❞ {وَتَرَى الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}
إن حركة الجبال تعود إلى حركة الأرض التي تتواجد عليها، حيث إن القشرة الأرضية تطفو فوق طبقة الأوشحة الأعلى منها كثافة. في بداية القرن العشرين افترض العالم الألماني الفرد واغنر أن القارات كانت متلاصقة عند بداية تكونها ثم انجرفت بعد ذلك في اتجاهات مختلفة وبالتالي تفرقت وابتعدت عن بعضها. ولم يدرك الجيولوجيون أن واغنر كان على حق إلا في ثمانينيات القرن الماضي بعد خمسين عاماً على وفاته. وكما يشير واغنر في مقالة له نشرت عام 1915 فإن الكتل الأرضية كانت مجتمعة مع بعضها البعض قبل 500 مليون عام، وهذه الكتلة الكبيرة من الأرض التي سميت البانجيا كانت متواجدة في القطب الجنوبي. وقبل 180 مليون عام تقريباً انقسمت البانجيا إلى قسمين انجرفا باتجاهين مختلفين، فسميت إحدى هذه القارتين العظيمتين الغوندوانا وتضمنت أفريقيا واستراليا والأنتاركتيكا والهند، فيما سميت الأخرى اللوراسيا وشملت أوروبا وأميركا الشمالية واسيا باستثناء الهند وبعد مرور 150 مليون عاماً على هذا الافتراق انقسمت الغوندوانا واللوراسيا إلى أقسام اصغر. والقارات التي انبثقت عن انقسام البانجايا هي في حركة دائمة على سطح الأرض تقدر ببضع سنتيمترات سنوياً، وهذه الحركة تحدث تغييراً في نسبة اليابسة إلى الماء في الكرة الأرضية. وبعد اكتشاف هذه الحقيقة في بداية القرن العشرين شرحها العلماء بما يأتي: ‘’ القشرة الأرضية والقسم العلوي من الأوشحة اللذين تبلغ مساحتهما 100 كلم تقريباً مقسمان إلى ستة صفائح أساسية، ومجموعة أخرى أصغر، ووفقاً للنظرية المسماة: تشوه الصفائح، فإن هذه الصفائح تتنقل في الأرض حاملة معها القارات وقاع المحيطات. وحركة القارات هذه قد تم تقديرها ب 1- 5 سنتيمترات في السنة. وفيما تستمر الصفائح بالتنقل فإنها سوف تحدث تغيراً في جيولوجية الأرض، فكل سنة على سبيل المثال يتسع المحيط الأطلسي قليلا’’ .6 هناك نقطة مهمة يجب ذكرها هنا وهي أن الله سبحانه وتعالى قد أشار في الآية الكريمة إلى حركة القارات على أنها عملية انجراف. واليوم استعمل العلم الحديث مصطلح الانجراف القاري للتعبير عن هذه الحركة.7 وبالطبع فإن ذلك كله أحد وجوه إعجاز القرآن الكريم الذي كشف هذه الحقائق العلمية، في حين أن العلم الحديث لم يستطع اكتشافها إلا مؤخراً. ❝ ⏤هارون يحي
❞﴿وَتَرَى الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ إن حركة الجبال تعود إلى حركة الأرض التي تتواجد عليها، حيث إن القشرة الأرضية تطفو فوق طبقة الأوشحة الأعلى منها كثافة. في بداية القرن العشرين افترض العالم الألماني الفرد واغنر أن القارات كانت متلاصقة عند بداية تكونها ثم انجرفت بعد ذلك في اتجاهات مختلفة وبالتالي تفرقت وابتعدت عن بعضها. ولم يدرك الجيولوجيون أن واغنر كان على حق إلا في ثمانينيات القرن الماضي بعد خمسين عاماً على وفاته. وكما يشير واغنر في مقالة له نشرت عام 1915 فإن الكتل الأرضية كانت مجتمعة مع بعضها البعض قبل 500 مليون عام، وهذه الكتلة الكبيرة من الأرض التي سميت البانجيا كانت متواجدة في القطب الجنوبي. وقبل 180 مليون عام تقريباً انقسمت البانجيا إلى قسمين انجرفا باتجاهين مختلفين، فسميت إحدى هذه القارتين العظيمتين الغوندوانا وتضمنت أفريقيا واستراليا والأنتاركتيكا والهند، فيما سميت الأخرى اللوراسيا وشملت أوروبا وأميركا الشمالية واسيا باستثناء الهند وبعد مرور 150 مليون عاماً على هذا الافتراق انقسمت الغوندوانا واللوراسيا إلى أقسام اصغر. والقارات التي انبثقت عن انقسام البانجايا هي في حركة دائمة على سطح الأرض تقدر ببضع سنتيمترات سنوياً، وهذه الحركة تحدث تغييراً في نسبة اليابسة إلى الماء في الكرة الأرضية. وبعد اكتشاف هذه الحقيقة في بداية القرن العشرين شرحها العلماء بما يأتي: ‘’ القشرة الأرضية والقسم العلوي من الأوشحة اللذين تبلغ مساحتهما 100 كلم تقريباً مقسمان إلى ستة صفائح أساسية، ومجموعة أخرى أصغر، ووفقاً للنظرية المسماة: تشوه الصفائح، فإن هذه الصفائح تتنقل في الأرض حاملة معها القارات وقاع المحيطات. وحركة القارات هذه قد تم تقديرها ب 1- 5 سنتيمترات في السنة. وفيما تستمر الصفائح بالتنقل فإنها سوف تحدث تغيراً في جيولوجية الأرض، فكل سنة على سبيل المثال يتسع المحيط الأطلسي قليلا’’ .6 هناك نقطة مهمة يجب ذكرها هنا وهي أن الله سبحانه وتعالى قد أشار في الآية الكريمة إلى حركة القارات على أنها عملية انجراف. واليوم استعمل العلم الحديث مصطلح الانجراف القاري للتعبير عن هذه الحركة.7 وبالطبع فإن ذلك كله أحد وجوه إعجاز القرآن الكريم الذي كشف هذه الحقائق العلمية، في حين أن العلم الحديث لم يستطع اكتشافها إلا مؤخراً. ❝
❞ محمد الورداشي
\" كيف ينشر اليوتوب أمراضه في المجتمعات العربية؟\"
كثر إقبال الشعوب العربية على ولوج مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة عامة، وموقع \"يوتوب\" خاصة. إذ بتنا نرى تواجدا كبيرا لأشخاص كثيرين بوصفهم مؤثرين بآرائهم وأفكارهم وتصوراتهم. ذلك أن وسائل التكنولوجيا أتاحت للكل إمكانية ولوج عوالم التواصل المختلفة، وتقديم بضاعته كيما تتنافس مع بضاعات أخرى، ليغدو مقياس ومعيار جودة البضاعة هو ما تحققه من نسبة مشاهدات وإعجابات واشتراكات، أي ما تدره من أموال على صاحبها، وليس معيار جودة الأفكار وأصالتها وجدتها، ولا وضوح توجهات المؤثر وتصوراته، أو علمية وموضوعية \"المعرفة\"، البضاعة\" التي يعرضها.
بيد أن المشكلة الكبيرة تتمثل في الأمراض الاجتماعية والنفسية والاخلاقية والفكرية والثقافية التي أصبح \"اليوتوب\" يبثها في الجسم الاجتماعي للشعوب العربية. على هذا الأساس، سنحاول عرض هذه الأمراض بناء على ما استخلصناه من متابعتنا لبضاعة مؤثرين عديدين، تناولوا قضايا المجتمعات العربية والإسلامية عموما، والمجتمع المغربي خصوصا.
هكذا نجد أمراضا من قبيل:
- ادعاء امتلاك الحقيقة الساطعة التي على المشاهد/المتابع أن يبتلعها دون هضم نقدي، أو تدقيق ومساءلة علمية حقيقية لمشروعية هذه الحقيقة، وانطباقها على المجتمع واستجابتها لمجرياته وتحدياته. حيث يزعم الزاعم أنه سيقدم للمشاهد الحقيقة التي يجهلها، والتي سيسمعها لأول مرة، ومن ثم، ضرورة وحتمية تصديقها ما دام العلماء الحقيقيون قد أخلوا المجال لمدعي المعرفة الشاملة بكل ما حدث ويحدث وسيحدث في العالم.
- بيد أن تقديم هذه \"الحقيقة المزعومة\" يستدعي من المشاهد مقابلا؛ وهو تسجيل الاشتراك بالقناة ووضع ملصق إعجاب كيما يتوصل بالجديد. وهكذا، لا يخفي المؤثرون هدفهم الربحي الأساس؛ إذ همهم، الظاهر أو المضمر، هو تحقيق أرباح مادية كبيرة، وليس تقديم معرفة علمية وموضوعية تحقق إضافة للمجتمع، أو تسهم في حل مشاكله.
- تربية المشاهدين الأحداث على التعصب القبلي والفكري، الشيء الذي يترتب عنه رفض للاختلاف في الرأي والفكر والاعتقاد، ومن ثم، يسلبونهم حق النقد والمساءلة والفحص ما دام ما يقدم لهم يدعي \"المصداقية والموضوعية\".
هذا ما تعرب عنه الأفعال التي تصدر من أصحاب القناوات؛ إذ يقومون بحظر كل شخص قدم رأيا مخالفا لهم، ويرمونه بالجهل وضيق الأفق والتعصب.. إلخ، دون أن يعلم هؤلاء المؤثرون أنهم هم من يستخف بعقل المتلقي، ويسهم في تسطيح وعيه، وتضييق أفقهم المعرفي والنقدي.
- شخصنة الصراعات الشخصية وإضفاء بعد الوطنية عليها؛ ذلك أن أغلب المؤثرين يزعمون أنهم يدافعون عن أوطانهم، وأن ما يقومون به ما هو إلا خدمة للوطن وشعبه، في حين أنهم يعملون على إحداث التفرقة بين أفراد المجتمع، وخلق الفتنة وتوسيع الصدع، وتفكيك الروابط التي تجمع بين أفراده المختلفين.
- إلهاء الشعوب العربية عن مشاكلها الحقيقية، والزج بها في عالم التفاهة والاقتات على أعراض الناس وأخلاقهم. الشيء الذي يجعل المشاهد غارقا في مشاكل تافهة، وغافلا عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والوجودية التي تتهدد وجوده وكرامته وإنسانيته.
إن الشعوب العربية في غنى عن معارك فارغة، ومشاكل مصطنعة عابرة، وفي حاجة إلى معرفة تنمي منسوب وعيها، وتشحذ عقلها وفكرها النقدي الحر، وتساهم في تحررها فكريا واجتماعيا من براثن الجهل، وسجن الفقر والبطالة.. إلخ.
- التشجيع على النفاق الاجتماعي والسياسي والأخلاقي؛ إذ إن المؤثر ليس له مبدأ ثابت، ولا رأي مستقر، وإنما تتغير مبادئه وآراؤه بتغير أعدائه الوهميين، والأشخاص الذين يغدقون عليه العطاء، ويضفون على كلامه وقناته مشروعية، ويخلقون له أتباعا من أفراد المجتمع الجوعى والغرباء في وطنهم، والنتيجة هي أن المؤثر يساهم في الإلهاء والتجهيل والتسطيح.
- زرع بذور الخلاف والشقاق والنفاق بين أفراد المجتمع، وخلق أتباع ومريدين يدافعون وينافحون عن أفكار المؤثر وتصوراته حتى وإن كانت خاطئة، ومليئة بالديماغوجية والدعاية الفجة. وهكذا، يرى المؤثر في من يتقدم إليه ببضاعته مجرد مستهلكين سلبيين، وينظر إلى عقولهم على أنها مرتع للمخلفات الفكرية، وحاوية للنفايات العرقية والإثنية والعنصرية.
- نزع الخصوصية عن الحياة الشخصية لأفراد المجتمع؛ لأن كل شيء مباح في مواقع التواصل الاجتماعي، وبإمكان أي شخص أن يكشف أسرار الآخرين، ويهتك حجب حياتهم الحميمية لمجرد اختلاف في الرأي والفكر والثقافة والمعتقد، فضلا عن تعامل المؤثر مع متتبعيه بشخصية مزدوجة. فهو لا يظل على سجيته، كما أنه يفرض على نفسه نوعا من الانفصام والازدواجية في الشخصية والمواقف والمبادئ، ويتعامل بنوع مقيت من المجاملة والمواربة؛ إذ يغدو كل المشاهدين إخوة وأخوات له، ومن ثم، يحرك عواطفهم بكلماته العاطفية، ويتلاعب بعقولهم بمغالطاته وخطله المعرفي، والنتيجة أنه يقدم نفسه باعتباره ذا أخلاق مفتقدة، ومحب الخير للجميع، ومساعدا للمشاهدين على حل مشاكلهم.
إن الأمراض التي تتهدد وجود الإنسان العربي بسبب \"اليوتوب\" كثيرة ومتعددة، وإن لها تأثيرا كبيرا على الجسد الاجتماعي العليل؛ لأنها تسهم في تعميق الجراح المندملة، والإبقاء على الأوضاع المزرية كما هي. لذلك، على الدول العربية والإسلامية التي تحترم شعوبها، ولا تستخف بعقولها وفكرها، أن تسن قوانين ضابطة للبضاعة التي تعرض على شعوبها تفاديا للنفاق الاجتماعي والسياسي والديني، وصيانة للمجتمع من الشقاق والافتراق شيعا وطوائف عرقية إثنية.
وعلى المثقفين أن يقوموا بدورهم في محاربة التفاهة والتافهين، والحد من سطوتهم على العقول والنفوس الهائمة في أوضاعها الاجتماعية المجحفة. فما دام المسؤولون السياسيون والمدنيون، والمثقفون والمفكرون، والأساتذة والمعلمون، قد أخلوا المجال وغادروا مضمار الصراع الفكري، فإن فعل المؤثرين سيلقى صدا متسرعا من قبل أفراد المجتمع، وسيزيد من محن وإحن الإنسان العربي، وسيربي فيه أخلاق التفاهة، وقيم النفاق والكذب، والتعصب للجماعة واللغة واللون والعرق.. ❝ ⏤محمد الورداشي
❞ محمد الورداشي
˝ كيف ينشر اليوتوب أمراضه في المجتمعات العربية؟˝
كثر إقبال الشعوب العربية على ولوج مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة عامة، وموقع ˝يوتوب˝ خاصة. إذ بتنا نرى تواجدا كبيرا لأشخاص كثيرين بوصفهم مؤثرين بآرائهم وأفكارهم وتصوراتهم. ذلك أن وسائل التكنولوجيا أتاحت للكل إمكانية ولوج عوالم التواصل المختلفة، وتقديم بضاعته كيما تتنافس مع بضاعات أخرى، ليغدو مقياس ومعيار جودة البضاعة هو ما تحققه من نسبة مشاهدات وإعجابات واشتراكات، أي ما تدره من أموال على صاحبها، وليس معيار جودة الأفكار وأصالتها وجدتها، ولا وضوح توجهات المؤثر وتصوراته، أو علمية وموضوعية ˝المعرفة˝، البضاعة˝ التي يعرضها.
بيد أن المشكلة الكبيرة تتمثل في الأمراض الاجتماعية والنفسية والاخلاقية والفكرية والثقافية التي أصبح ˝اليوتوب˝ يبثها في الجسم الاجتماعي للشعوب العربية. على هذا الأساس، سنحاول عرض هذه الأمراض بناء على ما استخلصناه من متابعتنا لبضاعة مؤثرين عديدين، تناولوا قضايا المجتمعات العربية والإسلامية عموما، والمجتمع المغربي خصوصا.
هكذا نجد أمراضا من قبيل:
- ادعاء امتلاك الحقيقة الساطعة التي على المشاهد/المتابع أن يبتلعها دون هضم نقدي، أو تدقيق ومساءلة علمية حقيقية لمشروعية هذه الحقيقة، وانطباقها على المجتمع واستجابتها لمجرياته وتحدياته. حيث يزعم الزاعم أنه سيقدم للمشاهد الحقيقة التي يجهلها، والتي سيسمعها لأول مرة، ومن ثم، ضرورة وحتمية تصديقها ما دام العلماء الحقيقيون قد أخلوا المجال لمدعي المعرفة الشاملة بكل ما حدث ويحدث وسيحدث في العالم.
- بيد أن تقديم هذه ˝الحقيقة المزعومة˝ يستدعي من المشاهد مقابلا؛ وهو تسجيل الاشتراك بالقناة ووضع ملصق إعجاب كيما يتوصل بالجديد. وهكذا، لا يخفي المؤثرون هدفهم الربحي الأساس؛ إذ همهم، الظاهر أو المضمر، هو تحقيق أرباح مادية كبيرة، وليس تقديم معرفة علمية وموضوعية تحقق إضافة للمجتمع، أو تسهم في حل مشاكله.
- تربية المشاهدين الأحداث على التعصب القبلي والفكري، الشيء الذي يترتب عنه رفض للاختلاف في الرأي والفكر والاعتقاد، ومن ثم، يسلبونهم حق النقد والمساءلة والفحص ما دام ما يقدم لهم يدعي ˝المصداقية والموضوعية˝.
هذا ما تعرب عنه الأفعال التي تصدر من أصحاب القناوات؛ إذ يقومون بحظر كل شخص قدم رأيا مخالفا لهم، ويرمونه بالجهل وضيق الأفق والتعصب. إلخ، دون أن يعلم هؤلاء المؤثرون أنهم هم من يستخف بعقل المتلقي، ويسهم في تسطيح وعيه، وتضييق أفقهم المعرفي والنقدي.
- شخصنة الصراعات الشخصية وإضفاء بعد الوطنية عليها؛ ذلك أن أغلب المؤثرين يزعمون أنهم يدافعون عن أوطانهم، وأن ما يقومون به ما هو إلا خدمة للوطن وشعبه، في حين أنهم يعملون على إحداث التفرقة بين أفراد المجتمع، وخلق الفتنة وتوسيع الصدع، وتفكيك الروابط التي تجمع بين أفراده المختلفين.
- إلهاء الشعوب العربية عن مشاكلها الحقيقية، والزج بها في عالم التفاهة والاقتات على أعراض الناس وأخلاقهم. الشيء الذي يجعل المشاهد غارقا في مشاكل تافهة، وغافلا عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والوجودية التي تتهدد وجوده وكرامته وإنسانيته.
إن الشعوب العربية في غنى عن معارك فارغة، ومشاكل مصطنعة عابرة، وفي حاجة إلى معرفة تنمي منسوب وعيها، وتشحذ عقلها وفكرها النقدي الحر، وتساهم في تحررها فكريا واجتماعيا من براثن الجهل، وسجن الفقر والبطالة. إلخ.
- التشجيع على النفاق الاجتماعي والسياسي والأخلاقي؛ إذ إن المؤثر ليس له مبدأ ثابت، ولا رأي مستقر، وإنما تتغير مبادئه وآراؤه بتغير أعدائه الوهميين، والأشخاص الذين يغدقون عليه العطاء، ويضفون على كلامه وقناته مشروعية، ويخلقون له أتباعا من أفراد المجتمع الجوعى والغرباء في وطنهم، والنتيجة هي أن المؤثر يساهم في الإلهاء والتجهيل والتسطيح.
- زرع بذور الخلاف والشقاق والنفاق بين أفراد المجتمع، وخلق أتباع ومريدين يدافعون وينافحون عن أفكار المؤثر وتصوراته حتى وإن كانت خاطئة، ومليئة بالديماغوجية والدعاية الفجة. وهكذا، يرى المؤثر في من يتقدم إليه ببضاعته مجرد مستهلكين سلبيين، وينظر إلى عقولهم على أنها مرتع للمخلفات الفكرية، وحاوية للنفايات العرقية والإثنية والعنصرية.
- نزع الخصوصية عن الحياة الشخصية لأفراد المجتمع؛ لأن كل شيء مباح في مواقع التواصل الاجتماعي، وبإمكان أي شخص أن يكشف أسرار الآخرين، ويهتك حجب حياتهم الحميمية لمجرد اختلاف في الرأي والفكر والثقافة والمعتقد، فضلا عن تعامل المؤثر مع متتبعيه بشخصية مزدوجة. فهو لا يظل على سجيته، كما أنه يفرض على نفسه نوعا من الانفصام والازدواجية في الشخصية والمواقف والمبادئ، ويتعامل بنوع مقيت من المجاملة والمواربة؛ إذ يغدو كل المشاهدين إخوة وأخوات له، ومن ثم، يحرك عواطفهم بكلماته العاطفية، ويتلاعب بعقولهم بمغالطاته وخطله المعرفي، والنتيجة أنه يقدم نفسه باعتباره ذا أخلاق مفتقدة، ومحب الخير للجميع، ومساعدا للمشاهدين على حل مشاكلهم.
إن الأمراض التي تتهدد وجود الإنسان العربي بسبب ˝اليوتوب˝ كثيرة ومتعددة، وإن لها تأثيرا كبيرا على الجسد الاجتماعي العليل؛ لأنها تسهم في تعميق الجراح المندملة، والإبقاء على الأوضاع المزرية كما هي. لذلك، على الدول العربية والإسلامية التي تحترم شعوبها، ولا تستخف بعقولها وفكرها، أن تسن قوانين ضابطة للبضاعة التي تعرض على شعوبها تفاديا للنفاق الاجتماعي والسياسي والديني، وصيانة للمجتمع من الشقاق والافتراق شيعا وطوائف عرقية إثنية.
وعلى المثقفين أن يقوموا بدورهم في محاربة التفاهة والتافهين، والحد من سطوتهم على العقول والنفوس الهائمة في أوضاعها الاجتماعية المجحفة. فما دام المسؤولون السياسيون والمدنيون، والمثقفون والمفكرون، والأساتذة والمعلمون، قد أخلوا المجال وغادروا مضمار الصراع الفكري، فإن فعل المؤثرين سيلقى صدا متسرعا من قبل أفراد المجتمع، وسيزيد من محن وإحن الإنسان العربي، وسيربي فيه أخلاق التفاهة، وقيم النفاق والكذب، والتعصب للجماعة واللغة واللون والعرق. ❝
❞ إن الدين الإسلامي يكاد يكون متفرداً بين الأديان بتقريع المعتقدين بلا دليل وتوبيخ المتبعين للظنون، وتبكيت الخابطين فى عشواء العماية، والقدح في سيرتهم . هذا الدين يطالب المتدينين أن يأخذوا بالبرهان في أصول دينهم، وكلما خاطب خاطب العقل، وكلما حاكم حاكم إلى العقل، تنطق نصوصه بأن السعادة من نتائج العقل والبصيرة، وأن الشقاء والضلالة من لو احق الغفلة وإهمال العقل وانطفاء نور البصيرة.. وقلما يوجد من الأديان ما يساويه أو يقاربه في هذه المزية . وأظن غير المسلمين يعترفون لهذا الدين بهذه الخاصة الجليلة .
(۱) د. على فهمى خشيم الجبائيان أبو على وأبو هاشم ] ص ۳۳۳ . طبعة طرابلس - ليبيا ١٩٦٨م. (۲) ابن تيمية [الفتاوى] جه . ص ٤٢٨ ، ٤٣٣ - طبعة الرياض ۱۳۸۱ م.
إن العقل مشرق الإيمان، فمن تحول عنه فقد دابر الإيمان .
وإن فرقا بين ما لا يصل العقل إلى كنهه، فيعرفه بأثره، وبين ما يحكم العقل باستحالته، فالأول معروف عند العقل، يقر بوجوده، ويقف دون سرادقات عزته ، أما الثاني فمطروح من نظره ساقط من اعتباره، لا يتعلق به عقد من عقوده، فكيف يصدق به وهو قاطع بعدمه ؟ !
لقد بدأ الإنسان بداية لا تميزه عن غيره من الحيوانات ! .. لكن نقطة الافتراق كانت قوته العاقلة .. والله قد جعل قوة العقل للإنسان محور صلاحه وفلاحه .. والحكمة وآلتها العقل، هي مقننة القوانين، وموضحة السبل، وواضعة جميع النظامات ومعينة جميع الحدود، وشارحة حدود الفضائل والرذائل، وبالجملة، فهي قوام الكمالات العقلية والخلقية .. فهي أشرف الصناعات ...
إن الإنسان من أكبر أسرار هذا الكون، ولسوف يستجلى بعقله ما غمض وخفى من أسرار الطبيعة، وسوف يصل بالعلم وإطلاق سراح العقل إلى تصديق تصوراته، فيرى ما كان من التصورات مستحيلاً قد صار ممكنا ، وما صوره جموده بأنه خيال قد أصبححقيقة . . (1) .
إن أول ركن بنى عليه الدين الإسلامي : صقل العقول بصقال التوحيد، وتطهيرهامن لوث الأوهام، وسعادة الأم لا تتم إلا بصفاء العقول من كدرات الخرافات وصدأ الأوهام، فإن عقيدة وهمية لو تدنس بها العقل لقامت حجابا كثيفا يحول بينه وبين حقيقة الواقع ويمنعه من كشف نفس الأمر ، بل إن خرافة قد تقف بالعقل عن الحركة الفكرية، وتدعوه بعد ذلك أن يحمل المثل على مثله، فيسهل عليه قبول كل وهم.. ❝ ⏤عَزَّةُ ابُو يُوسِفْ
❞ إن الدين الإسلامي يكاد يكون متفرداً بين الأديان بتقريع المعتقدين بلا دليل وتوبيخ المتبعين للظنون، وتبكيت الخابطين فى عشواء العماية، والقدح في سيرتهم . هذا الدين يطالب المتدينين أن يأخذوا بالبرهان في أصول دينهم، وكلما خاطب خاطب العقل، وكلما حاكم حاكم إلى العقل، تنطق نصوصه بأن السعادة من نتائج العقل والبصيرة، وأن الشقاء والضلالة من لو احق الغفلة وإهمال العقل وانطفاء نور البصيرة. وقلما يوجد من الأديان ما يساويه أو يقاربه في هذه المزية . وأظن غير المسلمين يعترفون لهذا الدين بهذه الخاصة الجليلة .
(۱) د. على فهمى خشيم الجبائيان أبو على وأبو هاشم ] ص ۳۳۳ . طبعة طرابلس - ليبيا ١٩٦٨م. (۲) ابن تيمية [الفتاوى] جه . ص ٤٢٨ ، ٤٣٣ - طبعة الرياض ۱۳۸۱ م.
إن العقل مشرق الإيمان، فمن تحول عنه فقد دابر الإيمان .
وإن فرقا بين ما لا يصل العقل إلى كنهه، فيعرفه بأثره، وبين ما يحكم العقل باستحالته، فالأول معروف عند العقل، يقر بوجوده، ويقف دون سرادقات عزته ، أما الثاني فمطروح من نظره ساقط من اعتباره، لا يتعلق به عقد من عقوده، فكيف يصدق به وهو قاطع بعدمه ؟ !
لقد بدأ الإنسان بداية لا تميزه عن غيره من الحيوانات ! . لكن نقطة الافتراق كانت قوته العاقلة . والله قد جعل قوة العقل للإنسان محور صلاحه وفلاحه . والحكمة وآلتها العقل، هي مقننة القوانين، وموضحة السبل، وواضعة جميع النظامات ومعينة جميع الحدود، وشارحة حدود الفضائل والرذائل، وبالجملة، فهي قوام الكمالات العقلية والخلقية . فهي أشرف الصناعات ..
إن الإنسان من أكبر أسرار هذا الكون، ولسوف يستجلى بعقله ما غمض وخفى من أسرار الطبيعة، وسوف يصل بالعلم وإطلاق سراح العقل إلى تصديق تصوراته، فيرى ما كان من التصورات مستحيلاً قد صار ممكنا ، وما صوره جموده بأنه خيال قد أصبححقيقة . . (1) .
إن أول ركن بنى عليه الدين الإسلامي : صقل العقول بصقال التوحيد، وتطهيرهامن لوث الأوهام، وسعادة الأم لا تتم إلا بصفاء العقول من كدرات الخرافات وصدأ الأوهام، فإن عقيدة وهمية لو تدنس بها العقل لقامت حجابا كثيفا يحول بينه وبين حقيقة الواقع ويمنعه من كشف نفس الأمر ، بل إن خرافة قد تقف بالعقل عن الحركة الفكرية، وتدعوه بعد ذلك أن يحمل المثل على مثله، فيسهل عليه قبول كل وهم. ❝