❞ الـبــــــــــــــارت الســــــــادس
في الساعة الثالثة عصرا
نروح عند يسرى كان اليوم المنتظر بنسبة لها باقي ساعات وتجتمع بحب طفولتها صادق .
كانت عند الكوافير خلصت الكوافير توضع اللامسات الاخيرة على وجهها الصغير ... مكياجها كان لبناني الناعم
وجدان : ما شاء الله الليلة ليلتك يا صادق
يسرى رمقتها بعيونها
وجدان : اموت على اللي يستحوا
ام يسرى : بسرعه ابوش جاء نلحق عشان ترتاحي شويه قبل ما يجي صادق وتتصوري
يسرى ارتجفت من اسمه : طيب
خرجت يسرى وامها ووجدان وصلهم ابو يسرى للقاعه **** افخم قاعه في صنعاء
دخلت يسرى غرفه العروس ساعدتها وجدان تلبسه لبست الفستان.. كانت يسرى مثل الملاك بالفستان احلامها دارت يسرى على نفسها بفرح
وجدان بابتسامة : الله يديم فرحتش يا يسرى
يسرى حظنتها : امين وبسرعة قرصت يد وجدان بقوة
وجدان صاحت : اااااه
يسرى بابتسامة شر : عقبالششش بعدي بشهر
وجدان بتلمس مكان القرصه : ااه عورتيني . ضحكت : ان شاء الله
دخلت ام يسرى تقرا على بنتها : يسرى يمه صادق منتظرلش خارج
يسرى بردت اصابع يدها : .......
ام يسرى : يسرى مالش
يسرى : يمه متوترة
ام يسرى : ليش متوترة صادق مش رجال غريب وبيخليش داخل عيونه .. شافت لعند وجدان : تعالي يا وجدان نخل العرسان لحالهم
وجدان غمزت ليسرى : طيب خالتي
خرجوا ودخل صادق كان منتظر اشاره من عمته شمة
صادق فتح الباب تنحنح : حم
يسرى كانت منزله عيونها : .....
صادق سكر الباب بالمفتاح عشان محد يهجم عليهم ^_^ قرب منها مسك يدها ووقفها قدامه: الف مبروك يا قمري
يسرى بهمس : الله يبارك فيك
صادق قرب منها اكثر لمس خصرها وضع جبهته بجبتها والتقت عيونهم لساعات همس : احبش
دق الباب كانت المصورة ..... صادق بمزح غمز : خربت علينا
يسرى انحرجت
صادق اشر على المصورة تبدا
بدأت المصورة تأخذ لهم افضل الصور والحركات
.........
نروح عند طلال كان بيساعد امه تجلس على الكرسي المتحرك عشان بيخرجوا من المستشفى اتصل على عامر
طلال: الو
عامر : هلا
طلال : نقلت العفش
عامر : ايوه كله جاهز
طلال : طيب انتظر لي جنب الدكان انا مروح مع الاهل
عامر : ان شاء الله
وقف طلال التاكسي ساعد امه وطلعت سميره وسلمى ومشوا
وصلوا عند الدكان ام طلال : فين مودينا يا ابني
طلال : الدكان استجرت
ام طلال : والعف... قاطعها طلال : قد نقله عامر كامل
ام طلال : الله يفتح عليكم
عامر شاف ام طلال وطلال قرب منهم : الحمد لله على سلامتش خالتي
ام طلال : الله يسلمك يا ابني
طلال : يالله ادخلوا
دخلت ام طلال وسميره مع سلمى .. كان الدكان عباره عن غرفه حجم مربع صغير ..
رتبت سميره العفش والاغراض فرشت لامها مكان ترتاح ساعدتها عشان تتمدد
ام طلال : الله يسعدش يابنتي ويديلش ابن الحلال
سميرة بحزن ذكرت اختها : امين
دخل طلال على امه شافها بدات ترتاح شويه تنهد : اسمعوني بقولكم شي اولا سلوى موضوعها انتهى يعنى لا تذكروها خلاص ما ندري فين راحت والناس بدأت تضحك علينا وانتي يا يمه تعرفي العادات والتقاليد في اليمن البنت لها سمعتها وسمعت اهلها ... ثاني شيء انا بروح مع صاحبي عامر بكون هناك انام واكل واشرب وانتو تشتوا حاجه فعلتوا لي رنة
ام طلال نزلت دمعتها : كيف يا بني ننسى اختك لاهي حيه ولا هي ميته
طلال زفر بعصبيه : يمه افهميني البنت مدري فين راحت الناس صارت تتهامس وانا بلغت الشرطة وهم ما قصروا معي بحثوا وداهموا لكن مافي امل ما حصلوا شيء
ام طلال نزلت دموعها وبدات تبكي وسميره بدات تهديها لكن خانتها دموعها ونزلت
يا حلو الايام لو ترجع على كيفـــــــي
ما كان قلبي شكى فرق مواليفـــــــــه
كانوا بقربي ولا يحتاجوا تكليفـــــــــي
واليوم راحوا ودمعي صعب توقيفــــه
من عقب الاحباب مكسورة مجاديفــي
غرقان والموج يلعب بي على كيفــــه
الشاعر : خالد المصرى
طلال اخذ نفسه وخرج كان عامر منتظر له
عامر : انت الحين من صدق بتترك اهلك لوحدهم ما يعرفوا احد
طلال تنرفز من كلامه : مالك دخل يا عامر هذه اسرتي وانا داري اش مصلحتهم
عامر عصب من افكار طلال الغبيه : اش من مصلحهت*** قاطعه طلال بصوت : عااامر قلت لك مالك دخل خلينا نتحرك نشوف لنا اي مكان اغير جو
عامر تنهد ومشي
نرجع ليسرى كانت بـ اجمل طلتها خرج صادق وانتهت جلست التصوير جاءها اتصال من ليلى
ليلى : الو يسرى
يسرى من التوتر ما عرفت من المتصل : من معي
ليلى : يوه مسرع نسيتيني
يسرى بعدت الجوال تناظر على الاسم شافت ليلى : اهللييين ما ركزت على الاسم
ليلى : عموما الف مبرووووك يا روحي مقدرت احظر عرسش تعرفي ما وقع في ابي حادث وخليها على ربش بس
يسرى بحزن على وضع اختها وروحها : الله يعينش يا قلبي يكفي اتصالش
ليلى : انتبهي على نفسش واذا زعلش صادق قولي لي واني اتولى امره
يسرى بخجل : ان شاء الله باي
ليلى : باي
بدات زفت يسرى على اغنية حسين الجسمي * لا إله الا الله الف الصلاة والسلام *
وزغردت البنات والاضواء تسلطت عليها من عيون الحاضرات ومصابيح المصورات بهدوء بدأت تمشي مع النغمة وشلة يسرى كانوا في المنصة يناضروها بسعادة والدعوات تحفها بكل حب ...
بدات الفنانة تغني الزفة المشهورة اليمنية اللي ما تنزف اي حريوه الا بها :
ابداين زفه بياسين ... ابداين زفه بياسين
من عيون الحاسدين .... ياعروس
يا يسرى هذا من اجلش .... يايسرى هذا من اجلش
لجل يسلى خاطرش ... ياعروس
ياحجاب الله على اسمش ... ياحجاب الله على اسمش
وعلى من سما بش
... قد بدات شمس الكواكب .... قد بدات شمس الكواكب
واخجلت صنعاء واب .. ياعروس
وبدوا التصفيق والزغرده والحماس مع الفنانة والجو كان حماس
نروح لكنده وتحديدا عند سلوى كانت بالغرفة شعرت بالجوع دقت الجرس جاءتها الشغالة : نعم ماما
سلوى : اني جوعانة اشتي حاجه اكله
الشغالة : حازر ماما
سلوى عصبت : ماما تمسك حلقش يالله روحي بسرعه
خرجت الشغالة وغلقت الباب بعدها
سلوى : اوف من شغالة .. فكرت لثواني وتمتمت : اني الحين جالسه هنا ليش خليني اهرب واشوف كيف اتخارج من هذا المكان
قامت تفحص المكان : اوووف اوووف كل الاماكن محاصره ,تذكرت امها ونزلت دموعها : فينش يمه وينش ...سكتت وبهمس : اكيد الحين هم بيدور بعدي اكيد اااح يا قلبي على اهلي كيف اسوي ضروري اتخارج من هولاء العصابة ضروري
فتحت الشغالة الباب وضعت العشاء فوق السرير
سلوى : مره ثاني قبل ما تفتحي الباب دقيه تمام
الشغالة : حازر ماما
خرجت الشغالة.. سلوى مسكت شعرها بجنون وعصبية : اوووووف كم بجلس افهمها هذه الغبيه اوووف ..
وبدأت تأكل
وصل سلمان القصر ومعاه عبدالله
سلمان : نورت نورت يا دكتور عبدالله
عبدالله جلس على الاريكة : بنورك يا استاذ سلمان
سلمان ناظر لعند سالم واشر على عبدالله : هذا صاحبي ورفيق دربي وزميلي في الثانوية عبدالله
سالم سلم على عبدالله : حياك الله تشرفنا بك
عبدالله رد بابتسامه : الله يحيك لي الشرف
سلمان : سالم روح ادي لي الحقيبة الدبلوماسية اللي في غرفتي
سالم : حاضر سيدي ... صعد سالم الدرج مر من جنب غرفة سلوى سمع بكاءها تردد يفتح الباب دق بهدوء يمكن تفتح
سلوى بين شهقاتها : مين
سالم بهمس : انا سالم
سلوى تذكرت وعده لها انه يساعدها قامت لبست جلباب واسع عليها فتحت الباب : هلا سالم
سالم شاف وجهها وعيونها حمراء من البكاء بهمس : لا تخافي بخرجش من هذا المكان لكن تذكري ان سلمان مش ناوي يكسرش او ياذيش هو بس يشتي يكسر اخوش طلال
سلوى تمسح دموعها : وليش يشتي يكسر اخي طلال فيني
سالم تذكر انه تأخر يدي الحقيبة للسلمان بهمس : ما اقدر اقولش بخصوصيات سلمان لكن اسمعي انا الان مشغول اول ما افضى بجي لعندش واقولش بكل شي تمام
سلوى : تمام
سكرت سلوى الباب وراح سالم جاب الحقيبة لسلمان وكل اماله انه يساعد سلوى من سلمان ويرجعها لـ اهلها
سلمان اخذ الحقيبة وفتحها ..عبدالله فتح عيونه من الشي اللي شافه كان حشيش ومخدرات في الحقيبة
عبدالله بهمس : اش هذا يا سلمان حشيش ومخدرات لو تقبض علينا الدولة بنروح فيها
سلمان همس : محد بيدري يا عبدالله
عبدالله قام متوتر : طيب بروح معي تكاليف وبحوثات
سلمان بـ ابتسامه شر مصطنعة بـ ابتسامه خير : يا حبيبي فين رايح عاد مشوارنا ما انتهى
جلس عبدالله خائف .. سلمان بهمس : اسمع يا عبدالله انت قولت لي انك تشتي تحصل فلوس عشان تدي لا اهلك وتفرحهم وتقضي ديون ابوك
عبدالله : ايوه بس مش بهذا الطريق وبعدين انت عارف ان هذا الشي عليه عقوبة قانونيه مقدارها 25 سنه في السجن
سلمان بدون مبالاة : ما يحصل شيء انت مع سلمان بن سهيل
عبدالله عصب قام بيخرج وقفه سلمان : عبدالله هذا الشي لصالحك وانت اخبر
عبدالله ما عبره خرج من القصر وقف تاكسي وراح للشقة فتح جواله بيتصل لامه جاءه الصوت والصورة اللي تجبر بخاطره : هلا هلا بولدي
عبدالله شافها في مكان غريب : يمه فينكم
ام عبدالله تذكرت الحادث حق ابوها تلعثمت : يا..يابني ابوك فعل حادث
عبدالله عصب : وليش ما تكلموني
ام عبدالله : يابني ما حبينا نخوفك ونشغلك على دروسك
عبدالله مسح جبهته : الله يهديش يا يمه وكيف حاله الان
ام عبدالله : الحمد لله هو ذا ... وحركت الجوال لعند عابد ... ابو عبدالله ابتسم بألم : هلا بولدي
عبدالله بقلق : كيف حالك يا ابي ان شاء الله ما تكون تعورت كثير
ابو عبدالله : الحمد لله انكسرت رجلي والان بعد 3 ساعات بسوي العملية
عبدالله تافف بوجع : طيب اش تحتاج يابه اش افعل والله قلقت
ابو عبدالله : الله يحفضك يا ابني انتبه لدروسك بس
عبدالله : ان شاء الله اعطيني امي اكلمها ......... اخذت الجوال ام عبدالله : ها يمه
عبدالله : يمه كيف وفرتوا الفلوس وكم بتكلف ؟
ام عبدالله : العملية ب 3 مليون يا ابني وفرتها بعت ذهبي وبعض الاغراض اللي في البيت
عبدالله بحزن : وكيف ذلحين من فين تدفعوا حق الاكل والرقود والعلاجات الباقية
ام عبدالله : باقي اشياء بعتهم اليوم واصحاب ابوك من الشركة ما قصروا ساعدونا بـ مبلغ والحمد لله ولا تهم يا بني لقد رجع ابوك متباخر ومعافى وبعدها سهل
عبدالله : جزاءهم الله خير خلاص لقد بتبدأ العملية بتصلش تمام
ام عبدالله : تمام
غلق عبدالله الجوال وهو يفكرمن فين يدي فلوس وفكر بموضوع سلمان : مستحيل اني اتعامل مع الحشيش والمخدرات
عند سلمان قام واخذ الحقيبة بيصعد الدرج لحقه سالم : سيدي
سلمان لف عليه : نعم
سالم : كيف بنسوي بسلوى بنت الناس عندنا عيب نخليها مخطوفه
سلمان: خليها بس بهدد طلال فيها
سالم : بس اشوف ما ينفع هذه الحركات مالها داعي
سلمان بشك : لتكون بدأت تتعاطف معاهم
سالم توتر : لا انا بعدك يا سيدي
سلمان طلع غرفته وسكرها وسالم جالس يفكر كيف يرجع سلوى لليمن لعند اهلها جاءت لراسه خطه : مافي غير عبدالله بيحلها
_ سلمان هو الابن الاوسط لا ابوه (سهيل ) بعد عمار عمره 30 عايش على النصب والاحتيال وبسبب خداعة واحتياله قتل صاحبه عشان ياخذ اوراق وراثة صاحبه كانت في كنده عشان كذا معاه قصر في كنده عايش حياته في الطريق الغلط بين الحشيش والمخدرات والمتاجرة
_سالم صديق سلمان جسد بروح واحد لكن سالم كان انسان ضعيف شخصيه يحركه سلمان كيف ما يشتي كان سالم عديم الحرية والعدل يسوي مثل ما يأمره سلمان عشان كذا سلمان ماسك فيه ولا فلت له اولا لان سالم عنده سر كبير لسلمان عشان كذا سلمان ما يقدر يترك سالم لا يبلغ فيه على القتل وثانيا سالم انسان مستعبد .
نروح عند طلال كلم عامر بكل الشي اللي سواه مع منى عامر : والله طلعت خطير
طلال بغرور : خبره يا حبيب خبره
عامر : وكيف بتسوي
طلال زفر دخان سجارته بقوة : بتعرف بعدين
عند منى كانت تنتظر لسهى متى تفتح جاءت لها عمتها فتحت الباب بقوة : منىىىىىى قوومي بسرعه
منى خافت : اش في
عمة منى صفقت بيدها : برافووووووو مسوية نفسش منتي عارفه
منى بتوتر : والله مسويت شي
عمة منى بصياح : مسويتي شي وامس العصر فين رحتي هاا
منى تذكرت انهي كانت بتروح تشوف سهى في الكافي بخوف : ها .. ااا .. اااماا ...
عمة منى بحده : تكلممييييييييييي ولا والله لا اذبحششش
منى انفجرت بكى وبكذب : كنت بروح لسوبر ماركت اللي في شارع ****
عمة منى بشك قربت منها : تروحي لسوبر اللي في شارع *** ليش ان شاء الله لهناك ما عاد في اي سوبر قريب منا
منى تفكر كيف عرفت عمتها : اي رحت لهناك عندهم اشياء حلوه
عمة منى شافت الجوال بسرعه اخذته : هذا الجوال ممنوع تلمسيه لما تقولي لي ليش رحتي لهناك ..... خرجت وغلقت الباب بالمفتاح انفجرت منى تبكي على الايام اللي تقصي عليها
.
في الساعه 7 مساءً وتحديدا عند يسرى كانت جالسه متوترة باقي ساعات وتكون عند صادق البنات ودعوها مابين الله يسعدش يا يسرى ... الله يتمم لش على خير ... مع السلامة وووو
كان في ركن من القاعة كانت عين تراقب يسرى بحقد وكراهيه
شيماء بعصبيه اشبه بالهمس : انما خربت عليش يا يسرى ما اكون اني بنت سهيل اخت سلمان
شهد : وكيف بتسوين انتي عارفه ان صادق له مكانته بين الناس حركه واحده بتودينا في داهيه
شيماء وهي مركزه على يسرى بحقد : على غيري
..
خلونا نتعرف على شيماء وشهد
_شيماء بنت عم صادق هي بتحب صادق موت وراسمه احلامها ان صادق بعد مايتخرج بيجي يخطبها لكن للاسف كسرها وخابت امالها عمرها 22 سنه
_ شهد صديقة يسرى لكن تحقد على يسرى الموت يعني تبطن الحقد وتظهر الحب عمرها 21 سنه فتعرفت على شيماء واصبح هدفهم واحد
جاء اتصال لـ ام يسرى وكان صادق ....صادق بخوف : الوو عمه
ام يسرى حست انه في شيء من صوته : ايوه يا صادق خير وش فيه صوتك
صادق زفر الهواء بضيق : القاعة فيها حريق من خارج حاولوا تخرجوا بسرعه قبل ما يدخل الدخان وتختنقوا من الدخان وما تقدروا تمشوا
ام يسرى خافت اسرعت بخطواتها لعند الفنانة تكلمها انه في حريق خارج القاعة عشان تتكلم بالمكرفون
الفنانه وبداوا الحاضرين يتحركوا ويلبسوا والتوتر بان عليهم ...يسرى وقفت تنادي امها .
ام يسرى : يا بنتي في حريق خارج القاعة بسرعه
يسرى قامت بمساعدة وجدان ... الدخان بدا يدخل للقاعه والمعازيم بدوا يخرجوا
يسرى: كححح كححح ....ودموعها تنزل ما عاد تشوف قدمها من الدخان
وجدان بين دموعها والكحات : يسرى كححح تعالي من هنا كححح
دخل صادق يصيح : يسرى يسرى كحح يسرى فينش كحح
يسرى تسمع الصوت بس ماتشوف شيء مقدرت تقاوم اغمى عليها
وجدان صاحت : يسرى يسسسسسرى قومي الحقوني
سمعها صادق مشي لعند الصوت شاف يسرى مغمي عليها حملها في حضنه خرجها للخارج بين صياح امها وابوها
شيماء وشهد كانوا خارج القاعة
شيماء بابتسامه انتصار : عادش ما شفتي شي يا يسرى انما ذوقتش المر
شهد سكتت تبادلها الابتسامة
خرج صادق مسرع للسيارة وفي حضنه يسرى بصوت جهوري ومرتفع : افتحوا باب السيارة بسسسسسسسرعة
ركب السيارة وبسرعه دعس لسرعه 500 على المستشفى
ام يسرى خافت من السرعة : خفف السرعة يا صادق
كان في مطب مرتفع صادق مقدر يدعس فراميل بكل قوته يحاول يوقف لكن فجاءه صدر صوت السيارة والاصطدام
واصبح الشارع محطة حادث لسيارة زفة صادق ويسرى الى حطام واشلاء ...شوية وجاء الاسعاف والناس بين : لا اله الا الله لا اله الا الله .. لا حولة ولا قوة الا بالله . الله اكبر
التحقيق كانت تتحقق من السيارة لان على حسب ما قال ابو يسرى ان السيارة قبل العرس تم فحصها وما فيها أي خلل
سيارة الاسعاف نقلت يسرى بفستانها الابيض الذي اصبح شبه اسود , وام يسرى, وصادق اللي ماعرفوا شكله من الحادث كان ملطخ بالدماء
نقلوهم للمستشفى كان ابو صادق وابو يسرى ما وقفوا بكاء ابو يسرى ارتفع ضغطه واغمي عليه ابو صادق : يا احمد اصحى يا ممرضين الحقوا الرجال اغمي عليه
اسرعوا الممرضين دخلوه الطوارئ واعطوه المغذيات
عند ام صادق ما وقفت بكاء وكانت معها شيماء وشهد
شيماء بحزن مصطنع : خلاص يا عمه لا عاد تبكي ان شاء الله بيقوموا بالسلامة
شهد كانت تمثل الحزن على صديقتها يسرى : اااح يا يسرى كم كنتي فرحانه بعرسش ااح يا قهر قلبي عليك
ام صادق : ااااااه يا بنتي اااه يابني ما تمت فرحتكم الا بذا الحمد لله على كل حال
خرج الدكتور ام صادق قامت بخوف : ها يا دكتور وش في بشرني يا دكتور ان شاء الله يكونوا بخير
الدكتور بحزن : انتي ام صادق ابنش صادق بين الحياه والموت يعني للان هو في غيبوبة
اما يسرى العروسة اللي كانت بفستانها الابيض معاها نزيف في الدماغ ومحتاجين لها عمليه بسرعه قبل ما تروح من يدينا
اما ام يسرى معاها كسور بليغه في العمود الفقري يحتاج لها عمليه جراحيه و جلسات وعلاج طبيعي واحتمال 50% انها ما تقدر تمشي الا بكرسي متحرك
ام صادق من الصدمة والخبر اغمى عليها
شيماء: عمممممه الحقوني
جاءوا الممرضات ودخلوها الطوارئ
نروح للقسم الثاني من المستشفى ابو يسرى صحى مع العلاجات بألم : فين بنتي فين مرتي
ابو صادق : اهدى يا ابو يسرى ان شاء الله مافي الا كل خير انا الان بروح عند ام صادق واسالها يمكن عندها الخبر
راح يدور عليها ما حصلها سأل عليها قالوا له انه في حرمه اغمى عليها اسمها ام صادق ..اسرع بخطواته ابو صادق للطوارئ النساء دخل شاف ام صادق نائمه بتعب . ناظر لعند شيماء وشهد : وش قالكم الدكتور
شيماء بحزن شرحت له بكلام الدكتور
ابو صادق ارتخت ارجله من التعب والحزن اللي اكتساءه جلس على الكرسي : لا اله الا الله لا حولة ولا قوة الا بالله
في مكان اخر من المستشفى نقلوا ابو عبدالله لغرفه العمليات ام عبدالله بدعي وتمشي بتوتر . ليلى وابرار ما وقفوا قراءه القران... ليلى للان مش عارفه ان يسرى في نفس المستشفى
عند ابو يسرى قام يدور بعد الدكتور
ابو يسرى بدموعه اللي كسرت فرحته ببنته الوحيدة : دكتور انا عند الله وعندك شوف بنتي اليوم كانت فرحتها يا دكتور كيف حالتها
الدكتور بحزن على حاله : يا ابو يسرى بنتك تعرضت لحادث قوي والنزيف في الدماغ يعني محتاجين لها عمليه بعد في هذا الاسبوع , وحرمتك ام يسرى عندها كسور بليغه في العمود الفقري ومحتاجين لها عمليه , اما العريس صادق الان هو بغيبوبة
ابو صادق : ومتى بيصحى ابني صادق من الغيبوبة
الدكتور : احنا ما نقدر نحدد كم مدة الغيبوبة هو الان تحت المراقبة لما يصحى
ابو يسرى : طيب يا دكتور نقدر ندخل نشوفهم
الدكتور : يسرى وصادق في العناية ما تقدوا تشوفوهم لان هذه قوانين المستشفى ممنوع الدخول اما ام يسرى نقلناها في غرفة الرقود لكن هي الان تحت تخدير المنوم
ابو يسرى بترجي : الله يحفظك يا دكتور خليني اشوف بنتي دخلني يا دكتور
الدكتور تعاطف معاهم : طيب بدخلكم رغم انه في قوانين
ابو يسرى وابو صادق دخلوا مع الدكتور للعناية شاف ابو يسرى بنته نائمه وعليها الاجهزة تحولت فرحتها الى احزان ومستشفيات
ابو صادق يمسح دموعه اللي خانته وهو يشوف ابنه مركبين عليه الاجهزة ووجهه مش واضح من من الحادث اااح كيف كان فرحان بعرسه ومبتسم : اااح يا ابني كم كنت فرحان انك بتشوف عروستك وتجتمع معاها تحولت فرحتكم الى غرفة العناية
ابو يسرى : لا اله الا الله
الدكتور : خلاص انتهت الزيارة
خرجوا وراحوا عند ام يسرى دخل ابو يسرى يشوف زوجته وهي ساكنه والضماد على جروحها اللي في وجهها وما في اي حركه منها : كيف حالش يا دواي ويا بسمتي بنتنا يا شمة بنتنا فرحتها تحولت لحزان
ام يسرى ما كانت تسمع شيء
ابو يسرى : اااح بس
خرج ابو يسرى لعند ابو صادق وجلس جنبه
جاء عامر مسرع لعند ابو يسرى : خير يا عمي خير وش حصل ان شاء الله ما تشوفون شر
ابو يسرى تنهد والحزن بان على وجهه : الحمد لله الحمد لله يا بني هذا قضاء الله وقدره
عامر وهو يبسو راس ابو يسرى وابو صادق : ان شاء الله ما تشوفون شر ان شاء الله .. شكلكم تعبانين خليني اوصلكم للبيت ترتاحوا شويه
ابو يسرى وابو صادق كانوا فعلا تعبانين نفسيا وجسديا ....
ابو يسرى : ومن بيجلس عند ام يسرى
عامر : الله المستعان عليك ياعمي تهم وابنك عامر جنبك
ابو يسرى طبطب على كتف عامر : كفو ونعم فيك ...ناظر لابو صادق وقال : اذا يا اخي مسهل خلينا نروح بيتي وعامر يوصلنا ويرجع للمستشفى
ابو صادق قام : تمام
خرج ابو صادق وابو يسرى لسيارة عامر تحرك عامر يوصلهم والصمت سيد المكان كلن منهم يجول بأفكاره والقلب يتفطر حزن
عامر شافهم سرحانين وصل للبيت ابو يسرى : وصلنا
ابو يسرى صحي من سرحان على صوت عامر فتح باب السيارة ونزل معاها ابو صادق
ابو يسرى : تسلم يابني.. وخرج من جيبه فلوس واعطاها لعامر : خذها معك يمكن تحتاجها وانت بالمستشفى
عامر بسرعة قطع ايمان : والله ما اخذها لا تخسر نفسك ياعمي انا هنا في خدمتك
ابو يسرى بيأس من عامر : طيب انتبه على نفسك
عامر بيشغل السيارة : مع السلامة
ابو يسرى دخل شقته مع ابو صادق يأخذوا لهم شويه راحه
عامر رجع للمستشفى اتصل عليه طلال : هلا طلال
طلال : وينك اليوم
عامر بحزن : عمي ابو يسرى وقع معاهم حادث وكمل يحكي له القصة كامل
طلال بحزن : لا حولة ولا قوة الا بالله ان شاء الله يقوموا بالسلامة
عامر : ان شاء الله
سكر طلال من عامر وفتح السناب شات يشوف منى مش متصلة غريبه لها يومين ما فتحت
نروح عند منى كانت جالسه بالغرفة تبكي بحزن من الايام ومن ظلمها فقدت امها وابوها والان عند عمتها وقسوتها
دق الباب كانت جميلة : افتحي الباب
منى سمعت عمتها قامت تفتح الباب دخلت عمتها ومعاها العشاء : تفضلي العشاء ياأنسه منى وهذا جوالش ..
وخرجت
منى اخذت جوالها وفتحت الاسناب شافت رسائل من سهى ... سهى : الوووووووووووو
منى : هلا
سهى : وينش لش يومين ما فتحتي
منى : عمتي اخذت جوالي وحرمتني من الاكل وغلقت عليا الباب من يومين
سهى تتمثل الحزن : مسكينه عمتش هذه مجرمة
منى : اااح لا عاد تزيدي غلبي
سهى بـ ابتسامة شر : منى عندش حبيب
منى استغربت : لا
سهى : يوه مسكينه ليش ما تتعرفي على احد على الاقل يجي يخطبش ويفكش من عذاب عمتش وحصارها
منى بتفكير : بس عندنا ذا الشي ما ينفع
سهى : ليه حبيبتي ما ينفع على الاقل تستمتعي وتشكي له وتفضفضي له
منى سمعت اذان الفجر : يالله بروح اصلي باي وسكرت وهي تفكر بكلام سهى فتحت درجها تفتش على الرقم الشاب اللي حصلته عند الكافية اخذت الرقم ودقت
طلال ابتسم نجحت خطتي فتح وبصوت عذب جاوبها : الو
منى ارتبكت وغلقت
طلال ضحك بقوة من حركتها : بجيب راسش يعني بجيبه
احذر تغامر يا فتى في زلة
كم زلة جت بالعنا واسبابه
ترى الردى عار على من شله
حذارك من شور الردى واربابه
باب مغلق صد عنه وخله
وابشر بستر الرب يا طلابه
لا تنبش الزلة على خلق الله
ومن دق باب الناس دقوا بابه
عند ليلى وامها خرج الدكتور يبشرهم ان العملية نجحت
ام عبدالله : الحم الله الحمد لله
ليلى وابرار : الحمد لله
ام عبدالله : ومتى بيخرج يا دكتور
الدكتور بـ ابتسامه : شويه وبننقلة لقسم الرقود .....تركهم ومشى
ام عبدالله سمعت الاذان الفجر : خلينا نروح نصلي
مشيت ليلى وابرار مع امهم راحوا للمصلى وصلوا
نروح للكندة عند عبدالله مركز بعد حفل التخرج ومناقشات الحفل اتصل عليه سلمان
عبدالله : هلا سلمان
سلمان بفرح مصطنع : اهلين بخريجنا متى بترجع لليمن
عبدالله تذكر اهله وابوه انه في المستشفى : بعد شهر ليش
سلمان : اشتي توصل كم اغراض معك لاهلي
عبدالله بشكك : وش هم الاغراض
سلمان ضحك : وش فيك خايف يعني ملابس واشياء لامي واخواتي
عبدالله : تمام
سكر سلمان من عبدالله وابتسامة الشر على وجهه : من عيوني يا عبدالله يا دكتور يا شاطر
توقع الاحداث :
ماذا عن يسرى هل ستنجح العملية
وعن صادق هل سيفيق من الغيبوبة ام انه سيمكث في غرفة العناية طيلة حياته
وماذا عن ليلى وايامها القادمة
و عن منى وطلال وماهي خطة طلال
وعن سلوى هل ستعود لليمن وكيف وهل سيساعدها سالم
وعن عبدالله وسلمان وماهي الاغراض والهدايا ماذا يختبئ في داخلها
انتظرونا في البارت القادم . ❝ ⏤رفيدة عبد الباسط الحداد
❞ الـبــــــــــــــارت الســــــــادس
في الساعة الثالثة عصرا
نروح عند يسرى كان اليوم المنتظر بنسبة لها باقي ساعات وتجتمع بحب طفولتها صادق .
كانت عند الكوافير خلصت الكوافير توضع اللامسات الاخيرة على وجهها الصغير .. مكياجها كان لبناني الناعم
وجدان : ما شاء الله الليلة ليلتك يا صادق
يسرى رمقتها بعيونها
وجدان : اموت على اللي يستحوا
ام يسرى : بسرعه ابوش جاء نلحق عشان ترتاحي شويه قبل ما يجي صادق وتتصوري
دخل طلال على امه شافها بدات ترتاح شويه تنهد : اسمعوني بقولكم شي اولا سلوى موضوعها انتهى يعنى لا تذكروها خلاص ما ندري فين راحت والناس بدأت تضحك علينا وانتي يا يمه تعرفي العادات والتقاليد في اليمن البنت لها سمعتها وسمعت اهلها .. ثاني شيء انا بروح مع صاحبي عامر بكون هناك انام واكل واشرب وانتو تشتوا حاجه فعلتوا لي رنة
ام طلال نزلت دمعتها : كيف يا بني ننسى اختك لاهي حيه ولا هي ميته
طلال زفر بعصبيه : يمه افهميني البنت مدري فين راحت الناس صارت تتهامس وانا بلغت الشرطة وهم ما قصروا معي بحثوا وداهموا لكن مافي امل ما حصلوا شيء
ام طلال نزلت دموعها وبدات تبكي وسميره بدات تهديها لكن خانتها دموعها ونزلت
يا حلو الايام لو ترجع على كيفـــــــي
ما كان قلبي شكى فرق مواليفـــــــــه
كانوا بقربي ولا يحتاجوا تكليفـــــــــي
واليوم راحوا ودمعي صعب توقيفــــه
من عقب الاحباب مكسورة مجاديفــي
غرقان والموج يلعب بي على كيفــــه
الشاعر : خالد المصرى
طلال اخذ نفسه وخرج كان عامر منتظر له
عامر : انت الحين من صدق بتترك اهلك لوحدهم ما يعرفوا احد
طلال تنرفز من كلامه : مالك دخل يا عامر هذه اسرتي وانا داري اش مصلحتهم
عامر عصب من افكار طلال الغبيه : اش من مصلحهت ** قاطعه طلال بصوت : عااامر قلت لك مالك دخل خلينا نتحرك نشوف لنا اي مكان اغير جو
عامر تنهد ومشي
نرجع ليسرى كانت بـ اجمل طلتها خرج صادق وانتهت جلست التصوير جاءها اتصال من ليلى
ليلى : الو يسرى
يسرى من التوتر ما عرفت من المتصل : من معي
ليلى : يوه مسرع نسيتيني
يسرى بعدت الجوال تناظر على الاسم شافت ليلى : اهللييين ما ركزت على الاسم
ليلى : عموما الف مبرووووك يا روحي مقدرت احظر عرسش تعرفي ما وقع في ابي حادث وخليها على ربش بس
يسرى بحزن على وضع اختها وروحها : الله يعينش يا قلبي يكفي اتصالش
ليلى : انتبهي على نفسش واذا زعلش صادق قولي لي واني اتولى امره
يسرى بخجل : ان شاء الله باي
ليلى : باي
بدات زفت يسرى على اغنية حسين الجسمي * لا إله الا الله الف الصلاة والسلام *
وزغردت البنات والاضواء تسلطت عليها من عيون الحاضرات ومصابيح المصورات بهدوء بدأت تمشي مع النغمة وشلة يسرى كانوا في المنصة يناضروها بسعادة والدعوات تحفها بكل حب ..
بدات الفنانة تغني الزفة المشهورة اليمنية اللي ما تنزف اي حريوه الا بها :
ابداين زفه بياسين .. ابداين زفه بياسين
من عيون الحاسدين .. ياعروس
يا يسرى هذا من اجلش .. يايسرى هذا من اجلش
لجل يسلى خاطرش .. ياعروس
ياحجاب الله على اسمش .. ياحجاب الله على اسمش
وعلى من سما بش
.. قد بدات شمس الكواكب .. قد بدات شمس الكواكب
واخجلت صنعاء واب . ياعروس
وبدوا التصفيق والزغرده والحماس مع الفنانة والجو كان حماس
نروح لكنده وتحديدا عند سلوى كانت بالغرفة شعرت بالجوع دقت الجرس جاءتها الشغالة : نعم ماما
سلوى : اني جوعانة اشتي حاجه اكله
الشغالة : حازر ماما
سلوى عصبت : ماما تمسك حلقش يالله روحي بسرعه
خرجت الشغالة وغلقت الباب بعدها
سلوى : اوف من شغالة . فكرت لثواني وتمتمت : اني الحين جالسه هنا ليش خليني اهرب واشوف كيف اتخارج من هذا المكان
قامت تفحص المكان : اوووف اوووف كل الاماكن محاصره ,تذكرت امها ونزلت دموعها : فينش يمه وينش ..سكتت وبهمس : اكيد الحين هم بيدور بعدي اكيد اااح يا قلبي على اهلي كيف اسوي ضروري اتخارج من هولاء العصابة ضروري
فتحت الشغالة الباب وضعت العشاء فوق السرير
سلوى : مره ثاني قبل ما تفتحي الباب دقيه تمام
الشغالة : حازر ماما
خرجت الشغالة. سلوى مسكت شعرها بجنون وعصبية : اوووووف كم بجلس افهمها هذه الغبيه اوووف .
وبدأت تأكل
وصل سلمان القصر ومعاه عبدالله
سلمان : نورت نورت يا دكتور عبدالله
عبدالله جلس على الاريكة : بنورك يا استاذ سلمان
سلمان ناظر لعند سالم واشر على عبدالله : هذا صاحبي ورفيق دربي وزميلي في الثانوية عبدالله
سالم سلم على عبدالله : حياك الله تشرفنا بك
عبدالله رد بابتسامه : الله يحيك لي الشرف
سلمان : سالم روح ادي لي الحقيبة الدبلوماسية اللي في غرفتي
سالم : حاضر سيدي .. صعد سالم الدرج مر من جنب غرفة سلوى سمع بكاءها تردد يفتح الباب دق بهدوء يمكن تفتح
سلوى بين شهقاتها : مين
سالم بهمس : انا سالم
سلوى تذكرت وعده لها انه يساعدها قامت لبست جلباب واسع عليها فتحت الباب : هلا سالم
سالم شاف وجهها وعيونها حمراء من البكاء بهمس : لا تخافي بخرجش من هذا المكان لكن تذكري ان سلمان مش ناوي يكسرش او ياذيش هو بس يشتي يكسر اخوش طلال
سلوى تمسح دموعها : وليش يشتي يكسر اخي طلال فيني
سالم تذكر انه تأخر يدي الحقيبة للسلمان بهمس : ما اقدر اقولش بخصوصيات سلمان لكن اسمعي انا الان مشغول اول ما افضى بجي لعندش واقولش بكل شي تمام
سلوى : تمام
سكرت سلوى الباب وراح سالم جاب الحقيبة لسلمان وكل اماله انه يساعد سلوى من سلمان ويرجعها لـ اهلها
سلمان اخذ الحقيبة وفتحها .عبدالله فتح عيونه من الشي اللي شافه كان حشيش ومخدرات في الحقيبة
عبدالله بهمس : اش هذا يا سلمان حشيش ومخدرات لو تقبض علينا الدولة بنروح فيها
سلمان همس : محد بيدري يا عبدالله
عبدالله قام متوتر : طيب بروح معي تكاليف وبحوثات
سلمان بـ ابتسامه شر مصطنعة بـ ابتسامه خير : يا حبيبي فين رايح عاد مشوارنا ما انتهى
جلس عبدالله خائف . سلمان بهمس : اسمع يا عبدالله انت قولت لي انك تشتي تحصل فلوس عشان تدي لا اهلك وتفرحهم وتقضي ديون ابوك
عبدالله : ايوه بس مش بهذا الطريق وبعدين انت عارف ان هذا الشي عليه عقوبة قانونيه مقدارها 25 سنه في السجن
سلمان بدون مبالاة : ما يحصل شيء انت مع سلمان بن سهيل
عبدالله عصب قام بيخرج وقفه سلمان : عبدالله هذا الشي لصالحك وانت اخبر
عبدالله ما عبره خرج من القصر وقف تاكسي وراح للشقة فتح جواله بيتصل لامه جاءه الصوت والصورة اللي تجبر بخاطره : هلا هلا بولدي
عبدالله شافها في مكان غريب : يمه فينكم
ام عبدالله تذكرت الحادث حق ابوها تلعثمت : يا.يابني ابوك فعل حادث
عبدالله عصب : وليش ما تكلموني
ام عبدالله : يابني ما حبينا نخوفك ونشغلك على دروسك
عبدالله مسح جبهته : الله يهديش يا يمه وكيف حاله الان
ام عبدالله : الحمد لله هو ذا .. وحركت الجوال لعند عابد .. ابو عبدالله ابتسم بألم : هلا بولدي
عبدالله بقلق : كيف حالك يا ابي ان شاء الله ما تكون تعورت كثير
ابو عبدالله : الحمد لله انكسرت رجلي والان بعد 3 ساعات بسوي العملية
عبدالله تافف بوجع : طيب اش تحتاج يابه اش افعل والله قلقت
ابو عبدالله : الله يحفضك يا ابني انتبه لدروسك بس
عبدالله : ان شاء الله اعطيني امي اكلمها ..... اخذت الجوال ام عبدالله : ها يمه
عبدالله : يمه كيف وفرتوا الفلوس وكم بتكلف ؟
ام عبدالله : العملية ب 3 مليون يا ابني وفرتها بعت ذهبي وبعض الاغراض اللي في البيت
عبدالله بحزن : وكيف ذلحين من فين تدفعوا حق الاكل والرقود والعلاجات الباقية
ام عبدالله : باقي اشياء بعتهم اليوم واصحاب ابوك من الشركة ما قصروا ساعدونا بـ مبلغ والحمد لله ولا تهم يا بني لقد رجع ابوك متباخر ومعافى وبعدها سهل
عبدالله : جزاءهم الله خير خلاص لقد بتبدأ العملية بتصلش تمام
ام عبدالله : تمام
غلق عبدالله الجوال وهو يفكرمن فين يدي فلوس وفكر بموضوع سلمان : مستحيل اني اتعامل مع الحشيش والمخدرات
عند سلمان قام واخذ الحقيبة بيصعد الدرج لحقه سالم : سيدي
سلمان لف عليه : نعم
سالم : كيف بنسوي بسلوى بنت الناس عندنا عيب نخليها مخطوفه
سلمان: خليها بس بهدد طلال فيها
سالم : بس اشوف ما ينفع هذه الحركات مالها داعي
سلمان بشك : لتكون بدأت تتعاطف معاهم
سالم توتر : لا انا بعدك يا سيدي
سلمان طلع غرفته وسكرها وسالم جالس يفكر كيف يرجع سلوى لليمن لعند اهلها جاءت لراسه خطه : مافي غير عبدالله بيحلها
_ سلمان هو الابن الاوسط لا ابوه (سهيل ) بعد عمار عمره 30 عايش على النصب والاحتيال وبسبب خداعة واحتياله قتل صاحبه عشان ياخذ اوراق وراثة صاحبه كانت في كنده عشان كذا معاه قصر في كنده عايش حياته في الطريق الغلط بين الحشيش والمخدرات والمتاجرة
_سالم صديق سلمان جسد بروح واحد لكن سالم كان انسان ضعيف شخصيه يحركه سلمان كيف ما يشتي كان سالم عديم الحرية والعدل يسوي مثل ما يأمره سلمان عشان كذا سلمان ماسك فيه ولا فلت له اولا لان سالم عنده سر كبير لسلمان عشان كذا سلمان ما يقدر يترك سالم لا يبلغ فيه على القتل وثانيا سالم انسان مستعبد .
نروح عند طلال كلم عامر بكل الشي اللي سواه مع منى عامر : والله طلعت خطير
طلال بغرور : خبره يا حبيب خبره
عامر : وكيف بتسوي
طلال زفر دخان سجارته بقوة : بتعرف بعدين
عند منى كانت تنتظر لسهى متى تفتح جاءت لها عمتها فتحت الباب بقوة : منىىىىىى قوومي بسرعه
منى تذكرت انهي كانت بتروح تشوف سهى في الكافي بخوف : ها . ااا . اااماا ..
عمة منى بحده : تكلممييييييييييي ولا والله لا اذبحششش
منى انفجرت بكى وبكذب : كنت بروح لسوبر ماركت اللي في شارع **
عمة منى بشك قربت منها : تروحي لسوبر اللي في شارع ** ليش ان شاء الله لهناك ما عاد في اي سوبر قريب منا
منى تفكر كيف عرفت عمتها : اي رحت لهناك عندهم اشياء حلوه
عمة منى شافت الجوال بسرعه اخذته : هذا الجوال ممنوع تلمسيه لما تقولي لي ليش رحتي لهناك ... خرجت وغلقت الباب بالمفتاح انفجرت منى تبكي على الايام اللي تقصي عليها
.
في الساعه 7 مساءً وتحديدا عند يسرى كانت جالسه متوترة باقي ساعات وتكون عند صادق البنات ودعوها مابين الله يسعدش يا يسرى .. الله يتمم لش على خير .. مع السلامة وووو
كان في ركن من القاعة كانت عين تراقب يسرى بحقد وكراهيه
شيماء بعصبيه اشبه بالهمس : انما خربت عليش يا يسرى ما اكون اني بنت سهيل اخت سلمان
شهد : وكيف بتسوين انتي عارفه ان صادق له مكانته بين الناس حركه واحده بتودينا في داهيه
شيماء وهي مركزه على يسرى بحقد : على غيري
.
خلونا نتعرف على شيماء وشهد
_شيماء بنت عم صادق هي بتحب صادق موت وراسمه احلامها ان صادق بعد مايتخرج بيجي يخطبها لكن للاسف كسرها وخابت امالها عمرها 22 سنه
_ شهد صديقة يسرى لكن تحقد على يسرى الموت يعني تبطن الحقد وتظهر الحب عمرها 21 سنه فتعرفت على شيماء واصبح هدفهم واحد
جاء اتصال لـ ام يسرى وكان صادق ..صادق بخوف : الوو عمه
ام يسرى حست انه في شيء من صوته : ايوه يا صادق خير وش فيه صوتك
صادق زفر الهواء بضيق : القاعة فيها حريق من خارج حاولوا تخرجوا بسرعه قبل ما يدخل الدخان وتختنقوا من الدخان وما تقدروا تمشوا
ام يسرى خافت اسرعت بخطواتها لعند الفنانة تكلمها انه في حريق خارج القاعة عشان تتكلم بالمكرفون
الفنانه وبداوا الحاضرين يتحركوا ويلبسوا والتوتر بان عليهم ..يسرى وقفت تنادي امها .
ام يسرى : يا بنتي في حريق خارج القاعة بسرعه
يسرى قامت بمساعدة وجدان .. الدخان بدا يدخل للقاعه والمعازيم بدوا يخرجوا
يسرى: كححح كححح ..ودموعها تنزل ما عاد تشوف قدمها من الدخان
وجدان بين دموعها والكحات : يسرى كححح تعالي من هنا كححح
دخل صادق يصيح : يسرى يسرى كحح يسرى فينش كحح
يسرى تسمع الصوت بس ماتشوف شيء مقدرت تقاوم اغمى عليها
وجدان صاحت : يسرى يسسسسسرى قومي الحقوني
سمعها صادق مشي لعند الصوت شاف يسرى مغمي عليها حملها في حضنه خرجها للخارج بين صياح امها وابوها
شيماء وشهد كانوا خارج القاعة
شيماء بابتسامه انتصار : عادش ما شفتي شي يا يسرى انما ذوقتش المر
شهد سكتت تبادلها الابتسامة
خرج صادق مسرع للسيارة وفي حضنه يسرى بصوت جهوري ومرتفع : افتحوا باب السيارة بسسسسسسسرعة
ركب السيارة وبسرعه دعس لسرعه 500 على المستشفى
ام يسرى خافت من السرعة : خفف السرعة يا صادق
كان في مطب مرتفع صادق مقدر يدعس فراميل بكل قوته يحاول يوقف لكن فجاءه صدر صوت السيارة والاصطدام
واصبح الشارع محطة حادث لسيارة زفة صادق ويسرى الى حطام واشلاء ..شوية وجاء الاسعاف والناس بين : لا اله الا الله لا اله الا الله . لا حولة ولا قوة الا بالله . الله اكبر
التحقيق كانت تتحقق من السيارة لان على حسب ما قال ابو يسرى ان السيارة قبل العرس تم فحصها وما فيها أي خلل
سيارة الاسعاف نقلت يسرى بفستانها الابيض الذي اصبح شبه اسود , وام يسرى, وصادق اللي ماعرفوا شكله من الحادث كان ملطخ بالدماء
نقلوهم للمستشفى كان ابو صادق وابو يسرى ما وقفوا بكاء ابو يسرى ارتفع ضغطه واغمي عليه ابو صادق : يا احمد اصحى يا ممرضين الحقوا الرجال اغمي عليه
اسرعوا الممرضين دخلوه الطوارئ واعطوه المغذيات
عند ام صادق ما وقفت بكاء وكانت معها شيماء وشهد
شيماء بحزن مصطنع : خلاص يا عمه لا عاد تبكي ان شاء الله بيقوموا بالسلامة
شهد كانت تمثل الحزن على صديقتها يسرى : اااح يا يسرى كم كنتي فرحانه بعرسش ااح يا قهر قلبي عليك
ام صادق : ااااااه يا بنتي اااه يابني ما تمت فرحتكم الا بذا الحمد لله على كل حال
خرج الدكتور ام صادق قامت بخوف : ها يا دكتور وش في بشرني يا دكتور ان شاء الله يكونوا بخير
الدكتور بحزن : انتي ام صادق ابنش صادق بين الحياه والموت يعني للان هو في غيبوبة
اما يسرى العروسة اللي كانت بفستانها الابيض معاها نزيف في الدماغ ومحتاجين لها عمليه بسرعه قبل ما تروح من يدينا
اما ام يسرى معاها كسور بليغه في العمود الفقري يحتاج لها عمليه جراحيه و جلسات وعلاج طبيعي واحتمال 50% انها ما تقدر تمشي الا بكرسي متحرك
ام صادق من الصدمة والخبر اغمى عليها
شيماء: عمممممه الحقوني
جاءوا الممرضات ودخلوها الطوارئ
نروح للقسم الثاني من المستشفى ابو يسرى صحى مع العلاجات بألم : فين بنتي فين مرتي
ابو صادق : اهدى يا ابو يسرى ان شاء الله مافي الا كل خير انا الان بروح عند ام صادق واسالها يمكن عندها الخبر
راح يدور عليها ما حصلها سأل عليها قالوا له انه في حرمه اغمى عليها اسمها ام صادق .اسرع بخطواته ابو صادق للطوارئ النساء دخل شاف ام صادق نائمه بتعب . ناظر لعند شيماء وشهد : وش قالكم الدكتور
شيماء بحزن شرحت له بكلام الدكتور
ابو صادق ارتخت ارجله من التعب والحزن اللي اكتساءه جلس على الكرسي : لا اله الا الله لا حولة ولا قوة الا بالله
في مكان اخر من المستشفى نقلوا ابو عبدالله لغرفه العمليات ام عبدالله بدعي وتمشي بتوتر . ليلى وابرار ما وقفوا قراءه القران.. ليلى للان مش عارفه ان يسرى في نفس المستشفى
عند ابو يسرى قام يدور بعد الدكتور
ابو يسرى بدموعه اللي كسرت فرحته ببنته الوحيدة : دكتور انا عند الله وعندك شوف بنتي اليوم كانت فرحتها يا دكتور كيف حالتها
الدكتور بحزن على حاله : يا ابو يسرى بنتك تعرضت لحادث قوي والنزيف في الدماغ يعني محتاجين لها عمليه بعد في هذا الاسبوع , وحرمتك ام يسرى عندها كسور بليغه في العمود الفقري ومحتاجين لها عمليه , اما العريس صادق الان هو بغيبوبة
ابو صادق : ومتى بيصحى ابني صادق من الغيبوبة
الدكتور : احنا ما نقدر نحدد كم مدة الغيبوبة هو الان تحت المراقبة لما يصحى
ابو يسرى : طيب يا دكتور نقدر ندخل نشوفهم
الدكتور : يسرى وصادق في العناية ما تقدوا تشوفوهم لان هذه قوانين المستشفى ممنوع الدخول اما ام يسرى نقلناها في غرفة الرقود لكن هي الان تحت تخدير المنوم
ابو يسرى بترجي : الله يحفظك يا دكتور خليني اشوف بنتي دخلني يا دكتور
الدكتور تعاطف معاهم : طيب بدخلكم رغم انه في قوانين
ابو يسرى وابو صادق دخلوا مع الدكتور للعناية شاف ابو يسرى بنته نائمه وعليها الاجهزة تحولت فرحتها الى احزان ومستشفيات
ابو صادق يمسح دموعه اللي خانته وهو يشوف ابنه مركبين عليه الاجهزة ووجهه مش واضح من من الحادث اااح كيف كان فرحان بعرسه ومبتسم : اااح يا ابني كم كنت فرحان انك بتشوف عروستك وتجتمع معاها تحولت فرحتكم الى غرفة العناية
ابو يسرى : لا اله الا الله
الدكتور : خلاص انتهت الزيارة
خرجوا وراحوا عند ام يسرى دخل ابو يسرى يشوف زوجته وهي ساكنه والضماد على جروحها اللي في وجهها وما في اي حركه منها : كيف حالش يا دواي ويا بسمتي بنتنا يا شمة بنتنا فرحتها تحولت لحزان
ام يسرى ما كانت تسمع شيء
ابو يسرى : اااح بس
خرج ابو يسرى لعند ابو صادق وجلس جنبه
جاء عامر مسرع لعند ابو يسرى : خير يا عمي خير وش حصل ان شاء الله ما تشوفون شر
ابو يسرى تنهد والحزن بان على وجهه : الحمد لله الحمد لله يا بني هذا قضاء الله وقدره
عامر وهو يبسو راس ابو يسرى وابو صادق : ان شاء الله ما تشوفون شر ان شاء الله . شكلكم تعبانين خليني اوصلكم للبيت ترتاحوا شويه
ابو يسرى وابو صادق كانوا فعلا تعبانين نفسيا وجسديا ..
ابو يسرى : ومن بيجلس عند ام يسرى
عامر : الله المستعان عليك ياعمي تهم وابنك عامر جنبك
ابو يسرى طبطب على كتف عامر : كفو ونعم فيك ..ناظر لابو صادق وقال : اذا يا اخي مسهل خلينا نروح بيتي وعامر يوصلنا ويرجع للمستشفى
ابو صادق قام : تمام
خرج ابو صادق وابو يسرى لسيارة عامر تحرك عامر يوصلهم والصمت سيد المكان كلن منهم يجول بأفكاره والقلب يتفطر حزن
عامر شافهم سرحانين وصل للبيت ابو يسرى : وصلنا
ابو يسرى صحي من سرحان على صوت عامر فتح باب السيارة ونزل معاها ابو صادق
ابو يسرى : تسلم يابني. وخرج من جيبه فلوس واعطاها لعامر : خذها معك يمكن تحتاجها وانت بالمستشفى
عامر بسرعة قطع ايمان : والله ما اخذها لا تخسر نفسك ياعمي انا هنا في خدمتك
ابو يسرى بيأس من عامر : طيب انتبه على نفسك
عامر بيشغل السيارة : مع السلامة
ابو يسرى دخل شقته مع ابو صادق يأخذوا لهم شويه راحه
عامر رجع للمستشفى اتصل عليه طلال : هلا طلال
طلال : وينك اليوم
عامر بحزن : عمي ابو يسرى وقع معاهم حادث وكمل يحكي له القصة كامل
طلال بحزن : لا حولة ولا قوة الا بالله ان شاء الله يقوموا بالسلامة
عامر : ان شاء الله
سكر طلال من عامر وفتح السناب شات يشوف منى مش متصلة غريبه لها يومين ما فتحت
نروح عند منى كانت جالسه بالغرفة تبكي بحزن من الايام ومن ظلمها فقدت امها وابوها والان عند عمتها وقسوتها
دق الباب كانت جميلة : افتحي الباب
منى سمعت عمتها قامت تفتح الباب دخلت عمتها ومعاها العشاء : تفضلي العشاء ياأنسه منى وهذا جوالش .
❞ دمّرت الحرب ديارُنا وأحلامُنا، أصبح كل شيءٍ عبارة عن خراب جُرفت الأرض وجفت الأشجار، وتقلّصت الأعمار، أصبحنا نحمل صغارنا قبل أن يحملوننا هم على الأعناق، وكأنّنا نقدِّمهم كالقربان، لا تجزع يا صغيري وجفّف دموعك، وارفع رأسك شامخًا وادعو إلى الله أن يرفع عنّا ما نلقاه، ولا تنتظر من أحدٍ شيئًا سوى الله، فكم مِن منادي يهتف باسم الله، دعهم في ظلمتهم إلى أن يأذن لهم ضميرهم الرّاقد تحت التّراب، دعهم يشاهدون وهم يضربون كفًا على كفٍ ويقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله، وينشرون صور دموعنا وشهداؤنا ويرفعوا الهاشتاج، ظنّا منهم أنّهم فعلوا واجبهم تجاه هذه القضية وما نلقاه، لا تحزن يا صغيري فالله معنا فوق كل ظالم و معتدي، فالنّصر آتٍ من عند الله.
#سمر_الترمان
#فلوريندا. ❝ ⏤سمر الترمان
❞ دمّرت الحرب ديارُنا وأحلامُنا، أصبح كل شيءٍ عبارة عن خراب جُرفت الأرض وجفت الأشجار، وتقلّصت الأعمار، أصبحنا نحمل صغارنا قبل أن يحملوننا هم على الأعناق، وكأنّنا نقدِّمهم كالقربان، لا تجزع يا صغيري وجفّف دموعك، وارفع رأسك شامخًا وادعو إلى الله أن يرفع عنّا ما نلقاه، ولا تنتظر من أحدٍ شيئًا سوى الله، فكم مِن منادي يهتف باسم الله، دعهم في ظلمتهم إلى أن يأذن لهم ضميرهم الرّاقد تحت التّراب، دعهم يشاهدون وهم يضربون كفًا على كفٍ ويقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله، وينشرون صور دموعنا وشهداؤنا ويرفعوا الهاشتاج، ظنّا منهم أنّهم فعلوا واجبهم تجاه هذه القضية وما نلقاه، لا تحزن يا صغيري فالله معنا فوق كل ظالم و معتدي، فالنّصر آتٍ من عند الله.
#سمر_الترمان
❞ و أذا كانو ولاة حملوا طعامهم على ظهورهم مربوطا بحبل كما فعل عمار بن ياسر أو تنازلوا عن رواتبهم و جلسوايصنعون من الخوص المجدول أوعية و مكايل كما صنع سلمان الفارسى. ❝ ⏤خالد محمد خالد
❞ و أذا كانو ولاة حملوا طعامهم على ظهورهم مربوطا بحبل كما فعل عمار بن ياسر أو تنازلوا عن رواتبهم و جلسوايصنعون من الخوص المجدول أوعية و مكايل كما صنع سلمان الفارسى. ❝
❞ الحمد لله
سورة الفاتحة :
وفيها أربعة أبواب :
[ الباب الأول في فضائلها وأسمائها ] وفيه سبع مسائل
الأولى : روى الترمذي عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . أخرج مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب : أن أبا سعيد مولى [ عبد الله بن ] عامر بن كريز أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب وهو يصلي ; فذكر الحديث . قال ابن عبد البر : أبو سعيد لا يوقف له على اسم وهو معدود في أهل المدينة ، روايته عن أبي هريرة وحديثه هذا مرسل ; وقد روى هذا الحديث عن أبي سعيد بن المعلى رجل من الصحابة لا يوقف على اسمه أيضا رواه عنه حفص بن عاصم ، وعبيد بن حنين .
قلت : كذا قال في ( التمهيد ) : لا يوقف له على اسم . وذكر في كتاب الصحابة الاختلاف في اسمه . والحديث خرجه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال : كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، فقلت : يا رسول الله إني كنت أصلي ; فقال : ( ألم يقل الله استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ) - ثم قال لي - ( إني لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ) ثم أخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج قلت له : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟ قال : الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته . قال ابن عبد البر وغيره : أبو سعيد بن المعلى من جلة الأنصار ، وسادات الأنصار ، تفرد به البخاري ، واسمه رافع ، ويقال : الحارث بن نفيع بن المعلى ، ويقال : أوس بن المعلى ، ويقال : أبو سعيد بن أوس بن المعلى ; توفي سنة أربع وسبعين وهو ابن أربع وستين سنة ، وهو أول من صلى إلى القبلة حين حولت ، وسيأتي . وقد أسند حديث أبي يزيد بن زريع قال : حدثنا روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي وهو يصلي ; فذكر الحديث بمعناه .
وذكر ابن الأنباري في كتاب الرد له : حدثني أبو عبيد الله الوراق حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن منصور عن مجاهد قال : إن إبليس - لعنه الله - رن أربع رنات : حين لعن ، وحين أهبط من الجنة ، وحين بعث محمد صلى الله عليه وسلم ، وحين أنزلت فاتحة الكتاب ، وأنزلت بالمدينة .
الثانية : اختلف العلماء في تفضيل بعض السور والآي على بعض ، وتفضيل بعض أسماء الله تعالى الحسنى على بعض ، فقال قوم : لا فضل لبعض على بعض ، لأن الكل كلام الله ، وكذلك أسماؤه لا مفاضلة بينها . ذهب إلى هذا الشيخ أبو الحسن الأشعري ، والقاضي أبو بكر بن الطيب ، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي ، وجماعة من الفقهاء . وروي معناه عن مالك . قال يحيى بن يحيى : تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ ، وكذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها . وقال عن مالك في قول الله تعالى : نأت بخير منها أو مثلها قال : محكمة مكان منسوخة . وروى ابن كنانة مثل ذلك كله عن مالك . واحتج هؤلاء بأن قالوا : إن الأفضل يشعر بنقص المفضول ، والذاتية في الكل واحدة ، وهي كلام الله ، وكلام الله تعالى لا نقص فيه . قال البستي : ومعنى هذه اللفظة ( ما في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن ) : أن الله تعالى لا يعطي لقارئ التوراة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ أم القرآن ، إذ الله بفضله فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم ، وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه ، وهو فضل منه لهذه الأمة . قال ومعنى قوله : ( أعظم سورة ) أراد به في الأجر ، لا أن بعض القرآن أفضل من بعض . وقال قوم بالتفضيل ، وأن ما تضمنه قوله تعالى وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم وآية الكرسي ، وآخر سورة الحشر ، وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ليس موجودا مثلا في تبت يدا أبي لهب وما كان مثلها .
والتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها ، لا من حيث الصفة ، وهذا هو الحق . وممن قال بالتفضيل إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين ، وهو اختيار القاضي أبي بكر بن العربي وابن الحصار ، لحديث أبي سعيد بن المعلى وحديث أبي بن كعب أنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبي أي آية معك في كتاب الله أعظم ) قال : الله لا إله إلا هو الحي القيوم . قال : فضرب في صدري وقال : ( ليهنك العلم أبا المنذر ) أخرجه البخاري ومسلم .
قال ابن الحصار : عجبي ممن يذكر الاختلاف مع هذه النصوص .
وقال ابن العربي : قوله : " ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها " وسكت عن سائر الكتب ، كالصحف المنزلة والزبور وغيرها ، لأن هذه المذكورة أفضلها ، وإذا كان الشيء أفضل الأفضل ، صار أفضل الكل . كقولك : زيد أفضل العلماء فهو أفضل الناس .
وفي الفاتحة من الصفات ما ليس لغيرها ، حتى قيل : إن جميع القرآن فيها . وهي خمس وعشرون كلمة تضمنت جميع علوم القرآن . ومن شرفها أن الله سبحانه قسمها بينه وبين عبده ، ولا تصح القربة إلا بها ، ولا يلحق عمل بثوابها ، وبهذا المعنى صارت أم القرآن العظيم ، كما صارت قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ، إذ القرآن توحيد وأحكام ووعظ ، و قل هو الله أحد فيها التوحيد كله ، وبهذا المعنى وقع البيان في قوله عليه السلام لأبي . ( أي آية في القرآن أعظم ) قال : الله لا إله إلا هو الحي القيوم . وإنما كانت أعظم آية لأنها توحيد كلها كما صار قوله : أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له أفضل الذكر ; لأنها كلمات حوت جميع العلوم في التوحيد ، والفاتحة تضمنت التوحيد والعبادة والوعظ والتذكير ، ولا يستبعد ذلك في قدرة الله تعالى .
الثالثة : روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فاتحة الكتاب ، وآية الكرسي ، و شهد الله أنه لا إله إلا هو ، و قل اللهم مالك الملك ، هذه الآيات معلقات بالعرش ليس بينهن وبين الله حجاب ) . أسنده أبو عمرو الداني في كتاب ( البيان ) له .
الرابعة : في أسمائها ، وهي اثنا عشر اسما :
( الأول ) : الصلاة ، قال الله تعالى : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) الحديث . وقد تقدم .
( الثاني ) : الحمد ، لأن فيها ذكر الحمد ; كما يقال : سورة الأعراف ، والأنفال ، والتوبة ، ونحوها .
( الثالث ) : فاتحة الكتاب ، من غير خلاف بين العلماء ; وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا ، وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا ، وتفتتح بها الصلوات .
( الرابع ) : أم الكتاب ، وفي هذا الاسم خلاف ، جوزه الجمهور ، وكرهه أنس والحسن وابن سيرين . قال الحسن : أم الكتاب الحلال والحرام ، قال الله تعالى : آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات . وقال أنس وابن سيرين : أم الكتاب اسم اللوح المحفوظ . قال الله تعالى : وإنه في أم الكتاب .
( الخامس ) : أم القرآن ، واختلف فيه أيضا ، فجوزه الجمهور ، وكرهه أنس وابن سيرين ; والأحاديث الثابتة ترد هذين القولين . روى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي البخاري قال : وسميت أم الكتاب لأنه يبتدأ بكتابتها في المصاحف ، ويبدأ بقراءتها في الصلاة . وقال يحيى بن يعمر : أم القرى : مكة ، وأم خراسان : مرو ، وأم القرآن : سورة الحمد . وقيل : سميت أم القرآن لأنها أوله ومتضمنة لجميع علومه ، وبه سميت مكة أم القرى لأنها أول الأرض ومنها دحيت ، ومنه سميت الأم أما لأنها أصل النسل ، والأرض أما ، في قول أمية بن أبي الصلت :
فالأرض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا وفيها نولد
ويقال لراية الحرب : أم ; لتقدمها واتباع الجيش لها . وأصل أم أمهة ، ولذلك تجمع على أمهات ، قال الله تعالى : وأمهاتكم . ويقال أمات بغير هاء . قال :
فرجت الظلام بأماتكا
وقيل : إن أمهات في الناس ، وأمات في البهائم ; حكاه ابن فارس في المجمل .
( السادس ) : المثاني ، سميت بذلك لأنها تثنى في كل ركعة . وقيل : سميت بذلك لأنها استثنيت لهذه الأمة فلم تنزل على أحد قبلها ذخرا لها .
( السابع ) : القرآن العظيم ، سميت بذلك لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله عز وجل بأوصاف كماله وجلاله ، وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص فيها ، والاعتراف بالعجز عن القيام بشيء منها إلا بإعانته تعالى ، وعلى الابتهال إليه في الهداية إلى الصراط المستقيم ; وكفاية أحوال الناكثين ، وعلى بيانه عاقبة الجاحدين .
( الثامن ) : الشفاء ، روى الدارمي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاتحة الكتاب شفاء من كل سم .
( التاسع ) : الرقية ، ثبت ذلك من حديث أبي سعيد الخدري وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للرجل ، الذي رقى سيد الحي : ( ما أدراك أنها رقية ) فقال : يا رسول الله شيء ألقي في روعي ; الحديث . خرجه الأئمة ، وسيأتي بتمامه .
( العاشر ) : الأساس ، شكا رجل إلى الشعبي وجع الخاصرة ; فقال : عليك بأساس القرآن فاتحة الكتاب ، سمعت ابن عباس يقول : لكل شيء أساس ، وأساس الدنيا مكة ، لأنها منها دحيت ; وأساس السماوات عريبا ، وهي السماء السابعة ; وأساس الأرض عجيبا ، وهي الأرض السابعة السفلى ; وأساس الجنان جنة عدن ، وهي سرة الجنان عليها أسست الجنة ; وأساس النار جهنم ، وهي الدركة السابعة السفلى عليها أسست الدركات ، وأساس الخلق آدم ، وأساس الأنبياء نوح ; وأساس بني إسرائيل يعقوب ; وأساس الكتب القرآن ; وأساس القرآن الفاتحة ; وأساس الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم ; فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالفاتحة تشفى .
( الحادي عشر ) : الوافية ، قاله سفيان بن عيينة ، لأنها لا تتنصف ولا تحتمل الاختزال ، ولو قرأ من سائر السور نصفها في ركعة ، ونصفها الآخر في ركعة لأجزأ ; ولو نصفت الفاتحة في ركعتين لم يجز .
( الثاني عشر ) : الكافية ، قال يحيى بن أبي كثير : لأنها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها . يدل عليه ما روى محمد بن خلاد الإسكندراني قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أم القرآن عوض من غيرها وليس غيرها منها عوضا .
الخامسة : قال المهلب : إن موضع الرقية منها إنما هو إياك نعبد وإياك نستعين . وقيل : السورة كلها رقية ، لقوله عليه السلام للرجل لما أخبره : ( وما أدراك أنها رقية ) ولم يقل : أن فيها رقية ; فدل هذا على أن السورة بأجمعها رقية ، لأنها فاتحة الكتاب ومبدؤه ، ومتضمنة لجميع علومه ، كما تقدم والله أعلم .
السادسة : ليس في تسميتها بالمثاني وأم الكتاب ما يمنع من تسمية غيرها بذلك ، قال الله عز وجل : كتابا متشابها مثاني فأطلق على كتابه : مثاني ; لأن الأخبار تثنى فيه . وقد سميت السبع الطول أيضا مثاني ; لأن الفرائض والقصص تثنى فيها . قال ابن عباس : أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعا من المثاني ; قال : السبع الطول . ذكره النسائي ، وهي من " البقرة " إلى " الأعراف " ست ، واختلفوا في السابعة ، فقيل : يونس ، وقيل : الأنفال والتوبة ; وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير . وقال أعشى همدان :
فلجوا المسجد وادعوا ربكم وادرسوا هذي المثاني والطول
وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة " الحجر " إن شاء الله تعالى .
السابعة : المثاني جمع مثنى ، وهي التي جاءت بعد الأولى ، والطول جمع أطول . وقد سميت الأنفال من المثاني لأنها تتلو الطول في القدر . وقيل : هي التي تزيد آياتها على المفصل وتنقص عن المئين . والمئون : هي السور التي تزيد كل واحدة منها على مائة آية .
وفيه عشرون مسألة
الأولى : أجمعت الأمة على أن فاتحة الكتاب سبع آيات ; إلا ما روي عن حسين الجعفي : أنها ست ; وهذا شاذ . وإلا ما روي عن عمرو بن عبيد أنه جعل إياك نعبد آية ، وهي على عدة ثماني آيات ; وهذا شاذ . وقوله تعالى : ولقد آتيناك سبعا من المثاني ، وقوله : ( قسمت الصلاة ) الحديث ، يرد هذين القولين .
وأجمعت الأمة أيضا على أنها من القرآن . فإن قيل : لو كانت قرآنا لأثبتها عبد الله بن مسعود في مصحفه ، فلما لم يثبتها دل على أنها ليست من القرآن ، كالمعوذتين عنده .
فالجواب ما ذكره أبو بكر الأنباري قال : حدثنا الحسن بن الحباب حدثنا سليمان بن الأشعث حدثنا ابن أبي قدامة حدثنا جرير عن الأعمش قال : أظنه عن إبراهيم قال : قيل لعبد الله بن مسعود : لم لم تكتب فاتحة الكتاب في مصحفك ؟ قال لو كتبتها لكتبتها مع كل سورة . قال أبو بكر : يعني أن كل ركعة سبيلها أن تفتتح بأم القرآن قبل السورة المتلوة بعدها ، فقال : اختصرت بإسقاطها ، ووثقت بحفظ المسلمين لها ، ولم أثبتها في موضع فيلزمني أن أكتبها مع كل سورة ، إذ كانت تتقدمها في الصلاة .
الثانية : اختلفوا أهي مكية أم مدنية ؟ فقال ابن عباس وقتادة وأبو العالية الرياحي - واسمه رفيع - وغيرهم : هي مكية . وقال أبو هريرة ومجاهد وعطاء بن يسار والزهري وغيرهم : هي مدنية . ويقال : نزل نصفها بمكة ، ونصفها بالمدينة . حكاه أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي في تفسيره . والأول أصح لقوله تعالى : ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم والحجر مكية بإجماع . ولا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة . وما حفظ أنه كان في الإسلام قط صلاة بغير الحمد لله رب العالمين ; يدل على هذا قوله عليه السلام : ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) . وهذا خبر عن الحكم ، لا عن الابتداء ، والله أعلم . وقد ذكر القاضي ابن الطيب اختلاف الناس في أول ما نزل من القرآن ; فقيل : المدثر ، وقيل : اقرأ ، وقيل : الفاتحة . وذكر البيهقي في دلائل النبوة عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة : إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء وقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا قالت : معاذ الله ! ما كان الله ليفعل بك ، فوالله إنك لتؤدي الأمانة ، وتصل الرحم ، وتصدق الحديث . فلما دخل أبو بكر - وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم - ذكرت خديجة حديثه له ، قالت : يا عتيق ، اذهب مع محمد إلى ورقة بن نوفل . فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده ، فقال : انطلق بنا إلى ورقة ، فقال : ( ومن أخبرك ) . قال : خديجة ، فانطلقا إليه فقصا عليه ; فقال : إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في الأرض فقال : لا تفعل ، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني . فلما خلا ناداه : يا محمد ، قل بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين - حتى بلغ ولا الضالين ، قل : لا إله إلا الله . فأتى ورقة فذكر ذلك له ; فقال له ورقة : أبشر ثم أبشر ، فأنا أشهد أنك الذي بشر به عيسى ابن مريم ، وأنك على مثل ناموس موسى ، وأنك نبي مرسل ، وأنك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا ، وإن يدركني ذلك لأجاهدن معك . فلما توفي ورقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني يعني ورقة . قال البيهقي رضي الله عنه : هذا منقطع . يعني هذا الحديث ، فإن كان محفوظا فيحتمل أن يكون خبرا عن نزولها بعدما نزل عليه اقرأ باسم ربك و ياأيها المدثر .
الثالثة : قال ابن عطية : ظن بعض العلماء أن جبريل عليه السلام لم ينزل بسورة الحمد ; لما رواه مسلم عن ابن عباس قال : بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم ، سمع نقيضا من فوقه ، فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك ، فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم ; فسلم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ; لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته . قال ابن عطية : وليس كما ظن ، فإن هذا الحديث يدل على أن جبريل عليه السلام تقدم الملك إلى النبي صلى الله عليه وسلم معلما به وبما ينزل معه ; وعلى هذا يكون جبريل شارك في نزولها ; والله أعلم .
قلت : الظاهر من الحديث يدل على أن جبريل عليه السلام لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك . وقد بينا أن نزولها كان بمكة ، نزل بها جبريل عليه السلام ، لقوله تعالى : نزل به الروح الأمين وهذا يقتضي جميع القرآن ، فيكون جبريل عليه السلام نزل بتلاوتها بمكة ، ونزل الملك بثوابها بالمدينة . والله أعلم . وقد قيل : إنها مكية مدنية ، نزل بها جبريل مرتين ; حكاه الثعلبي . وما ذكرناه أولى . فإنه جمع بين القرآن والسنة ، ولله الحمد والمنة .
الرابعة : قد تقدم أن البسملة ليست بآية منها على القول الصحيح ، وإذا ثبت ذلك فحكم المصلي إذا كبر أن يصله بالفاتحة ولا يسكت ، ولا يذكر توجيها ولا تسبيحا ، لحديث عائشة وأنس المتقدمين وغيرهما ، وقد جاءت أحاديث بالتوجيه والتسبيح والسكوت ، قال بها جماعة من العلماء ; فروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنهما كانا يقولان إذا افتتحا الصلاة : سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك . وبه قال سفيان وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي . وكان الشافعي يقول بالذي روي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا افتتح الصلاة كبر ثم قال : وجهت وجهي الحديث ، ذكره مسلم ، وسيأتي بتمامه في آخر سورة الأنعام ، وهناك يأتي القول في هذه المسألة مستوفى إن شاء الله .
قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ يقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد واستعمل ذلك أبو هريرة . وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : للإمام سكتتان فاغتنموا فيهما القراءة . وكان الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وأحمد بن حنبل يميلون إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب .
الخامسة : واختلف العلماء في وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة ; فقال مالك وأصحابه : هي متعينة للإمام والمنفرد في كل ركعة . قال ابن خويز منداد البصري المالكي : لم يختلف قول مالك أنه من نسيها في صلاة ركعة من صلاة ركعتين أن صلاته تبطل ولا تجزيه . واختلف قوله فيمن تركها ناسيا في ركعة من صلاة رباعية أو ثلاثية ; فقال مرة : يعيد الصلاة ، وقال مرة أخرى : يسجد سجدتي السهو ; وهي رواية ابن عبد الحكم وغيره عن مالك . قال ابن خويز منداد وقد قيل : إنه يعيد تلك الركعة ويسجد للسهو بعد السلام . قال ابن عبد البر : الصحيح من القول إلغاء تلك الركعة ويأتي بركعة بدلا منها ، كمن أسقط سجدة سهوا . وهو اختيار ابن القاسم . وقال الحسن البصري وأكثر أهل البصرة والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي المدني : إذا قرأ بأم القرآن مرة واحدة في الصلاة أجزأه ولم تكن عليه إعادة ; لأنها صلاة قد قرأ فيها بأم القرآن ; وهي تامة لقوله عليه السلام : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن وهذا قد قرأ بها .
قلت : ويحتمل لا صلاة لمن لم يقرأ بها في كل ركعة ، وهو الصحيح على ما يأتي . ويحتمل لا صلاة لمن لم يقرأ بها في أكثر عدد الركعات ، وهذا هو سبب الخلاف والله أعلم .
وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي : إن تركها عامدا في صلاته كلها وقرأ غيرها أجزأه ; على اختلاف عن الأوزاعي في ذلك . وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن : أقله ثلاث آيات أو آية طويلة كآية الدين . وعن محمد بن الحسن أيضا قال : أسوغ الاجتهاد في مقدار آية ومقدار كلمة مفهومة ; نحو : الحمد لله ولا أسوغه في حرف لا يكون كلاما . وقال الطبري : يقرأ المصلي بأم القرآن في كل ركعة ، فإن لم يقرأ بها لم يجزه إلا مثلها من القرآن عدد آيها وحروفها . قال ابن عبد البر : وهذا لا معنى له ; لأن التعيين لها والنص عليها قد خصها بهذا الحكم دون غيرها ; ومحال أن يجيء بالبدل منها من وجبت عليه فتركها وهو قادر عليها ، وإنما عليه أن يجيء بها ويعود إليها ، كسائر المفروضات المتعينات في العبادات .
السادسة : وأما المأموم فإن أدرك الإمام راكعا فالإمام يحمل عنه القراءة ; لإجماعهم على أنه إذا أدركه راكعا أنه يكبر ويركع ولا يقرأ شيئا وإن أدركه قائما فإنه يقرأ ، وهي المسألة :
السابعة : ولا ينبغي لأحد أن يدع القراءة خلف إمامه في صلاة السر ; فإن فعل فقد أساء ; ولا شيء عليه عند مالك وأصحابه . وأما إذا جهر الإمام وهي المسألة :
الثامنة : فلا قراءة بفاتحة الكتاب ولا غيرها في المشهور من مذهب مالك ; لقول الله تعالى : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي أنازع القرآن ، وقوله في الإمام : إذا قرأ فأنصتوا ، وقوله : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة .
وقال الشافعي فيما حكى عنه البويطي وأحمد بن حنبل : لا تجزئ أحدا صلاة حتى يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة ، إماما كان أو مأموما ، جهر إمامه أو أسر . وكان الشافعي بالعراق يقول في المأموم : يقرأ إذا أسر ولا يقرأ إذا جهر ; كمشهور مذهب مالك . وقال بمصر : فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة قولان : أحدهما أن يقرأ والآخر يجزئه ألا يقرأ ويكتفي بقراءة الإمام . حكاه ابن المنذر . وقال ابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وابن حبيب والكوفيون : لا يقرأ المأموم شيئا ، جهر إمامه أو أسر ; لقوله عليه السلام : فقراءة الإمام له قراءة وهذا عام ، ولقول جابر : من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام .
التاسعة : الصحيح من هذه الأقوال قول الشافعي وأحمد ومالك في القول الآخر ، وأن الفاتحة متعينة في كل ركعة لكل أحد على العموم ; لقوله صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ، وقوله : من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا . وقال أبو هريرة : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أنه : ( لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد ) أخرجه أبو داود . كما لا ينوب سجود ركعة ولا ركوعها عن ركعة أخرى ، فكذلك لا تنوب قراءة ركعة عن غيرها ; وبه قال عبد الله بن عون وأيوب السختياني وأبو ثور وغيره من أصحاب الشافعي وداود بن علي ، وروي مثله عن الأوزاعي ; وبه قال مكحول .
وروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري وعثمان بن أبي العاص وخوات بن جبير أنهم قالوا : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب . وهو قول ابن عمر والمشهور من مذهب الأوزاعي ; فهؤلاء الصحابة بهم القدوة ، وفيهم الأسوة ، كلهم يوجبون الفاتحة في كل ركعة .
وقد أخرج الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني في سننه ما يرفع الخلاف ويزيل كل احتمال فقال : حدثنا أبو كريب حدثنا محمد بن فضيل ، ح ، وحدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر جميعا عن أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد لله وسورة في فريضة أو غيرها . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال للذي علمه الصلاة : وافعل ذلك في صلاتك كلها وسيأتي . ومن الحجة في ذلك أيضا ما رواه أبو داود عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري قال : أبطأ عبادة بن الصامت عن صلاة الصبح ; فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة فصلى أبو نعيم بالناس ، وأقبل عبادة بن الصامت وأنا معه حتى صففنا خلف أبي نعيم ، وأبو نعيم يجهر بالقراءة ; فجعل عبادة يقرأ بأم القرآن ; فلما انصرف قلت لعبادة : سمعتك تقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر ؟ قال : أجل ! صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فالتبست عليه ; فلما انصرف أقبل علينا بوجهه فقال : هل تقرءون إذا جهرت بالقراءة ؟ فقال بعضنا : إنا نصنع ذلك ; قال : فلا . وأنا أقول ما لي ينازعني القرآن فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن . وهذا نص صريح في المأموم . وأخرجه أبو عيسى الترمذي من حديث محمد بن إسحاق بمعناه ; وقال : حديث حسن . والعمل على هذا الحديث في القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ; وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق ، يرون القراءة خلف الإمام . وأخرجه أيضا الدارقطني وقال : هذا إسناد حسن ، ورجاله كلهم ثقات ; وذكر أن محمود بن الربيع كان يسكن إيلياء ، وأن أبا نعيم أول من أذن في بيت المقدس . وقال أبو محمد عبد الحق : ونافع بن محمود لم يذكره البخاري في تاريخه ولا ابن أبي حاتم ; ولا أخرج له البخاري ومسلم شيئا . وقال فيه أبو عمر : مجهول . وذكر الدارقطني عن يزيد بن شريك قال : سألت عمر عن القراءة خلف الإمام ، فأمرني أن أقرأ ، قلت : وإن كنت أنت ؟ قال : وإن كنت أنا ; قلت : وإن جهرت ؟ قال : وإن جهرت . قال الدارقطني : هذا إسناد صحيح . وروي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإمام ضامن فما صنع فاصنعوا . قال أبو حاتم : هذا يصح لمن قال بالقراءة خلف الإمام ; وبهذا أفتى أبو هريرة الفارسي أن يقرأ بها في نفسه حين قال له : إني أحيانا أكون وراء الإمام ، ثم استدل بقوله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرءوا يقول العبد الحمد لله رب العالمين الحديث .
العاشرة : أما ما استدل به الأولون بقوله عليه السلام : وإذا قرأ فأنصتوا أخرجه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري ; وقال : وفي حديث جرير عن سليمان عن قتادة من الزيادة وإذا قرأ فأنصتوا قال الدارقطني : هذه اللفظة لم يتابع سليمان التيمي فيها عن قتادة ; وخالفه الحفاظ من أصحاب قتادة فلم يذكروها ; منهم شعبة وهشام وسعيد بن أبي عروبة وهمام وأبو عوانة ومعمر وعدي بن أبي عمارة . قال الدارقطني : فإجماعهم يدل على وهمه . وقد روي عن عبد الله بن عامر عن قتادة متابعة التيمي ; ولكن ليس هو بالقوي ، تركه القطان . وأخرج أيضا هذه الزيادة أبو داود من حديث أبي هريرة وقال : هذه الزيادة إذا قرأ فأنصتوا ليست بمحفوظة . وذكر أبو محمد عبد الحق : أن مسلما صحح حديث أبي هريرة وقال : هو عندي صحيح .
قلت : ومما يدل على صحتها عنده إدخالها في كتابه من حديث أبي موسى وإن كانت مما لم يجمعوا عليها . وقد صححها الإمام أحمد بن حنبل وابن المنذر . وأما قوله تعالى : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا فإنه نزل بمكة ، وتحريم الكلام في الصلاة نزل بالمدينة - كما قال زيد بن أرقم فلا حجة فيها ; فإن المقصود كان المشركين ، على ما قال سعيد بن المسيب . وقد روى الدارقطني عن أبي هريرة أنها نزلت في رفع الصوت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال : عبد الله بن عامر ضعيف . وأما قوله عليه السلام : ( ما لي أنازع القرآن ) فأخرجه مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي ، واسمه فيما قال مالك : عمرو ، وغيره يقول عامر ، وقيل يزيد ، وقيل عمارة ، وقيل عباد ، يكنى أبا الوليد توفي سنة إحدى ومائة وهو ابن تسع وسبعين سنة ، لم يرو عنه الزهري إلا هذا الحديث الواحد ، وهو ثقة ، وروى عنه محمد بن عمرو وغيره . والمعنى في حديثه : لا تجهروا إذا جهرت فإن ذلك تنازع وتجاذب وتخالج ، اقرءوا في أنفسكم . يبينه حديث عبادة وفتيا الفاروق وأبي هريرة الراوي للحديثين . فلو فهم المنع جملة من قوله : ( ما لي أنازع القرآن ) لما أفتى بخلافه ، وقول الزهري في حديث ابن أكيمة : فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة ، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يريد بالحمد على ما بينا ; وبالله توفيقنا .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة فحديث ضعيف أسنده الحسن بن عمارة وهو متروك ، وأبو حنيفة وهو ضعيف ; كلاهما عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر . أخرجه الدارقطني وقال : رواه سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل بن يونس وشريك وأبو خالد الدالاني وأبو الأحوص وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وغيرهم ، عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب . وأما قول جابر : من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام ; فرواه مالك عن وهب بن كيسان عن جابر قوله . قال ابن عبد البر : ورواه يحيى بن سلام صاحب التفسير عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصوابه موقوف على جابر كما في الموطأ . وفيه من الفقه إبطال الركعة التي لا يقرأ فيها بأم القرآن ; وهو يشهد لصحة ما ذهب إليه ابن القاسم ورواه عن مالك في إلغاء الركعة والبناء على غيرها ولا يعتد المصلي بركعة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب . وفيه أيضا أنالإمام قراءته لمن خلفه قراءة ; وهذا مذهب جابر وقد خالفه فيه غيره .
الحادية عشرة : قال ابن العربي : لما قال صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب واختلف الناس في هذا الأصل هل يحمل هذا النفي على التمام والكمال ، أو على الإجزاء ؟ اختلفت الفتوى بحسب اختلاف حال الناظر ، ولما كان الأشهر في هذا الأصل والأقوى أن النفي على العموم ، كان الأقوى من رواية مالك أن من لم يقرأ الفاتحة في صلاته بطلت . ثم نظرنا في تكرارها في كل ركعة ; فمن تأول قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) لزمه أن يعيد القراءة كما يعيد الركوع والسجود . والله أعلم .
الثانية عشرة : ما ذكرناه في هذا الباب من الأحاديث والمعاني في تعيين الفاتحة يرد على الكوفيين قولهم في أن الفاتحة لا تتعين ، وأنها وغيرها من آي القرآن سواء . وقد عينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله كما ذكرناه ; وهو المبين عن الله تعالى مراده في قوله : وأقيموا الصلاة . وقد روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر . فدل هذا الحديث على أن قوله عليه السلام للأعرابي : اقرأ ما تيسر معك من القرآن ما زاد على الفاتحة ، وهو تفسير قوله تعالى : فاقرءوا ما تيسر منه وقد روى مسلم عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن - زاد في رواية - فصاعدا . وقوله عليه السلام : ( هي خداج - ثلاثا - غير تمام ) أي غير مجزئة بالأدلة المذكورة . والخداج : النقص والفساد . قال الأخفش : خدجت الناقة ; إذا ألقت ولدها لغير تمام ، وأخدجت إذا قذفت به قبل وقت الولادة وإن كان تام الخلق .
والنظر يوجب في النقصان ألا تجوز معه الصلاة ، لأنها صلاة لم تتم ; ومن خرج من صلاته وهي لم تتم فعليه إعادتها كما أمر ، على حسب حكمها . ومن ادعى أنها تجوز مع إقراره بنقصها فعليه الدليل ، ولا سبيل إليه من وجه يلزم ، والله أعلم .
الثالثة عشرة : روي عن مالك أن القراءة لا تجب في شيء في الصلاة ; وكذلك كان الشافعي يقول بالعراق فيمن نسيها ، ثم رجع عن هذا بمصر فقال : لا تجزئ صلاة من يحسن فاتحة الكتاب إلا بها ، ولا يجزئه أن ينقص حرفا منها ; فإن لم يقرأها أو نقص منها حرفا أعاد صلاته وإن قرأ بغيرها . وهذا هو الصحيح في المسألة . وأما ما روي عن عمر رحمه الله أنه صلى المغرب فلم يقرأ فيها ، فذكر ذلك له فقال : كيف كان الركوع والسجود ؟ قالوا : حسن ، قال : لا بأس إذا ، فحديث منكر اللفظ منقطع الإسناد ، لأنه يرويه إبراهيم بن الحارث التيمي عن عمر ، ومرة يرويه إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عمر ، وكلاهما منقطع لا حجة فيه ; وقد ذكره مالك في الموطأ ، وهو عند بعض الرواة وليس عند يحيى وطائفة معه ، لأنه رماه مالك من كتابه بأخرة ، وقال ليس عليه العمل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج وقد روي عن عمر أنه أعاد تلك الصلاة ; وهو الصحيح عنه . روى يحيى بن يحيى النيسابوري قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن همام بن الحارث أن عمر نسي القراءة في المغرب فأعاد بهم الصلاة . قال ابن عبد البر : وهذا حديث متصل شهده همام من عمر ; روي ذلك من وجوه . وروى أشهب عن مالك قال : سئل مالك عن الذي نسي القراءة ، أيعجبك ما قال عمر ؟ فقال : أنا أنكر أن يكون عمر فعله - وأنكر الحديث - وقال : يرى الناس عمر يصنع هذا في المغرب ولا يسبحون به ! أرى أن يعيد الصلاة من فعل هذا .
الرابعة عشرة : أجمع العلماء على أن لا صلاة إلا بقراءة ، على ما تقدم من أصولهم في ذلك . وأجمعوا على أن لا توقيت في ذلك بعد فاتحة الكتاب ، إلا أنهم يستحبون ألا يقرأ مع فاتحة الكتاب إلا سورة واحدة لأنه الأكثر مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال مالك : وسنة القراءة أن يقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة ، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب . وقال الأوزاعي : يقرأ بأم القرآن فإن لم يقرأ بأم القرآن وقرأ بغيرها أجزأه ، وقال : وإن نسي أن يقرأ في ثلاث ركعات أعاد . وقال الثوري : يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ، ويسبح في الأخريين إن شاء ، وإن شاء قرأ ، وإن لم يقرأ ولم يسبح جازت صلاته ، وهو قول أبي حنيفة وسائر الكوفيين .
قال ابن المنذر : وقد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : اقرأ في الأوليين وسبح في الأخريين ، وبه قال النخعي . قال سفيان : فإن لم يقرأ في ثلاث ركعات أعاد الصلاة لأنه لا تجزئه قراءة ركعة . قال : وكذلك إن نسي أن يقرأ ركعة في صلاة الفجر . وقال أبو ثور : لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة ، كقول الشافعي المصري ، وعليه جماعة أصحاب الشافعي . وكذلك قال ابن خويز منداد المالكي ; قال : قراءة الفاتحة واجبة عندنا في كل ركعة ، وهذا هو الصحيح في المسألة . روى مسلم عن أبي قتادة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ، ويسمعنا الآية أحيانا ، وكان يطول في الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية ، وكذلك في الصبح . وفي رواية : ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ; وهذا نص صريح وحديث صحيح لما ذهب إليه مالك . ونص في تعين الفاتحة في كل ركعة ; خلافا لمن أبى ذلك ، والحجة في السنة لا فيما خالفها .
الخامسة عشرة : ذهب الجمهور إلى أن ما زاد على الفاتحة من القراءة ليس بواجب ; لما رواه مسلم عن أبي هريرة قال : في كل صلاة قراءة ، فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أسمعناكم ، وما أخفى منا أخفينا منكم ; فمن قرأ بأم القرآن فقد أجزأت عنه ، ومن زاد فهو أفضل . وفي البخاري : وإن زدت فهو خير . وقد أبى كثير من أهل العلم ترك السورة لضرورة أو لغير ضرورة ; منهم عمران بن حصين وأبو سعيد الخدري وخوات بن جبير ومجاهد وأبو وائل وابن عمر وابن عباس وغيرهم ; قالوا : لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها من القرآن ; فمنهم من حد آيتين ، ومنهم من حد آية ، ومنهم من لم يحد ، وقال : شيء من القرآن معها ; وكل هذا موجب لتعلم ما تيسر من القرآن على كل حال مع فاتحة الكتاب ; لحديث عبادة وأبي سعيد الخدري وغيرهما . وفي المدونة : وكيع عن الأعمش عن خيثمة قال : حدثني من سمع عمر بن الخطاب يقول : لا تجزئ صلاة من لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها .
واختلف المذهب في قراءة السورة على ثلاثة أقوال : سنة ، فضيلة ، واجبة .
السادسة عشرة : من تعذر ذلك عليه بعد بلوغ مجهوده فلم يقدر على تعلم الفاتحة أو شيء من القرآن ولا علق منه بشيء ، لزمه أن يذكر الله في موضع القراءة بما أمكنه من تكبير أو تهليل أو تحميد أو تسبيح أو تمجيد أو لا حول ولا قوة إلا بالله ، إذا صلى وحده أو مع إمام فيما أسر فيه الإمام ; فقد روى أبو داود وغيره عن عبد الله بن أبي أوفى قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا ، فعلمني ما يجزئني منه ; قال : قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ; قال : يا رسول الله ، هذا لله ، فما لي ؟ قال : قل اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني .
السابعة عشرة : فإن عجز عن إصابة شيء من هذا اللفظ فلا يدع الصلاة مع الإمام جهده ; فالإمام يحمل ذلك عنه إن شاء الله ; وعليه أبدا أن يجهد نفسه في تعلم فاتحة الكتاب فما زاد ، إلى أن يحول الموت دون ذلك وهو بحال الاجتهاد فيعذره الله .
الثامنة عشرة : من لم يواته لسانه إلى التكلم بالعربية من الأعجميين وغيرهم ترجم له الدعاء العربي بلسانه الذي يفقه لإقامة صلاته ; فإن ذلك يجزئه إن شاء الله تعالى .
التاسعة عشرة : لا تجزئ صلاة من قرأ بالفارسية وهو يحسن العربية في قول الجمهور . وقال أبو حنيفة : تجزئه القراءة بالفارسية وإن أحسن العربية ; لأن المقصود إصابة المعنى . قال ابن المنذر : لا يجزئه ذلك ; لأنه خلاف ما أمر الله به ، وخلاف ما علم النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلاف جماعات المسلمين . ولا نعلم أحدا وافقه على ما قال .
الموفية عشرين : من افتتح الصلاة كما أمر وهو غير عالم بالقراءة ، فطرأ عليه العلم بها في أثناء الصلاة ويتصور ذلك بأن يكون سمع من قرأها فعلقت بحفظه من مجرد السماع فلا يستأنف الصلاة ; لأنه أدى ما مضى على حسب ما أمر به ; فلا وجه لإبطاله قاله في كتاب ابن سحنون .
فيه ثمان مسائل :
الأولى : ويسن لقارئ القرآن أن يقول بعد الفراغ من الفاتحة بعد سكتة على نون " ولا الضالين " : آمين ، ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن .
الثانية : ثبت في الأمهات من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه . قال علماؤنا رحمة الله عليهم : فترتبت المغفرة للذنب على مقدمات أربع تضمنها هذا الحديث . الأولى : تأمين الإمام ، الثانية : تأمين من خلفه ، الثالثة : تأمين الملائكة ، الرابعة : موافقة التأمين ، قيل في الإجابة ، وقيل في الزمن ، وقيل في الصفة من إخلاص الدعاء ، لقوله عليه السلام : ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه .
الثالثة : روى أبو داود عن أبي مصبح المقرائي قال : كنا نجلس إلى أبي زهير النميري وكان من الصحابة ، فيحدث أحسن الحديث ، فإذا دعا الرجل منا بدعاء قال : اختمه بآمين . فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة . قال أبو زهير ألا أخبركم عن ذلك ، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فأتينا على رجل قد ألح في المسألة ، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم يسمع منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أوجب إن ختم فقال له رجل من القوم : بأي شيء يختم ؟ قال : بآمين فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب فانصرف الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى الرجل فقال له : اختم يا فلان وأبشر . قال ابن عبد البر : أبو زهير النميري اسمه يحيى بن نفير روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تقتلوا الجراد فإنه جند الله الأعظم . وقال وهب بن منبه : آمين أربعة أحرف يخلق الله من كل حرف ملكا يقول : اللهم اغفر لكل من قال آمين . وفي الخبر ( لقنني جبريل آمين عند فراغي من فاتحة الكتاب وقال إنه كالخاتم على الكتاب ) وفي حديث آخر : آمين خاتم رب العالمين . قال الهروي قال أبو بكر : معناه أنه طابع الله على عباده ; لأنه يدفع [ به عنهم ] الآفات والبلايا ; فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه ، ويمنع من إفساده وإظهار ما فيه . وفي حديث آخر آمين درجة في الجنة . قال أبو بكر : معناه أنه حرف يكتسب به قائله درجة في الجنة .
الرابعة : معنى آمين عند أكثر أهل العلم : اللهم استجب لنا ; وضع موضع الدعاء . وقال قوم : هو اسم من أسماء الله ; روي عن جعفر بن محمد ومجاهد وهلال بن يساف ورواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح ; قاله ابن العربي . وقيل معنى آمين : كذلك فليكن ; قاله الجوهري . وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معنى آمين ؟ قال : ( رب افعل ) . وقال مقاتل : هو قوة للدعاء ، واستنزال للبركة . وقال الترمذي : معناه لا تخيب رجاءنا .
الخامسة : وفي آمين لغتان : المد على وزن فاعيل كياسين . والقصر على وزن يمين . قال الشاعر في المد :
يا رب لا تسلبني حبها أبدا ويرحم الله عبدا قال آمينا
وقال آخر :
آمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أبلغها ألفين آمينا
وقال آخر في القصر :
تباعد مني فطحل إذ سألته أمين فزاد الله ما بيننا بعدا
وتشديد الميم خطأ ; قال الجوهري . وقد روي عن الحسن وجعفر الصادق التشديد ; وهو قول الحسين بن الفضل ; من " أم " إذا قصد ، أي نحن قاصدون نحوك ; ومنه قوله : ولا آمين البيت الحرام . حكاه أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري . قال الجوهري : وهو مبني على الفتح مثل أين وكيف ; لاجتماع الساكنين . وتقول منه : أمن فلان تأمينا .
السادسة : اختلف العلماء هل يقولها الإمام وهل يجهر بها ; فذهب الشافعي ومالك في رواية المدنيين إلى ذلك . وقال الكوفيون وبعض المدنيين : لا يجهر بها . وهو قول الطبري ، وبه قال ابن حبيب من علمائنا . وقال ابن بكير : هو مخير . وروى ابن القاسم عن مالك أن الإمام لا يقول آمين وإنما يقول ذلك من خلفه ; وهو قول ابن القاسم والمصريين من أصحاب مالك . وحجتهم حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قال " غير المغضوب عليهم ولا الضالين " فقولوا آمين يجبكم الله وذكر الحديث ، أخرجه مسلم . ومثله حديث سمي عن أبي هريرة ; وأخرجه مالك . والصحيح الأول لحديث وائل بن حجر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ولا الضالين قال : " آمين " يرفع بها صوته ; أخرجه أبو داود والدارقطني ، وزاد " قال أبو بكر : هذه سنة تفرد بها أهل الكوفة ، هذا صحيح والذي بعده " . وترجم البخاري " باب جهر الإمام بالتأمين " .
وقال عطاء : " آمين " دعاء ، أمن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد للجة . قال الترمذي : وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ، يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين ولا يخفيها . وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق . وفي الموطأ والصحيحين قال ابن شهاب : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " آمين " . وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة قال : ترك الناس آمين ; وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : " آمين " حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد . وأما حديث أبي موسى وسمي فمعناهما التعريف بالموضع الذي يقال فيه آمين ; وهو إذا قال الإمام : ولا الضالين ليكون قولهما معا ، ولا يتقدموه بقول : آمين ; لما ذكرناه ، والله أعلم . ولقوله عليه السلام : إذا أمن الإمام فأمنوا . وقال ابن نافع في كتاب ابن الحارث : لا يقولها المأموم إلا أن يسمع الإمام يقول : ولا الضالين . وإذا كان ببعد لا يسمعه فلا يقل . وقال ابن عبدوس : يتحرى قدر القراءة ويقول : آمين .
السابعة : قال أصحاب أبي حنيفة : الإخفاء بآمين أولى من الجهر بها لأنه دعاء ، وقد قال الله تعالى : ادعوا ربكم تضرعا وخفية . قالوا : والدليل عليه ما روي في تأويل قوله تعالى : قد أجيبت دعوتكما . قال : كان موسى يدعو وهارون يؤمن ، فسماهما الله داعيين .
الجواب : أن إخفاء الدعاء إنما كان أفضل لما يدخله من الرياء . وأما ما يتعلق بصلاة الجماعة فشهودها إشهار شعار ظاهر ، وإظهار حق يندب العباد إلى إظهاره ; وقد ندب الإمام إلى إشهار قراءة الفاتحة المشتملة على الدعاء والتأمين في آخرها ; فإذا كان الدعاء مما يسن الجهر فيه فالتأمين على الدعاء تابع له وجار مجراه ; وهذا بين .
الثامنة : كلمة آمين لم تكن قبلنا إلا لموسى وهارون عليهما السلام . ذكر الترمذي الحكيم في ( نوادر الأصول ) : حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال حدثنا أبي قال حدثنا رزين مؤذن مسجد هشام بن حسان قال حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أعطى أمتي ثلاثا لم تعط أحدا قبلهم السلام وهو تحية أهل الجنة وصفوف الملائكة وآمين إلا ما كان من موسى وهارون قال أبو عبد الله : معناه أن موسى دعا على فرعون ، وأمن هارون ، فقال الله تبارك اسمه عندما ذكر دعاء موسى في تنزيله : قد أجيبت دعوتكما ولم يذكر مقالة هارون ; وقال موسى : ربنا ، فكان من هارون التأمين ، فسماه داعيا في تنزيله ، إذ صير ذلك منه دعوة . وقد قيل : إن أمين خاص لهذه الأمة ; لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين أخرجه ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال . . . ; الحديث . وأخرج أيضا من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين . قال علماؤنا رحمة الله عليهم : إنما حسدنا أهل الكتاب لأن أولها حمد لله وثناء عليه ثم خضوع له واستكانة ، ثم دعاء لنا بالهداية إلى الصراط المستقيم ، ثم الدعاء عليهم مع قولنا آمين .
وفيه ست وثلاثون مسألة :
الأولى : قوله سبحانه وتعالى : الحمد لله روى أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال العبد الحمد لله قال صدق عبدي الحمد لي . وروى مسلم عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحم. ❝ ⏤عبدالعزيز بن داخل المطيري
❞ الحمد لله
سورة الفاتحة :
وفيها أربعة أبواب :
[ الباب الأول في فضائلها وأسمائها ] وفيه سبع مسائل
الأولى : روى الترمذي عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . أخرج مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب : أن أبا سعيد مولى [ عبد الله بن ] عامر بن كريز أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب وهو يصلي ; فذكر الحديث . قال ابن عبد البر : أبو سعيد لا يوقف له على اسم وهو معدود في أهل المدينة ، روايته عن أبي هريرة وحديثه هذا مرسل ; وقد روى هذا الحديث عن أبي سعيد بن المعلى رجل من الصحابة لا يوقف على اسمه أيضا رواه عنه حفص بن عاصم ، وعبيد بن حنين .
قلت : كذا قال في ( التمهيد ) : لا يوقف له على اسم . وذكر في كتاب الصحابة الاختلاف في اسمه . والحديث خرجه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال : كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، فقلت : يا رسول الله إني كنت أصلي ; فقال : ( ألم يقل الله استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ) - ثم قال لي - ( إني لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ) ثم أخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج قلت له : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟ قال : الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته . قال ابن عبد البر وغيره : أبو سعيد بن المعلى من جلة الأنصار ، وسادات الأنصار ، تفرد به البخاري ، واسمه رافع ، ويقال : الحارث بن نفيع بن المعلى ، ويقال : أوس بن المعلى ، ويقال : أبو سعيد بن أوس بن المعلى ; توفي سنة أربع وسبعين وهو ابن أربع وستين سنة ، وهو أول من صلى إلى القبلة حين حولت ، وسيأتي . وقد أسند حديث أبي يزيد بن زريع قال : حدثنا روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي وهو يصلي ; فذكر الحديث بمعناه .
وذكر ابن الأنباري في كتاب الرد له : حدثني أبو عبيد الله الوراق حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن منصور عن مجاهد قال : إن إبليس - لعنه الله - رن أربع رنات : حين لعن ، وحين أهبط من الجنة ، وحين بعث محمد صلى الله عليه وسلم ، وحين أنزلت فاتحة الكتاب ، وأنزلت بالمدينة .
الثانية : اختلف العلماء في تفضيل بعض السور والآي على بعض ، وتفضيل بعض أسماء الله تعالى الحسنى على بعض ، فقال قوم : لا فضل لبعض على بعض ، لأن الكل كلام الله ، وكذلك أسماؤه لا مفاضلة بينها . ذهب إلى هذا الشيخ أبو الحسن الأشعري ، والقاضي أبو بكر بن الطيب ، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي ، وجماعة من الفقهاء . وروي معناه عن مالك . قال يحيى بن يحيى : تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ ، وكذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها . وقال عن مالك في قول الله تعالى : نأت بخير منها أو مثلها قال : محكمة مكان منسوخة . وروى ابن كنانة مثل ذلك كله عن مالك . واحتج هؤلاء بأن قالوا : إن الأفضل يشعر بنقص المفضول ، والذاتية في الكل واحدة ، وهي كلام الله ، وكلام الله تعالى لا نقص فيه . قال البستي : ومعنى هذه اللفظة ( ما في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن ) : أن الله تعالى لا يعطي لقارئ التوراة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ أم القرآن ، إذ الله بفضله فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم ، وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه ، وهو فضل منه لهذه الأمة . قال ومعنى قوله : ( أعظم سورة ) أراد به في الأجر ، لا أن بعض القرآن أفضل من بعض . وقال قوم بالتفضيل ، وأن ما تضمنه قوله تعالى وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم وآية الكرسي ، وآخر سورة الحشر ، وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ليس موجودا مثلا في تبت يدا أبي لهب وما كان مثلها .
والتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها ، لا من حيث الصفة ، وهذا هو الحق . وممن قال بالتفضيل إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين ، وهو اختيار القاضي أبي بكر بن العربي وابن الحصار ، لحديث أبي سعيد بن المعلى وحديث أبي بن كعب أنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبي أي آية معك في كتاب الله أعظم ) قال : الله لا إله إلا هو الحي القيوم . قال : فضرب في صدري وقال : ( ليهنك العلم أبا المنذر ) أخرجه البخاري ومسلم .
قال ابن الحصار : عجبي ممن يذكر الاختلاف مع هذه النصوص .
وقال ابن العربي : قوله : ˝ ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها ˝ وسكت عن سائر الكتب ، كالصحف المنزلة والزبور وغيرها ، لأن هذه المذكورة أفضلها ، وإذا كان الشيء أفضل الأفضل ، صار أفضل الكل . كقولك : زيد أفضل العلماء فهو أفضل الناس .
وفي الفاتحة من الصفات ما ليس لغيرها ، حتى قيل : إن جميع القرآن فيها . وهي خمس وعشرون كلمة تضمنت جميع علوم القرآن . ومن شرفها أن الله سبحانه قسمها بينه وبين عبده ، ولا تصح القربة إلا بها ، ولا يلحق عمل بثوابها ، وبهذا المعنى صارت أم القرآن العظيم ، كما صارت قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ، إذ القرآن توحيد وأحكام ووعظ ، و قل هو الله أحد فيها التوحيد كله ، وبهذا المعنى وقع البيان في قوله عليه السلام لأبي . ( أي آية في القرآن أعظم ) قال : الله لا إله إلا هو الحي القيوم . وإنما كانت أعظم آية لأنها توحيد كلها كما صار قوله : أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له أفضل الذكر ; لأنها كلمات حوت جميع العلوم في التوحيد ، والفاتحة تضمنت التوحيد والعبادة والوعظ والتذكير ، ولا يستبعد ذلك في قدرة الله تعالى .
الثالثة : روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فاتحة الكتاب ، وآية الكرسي ، و شهد الله أنه لا إله إلا هو ، و قل اللهم مالك الملك ، هذه الآيات معلقات بالعرش ليس بينهن وبين الله حجاب ) . أسنده أبو عمرو الداني في كتاب ( البيان ) له .
الرابعة : في أسمائها ، وهي اثنا عشر اسما :
( الأول ) : الصلاة ، قال الله تعالى : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) الحديث . وقد تقدم .
( الثاني ) : الحمد ، لأن فيها ذكر الحمد ; كما يقال : سورة الأعراف ، والأنفال ، والتوبة ، ونحوها .
( الثالث ) : فاتحة الكتاب ، من غير خلاف بين العلماء ; وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا ، وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا ، وتفتتح بها الصلوات .
( الرابع ) : أم الكتاب ، وفي هذا الاسم خلاف ، جوزه الجمهور ، وكرهه أنس والحسن وابن سيرين . قال الحسن : أم الكتاب الحلال والحرام ، قال الله تعالى : آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات . وقال أنس وابن سيرين : أم الكتاب اسم اللوح المحفوظ . قال الله تعالى : وإنه في أم الكتاب .
( الخامس ) : أم القرآن ، واختلف فيه أيضا ، فجوزه الجمهور ، وكرهه أنس وابن سيرين ; والأحاديث الثابتة ترد هذين القولين . روى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي البخاري قال : وسميت أم الكتاب لأنه يبتدأ بكتابتها في المصاحف ، ويبدأ بقراءتها في الصلاة . وقال يحيى بن يعمر : أم القرى : مكة ، وأم خراسان : مرو ، وأم القرآن : سورة الحمد . وقيل : سميت أم القرآن لأنها أوله ومتضمنة لجميع علومه ، وبه سميت مكة أم القرى لأنها أول الأرض ومنها دحيت ، ومنه سميت الأم أما لأنها أصل النسل ، والأرض أما ، في قول أمية بن أبي الصلت :
فالأرض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا وفيها نولد
ويقال لراية الحرب : أم ; لتقدمها واتباع الجيش لها . وأصل أم أمهة ، ولذلك تجمع على أمهات ، قال الله تعالى : وأمهاتكم . ويقال أمات بغير هاء . قال :
فرجت الظلام بأماتكا
وقيل : إن أمهات في الناس ، وأمات في البهائم ; حكاه ابن فارس في المجمل .
( السادس ) : المثاني ، سميت بذلك لأنها تثنى في كل ركعة . وقيل : سميت بذلك لأنها استثنيت لهذه الأمة فلم تنزل على أحد قبلها ذخرا لها .
( السابع ) : القرآن العظيم ، سميت بذلك لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله عز وجل بأوصاف كماله وجلاله ، وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص فيها ، والاعتراف بالعجز عن القيام بشيء منها إلا بإعانته تعالى ، وعلى الابتهال إليه في الهداية إلى الصراط المستقيم ; وكفاية أحوال الناكثين ، وعلى بيانه عاقبة الجاحدين .
( الثامن ) : الشفاء ، روى الدارمي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاتحة الكتاب شفاء من كل سم .
( التاسع ) : الرقية ، ثبت ذلك من حديث أبي سعيد الخدري وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للرجل ، الذي رقى سيد الحي : ( ما أدراك أنها رقية ) فقال : يا رسول الله شيء ألقي في روعي ; الحديث . خرجه الأئمة ، وسيأتي بتمامه .
( العاشر ) : الأساس ، شكا رجل إلى الشعبي وجع الخاصرة ; فقال : عليك بأساس القرآن فاتحة الكتاب ، سمعت ابن عباس يقول : لكل شيء أساس ، وأساس الدنيا مكة ، لأنها منها دحيت ; وأساس السماوات عريبا ، وهي السماء السابعة ; وأساس الأرض عجيبا ، وهي الأرض السابعة السفلى ; وأساس الجنان جنة عدن ، وهي سرة الجنان عليها أسست الجنة ; وأساس النار جهنم ، وهي الدركة السابعة السفلى عليها أسست الدركات ، وأساس الخلق آدم ، وأساس الأنبياء نوح ; وأساس بني إسرائيل يعقوب ; وأساس الكتب القرآن ; وأساس القرآن الفاتحة ; وأساس الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم ; فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالفاتحة تشفى .
( الحادي عشر ) : الوافية ، قاله سفيان بن عيينة ، لأنها لا تتنصف ولا تحتمل الاختزال ، ولو قرأ من سائر السور نصفها في ركعة ، ونصفها الآخر في ركعة لأجزأ ; ولو نصفت الفاتحة في ركعتين لم يجز .
( الثاني عشر ) : الكافية ، قال يحيى بن أبي كثير : لأنها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها . يدل عليه ما روى محمد بن خلاد الإسكندراني قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أم القرآن عوض من غيرها وليس غيرها منها عوضا .
الخامسة : قال المهلب : إن موضع الرقية منها إنما هو إياك نعبد وإياك نستعين . وقيل : السورة كلها رقية ، لقوله عليه السلام للرجل لما أخبره : ( وما أدراك أنها رقية ) ولم يقل : أن فيها رقية ; فدل هذا على أن السورة بأجمعها رقية ، لأنها فاتحة الكتاب ومبدؤه ، ومتضمنة لجميع علومه ، كما تقدم والله أعلم .
السادسة : ليس في تسميتها بالمثاني وأم الكتاب ما يمنع من تسمية غيرها بذلك ، قال الله عز وجل : كتابا متشابها مثاني فأطلق على كتابه : مثاني ; لأن الأخبار تثنى فيه . وقد سميت السبع الطول أيضا مثاني ; لأن الفرائض والقصص تثنى فيها . قال ابن عباس : أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعا من المثاني ; قال : السبع الطول . ذكره النسائي ، وهي من ˝ البقرة ˝ إلى ˝ الأعراف ˝ ست ، واختلفوا في السابعة ، فقيل : يونس ، وقيل : الأنفال والتوبة ; وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير . وقال أعشى همدان :
فلجوا المسجد وادعوا ربكم وادرسوا هذي المثاني والطول
وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة ˝ الحجر ˝ إن شاء الله تعالى .
السابعة : المثاني جمع مثنى ، وهي التي جاءت بعد الأولى ، والطول جمع أطول . وقد سميت الأنفال من المثاني لأنها تتلو الطول في القدر . وقيل : هي التي تزيد آياتها على المفصل وتنقص عن المئين . والمئون : هي السور التي تزيد كل واحدة منها على مائة آية .
وفيه عشرون مسألة
الأولى : أجمعت الأمة على أن فاتحة الكتاب سبع آيات ; إلا ما روي عن حسين الجعفي : أنها ست ; وهذا شاذ . وإلا ما روي عن عمرو بن عبيد أنه جعل إياك نعبد آية ، وهي على عدة ثماني آيات ; وهذا شاذ . وقوله تعالى : ولقد آتيناك سبعا من المثاني ، وقوله : ( قسمت الصلاة ) الحديث ، يرد هذين القولين .
وأجمعت الأمة أيضا على أنها من القرآن . فإن قيل : لو كانت قرآنا لأثبتها عبد الله بن مسعود في مصحفه ، فلما لم يثبتها دل على أنها ليست من القرآن ، كالمعوذتين عنده .
فالجواب ما ذكره أبو بكر الأنباري قال : حدثنا الحسن بن الحباب حدثنا سليمان بن الأشعث حدثنا ابن أبي قدامة حدثنا جرير عن الأعمش قال : أظنه عن إبراهيم قال : قيل لعبد الله بن مسعود : لم لم تكتب فاتحة الكتاب في مصحفك ؟ قال لو كتبتها لكتبتها مع كل سورة . قال أبو بكر : يعني أن كل ركعة سبيلها أن تفتتح بأم القرآن قبل السورة المتلوة بعدها ، فقال : اختصرت بإسقاطها ، ووثقت بحفظ المسلمين لها ، ولم أثبتها في موضع فيلزمني أن أكتبها مع كل سورة ، إذ كانت تتقدمها في الصلاة .
الثانية : اختلفوا أهي مكية أم مدنية ؟ فقال ابن عباس وقتادة وأبو العالية الرياحي - واسمه رفيع - وغيرهم : هي مكية . وقال أبو هريرة ومجاهد وعطاء بن يسار والزهري وغيرهم : هي مدنية . ويقال : نزل نصفها بمكة ، ونصفها بالمدينة . حكاه أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي في تفسيره . والأول أصح لقوله تعالى : ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم والحجر مكية بإجماع . ولا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة . وما حفظ أنه كان في الإسلام قط صلاة بغير الحمد لله رب العالمين ; يدل على هذا قوله عليه السلام : ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) . وهذا خبر عن الحكم ، لا عن الابتداء ، والله أعلم . وقد ذكر القاضي ابن الطيب اختلاف الناس في أول ما نزل من القرآن ; فقيل : المدثر ، وقيل : اقرأ ، وقيل : الفاتحة . وذكر البيهقي في دلائل النبوة عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة : إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء وقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا قالت : معاذ الله ! ما كان الله ليفعل بك ، فوالله إنك لتؤدي الأمانة ، وتصل الرحم ، وتصدق الحديث . فلما دخل أبو بكر - وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم - ذكرت خديجة حديثه له ، قالت : يا عتيق ، اذهب مع محمد إلى ورقة بن نوفل . فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده ، فقال : انطلق بنا إلى ورقة ، فقال : ( ومن أخبرك ) . قال : خديجة ، فانطلقا إليه فقصا عليه ; فقال : إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في الأرض فقال : لا تفعل ، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني . فلما خلا ناداه : يا محمد ، قل بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين - حتى بلغ ولا الضالين ، قل : لا إله إلا الله . فأتى ورقة فذكر ذلك له ; فقال له ورقة : أبشر ثم أبشر ، فأنا أشهد أنك الذي بشر به عيسى ابن مريم ، وأنك على مثل ناموس موسى ، وأنك نبي مرسل ، وأنك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا ، وإن يدركني ذلك لأجاهدن معك . فلما توفي ورقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني يعني ورقة . قال البيهقي رضي الله عنه : هذا منقطع . يعني هذا الحديث ، فإن كان محفوظا فيحتمل أن يكون خبرا عن نزولها بعدما نزل عليه اقرأ باسم ربك و ياأيها المدثر .
الثالثة : قال ابن عطية : ظن بعض العلماء أن جبريل عليه السلام لم ينزل بسورة الحمد ; لما رواه مسلم عن ابن عباس قال : بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم ، سمع نقيضا من فوقه ، فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك ، فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم ; فسلم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ; لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته . قال ابن عطية : وليس كما ظن ، فإن هذا الحديث يدل على أن جبريل عليه السلام تقدم الملك إلى النبي صلى الله عليه وسلم معلما به وبما ينزل معه ; وعلى هذا يكون جبريل شارك في نزولها ; والله أعلم .
قلت : الظاهر من الحديث يدل على أن جبريل عليه السلام لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك . وقد بينا أن نزولها كان بمكة ، نزل بها جبريل عليه السلام ، لقوله تعالى : نزل به الروح الأمين وهذا يقتضي جميع القرآن ، فيكون جبريل عليه السلام نزل بتلاوتها بمكة ، ونزل الملك بثوابها بالمدينة . والله أعلم . وقد قيل : إنها مكية مدنية ، نزل بها جبريل مرتين ; حكاه الثعلبي . وما ذكرناه أولى . فإنه جمع بين القرآن والسنة ، ولله الحمد والمنة .
الرابعة : قد تقدم أن البسملة ليست بآية منها على القول الصحيح ، وإذا ثبت ذلك فحكم المصلي إذا كبر أن يصله بالفاتحة ولا يسكت ، ولا يذكر توجيها ولا تسبيحا ، لحديث عائشة وأنس المتقدمين وغيرهما ، وقد جاءت أحاديث بالتوجيه والتسبيح والسكوت ، قال بها جماعة من العلماء ; فروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنهما كانا يقولان إذا افتتحا الصلاة : سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك . وبه قال سفيان وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي . وكان الشافعي يقول بالذي روي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا افتتح الصلاة كبر ثم قال : وجهت وجهي الحديث ، ذكره مسلم ، وسيأتي بتمامه في آخر سورة الأنعام ، وهناك يأتي القول في هذه المسألة مستوفى إن شاء الله .
قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ يقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد واستعمل ذلك أبو هريرة . وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : للإمام سكتتان فاغتنموا فيهما القراءة . وكان الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وأحمد بن حنبل يميلون إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب .
الخامسة : واختلف العلماء في وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة ; فقال مالك وأصحابه : هي متعينة للإمام والمنفرد في كل ركعة . قال ابن خويز منداد البصري المالكي : لم يختلف قول مالك أنه من نسيها في صلاة ركعة من صلاة ركعتين أن صلاته تبطل ولا تجزيه . واختلف قوله فيمن تركها ناسيا في ركعة من صلاة رباعية أو ثلاثية ; فقال مرة : يعيد الصلاة ، وقال مرة أخرى : يسجد سجدتي السهو ; وهي رواية ابن عبد الحكم وغيره عن مالك . قال ابن خويز منداد وقد قيل : إنه يعيد تلك الركعة ويسجد للسهو بعد السلام . قال ابن عبد البر : الصحيح من القول إلغاء تلك الركعة ويأتي بركعة بدلا منها ، كمن أسقط سجدة سهوا . وهو اختيار ابن القاسم . وقال الحسن البصري وأكثر أهل البصرة والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي المدني : إذا قرأ بأم القرآن مرة واحدة في الصلاة أجزأه ولم تكن عليه إعادة ; لأنها صلاة قد قرأ فيها بأم القرآن ; وهي تامة لقوله عليه السلام : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن وهذا قد قرأ بها .
قلت : ويحتمل لا صلاة لمن لم يقرأ بها في كل ركعة ، وهو الصحيح على ما يأتي . ويحتمل لا صلاة لمن لم يقرأ بها في أكثر عدد الركعات ، وهذا هو سبب الخلاف والله أعلم .
وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي : إن تركها عامدا في صلاته كلها وقرأ غيرها أجزأه ; على اختلاف عن الأوزاعي في ذلك . وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن : أقله ثلاث آيات أو آية طويلة كآية الدين . وعن محمد بن الحسن أيضا قال : أسوغ الاجتهاد في مقدار آية ومقدار كلمة مفهومة ; نحو : الحمد لله ولا أسوغه في حرف لا يكون كلاما . وقال الطبري : يقرأ المصلي بأم القرآن في كل ركعة ، فإن لم يقرأ بها لم يجزه إلا مثلها من القرآن عدد آيها وحروفها . قال ابن عبد البر : وهذا لا معنى له ; لأن التعيين لها والنص عليها قد خصها بهذا الحكم دون غيرها ; ومحال أن يجيء بالبدل منها من وجبت عليه فتركها وهو قادر عليها ، وإنما عليه أن يجيء بها ويعود إليها ، كسائر المفروضات المتعينات في العبادات .
السادسة : وأما المأموم فإن أدرك الإمام راكعا فالإمام يحمل عنه القراءة ; لإجماعهم على أنه إذا أدركه راكعا أنه يكبر ويركع ولا يقرأ شيئا وإن أدركه قائما فإنه يقرأ ، وهي المسألة :
السابعة : ولا ينبغي لأحد أن يدع القراءة خلف إمامه في صلاة السر ; فإن فعل فقد أساء ; ولا شيء عليه عند مالك وأصحابه . وأما إذا جهر الإمام وهي المسألة :
الثامنة : فلا قراءة بفاتحة الكتاب ولا غيرها في المشهور من مذهب مالك ; لقول الله تعالى : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي أنازع القرآن ، وقوله في الإمام : إذا قرأ فأنصتوا ، وقوله : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة .
وقال الشافعي فيما حكى عنه البويطي وأحمد بن حنبل : لا تجزئ أحدا صلاة حتى يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة ، إماما كان أو مأموما ، جهر إمامه أو أسر . وكان الشافعي بالعراق يقول في المأموم : يقرأ إذا أسر ولا يقرأ إذا جهر ; كمشهور مذهب مالك . وقال بمصر : فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة قولان : أحدهما أن يقرأ والآخر يجزئه ألا يقرأ ويكتفي بقراءة الإمام . حكاه ابن المنذر . وقال ابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وابن حبيب والكوفيون : لا يقرأ المأموم شيئا ، جهر إمامه أو أسر ; لقوله عليه السلام : فقراءة الإمام له قراءة وهذا عام ، ولقول جابر : من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام .
التاسعة : الصحيح من هذه الأقوال قول الشافعي وأحمد ومالك في القول الآخر ، وأن الفاتحة متعينة في كل ركعة لكل أحد على العموم ; لقوله صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ، وقوله : من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا . وقال أبو هريرة : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أنه : ( لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد ) أخرجه أبو داود . كما لا ينوب سجود ركعة ولا ركوعها عن ركعة أخرى ، فكذلك لا تنوب قراءة ركعة عن غيرها ; وبه قال عبد الله بن عون وأيوب السختياني وأبو ثور وغيره من أصحاب الشافعي وداود بن علي ، وروي مثله عن الأوزاعي ; وبه قال مكحول .
وروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري وعثمان بن أبي العاص وخوات بن جبير أنهم قالوا : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب . وهو قول ابن عمر والمشهور من مذهب الأوزاعي ; فهؤلاء الصحابة بهم القدوة ، وفيهم الأسوة ، كلهم يوجبون الفاتحة في كل ركعة .
وقد أخرج الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني في سننه ما يرفع الخلاف ويزيل كل احتمال فقال : حدثنا أبو كريب حدثنا محمد بن فضيل ، ح ، وحدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر جميعا عن أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد لله وسورة في فريضة أو غيرها . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال للذي علمه الصلاة : وافعل ذلك في صلاتك كلها وسيأتي . ومن الحجة في ذلك أيضا ما رواه أبو داود عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري قال : أبطأ عبادة بن الصامت عن صلاة الصبح ; فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة فصلى أبو نعيم بالناس ، وأقبل عبادة بن الصامت وأنا معه حتى صففنا خلف أبي نعيم ، وأبو نعيم يجهر بالقراءة ; فجعل عبادة يقرأ بأم القرآن ; فلما انصرف قلت لعبادة : سمعتك تقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر ؟ قال : أجل ! صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فالتبست عليه ; فلما انصرف أقبل علينا بوجهه فقال : هل تقرءون إذا جهرت بالقراءة ؟ فقال بعضنا : إنا نصنع ذلك ; قال : فلا . وأنا أقول ما لي ينازعني القرآن فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن . وهذا نص صريح في المأموم . وأخرجه أبو عيسى الترمذي من حديث محمد بن إسحاق بمعناه ; وقال : حديث حسن . والعمل على هذا الحديث في القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ; وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق ، يرون القراءة خلف الإمام . وأخرجه أيضا الدارقطني وقال : هذا إسناد حسن ، ورجاله كلهم ثقات ; وذكر أن محمود بن الربيع كان يسكن إيلياء ، وأن أبا نعيم أول من أذن في بيت المقدس . وقال أبو محمد عبد الحق : ونافع بن محمود لم يذكره البخاري في تاريخه ولا ابن أبي حاتم ; ولا أخرج له البخاري ومسلم شيئا . وقال فيه أبو عمر : مجهول . وذكر الدارقطني عن يزيد بن شريك قال : سألت عمر عن القراءة خلف الإمام ، فأمرني أن أقرأ ، قلت : وإن كنت أنت ؟ قال : وإن كنت أنا ; قلت : وإن جهرت ؟ قال : وإن جهرت . قال الدارقطني : هذا إسناد صحيح . وروي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإمام ضامن فما صنع فاصنعوا . قال أبو حاتم : هذا يصح لمن قال بالقراءة خلف الإمام ; وبهذا أفتى أبو هريرة الفارسي أن يقرأ بها في نفسه حين قال له : إني أحيانا أكون وراء الإمام ، ثم استدل بقوله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرءوا يقول العبد الحمد لله رب العالمين الحديث .
العاشرة : أما ما استدل به الأولون بقوله عليه السلام : وإذا قرأ فأنصتوا أخرجه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري ; وقال : وفي حديث جرير عن سليمان عن قتادة من الزيادة وإذا قرأ فأنصتوا قال الدارقطني : هذه اللفظة لم يتابع سليمان التيمي فيها عن قتادة ; وخالفه الحفاظ من أصحاب قتادة فلم يذكروها ; منهم شعبة وهشام وسعيد بن أبي عروبة وهمام وأبو عوانة ومعمر وعدي بن أبي عمارة . قال الدارقطني : فإجماعهم يدل على وهمه . وقد روي عن عبد الله بن عامر عن قتادة متابعة التيمي ; ولكن ليس هو بالقوي ، تركه القطان . وأخرج أيضا هذه الزيادة أبو داود من حديث أبي هريرة وقال : هذه الزيادة إذا قرأ فأنصتوا ليست بمحفوظة . وذكر أبو محمد عبد الحق : أن مسلما صحح حديث أبي هريرة وقال : هو عندي صحيح .
قلت : ومما يدل على صحتها عنده إدخالها في كتابه من حديث أبي موسى وإن كانت مما لم يجمعوا عليها . وقد صححها الإمام أحمد بن حنبل وابن المنذر . وأما قوله تعالى : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا فإنه نزل بمكة ، وتحريم الكلام في الصلاة نزل بالمدينة - كما قال زيد بن أرقم فلا حجة فيها ; فإن المقصود كان المشركين ، على ما قال سعيد بن المسيب . وقد روى الدارقطني عن أبي هريرة أنها نزلت في رفع الصوت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال : عبد الله بن عامر ضعيف . وأما قوله عليه السلام : ( ما لي أنازع القرآن ) فأخرجه مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي ، واسمه فيما قال مالك : عمرو ، وغيره يقول عامر ، وقيل يزيد ، وقيل عمارة ، وقيل عباد ، يكنى أبا الوليد توفي سنة إحدى ومائة وهو ابن تسع وسبعين سنة ، لم يرو عنه الزهري إلا هذا الحديث الواحد ، وهو ثقة ، وروى عنه محمد بن عمرو وغيره . والمعنى في حديثه : لا تجهروا إذا جهرت فإن ذلك تنازع وتجاذب وتخالج ، اقرءوا في أنفسكم . يبينه حديث عبادة وفتيا الفاروق وأبي هريرة الراوي للحديثين . فلو فهم المنع جملة من قوله : ( ما لي أنازع القرآن ) لما أفتى بخلافه ، وقول الزهري في حديث ابن أكيمة : فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة ، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يريد بالحمد على ما بينا ; وبالله توفيقنا .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة فحديث ضعيف أسنده الحسن بن عمارة وهو متروك ، وأبو حنيفة وهو ضعيف ; كلاهما عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر . أخرجه الدارقطني وقال : رواه سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل بن يونس وشريك وأبو خالد الدالاني وأبو الأحوص وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وغيرهم ، عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب . وأما قول جابر : من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام ; فرواه مالك عن وهب بن كيسان عن جابر قوله . قال ابن عبد البر : ورواه يحيى بن سلام صاحب التفسير عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصوابه موقوف على جابر كما في الموطأ . وفيه من الفقه إبطال الركعة التي لا يقرأ فيها بأم القرآن ; وهو يشهد لصحة ما ذهب إليه ابن القاسم ورواه عن مالك في إلغاء الركعة والبناء على غيرها ولا يعتد المصلي بركعة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب . وفيه أيضا أنالإمام قراءته لمن خلفه قراءة ; وهذا مذهب جابر وقد خالفه فيه غيره .
الحادية عشرة : قال ابن العربي : لما قال صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب واختلف الناس في هذا الأصل هل يحمل هذا النفي على التمام والكمال ، أو على الإجزاء ؟ اختلفت الفتوى بحسب اختلاف حال الناظر ، ولما كان الأشهر في هذا الأصل والأقوى أن النفي على العموم ، كان الأقوى من رواية مالك أن من لم يقرأ الفاتحة في صلاته بطلت . ثم نظرنا في تكرارها في كل ركعة ; فمن تأول قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) لزمه أن يعيد القراءة كما يعيد الركوع والسجود . والله أعلم .
الثانية عشرة : ما ذكرناه في هذا الباب من الأحاديث والمعاني في تعيين الفاتحة يرد على الكوفيين قولهم في أن الفاتحة لا تتعين ، وأنها وغيرها من آي القرآن سواء . وقد عينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله كما ذكرناه ; وهو المبين عن الله تعالى مراده في قوله : وأقيموا الصلاة . وقد روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر . فدل هذا الحديث على أن قوله عليه السلام للأعرابي : اقرأ ما تيسر معك من القرآن ما زاد على الفاتحة ، وهو تفسير قوله تعالى : فاقرءوا ما تيسر منه وقد روى مسلم عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن - زاد في رواية - فصاعدا . وقوله عليه السلام : ( هي خداج - ثلاثا - غير تمام ) أي غير مجزئة بالأدلة المذكورة . والخداج : النقص والفساد . قال الأخفش : خدجت الناقة ; إذا ألقت ولدها لغير تمام ، وأخدجت إذا قذفت به قبل وقت الولادة وإن كان تام الخلق .
والنظر يوجب في النقصان ألا تجوز معه الصلاة ، لأنها صلاة لم تتم ; ومن خرج من صلاته وهي لم تتم فعليه إعادتها كما أمر ، على حسب حكمها . ومن ادعى أنها تجوز مع إقراره بنقصها فعليه الدليل ، ولا سبيل إليه من وجه يلزم ، والله أعلم .
الثالثة عشرة : روي عن مالك أن القراءة لا تجب في شيء في الصلاة ; وكذلك كان الشافعي يقول بالعراق فيمن نسيها ، ثم رجع عن هذا بمصر فقال : لا تجزئ صلاة من يحسن فاتحة الكتاب إلا بها ، ولا يجزئه أن ينقص حرفا منها ; فإن لم يقرأها أو نقص منها حرفا أعاد صلاته وإن قرأ بغيرها . وهذا هو الصحيح في المسألة . وأما ما روي عن عمر رحمه الله أنه صلى المغرب فلم يقرأ فيها ، فذكر ذلك له فقال : كيف كان الركوع والسجود ؟ قالوا : حسن ، قال : لا بأس إذا ، فحديث منكر اللفظ منقطع الإسناد ، لأنه يرويه إبراهيم بن الحارث التيمي عن عمر ، ومرة يرويه إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عمر ، وكلاهما منقطع لا حجة فيه ; وقد ذكره مالك في الموطأ ، وهو عند بعض الرواة وليس عند يحيى وطائفة معه ، لأنه رماه مالك من كتابه بأخرة ، وقال ليس عليه العمل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج وقد روي عن عمر أنه أعاد تلك الصلاة ; وهو الصحيح عنه . روى يحيى بن يحيى النيسابوري قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن همام بن الحارث أن عمر نسي القراءة في المغرب فأعاد بهم الصلاة . قال ابن عبد البر : وهذا حديث متصل شهده همام من عمر ; روي ذلك من وجوه . وروى أشهب عن مالك قال : سئل مالك عن الذي نسي القراءة ، أيعجبك ما قال عمر ؟ فقال : أنا أنكر أن يكون عمر فعله - وأنكر الحديث - وقال : يرى الناس عمر يصنع هذا في المغرب ولا يسبحون به ! أرى أن يعيد الصلاة من فعل هذا .
الرابعة عشرة : أجمع العلماء على أن لا صلاة إلا بقراءة ، على ما تقدم من أصولهم في ذلك . وأجمعوا على أن لا توقيت في ذلك بعد فاتحة الكتاب ، إلا أنهم يستحبون ألا يقرأ مع فاتحة الكتاب إلا سورة واحدة لأنه الأكثر مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال مالك : وسنة القراءة أن يقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة ، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب . وقال الأوزاعي : يقرأ بأم القرآن فإن لم يقرأ بأم القرآن وقرأ بغيرها أجزأه ، وقال : وإن نسي أن يقرأ في ثلاث ركعات أعاد . وقال الثوري : يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ، ويسبح في الأخريين إن شاء ، وإن شاء قرأ ، وإن لم يقرأ ولم يسبح جازت صلاته ، وهو قول أبي حنيفة وسائر الكوفيين .
قال ابن المنذر : وقد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : اقرأ في الأوليين وسبح في الأخريين ، وبه قال النخعي . قال سفيان : فإن لم يقرأ في ثلاث ركعات أعاد الصلاة لأنه لا تجزئه قراءة ركعة . قال : وكذلك إن نسي أن يقرأ ركعة في صلاة الفجر . وقال أبو ثور : لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة ، كقول الشافعي المصري ، وعليه جماعة أصحاب الشافعي . وكذلك قال ابن خويز منداد المالكي ; قال : قراءة الفاتحة واجبة عندنا في كل ركعة ، وهذا هو الصحيح في المسألة . روى مسلم عن أبي قتادة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ، ويسمعنا الآية أحيانا ، وكان يطول في الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية ، وكذلك في الصبح . وفي رواية : ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ; وهذا نص صريح وحديث صحيح لما ذهب إليه مالك . ونص في تعين الفاتحة في كل ركعة ; خلافا لمن أبى ذلك ، والحجة في السنة لا فيما خالفها .
الخامسة عشرة : ذهب الجمهور إلى أن ما زاد على الفاتحة من القراءة ليس بواجب ; لما رواه مسلم عن أبي هريرة قال : في كل صلاة قراءة ، فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أسمعناكم ، وما أخفى منا أخفينا منكم ; فمن قرأ بأم القرآن فقد أجزأت عنه ، ومن زاد فهو أفضل . وفي البخاري : وإن زدت فهو خير . وقد أبى كثير من أهل العلم ترك السورة لضرورة أو لغير ضرورة ; منهم عمران بن حصين وأبو سعيد الخدري وخوات بن جبير ومجاهد وأبو وائل وابن عمر وابن عباس وغيرهم ; قالوا : لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها من القرآن ; فمنهم من حد آيتين ، ومنهم من حد آية ، ومنهم من لم يحد ، وقال : شيء من القرآن معها ; وكل هذا موجب لتعلم ما تيسر من القرآن على كل حال مع فاتحة الكتاب ; لحديث عبادة وأبي سعيد الخدري وغيرهما . وفي المدونة : وكيع عن الأعمش عن خيثمة قال : حدثني من سمع عمر بن الخطاب يقول : لا تجزئ صلاة من لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها .
واختلف المذهب في قراءة السورة على ثلاثة أقوال : سنة ، فضيلة ، واجبة .
السادسة عشرة : من تعذر ذلك عليه بعد بلوغ مجهوده فلم يقدر على تعلم الفاتحة أو شيء من القرآن ولا علق منه بشيء ، لزمه أن يذكر الله في موضع القراءة بما أمكنه من تكبير أو تهليل أو تحميد أو تسبيح أو تمجيد أو لا حول ولا قوة إلا بالله ، إذا صلى وحده أو مع إمام فيما أسر فيه الإمام ; فقد روى أبو داود وغيره عن عبد الله بن أبي أوفى قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا ، فعلمني ما يجزئني منه ; قال : قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ; قال : يا رسول الله ، هذا لله ، فما لي ؟ قال : قل اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني .
السابعة عشرة : فإن عجز عن إصابة شيء من هذا اللفظ فلا يدع الصلاة مع الإمام جهده ; فالإمام يحمل ذلك عنه إن شاء الله ; وعليه أبدا أن يجهد نفسه في تعلم فاتحة الكتاب فما زاد ، إلى أن يحول الموت دون ذلك وهو بحال الاجتهاد فيعذره الله .
الثامنة عشرة : من لم يواته لسانه إلى التكلم بالعربية من الأعجميين وغيرهم ترجم له الدعاء العربي بلسانه الذي يفقه لإقامة صلاته ; فإن ذلك يجزئه إن شاء الله تعالى .
التاسعة عشرة : لا تجزئ صلاة من قرأ بالفارسية وهو يحسن العربية في قول الجمهور . وقال أبو حنيفة : تجزئه القراءة بالفارسية وإن أحسن العربية ; لأن المقصود إصابة المعنى . قال ابن المنذر : لا يجزئه ذلك ; لأنه خلاف ما أمر الله به ، وخلاف ما علم النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلاف جماعات المسلمين . ولا نعلم أحدا وافقه على ما قال .
الموفية عشرين : من افتتح الصلاة كما أمر وهو غير عالم بالقراءة ، فطرأ عليه العلم بها في أثناء الصلاة ويتصور ذلك بأن يكون سمع من قرأها فعلقت بحفظه من مجرد السماع فلا يستأنف الصلاة ; لأنه أدى ما مضى على حسب ما أمر به ; فلا وجه لإبطاله قاله في كتاب ابن سحنون .
فيه ثمان مسائل :
الأولى : ويسن لقارئ القرآن أن يقول بعد الفراغ من الفاتحة بعد سكتة على نون ˝ ولا الضالين ˝ : آمين ، ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن .
الثانية : ثبت في الأمهات من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه . قال علماؤنا رحمة الله عليهم : فترتبت المغفرة للذنب على مقدمات أربع تضمنها هذا الحديث . الأولى : تأمين الإمام ، الثانية : تأمين من خلفه ، الثالثة : تأمين الملائكة ، الرابعة : موافقة التأمين ، قيل في الإجابة ، وقيل في الزمن ، وقيل في الصفة من إخلاص الدعاء ، لقوله عليه السلام : ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه .
الثالثة : روى أبو داود عن أبي مصبح المقرائي قال : كنا نجلس إلى أبي زهير النميري وكان من الصحابة ، فيحدث أحسن الحديث ، فإذا دعا الرجل منا بدعاء قال : اختمه بآمين . فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة . قال أبو زهير ألا أخبركم عن ذلك ، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فأتينا على رجل قد ألح في المسألة ، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم يسمع منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أوجب إن ختم فقال له رجل من القوم : بأي شيء يختم ؟ قال : بآمين فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب فانصرف الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى الرجل فقال له : اختم يا فلان وأبشر . قال ابن عبد البر : أبو زهير النميري اسمه يحيى بن نفير روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تقتلوا الجراد فإنه جند الله الأعظم . وقال وهب بن منبه : آمين أربعة أحرف يخلق الله من كل حرف ملكا يقول : اللهم اغفر لكل من قال آمين . وفي الخبر ( لقنني جبريل آمين عند فراغي من فاتحة الكتاب وقال إنه كالخاتم على الكتاب ) وفي حديث آخر : آمين خاتم رب العالمين . قال الهروي قال أبو بكر : معناه أنه طابع الله على عباده ; لأنه يدفع [ به عنهم ] الآفات والبلايا ; فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه ، ويمنع من إفساده وإظهار ما فيه . وفي حديث آخر آمين درجة في الجنة . قال أبو بكر : معناه أنه حرف يكتسب به قائله درجة في الجنة .
الرابعة : معنى آمين عند أكثر أهل العلم : اللهم استجب لنا ; وضع موضع الدعاء . وقال قوم : هو اسم من أسماء الله ; روي عن جعفر بن محمد ومجاهد وهلال بن يساف ورواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح ; قاله ابن العربي . وقيل معنى آمين : كذلك فليكن ; قاله الجوهري . وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معنى آمين ؟ قال : ( رب افعل ) . وقال مقاتل : هو قوة للدعاء ، واستنزال للبركة . وقال الترمذي : معناه لا تخيب رجاءنا .
الخامسة : وفي آمين لغتان : المد على وزن فاعيل كياسين . والقصر على وزن يمين . قال الشاعر في المد :
يا رب لا تسلبني حبها أبدا ويرحم الله عبدا قال آمينا
وقال آخر :
آمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أبلغها ألفين آمينا
وقال آخر في القصر :
تباعد مني فطحل إذ سألته أمين فزاد الله ما بيننا بعدا
وتشديد الميم خطأ ; قال الجوهري . وقد روي عن الحسن وجعفر الصادق التشديد ; وهو قول الحسين بن الفضل ; من ˝ أم ˝ إذا قصد ، أي نحن قاصدون نحوك ; ومنه قوله : ولا آمين البيت الحرام . حكاه أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري . قال الجوهري : وهو مبني على الفتح مثل أين وكيف ; لاجتماع الساكنين . وتقول منه : أمن فلان تأمينا .
السادسة : اختلف العلماء هل يقولها الإمام وهل يجهر بها ; فذهب الشافعي ومالك في رواية المدنيين إلى ذلك . وقال الكوفيون وبعض المدنيين : لا يجهر بها . وهو قول الطبري ، وبه قال ابن حبيب من علمائنا . وقال ابن بكير : هو مخير . وروى ابن القاسم عن مالك أن الإمام لا يقول آمين وإنما يقول ذلك من خلفه ; وهو قول ابن القاسم والمصريين من أصحاب مالك . وحجتهم حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قال ˝ غير المغضوب عليهم ولا الضالين ˝ فقولوا آمين يجبكم الله وذكر الحديث ، أخرجه مسلم . ومثله حديث سمي عن أبي هريرة ; وأخرجه مالك . والصحيح الأول لحديث وائل بن حجر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ولا الضالين قال : ˝ آمين ˝ يرفع بها صوته ; أخرجه أبو داود والدارقطني ، وزاد ˝ قال أبو بكر : هذه سنة تفرد بها أهل الكوفة ، هذا صحيح والذي بعده ˝ . وترجم البخاري ˝ باب جهر الإمام بالتأمين ˝ .
وقال عطاء : ˝ آمين ˝ دعاء ، أمن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد للجة . قال الترمذي : وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ، يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين ولا يخفيها . وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق . وفي الموطأ والصحيحين قال ابن شهاب : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ˝ آمين ˝ . وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة قال : ترك الناس آمين ; وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : ˝ آمين ˝ حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد . وأما حديث أبي موسى وسمي فمعناهما التعريف بالموضع الذي يقال فيه آمين ; وهو إذا قال الإمام : ولا الضالين ليكون قولهما معا ، ولا يتقدموه بقول : آمين ; لما ذكرناه ، والله أعلم . ولقوله عليه السلام : إذا أمن الإمام فأمنوا . وقال ابن نافع في كتاب ابن الحارث : لا يقولها المأموم إلا أن يسمع الإمام يقول : ولا الضالين . وإذا كان ببعد لا يسمعه فلا يقل . وقال ابن عبدوس : يتحرى قدر القراءة ويقول : آمين .
السابعة : قال أصحاب أبي حنيفة : الإخفاء بآمين أولى من الجهر بها لأنه دعاء ، وقد قال الله تعالى : ادعوا ربكم تضرعا وخفية . قالوا : والدليل عليه ما روي في تأويل قوله تعالى : قد أجيبت دعوتكما . قال : كان موسى يدعو وهارون يؤمن ، فسماهما الله داعيين .
الجواب : أن إخفاء الدعاء إنما كان أفضل لما يدخله من الرياء . وأما ما يتعلق بصلاة الجماعة فشهودها إشهار شعار ظاهر ، وإظهار حق يندب العباد إلى إظهاره ; وقد ندب الإمام إلى إشهار قراءة الفاتحة المشتملة على الدعاء والتأمين في آخرها ; فإذا كان الدعاء مما يسن الجهر فيه فالتأمين على الدعاء تابع له وجار مجراه ; وهذا بين .
الثامنة : كلمة آمين لم تكن قبلنا إلا لموسى وهارون عليهما السلام . ذكر الترمذي الحكيم في ( نوادر الأصول ) : حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال حدثنا أبي قال حدثنا رزين مؤذن مسجد هشام بن حسان قال حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أعطى أمتي ثلاثا لم تعط أحدا قبلهم السلام وهو تحية أهل الجنة وصفوف الملائكة وآمين إلا ما كان من موسى وهارون قال أبو عبد الله : معناه أن موسى دعا على فرعون ، وأمن هارون ، فقال الله تبارك اسمه عندما ذكر دعاء موسى في تنزيله : قد أجيبت دعوتكما ولم يذكر مقالة هارون ; وقال موسى : ربنا ، فكان من هارون التأمين ، فسماه داعيا في تنزيله ، إذ صير ذلك منه دعوة . وقد قيل : إن أمين خاص لهذه الأمة ; لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين أخرجه ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال . . . ; الحديث . وأخرج أيضا من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين . قال علماؤنا رحمة الله عليهم : إنما حسدنا أهل الكتاب لأن أولها حمد لله وثناء عليه ثم خضوع له واستكانة ، ثم دعاء لنا بالهداية إلى الصراط المستقيم ، ثم الدعاء عليهم مع قولنا آمين .
وفيه ست وثلاثون مسألة :
الأولى : قوله سبحانه وتعالى : الحمد لله روى أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال العبد الحمد لله قال صدق عبدي الحمد لي . وروى مسلم عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحم. ❝
❞ إن الناس تتصارع دائمًا لأجل زيادة الرزق، وتتصارع دائمًا لأجل زيادة العمر، لكن الذي لا يعرفه كثير من الناس أن الشجاعة لا تقلل أبدًا من الأرزاق، ولا تقصر مطلقًا من الأعمار، وأن الجبن لا يكثر من المال المقسوم للإنسان، ولا يخلده في الحياة.. ❝ ⏤راغب السرجاني
❞ إن الناس تتصارع دائمًا لأجل زيادة الرزق، وتتصارع دائمًا لأجل زيادة العمر، لكن الذي لا يعرفه كثير من الناس أن الشجاعة لا تقلل أبدًا من الأرزاق، ولا تقصر مطلقًا من الأعمار، وأن الجبن لا يكثر من المال المقسوم للإنسان، ولا يخلده في الحياة. ❝