أضناهم الانتظار إني أودعكم، وكأنني ألملم بقايا نجمٍ خبا قبل أن يكتمل مداه، كنت بينكم ظلَّ حلمٍ يتعثر فوق ركام الأحزان، وقبسَ نورٍ يقتات من فتات اليقين، تعلمت منكم أن الجراح قد تزهر، وأن من قلب الألم يولد نشيد لا يفهمه إلا من سار حافيًا على دروب الشوك، وإن مضيتُ، فليشهد الفجر أنني مضيتُ وقلبي يزهر لكم بدعاءٍ صامت، وأملٍ يتوارى في دجى الرحيل، لا تبكوا على الأطلال، بل امضوا، ازرعوا في بيداء الروح حدائق من ضياء، واحملوا في كفوفكم قناديل الحلم التي أشعلناها معًا، فأنتم أبناء الفجر، آخر ما حفظه القلب، وأول ما تناثر من حطامه نورًا.
ملاك
قرأ القراء ما نثرته ملاك، وقال سليم: يا ليتكِ هنا، يا ملاك، لترين كيف أن نصائحك كانت دربًا للنور في حياتنا.
أما أحلام: يا ليتكِ هنا، يا ملاك، لأسرد لكِ كيف أن كلماتك كانت سببًا في أنني أظل على ضوء الأمل، بعد أن قرأت نثرك عن العشق.
أما يمن، فقد قال: يا ليتني أستطيع أن أعتذر عن كلماتي التي جرحتكِ، وأن أخبركِ بأنكِ السبب في أنني أعيش حبًا حقيقيًا، فبعد أن قرأت رسالتك، فهمتُ معنى الحب الصادق.
وإلى هنا ومع الختام أصف ملاك بصورةٍ نُقشت داخل صدري، فتاة تُحاط بالطيور بجانب قفصٍ من حديد أمام مياه البحر الزرقاء، فأنثر ما يُخالج قلبي لذلك المشهد الرقيق:
اشتد خفقان قلبي وأنا أحدِّق بذلك القفص، شعرتُ وكأنَّ الأجنحة المنكسرة تناجيني، تناشدني أن أنقذها من الأسر والذبول، مددتُ يدي بترددٍ مرتعش، لامستُ بأصابعي القضبان الباردة، وكأنني ألامس جراح نفسي، همستُ دون أن أدري: ˝أما آنَ للأجنحة أن تتحرر؟ أما آنَ لقلوبنا أن تطير دون قيود؟˝
رفعتُ رأسي نحو الأفق، كان الغروب يسكب لونه الدموي على صفحة الماء، وكأن السماء تبكي وداع الأحباب، تذكرتُ ملاك، تلك التي كانت كطائرٍ أبيض حلَّق في سماء حياتنا، ثم رحلت، تاركةً خلفها نورًا لا ينطفئ، تناهى إلى سمعي صوتٌ داخلي، يشبه نثرها الرقيق، يقول: ˝لا تحزنوا لغياب الطيور، فالطيور لا تموت، بل تصبح جزءًا من السماء،˝ ابتسمتُ وسط دمعتي، وأدركتُ أن الأرواح النقية لا ترحل إلا لتصير ضوءًا يهدينا في دجن أيامنا.
وبذلك ظلَّ اسم ملاك خالدًا في قلوب من أحبوها، وبقي نثرها دعاءً عالقًا بين الأرض والسماء، يهمس لكل قلب حزين: ˝ازرع الخير وإن متَّ، فالأثر لا يموت.˝