█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ الحياة أغنية قصيرة وكل أغنية تشبه حياة مغنيها، حين عاد إلى بيته حاول أن يتذكر قائل هذه العبارة، واجتاحه إحساس بالنشوة ورشاقة العقل، وأحس أنه يتهيأ لحالة الكتابة، يعرف لونها ويعاني علاماتها قبل أن يكتب، ويهيّئ لها طقوسها التي تثقل عليه أحيانًا، لكن ما البأس إنها لا تخصه وحده، تشيكوف مثلًا كان يسدل ستائر الغرفة ويدعو خادمه لينظف المكتب من التراب، ثم يحلق ذقنه، ويرتدي ثياب الخروج كاملة ويتعطر، كأنه يتهيأ للقيا حبيبه، ثم يضيء سراج الحجرة ويسمك بالقلم فلا يدعه حتى ينتهي مما كان قد هم بإنجازه . ❝
❞ في المساء وعلى المقهى الذي يلتقي فيه أصدقاءه من المثقفين والشعراء راح يحكي عن فتاة الصبح وعن الحب وكيف أننا مقبلون عن زمن تنعقد فيه السيادة للأنثى، كلما أحكمت قبضة القسوة والانعزال الشيطانية حول قلب الإنسان، المرأة ضمان الحياة الوحيد بإهاب خضرتها الأبدية المقدسة وكان ضمن الملتقين شاعرة شابة قالت: لكن هذه القبضة المحكمة بالقسوة أيضًا داخل المرأة وحول قلبها.
فبدا له العالم ثانية قدريًا مفعمًا بالشؤم والعدم وقال إننا نتعالى على مشاعرنا الطبيعية البسيطة، كالرقة والحنان والوفاء، وأنا كم كنت أنفر من اللمسات الصغيرة بحثًا عن ذلك الشئ الكبير الذي يجتاحني كإعصار ويهز شجرة وجودي باستمرار، لكنه لم يكن يأتي أبدًا، من أجل هذا الشئ نهتك جميعًا المساحة الفاصلة بين عالم الأسطورة والحياة، مأساتنا أننا نعيش الحياة بطريقة أسطورية، فانبرى له أحدهم قائلا:
مأساتك وحدك، إن مساحة فعالية أي إنسان تتحدد بقدر الجنون فيه،
لا بقدر العقل فما بالك بشاعر . ❝
❞ يا بُني.. نحن معشرالرجال كالطالعين على سلم، درجة درجة إلى شخصياتنا الحقيقية. هذا السلم درجاته من البنات، نطلع سلمة فلا تعود البنت بالنسبة لنا غير ذاكرة لا تجذبنا بشيء، إلا من رَحِم ربي.
- ومين بأه مَن رحم ربي؟
- اللي بيكبروا مع بعض، يابختهم يفضلوا طالعين السلم إيدهم في إيد بعض، وده اللي بتشوفه في الأجانب، إنما إحنا يابني بنتجوز على أد فلوسنا. التخلف مش كلمة من أربع حروف، ده تفاصيل حياة . ❝
❞ تلك الغجرية الشابة ذات (الملبس) الأسود اللامع، الذي يبدو دائمًا كأنه مبلل فوق جسد متناسق، يتدلى شعرها من تحت عصبة كشريط حول جبهتها، أسود مموج كثيف يضوع حولها برائحة عشبية. كنت أقف وأنا صبي لأراقبها بالساعات عند عم موريس حداد القرية. تكلمه قليلا ثم تصمت وتتابع عمل يديه. وهو يطرق شرائح النحاس وأعواد الحديد، ويبطط قطع الألومينيوم جاعلًا منها حليًّا ذات أشكال مختلفة، يمسكها من جديد بكلابات من الحديد ويلبث بها فوق النار لثوان ثم يغطسها في البئر، ويناولها إلى جورية، فتظل تضرب هذا في تلك، وتخبط هذه في ذاك، أو تمسكها بأطراف أصابعها وترعشها وتتسمع الرنين، ثم تطلب منه أن يزاوج حليتين ذواتي نغم معين فيشبكهما بسلك، ويعود ليقص من هذه أو يجوف تلك، أو يقوس ثالثة، وتعيد جورية اختبارها من جديد، حتى يتأتى لها الرنين الذي تريده . ❝