❞ يقول القانون: عندما يقتل أحدهم الآخر، يُعاقب القاتل ويُسجن، حتى وإن كان المقتول قد استخدم أبشع وسائل التعذيب معه او مع غيرة. ويظل الناس يهتفون:
\"إنه مجرم وقاتل، ويجب أن يُعاقب!\"
وتبعًا لاختلاف القوانين، قد يُحكم على القاتل بالسجن المؤبد، فيقضي بقية حياته يدفع الثمن،
وقد يُحكم عليه بالإعدام شنقًا، ويُقال حينها:
\"من قتل يُقتل!\"
عبارة جميلة، أليس كذلك؟
نحن لا نقول إن من يقتل لا يُعاقب،
لكن، لماذا لا ينص القانون — أو يشترط — أن من يقتل مجرمًا يعيث في الأرض فسادًا، لا يُعد مجرمًا؟
وجهة نظر، أليس كذلك؟
ويبقى السؤال:
«هل مَن يقتل شخصًا قد نسي معنى الإنسانية، وأصبح اليد العُليا لإبليس على وجه الأرض… هل يكون مجرمًا؟!»
_______________________
أولًا:
مدّ يده نحو قبضة الباب، فتحه بهدوء ودخل إلى المكتب، ليجده جالسًا في سكينة، يقرأ كتابًا جديدًا بنظرات غارقة في التأمل. التفت إليه بطرف عينه وقال بنبرة خافتة:
– احكى.
– دي القضية الجديدة
ظل عثمان يقلب صفحات الكتاب بمللٍ خافت، دون أن تظهر عليه علامات الدهشة، تلك التي كانت ترافقه في الماضي، ثم قال بتنهيدةٍ ثقيلة:
– وبعدين؟
تحدّث رائد بحماسة مشتعلة:
– أيوه يا \"كينج بيه\"، دي قضية السفاح لغايت دلوقتي الضحايا عشرة!
لم يُعره عثمان انتباهًا، اكتفى برفع حاجبيه دون أي أثرٍ من اندهاش، ثم كرر:
– وبعدين؟
عقد رائد حاجبيه باستغراب.
– وبعدين اي؟!
تنفس عثمان بعمق، وزفره بضيق، ثم أغلق كتابه ونهض مغادرًا المكتب. لم يتفاجأ رائد، فقد اعتاد على هذا الطبع؛ فذاك الرجل، بخبرته ودهائه، لم يخسر قضية في حياته، حتى بات لا يأبه لشيء، وكأن الأحداث تمر من حوله دون أن تمسّه.
---
جلس الشباب حول أوراقهم المتناثرة، يدرسون في جوف الليل استعدادًا لامتحان الغد.
– السؤال ده مش هييجي في الامتحان، قالها أحدهم بتكاسل.
ضحك\" هشام\" بسخريةٍ ممزوجة بشفقة على نفسه...
– آه، مش بييجي غيره في الامتحان اسكت يا كامل، خليك ساكت أحسن!
نظر كامل إلى صديقه الجالس في أحد الأركان، منشغلًا بلعبته يصدر ضجيجًا طفوليًا، ثم صرخ بعينين متسعتين:
– ماهيييير!
ردّ ماهر متمايعًا مثل الراقصات:
– يا نعاااام؟
_ ذاكر يا حبيبي.
لوى ثغرة بانزعاج و تجاهل:
– ماشي، ماشي..
في ليلة الامتحان
التفت حوله بحذر، ليتأكد من خلو المكان من المراقبة، ثم همس لهشام الذي بدا مستغرقًا في ورقته بعينين متوترتين:
– هشام... ولا يا هشام...
التفت إليه هشام بحذر و صوت هامس:
– ماااهر، سيبني في حالي.
– طب قوللي دي صح ولا غلط بس.
قالها ماهر متوسلًا، لكن هشام انزعج أكثر، وردّ وهو يجز على أسنانه:
– يعني \"صح وغلط\" هي اللي عاملالك أزمة؟ Are you crazy?
لاحظ المراقب حركتهما، فتوجّه إلى هشام:
– في حاجة يا هشام؟
أجاب هشام وهو يحاول السيطرة على ملامحه:
– لا..لا... خالص.
رفع المراقب صوته محذرًا:
– فاضل عشر دقايق على نص الوقت، اللي خلص يراجع.
_________________
خرج كامل إلى الساحة يبحث عن أصدقائه:
– عملتوا إيه؟
أجابه ماهر بثقة وسذاجة:
– يا عم ده امتحان أحياء!
رفع هشام حاجبه باستنكار:
– آه، عشان بيغش مني.
التفت له كامل متفهمًا:
– أمم... ماهر؟
– نعم؟
– Go to hell.
– وأنا وأنت إن شاء الله!
ضحكت لينا على سذاجتهما:
– استغفر الله العظيم يا رب...
ثم أغمضت عينيها بخبث وقالت:
– والسؤال الأخير؟
– ماله؟
قالت رنا وقد رفعت حاجبيها:
– آه، عملت فيه إيه؟ أكيد هتقولي يا عمتو \"ده عليه خمس نقط بس، مش هيفرق\"... صح؟
اتّكأ ماهر على كتف كامل، وظل يحكّ أنفه وهو يحاول تغيير الموضوع:
– بصراحة... استحي أقولك \"يا عمتي\"، لأنك أكبر منها.
اتسعت عيناها صدمة، وانفجرت ضاحكة مع من حولها:
– إيييييييييييه! عمّتك مين اللي أنا أكبر منها؟!
زفر كامل بضيق:
– بس بقى، عايزين نمشي!
نظر هشام جانبًا، فرأى صديقه \"كريم\" يلوّح له بعد أن أنهى امتحان التاريخ. ذهب إليه تاركًا رفاقه خلفه.
ظل كامل يراقب كريم بعينٍ يملؤها الحقد، فلاحظ ماهر نظرته وقال:
– مالك؟
أجابه كامل بنبرة حاقده:
– مفيش
نظرت لينا إليه متعجبة،
ثم انتبه ماهر فجأة:
– استنى... السؤال الأخير عليه خمس درجات؟!
---
– التاريخ كان حلو.
– كان عادي.
ثم وجه أنظاره لأصدقاء هشام، وحدّق في كامل ثم عاد لينظر إلى هشام، وقال بسخرية:
– أخبار كامل إيه؟ حل كويس؟
تعجب هشام من نبرته الجديدة:
– آه، حل كويس.
وصلت سيارة هشام، ركبها ليجد شقيقه الأصغر جالسًا:
– إنت بتعمل إيه هنا؟ كنت فاكر إنك لسه نايم!
نظر إليه آدم بخبث:
– إزاي أنام وأخويا في الامتحان؟ جيت أطمن عليك... عملت إيه؟
ابتسم هشام بسخرية وهو يتذكر إزعاجه المعتاد:
– يا سلام على الكرم...
ثم تمتم وهو يلتفت عنه:
– عيل بارد.
ابتسم آدم ابتسامة صفراء:
– بتقول حاجة يا ميشو؟
– لا... سلمتك، ده أنا بكح.
_________________________
– لسه بتغلبني زي زمان يا عثمان.
قالها \"جاسر\" وهو يحرّك قطعة الشطرنج، مسلِّمًا بالخسارة.
اعتدل عثمان في جلسته بعد فوزه، وسأل بهدوء:
– الأولاد عملوا إيه في الامتحان؟
تمتم \"جاسر\" بنبرة منزعجة:
– هو أنا لسه ما كبرت على الخسارة ولا إيه؟
– بتقول إيه؟
– هاا. هشام بعتلي وقال إن الامتحان كان سهل... هتعمل إيه في القضية؟
ردّ عثمان بانزعاج:
– طيب ما هي في إيدك إنت ويحيى... أنا هعمل فيها إيه؟
نظر له \"جاسر\" بتوسُّل:
– يا عثمان، أنا مقدرش أعمل حاجة من غيرك، ولا من غير يحيى.
مال عثمان برأسه إلى الخلف، لا يزال متردِّدًا.
أعاد \"جاسر\" قطع الشطرنج إلى مكانها، وقال كأنه يسترجع زمنًا مضى:
– فاكر لما كنا إحنا الأربعة دايمًا سوا؟ أنا وإنت ويحيى وجودات؟
تغيّرت ملامح عثمان، ونظر إليه بعين مليئة بالحزن والغضب:
– أنا دلوقتي مش فارق معايا غير حاجة واحدة... عايز أعرف بنتي فين.
اتّسعت عينا \"جاسر\" من الصدمة، فتابع عثمان وهو ينهض:
– سلّملي على أريج والعيال.
خرج من الغرفة، ثم جلس علي مكتبه مغمضً عينيه، وتنهد بتعب. غرق في الذكريات...
– هي \"آرين\" لسه ما رجعتش من الامتحان؟
سأل عثمان زوجته \"سيرين\" بقلق.
– لأ... اتأخرت شوية.
بعد دقائق، فُتح الباب، ودخلت فتاة بشعر قصير وعيون بُنِّية لامعة، تقول بمرح:
– أنا جِيييييت!
ابتسمت \"سيرين\" براحة:
– تعالي، عملتي إيه؟
جلست \"آرين\" على الأريكة وسط والديها، السعادة واضحة على ملامحها، وهي تمسك ورقه الامتحان قائلة
– كان سهل!
أخذ عثمان الورقة وهو يبتسم، ثم بدأ يضحك ويدغدغها:
– يعني كان سهل وسايبانا قلقانين عليكِ؟! وامبارح كنتِ بتعيطي ومش عارفة تحلي حاجة!
توقفت ذكرياته فجأة لتعد به لليوم الذي انتهى فيه كل شيء
في سنة 2020، بعد فكّ الحظر التجول، كان عثمان يقود السيارة وبجواره سيرين وخلفه آرين.
لاحظ عثمان ان هناك سيارة لونها اسود تدبعهم منذ مده، ثم غيّر طريقه ليتأكّد من شكوكه.
– الطريق ده مش طريقنا!
قالتها سيرين بقلق.
– عارف.
اتكأت سيرين علي نافذة السيارة لتنظر في المرآة ملاحظه ان هناك سيارة خلفهم، فهمت سيرين مايحدث ثم تساءلت:
– مين دول؟
– مش عارف.
قالتها وهو يضغط على البنزين، لكن السيّارة لم تستجب.
وضعت آرين قدميها علي مقعد السيارة ونظرت من الزجاج الخلفي:
– بابا، العربيّة دي ماشيه ورانا ليه؟
– مش بتمشي ورانا ياحببتي اقعدي كويس بس. اجابتها\" سيرين\" وهي تنظر لزوجها محاولة فهم شيء
– بس أنا شايفاها من ساعة ما كنا في المول!
نظرت سيرين لعثمان قائلة بصوت غاضب:
– ايييه...و إزاي ما خدتش بالك من حاجة زي دي؟
وفجأة، ظهرت سيارات أخرى، وحاصرتهم. ضغط عثمان على البنزين بكل قوّته... لكنه لم يعمل.
أدركت سيرين خطورة الموقف، فالتفتت لابنتها:
– اربطي الحزام كويس، يلا يا حبيبتي.
همّت بالكلام وهي تنظر له بقلق ، فقاطعها عثمان:
– متقلقيش؟!
رفعت سيرين صوتها بغض:
_ مقلقش! مقلقش ازي؟
– بنتك قعدة ورا... ما تخوّفيهاش!
مدّت سيرين يدها لأرين، لكن لم تمر لحظات...
واصطدمت سيارتهم بسيارة من الجهة المقابلة، اتنهى الحادث بنقلاب سيارة عثمان من اعلى المنحدر، ذهبت تلك السيارات بعد ان نفذت مخططها
بعد دقائق قليله
فتحت آرين عينيها ببطء، لتنصدم من مشهد ابويها الملطخين بالدماء، ارتجف جسدها، ثم نادت:
– با. بابا... ماما...
وظلت تحاول ايقاظهم، ترقرقت الدموع في عينيها، ثم انفجرت بالبكاء، في تلك اللحظة فتح عثمان عينه بتعب شديد ينظر لأبنتة التي تبكي بشدة وزوجتة الملطخه بالدماء ساكنة في مكانها بلا حركه
حاول التحدث معها لتهدئتها
_ ا. ارين
توقفت ارين عن البكاء بعد سماع صوت ابيها قائله بلهفه:
– با. بابا بابا أنت كويس
ثم بكت مجدداً قائله
– بابا، ماما مش بتتنفس
حاول عثمان أن يعتدل، لكن جسده لا يساعده، مسح دموعها بصعوبة، وقال:
– متخافيش يا حبيبتي... ماما كويسة...
بدأت عينيها تغلق ببطء، ثم فسقطت أمامه. صرخ عثمان قلقاً عليها :
– آرين... آرييييييين!
لم يشعر عثمان بنفسه إلا وهو يفتح عينيه ليجد نفسه في المشفى، غير قادر علي الحراك بسبب جسده مثقّل بالجبائر، ثم وجد امامه رئيس الاطباء بنفسه، اللذي ابتسم عندما افاق من مفعول المخدر
– حمدالله على السلامة، عثمان بيه.
أول ما خطر بباله هو مشهد زوجته وابنته،ثم قال بلهفه:
– سيرين و آرين هما كويسين صح؟
– مدام سيرين لسه خارجة من العمليات، حالتها مستقرة.
تعجب عثمان عندما لم يذكر ابنته قائلاً بتوتر
– وبنتي؟
سكت الطبيب، ثم قال:
– آسف عثمان بيه بس بنت حضرتك ماكنتش موجودة معاكم.
اتسعت عينا عثمان بصدمه بمحاوله النهض:
– إيييه؟! يعني إيه ماكنتش معانا؟!
حاول الطبيب تهدئته:
– اهدى عثمان بيه هتأزي نفسك.
تنهد بصعوبه وتعب ومشاعر ممزوجه بالعجز
– آرين...!
\"الحاضر\"
عاد \"عثمان\" من محيط الذكرياته الاليم، وهو يتنفس بصعوبة، ثم وضع يديه على وجهه، غير مُصدّق أن ابنته الوحيدة قد ضاعت من بين يديه، قطع كل تلك الافكار دخول \"رائد\" علية ليُخبره بشيء يخص القضية:
– كينغ بيه...
لكن عثمان أمسك بيده، وقال بثبات:
– أنا موقّف.
بين لينا ورنا:
– شايفة كان بيبص إزاي؟!
لكن \"رنا\" لم ترفع عينها عن الهاتف:
– أول مرة أشوف كامل كده، بس عادي... إيه المشكلة؟
سحبت لينا هاتف رنا بنزعاج:
– يابنتِ كامل مش حقود.
ضحكت \"رنا\" من كلامها وقالت بخبث:
– بتقولي إيه؟! كامل مالو؟!
احرجت لينا مردفه
– الغلط غلطتي إني كلمتك أصلاً.
– غوري يابت أنتِ عارفه تعملي حاجه، روحي شوفي الاكل اللي حرقتيه جوه.
ظلت \"جيدا\" تشير بعينيها لآرين مراراً وتكراراً:
– مش بتاكلي ليه؟
– أنا اللي مش باكل برضو؟!
– عملتي إيه في الامتحان؟
– الحمد لله.
اتجهت جيدآ بالموضوع لمكان اخر
– حاولتي تفتكري حاجة؟
– حاجه زي إيه؟
– زي... أمك وأبوك مثلاً؟
وضعت \"آرين\" الملعقة، وقالت بغضب:
– لأ!.. وبلاش تفتحي الموضوع ده تاني.
– أنا بس عايزة مصلحتك... انتِ لو مكنتيش عرفتيني اسمك اليوم ده كان زمانك متعرفهوش أصلاً .
– واسمي ساعدني في إيه يعني؟
وقفت، تركت الطعام. حاولت جيدَا تهدئتها:
– طب اقعدي كمّلي أكلك.
– لا شكرًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في نهارٍ قائظ، وتحت شمسٍ تلسع الأجساد، وقف كلٌّ من عثمان وجاسر ومساعديهما عند موقع أول جريمة. كان الحرُّ يذيب الصبر، والعرق يتصبب من الوجوه. أمسك فارس، مساعد جاسر، بالأوراق وبدأ يرتّبها بعناية وهو يقرأ:
• حسين محمد أبو زيد، أول الضحايا.
قُتل يوم السبت، 29 أبريل 2023، وكان يعمل موظفًا في بنك.
عقد رائد حاجبيه، وأمال رأسه بتعجب:
_ موظف؟! إيه اللي يخلي حد يقتل موظف؟!
رفع فارس عينيه ببطء، ونظر إليه بنظرة ازدراء خالية من الكلمات، وكأن حديثه لم يستحق الرد. تبادل جاسر وعثمان الحديث بانزعاج، فالحرُّ كاد يخرس أفواههم، والعرق لم يترك بقعة في أجسادهم إلا واحتلها.
قال جاسر، متنهدًا:
_ ليه لازم نروح كل الأماكن اللي حصلت فيها جرائم القتل؟ إيه لازمتها؟!
كان عثمان ينظر للأرض، يتأمل رسم الطباشير حول جسد الضحية، ثم قال بنبرة خافتة، وبدن منحنٍ إلى الأمام كأنّه يلاحق خيطًا خفيًا:
_ عايز أعرف إيه الرابط بين الأماكن دي... مش عايزين نطبّق حظر تجول والسلام، إحنا بندوّر على نمط، على دليل!
_ يعني هنلف على الكل؟
_ آه.
تمتم جاسر متذمرًا:
_ أهوه... وأنا ذنبي إيه في الحر ده؟
رمقه عثمان بنظرة جانبية وقال ببرود:
_ حد قالك تجيبني معاك؟ لو مش عاجبك... روح.
واصل فارس قراءة الأوراق:
• عماد ياسر ال. ال. الزهدي، ثاني ضحايا السفاح.
قُتل يوم الأحد، 30 أبريل.
ضحك رائد بسخرية:
_ مش عارف تقرأ ولا إيه؟!
نظر له فارس بنفاد صبر وهمّ بالرد، لكن عثمان قاطعه فجأة:
_ الساعة كام؟
رفع فارس رأسه بتساؤل:
_ نعم؟
_ يعني اتقتل الساعة كام؟
بدأ فارس يقلّب في الأوراق، يبحث عن الوقت المحدد:
_ مش مكتوب...
نظر إليه عثمان بعينين ضيّقتين ونبرة منزعجة:
_ يعني إيه \"مش مكتوب\"؟!
_ آسف، كينج، بس مقدرتش أوصل للمعلومة دي.
نظر أمامه نحو موقع الجريمة، ثم تابع:
_ رائد، عايز منك تقرير مفصّل عن كل ضحية. الميلاد، العيلة، علاقاتهم، أصدقاؤهم... كل حاجة.
ابتسم رائد ابتسامة جانبية فيها خُبث، ثم نظر إلى فارس من رأسه إلى قدمه:
_ حاضررر...
لكن فارس، وقد احمرّ وجهه من الغضب، انفجر صائحًا:
_ إهدى شوية! هو إيه اللي جابك أصلاً؟!
التفت الجميع نحوه بدهشة... فارس الهادئ دومًا، ما الذي أخرجه عن طوره؟
قال جاسر بنبرة حذرة:
_ مالك؟ إنت كويس؟
ردّ فارس وهو يحاول ضبط أعصابه:
_ لو سمحت يا جاسر بيه... أنا مبحبش أشتغل مع \"الكائن\" ده!
قهقه رائد ساخرًا:
_ كائن؟! بتجيب الألفاظ دي منين؟!
صرخ عثمان، وقد بلغ الغضب حنجرته:
_ إحنا جايين نتحقق ولا نهزر؟ رائد... استناني في العربية!
ثم التفت إلى فريقه، وقال بجديّة:
_ فرغتوا الكاميرات؟
رد جاسر:
_ لسه.
تغيّرت ملامح عثمان فجأة، وقال بنبرة حاسمة:
_ بسرعة.
ارتبك فارس، وردّ متلعثمًا:
_ حاضر... حاضر.
انتقلوا بعدها إلى كل موقع وُجدت فيه جثة، يبحثون بعناء عن أي خيط قد يرشدهم للسفاح.
زفر فارس بإرهاق وهو يقرأ آخر سطر:
_ عصام أسامة... آخر ضحية للسفاح حتى الآن.
أخذ نفسًا عميقًا، وأخرجه براحة، بينما رائد يربت على كتفه بقوة:
_ شكرًا على تعبك معانا.
في تلك اللحظة، كان مسجد مجاور يصدح بأذان العشاء. أخرج عثمان البوصلة الصغيرة من جيبه، وجعلها تشير باتجاه رأس الضحية، فوجدها تتجه إلى الجنوب الشرقي، حيث القبلة تمامًا.
ترك الجميع خلفه، واتجه نحو المسجد.
لحق به جاسر مستنكرًا:
_ رايح فين؟!
_ هصلّي العشا.
وبعد يوم طويل من التعب، توقفت سيارة عثمان أمام أحد البيوت. خرج رائد وهو يتثاءب من شدة النعاس، يحمل أوراق القضية:
_ تصبح على خير.
تنهد عثمان، وردّ بصوت متعب:
_ وإنت من أهله.
أدار المحرك، وعيناه غارقتان في تفكير. كانت خيبة الأمل تعتصر قلبه... فقد اعتاد أن ينهي القضايا بمفرده، بلا شركاء، بلا فوضى. لكن بعد تلك الحادثة المؤلمة، وبعد عزوفه عن المهنة، دفعه والده للعودة، على أمل أن يستعيد ما ضاع منه.
لكنه كان يتساءل: كيف لذلك الأخرق —رائد— أن يعيده إلى مجده؟!
---
أمام \"فيلا آل نصر\"...
فتحت الخادمة الباب فور توقّف السيارة، وانحنت قليلًا وهي تقول باحترام:
_ الحمد لله على السلامة، عثمان بيه.
أومأ لها بإيماءة خفيفة، وسألها وهو يخلع سترته:
_ سيرين جت؟
_ مدام سيرين فوق في الأوضة.
همّ بالصعود على السُلّم، لكن صوت الخادمة أوقفه:
_ عثمان بيه...
توقف ونظر لها باستفهام:
_ أمجد بيه طالب حضرتك في المكتب.
لم يلتفت، بل واصل صعوده قائلاً ببرود:
_ قولي له مش فاضي... عندي شغل.
وقبل أن يُنهي عبارته، فُتح باب المكتب ليظهر والده، صوته جهوري ونبرته آمرة:
_ عثمان... خمس دقايق، والقيك عندي.
لم يرد، بل واصل صعوده بصمت.
دخل غرفته بهدوء، ليجد سيرين، زوجته، جالسة على الأرض بجانب السرير، تحدّق في هاتفها بعينين مثقلتين بالحزن. جلس إلى جوارها، محاولًا رسم ابتسامة هادئة:
_ عاملة إي؟
ردّت دون أن ترفع عينيها عن الشاشة:
_ كويسة.
كانت تقلب صورًا قديمة... لابنتهما، ثم توقفت عند فيديو كانت فيه الصغيرة تخطو خطواتها الأولى، تتمايل بين ضحكاتهم...
ترقّر الدمع في عيني سيرين، وبدت على وشك الانهيار.
مدّ عثمان يده ليضعها على كتفها مواسيًا، لكنّها أبعدت يده سريعًا وهي تقول بنبرة منكوبة:
_ كانت أيام حلوة... صح؟
كانت.
تنهّد عثمان بحسرة:
_ آه، سيري...
لكنها لم تدعه يُكمل، فنهضت وأشاحت بوجهها قائلة:
_ مش مستنياك تشفق عليّ، عثمان.
تجمّدت ملامحه، وهمس:
_ أشفق عليكِ؟ سيرين، أنا...
قاطعته مجددًا:
_ إنت إيه؟ إيه الجديد؟ لو في حاجة جديدة، قولي...
بس مفيش، ومش هيبقى في بعد ٣ سنين، صح؟
وقف عثمان ببطء، وفتح باب الغرفة، متنهدًا:
_ معاكِ حق...
معاكِ حق.
---
دخل مكتب والده بهدوء، وجلس واضعًا ساقًا فوق الأخرى:
_ اتفضل، أمجد بيه... كنت عايزني؟
كان أمجد يتصفح بعض الملفات، عابس الوجه، وقال بنبرة حادة:
_ أخبار القضية إيه؟ خلصت؟
رد عثمان بصوت خافت، فيه ضيق:
_ خلصت، آه...
ثم رفع صوته، ساخرًا وهو يلوّح بقدمه:
_ جاسر اللي بيشتغل فيها... أنا لسه ما وافقتش أصلًا.
أغلق أمجد الملف بعنف، وانفجر صائحًا:
_ بس اللي أعرفه إنك وافقت! ده حتى إنت اللي أصريت تروح كل مكان حصلت فيه الجريمة!
ابتسم عثمان ابتسامة جانبية، وقال ساخرًا:
_ باين اللي بيوصّلك معلوماتي... ممتاز أوي.
ثم وقف وهو يتوجه إلى الباب بملل:
_ كان نفسي تكرّس ذكاءك ده لحاجات تستحق.
_ زي مكان بنتك، مثلًا.
توقف عثمان فورًا، يده معلّقة على مقبض الباب، صوته انخفض:
_ تقصد إيه؟
أجابه أمجد، ونبرته تضغط على أضعف موضع في قلب ابنه:
_ والله، أنا بحاول أكون أب مسؤول...
الدور على اللي مش قادر يعمل كده.
ولا إنت خلاص؟ بنتك ضاعت من زمان؟ إيه لازمة...
قاطعته قبضة عثمان التي اشتدت على مقبض الباب، وصدره يعلو وينخفض، أنفاسه متسارعة...
لكنه خرج بصمت، يهرب من الحديث كما يهرب الجريح من سكينٍ تُدار في جرحٍ قديم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اجتمعت أسرة جاسر في غرفة المعيشة، وسط سكون الليل، لا صوت يعلو فوق صوت الصغار يتشاجرون على جهاز التحكم.
كان هشام وآدم يخوضان معركة شرسة بالوسائد.
صاح آدم وهو يحاول انتزاع الريموت من يد أخيه:
_ يا بابا، خليه يديني الريموت!
ضحك هشام بوقاحة، ثم قفز على أخيه واضعًا الوسادة فوق وجهه:
_ لاااا، كان معاك طول النهار!
بدأت ملامح الانزعاج تظهر على وجه أريج، بينما رفع جاسر صوته بحزم:
_ هشام! آدم! كفاية!
تجمّد الطفلان في مكانيهما، وساد الصمت لبضع ثوانٍ، قبل أن ينغز هشام أخاه في جنبه بنظرة غيظ مكبوتة.
أدار جاسر بصره عن ولديه، ثم نظر لزوجته التي كانت مستلقية على الأريكة، وذهنها شارد:
_ هما ناويين يفرضوا حظر تجوّل صح؟
ردّت أريج بنبرة قلقة:
_ قرار مالوش معنى... هيمنع إيه؟
أسندت خدّها على يدها، وأغمضت عينيها بتفكير عميق:
_ سمعت إن عثمان وافق.
فتح جاسر عينيه باستغراب:
_ آه.
رفعت حاجبها بدهشة ممزوجة بعدم التصديق:
_ واو... عثمان وافق؟ بجد؟
وفي الطرف الآخر من الغرفة، همس آدم في أذن هشام:
_ بقلك إي؟
_ إيه؟
_ ما تيجي نلعب Basketball بدل ما إحنا قاعدين كده نتفرج على بابا وماما والشاشة مطفية؟
ضحك هشام:
_ ممم، ماشي.
لكن آدم استغل موافقته فورًا:
_ لو خسرت... هتعزمني على إندومي!
رفع هشام حاجبه بدهاء:
_ وإيه اللي يضمن لي إنك مش هتقول لماما؟
ابتسم آدم ببراءة وهو يغمز له:
• No comment.
وقف هشام فجأة، وجذب آدم من يده:
_ ماشي، بس ما تتعودش أوي على كده!
---
وفي تلك الليلة، بينما أغمض البيت أجفانه ونام كل من فيه، فُتح الباب الأمامي للمنزل بهدوء، ودخلت فتاة بخطوات متسللة، تلتفت يمينًا ويسارًا كمن يخشى أن يُضبط.
همست لنفسها بارتياح:
_ الحمد لله... نامت.
لكن صوتًا ناعمًا ممتزجًا بالغضب انبعث من الظلام:
_ كنتِ فين لحد دلوقتي؟
ارتجفت أرين، واضعة يدها على صدرها بفزع:
_ جِ... جِيدا! إنتِ لسه صاحيّة؟
أضاءت جِيدا الأنوار بضغطة سريعة، ووقفت تنظر إليها بنظرة تحمل ألف سؤال:
_ وهو مين اللي المفروض يسأل السؤال ده؟!
صمتت أرين قليلًا، تفكر في مخرج لتغيير الموضوع... ثم تهلّلت فجأة وقالت:
_ أداااا...
رمشت جِيدا باستغراب:
_ أدا إيه؟!
تقدّمت أرين وأمسكت يد جِيدا، ثم أدارتها برفق لتُظهر لها ما ترتديه:
_ إيه البيجامة الحلوة دي؟!
ابتسمت جِيدا، ورفعت يدها كأنها تعرض تحفة فنية:
_ آه شُفتي؟! أنا حلوة إزاي!
ضحكت أرين، ثم مالت بجديّة مصطنعة:
_ طب... ينفع كده؟
تغيّرت ملامح جِيدا:
_ ينفع إيه؟
• ينفع الحلوة تقعد لحد دلوقتي سهرانة؟!
أومأت جِيدا برأسها، وقد فهمت مقصدها هذه المرة:
_ صح، معاكي حق... لازم أنام.
_ برافو، حبيبتي... يلا، تصبحي على خير.
ابتسمت أرين ابتسامة المنتصر، بينما دخلت جِيدا إلى غرفتها كمن قُيّد بمكر طفولي ساحر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج من المصعد ووقف أمام باب الشقة، يطرق عليه وكأنه يدق طبول مهرجان.
استيقظ كامل متثاقلاً، وهو يلعن في سرّه هذا الصوت الذي اقتحم عليه أجمل أحلامه.
فتح الباب، ليجد أمامه ماهر، مبتسمًا ببلاهة، يدخل بلا استئذان وكأن البيت بيته:
_ زيك يا أبو الصحااااب!
رمش كامل، ما زال غير مستوعب:
_ إنت بتعمل إيه هنا؟
جلس ماهر على الأريكة، ممددًا ذراعيه بتراخٍ:
_ وحشتني، قلت مقدرش أقضي الإجازة من غيرك... وبعدين في سفاح، وأنا بخاف.
رفع كامل حاجبيه:
_ نعم؟!
_ بخاااف.
نظر كامل إليه باستغراب أكبر:
_ طب... أبوك عارف إنك عندي؟
تفكّر ماهر لحظة، ثم هز رأسه نافيًا:
_ أمم... لا.
تنهد كامل بضيق، يحاول أن لا يصرخ:
_ طب رنا قاعدة عند لينا عشان مامتها مسافرة، إنما إنت جاي تتنطط فوق دماغ أمي ليه؟!
وقف ماهر ممسكًا رأسه وكأنه يقبّلها، وقال بصوت درامي:
_ ألف سلامة على دماغك يا حاجة أم كامل.
أبعده كامل عنه، وقال بنفاد صبر:
_ يلا بقى، مش هتحاضر أوضة؟ ولا هتبات على الكنبة؟
تحرك ماهر كأن الأمر نصرٌ عظيم، وأطلق همسة بصوت منخفض وهو يبتسم بخبث:
_ ابقى وريني هتنزل إزاي.
رن هاتفه، فظهر اسم \"رنا\". أجاب بكسل:
_ ألو؟
في مكانٍ آخر، كانت رنا تجلس بمفردها في أحد المقاهي، تشرب العصير وهي تنظر للشارع:
_ أنا وصلت على فكرة.
رد ماهر:
_ ماناااا مش هعرف أجي.
_ ليه؟
قال وهو يتحرك في أنحاء الشقة بخفة حتى لا يوقظ أحدًا:
_ أنا عند كامل.
زفرت رنا بغيظ، وارتدت حقيبتها بتوتر:
_ ماشي يا ماهر، برحتك.
أغلقت المكالمة بعصبية، ثم فتحت باب السيارة وألقت بالحقيبة على المقعد الآخر، تتمتم بغيظ:
_ مش عارفة كامل اي اللي قرفني بيه كل شويه !
أما ماهر، فنظر لهاتفه بعد أن أغلقت الخط، وحدّث نفسه:
_ متعرفيش تصبري شوية!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في صباح اليوم التالي، عند الفجر...
استيقظ عثمان على صوت هاتفه، أجاب بنعاس وصوت مبحوح:
_ إيه الحاجة المهمة اللي مش قادرة تستنى لحد ما أجي تقولها لي؟
جاءه صوت رائد، متوترًا وهو يجهّز حقيبته:
_ آسف، كينج بيه، بس في حاجة مفهمتهاش في الورق.
تقلب عثمان على الأريكة بضيق:
_ إيه هي؟
_ الورق بيقول إن الجرح... في \"صدى\".
رفع عثمان حاجبه باستغراب:
_ صدى؟ يعني إيه صدى؟
_ صدى... صدى حديد.
حك عثمان جبهته وهو يفكر:
_ تمام... في حاجة تانية؟
_ آه... كل التقارير بتاعة الضحايا العشرة بتقول إن الجرح في نفس المكان: أسفل يمين المعدة، يبعد عن الكبد بحوالي خمسة سنتي، والجرح هو اللي سبب الوفاة...
بس الأغرب... مفيش أي آثار خدوش، ولا مقاومة، ولا تعذيب...
يعني مش زي ما الناس قالت، ده... سفاح فعلًا.
ابتسم عثمان ابتسامة جانبية، وعيناه تحملان بريق حماسة قديمة...
كأن شيئًا ما في صدره اشتعل من جديد:
_ تمام... أنا جاي لك.
أغلق الهاتف، ونظر لزوجته النائمة.
تقدّم نحوها، وركع على ركبتيه بجوار السرير، يمرر يده على شعرها ببتسامه مكسوره، ثم نهض، وفتح الباب ليجد والدته أمامه.
_ صباح الخير، يا بني.
ابتسم، لكنه لم يخفِ التعب في صوته:
_ صباح النور... إيه اللي مصحيكي دلوقتي؟
_ كنت بصلي الفجر... إنت رايح فين؟
_ رايح الشغل.
نظرت إليه بعين قلقة:
_ إنت كويس؟
قطّب جبينه:
_ آه، كويس... ليه؟
_ سمعتك إنت وأمجد إمبارح.
تهرّب من نظراتها، وختم الحديث بجفاف:
_ سلام، يا ماما... عندي شغل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج كامل من غرفته، يحك عينيه بنعاس وانزعاج من ذلك الصوت العالي الذي شقّ سكون الصباح.
وقف مذهولًا أمام صديقه ماهر، الذي كان يشغل الموسيقى بأقصى صوت، يغني ويرقص وكأنه في حفلة.
صرخ فيه كامل، غاضبًا:
_ ماهييييييييير!
لكن ماهر لم يكن يسمعه، مستغرقًا في طربه، يهز رأسه مع النغمات.
اندفع كامل نحو الهاتف، أوقف الموسيقى وهو يصرخ بوجهه:
_ إنت اتجننت؟! الساعة سبعة الصبح! الناس نايمة، وإنت مشغّل أغاني وبتغني؟!
لوى ماهر شفتيه بانزعاج طفولي:
_ نايمين؟! النهاردة الاتنين...
قاطعته نظرات كامل، التي كانت كافية لإشعال النار.
اقترب منه بصوت مهدد:
_ ماهر، متختبرش صبري... لمّ حاجتك، واطلع برّا.
وضع ماهر يده على صدره، وبدأ يتحدث بصوت متهدّج كأنه يمثل مأساة على مسرح:
_ بتطردني؟ من بيتك؟!
بتعيرني عشان معنديش بيت اعيش فيه، وانا يتيم؟!
أبويا وأمي ماتوا في حادث توكتوك!
أخص عليك يا كامل...
ثم بدأ في البكاء الزائف، يمسح دموعًا وهمية وهو يجمع أشيائه.
نظر له كامل بدهشة، فاغرًا فمه:
_ يخرب بيتك... ده أنا صدّقتك!
وبعدين... يحيى الصياد يركب توكتوك؟!
رفع ماهر حاجبه:
_ هو ده اللي فارق معاك؟ مش فارق معاك إني يتمت؟!
أمسك كامل بيده، ساحبًا إياه للداخل:
_ خلاص، متِمشيش.
أنزل ماهر رأسه، ينظر إلى الأرض بانكسار:
_ مش هقدر... كرامتي مش هتسمحلي.
ذهب كامل إلى الثلاجة، يتمتم بغيظ:
_ كرامتك... خش اقعد يا عم.
عاد ماهر مبتسمًا بسعادة طفولية، يحتضنه:
_ حبيبي... هي دي الصداقة!
يلا روح اعملي فطار.
أبعده كامل عنه، يتنهّد من تصرفاته:
_ خايف أندم إني خليتك تبات.
مرت الساعات، وكامل لا يزال في غرفته، ينتظر نوم ماهر كمن ينتظر معجزة.
وبالفعل، دخل ماهر إلى الغرفة، جلس على طرف السرير وهو يتثاءب:
_ بقلك إيه... أنا هنام... تصبح على خير.
ابتسم له كامل بخبث:
_ وانت من أهله... يا حبيبي.
أغمض ماهر عينيه، وما إن تأكّد كامل من نومه، حتى تسلّل بهدوء وفتح باب البيت، يتمتم لنفسه:
_ نوم الظالم عبادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مكتب التحقيقات، جلس جاسر على مقعده ينتظر عثمان، الذي كان يقلب في الأوراق التي أتى بها رائد.
وقف عثمان خلفه، يضع يده على كتفه وهو يبتسم:
_ باين عليه من هيرفدك.
تغيّرت ملامح رائد، وكأن سطل ماء بارد سُكب عليه:
_ إنت كنت هترفدني؟!
ضحك جاسر، بينما وضع عثمان مفاتيح سيارته على المكتب وجلس:
_ فرغتوا الكاميرات؟
فتح جاسر الحاسوب:
_ أيوه.
_ كام ساعة؟
قالها عثمان بنبرة محبطة.
رد جاسر بابتسامة ساخرة:
_ عشر كاميرات، كل كاميرا خمس ساعات.
رفع عثمان حاجبه:
_ انت بتهزر؟!
_ لا، اظن احنا متعودين علي اكتر من كده!
تنهد عثمان:
_ طب شغل.
فتح رائد الفيديوهات، ومرّ الوقت دون أي نتيجة.
نظر عثمان إلى ساعته:
_ سرّع الفيديو.
ذهب رائد لجلب القهوة، والفيديوهات تتابع... بلا جدوى.
انتهى كل شيء... بلا دليل.
نظر جاسر إلى عثمان، يبتسم بمرارة:
_ باين علينا هنتعب شوية.
لكن صوت فارس اقتحم عليهم فجأة، وهو يلهث:
_ في جريمة قتل جديدة حصلت!
نظر عثمان إلى جاسر بدهشة:
_ شوية؟!
---
اتجهوا جميعًا إلى موقع الحادث.
كانت سيارات الإسعاف والصحافة تطوّق المكان، والأضواء تومض، والوجوه مضطربة.
نظر عثمان إلى السماء وهو يمرر يده على رقبته:
_ ظابت... صح.
أومأ جاسر برأسه:
_ أيوه.
بس احنا كده مش هنعرف نشتغل، حوالينا ناس كتير.
راقب فارس صديقه رائد، الذي كان واقفًا شاردًا:
_ مالك؟
ردّ رائد، وهو يراقب الأطباء ينقلون الجثة:
_ بصراحة... في ناس تستحق تموت.
توسّعت عينا فارس، مستنكرًا:
_ إنت عبيط؟!
سفاح إيه اللي معاه حق؟!
في تلك اللحظة، كانت أرين عاجزة عن التحرّك وسط الزحام، بينما الشرطة تمنع الصحفيين من التقدم.
قال أحد الواقفين بجوارها:
_ بيقولوا في ظابط اتقتل.
أما عثمان، فكان يدور ببصره في المكان، ثم فجأة... تجمّدت عيناه.
رآها.
وجهٌ مألوف...
ملامح ابنته... نفس العينين، نفس الملامح، نفس النظرة التي لم تفارقه في الكوابيس.
تحرك نحوها كالمسحور، رافعًا الشريط الأمني، لا يشعر بأحد، لا يسمع أحدًا.
شقت أرين طريقها وسط الزحام...
لكنها اختفت.
توقف عثمان في مكانه، يضع يده على رأسه، يسحب خصلات شعره بتوتر، يتنهّد بصوتٍ ثقيلٍ يخرج من قاع قلبه، ولسانه عاجز عن البوح بما في صدره.
غابت الشمس، وغاب معها عثمان...
لاحظ جاسر تأخّره، اتصل به، لكن الهاتف لا يجيب...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت جِيدا قد وضعت طفلتها على السرير، وذهبت لتجلس أمام التلفاز، تبحث عن لحظة هدوء بعد يومٍ طويل.
استندت بيدها إلى ذراع المقعد، فسقط سوار على الأرض، سوار تعرفه جيدًا... إنه سوار أرين.
انحنت تلتقطه، وعيناها تتأمله بدهشة، ثم تقلّب السوار بين أصابعها...
كان هناك شيء غريب... نقش لم تلاحظه من قبل.
ضاقت عيناها وهي تهمس في نفسها:
_ إيه ده؟.
شعور غريب تسلل إلى قلبها...
هل أخفت أرين شيئًا؟
هل هناك ما لا تعرفه عنها بعد؟
____________________
استيقظ ماهر وهو يشعر بجفاف في حلقه، يتمتم وهو مغمض العينين:
_ كاااامل... كاااامل هاتلي كوباية ميه...
لم يرد أحد.
جلس على السرير، يتلمس الظلام، وخرج من الغرفة نحو المطبخ، فتح الثلاجة، شرب الماء، ثم بدأ يبحث في أنحاء الشقة... لكن كامل لم يكن موجودًا.
بدأ التوتر يتسلل إلى نبرته:
_ كاااامل؟... إنت فين؟!
ظل يبحث في كل الغرف، حتى فقد صبره، ألقى كوب الماء بقوة على الأرض، وتحطّم.
صرخ بعصبية:
_ ياااا حيوان!
خرج من الشقة، يغلي غيظًا، يبحث عن صديقه في كل مكان، حتى قادته قدماه إلى شارعٍ مظلم، لا يضيئه سوى مصباح يتيم يخفت ضوؤه كأنّه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بدأ ماهر في الغناء، يقتل بها صمت الليل المُرعب:
_ كنت ماشي في الطريق... نانانا...
توقف فجأة، يضرب رأسه:
_ إيه الهبل اللي أنا فيه ده؟!
ثم أكمل بابتسامة ساخرة:
_ كنت ماشي في الطريق... نانانا... عديت علـ—
وقبل أن يكمل...
اصطدم بأحد المارّة.
وقع على الأرض، يرفع عينيه متأففًا:
_ مش تحاسب يا عم إنت؟!
لكن الكلمات تحجّرت في حلقه...
تحت الضوء الخافت... رأى سكينًا في يد الرجل، سكين ملطّخة بالدماء.
تراجع بجسده، وأدرك على الفور...
تحوّلت عينيه إلى جمرتين من الرعب، تجمّد الدم في عروقه.
لكن فجأة...
انفجر في الركض!
ركض بأقصى ما يملك، يتلفت خلفه، والسفاح يسير بخطى هادئة، لا يركض... كأنه يعلم أن فريسته لن تنجو.
ماهر يلهث، يرتعش، يركض بين الأزقة، إلى أن...
تعثر.
سقط على الأرض، قدمه تلتوي تحت جسده، يصرخ بألم:
_ لاااا... مش وقتك خالص!!
يحاول الوقوف... ولكن القدم لا تساعده.
نظر خلفه... السفاح يقترب... وببطءٍ قاتل.
السكين تلمع تحت الضوء، ووجه السفاح يختفي في الظلال.
اقترب منه السفاح، السكين ترتفع في الهواء...
واااااا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع.... ❝ ⏤
❞ يقول القانون: عندما يقتل أحدهم الآخر، يُعاقب القاتل ويُسجن، حتى وإن كان المقتول قد استخدم أبشع وسائل التعذيب معه او مع غيرة. ويظل الناس يهتفون:
˝إنه مجرم وقاتل، ويجب أن يُعاقب!˝
وتبعًا لاختلاف القوانين، قد يُحكم على القاتل بالسجن المؤبد، فيقضي بقية حياته يدفع الثمن،
وقد يُحكم عليه بالإعدام شنقًا، ويُقال حينها:
˝من قتل يُقتل!˝
عبارة جميلة، أليس كذلك؟
نحن لا نقول إن من يقتل لا يُعاقب،
لكن، لماذا لا ينص القانون — أو يشترط — أن من يقتل مجرمًا يعيث في الأرض فسادًا، لا يُعد مجرمًا؟
وجهة نظر، أليس كذلك؟
ويبقى السؤال:
«هل مَن يقتل شخصًا قد نسي معنى الإنسانية، وأصبح اليد العُليا لإبليس على وجه الأرض… هل يكون مجرمًا؟!»
______________________
أولًا:
مدّ يده نحو قبضة الباب، فتحه بهدوء ودخل إلى المكتب، ليجده جالسًا في سكينة، يقرأ كتابًا جديدًا بنظرات غارقة في التأمل. التفت إليه بطرف عينه وقال بنبرة خافتة:
– احكى.
– دي القضية الجديدة
ظل عثمان يقلب صفحات الكتاب بمللٍ خافت، دون أن تظهر عليه علامات الدهشة، تلك التي كانت ترافقه في الماضي، ثم قال بتنهيدةٍ ثقيلة:
– وبعدين؟
تحدّث رائد بحماسة مشتعلة:
– أيوه يا ˝كينج بيه˝، دي قضية السفاح لغايت دلوقتي الضحايا عشرة!
لم يُعره عثمان انتباهًا، اكتفى برفع حاجبيه دون أي أثرٍ من اندهاش، ثم كرر:
– وبعدين؟
عقد رائد حاجبيه باستغراب.
– وبعدين اي؟!
تنفس عثمان بعمق، وزفره بضيق، ثم أغلق كتابه ونهض مغادرًا المكتب. لم يتفاجأ رائد، فقد اعتاد على هذا الطبع؛ فذاك الرجل، بخبرته ودهائه، لم يخسر قضية في حياته، حتى بات لا يأبه لشيء، وكأن الأحداث تمر من حوله دون أن تمسّه.
-
جلس الشباب حول أوراقهم المتناثرة، يدرسون في جوف الليل استعدادًا لامتحان الغد.
– السؤال ده مش هييجي في الامتحان، قالها أحدهم بتكاسل.
ضحك˝ هشام˝ بسخريةٍ ممزوجة بشفقة على نفسه..
– آه، مش بييجي غيره في الامتحان اسكت يا كامل، خليك ساكت أحسن!
نظر كامل إلى صديقه الجالس في أحد الأركان، منشغلًا بلعبته يصدر ضجيجًا طفوليًا، ثم صرخ بعينين متسعتين:
– ماهيييير!
ردّ ماهر متمايعًا مثل الراقصات:
– يا نعاااام؟
_ ذاكر يا حبيبي.
لوى ثغرة بانزعاج و تجاهل:
– ماشي، ماشي.
في ليلة الامتحان
التفت حوله بحذر، ليتأكد من خلو المكان من المراقبة، ثم همس لهشام الذي بدا مستغرقًا في ورقته بعينين متوترتين:
– هشام.. ولا يا هشام..
التفت إليه هشام بحذر و صوت هامس:
– ماااهر، سيبني في حالي.
– طب قوللي دي صح ولا غلط بس.
قالها ماهر متوسلًا، لكن هشام انزعج أكثر، وردّ وهو يجز على أسنانه:
– يعني ˝صح وغلط˝ هي اللي عاملالك أزمة؟ Are you crazy?
لاحظ المراقب حركتهما، فتوجّه إلى هشام:
– في حاجة يا هشام؟
أجاب هشام وهو يحاول السيطرة على ملامحه:
– لا.لا.. خالص.
رفع المراقب صوته محذرًا:
– فاضل عشر دقايق على نص الوقت، اللي خلص يراجع.
________________
خرج كامل إلى الساحة يبحث عن أصدقائه:
– عملتوا إيه؟
أجابه ماهر بثقة وسذاجة:
– يا عم ده امتحان أحياء!
رفع هشام حاجبه باستنكار:
– آه، عشان بيغش مني.
التفت له كامل متفهمًا:
– أمم.. ماهر؟
– نعم؟
– Go to hell.
– وأنا وأنت إن شاء الله!
ضحكت لينا على سذاجتهما:
– استغفر الله العظيم يا رب..
ثم أغمضت عينيها بخبث وقالت:
– والسؤال الأخير؟
– ماله؟
قالت رنا وقد رفعت حاجبيها:
– آه، عملت فيه إيه؟ أكيد هتقولي يا عمتو ˝ده عليه خمس نقط بس، مش هيفرق˝.. صح؟
اتّكأ ماهر على كتف كامل، وظل يحكّ أنفه وهو يحاول تغيير الموضوع:
– بصراحة.. استحي أقولك ˝يا عمتي˝، لأنك أكبر منها.
اتسعت عيناها صدمة، وانفجرت ضاحكة مع من حولها:
– إيييييييييييه! عمّتك مين اللي أنا أكبر منها؟!
زفر كامل بضيق:
– بس بقى، عايزين نمشي!
نظر هشام جانبًا، فرأى صديقه ˝كريم˝ يلوّح له بعد أن أنهى امتحان التاريخ. ذهب إليه تاركًا رفاقه خلفه.
ظل كامل يراقب كريم بعينٍ يملؤها الحقد، فلاحظ ماهر نظرته وقال:
– مالك؟
أجابه كامل بنبرة حاقده:
– مفيش
نظرت لينا إليه متعجبة،
ثم انتبه ماهر فجأة:
– استنى.. السؤال الأخير عليه خمس درجات؟!
-
– التاريخ كان حلو.
– كان عادي.
ثم وجه أنظاره لأصدقاء هشام، وحدّق في كامل ثم عاد لينظر إلى هشام، وقال بسخرية:
– أخبار كامل إيه؟ حل كويس؟
تعجب هشام من نبرته الجديدة:
– آه، حل كويس.
وصلت سيارة هشام، ركبها ليجد شقيقه الأصغر جالسًا:
– إنت بتعمل إيه هنا؟ كنت فاكر إنك لسه نايم!
نظر إليه آدم بخبث:
– إزاي أنام وأخويا في الامتحان؟ جيت أطمن عليك.. عملت إيه؟
ابتسم هشام بسخرية وهو يتذكر إزعاجه المعتاد:
– يا سلام على الكرم..
ثم تمتم وهو يلتفت عنه:
– عيل بارد.
ابتسم آدم ابتسامة صفراء:
– بتقول حاجة يا ميشو؟
– لا.. سلمتك، ده أنا بكح.
________________________
– لسه بتغلبني زي زمان يا عثمان.
قالها ˝جاسر˝ وهو يحرّك قطعة الشطرنج، مسلِّمًا بالخسارة.
اعتدل عثمان في جلسته بعد فوزه، وسأل بهدوء:
– الأولاد عملوا إيه في الامتحان؟
تمتم ˝جاسر˝ بنبرة منزعجة:
– هو أنا لسه ما كبرت على الخسارة ولا إيه؟
– بتقول إيه؟
– هاا. هشام بعتلي وقال إن الامتحان كان سهل.. هتعمل إيه في القضية؟
ردّ عثمان بانزعاج:
– طيب ما هي في إيدك إنت ويحيى.. أنا هعمل فيها إيه؟
نظر له ˝جاسر˝ بتوسُّل:
– يا عثمان، أنا مقدرش أعمل حاجة من غيرك، ولا من غير يحيى.
مال عثمان برأسه إلى الخلف، لا يزال متردِّدًا.
أعاد ˝جاسر˝ قطع الشطرنج إلى مكانها، وقال كأنه يسترجع زمنًا مضى:
– فاكر لما كنا إحنا الأربعة دايمًا سوا؟ أنا وإنت ويحيى وجودات؟
تغيّرت ملامح عثمان، ونظر إليه بعين مليئة بالحزن والغضب:
– أنا دلوقتي مش فارق معايا غير حاجة واحدة.. عايز أعرف بنتي فين.
اتّسعت عينا ˝جاسر˝ من الصدمة، فتابع عثمان وهو ينهض:
– سلّملي على أريج والعيال.
خرج من الغرفة، ثم جلس علي مكتبه مغمضً عينيه، وتنهد بتعب. غرق في الذكريات..
– هي ˝آرين˝ لسه ما رجعتش من الامتحان؟
سأل عثمان زوجته ˝سيرين˝ بقلق.
– لأ.. اتأخرت شوية.
بعد دقائق، فُتح الباب، ودخلت فتاة بشعر قصير وعيون بُنِّية لامعة، تقول بمرح:
– أنا جِيييييت!
ابتسمت ˝سيرين˝ براحة:
– تعالي، عملتي إيه؟
جلست ˝آرين˝ على الأريكة وسط والديها، السعادة واضحة على ملامحها، وهي تمسك ورقه الامتحان قائلة
– كان سهل!
أخذ عثمان الورقة وهو يبتسم، ثم بدأ يضحك ويدغدغها:
– يعني كان سهل وسايبانا قلقانين عليكِ؟! وامبارح كنتِ بتعيطي ومش عارفة تحلي حاجة!
توقفت ذكرياته فجأة لتعد به لليوم الذي انتهى فيه كل شيء
في سنة 2020، بعد فكّ الحظر التجول، كان عثمان يقود السيارة وبجواره سيرين وخلفه آرين.
لاحظ عثمان ان هناك سيارة لونها اسود تدبعهم منذ مده، ثم غيّر طريقه ليتأكّد من شكوكه.
– الطريق ده مش طريقنا!
قالتها سيرين بقلق.
– عارف.
اتكأت سيرين علي نافذة السيارة لتنظر في المرآة ملاحظه ان هناك سيارة خلفهم، فهمت سيرين مايحدث ثم تساءلت:
– مين دول؟
– مش عارف.
قالتها وهو يضغط على البنزين، لكن السيّارة لم تستجب.
وضعت آرين قدميها علي مقعد السيارة ونظرت من الزجاج الخلفي:
– بابا، العربيّة دي ماشيه ورانا ليه؟
– مش بتمشي ورانا ياحببتي اقعدي كويس بس. اجابتها˝ سيرين˝ وهي تنظر لزوجها محاولة فهم شيء
– بس أنا شايفاها من ساعة ما كنا في المول!
نظرت سيرين لعثمان قائلة بصوت غاضب:
– ايييه..و إزاي ما خدتش بالك من حاجة زي دي؟
وفجأة، ظهرت سيارات أخرى، وحاصرتهم. ضغط عثمان على البنزين بكل قوّته.. لكنه لم يعمل.
أدركت سيرين خطورة الموقف، فالتفتت لابنتها:
– اربطي الحزام كويس، يلا يا حبيبتي.
همّت بالكلام وهي تنظر له بقلق ، فقاطعها عثمان:
– متقلقيش؟!
رفعت سيرين صوتها بغض:
_ مقلقش! مقلقش ازي؟
– بنتك قعدة ورا.. ما تخوّفيهاش!
مدّت سيرين يدها لأرين، لكن لم تمر لحظات..
واصطدمت سيارتهم بسيارة من الجهة المقابلة، اتنهى الحادث بنقلاب سيارة عثمان من اعلى المنحدر، ذهبت تلك السيارات بعد ان نفذت مخططها
بعد دقائق قليله
فتحت آرين عينيها ببطء، لتنصدم من مشهد ابويها الملطخين بالدماء، ارتجف جسدها، ثم نادت:
– با. بابا.. ماما..
وظلت تحاول ايقاظهم، ترقرقت الدموع في عينيها، ثم انفجرت بالبكاء، في تلك اللحظة فتح عثمان عينه بتعب شديد ينظر لأبنتة التي تبكي بشدة وزوجتة الملطخه بالدماء ساكنة في مكانها بلا حركه
حاول التحدث معها لتهدئتها
_ ا. ارين
توقفت ارين عن البكاء بعد سماع صوت ابيها قائله بلهفه:
– با. بابا بابا أنت كويس
ثم بكت مجدداً قائله
– بابا، ماما مش بتتنفس
حاول عثمان أن يعتدل، لكن جسده لا يساعده، مسح دموعها بصعوبة، وقال:
– متخافيش يا حبيبتي.. ماما كويسة..
بدأت عينيها تغلق ببطء، ثم فسقطت أمامه. صرخ عثمان قلقاً عليها :
– آرين.. آرييييييين!
لم يشعر عثمان بنفسه إلا وهو يفتح عينيه ليجد نفسه في المشفى، غير قادر علي الحراك بسبب جسده مثقّل بالجبائر، ثم وجد امامه رئيس الاطباء بنفسه، اللذي ابتسم عندما افاق من مفعول المخدر
– حمدالله على السلامة، عثمان بيه.
أول ما خطر بباله هو مشهد زوجته وابنته،ثم قال بلهفه:
– سيرين و آرين هما كويسين صح؟
– مدام سيرين لسه خارجة من العمليات، حالتها مستقرة.
تعجب عثمان عندما لم يذكر ابنته قائلاً بتوتر
– وبنتي؟
سكت الطبيب، ثم قال:
– آسف عثمان بيه بس بنت حضرتك ماكنتش موجودة معاكم.
اتسعت عينا عثمان بصدمه بمحاوله النهض:
– إيييه؟! يعني إيه ماكنتش معانا؟!
حاول الطبيب تهدئته:
– اهدى عثمان بيه هتأزي نفسك.
تنهد بصعوبه وتعب ومشاعر ممزوجه بالعجز
– آرين..!
˝الحاضر˝
عاد ˝عثمان˝ من محيط الذكرياته الاليم، وهو يتنفس بصعوبة، ثم وضع يديه على وجهه، غير مُصدّق أن ابنته الوحيدة قد ضاعت من بين يديه، قطع كل تلك الافكار دخول ˝رائد˝ علية ليُخبره بشيء يخص القضية:
في نهارٍ قائظ، وتحت شمسٍ تلسع الأجساد، وقف كلٌّ من عثمان وجاسر ومساعديهما عند موقع أول جريمة. كان الحرُّ يذيب الصبر، والعرق يتصبب من الوجوه. أمسك فارس، مساعد جاسر، بالأوراق وبدأ يرتّبها بعناية وهو يقرأ:
• حسين محمد أبو زيد، أول الضحايا.
قُتل يوم السبت، 29 أبريل 2023، وكان يعمل موظفًا في بنك.
عقد رائد حاجبيه، وأمال رأسه بتعجب:
_ موظف؟! إيه اللي يخلي حد يقتل موظف؟!
رفع فارس عينيه ببطء، ونظر إليه بنظرة ازدراء خالية من الكلمات، وكأن حديثه لم يستحق الرد. تبادل جاسر وعثمان الحديث بانزعاج، فالحرُّ كاد يخرس أفواههم، والعرق لم يترك بقعة في أجسادهم إلا واحتلها.
قال جاسر، متنهدًا:
_ ليه لازم نروح كل الأماكن اللي حصلت فيها جرائم القتل؟ إيه لازمتها؟!
كان عثمان ينظر للأرض، يتأمل رسم الطباشير حول جسد الضحية، ثم قال بنبرة خافتة، وبدن منحنٍ إلى الأمام كأنّه يلاحق خيطًا خفيًا:
_ عايز أعرف إيه الرابط بين الأماكن دي.. مش عايزين نطبّق حظر تجول والسلام، إحنا بندوّر على نمط، على دليل!
_ يعني هنلف على الكل؟
_ آه.
تمتم جاسر متذمرًا:
_ أهوه.. وأنا ذنبي إيه في الحر ده؟
رمقه عثمان بنظرة جانبية وقال ببرود:
_ حد قالك تجيبني معاك؟ لو مش عاجبك.. روح.
واصل فارس قراءة الأوراق:
• عماد ياسر ال. ال. الزهدي، ثاني ضحايا السفاح.
قُتل يوم الأحد، 30 أبريل.
ضحك رائد بسخرية:
_ مش عارف تقرأ ولا إيه؟!
نظر له فارس بنفاد صبر وهمّ بالرد، لكن عثمان قاطعه فجأة:
_ الساعة كام؟
رفع فارس رأسه بتساؤل:
_ نعم؟
_ يعني اتقتل الساعة كام؟
بدأ فارس يقلّب في الأوراق، يبحث عن الوقت المحدد:
_ مش مكتوب..
نظر إليه عثمان بعينين ضيّقتين ونبرة منزعجة:
_ يعني إيه ˝مش مكتوب˝؟!
_ آسف، كينج، بس مقدرتش أوصل للمعلومة دي.
نظر أمامه نحو موقع الجريمة، ثم تابع:
_ رائد، عايز منك تقرير مفصّل عن كل ضحية. الميلاد، العيلة، علاقاتهم، أصدقاؤهم.. كل حاجة.
ابتسم رائد ابتسامة جانبية فيها خُبث، ثم نظر إلى فارس من رأسه إلى قدمه:
_ حاضررر..
لكن فارس، وقد احمرّ وجهه من الغضب، انفجر صائحًا:
_ إهدى شوية! هو إيه اللي جابك أصلاً؟!
التفت الجميع نحوه بدهشة.. فارس الهادئ دومًا، ما الذي أخرجه عن طوره؟
قال جاسر بنبرة حذرة:
_ مالك؟ إنت كويس؟
ردّ فارس وهو يحاول ضبط أعصابه:
_ لو سمحت يا جاسر بيه.. أنا مبحبش أشتغل مع ˝الكائن˝ ده!
قهقه رائد ساخرًا:
_ كائن؟! بتجيب الألفاظ دي منين؟!
صرخ عثمان، وقد بلغ الغضب حنجرته:
_ إحنا جايين نتحقق ولا نهزر؟ رائد.. استناني في العربية!
ثم التفت إلى فريقه، وقال بجديّة:
_ فرغتوا الكاميرات؟
رد جاسر:
_ لسه.
تغيّرت ملامح عثمان فجأة، وقال بنبرة حاسمة:
_ بسرعة.
ارتبك فارس، وردّ متلعثمًا:
_ حاضر.. حاضر.
انتقلوا بعدها إلى كل موقع وُجدت فيه جثة، يبحثون بعناء عن أي خيط قد يرشدهم للسفاح.
زفر فارس بإرهاق وهو يقرأ آخر سطر:
_ عصام أسامة.. آخر ضحية للسفاح حتى الآن.
أخذ نفسًا عميقًا، وأخرجه براحة، بينما رائد يربت على كتفه بقوة:
_ شكرًا على تعبك معانا.
في تلك اللحظة، كان مسجد مجاور يصدح بأذان العشاء. أخرج عثمان البوصلة الصغيرة من جيبه، وجعلها تشير باتجاه رأس الضحية، فوجدها تتجه إلى الجنوب الشرقي، حيث القبلة تمامًا.
ترك الجميع خلفه، واتجه نحو المسجد.
لحق به جاسر مستنكرًا:
_ رايح فين؟!
_ هصلّي العشا.
وبعد يوم طويل من التعب، توقفت سيارة عثمان أمام أحد البيوت. خرج رائد وهو يتثاءب من شدة النعاس، يحمل أوراق القضية:
_ تصبح على خير.
تنهد عثمان، وردّ بصوت متعب:
_ وإنت من أهله.
أدار المحرك، وعيناه غارقتان في تفكير. كانت خيبة الأمل تعتصر قلبه.. فقد اعتاد أن ينهي القضايا بمفرده، بلا شركاء، بلا فوضى. لكن بعد تلك الحادثة المؤلمة، وبعد عزوفه عن المهنة، دفعه والده للعودة، على أمل أن يستعيد ما ضاع منه.
لكنه كان يتساءل: كيف لذلك الأخرق —رائد— أن يعيده إلى مجده؟!
-
أمام ˝فيلا آل نصر˝..
فتحت الخادمة الباب فور توقّف السيارة، وانحنت قليلًا وهي تقول باحترام:
_ الحمد لله على السلامة، عثمان بيه.
أومأ لها بإيماءة خفيفة، وسألها وهو يخلع سترته:
_ سيرين جت؟
_ مدام سيرين فوق في الأوضة.
همّ بالصعود على السُلّم، لكن صوت الخادمة أوقفه:
_ عثمان بيه..
توقف ونظر لها باستفهام:
_ أمجد بيه طالب حضرتك في المكتب.
لم يلتفت، بل واصل صعوده قائلاً ببرود:
_ قولي له مش فاضي.. عندي شغل.
وقبل أن يُنهي عبارته، فُتح باب المكتب ليظهر والده، صوته جهوري ونبرته آمرة:
_ عثمان.. خمس دقايق، والقيك عندي.
لم يرد، بل واصل صعوده بصمت.
دخل غرفته بهدوء، ليجد سيرين، زوجته، جالسة على الأرض بجانب السرير، تحدّق في هاتفها بعينين مثقلتين بالحزن. جلس إلى جوارها، محاولًا رسم ابتسامة هادئة:
_ عاملة إي؟
ردّت دون أن ترفع عينيها عن الشاشة:
_ كويسة.
كانت تقلب صورًا قديمة.. لابنتهما، ثم توقفت عند فيديو كانت فيه الصغيرة تخطو خطواتها الأولى، تتمايل بين ضحكاتهم..
ترقّر الدمع في عيني سيرين، وبدت على وشك الانهيار.
مدّ عثمان يده ليضعها على كتفها مواسيًا، لكنّها أبعدت يده سريعًا وهي تقول بنبرة منكوبة:
_ كانت أيام حلوة.. صح؟
كانت.
تنهّد عثمان بحسرة:
_ آه، سيري..
لكنها لم تدعه يُكمل، فنهضت وأشاحت بوجهها قائلة:
_ مش مستنياك تشفق عليّ، عثمان.
تجمّدت ملامحه، وهمس:
_ أشفق عليكِ؟ سيرين، أنا..
قاطعته مجددًا:
_ إنت إيه؟ إيه الجديد؟ لو في حاجة جديدة، قولي..
بس مفيش، ومش هيبقى في بعد ٣ سنين، صح؟
وقف عثمان ببطء، وفتح باب الغرفة، متنهدًا:
_ معاكِ حق..
معاكِ حق.
-
دخل مكتب والده بهدوء، وجلس واضعًا ساقًا فوق الأخرى:
_ اتفضل، أمجد بيه.. كنت عايزني؟
كان أمجد يتصفح بعض الملفات، عابس الوجه، وقال بنبرة حادة:
_ أخبار القضية إيه؟ خلصت؟
رد عثمان بصوت خافت، فيه ضيق:
_ خلصت، آه..
ثم رفع صوته، ساخرًا وهو يلوّح بقدمه:
_ جاسر اللي بيشتغل فيها.. أنا لسه ما وافقتش أصلًا.
أغلق أمجد الملف بعنف، وانفجر صائحًا:
_ بس اللي أعرفه إنك وافقت! ده حتى إنت اللي أصريت تروح كل مكان حصلت فيه الجريمة!
ابتسم عثمان ابتسامة جانبية، وقال ساخرًا:
_ باين اللي بيوصّلك معلوماتي.. ممتاز أوي.
ثم وقف وهو يتوجه إلى الباب بملل:
_ كان نفسي تكرّس ذكاءك ده لحاجات تستحق.
_ زي مكان بنتك، مثلًا.
توقف عثمان فورًا، يده معلّقة على مقبض الباب، صوته انخفض:
_ تقصد إيه؟
أجابه أمجد، ونبرته تضغط على أضعف موضع في قلب ابنه:
_ والله، أنا بحاول أكون أب مسؤول..
الدور على اللي مش قادر يعمل كده.
ولا إنت خلاص؟ بنتك ضاعت من زمان؟ إيه لازمة..
قاطعته قبضة عثمان التي اشتدت على مقبض الباب، وصدره يعلو وينخفض، أنفاسه متسارعة..
لكنه خرج بصمت، يهرب من الحديث كما يهرب الجريح من سكينٍ تُدار في جرحٍ قديم.
اجتمعت أسرة جاسر في غرفة المعيشة، وسط سكون الليل، لا صوت يعلو فوق صوت الصغار يتشاجرون على جهاز التحكم.
كان هشام وآدم يخوضان معركة شرسة بالوسائد.
صاح آدم وهو يحاول انتزاع الريموت من يد أخيه:
_ يا بابا، خليه يديني الريموت!
ضحك هشام بوقاحة، ثم قفز على أخيه واضعًا الوسادة فوق وجهه:
_ لاااا، كان معاك طول النهار!
بدأت ملامح الانزعاج تظهر على وجه أريج، بينما رفع جاسر صوته بحزم:
_ هشام! آدم! كفاية!
تجمّد الطفلان في مكانيهما، وساد الصمت لبضع ثوانٍ، قبل أن ينغز هشام أخاه في جنبه بنظرة غيظ مكبوتة.
أدار جاسر بصره عن ولديه، ثم نظر لزوجته التي كانت مستلقية على الأريكة، وذهنها شارد:
_ هما ناويين يفرضوا حظر تجوّل صح؟
ردّت أريج بنبرة قلقة:
_ قرار مالوش معنى.. هيمنع إيه؟
أسندت خدّها على يدها، وأغمضت عينيها بتفكير عميق:
_ سمعت إن عثمان وافق.
فتح جاسر عينيه باستغراب:
_ آه.
رفعت حاجبها بدهشة ممزوجة بعدم التصديق:
_ واو.. عثمان وافق؟ بجد؟
وفي الطرف الآخر من الغرفة، همس آدم في أذن هشام:
_ بقلك إي؟
_ إيه؟
_ ما تيجي نلعب Basketball بدل ما إحنا قاعدين كده نتفرج على بابا وماما والشاشة مطفية؟
ضحك هشام:
_ ممم، ماشي.
لكن آدم استغل موافقته فورًا:
_ لو خسرت.. هتعزمني على إندومي!
رفع هشام حاجبه بدهاء:
_ وإيه اللي يضمن لي إنك مش هتقول لماما؟
ابتسم آدم ببراءة وهو يغمز له:
• No comment.
وقف هشام فجأة، وجذب آدم من يده:
_ ماشي، بس ما تتعودش أوي على كده!
-
وفي تلك الليلة، بينما أغمض البيت أجفانه ونام كل من فيه، فُتح الباب الأمامي للمنزل بهدوء، ودخلت فتاة بخطوات متسللة، تلتفت يمينًا ويسارًا كمن يخشى أن يُضبط.
همست لنفسها بارتياح:
_ الحمد لله.. نامت.
لكن صوتًا ناعمًا ممتزجًا بالغضب انبعث من الظلام:
_ كنتِ فين لحد دلوقتي؟
ارتجفت أرين، واضعة يدها على صدرها بفزع:
_ جِ.. جِيدا! إنتِ لسه صاحيّة؟
أضاءت جِيدا الأنوار بضغطة سريعة، ووقفت تنظر إليها بنظرة تحمل ألف سؤال:
_ وهو مين اللي المفروض يسأل السؤال ده؟!
صمتت أرين قليلًا، تفكر في مخرج لتغيير الموضوع.. ثم تهلّلت فجأة وقالت:
_ أداااا..
رمشت جِيدا باستغراب:
_ أدا إيه؟!
تقدّمت أرين وأمسكت يد جِيدا، ثم أدارتها برفق لتُظهر لها ما ترتديه:
_ إيه البيجامة الحلوة دي؟!
ابتسمت جِيدا، ورفعت يدها كأنها تعرض تحفة فنية:
_ آه شُفتي؟! أنا حلوة إزاي!
ضحكت أرين، ثم مالت بجديّة مصطنعة:
_ طب.. ينفع كده؟
تغيّرت ملامح جِيدا:
_ ينفع إيه؟
• ينفع الحلوة تقعد لحد دلوقتي سهرانة؟!
أومأت جِيدا برأسها، وقد فهمت مقصدها هذه المرة:
_ صح، معاكي حق.. لازم أنام.
_ برافو، حبيبتي.. يلا، تصبحي على خير.
ابتسمت أرين ابتسامة المنتصر، بينما دخلت جِيدا إلى غرفتها كمن قُيّد بمكر طفولي ساحر.
خرج من المصعد ووقف أمام باب الشقة، يطرق عليه وكأنه يدق طبول مهرجان.
استيقظ كامل متثاقلاً، وهو يلعن في سرّه هذا الصوت الذي اقتحم عليه أجمل أحلامه.
فتح الباب، ليجد أمامه ماهر، مبتسمًا ببلاهة، يدخل بلا استئذان وكأن البيت بيته:
_ زيك يا أبو الصحااااب!
رمش كامل، ما زال غير مستوعب:
_ إنت بتعمل إيه هنا؟
جلس ماهر على الأريكة، ممددًا ذراعيه بتراخٍ:
_ وحشتني، قلت مقدرش أقضي الإجازة من غيرك.. وبعدين في سفاح، وأنا بخاف.
رفع كامل حاجبيه:
_ نعم؟!
_ بخاااف.
نظر كامل إليه باستغراب أكبر:
_ طب.. أبوك عارف إنك عندي؟
تفكّر ماهر لحظة، ثم هز رأسه نافيًا:
_ أمم.. لا.
تنهد كامل بضيق، يحاول أن لا يصرخ:
_ طب رنا قاعدة عند لينا عشان مامتها مسافرة، إنما إنت جاي تتنطط فوق دماغ أمي ليه؟!
وقف ماهر ممسكًا رأسه وكأنه يقبّلها، وقال بصوت درامي:
_ ألف سلامة على دماغك يا حاجة أم كامل.
أبعده كامل عنه، وقال بنفاد صبر:
_ يلا بقى، مش هتحاضر أوضة؟ ولا هتبات على الكنبة؟
تحرك ماهر كأن الأمر نصرٌ عظيم، وأطلق همسة بصوت منخفض وهو يبتسم بخبث:
_ ابقى وريني هتنزل إزاي.
رن هاتفه، فظهر اسم ˝رنا˝. أجاب بكسل:
_ ألو؟
في مكانٍ آخر، كانت رنا تجلس بمفردها في أحد المقاهي، تشرب العصير وهي تنظر للشارع:
_ أنا وصلت على فكرة.
رد ماهر:
_ ماناااا مش هعرف أجي.
_ ليه؟
قال وهو يتحرك في أنحاء الشقة بخفة حتى لا يوقظ أحدًا:
_ أنا عند كامل.
زفرت رنا بغيظ، وارتدت حقيبتها بتوتر:
_ ماشي يا ماهر، برحتك.
أغلقت المكالمة بعصبية، ثم فتحت باب السيارة وألقت بالحقيبة على المقعد الآخر، تتمتم بغيظ:
_ مش عارفة كامل اي اللي قرفني بيه كل شويه !
أما ماهر، فنظر لهاتفه بعد أن أغلقت الخط، وحدّث نفسه:
استيقظ عثمان على صوت هاتفه، أجاب بنعاس وصوت مبحوح:
_ إيه الحاجة المهمة اللي مش قادرة تستنى لحد ما أجي تقولها لي؟
جاءه صوت رائد، متوترًا وهو يجهّز حقيبته:
_ آسف، كينج بيه، بس في حاجة مفهمتهاش في الورق.
تقلب عثمان على الأريكة بضيق:
_ إيه هي؟
_ الورق بيقول إن الجرح.. في ˝صدى˝.
رفع عثمان حاجبه باستغراب:
_ صدى؟ يعني إيه صدى؟
_ صدى.. صدى حديد.
حك عثمان جبهته وهو يفكر:
_ تمام.. في حاجة تانية؟
_ آه.. كل التقارير بتاعة الضحايا العشرة بتقول إن الجرح في نفس المكان: أسفل يمين المعدة، يبعد عن الكبد بحوالي خمسة سنتي، والجرح هو اللي سبب الوفاة..
بس الأغرب.. مفيش أي آثار خدوش، ولا مقاومة، ولا تعذيب..
يعني مش زي ما الناس قالت، ده.. سفاح فعلًا.
ابتسم عثمان ابتسامة جانبية، وعيناه تحملان بريق حماسة قديمة..
كأن شيئًا ما في صدره اشتعل من جديد:
_ تمام.. أنا جاي لك.
أغلق الهاتف، ونظر لزوجته النائمة.
تقدّم نحوها، وركع على ركبتيه بجوار السرير، يمرر يده على شعرها ببتسامه مكسوره، ثم نهض، وفتح الباب ليجد والدته أمامه.
خرج كامل من غرفته، يحك عينيه بنعاس وانزعاج من ذلك الصوت العالي الذي شقّ سكون الصباح.
وقف مذهولًا أمام صديقه ماهر، الذي كان يشغل الموسيقى بأقصى صوت، يغني ويرقص وكأنه في حفلة.
صرخ فيه كامل، غاضبًا:
_ ماهييييييييير!
لكن ماهر لم يكن يسمعه، مستغرقًا في طربه، يهز رأسه مع النغمات.
اندفع كامل نحو الهاتف، أوقف الموسيقى وهو يصرخ بوجهه:
_ إنت اتجننت؟! الساعة سبعة الصبح! الناس نايمة، وإنت مشغّل أغاني وبتغني؟!
لوى ماهر شفتيه بانزعاج طفولي:
_ نايمين؟! النهاردة الاتنين..
قاطعته نظرات كامل، التي كانت كافية لإشعال النار.
اقترب منه بصوت مهدد:
_ ماهر، متختبرش صبري.. لمّ حاجتك، واطلع برّا.
وضع ماهر يده على صدره، وبدأ يتحدث بصوت متهدّج كأنه يمثل مأساة على مسرح:
_ بتطردني؟ من بيتك؟!
بتعيرني عشان معنديش بيت اعيش فيه، وانا يتيم؟!
أبويا وأمي ماتوا في حادث توكتوك!
أخص عليك يا كامل..
ثم بدأ في البكاء الزائف، يمسح دموعًا وهمية وهو يجمع أشيائه.
نظر له كامل بدهشة، فاغرًا فمه:
_ يخرب بيتك.. ده أنا صدّقتك!
وبعدين.. يحيى الصياد يركب توكتوك؟!
رفع ماهر حاجبه:
_ هو ده اللي فارق معاك؟ مش فارق معاك إني يتمت؟!
أمسك كامل بيده، ساحبًا إياه للداخل:
_ خلاص، متِمشيش.
أنزل ماهر رأسه، ينظر إلى الأرض بانكسار:
_ مش هقدر.. كرامتي مش هتسمحلي.
ذهب كامل إلى الثلاجة، يتمتم بغيظ:
_ كرامتك.. خش اقعد يا عم.
عاد ماهر مبتسمًا بسعادة طفولية، يحتضنه:
_ حبيبي.. هي دي الصداقة!
يلا روح اعملي فطار.
أبعده كامل عنه، يتنهّد من تصرفاته:
_ خايف أندم إني خليتك تبات.
مرت الساعات، وكامل لا يزال في غرفته، ينتظر نوم ماهر كمن ينتظر معجزة.
وبالفعل، دخل ماهر إلى الغرفة، جلس على طرف السرير وهو يتثاءب:
_ بقلك إيه.. أنا هنام.. تصبح على خير.
ابتسم له كامل بخبث:
_ وانت من أهله.. يا حبيبي.
أغمض ماهر عينيه، وما إن تأكّد كامل من نومه، حتى تسلّل بهدوء وفتح باب البيت، يتمتم لنفسه:
في تلك اللحظة، كانت أرين عاجزة عن التحرّك وسط الزحام، بينما الشرطة تمنع الصحفيين من التقدم.
قال أحد الواقفين بجوارها:
_ بيقولوا في ظابط اتقتل.
أما عثمان، فكان يدور ببصره في المكان، ثم فجأة.. تجمّدت عيناه.
رآها.
وجهٌ مألوف..
ملامح ابنته.. نفس العينين، نفس الملامح، نفس النظرة التي لم تفارقه في الكوابيس.
تحرك نحوها كالمسحور، رافعًا الشريط الأمني، لا يشعر بأحد، لا يسمع أحدًا.
شقت أرين طريقها وسط الزحام..
لكنها اختفت.
توقف عثمان في مكانه، يضع يده على رأسه، يسحب خصلات شعره بتوتر، يتنهّد بصوتٍ ثقيلٍ يخرج من قاع قلبه، ولسانه عاجز عن البوح بما في صدره.
غابت الشمس، وغاب معها عثمان..
لاحظ جاسر تأخّره، اتصل به، لكن الهاتف لا يجيب..
كانت جِيدا قد وضعت طفلتها على السرير، وذهبت لتجلس أمام التلفاز، تبحث عن لحظة هدوء بعد يومٍ طويل.
استندت بيدها إلى ذراع المقعد، فسقط سوار على الأرض، سوار تعرفه جيدًا.. إنه سوار أرين.
انحنت تلتقطه، وعيناها تتأمله بدهشة، ثم تقلّب السوار بين أصابعها..
كان هناك شيء غريب.. نقش لم تلاحظه من قبل.
ضاقت عيناها وهي تهمس في نفسها:
_ إيه ده؟.
شعور غريب تسلل إلى قلبها..
هل أخفت أرين شيئًا؟
هل هناك ما لا تعرفه عنها بعد؟
___________________
استيقظ ماهر وهو يشعر بجفاف في حلقه، يتمتم وهو مغمض العينين:
_ كاااامل.. كاااامل هاتلي كوباية ميه..
لم يرد أحد.
جلس على السرير، يتلمس الظلام، وخرج من الغرفة نحو المطبخ، فتح الثلاجة، شرب الماء، ثم بدأ يبحث في أنحاء الشقة.. لكن كامل لم يكن موجودًا.
بدأ التوتر يتسلل إلى نبرته:
_ كاااامل؟.. إنت فين؟!
ظل يبحث في كل الغرف، حتى فقد صبره، ألقى كوب الماء بقوة على الأرض، وتحطّم.
صرخ بعصبية:
_ ياااا حيوان!
خرج من الشقة، يغلي غيظًا، يبحث عن صديقه في كل مكان، حتى قادته قدماه إلى شارعٍ مظلم، لا يضيئه سوى مصباح يتيم يخفت ضوؤه كأنّه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بدأ ماهر في الغناء، يقتل بها صمت الليل المُرعب:
_ كنت ماشي في الطريق.. نانانا..
توقف فجأة، يضرب رأسه:
_ إيه الهبل اللي أنا فيه ده؟!
ثم أكمل بابتسامة ساخرة:
_ كنت ماشي في الطريق.. نانانا.. عديت علـ—
وقبل أن يكمل..
اصطدم بأحد المارّة.
وقع على الأرض، يرفع عينيه متأففًا:
_ مش تحاسب يا عم إنت؟!
لكن الكلمات تحجّرت في حلقه..
تحت الضوء الخافت.. رأى سكينًا في يد الرجل، سكين ملطّخة بالدماء.
تراجع بجسده، وأدرك على الفور..
تحوّلت عينيه إلى جمرتين من الرعب، تجمّد الدم في عروقه.
لكن فجأة..
انفجر في الركض!
ركض بأقصى ما يملك، يتلفت خلفه، والسفاح يسير بخطى هادئة، لا يركض.. كأنه يعلم أن فريسته لن تنجو.
ماهر يلهث، يرتعش، يركض بين الأزقة، إلى أن..
تعثر.
سقط على الأرض، قدمه تلتوي تحت جسده، يصرخ بألم:
_ لاااا.. مش وقتك خالص!!
يحاول الوقوف.. ولكن القدم لا تساعده.
نظر خلفه.. السفاح يقترب.. وببطءٍ قاتل.
السكين تلمع تحت الضوء، ووجه السفاح يختفي في الظلال.
❞ إيه المطلوب منك؟
ابدأ بالحاجة اللي تقدر عليها دلوقتي.
متخليش الخوف من \"النقص\" يمنعك.
افتكر إن كل الناس الكبار بدؤوا من تحت من الصفر.
سيب الكمال... وامسك في العمل.
اختار حاجة نفسك تبدأها...
كتابة, دايت، مشروع, حفظ قرآن... أي حاجة.
واكتب أول خطوة بسيطة ممكن تعملها النهاردة، حتى لو ٥ دقايق فيها.
نفّذها فورًا، ومتصورش إنها بسيطة... لأنها بداية جبل
#مقتبس من كتاب ابدأ من دلوقتي
#انتظروا الكتاب قريباً
#للمهندس مصطفى محمود ابو عاشور. ❝ ⏤المهندس مصطفى محمود ابو عاشور
❞ إيه المطلوب منك؟
ابدأ بالحاجة اللي تقدر عليها دلوقتي.
متخليش الخوف من ˝النقص˝ يمنعك.
افتكر إن كل الناس الكبار بدؤوا من تحت من الصفر.
سيب الكمال.. وامسك في العمل.
اختار حاجة نفسك تبدأها..
كتابة, دايت، مشروع, حفظ قرآن.. أي حاجة.
واكتب أول خطوة بسيطة ممكن تعملها النهاردة، حتى لو ٥ دقايق فيها.
نفّذها فورًا، ومتصورش إنها بسيطة.. لأنها بداية جبل
❞ .. البحث عن زوجة ..
يا سادة يا كرام ..
أغلى شيء في الدنيا هو العلم .
والإنسان لا يتعلم مجانًا .
و إنما يستخلص المعرفة بالألم والمعاناة.
من مكتبة الحياة نأخذ علمنا الحقيقي، وليس من الكتب والأسفار .
وأقدم لكم نفسي أولًا .. دكتور توفيق زكي .. دكتوراه في الذرة والعلوم النووية من أمريكا، أب لولدين وزوج للمرة الثانية.
وحكاية المرة الثانية هي الموضوع ..
وكالعادة كانت هناك مرة ثانية لأن الزواج الأول فشل بجدارة .
وكانت فكرتي في الزواج الأول هي البحث عن ست بيت وأم وامرأة تقدّس الحياة الأسرية، لا يهم الثقافة ولا التعليم ولا الشهادات، واخترتها ساقطة إبتدائية تكاد تفك الخط، لكن طباخة ممتازة وأستاذة في تسبيك الصواني والطواجن، وتنفيض السجاجيد وإرضاع الأطفال.
لكن كالمعتاد وبعد الشهور الأولى وبعد أن شَبَعت المعدة وامتلأت الأمعاء، وأصبحت المسألة الطريفة حكاية مكررة كل ليلة، بدأ النكد يدخل إلى البيت السعيد، وبدأت أشعر بالفجوة الهائلة بيني وبينها وبدأنا نختلف كل يوم في كل شيء .. وأصبح الشارع يسمع صراخنا كل ليلة .
وبرغم نومنا متعانقين في فراش واحد كنت أشعر بأن بيننا قارات، وأن كل واحد فينا يسبح في محيط.
لم يكن هناك أي شيء مشترك يجمعنا سوى طاجن البطاطس بالفرن، وصواني المحشي وأطباق الكوسة بالباشاميل، فإذا غسلت يدي بعد الغداء عدت إلى الوحدة والغربة وكأني مجرد نزيل في فندق أجنبي.
عجزت تمامًا عن أن أشدّها إلى أي إهتمام مشترك، حتى لو إلى الصحيفة اليومية وأعمدة الأخبار وحوادث الأسبوع.
كانت إنسانة عقلها مُغلق على ثلاث غرف وصالة، لا يهمها ما يجري في فيتنام وكمبوديا ونيكاراجوا، ولا يعنيها ما يجري في جارة عربية قريبة مثل فلسطين.
ويستوي عندها أن تحترق لبنان، أو تندك بغداد أو تنفجر دمشق أو يخرج الشاه من إيران، ويحكمها خوميني أو خلقلي أو بازرجان ما دامت قد وجدت البصل في الجمعية التعاونية، والأرز عند البقال والجرجير عند الخضري.
فإذا حاولت أن أفتح معها هذه الموضوعات أسكتتني بغلظة، فإذا حاولت أن أتلطف ناولتني لكمة وهي تقول:
نام بلا وجع دماغ أنا ما صدقت نيمت الواد!
وتصوروا ما يحدث لي يا سادة في هذه الوحدة والغربة والخواء حينما أتعرف بالأخرى د. شهيرة سرور الأستاذة في الكونسرفتوار وعازفة البيانو، والحائزة على ماجستير ودكتوراه في التوزيع الكورالي وفي الهارموني من باريس.
السيدة الناعمة الحريرة التي تكاد تذوب في الفم من فرط نعومتها، والمتحدثة الرقيقة الودودة والفنانة الأنثى والنجمة التي لا ينطفيء لها تألق.
ويمكن لكم أن تتصوروا كيف أصبحت مكالماتنا في التليفون تمتد إلى خمس وست ساعات ولا نشبع، فنلتقي على النيل ثم تأخذني إلى بيتها لتسمعني معزوفة رقيقة على البيانو، ثم تحكي لي تاريخ هذه المعزوفة وكيف ومتى كتبها بيتهوفن .
نسيت أن أقول لكم أنها طُلّقت بعد زواج فاشل.
وهذا طبيعي .. فمن يستطيع أن يفهم ويقدر هذه التحفة الجمالية النادرة .. ومن يستطيع أن يُعاشر هذا الفن الرفيع إلا إنسان ذوّاقة.
ولقد كنت أنا ذلك الذواقة.
ولقد جُننت بها حبًا .. وإمتلكتني حتى ملأت علي أقطار حياتي وأصبحت لا أرى سواها، ولا آكل سواها ولا أشرب سواها ولا أتنفس سواها.
وكان طبيعيًا أن يرتمي كل منا في حضن الآخر كأنه يتيم وجد أمه، وأن نغرق في حمى من الانصهار العذب الذي لا تجدونه إلا في الكتب والأشعار والسيمفونيات.
وكان طبيعيًا جدًا أن أطلق زوجتي وأتزوجها وأنا أحلم بأقصى الراحة، وبأني قد وجدت أخيرًا شقة خالية في صدر امرأة.
ولكن القدر خلاف الظنون، والدنيا التي أرادها الله تعبًا للكل ما لبثت أن قدمت صورة أخرى من زواج طريف غاية الطرافة.
واسمعوا معي نموذج من هذا الحوار الذي يجري بيننا.
الوقت صباحًا، وأنا أميل عليها وأمسح على شعرها في حنان وأهمس في أذنها:
- إيه رأيك يا حبيبتي نأكل إيه النهاردة .
- زي امبارح يا حبيبي.
- احنا مكلناش امبارح يا حبيبتي .
- لحقت تنسى سندوتشات الأمريكانا اللي جبتهالك معايا.
- نفسي تعملي لي الملوخية بتاعتك.. ده انتي ملوخيتك تجنن.. أنا قربت أنساها بقالك شهر مطبختليش حاجة.
- مش حاسة إني عاوزة أقف في المطبخ.
- أمال حاسة بإيه ؟
- حاسة بإني عاوزه أدور حوالين الهرم وأسمع كاسيت لشوبان.
وأخذها معي إلى الهرم.
ونطوف حول مقابر الأسرة السادسة ونحن نستمع إلى معزوفة القمر لشوبان، ونسرح في التاريخ والجغرافيا والحكيم أمحوتب.
وتكلمني طويلًا عن الحكيم أمحوتب .
وأقطع حديثها محاولًا أن أكون رقيقًا غاية الرقة .
- ولكن أظن أن أمحوتب يا حبيبتي كان يأكل .. وكانت زوجته الحبيبة تصنع له أشهى الأطعمة.
- لا أظن .. أنت تخلط يا حبيبي بين أمحوتب وبين أبو شقرا ..
عيبك أنك لا تقرأ كفاية في التاريخ.
- لقد قرأت وقرأت حتى جعت من كثرة القراءة.
ونشتري كنتاكي في الطريق ونعود إلى البيت .
وتتمدد على الفراش وتسرح ..
ثم تبتلع حبة فاليوم .. ثم حبة ليبريوم .. وأحاول أن أتقرب منها فتقول في فتور :
- سيبني شوية.
- مالك ؟
- جوايا تعبان .. حاسة جوايا بكآبة وضلمة وعتمة. وليل الدنيا جوايا عتمة أوي.
- أنا يا حبيبتي أنورها لك.
فتنظر إلي نظرة فارغة كأنها لا تعرفني إطلاقًا .
وكأني رجل لقيط التقت به صدفة، وأخذته إلى بيتها و قدمت إليه طعامًا على سبيل الإحسان .. و أن عليه الآن أن يرحل وأن يعود إلى حال سبيله دون كلمة.
وأقترب أكثر وأهمس في حنان:
- حبيبتي أنا جنبك .
- أنا عندي صداع يا توفيق أنا مش شايفاك. ولا شايفة حد.
وأهتف في أعماقي : يا نهار أسود عليك يا توفيق وعلى بختك .. ثم أعود فأتودد إليها.
- أجيب لك كولونيا تنعش ..
- سيبني لوحدي .. نفسي أقعد سنين لوحدي.
سنين .. سنين .. نفسي أحط الحمل اللي على كتفي وأنام.
- حطيه على كتفي أنا.
- جوايا كلام كتير مش عاوز يطلع .. كياني مسروق مني .. بدور على عنوان نفسي مش لاقياه .. متهيأ لي إني مشيت في الشارع الغلط.
- أنا مش فاهمك.
- أنا اخترتك من أربعين مليون إنسان عشان تصورت إنك حتفهمني وحا تحس بي .
- حا أحس بإيه يا حبيبتي ده إنتي معيشاني في ألغاز .. دنا بنام مع أينشتين .. أنا الدكتور في الذرة والعلوم النووية و اللي مسكت الإلكترون مش قادر أمسك أفكارك!
- نفسي نبعد عن بعض شوية يا توفيق .
- نعم .. ؟
- يعني كده تسافر لك كام يوم إسكندرية تغير جو عشان توحشني شوية.
- كمان .. أكثر من كده .. ده إحنا بقالنا شهرين مقربناش لبعض .
- كمان شهر .. ما يجراش حاجة .
- ده أنا بقالي خمسة أشهر بقوللك إعملي لي كيكة تبصي لي كأني باتكلم مالطي أو هيروغليفي .
- ياه ده أنا نسيت خالص حكاية الكيكة دي .. عجيبة .. الله يضحكك يا شيخ.
- وكل ده وإحنا في شهور العسل أمال بعدين هنعمل ايه .. ده إنتي بتكلمي البيانو أكثر مني .. بتعرفي عن فطور شوبان و مزاجه الشخصي أكثر من اللي بتعرفيه عني.
كل يوم برجع تعبان بعد يوم مرهق من الشغل المتواصل في العمل ألاقيكي بتقوليلي عندي انغلاق ذاتي وتقلص نفسي وانكماش روحي .. .. أجي ألمسك تقوليلي سيبني شوية حاسة الشمس بتغرب جوايا .. عاوزة أموت .. أتلاشى .. و مرة تقوليلي سقف عقلي وقع، و أن جدران قلبي أتهدت .. وفيه حاجة بتسويني بالأرض ومرة تقوليلي العصافير بتغني في صدري..
ومرة تقوليليي عاوزة كل الرجالة يبوسوني، وأشد شعر من الجنون فتقوليلي :
- ما هو كل الرجالة يعني إنت يا حبيبي .. من إمتى وأنا حبيبك ؟ و إنتي عايشة في فلك وأنا في فلك .. توصلني منك كلمة بالتلكس وتضيع ألف .. أنا وحيد يا شهيرة .. وحيد .
- وأنا وحيدة أكتر منك يا حبيبي .
- أمال احنا في حضن بعض ازاي .
- ساكنين بالصدفة سوا في نفس الشقة على النيل وبنبص احنا الاثنين للسقف.
- بالضبط هو ده الشيء الوحيد المشتركين فيه .. للدرجة دي ممكن يتغير الناس .. أمال فين الدموع والآهات .. فين أغاني الحب .. كانت معزوفة بيانو .. عمود شعر في صحيفة يومية اتقطعت مع الأيام وبقت ورق تواليت .. ساعات بحس إن مش بس لازم نبعد كام يوم .. أبدًا .. ده إحنا لازم نتعرف على بعض من جديد .. لازم نقابل بعض صدفة في الصالون الأخضر .. و أعزمك على شاي في جروبي و اسألك على نمرة تيليفونك .. و أقوللك اسمك ايه يا مدام .
- صحيح فعلًا .
- احنا مش متجوزين يا حبيبتي .. احنا متطلقين جدًا .
- صحيح فعلًا متطلقين .
وهكذا طلقت الثقافة الرفيعه و الدكتوراه والماجستير في الهارموني والتحفة الجمالية .. د. شهيرة سرور .. لأني لم أعرف ماذا تريد ولا ماذا تحب .. ولا ماذا يرضيها .. ظننت في لحظة أن أقصى أملها أن تعيش معي .. فلما عاشت معي رأيتها تهرب مني وتعيش في غيبوبة الفاليوم .. وتنطوي على نفسها حتى تشبه قوقعة حزن.
وشككت في عقلي وتفكيري، وعدت أشد شعري من الوحدة والبؤس.
يا سادة يا كرام . .
أنا أبحث الآن عن بائعة فجل أو بائعة جرجير .. مجرد إنسانة على الفطرة لأتزوجها وأعيش معها على الفطرة البسيطة التي خلقها الله.
امرأة تنظر إلى زوجها على أنه ربها وتغسل له رجليه وتطهو طعامه، وتشاركه مشاركة التوأم في كل ما يُشركها فيه دون جدل.
امرأة تنظر إلى كل ما ينطق بها زوجها على أنه سماوي ومقدس ، وتحبه لأنها لابد أن تحبه وليس لأن عندها انفتاحًا ذاتيًا وانغلاقًا استبطانيا، يا سادة يا كرام .. أنا أعلن على الملأ أني رجل رجعي وبدائي .. وأرى للأسف الشديد أن عصر الرجل انتهى!. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ البحث عن زوجة .
يا سادة يا كرام .
أغلى شيء في الدنيا هو العلم .
والإنسان لا يتعلم مجانًا .
و إنما يستخلص المعرفة بالألم والمعاناة.
من مكتبة الحياة نأخذ علمنا الحقيقي، وليس من الكتب والأسفار .
وأقدم لكم نفسي أولًا . دكتور توفيق زكي . دكتوراه في الذرة والعلوم النووية من أمريكا، أب لولدين وزوج للمرة الثانية.
وحكاية المرة الثانية هي الموضوع .
وكالعادة كانت هناك مرة ثانية لأن الزواج الأول فشل بجدارة .
وكانت فكرتي في الزواج الأول هي البحث عن ست بيت وأم وامرأة تقدّس الحياة الأسرية، لا يهم الثقافة ولا التعليم ولا الشهادات، واخترتها ساقطة إبتدائية تكاد تفك الخط، لكن طباخة ممتازة وأستاذة في تسبيك الصواني والطواجن، وتنفيض السجاجيد وإرضاع الأطفال.
لكن كالمعتاد وبعد الشهور الأولى وبعد أن شَبَعت المعدة وامتلأت الأمعاء، وأصبحت المسألة الطريفة حكاية مكررة كل ليلة، بدأ النكد يدخل إلى البيت السعيد، وبدأت أشعر بالفجوة الهائلة بيني وبينها وبدأنا نختلف كل يوم في كل شيء . وأصبح الشارع يسمع صراخنا كل ليلة .
وبرغم نومنا متعانقين في فراش واحد كنت أشعر بأن بيننا قارات، وأن كل واحد فينا يسبح في محيط.
لم يكن هناك أي شيء مشترك يجمعنا سوى طاجن البطاطس بالفرن، وصواني المحشي وأطباق الكوسة بالباشاميل، فإذا غسلت يدي بعد الغداء عدت إلى الوحدة والغربة وكأني مجرد نزيل في فندق أجنبي.
عجزت تمامًا عن أن أشدّها إلى أي إهتمام مشترك، حتى لو إلى الصحيفة اليومية وأعمدة الأخبار وحوادث الأسبوع.
كانت إنسانة عقلها مُغلق على ثلاث غرف وصالة، لا يهمها ما يجري في فيتنام وكمبوديا ونيكاراجوا، ولا يعنيها ما يجري في جارة عربية قريبة مثل فلسطين.
ويستوي عندها أن تحترق لبنان، أو تندك بغداد أو تنفجر دمشق أو يخرج الشاه من إيران، ويحكمها خوميني أو خلقلي أو بازرجان ما دامت قد وجدت البصل في الجمعية التعاونية، والأرز عند البقال والجرجير عند الخضري.
فإذا حاولت أن أفتح معها هذه الموضوعات أسكتتني بغلظة، فإذا حاولت أن أتلطف ناولتني لكمة وهي تقول:
نام بلا وجع دماغ أنا ما صدقت نيمت الواد!
وتصوروا ما يحدث لي يا سادة في هذه الوحدة والغربة والخواء حينما أتعرف بالأخرى د. شهيرة سرور الأستاذة في الكونسرفتوار وعازفة البيانو، والحائزة على ماجستير ودكتوراه في التوزيع الكورالي وفي الهارموني من باريس.
السيدة الناعمة الحريرة التي تكاد تذوب في الفم من فرط نعومتها، والمتحدثة الرقيقة الودودة والفنانة الأنثى والنجمة التي لا ينطفيء لها تألق.
ويمكن لكم أن تتصوروا كيف أصبحت مكالماتنا في التليفون تمتد إلى خمس وست ساعات ولا نشبع، فنلتقي على النيل ثم تأخذني إلى بيتها لتسمعني معزوفة رقيقة على البيانو، ثم تحكي لي تاريخ هذه المعزوفة وكيف ومتى كتبها بيتهوفن .
نسيت أن أقول لكم أنها طُلّقت بعد زواج فاشل.
وهذا طبيعي . فمن يستطيع أن يفهم ويقدر هذه التحفة الجمالية النادرة . ومن يستطيع أن يُعاشر هذا الفن الرفيع إلا إنسان ذوّاقة.
ولقد كنت أنا ذلك الذواقة.
ولقد جُننت بها حبًا . وإمتلكتني حتى ملأت علي أقطار حياتي وأصبحت لا أرى سواها، ولا آكل سواها ولا أشرب سواها ولا أتنفس سواها.
وكان طبيعيًا أن يرتمي كل منا في حضن الآخر كأنه يتيم وجد أمه، وأن نغرق في حمى من الانصهار العذب الذي لا تجدونه إلا في الكتب والأشعار والسيمفونيات.
وكان طبيعيًا جدًا أن أطلق زوجتي وأتزوجها وأنا أحلم بأقصى الراحة، وبأني قد وجدت أخيرًا شقة خالية في صدر امرأة.
ولكن القدر خلاف الظنون، والدنيا التي أرادها الله تعبًا للكل ما لبثت أن قدمت صورة أخرى من زواج طريف غاية الطرافة.
واسمعوا معي نموذج من هذا الحوار الذي يجري بيننا.
الوقت صباحًا، وأنا أميل عليها وأمسح على شعرها في حنان وأهمس في أذنها:
فتنظر إلي نظرة فارغة كأنها لا تعرفني إطلاقًا .
وكأني رجل لقيط التقت به صدفة، وأخذته إلى بيتها و قدمت إليه طعامًا على سبيل الإحسان . و أن عليه الآن أن يرحل وأن يعود إلى حال سبيله دون كلمة.
وأقترب أكثر وأهمس في حنان:
- حبيبتي أنا جنبك .
- أنا عندي صداع يا توفيق أنا مش شايفاك. ولا شايفة حد.
وأهتف في أعماقي : يا نهار أسود عليك يا توفيق وعلى بختك . ثم أعود فأتودد إليها.
- أجيب لك كولونيا تنعش .
- سيبني لوحدي . نفسي أقعد سنين لوحدي.
سنين . سنين . نفسي أحط الحمل اللي على كتفي وأنام.
- حطيه على كتفي أنا.
- جوايا كلام كتير مش عاوز يطلع . كياني مسروق مني . بدور على عنوان نفسي مش لاقياه . متهيأ لي إني مشيت في الشارع الغلط.
- أنا مش فاهمك.
- أنا اخترتك من أربعين مليون إنسان عشان تصورت إنك حتفهمني وحا تحس بي .
- حا أحس بإيه يا حبيبتي ده إنتي معيشاني في ألغاز . دنا بنام مع أينشتين . أنا الدكتور في الذرة والعلوم النووية و اللي مسكت الإلكترون مش قادر أمسك أفكارك!
- نفسي نبعد عن بعض شوية يا توفيق .
- نعم . ؟
- يعني كده تسافر لك كام يوم إسكندرية تغير جو عشان توحشني شوية.
- كمان . أكثر من كده . ده إحنا بقالنا شهرين مقربناش لبعض .
- كمان شهر . ما يجراش حاجة .
- ده أنا بقالي خمسة أشهر بقوللك إعملي لي كيكة تبصي لي كأني باتكلم مالطي أو هيروغليفي .
- ياه ده أنا نسيت خالص حكاية الكيكة دي . عجيبة . الله يضحكك يا شيخ.
- وكل ده وإحنا في شهور العسل أمال بعدين هنعمل ايه . ده إنتي بتكلمي البيانو أكثر مني . بتعرفي عن فطور شوبان و مزاجه الشخصي أكثر من اللي بتعرفيه عني.
كل يوم برجع تعبان بعد يوم مرهق من الشغل المتواصل في العمل ألاقيكي بتقوليلي عندي انغلاق ذاتي وتقلص نفسي وانكماش روحي . . أجي ألمسك تقوليلي سيبني شوية حاسة الشمس بتغرب جوايا . عاوزة أموت . أتلاشى . و مرة تقوليلي سقف عقلي وقع، و أن جدران قلبي أتهدت . وفيه حاجة بتسويني بالأرض ومرة تقوليلي العصافير بتغني في صدري.
ومرة تقوليليي عاوزة كل الرجالة يبوسوني، وأشد شعر من الجنون فتقوليلي :
- ما هو كل الرجالة يعني إنت يا حبيبي . من إمتى وأنا حبيبك ؟ و إنتي عايشة في فلك وأنا في فلك . توصلني منك كلمة بالتلكس وتضيع ألف . أنا وحيد يا شهيرة . وحيد .
- وأنا وحيدة أكتر منك يا حبيبي .
- أمال احنا في حضن بعض ازاي .
- ساكنين بالصدفة سوا في نفس الشقة على النيل وبنبص احنا الاثنين للسقف.
- بالضبط هو ده الشيء الوحيد المشتركين فيه . للدرجة دي ممكن يتغير الناس . أمال فين الدموع والآهات . فين أغاني الحب . كانت معزوفة بيانو . عمود شعر في صحيفة يومية اتقطعت مع الأيام وبقت ورق تواليت . ساعات بحس إن مش بس لازم نبعد كام يوم . أبدًا . ده إحنا لازم نتعرف على بعض من جديد . لازم نقابل بعض صدفة في الصالون الأخضر . و أعزمك على شاي في جروبي و اسألك على نمرة تيليفونك . و أقوللك اسمك ايه يا مدام .
- صحيح فعلًا .
- احنا مش متجوزين يا حبيبتي . احنا متطلقين جدًا .
- صحيح فعلًا متطلقين .
وهكذا طلقت الثقافة الرفيعه و الدكتوراه والماجستير في الهارموني والتحفة الجمالية . د. شهيرة سرور . لأني لم أعرف ماذا تريد ولا ماذا تحب . ولا ماذا يرضيها . ظننت في لحظة أن أقصى أملها أن تعيش معي . فلما عاشت معي رأيتها تهرب مني وتعيش في غيبوبة الفاليوم . وتنطوي على نفسها حتى تشبه قوقعة حزن.
وشككت في عقلي وتفكيري، وعدت أشد شعري من الوحدة والبؤس.
يا سادة يا كرام . .
أنا أبحث الآن عن بائعة فجل أو بائعة جرجير . مجرد إنسانة على الفطرة لأتزوجها وأعيش معها على الفطرة البسيطة التي خلقها الله.
امرأة تنظر إلى زوجها على أنه ربها وتغسل له رجليه وتطهو طعامه، وتشاركه مشاركة التوأم في كل ما يُشركها فيه دون جدل.
امرأة تنظر إلى كل ما ينطق بها زوجها على أنه سماوي ومقدس ، وتحبه لأنها لابد أن تحبه وليس لأن عندها انفتاحًا ذاتيًا وانغلاقًا استبطانيا، يا سادة يا كرام . أنا أعلن على الملأ أني رجل رجعي وبدائي . وأرى للأسف الشديد أن عصر الرجل انتهى!. ❝
❞ حور: ايوه ياهبتي كل يوم دروس دروس أنا طهقت امتى ثانوية عامة دي تخلص بقا وأعيش عيشة سكر والله
هبة:كل تعب بتتعبيه بيتسجل عند ربنا ياحبيبتي
حور : يعني أنتِ شايفة إن لو ذاكرنا ربنا هيكرمنا؟
هبة: انتي بتسألي سؤال غير منطقي بالمره إنه يتسأل والله ايه العبط ده يعني انتي مش عارفه أن ربنا قال \"وأن ليس للإنسان إلا ماسعى\"!
حور: أكيد مش قصدي أقلل من ثقتي في ربنا ولكن أنا بتكلم على الغش اللي بيكون كل سنة واللي بيغش هو اللي بيوصل واللي بيذاكر مش بيوصل لحاجه
هبة: وده مين اللي قالك الفكرة دي؟
حور: انا سألت كتير من الدفعة اللي فاتت تعبوا وذاكروا من مصادر كتير وعملوا كل حاجه ونزلوا دروس كتير وف الآخر ايه؟ ماحدش راح كلية بيتمناها
هبة : مش يمكن انتِ بتروحي للأشخاص الغلط؟ اللي بيشكروا في مذاكرتهم ومايقارنوش نفسهم بالأحسن
حور: بمعنى ؟
هبة: بمعنى أن ربنا بيدي كل واحد على قد مذاكرته وتعبه ويقينه في كرم ربنا مش بكمية الأسئلة اللي حلوها
ايه المغزى من حل أسئلة بدون تركيز اصلًا ومش بكمية الدروس اللي نزلها وبجانب كل ده لازم تكون علاقته بربنا وأهله كويسة
حور: بس تفكير الأهالي أنه ازاي يعني ينزل دروس ومايجيبش مجموع
هبة: حبيبتي انتي ممكن تاخدي ال ٧ مواد أونلاين وماتنزليش ولا تدفعي جنيه ولا تكلفي أهلك بس تسمعي الدرس بتركيز وتحلي عليه بتركيز وتجيبي ملخصات وكتب مراجعه وتحلي امتحانات ف الآخر توصلي لحلمك
العبرة بالكيف لا بالكم♥️ربنا مش هيضيع تعبنا أنا واثقه من ده وهنوصل سوا
حور: فكرة برضو انا زهقت من كتر النزول هحول اونلاين بس البت رنوش مهونة عليا الدروس برضو بأكلنا سوا بعد كل درس
هبة : طب يلا يالمضة خلصتيلي الرصيد زمانك وصلتي السنتر واحنا بنرغي
حور:حقيقي مالقيتش ونس للعمر أحسن منك ورغم أننا قد بعض ونفس السنة المتعبة إلا انك لما بتنصحيني بتتقمصي شخصية إنك أكبر مني وعندك قدرة إقناع ، هايل بجد يافنان
هبة: حبيبي حبيبي والله لولا المسافات كنا ذاكرنا كله سوا وعدينا الصعب🥹
حور: رغم خوفي بس حاسة إن ربنا مش هيخذلنا لأجل أهلنا
هبة: ماتقعديش أنتِ تتمرقعي فيس وواتس وانعزلي شويه باقي شهر خلاص هانت
حور: يوه بقا ماتفكرينيش
هبة: ماأفكركيش ازاي يعني ده مستقبلنا ياحبيبي وكل ده ينفع نتمرقع عليه بعدين بس هنندم أوي على كل لحظه بنضيعها دلوقتي ونيجي بعدين نقول ماوصلناش
اللي بيوصل مش بيضيع اي وقت وأي فرصه مذاكره تيجي قدامه
حور: حاضر يعيوني
هبة: يلا ف رعاية الله♥️
دخلت حور الدرس وحاولت تركز علشان ماتكونش بتضيع فلوس أهلها على الفاضي وإن تركيزها دور من أدوارها في السعي
المدرس: وبكده ياشباب دي تكون آخر حصة وإن شاء الله نتقابل ليلة الامتحان ركزوا كويس الأيام اللي جايه وربنا مش هيضيع تعبكم مالكمش علاقة بمجاميع وتنسيق الدفعات اللي فاتت اللي بيقولولكم مش هتوصلوا.
الفتره دي أنت محتاج كل الدعم والإنعزال وتبعد عن أي احباط ومشتتات وياريت نلغي الفون ده ونستبدله بفون فيه يوتيوب ومنصات بس علشان مانندمش بعدين .
وعلى فكره درجاتكم في امتحاناتي مش مقياس نهائي علشان كنتو بتعيطوا حبيت أقولكم درجات الفاينال مالهاش علاقه وتقدروا توصلوا بمجرد اجتهادكم جامد جمودة آخر شهر ده حتى لو ضايعين من أول السنه شوفوا ايه اللي ناقصكم في كل ماده وافهموه.
الساعه اللي بتضيعها ف اليوم هتفرق معاك جوا الامتحان وهتشوف ده كويس
واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
البنات بعد ماخرجوا من الدرس
حور: والله مستر محمد ده كلامه ده حافز لينا ربنا يباركله
نور: ايوة يابنتي مش زي البني ادم التاني اللي كل مايشوفنا يقولنا هتسقطوا بمستواكم ده
حور: طب ايه مش قولتلكم حرام نغتاب حد يابناويتي
نور: ياستي هو احنا بس اللي بنشتمه ماهو اللي أسلوبه زباله
كاميليا: مش معنى أن غيرنا بيعمل الحرام يبقى ده حلال ليه مانكونش الصالحين وسط ألف جاهلين لدين ربنا؟ ليه مانبدأش احنا
ياسمين: عندك حق انتي صح ومن النهارده هحاول ما أنمّش على حد تاني وهخلِص النية لربنا بأنه يوفقني في الامتحانات وإني هستمر في إني ما أعصيش ربنا مهما كانت النتيجه
حور: طب والله انتو صحبة زي السكر يلا بينا ع بيوتنا علشان نصلي الضهر وننام شويه ونصحى نذاكر كل اللي اخدناه ده ونبدا من بكره نراجع ونجهز جداولنا
ياسمين: ننام؟ ننام ازاي هما اللي في ثانوية بينامو؟
حور: حبيبتي انتِ بتقولي ايه انتِ لازم تنامي من ٦ ل ٨ ساعات متواصل ولو هتاخدي قيلولة ساعة ساعتين مفيش أي مشكله كده كده خلصنا دروس اهو وهيتبقى في يومنا ١٤ ساعه غير النوم منهم ٤ صلاه واكل ومرقعه وقعاد مع أهلنا علشان مانحسش أننا مضغوطين و١٠ مذاكرة متقسمين على مدار اليوم كده احنا فل الفل
بس نذاكر ال ١٠ بس
نور: شايفين العقل شايفين
حور: ربنا يخليني ليكم كده ع طول
بعد ٣ اسابيع وباقي اسبوع على الامتحانات
هبة: أنا خايفه أوي يلا نذاكر كتير
حور: أنا فاقده الشغف مش قادره
هبة:يابنتي مش وقته ده استعيني بالله واقرأي يس وادعي قبل المذاكرة ويلا
حور: حاضر يلا بينا
بعد مرور نص ساعة في أماكن مختلفة وبلاد مختلفة
هبة لنفسها : لسه باقيلي كتير لازم ما أنامش غير لما اخلص كل ده علشان ارتاح نفسيا
حور لنفسها :انا هقرأ الروايه دي واذاكر بعدين
بعد مرور نص ساعه تاني
حور لنفسها: الله دي جميله لازم اكملها وأشوف هيحصل ايه لأبطال الروايه دي
هبة: هانت واخلص الماده دي وارتاح منها وابدا احل امتحانات ساعدني يارب
بعد ساعتين
حور لنفسها: ايه ده الساعه ١٢؟؟ لا لازم انام وهبدا من بكره اذاكر جامد واستمرت هكذا كل يوم بعد نص ساعه مذاكره تضيع ساعتين وكانت بتصلي وتقرأ قران وتصلي قيام الليل وتقول الأذكار
وهبة كانت بتذاكر ساعتين بينهم نص ساعه بريك صلاه وادعيه وكانت هي كمان بتقول الاذكار وتصلي قيام الليل
ولكن يوم النتيجة هل يستويان مثلًا. !!؟
هبة جابت ٩٥ وحققت حلمها ودخلت الكلية اللي بتتمناها
وحور كانت بتعيط علشان مجموعها ماوصلهاش لحلمها
ده يعلمنا أن كل وقت بنضيعه بنتحاسب عليه يوم الامتحان♥️
حور بعياط : يعني ايه اجيب ٧٥ ٪
بعدين افتكرت مرقعتها
يارب أنا عارفة إني قصرت وراضية
وراضية بقضائك في التنسيق والكلية اللي هتختارهالي هدخلها
هنستفاد ايه بعد عياطنا الكتير؟ سواء بعد كل امتحان غير أننا هنضيع مذاكرتنا للمادة اللي بعدها ولو بعد النتيجه ف ده قضاء وقدر واللي حصل مش هنقدر نغيره لازم نرضى باللي جاي وبكل المكتوب وافتكر أن ربنا بيختارلك المجال الخير ليك واللي هتقدر تشتغل فيه كويس وتحقق ذاتك ويمكن ده سبب انك ماتجيبش المجموع اللي نفسك فيه ده غير إنك ممكن قصرت شويه
كل واحدة منهم دخلت الكلية اللي تنسيقها جابها ودخلوا الاتنين نفس الجامعة باختلاف الكليات
أول أسبوع كلية
حور لهبة بعياط: انا تايهه اوي ايه ده الكلية طلعت أصعب كتير
هبة: مش ده اللي كنتِ بتقولي اخلص بس ثانوي ونرتاح
حور: كان ينقطع لساني فتفوته فتفوته رجعوني لثانوي بالله انا عيلة
خلص الترم الاول وجابوا تقديرات كويسة
حور: انا عارفه أن الترم التاني جه وهمارس هواياتي المفضلة وهما الجري للسكاشن والصياح
هبة : كويس ا٣نك عارفه نفسك
حور: أنتِ زهقتي مني أنتِ كمان؟ اصلا اصلا الاهتمام مابيتطلبش
اخر الترم التاني
هبة: ده جدول الفاينل بتاع الترم التاني نزل
حور: وعندنا برضو نزل .عايزه اتجوز والله أو انتحر اصل فكرت فيها مالقيتش حل تالت مش معقوله كائن كتكوت زيي يلحق يلم كل المواد دي دي دوامه هتستمر ٥٠ يوم ليه يعني ليه شفوي ونظري وعملي
هبة: وعملي النظري ونظري العملي ومرار يختاييي
حور: المهم شوفيلي زوج صالح على بكره كده اصل كده كده مش هتخرج من غير بوكيه التخرج
هبة: حاضر إن شاء الله اتخمدي وبكره ننزل ندور على عريس في الشارع هي كل زنقة كده هتقرفيني
بعد مرور سنتين وكانو ف بدايه سنه رابعه
(بسرع ف الأحداث علشان لو مشيت بالتفاصيل هتزهقوا مني وهقلبهالكم روايه مش هعرف اخلصها تاني من كتر الأحداث ده غير أن طاقتي يادوب😂🙆🏻♀️)
ام حور: حور
انتِ يازفتة
حور: نعم يانور عيون الزفتة
ام حور: اهو ده اللي فالحين فيه لسان قد كده
حور: خير يا امي ادخليلي ف الموضوع اصل مش فاضية بذاكر
ام حور: بتذاكري اه ع أساس اني مش عارفه مرقعتك
حور: مشكلتك انك فاهماني ياست الكل والله
ام حور: لمضة
المهم في عريس اتعمى ف نظره عاوزه يتقدملك
حور: بتهزاااااري؟
ام حور وهي بترمي الشبشب : وههزر مع أشكالك ليه
حور: آه يا ماما ماتاخدي وتدي كده معايا الاه
ام حور: صعبان عليا
حور: هو مين ياغالية
ام حور: اللي أمه داعية عليه ده
حور: ده تمنى نجمة ف أعطاه الله قمر والله
ام حور: المهم اقولهم يجو امتى البيزنيس ومان بتاعتنا فاضية. امتى
حور: هتصل على السكيرتارية اشوف مواعيد شغلي وافكر ياحجه
ام حور: شغلك ؟
حور: ماانتي يماما اللي بتسألي أسئلة غريبه يجو فين ماانتي عارفه أن بنتك حبيبتك مش هتاخد خطوة زي دي غير بعد ماتخلص الكلية والماجستير والدكتوراه وال..
الاب: هو ده الصح يابنتي تربيتي
ام حور: هو ترم اللي قاعدلك وبعدها تمشي وتهوينا ياريت
حور: أنا قاعدة ع قلبكم؟ لا اله الا الله
ام حور: هقولهم يجوا الاسبوع ده بما إنك في اجازه ولو حصل نصيب اتخطبوا بعد مايخلص الترم الجاي
حور: ثانية بس مين اللي يجي هو أنتِ قولتيلي مين اصلا ولا ادتيني فرصة اسأل
ام حور: أكرم ابن خالك
حور: نعم؟؟
ام حور: اه والله زي ما بقولك كده
حور: طب انا هدخل اصلي استخاره واحكي لهبهوبه وبعدين نشوف الحوار ده
.... بعد مرور يومين صحيت حور لقيت مامتها بتنضف وبتقولها قومي ساعديني
حور: خير ياماما ايه حملة النضافة المفاجئة دي
ام حور: خالك جاي النهارده ياختي
حور:وانتي لسة فاكره تقوليلي دلوقتي مش قولتيلي اسبوع
ام حور: عارفاكي يعني مش هتعملي فيها سندريلا ف اللبس ده أن ماطلعتيلهوش بالاسدال ده انتي فقر
حور: مش للدرجادي يعني هلبس عباية من بتوعك عادي
ام حور: بت غوري من وشي على الصبح
ولا اقولك هاتي حضن ياعروستي
حور: ايوه هي دي أمي الحنونه حبيبتي
ام حور : يلا تعالى ساعديني قبل. ما الناس تيجي علشان نجهز الأكل
حور : ليه هما كمان هياكلوا؟
ام حور: مش عارفه بجد هو حب فيكي ايه مش عارفااااااااااااا
حور: عيب عليكي ده انا سكر
حور ساعدت مامتها وجهزوا الأكل ونضفوا البيت كله
حور: ماما هما هيدخلوا جوا التلاجه يعملو ايه كفايا ف العيد بتخلينا نكنس تحت السرير اللي اصلا مالهوش مدخل من تحت ومقفول
ام حور: شششش اشتغلي وانتي ساكته ويلا علشان تروحي تلبسي وتحطي ميكاب
حور: ميكاب؟ ليه أن شاء الله هو جوزي علشان يشوفني متزينة بميكاب!!
ام حور: عنك ماحطيتي
حور: احسن برضو اروح البس
لبست حور دريس خروج سيمبل. خالص عادي ولفت طرحتها وماحطتش اي ميكب وخرجت وكانت زي القمر الصراحة والله
ام حور: اهلا ياحبيبي تعالى اتفضل
أكرم: ازيك ياعمتو عاملة ايه
ام حور: بخير الحمد لله اتفضلو تعالو في الصالون
أبو أكرم: عاملة ايه ياحبيبتي
أم حور : الحمد لله بخير ياحبيبي انتو عاملين ايه
أم أكرم: بخير يا حبيبتي كلنا بخير وهنكون بخير أكتر بعد النهاردة إن شاء الله
ابو اكرم: يشرفنا أن احنا نطلب ايد حور بنتي لأكرم والحقيقة أكرم عاوز ياخد الخطوه دي من اربع سنين بس انا رافض علشان دراستها لأني بعتبرها بنتي وعارف مصلحتها كويس
أم حور: والله ياحبيبي هي اصلا رافضه فكره الجواز غير بعد ماتخلص كل حاجه تخص دراستها بس وافقت على الرؤية الشرعية علشان ماتبقاش ظلمت أكرم وعلشان احنا أهل لكن ممكن باقي الخطوات نأجلها شوية
أبو أكرم( اخو أم حور):هو ده الصح ياأختي. امال فين عروستنا
أم حور: تعالى ياحور
حور دخلت وفي أيدها صينيه قهوه حطتها على ترابيزة وسلمت على خالها وحضنته وجت عند أكرم شاورتله من بعيد لانه عارف كدا كدا أنها مش بتسلم وسلمت على مرات خالها وقعدت جنبها
مرات خالها: عاملة ايه ياعمري طمنيني عنك اخبار دراستك
حور: الحمد لله بخير ياطنط دعواتك اعدي الوقت اللي فاضل على خير
أكرم : ربنا معاكِ هتعدي
حور في سرها: انت حد وجهلك كلام اصلا؟
حور: آمين
أبو أكرم: طب ايه نسيب عرساننا لوحدهم شويه
حور: خالو خليك معانا وخد قهوتك معاك بس اه سيب الفنجان اللي جنبه معلقه
ابو اكرم: اشمعنا يابنتي
حور: اصل سكرها زياده لأكرم وبصت بطرف عينها وضحكت
أكرم : لا يابابا روح اقعد مع اختك ومراتك وعمي يلا اتفضل
انت صح
حور: ياسلام
كانو هما خرجوا وهو خاف يقوم من مكانه تعمله مناحة ف قعد وسكت
أكرم:ياسلامين
حور:اتفضل
أكرم: هو ايه اللي اتفضل انتِ محسساني اني واحد جاي صالونات هعرفك بنفسي مستنياني اقولك اني مسلم و مهندس وعندي ٢٥ سنه ولا ايه
حور:مبدأيا اسمها مصونات ثانياً ماهو يعتبر كده برضو ، لا اكيد دي حاجات عارفاها نينينيني ثالثاً اتفضل قهوتك قبل ماتبرد رابعاً ايه مهندس دي ديانة جديده ولا ايه
أكرم: ايه ده انتي بتهزري زي البني ادمين؟
حور: انا غلطانة والله غلطانة
أكرم : لا خلاص والله بس اصل يعني من لما بطلتي تلعبي معانا ف الشارع وعملتي نفسك كبرتي علينا ياهانم ودخلتي جامعه وبطلتي تسلمي علينا بالأيد ومابقاش لينا كلام نهائي مع بعض اعتقد اخر مره قعدنا سوا كان وقت ثانوي لما كنت بحكيلك تجربتي ف ثانوي وحقيقي نسيت اقولك وقتها اني فخور. بيكي وبمجموعك وبكل تعبك وبأي حاجه بتعمليها
حور: شكراً
أكرم: ده اللي قدرك عليه ربنا
حور: اه🙂
أكرم : طب بعيداً عن سماجتك واني حاسس ان الموضوع مش على هواكِ
حور: ليه بتقول كده
أكرم: يمكن علشان مش حاسك طايقاني
حور: بالعكس والله انا بس بتعامل معاك كده علشان انت لسة اجنبي عني
أكرم: انا مصري وابويا مصري
حور ضحكت بس بعدين عملت نفسها مش بتضحك وقالتله خفة الدم مش بالعافية
أكرم: انا بس عايز اعرف اذا كان في امل اكون مش اجنبي ولا لا
حور ابتسمت: يعني امل صغنون وعلى حسب اسلوبك وطباعك وتسهيلات ربنا واسألتي ليك هيتحدد باقي الامل
وطبعا مفروض تعرف أن لو حصل نصيب اكيد كل ده هيكون ف وجود ضوابط خطوبة
أكرم ابتسم جامد: طب الحمد لله انا كنت خايف مايكونش في اي امل ويكون في حد تاني احسن مني
حور: اكيد مش هلاقي احسن منك ياأكرم
بعدين استوعبت اللي قالته وسكتت وبصت ف الارض
وهو بص على كسوفها ومارضيش يعلق علشان مايحرجهاش وضحك وشرب من القهوة
اكرم:تسلم ايدك القهوه جميلة
حور بصتله باستغراب
اكرم: انتي فاكره يعني لما تحطيلي فيها ملح هسيبها؟ لا هشربها علشان اثبتلك حبي، حركات الأتراك دي عارفها
حور: ده انا كنت بطفشك بشياكة!!
أكرم: لا متخافيش قاعد على قلبك
بعدين تليفونها كان بيرن فيديو كول وكانت هبة
أكرم: ده مين قاطع اللحظات السعيدة ده
حور : هبة صاحبتي وهرد سواء برضاك او لا
أكرم: شكرا على كرمك والله يابنتي واخلاقك واحترامك
حور: الله يسترك ايوه ياهبهوب .. مش حاطه هاند فري ف اتظبطي ف الكلام
أكرم: لا عادي انا مش غريب انا جوزك
حور: ماشاء الله اتجوزتني امتى
أكرم: من ابتدائي
هبة : جواز باطل ده خلي بالك لأنها صغيره
أكرم: ايه خفه الدم دي
هبة: بس ايه الدريس العسل ده ياحوري سكر ياعيوني
أكرم : معلش بس هي حوري انا
هبة: ابتدينا ناقر ونقير
حور: هقفل ف وشك وانت هطلع واسيبك
أكرم: لا استني بس ياحور في كلام كتير كنت هقولهولك بس نقول ايه ف قاطع اللحظات السعيده
هبة:ده احنا نسمي العيال بقا ايه رأيك يابت ياحور تسميها هبة
حور: لا ماهي مش ناقصه اتنين الحكايه كفاية واحده
أكرم: نسميها روح علشان اقولها روحي ولو ولد نوح وكمان روح وحور هتبقى حاجة سكر كده وهي اصلا امهم حوريتي
هبة: وتبقى البنت روح اكرم وهي أم روح
حور: لا ايه أم روح ده بيئه اوي انا هسمي مثلا يزن لو ولد ولو بنت أيسل
هبة: امال فين. دراستي ثم دراستي ولا لما كل زنقه امتحانات تقعدي. تقولي جوزوني ودلوقتي رافضه علشان مستقبلك اللي بتعيطي منه وانتي اصلا عندك انفصام
حور: ايوه صح دراستي ثم دراستي انتو خلتوني اندمج ف الكلام ونسيت نفسي منكم لله بجد
أكرم: يعني مش كنتي ام يزن من شوية؟
حور: ماتدخلنيش ف تفاصيل دلوقتي انا اصلا لما سرحتت ف الكلام مع هبة نسيت وجودك
أكرم : للدرجادي غيابي سهل
هبة: خف صعبانيات على البت
أكرم: طب ايه رأيك تقفلي انتي علشان اتكلم مع مراتي في حياتنا اللي جايه
هبة: يعني أنا العزول؟
أكرم: ايواً بالظبط كده
هبة : طب يخويا كده كده هي هتحكيلي كل حاجه
أكرم: أن شاء الله والف الف مبروك
حور: مش هنخلص ام الليلة دي؟
هبة: لا يختي انا ماشية اهو
اكرم: نفسي
هبة بتقول حاجة؟
اكرم: بقول بحب ميسي
هبة: اه بحسب
اكرم : لا ماتحسبيش
هبة: يلا باي ياحوري اكلمك بعد ماالناس اللي عندك دول يمشو وضحكت وقفلت
اكرم: الناس اللي عندك؟
حور: خلاص بقا
اكرم: صبر
حور: لو مش مستحمل غلاسة هبة صاحبتي يبقى مش هتستحملني خلي بالك
اكرم: هبة ايه بس انا لسه شارب فنجان قهوة فيه طن ملح لما بطني هتموتني وصابر اسكتي خالص
حور: واحنا صغيرين انت ماكنتش بتحب القهوه اصلا!
أكرم:مين قال اني بحبها شربتها علشان من ايدك وياريتني ماشربت والله
حور: يعني كده؟
أكرم: ده انا بقولك تسلم ايدك ايه القهوة القمر دي
حور:نينينيني
أكرم: بقولك صح
حور: قول
أكرم: فاكرة لما الحزن صابني
حور: لا والله؟ والوجع غَيَّر في شكلك ولا ايه
أكرم: لا بتكلم بجد والله لما كنا صغيرين ف ابتدائي كده وكنا بنروح المدرسة سوا وماكنتش مصاحب حد هناك غيرك ووقعت من السلم واتكسرت وفضلتي تعيطي؟
حور: لما قعدت تقولي ماتعيطيش انا بخير اهدي ؟
لا مش فاكره خالص
أكرم: ياشيخه؟؟
حور: المهم يعني أنجز
أكرم: وقتها روحتي جيبتي تليفون المدير ورنيتي على باباكي جه اخدني مستشفى ودي احسن مره حد وقف فيها جنبي
حور: امال يعني كنت هعمل ايه ده انت غريب وده موقف عادي
أكرم: يمكن عادي بالنسبة لك علشان انا عادي بالنسبة لك لكن مش عادي بالنسبة لي علشان انتي مش عادية بالنسبة لي
حور: ايه جو أرنبنا في منور انور ده دماغي لفت
أكرم: حور والله انتي هتشليني
حور: ده المطلوب
أكرم: !!!؟؟؟
طب قومي هاتيلي مياه علشان حاسس الملح بيجري ف معدتي
حور: ايه قومي هاتيلي دي بعدين المياه قدامك
أكرم: والله انا بس اكتب الكتاب وهقطعلك لسانك ده
حور: مالك فاكر نفسك توم كروز كده ليه
أكرم: مين ده كمان
حور: مش عارفة هما بيقولوها كده
أكرم: ياالله ياولي الصابرين صبرني
حور: ويصبرني
حور: بص مبدأيا لو انت جاي تتجوزني بناء على شخصيتي وانا صغيره ف أنا اتغيرت تماماً يعني مثلاً عندي عصبية مااعتقدش انك هتستحملها وكمان تلقائيه في الكلام بطريقة عبيطه ودبش زي ماانت شايف يعني ودي حاجات مش بايدي
أكرم: مين قال اني مش عارف كل حاجه عنك خطوة بخطوة !؟
حور: ده ازاي بقا
أكرم: حور انتي فاكراني جاي اطلب ايدك علشان قريبتي كده وخلاص؟؟
حور: ليه هو ف حاجه تاني؟؟
أكرم: حور انا لما كنت بخاف عليكي واحنا صغيرين واضرب اي حد يقربلك كنت فاكر اني بعتبرك اختي عادي علشان ماعنديش اخوات بنات وكان دايما بابا يقولي واحنا نازلين نلعب حور حطها ف عينك دي اختك فاكره لما كنا نيجي نلعب وتلعبي مع اولاد غيري ف ازعق فيكي؟
حور: كنت بتقولي خالو قالك اني مالعبش مع حد غيرك
أكرم:لا دي كانت غيرة من جوايا انا مالهاش علاقة بكلام بابا ولما بقيتي في اعدادي كده وبطلتي تنزلي تلعبي معانا وكنت اجي اخدك عمتو تقولي لا
كنا بنتقابل في المدرسة وانتي ف تالته اعدادي لأن مدرستنا كانت من ابتدائي لثانوي وبعدها ف ثانوي بابا مارضيش يخليني اجي عندكم تاني كنت أنا ف جامعة وانتي اولى ثانوي من وقتها بدأت افتقدك وحسيت أن خوفي عليكي في صغرك ماكانش حب أُخوة لا وبقيت احاول احافظ عليكي مني ومااعترفش بأي حاجة علشان مااغضبش ربنا وان لما تعرفي حاجه زي كده يكون رسمي علشان مااشغلكيش عن دراستك وعلشان كلامنا هيكون حرام
حور: الكلام ده بجد؟
أكرم : امال يعني ههزر معاكي؟
حور: طب ها كمل
أكرم: من غير ماتقولي
وبس ياستي حالياً عدى سبع سنين على اليوم اللي حسيت انها مش مجرد مشاعر وخلاص وانتي خلصتي ٣ سنين ثانوي واهو ف رابعة كلية وانا خلصت ٥ سنين هندسه وبقالي سنتين بشتغل ومستنيكي وهفضل مستنياكي الباقي من عمري لو عايزة
حور: انا عمري ماخطر على بالي أن يكون ف شخص بيحبني أصلاً
أكرم: انتي تستاهلي كل الحب ياحور وتستاهلي ان الواحد يتقي الله فيكي علشان ربنا مايحرمش الشخص ده منك وحقيقي ليا الشرف اني اكون الشخص ده
حور: مش عارفة ارد الحقيقه
أكرم: لا استني هكمل كلامي ده انا شايل جوايا حكاوي من ابتدائي
حور ضحكت
أكرم: قولت لبابا من سبع سنين اني بحبك قالي حور لسه صغيره وف ثانوي وماينفعش تعطلها وحور بنتي زي ماانت ابني
قولتله يعني ايه قالي يعني مش موافق انك تروح تقولها حاجه زي دي غير لما تروح تتقدم رسمي وتكون قد ده وتكون بتشتغل ومعاك فلوسك تبني بيها بيتك بنفسك ولما قولتله يابابا ده مجرد اعتراف علشان ماحدش ياخدها مني قالي ماتخافش حور مش هتاخد خطوه زي دي وهي صغيره
ولما نجحتي ف الثانوي ودخلتي جامعه قولتله تاني وقالي لما تخلص انت كليتك وبس ياستي يوم ماجينا نباركلك واجهت عمتي وقالتلي انك رافضه خطوبة ف السن ده وامي كانت عارفه وباباكي وأمة لا اله الا الله كانت عارفه الا انتي وانا كنت متفق مع باباكي يرفض. العرسان من غير مايرجعلك لغايه مااكون كونت نفسي يعني مرفوضلك بتاع ٧ عرسان وكل مره فيهم كنت بتغاظ اكتر لغاية ماشوفت أنه كفايا انتظار كده
حور بإستفزاز : ياسلام افرض كنت حابة اوافق على حد فيهم
اكرم وهو بيمثل الهدوء: توافقي ازاي يعني مش فاهم
حور بخوف: لا ابداً بكح كمل يلا
أكرم: سلامتك يختي من الكحة
حور: الله يسلمك والله
أكرم: بس بقا خلتيني افصل عن الحوارات اللي كنت بحكيها
حور: كمل كمل خلينا نسمع
أكرم: هكمل علشان انا مش جاي غير علشان احكي
حور: استغفر الله العظيم
أكرم: من كل ذنب
حور: طب ايه والله اطلع بره
أكرم: لا خلاص
بس ياستي وطول السبع سنين دول كنت بسأل عمي عنك دايما وكنت بعرف كل مره بتتعبي فيها من عمتي لما كانت تقول لبابا وكنت بقوم اصلي ركعتين قضاء الحاجة بنية شفاءك وكنت ببقى حزين اوي والله وعارفة اكونت الفيس الفيك اللي عملتيه علشان ماحدش يعرفه ؟
حور: بجد مبسوطه اوي
ماله اكونت الفيس ده كمان انت عرفته؟؟
أكرم: ظهرتيلي مره صدفه وبعدين عرفت أنه انتي وكنت عامل فولو وع فكره ف شوية ولاد بيقعدو يعملو ريأكتات همسحلك الاكونت خالص بس استني
حور: ثانيه بس ده انا مش بشوف مين بيعمل ريأكتات اصلا بعدين ف الفريندس مش عندي غير بنات ومش محتاجه أكدلك على حوار زي ده يعني
أكرم: اقصد الفولورز
حور: اه ده طبيعي لان الاكونت بابلك
أكرم: هنشوف الاكونت ده بعدين
حور: سيبك انت عرفت ازاي الاكونت ده ماحدش من العيلة يعرفه
أكرم: ماانا بقولك اهو ظهرلي والله وكنت بقرأ اسكريبتاتك على انك واحده غريبة عادي ومره لقيت اسمك مكتوب ثلاثي عرفتك بقا ولزقت هناك وانا اللي كنت ببعتلك مسجات على صراحة على فكره
حور: انهي مسج فيهم
أكرم: كل المسجات اللي كنتي بتنزليها ومش عارفه مين صاحبها وكنت بتابع ف صمت تام وكنت بحب خواطرك وكتاباتك اوي وفخور بيكي وبكل انجازاتك حقيقي
حور: أنا ممتنة ليك بجد ده انا كنت افتكر أن محدش يعرفني ولا حد معبرني
طب لو هنتكلم من ناحية البيت اللي هنعيش فيه هو خالي بنى ليك شقه فوق شقته ولا ايه النظام
أكرم: انا كنت شايف ليكي يعني من خمس سنين بوست انك مش عايزه تسكني ف بيت عيلة
حور: ده انت متابع فعلاً بقا
أكرم: عيب عليكي وحوار انك رافضة جواز القرايب ده عملت نفسي ماشفتهوش انتي كمان انسى الحوار ده وهحققلك باقي احلامك
حور: خلاص نعتبرك غريب علشان بحب خالو بس
أكرم: إن شاء الله اكون مكان خالك
حور: ازاي يعني
أكرم: انتي غبيه ومش بتفهمي تلميحات وهتتعبيني
حور: شكراً لذوقك ياغالي
أكرم: المهم أن بابا كان معاه ارض ف حته بعيده خالص عنننا وعنكم واداهالي هديه واتفقت مع الناس اللي هتبني بس مارضيتش احط فيها طوبه غير لما اجي اتقدملك
حور: هو انت كمان عارف اني عاوزه اختار نظام بيتي بنفسي والبلكونات والبناء وكده؟
أكرم: بقولك متابعك من سنين وعارف كل حاجة وكمان يعني صاحبي اخو صاحبتك كنت بخليه يعرف منه معلومات كتير عن احلامك المستقبلية ف الجواز
حور: صاحبتي مين ثانيه بس!!
أكرم: نور
حور: ماشي يانور لما اشوفك
أكرم: هي كانت عارفه وكل اصحابك عارفين
حور: ماشاء الله ده انا اخر من يعلم جدًا
أكرم: انتي اخر من يعلم فعلًا
المهم يا حوري في حاجات في جروبات ادوات منزلية وبوستات عند فاطمة البري كنت بشوفك عامله عليها ريأكتات هناك كل الحاجات دي مشتريهالك وحاططهالك ف اوضتي واول مرتب اخدته لما اشتغلت وانا طالب ف سنة تانية جامعة اشتريتلك بيه بوكس كُتب وشيلتها عندي وعامل ليكي تابلوه كبير بتاني مرتب ليا وتالت مرتب حوشته على مرتب باقي الشهور لغاية ماوصلت رابعة كلية واشتريتلك بيه ايفون ١٣
اللي كان نفسك فيه وقتها
واخر سنتين كلية مرتبهم من الشغل اللي كنت بشتغله حوشته للجواز
وأنا ياستي كنت بشتغل ف صيدليه بالليل بجانب اسيستنت اونلاين وبالنهار ف الكليه وكنت بحاول أوفق بين الدراسة والشغل علشان اجمع فلوس تكفيني واحوش منها علشان ابني بيتي بنفسي وحاليًا بعد سنتين تخرج شغال مهندس بجانب شغل تاني اونلاين والحمد لله قدرت اجمع فلوس الشبكة والأجهزه خلال شغل السنين اللي فاتت والباقي بابا هيساعدني فيه بس ياستي دي حدوتي ها
حور وهي بتمسح دموعها: بجد انا اللي فخورة جدا بكل حاجه عملتها علشاني ومش عارفه اشكرك ازاي بس انا مش محتاجه شبكة خاتم واحد يكفيني بجد ومعاه دبلة وفل كده وباقي الفلوس نجهز بيها بيتنا وبعد الجواز هستنى منك الشبكة عادي
أكرم: لا طبعاً مافيش الكلام ده بس ثانية
افهم من كده انك موافقه؟
حور: لا مين قال كده هصلي استخاره الاول وأشوف رأي بابا
اكرم: عمتي قالتلي أن بقاالك ٣ ايام بتصلي استخاره دي حاجه تاني حاجه باباكي عارف كل حاجه اصلا
حور: لا برضو هفكر
أكرم: طب فكري مع نفسك .. ياعمي يابابا ياماما
أبو أكرم دخل: في ايه يابني
أكرم: حور موافقة
حور: ثانية والله ماانا قولت كده
أكرم: دي لسه قايلالي حالًا ماقدرش اعيش من غيرك
حور: انا ؟؟ والله ماحصل
ام حور: لا دي آخرها تقولك اطلع بره دي مش بتاعة الكلام ده
حور: أمي حبيبتي
أبو حور: ايوه يعني اتفقتوا على ايه
أكرم: أنا بقول نجيب المأذون بكره علشان الساعه عشره زمانه نايم
حور: مأذون ايه أنت كمان يابابا قول حاجه
أبو حور: هو بيتكلم صح
أم حور: تعبتي الواد معاكي ياشيخه
أم اكرم: انا من رأيي نجيبه بكره برضو
حور: لا والله كلكم عليا؟؟؟
طب على فكره لازم فتره خطوبه علشان نتعرف على بعض
أكرم: نتعرف على بعض ايه انا بقالي تلات ساعات بحكيلك قصه حياتي قال نتعرف على بعض عايزه تعرفي ايه اكتر من كده
اه نسيت أقولك مواعيد نومي ومواعيد أكلي دي الحاجه الوحيدة اللي ناقصه
حور: مش وقت استظراف خالص ياخفة
أكرم: انا اللي بستظرف؟
خطوبة ايه ولسه هنعمل ضوابط خطوبة واجي ارن عليكي ماترديش ولما اجيلك الكلية تعملي نفسك ماتعرفنيش طب ليه ان شاء الله مااحنا نكتب الكتاب ونتجوز بعد ماتخلصي كليتك وتاخدي دبلومتك وف الفتره دي هنكون كاتبين كتابنا ونخرج سوا عادي ونتكلم براحتنا ونبني بيتنا بنفسنا خلال السنتين دول ونخلص كل الأجهزه وكل حاجه
حور: لو فاكر اني هقتنع ف أنا فعلا اقتنعت بس ليه الشك
أكرم : تحياتي من غير التاء والله مش عارف ازاي كنتي عايزاني أعيش حياتي وعمتي مش حماتي
حور: انا هاخدك علشان كرييتيڤ بس مش اكتر
أكرم:يعني مش علشان عجبك تفكيري؟
حور: تؤتؤ
ابو اكرم: طب نحن هنا طيب مفيش احترام
أكرم: اكتب الكتاب وماحدش هيقولي تلت التلاته كام بس الصبر
أم اكرم: لما نروح البيت بس
ام حور: ها يبنتي موافقه أن كتب الكتاب يكون ف اجازه الترم الاول والفرح بعد سنتين؟
حور: تمام ياماما اللي تشوفيه
أكرم: دلوقتي تمام ياماما اللي تشوفيه؟ بس ثانيه كتب كتاب ايه اللي ف الاجازه انا لسه هستنى شهرين
حور: مش احسن ماتستنى سنتين؟ ع الأقل اجيب دريس كتب الكتاب
أكرم: ليه انتي فاكره نفسك هتعمليه ف قاعه وافرج الناس علينا واحنا بنرقص يعني ولا ايه
حور: اصلا كنت هعمل كتب كتاب اسلامي والفرح هستبدله بعمرة ليه ادفع ١٠٠ الف ف قاعه على كام ساعة ماندفع حاجة بسيطه عليهم ونسافر سوا عمرة اخر رمضان وكأانها حج♥️
أكرم: اتنين بس احنا واحد وافكار واحده والله
أبو حور: هتاخدوني معاكم ياولاد صح
أكرم: هات فلوس وتعالى ياعمي
أبو حور: اصيل ياابو رحاب اصيل
أكرم: لا عيب عليك ياعمي ده أنا أبو الأصول
أبو حور: واضح ايوه هتقولي
المهم اتفقو كتب الكتاب امتى وبعد كتب الكتاب جهزو بيتكم وشبكتكم وكل حاجتكم ومفيش كلام تليفونات ولا خروجات ولا حتى تيجي هنا لغايه كتب الكتاب
أكرم: ينفع نكتب الكتاب دلوقتي
حور: وده علشان ايه أن شاء الله؟
أكرم: علشان خاطري يعني هيكون علشان ايه
ابو اكرم: اللي خلاك تصبر سبع سنين قادر يخليك تصبر كام شهر كمان
حور: على رأيك ياخالو قوله
أكرم: هيقولي حاضر ياختي هيقولي وهصبر سنين مش شهور
حور: يعني مثلا هاجي كام مره في بالك في الشهور دي
أكرم: هي مرة واحده
حور: ياراجل!؟؟
أكرم: علشان انتي جيتي مره ومامشيتيش من ساعتها
حور: مشكلتك انك مش نرم ودي مشكله جميله جدًا
أكرم: وده المطلوب كده كده
حور: المهم يعني هتعملي مكتبة في البيت واوضة خاصه بالمكتبة دي وركن صلاة؟
أكرم: اعتبريهم اتعملوا
حور: اهو هو ده اللي هيصوننا ياقلبي والله
أبو حور: خلاص يبقى كتب الكتاب تاني اخر يوم امتحانات لحور
الترم ده
أكرم: بوسة لعمي الجدع
ابو حور: الف مبروك ياحبايبي
حور وهي بتحضن باباها: الله يبارك فيكي ياحبيبي وشكراً لكل حاجه عملتها علشاني♥️
أكرم: وانا مفيش شكرًا ليا؟
حور: مممممم هفكر وضحكت
شكراً بجد علشان انا النهاردة حاسة ان كل اللي بيحصل ده كتير عليا
أكرم : مفيش اي حاجه تكتر عليكي
قولتلك تستاهلي كل خير الدنيا♥️
تمت... ❝ ⏤غاده عادل جاد المولى
❞ حور: ايوه ياهبتي كل يوم دروس دروس أنا طهقت امتى ثانوية عامة دي تخلص بقا وأعيش عيشة سكر والله
هبة:كل تعب بتتعبيه بيتسجل عند ربنا ياحبيبتي
حور : يعني أنتِ شايفة إن لو ذاكرنا ربنا هيكرمنا؟
هبة: انتي بتسألي سؤال غير منطقي بالمره إنه يتسأل والله ايه العبط ده يعني انتي مش عارفه أن ربنا قال ˝وأن ليس للإنسان إلا ماسعى˝!
حور: أكيد مش قصدي أقلل من ثقتي في ربنا ولكن أنا بتكلم على الغش اللي بيكون كل سنة واللي بيغش هو اللي بيوصل واللي بيذاكر مش بيوصل لحاجه
هبة: وده مين اللي قالك الفكرة دي؟
حور: انا سألت كتير من الدفعة اللي فاتت تعبوا وذاكروا من مصادر كتير وعملوا كل حاجه ونزلوا دروس كتير وف الآخر ايه؟ ماحدش راح كلية بيتمناها
هبة : مش يمكن انتِ بتروحي للأشخاص الغلط؟ اللي بيشكروا في مذاكرتهم ومايقارنوش نفسهم بالأحسن
حور: بمعنى ؟
هبة: بمعنى أن ربنا بيدي كل واحد على قد مذاكرته وتعبه ويقينه في كرم ربنا مش بكمية الأسئلة اللي حلوها
ايه المغزى من حل أسئلة بدون تركيز اصلًا ومش بكمية الدروس اللي نزلها وبجانب كل ده لازم تكون علاقته بربنا وأهله كويسة
حور: بس تفكير الأهالي أنه ازاي يعني ينزل دروس ومايجيبش مجموع
هبة: حبيبتي انتي ممكن تاخدي ال ٧ مواد أونلاين وماتنزليش ولا تدفعي جنيه ولا تكلفي أهلك بس تسمعي الدرس بتركيز وتحلي عليه بتركيز وتجيبي ملخصات وكتب مراجعه وتحلي امتحانات ف الآخر توصلي لحلمك
العبرة بالكيف لا بالكم♥️ربنا مش هيضيع تعبنا أنا واثقه من ده وهنوصل سوا
حور: فكرة برضو انا زهقت من كتر النزول هحول اونلاين بس البت رنوش مهونة عليا الدروس برضو بأكلنا سوا بعد كل درس
حور:حقيقي مالقيتش ونس للعمر أحسن منك ورغم أننا قد بعض ونفس السنة المتعبة إلا انك لما بتنصحيني بتتقمصي شخصية إنك أكبر مني وعندك قدرة إقناع ، هايل بجد يافنان
هبة: حبيبي حبيبي والله لولا المسافات كنا ذاكرنا كله سوا وعدينا الصعب🥹
حور: رغم خوفي بس حاسة إن ربنا مش هيخذلنا لأجل أهلنا
هبة: ماتقعديش أنتِ تتمرقعي فيس وواتس وانعزلي شويه باقي شهر خلاص هانت
حور: يوه بقا ماتفكرينيش
هبة: ماأفكركيش ازاي يعني ده مستقبلنا ياحبيبي وكل ده ينفع نتمرقع عليه بعدين بس هنندم أوي على كل لحظه بنضيعها دلوقتي ونيجي بعدين نقول ماوصلناش
اللي بيوصل مش بيضيع اي وقت وأي فرصه مذاكره تيجي قدامه
حور: حاضر يعيوني
هبة: يلا ف رعاية الله♥️
دخلت حور الدرس وحاولت تركز علشان ماتكونش بتضيع فلوس أهلها على الفاضي وإن تركيزها دور من أدوارها في السعي
المدرس: وبكده ياشباب دي تكون آخر حصة وإن شاء الله نتقابل ليلة الامتحان ركزوا كويس الأيام اللي جايه وربنا مش هيضيع تعبكم مالكمش علاقة بمجاميع وتنسيق الدفعات اللي فاتت اللي بيقولولكم مش هتوصلوا.
الفتره دي أنت محتاج كل الدعم والإنعزال وتبعد عن أي احباط ومشتتات وياريت نلغي الفون ده ونستبدله بفون فيه يوتيوب ومنصات بس علشان مانندمش بعدين .
وعلى فكره درجاتكم في امتحاناتي مش مقياس نهائي علشان كنتو بتعيطوا حبيت أقولكم درجات الفاينال مالهاش علاقه وتقدروا توصلوا بمجرد اجتهادكم جامد جمودة آخر شهر ده حتى لو ضايعين من أول السنه شوفوا ايه اللي ناقصكم في كل ماده وافهموه.
الساعه اللي بتضيعها ف اليوم هتفرق معاك جوا الامتحان وهتشوف ده كويس
واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
البنات بعد ماخرجوا من الدرس
حور: والله مستر محمد ده كلامه ده حافز لينا ربنا يباركله
نور: ايوة يابنتي مش زي البني ادم التاني اللي كل مايشوفنا يقولنا هتسقطوا بمستواكم ده
كاميليا: مش معنى أن غيرنا بيعمل الحرام يبقى ده حلال ليه مانكونش الصالحين وسط ألف جاهلين لدين ربنا؟ ليه مانبدأش احنا
ياسمين: عندك حق انتي صح ومن النهارده هحاول ما أنمّش على حد تاني وهخلِص النية لربنا بأنه يوفقني في الامتحانات وإني هستمر في إني ما أعصيش ربنا مهما كانت النتيجه
حور: طب والله انتو صحبة زي السكر يلا بينا ع بيوتنا علشان نصلي الضهر وننام شويه ونصحى نذاكر كل اللي اخدناه ده ونبدا من بكره نراجع ونجهز جداولنا
ياسمين: ننام؟ ننام ازاي هما اللي في ثانوية بينامو؟
حور: حبيبتي انتِ بتقولي ايه انتِ لازم تنامي من ٦ ل ٨ ساعات متواصل ولو هتاخدي قيلولة ساعة ساعتين مفيش أي مشكله كده كده خلصنا دروس اهو وهيتبقى في يومنا ١٤ ساعه غير النوم منهم ٤ صلاه واكل ومرقعه وقعاد مع أهلنا علشان مانحسش أننا مضغوطين و١٠ مذاكرة متقسمين على مدار اليوم كده احنا فل الفل
بس نذاكر ال ١٠ بس
نور: شايفين العقل شايفين
حور: ربنا يخليني ليكم كده ع طول
بعد ٣ اسابيع وباقي اسبوع على الامتحانات
هبة: أنا خايفه أوي يلا نذاكر كتير
حور: أنا فاقده الشغف مش قادره
هبة:يابنتي مش وقته ده استعيني بالله واقرأي يس وادعي قبل المذاكرة ويلا
حور: حاضر يلا بينا
بعد مرور نص ساعة في أماكن مختلفة وبلاد مختلفة
هبة لنفسها : لسه باقيلي كتير لازم ما أنامش غير لما اخلص كل ده علشان ارتاح نفسيا
حور لنفسها :انا هقرأ الروايه دي واذاكر بعدين
بعد مرور نص ساعه تاني
حور لنفسها: الله دي جميله لازم اكملها وأشوف هيحصل ايه لأبطال الروايه دي
هبة: هانت واخلص الماده دي وارتاح منها وابدا احل امتحانات ساعدني يارب
بعد ساعتين
حور لنفسها: ايه ده الساعه ١٢؟؟ لا لازم انام وهبدا من بكره اذاكر جامد واستمرت هكذا كل يوم بعد نص ساعه مذاكره تضيع ساعتين وكانت بتصلي وتقرأ قران وتصلي قيام الليل وتقول الأذكار
وهبة كانت بتذاكر ساعتين بينهم نص ساعه بريك صلاه وادعيه وكانت هي كمان بتقول الاذكار وتصلي قيام الليل
ولكن يوم النتيجة هل يستويان مثلًا. !!؟
هبة جابت ٩٥ وحققت حلمها ودخلت الكلية اللي بتتمناها
وحور كانت بتعيط علشان مجموعها ماوصلهاش لحلمها
ده يعلمنا أن كل وقت بنضيعه بنتحاسب عليه يوم الامتحان♥️
حور بعياط : يعني ايه اجيب ٧٥ ٪
بعدين افتكرت مرقعتها
يارب أنا عارفة إني قصرت وراضية
وراضية بقضائك في التنسيق والكلية اللي هتختارهالي هدخلها
هنستفاد ايه بعد عياطنا الكتير؟ سواء بعد كل امتحان غير أننا هنضيع مذاكرتنا للمادة اللي بعدها ولو بعد النتيجه ف ده قضاء وقدر واللي حصل مش هنقدر نغيره لازم نرضى باللي جاي وبكل المكتوب وافتكر أن ربنا بيختارلك المجال الخير ليك واللي هتقدر تشتغل فيه كويس وتحقق ذاتك ويمكن ده سبب انك ماتجيبش المجموع اللي نفسك فيه ده غير إنك ممكن قصرت شويه
كل واحدة منهم دخلت الكلية اللي تنسيقها جابها ودخلوا الاتنين نفس الجامعة باختلاف الكليات
أول أسبوع كلية
حور لهبة بعياط: انا تايهه اوي ايه ده الكلية طلعت أصعب كتير
حور: انا عارفه أن الترم التاني جه وهمارس هواياتي المفضلة وهما الجري للسكاشن والصياح
هبة : كويس ا٣نك عارفه نفسك
حور: أنتِ زهقتي مني أنتِ كمان؟ اصلا اصلا الاهتمام مابيتطلبش
اخر الترم التاني
هبة: ده جدول الفاينل بتاع الترم التاني نزل
حور: وعندنا برضو نزل .عايزه اتجوز والله أو انتحر اصل فكرت فيها مالقيتش حل تالت مش معقوله كائن كتكوت زيي يلحق يلم كل المواد دي دي دوامه هتستمر ٥٠ يوم ليه يعني ليه شفوي ونظري وعملي
هبة: وعملي النظري ونظري العملي ومرار يختاييي
حور: المهم شوفيلي زوج صالح على بكره كده اصل كده كده مش هتخرج من غير بوكيه التخرج
هبة: حاضر إن شاء الله اتخمدي وبكره ننزل ندور على عريس في الشارع هي كل زنقة كده هتقرفيني
بعد مرور سنتين وكانو ف بدايه سنه رابعه
(بسرع ف الأحداث علشان لو مشيت بالتفاصيل هتزهقوا مني وهقلبهالكم روايه مش هعرف اخلصها تاني من كتر الأحداث ده غير أن طاقتي يادوب😂🙆🏻♀️)
ام حور: حور
انتِ يازفتة
حور: نعم يانور عيون الزفتة
ام حور: اهو ده اللي فالحين فيه لسان قد كده
حور: خير يا امي ادخليلي ف الموضوع اصل مش فاضية بذاكر
ام حور: بتذاكري اه ع أساس اني مش عارفه مرقعتك
حور: مشكلتك انك فاهماني ياست الكل والله
ام حور: لمضة
المهم في عريس اتعمى ف نظره عاوزه يتقدملك
حور: ميكاب؟ ليه أن شاء الله هو جوزي علشان يشوفني متزينة بميكاب!!
ام حور: عنك ماحطيتي
حور: احسن برضو اروح البس
لبست حور دريس خروج سيمبل. خالص عادي ولفت طرحتها وماحطتش اي ميكب وخرجت وكانت زي القمر الصراحة والله
ام حور: اهلا ياحبيبي تعالى اتفضل
أكرم: ازيك ياعمتو عاملة ايه
ام حور: بخير الحمد لله اتفضلو تعالو في الصالون
أبو أكرم: عاملة ايه ياحبيبتي
أم حور : الحمد لله بخير ياحبيبي انتو عاملين ايه
أم أكرم: بخير يا حبيبتي كلنا بخير وهنكون بخير أكتر بعد النهاردة إن شاء الله
ابو اكرم: يشرفنا أن احنا نطلب ايد حور بنتي لأكرم والحقيقة أكرم عاوز ياخد الخطوه دي من اربع سنين بس انا رافض علشان دراستها لأني بعتبرها بنتي وعارف مصلحتها كويس
أم حور: والله ياحبيبي هي اصلا رافضه فكره الجواز غير بعد ماتخلص كل حاجه تخص دراستها بس وافقت على الرؤية الشرعية علشان ماتبقاش ظلمت أكرم وعلشان احنا أهل لكن ممكن باقي الخطوات نأجلها شوية
أبو أكرم( اخو أم حور):هو ده الصح ياأختي. امال فين عروستنا
أم حور: تعالى ياحور
حور دخلت وفي أيدها صينيه قهوه حطتها على ترابيزة وسلمت على خالها وحضنته وجت عند أكرم شاورتله من بعيد لانه عارف كدا كدا أنها مش بتسلم وسلمت على مرات خالها وقعدت جنبها
مرات خالها: عاملة ايه ياعمري طمنيني عنك اخبار دراستك
حور: الحمد لله بخير ياطنط دعواتك اعدي الوقت اللي فاضل على خير
أكرم : لا يابابا روح اقعد مع اختك ومراتك وعمي يلا اتفضل
انت صح
حور: ياسلام
كانو هما خرجوا وهو خاف يقوم من مكانه تعمله مناحة ف قعد وسكت
أكرم:ياسلامين
حور:اتفضل
أكرم: هو ايه اللي اتفضل انتِ محسساني اني واحد جاي صالونات هعرفك بنفسي مستنياني اقولك اني مسلم و مهندس وعندي ٢٥ سنه ولا ايه
حور:مبدأيا اسمها مصونات ثانياً ماهو يعتبر كده برضو ، لا اكيد دي حاجات عارفاها نينينيني ثالثاً اتفضل قهوتك قبل ماتبرد رابعاً ايه مهندس دي ديانة جديده ولا ايه
أكرم: ايه ده انتي بتهزري زي البني ادمين؟
حور: انا غلطانة والله غلطانة
أكرم : لا خلاص والله بس اصل يعني من لما بطلتي تلعبي معانا ف الشارع وعملتي نفسك كبرتي علينا ياهانم ودخلتي جامعه وبطلتي تسلمي علينا بالأيد ومابقاش لينا كلام نهائي مع بعض اعتقد اخر مره قعدنا سوا كان وقت ثانوي لما كنت بحكيلك تجربتي ف ثانوي وحقيقي نسيت اقولك وقتها اني فخور. بيكي وبمجموعك وبكل تعبك وبأي حاجه بتعمليها
حور: شكراً
أكرم: ده اللي قدرك عليه ربنا
حور: اه🙂
أكرم : طب بعيداً عن سماجتك واني حاسس ان الموضوع مش على هواكِ
حور ضحكت بس بعدين عملت نفسها مش بتضحك وقالتله خفة الدم مش بالعافية
أكرم: انا بس عايز اعرف اذا كان في امل اكون مش اجنبي ولا لا
حور ابتسمت: يعني امل صغنون وعلى حسب اسلوبك وطباعك وتسهيلات ربنا واسألتي ليك هيتحدد باقي الامل
وطبعا مفروض تعرف أن لو حصل نصيب اكيد كل ده هيكون ف وجود ضوابط خطوبة
أكرم ابتسم جامد: طب الحمد لله انا كنت خايف مايكونش في اي امل ويكون في حد تاني احسن مني
حور: بص مبدأيا لو انت جاي تتجوزني بناء على شخصيتي وانا صغيره ف أنا اتغيرت تماماً يعني مثلاً عندي عصبية مااعتقدش انك هتستحملها وكمان تلقائيه في الكلام بطريقة عبيطه ودبش زي ماانت شايف يعني ودي حاجات مش بايدي
أكرم: مين قال اني مش عارف كل حاجه عنك خطوة بخطوة !؟
أكرم: حور انا لما كنت بخاف عليكي واحنا صغيرين واضرب اي حد يقربلك كنت فاكر اني بعتبرك اختي عادي علشان ماعنديش اخوات بنات وكان دايما بابا يقولي واحنا نازلين نلعب حور حطها ف عينك دي اختك فاكره لما كنا نيجي نلعب وتلعبي مع اولاد غيري ف ازعق فيكي؟
حور: كنت بتقولي خالو قالك اني مالعبش مع حد غيرك
أكرم:لا دي كانت غيرة من جوايا انا مالهاش علاقة بكلام بابا ولما بقيتي في اعدادي كده وبطلتي تنزلي تلعبي معانا وكنت اجي اخدك عمتو تقولي لا
كنا بنتقابل في المدرسة وانتي ف تالته اعدادي لأن مدرستنا كانت من ابتدائي لثانوي وبعدها ف ثانوي بابا مارضيش يخليني اجي عندكم تاني كنت أنا ف جامعة وانتي اولى ثانوي من وقتها بدأت افتقدك وحسيت أن خوفي عليكي في صغرك ماكانش حب أُخوة لا وبقيت احاول احافظ عليكي مني ومااعترفش بأي حاجة علشان مااغضبش ربنا وان لما تعرفي حاجه زي كده يكون رسمي علشان مااشغلكيش عن دراستك وعلشان كلامنا هيكون حرام
حور: الكلام ده بجد؟
أكرم : امال يعني ههزر معاكي؟
حور: طب ها كمل
أكرم: من غير ماتقولي
وبس ياستي حالياً عدى سبع سنين على اليوم اللي حسيت انها مش مجرد مشاعر وخلاص وانتي خلصتي ٣ سنين ثانوي واهو ف رابعة كلية وانا خلصت ٥ سنين هندسه وبقالي سنتين بشتغل ومستنيكي وهفضل مستنياكي الباقي من عمري لو عايزة
حور: انا عمري ماخطر على بالي أن يكون ف شخص بيحبني أصلاً
أكرم: انتي تستاهلي كل الحب ياحور وتستاهلي ان الواحد يتقي الله فيكي علشان ربنا مايحرمش الشخص ده منك وحقيقي ليا الشرف اني اكون الشخص ده
حور: مش عارفة ارد الحقيقه
أكرم: لا استني هكمل كلامي ده انا شايل جوايا حكاوي من ابتدائي
حور ضحكت
أكرم: قولت لبابا من سبع سنين اني بحبك قالي حور لسه صغيره وف ثانوي وماينفعش تعطلها وحور بنتي زي ماانت ابني
قولتله يعني ايه قالي يعني مش موافق انك تروح تقولها حاجه زي دي غير لما تروح تتقدم رسمي وتكون قد ده وتكون بتشتغل ومعاك فلوسك تبني بيها بيتك بنفسك ولما قولتله يابابا ده مجرد اعتراف علشان ماحدش ياخدها مني قالي ماتخافش حور مش هتاخد خطوه زي دي وهي صغيره
ولما نجحتي ف الثانوي ودخلتي جامعه قولتله تاني وقالي لما تخلص انت كليتك وبس ياستي يوم ماجينا نباركلك واجهت عمتي وقالتلي انك رافضه خطوبة ف السن ده وامي كانت عارفه وباباكي وأمة لا اله الا الله كانت عارفه الا انتي وانا كنت متفق مع باباكي يرفض. العرسان من غير مايرجعلك لغايه مااكون كونت نفسي يعني مرفوضلك بتاع ٧ عرسان وكل مره فيهم كنت بتغاظ اكتر لغاية ماشوفت أنه كفايا انتظار كده
حور بإستفزاز : ياسلام افرض كنت حابة اوافق على حد فيهم
اكرم وهو بيمثل الهدوء: توافقي ازاي يعني مش فاهم
حور بخوف: لا ابداً بكح كمل يلا
أكرم: سلامتك يختي من الكحة
حور: الله يسلمك والله
أكرم: بس بقا خلتيني افصل عن الحوارات اللي كنت بحكيها
حور: كمل كمل خلينا نسمع
أكرم: هكمل علشان انا مش جاي غير علشان احكي
حور: استغفر الله العظيم
أكرم: من كل ذنب
حور: طب ايه والله اطلع بره
أكرم: لا خلاص
بس ياستي وطول السبع سنين دول كنت بسأل عمي عنك دايما وكنت بعرف كل مره بتتعبي فيها من عمتي لما كانت تقول لبابا وكنت بقوم اصلي ركعتين قضاء الحاجة بنية شفاءك وكنت ببقى حزين اوي والله وعارفة اكونت الفيس الفيك اللي عملتيه علشان ماحدش يعرفه ؟
حور: أنا ممتنة ليك بجد ده انا كنت افتكر أن محدش يعرفني ولا حد معبرني
طب لو هنتكلم من ناحية البيت اللي هنعيش فيه هو خالي بنى ليك شقه فوق شقته ولا ايه النظام
أكرم: انا كنت شايف ليكي يعني من خمس سنين بوست انك مش عايزه تسكني ف بيت عيلة
حور: ده انت متابع فعلاً بقا
أكرم: عيب عليكي وحوار انك رافضة جواز القرايب ده عملت نفسي ماشفتهوش انتي كمان انسى الحوار ده وهحققلك باقي احلامك
حور: خلاص نعتبرك غريب علشان بحب خالو بس
أكرم: إن شاء الله اكون مكان خالك
حور: ازاي يعني
أكرم: انتي غبيه ومش بتفهمي تلميحات وهتتعبيني
حور: شكراً لذوقك ياغالي
أكرم: المهم أن بابا كان معاه ارض ف حته بعيده خالص عنننا وعنكم واداهالي هديه واتفقت مع الناس اللي هتبني بس مارضيتش احط فيها طوبه غير لما اجي اتقدملك
حور: هو انت كمان عارف اني عاوزه اختار نظام بيتي بنفسي والبلكونات والبناء وكده؟
أكرم: بقولك متابعك من سنين وعارف كل حاجة وكمان يعني صاحبي اخو صاحبتك كنت بخليه يعرف منه معلومات كتير عن احلامك المستقبلية ف الجواز
حور: صاحبتي مين ثانيه بس!!
أكرم: نور
حور: ماشي يانور لما اشوفك
أكرم: هي كانت عارفه وكل اصحابك عارفين
حور: ماشاء الله ده انا اخر من يعلم جدًا
أكرم: انتي اخر من يعلم فعلًا
المهم يا حوري في حاجات في جروبات ادوات منزلية وبوستات عند فاطمة البري كنت بشوفك عامله عليها ريأكتات هناك كل الحاجات دي مشتريهالك وحاططهالك ف اوضتي واول مرتب اخدته لما اشتغلت وانا طالب ف سنة تانية جامعة اشتريتلك بيه بوكس كُتب وشيلتها عندي وعامل ليكي تابلوه كبير بتاني مرتب ليا وتالت مرتب حوشته على مرتب باقي الشهور لغاية ماوصلت رابعة كلية واشتريتلك بيه ايفون ١٣
اللي كان نفسك فيه وقتها
واخر سنتين كلية مرتبهم من الشغل اللي كنت بشتغله حوشته للجواز
وأنا ياستي كنت بشتغل ف صيدليه بالليل بجانب اسيستنت اونلاين وبالنهار ف الكليه وكنت بحاول أوفق بين الدراسة والشغل علشان اجمع فلوس تكفيني واحوش منها علشان ابني بيتي بنفسي وحاليًا بعد سنتين تخرج شغال مهندس بجانب شغل تاني اونلاين والحمد لله قدرت اجمع فلوس الشبكة والأجهزه خلال شغل السنين اللي فاتت والباقي بابا هيساعدني فيه بس ياستي دي حدوتي ها
حور وهي بتمسح دموعها: بجد انا اللي فخورة جدا بكل حاجه عملتها علشاني ومش عارفه اشكرك ازاي بس انا مش محتاجه شبكة خاتم واحد يكفيني بجد ومعاه دبلة وفل كده وباقي الفلوس نجهز بيها بيتنا وبعد الجواز هستنى منك الشبكة عادي
أكرم: لا طبعاً مافيش الكلام ده بس ثانية
افهم من كده انك موافقه؟
حور: لا مين قال كده هصلي استخاره الاول وأشوف رأي بابا
اكرم: عمتي قالتلي أن بقاالك ٣ ايام بتصلي استخاره دي حاجه تاني حاجه باباكي عارف كل حاجه اصلا
حور: لا برضو هفكر
أكرم: طب فكري مع نفسك . ياعمي يابابا ياماما
أبو أكرم دخل: في ايه يابني
أكرم: حور موافقة
حور: ثانية والله ماانا قولت كده
أكرم: دي لسه قايلالي حالًا ماقدرش اعيش من غيرك
حور: انا ؟؟ والله ماحصل
ام حور: لا دي آخرها تقولك اطلع بره دي مش بتاعة الكلام ده
حور: لا والله كلكم عليا؟؟؟
طب على فكره لازم فتره خطوبه علشان نتعرف على بعض
أكرم: نتعرف على بعض ايه انا بقالي تلات ساعات بحكيلك قصه حياتي قال نتعرف على بعض عايزه تعرفي ايه اكتر من كده
اه نسيت أقولك مواعيد نومي ومواعيد أكلي دي الحاجه الوحيدة اللي ناقصه
حور: مش وقت استظراف خالص ياخفة
أكرم: انا اللي بستظرف؟
خطوبة ايه ولسه هنعمل ضوابط خطوبة واجي ارن عليكي ماترديش ولما اجيلك الكلية تعملي نفسك ماتعرفنيش طب ليه ان شاء الله مااحنا نكتب الكتاب ونتجوز بعد ماتخلصي كليتك وتاخدي دبلومتك وف الفتره دي هنكون كاتبين كتابنا ونخرج سوا عادي ونتكلم براحتنا ونبني بيتنا بنفسنا خلال السنتين دول ونخلص كل الأجهزه وكل حاجه
حور: لو فاكر اني هقتنع ف أنا فعلا اقتنعت بس ليه الشك
أكرم : تحياتي من غير التاء والله مش عارف ازاي كنتي عايزاني أعيش حياتي وعمتي مش حماتي
حور: انا هاخدك علشان كرييتيڤ بس مش اكتر
أكرم:يعني مش علشان عجبك تفكيري؟
حور: تؤتؤ
ابو اكرم: طب نحن هنا طيب مفيش احترام
أكرم: اكتب الكتاب وماحدش هيقولي تلت التلاته كام بس الصبر
أم اكرم: لما نروح البيت بس
ام حور: ها يبنتي موافقه أن كتب الكتاب يكون ف اجازه الترم الاول والفرح بعد سنتين؟
حور: تمام ياماما اللي تشوفيه
أكرم: دلوقتي تمام ياماما اللي تشوفيه؟ بس ثانيه كتب كتاب ايه اللي ف الاجازه انا لسه هستنى شهرين
حور: مش احسن ماتستنى سنتين؟ ع الأقل اجيب دريس كتب الكتاب
أكرم: ليه انتي فاكره نفسك هتعمليه ف قاعه وافرج الناس علينا واحنا بنرقص يعني ولا ايه
حور: اصلا كنت هعمل كتب كتاب اسلامي والفرح هستبدله بعمرة ليه ادفع ١٠٠ الف ف قاعه على كام ساعة ماندفع حاجة بسيطه عليهم ونسافر سوا عمرة اخر رمضان وكأانها حج♥️
أكرم: اتنين بس احنا واحد وافكار واحده والله
أبو حور: هتاخدوني معاكم ياولاد صح
أكرم: هات فلوس وتعالى ياعمي
أبو حور: اصيل ياابو رحاب اصيل
أكرم: لا عيب عليك ياعمي ده أنا أبو الأصول
أبو حور: واضح ايوه هتقولي
المهم اتفقو كتب الكتاب امتى وبعد كتب الكتاب جهزو بيتكم وشبكتكم وكل حاجتكم ومفيش كلام تليفونات ولا خروجات ولا حتى تيجي هنا لغايه كتب الكتاب
أكرم: ينفع نكتب الكتاب دلوقتي
حور: وده علشان ايه أن شاء الله؟
أكرم: علشان خاطري يعني هيكون علشان ايه
ابو اكرم: اللي خلاك تصبر سبع سنين قادر يخليك تصبر كام شهر كمان
حور: على رأيك ياخالو قوله
أكرم: هيقولي حاضر ياختي هيقولي وهصبر سنين مش شهور
حور: يعني مثلا هاجي كام مره في بالك في الشهور دي
أكرم: هي مرة واحده
حور: ياراجل!؟؟
أكرم: علشان انتي جيتي مره ومامشيتيش من ساعتها
حور: مشكلتك انك مش نرم ودي مشكله جميله جدًا
أكرم: وده المطلوب كده كده
حور: المهم يعني هتعملي مكتبة في البيت واوضة خاصه بالمكتبة دي وركن صلاة؟
أكرم: اعتبريهم اتعملوا
حور: اهو هو ده اللي هيصوننا ياقلبي والله
أبو حور: خلاص يبقى كتب الكتاب تاني اخر يوم امتحانات لحور
الترم ده
أكرم: بوسة لعمي الجدع
ابو حور: الف مبروك ياحبايبي
حور وهي بتحضن باباها: الله يبارك فيكي ياحبيبي وشكراً لكل حاجه عملتها علشاني♥️
أكرم: وانا مفيش شكرًا ليا؟
حور: مممممم هفكر وضحكت
شكراً بجد علشان انا النهاردة حاسة ان كل اللي بيحصل ده كتير عليا
أكرم : مفيش اي حاجه تكتر عليكي
قولتلك تستاهلي كل خير الدنيا♥️