❞ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
ولقد همت به وهم بها الآية ، قال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير ; كأنه أراد ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها . وقال أحمد بن يحيى : أي همت زليخاء بالمعصية وكانت مصرة ، وهم يوسف ولم يواقع ما هم به ; فبين الهمتين فرق ، ذكر هذين القولين الهروي في كتابه . قال جميل :
هممت بهم من بثينة لو بدا شفيت غليلات الهوى من فؤاديا
آخر :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني تركت على عثمان تبكي حلائله
فهذا كله حديث نفس من غير عزم . وقيل : هم بها تمنى زوجيتها . وقيل : هم بها أي بضربها ودفعها عن نفسه ، والبرهان كفه عن الضرب ; إذ لو ضربها لأوهم أنه قصدها بالحرام فامتنعت فضربها . وقيل : إن هم يوسف كان معصية ، وأنه جلس منها مجلس الرجل من امرأته ، وإلى هذا القول ذهب معظم المفسرين وعامتهم ، فيما ذكر القشيري أبو نصر ، وابن الأنباري والنحاس والماوردي وغيرهم . قال ابن عباس : حل الهميان وجلس منها مجلس الخاتن ، وعنه : استلقت على قفاها وقعد بين رجليها ينزع ثيابه . وقال سعيد بن جبير : أطلق تكة سراويله . وقال مجاهد : حل السراويل حتى بلغ الأليتين ، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته . قال ابن عباس : ولما قال : ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال له جبريل : ولا حين هممت بها يا يوسف ؟ ! فقال عند ذلك : وما أبرئ نفسي . قالوا : والانكفاف في مثل هذه الحالة دال على الإخلاص ، وأعظم للثواب .
قلت : وهذا كان سبب ثناء الله تعالى على ذي الكفل حسب ما يأتي بيانه في [ ص ] إن شاء الله تعالى . وجواب لولا على هذا محذوف ; أي لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به ; ومثله كلا لو تعلمون علم اليقين وجوابه لم تتنافسوا ; قال ابن عطية : روي هذا القول عن ابن عباس وجماعة من السلف ، وقالوا : الحكمة في ذلك أن يكون مثلا للمذنبين ليروا أن توبتهم ترجع إلى عفو الله تعالى كما رجعت ممن هو خير منهم ولم يوبقه القرب من الذنب ، وهذا كله على أن هم يوسف بلغ فيما روت هذه الفرقة إلى أن جلس بين رجلي زليخاء وأخذ في حل ثيابه وتكته ونحو ذلك ، وهي قد استلقت له ; حكاه الطبري . وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه هم بها ، وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه ، وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم . وقال الحسن : إن الله - عز وجل - لم يذكر معاصي الأنبياء ليعيرهم بها ; ولكنه ذكرها لكيلا تيأسوا من التوبة . قال الغزنوي : مع أن لزلة الأنبياء حكما : زيادة الوجل ، وشدة الحياء بالخجل ، والتخلي عن عجب العمل ، والتلذذ بنعمة العفو بعد الأمل ، وكونهم أئمة رجاء أهل الزلل . قال القشيري أبو نصر : وقال قوم جرى من يوسف هم ، وكان ذلك الهم حركة طبع من غير تصميم للعقد على الفعل ; وما كان من هذا القبيل لا يؤخذ به العبد ، وقد يخطر بقلب المرء وهو صائم شرب الماء البارد ; وتناول الطعام اللذيذ ; فإذا لم يأكل ولم يشرب ، ولم يصمم عزمه على الأكل والشرب لا يؤاخذ بما هجس في النفس ; والبرهان صرفه عن هذا الهم حتى لم يصر عزما مصمما .
قلت : هذا قول حسن ; وممن قال به الحسن . قال ابن عطية : الذي أقول به في هذه الآية إن كون يوسف نبيا في وقت هذه النازلة لم يصح ، ولا تظاهرت به رواية ; وإذا كان كذلك فهو مؤمن قد أوتي حكما وعلما ، ويجوز عليه الهم الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة ; وإن فرضناه نبيا في ذلك الوقت فلا يجوز عليه عندي إلا الهم الذي هو خاطر ، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حل تكته ونحوه ; لأن العصمة مع النبوة . وما روي من أنه قيل له : تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء . فإنما معناه العدة بالنبوة فيما بعد .
قلت : ما ذكره من هذا التفصيل صحيح ; لكن قوله تعالى : وأوحينا إليه يدل على أنه كان نبيا على ما ذكرناه ، وهو قول جماعة من العلماء ; وإذا كان نبيا فلم يبق إلا أن يكون الهم الذي هم به ما يخطر في النفس ولا يثبت في الصدر ; وهو الذي رفع الله فيه المؤاخذة عن الخلق ، إذ لا قدرة للمكلف على دفعه ; ويكون قوله : وما أبرئ نفسي - إن كان من قول يوسف - أي من هذا الهم ، أو يكون ذلك منه على طريق التواضع والاعتراف ، لمخالفة النفس لما زكي به قبل وبرئ ; وقد أخبر الله تعالى عن حال يوسف من حين بلوغه فقال : ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما على ما تقدم بيانه ; وخبر الله تعالى صدق ، ووصفه صحيح ، وكلامه حق ; فقد عمل يوسف بما علمه الله من تحريم الزنا ومقدماته ; وخيانة السيد والجار والأجنبي في أهله ; فما تعرض لامرأة العزيز ، ولا أجاب إلى المراودة ، بل أدبر عنها وفر منها ; حكمة خص بها ، وعملا بمقتضى ما علمه الله . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قالت الملائكة رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به فقال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جراي . وقال - عليه السلام - مخبرا عن ربه : إذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها كتبت حسنة . فإن كان ما يهم به العبد من السيئة يكتب له بتركها حسنة فلا ذنب ; وفي الصحيح : إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به وقد تقدم . قال ابن العربي : كان بمدينة السلام إمام من أئمة الصوفية - وأي إمام - يعرف بابن عطاء ! تكلم يوما على يوسف وأخباره حتى ذكر تبرئته مما نسب إليه من مكروه ; فقام رجل من آخر مجلسه وهو مشحون بالخليقة من كل طائفة فقال : يا شيخ ! يا سيدنا ! فإذا يوسف هم وما تم ؟ قال : نعم ! لأن العناية من ثم . فانظر إلى حلاوة العالم والمتعلم ، وانظر إلى فطنة العامي في سؤاله ، وجواب العالم في اختصاره واستيفائه ; ولذلك قال علماء الصوفية : إن فائدة قوله : ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما إنما أعطاه ذلك إبان غلبة الشهوة لتكون له سببا للعصمة .
قلت : وإذا تقررت عصمته وبراءته بثناء الله تعالى عليه فلا يصح ما قال مصعب بن عثمان : إن سليمان بن يسار كان من أحسن الناس وجها ، فاشتاقته امرأة فسامته نفسها فامتنع عليها وذكرها ، فقالت : إن لم تفعل لأشهرنك ; فخرج وتركها ، فرأى في منامه يوسف الصديق - عليه السلام - جالسا فقال : أنت يوسف ؟ فقال : أنا يوسف الذي هممت ، وأنت سليمان الذي لم تهم ؟ ! فإن هذا يقتضي أن تكون درجة الولاية أرفع من درجة النبوة وهو محال ; ولو قدرنا يوسف غير نبي فدرجته الولاية ، فيكون محفوظا كهو ; ولو غلقت على سليمان الأبواب ، وروجع في المقال والخطاب ، والكلام والجواب مع طول الصحبة لخيف عليه الفتنة ، وعظيم المحنة ، والله أعلم .
قوله تعالى : لولا أن رأى برهان ربه " أن " في موضع رفع أي لولا رؤية برهان ربه والجواب محذوف . لعلم السامع ; أي لكان ما كان . وهذا البرهان غير مذكور في القرآن ; فروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن زليخاء قامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في زاوية البيت فسترته بثوب ، فقال : ما تصنعين ؟ قالت : أستحي من إلهي هذا أن يراني في هذه الصورة ; فقال يوسف : أنا أولى أن أستحي من الله ; وهذا أحسن ما قيل فيه ، لأن فيه إقامة الدليل . وقيل : رأى مكتوبا في سقف البيتولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا . وقال ابن عباس : بدت كف مكتوب عليها وإن عليكم لحافظين وقال قوم : تذكر عهد الله وميثاقه . وقيل : نودي يا يوسف ! أنت مكتوب في ديوان الأنبياء وتعمل عمل السفهاء ؟ ! وقيل : رأى صورة يعقوب على الجدران عاضا على أنملته يتوعده فسكن ، وخرجت شهوته من أنامله ; قاله قتادة ومجاهد والحسن والضحاك . وأبو صالح وسعيد بن جبير . وروى الأعمش عن مجاهد قال : حل سراويله فتمثل له يعقوب ، وقال له : يا يوسف ! فولى هاربا . وروى سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال : مثل له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته من أنامله ، قال مجاهد : فولد لكل واحد من أولاد يعقوب اثنا عشر ذكرا إلا يوسف لم يولد له إلا غلامان ، ونقص بتلك الشهوة ولده ; وقيل غير هذا . وبالجملة : فذلك البرهان آية من آيات الله أراها الله يوسف حتى قوي إيمانه ، وامتنع عن المعصية .
قوله تعالى : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء الكاف من كذلك يجوز أن تكون رفعا ، بأن يكون خبر ابتداء محذوف ، التقدير : البراهين كذلك ، ويكون نعتا لمصدر محذوف ; أي أريناه البراهين رؤية كذلك . والسوء الشهوة ، والفحشاء المباشرة . وقيل : السوء الثناء القبيح ، والفحشاء الزنا . وقيل : السوء خيانة صاحبه ، والفحشاء ركوب الفاحشة . وقيل : السوء عقوبة الملك العزيز .
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر " المخلصين " بكسر اللام ; وتأويلها الذين أخلصوا طاعة الله . وقرأ الباقون بفتح اللام ، وتأويلها : الذين أخلصهم الله لرسالته ; وقد كان يوسف - صلى الله عليه وسلم - بهاتين الصفتين ; لأنه كان مخلصا في طاعة الله تعالى ، مستخلصا لرسالة الله تعالى .. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
ولقد همت به وهم بها الآية ، قال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير ; كأنه أراد ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها . وقال أحمد بن يحيى : أي همت زليخاء بالمعصية وكانت مصرة ، وهم يوسف ولم يواقع ما هم به ; فبين الهمتين فرق ، ذكر هذين القولين الهروي في كتابه . قال جميل :
هممت بهم من بثينة لو بدا شفيت غليلات الهوى من فؤاديا
آخر :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني تركت على عثمان تبكي حلائله
فهذا كله حديث نفس من غير عزم . وقيل : هم بها تمنى زوجيتها . وقيل : هم بها أي بضربها ودفعها عن نفسه ، والبرهان كفه عن الضرب ; إذ لو ضربها لأوهم أنه قصدها بالحرام فامتنعت فضربها . وقيل : إن هم يوسف كان معصية ، وأنه جلس منها مجلس الرجل من امرأته ، وإلى هذا القول ذهب معظم المفسرين وعامتهم ، فيما ذكر القشيري أبو نصر ، وابن الأنباري والنحاس والماوردي وغيرهم . قال ابن عباس : حل الهميان وجلس منها مجلس الخاتن ، وعنه : استلقت على قفاها وقعد بين رجليها ينزع ثيابه . وقال سعيد بن جبير : أطلق تكة سراويله . وقال مجاهد : حل السراويل حتى بلغ الأليتين ، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته . قال ابن عباس : ولما قال : ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال له جبريل : ولا حين هممت بها يا يوسف ؟ ! فقال عند ذلك : وما أبرئ نفسي . قالوا : والانكفاف في مثل هذه الحالة دال على الإخلاص ، وأعظم للثواب .
قلت : وهذا كان سبب ثناء الله تعالى على ذي الكفل حسب ما يأتي بيانه في [ ص ] إن شاء الله تعالى . وجواب لولا على هذا محذوف ; أي لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به ; ومثله كلا لو تعلمون علم اليقين وجوابه لم تتنافسوا ; قال ابن عطية : روي هذا القول عن ابن عباس وجماعة من السلف ، وقالوا : الحكمة في ذلك أن يكون مثلا للمذنبين ليروا أن توبتهم ترجع إلى عفو الله تعالى كما رجعت ممن هو خير منهم ولم يوبقه القرب من الذنب ، وهذا كله على أن هم يوسف بلغ فيما روت هذه الفرقة إلى أن جلس بين رجلي زليخاء وأخذ في حل ثيابه وتكته ونحو ذلك ، وهي قد استلقت له ; حكاه الطبري . وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه هم بها ، وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه ، وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم . وقال الحسن : إن الله - عز وجل - لم يذكر معاصي الأنبياء ليعيرهم بها ; ولكنه ذكرها لكيلا تيأسوا من التوبة . قال الغزنوي : مع أن لزلة الأنبياء حكما : زيادة الوجل ، وشدة الحياء بالخجل ، والتخلي عن عجب العمل ، والتلذذ بنعمة العفو بعد الأمل ، وكونهم أئمة رجاء أهل الزلل . قال القشيري أبو نصر : وقال قوم جرى من يوسف هم ، وكان ذلك الهم حركة طبع من غير تصميم للعقد على الفعل ; وما كان من هذا القبيل لا يؤخذ به العبد ، وقد يخطر بقلب المرء وهو صائم شرب الماء البارد ; وتناول الطعام اللذيذ ; فإذا لم يأكل ولم يشرب ، ولم يصمم عزمه على الأكل والشرب لا يؤاخذ بما هجس في النفس ; والبرهان صرفه عن هذا الهم حتى لم يصر عزما مصمما .
قلت : هذا قول حسن ; وممن قال به الحسن . قال ابن عطية : الذي أقول به في هذه الآية إن كون يوسف نبيا في وقت هذه النازلة لم يصح ، ولا تظاهرت به رواية ; وإذا كان كذلك فهو مؤمن قد أوتي حكما وعلما ، ويجوز عليه الهم الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة ; وإن فرضناه نبيا في ذلك الوقت فلا يجوز عليه عندي إلا الهم الذي هو خاطر ، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حل تكته ونحوه ; لأن العصمة مع النبوة . وما روي من أنه قيل له : تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء . فإنما معناه العدة بالنبوة فيما بعد .
قلت : ما ذكره من هذا التفصيل صحيح ; لكن قوله تعالى : وأوحينا إليه يدل على أنه كان نبيا على ما ذكرناه ، وهو قول جماعة من العلماء ; وإذا كان نبيا فلم يبق إلا أن يكون الهم الذي هم به ما يخطر في النفس ولا يثبت في الصدر ; وهو الذي رفع الله فيه المؤاخذة عن الخلق ، إذ لا قدرة للمكلف على دفعه ; ويكون قوله : وما أبرئ نفسي - إن كان من قول يوسف - أي من هذا الهم ، أو يكون ذلك منه على طريق التواضع والاعتراف ، لمخالفة النفس لما زكي به قبل وبرئ ; وقد أخبر الله تعالى عن حال يوسف من حين بلوغه فقال : ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما على ما تقدم بيانه ; وخبر الله تعالى صدق ، ووصفه صحيح ، وكلامه حق ; فقد عمل يوسف بما علمه الله من تحريم الزنا ومقدماته ; وخيانة السيد والجار والأجنبي في أهله ; فما تعرض لامرأة العزيز ، ولا أجاب إلى المراودة ، بل أدبر عنها وفر منها ; حكمة خص بها ، وعملا بمقتضى ما علمه الله . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قالت الملائكة رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به فقال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جراي . وقال - عليه السلام - مخبرا عن ربه : إذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها كتبت حسنة . فإن كان ما يهم به العبد من السيئة يكتب له بتركها حسنة فلا ذنب ; وفي الصحيح : إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به وقد تقدم . قال ابن العربي : كان بمدينة السلام إمام من أئمة الصوفية - وأي إمام - يعرف بابن عطاء ! تكلم يوما على يوسف وأخباره حتى ذكر تبرئته مما نسب إليه من مكروه ; فقام رجل من آخر مجلسه وهو مشحون بالخليقة من كل طائفة فقال : يا شيخ ! يا سيدنا ! فإذا يوسف هم وما تم ؟ قال : نعم ! لأن العناية من ثم . فانظر إلى حلاوة العالم والمتعلم ، وانظر إلى فطنة العامي في سؤاله ، وجواب العالم في اختصاره واستيفائه ; ولذلك قال علماء الصوفية : إن فائدة قوله : ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما إنما أعطاه ذلك إبان غلبة الشهوة لتكون له سببا للعصمة .
قلت : وإذا تقررت عصمته وبراءته بثناء الله تعالى عليه فلا يصح ما قال مصعب بن عثمان : إن سليمان بن يسار كان من أحسن الناس وجها ، فاشتاقته امرأة فسامته نفسها فامتنع عليها وذكرها ، فقالت : إن لم تفعل لأشهرنك ; فخرج وتركها ، فرأى في منامه يوسف الصديق - عليه السلام - جالسا فقال : أنت يوسف ؟ فقال : أنا يوسف الذي هممت ، وأنت سليمان الذي لم تهم ؟ ! فإن هذا يقتضي أن تكون درجة الولاية أرفع من درجة النبوة وهو محال ; ولو قدرنا يوسف غير نبي فدرجته الولاية ، فيكون محفوظا كهو ; ولو غلقت على سليمان الأبواب ، وروجع في المقال والخطاب ، والكلام والجواب مع طول الصحبة لخيف عليه الفتنة ، وعظيم المحنة ، والله أعلم .
قوله تعالى : لولا أن رأى برهان ربه ˝ أن ˝ في موضع رفع أي لولا رؤية برهان ربه والجواب محذوف . لعلم السامع ; أي لكان ما كان . وهذا البرهان غير مذكور في القرآن ; فروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن زليخاء قامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في زاوية البيت فسترته بثوب ، فقال : ما تصنعين ؟ قالت : أستحي من إلهي هذا أن يراني في هذه الصورة ; فقال يوسف : أنا أولى أن أستحي من الله ; وهذا أحسن ما قيل فيه ، لأن فيه إقامة الدليل . وقيل : رأى مكتوبا في سقف البيتولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا . وقال ابن عباس : بدت كف مكتوب عليها وإن عليكم لحافظين وقال قوم : تذكر عهد الله وميثاقه . وقيل : نودي يا يوسف ! أنت مكتوب في ديوان الأنبياء وتعمل عمل السفهاء ؟ ! وقيل : رأى صورة يعقوب على الجدران عاضا على أنملته يتوعده فسكن ، وخرجت شهوته من أنامله ; قاله قتادة ومجاهد والحسن والضحاك . وأبو صالح وسعيد بن جبير . وروى الأعمش عن مجاهد قال : حل سراويله فتمثل له يعقوب ، وقال له : يا يوسف ! فولى هاربا . وروى سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال : مثل له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته من أنامله ، قال مجاهد : فولد لكل واحد من أولاد يعقوب اثنا عشر ذكرا إلا يوسف لم يولد له إلا غلامان ، ونقص بتلك الشهوة ولده ; وقيل غير هذا . وبالجملة : فذلك البرهان آية من آيات الله أراها الله يوسف حتى قوي إيمانه ، وامتنع عن المعصية .
قوله تعالى : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء الكاف من كذلك يجوز أن تكون رفعا ، بأن يكون خبر ابتداء محذوف ، التقدير : البراهين كذلك ، ويكون نعتا لمصدر محذوف ; أي أريناه البراهين رؤية كذلك . والسوء الشهوة ، والفحشاء المباشرة . وقيل : السوء الثناء القبيح ، والفحشاء الزنا . وقيل : السوء خيانة صاحبه ، والفحشاء ركوب الفاحشة . وقيل : السوء عقوبة الملك العزيز .
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ˝ المخلصين ˝ بكسر اللام ; وتأويلها الذين أخلصوا طاعة الله . وقرأ الباقون بفتح اللام ، وتأويلها : الذين أخلصهم الله لرسالته ; وقد كان يوسف - صلى الله عليه وسلم - بهاتين الصفتين ; لأنه كان مخلصا في طاعة الله تعالى ، مستخلصا لرسالة الله تعالى. ❝
❞ _ مساء الخير حضرت النقيب
= حضرت النقيب مين؟!
_ يسعد صباحك بكل خير، بصي والله لسه فاتح من ساعة ما بعت لحضرتك، ألا تقولي مطنشك ومش برد عليكي
= اوكي، أصلًا معرفش حضرتك؛ عشان أقولك مطنشني!
_ حبيت أوضحلك بس
= تمام
_ على فكرة، أنا اللي حبيت اكلمك امبارح؛ لإني كنت سهران، فلقيت حضرتك قدامي، قولت ارخم عليكي، بس شكلك نمتي قبل ما تردي
= ااه مشفتش المسدج
_ ولا يهمك يا سعت المستشار، كنت في فرح بنت خالتي امبارح عقبالك
= شكرًا، أقدر أفيدك بحاجة؟!
_ لا كفاية إني كلمتك، وأنك رديتي عليا، أجمل حاجة في الدنيا ومافيها، ربنا يوفقك يارب، أهم حاجة صلي وإن شاء الله تعبك مش هيروح على الفاضي
=شكرًا على زوقك وكلامك، لكن أنت تعرفني؟! أصلك بتنصحني وكأنك عارفني، مستغربة بالصراحة
_ لا لا والله، لكن ده طبع فيا بحب البنات الناجحة اللي بتكون شايفه حلمها ونفسها وتحققه
= وأنت شوفت إني ناجحة فين؟!
_ بيكون إحساس وباين من طريقة كلامك، وكمان قرأت كلامك اللي كاتبه على بروفايلك
= ممممم
_ حاسك مصدومة اوي
= الحقيقة ااه
_ اضحكي اضحكي، زمانك بتقولي اي الرخامة دي، الله يخربيتك طلعتلي منين
= عرفت منين؟!!
_ إحساس يا بنتي
= ماشي ياعم الإحساس
انتهى الحديث إلى هنا، وبدأت في مهام حياتي اليومية، إلا أن جاء يوم، وكان أول بداية قصتي.
_أهلًا بحضرتك، أنا الصحفي المستجد
= أهلًا بيك وبمكانك، نورت جريدتنا
_ تسلمي على استقبالك الجميل، بلغوني إني هدرب مع حضرتك، ممكن تفاصيل الشغل؟
= أولًا بلاش حضرتك دي، أنا اسمي رؤي
_ اوكي، وأنا يوسف
= اهلًا بيك تاني مرة
_ شكرًا، هنبدأ امتي؟!
= أنت جد اوي لي كده، احنا لسه بنتعرف، هتشتغل كتير لحد ما تزهق
= اي وشك قلب ألوان ليه كده، بهزر معاك، الشغل هنا لطيف وفريق العمل متحد ومتعاون هتحب الشغل معانا
_ إن شاء الله، خلتيني متحمس
= تعال معايا اشرحلك تفاصيل شغلك وخطة العمل بتاعتنا
وبالفعل قد أخبرته من الألف إلى الياء خطة وأهداف المجلة.
_ تصدقي
= اي
_ انتي المفروض تكوني مُدرسة
= ليه بقى؟!
_ أصلك ماشاء الله شاطورة اوي وشرحك مبسط وقمة في البساطة، بتعرفي توصلي معلوماتك بطريقة سلسة ومميزة
= قولتلهم كده، محدش صدقني إني المفروض أكون بين طلابي في المدارس، فنانة أنا عارفه
_ دمك خفيف اوي
= شكرًا شكرًا، المهم اي حاجة محتاجها أنا موجودة، أنا مدربتك في الجريدة فلا تقلق
_حقيقي أنا حبيت الشغل من طريقة شرحك
= ولسه لسه أنت في البداية
_ بس صحيح مش معايا رقمك
= ااه خده 010678...
_ اي ده؟!
= هو أنت بتاع حضرت النقيب؟!
_ ااه اي الصدفة دي حقيقي جميلة جدًا، المهم في حاجة بفكر أعملها وعايز أعرض فكرتها عليكي
= طيب معاك قول
_ لا ده الموضوع كبير كبير اوي يا بنتي
= ممممم
_ مممم اي؟! بقولك اي لو معندكيش مشكلة في كافي قريب من الجريدة، نطلع بدري ساعة أشرحلك الفكرة ونروح على المجلة سوا، ومتخافيش القهوة عليا
= بما أنك هتعزمني، فمضطره أوافق على العرض ده
_اتفقنا
وبعدما عرض عليه فكرته، فكانت من أجمل الأفكار، وبالفعل تم تنفذها على أرض الواقع، وعملنا عليها بجد سويًا، إلا أن حققت ربح للجريدة ما بين جميع الجرائد، وكانت أول نقطة لنجاح لنا.
_ تعرفي يا رؤي
= اي يا حضرت المستشار
_ أنتِ هتفضلي ماسكهالي ولا اي
= ماهو في حد يدخل لحد يقوله كده
_ هي جات كده بقى، المهم
= هو فيه أهم من كده؟!
_ أنتِ هتفضلي كده يا رؤي على طول بتحبي تهزري في كل حاجة
= خالص خالص معاك
_ أنا حقيقي مبسوط اوي يا رؤي بالنجاح ده، بس مش عشان النجاح نفسه، لا لأنك جزء من النجاح ده يا رؤي
= وقتها ماكنتش عارفه اقوله اي، بصيت في عيونه وصابني السكوت، بس شعرت بشعور وقتها مش عارفه أحدده، بس كل اللي أعرفه أنه شعور جميل اوي، وكأني أملك سعادة العالم بجواري.
ومنذ هذه الخروجة، ولم أعلم عنه شيئًا، ولم أراه في الجريدة قط، جن جنوني، فكل شئ كان جميل للغاية، وقد اختفى كل هذا في يوم وليلة فقط، قد قررت الذهاب إلي بيته، ولكني لم أعلم ماذا أفعل وكيف أذهب وحدي؟! فأخذت أصدقاء المجلة وذهبنا زيارة له، فهو لم يجيب على مكالمتي أو ربما هاتفه قد أغلقه، أخذنا عنوانه من cv الجريدة، وذهبنا موجهًا لبيته، قد بلغنا عامل النظافة أنه من تلك الليلة نقل إلى بيت آخر، رجعت وأنا مليئة باليأس، وكأني فقدت نفسي بعدما وجدها معه، مرت الأيام وكأني مقيدة بين أجنحة الحب الغريب هذا، فنعم إني أحبه كثيرًا، أخذت من الوقت الكثير عندما علمت بما في قلبي له، ولكنه تركني دون أن أخبره، كم أنا أحب وجوده، وكم أسعد برؤيته كل يوم، كنت أريد أن أخبره بأشياء عديدة، تقف عنده فقط، مر شهرين ومازال يكمن بين تفاصيل حياتي وأيامي، فكنت أذهب إلى الكافي، على أملًا أن أراه يومًا، وفي يوم من الأيام جئت إلى الكافي كالمعتاد، ولكن كان يختلف هذا اليوم؛ لأنه عيد مولودي، قررت الإحتفال بمفردي مثلما السنوات الماضية، كنت أظن أن هذا العام ربما يكون مختلف بعض الشئ، ولكني أخطأت هذه المرة، تناولت الكعكة وبينما أردت الذهاب، رأيت أمام طاولتي، طاولة أخري غاية في الجمآل، كان هناك شاب وسيم يزين الطاولة بكل حب، لم أراه جيدًا، فكان مستديل ظهره لي، وهناك كعكة تشبه ما أكلتها، فربما محبوبته عيد مولودها اليوم مثلي، نظرت بعين حزن وتمنيت لهم السعادة، وتلفت لإذهب، ولكن فجأة، اصدمتُ بصندوق ضخم للغاية ولكنه جميل، أخبرني مدير الكافي أنه لي، لم أصدق ولم أستوعب ماذا يحدث؟! اقتربت من الصندوق، كان هناك رسالة موجهه لي، \" أهلًا عزيزتي رؤي، اليوم عيد مولودك التي لطالما أنتظرته كثيرًا، لرؤيتك بشوق والإحتفال بقربك، تلك الهدية لا أعلم ثمنها لديك، ولكن أرجو أن تعجبك.\"
= كانت الكلمات مكتوبة بحب شديد، لدرجة أنها وصلت بي للبكاء.
= فتحت هذا الصندوق الضخم، فوجدت عزيزي يوسف، نعم أنه مستشاري يوسف!!
لا أصدق عيناي، حينها بكيت كثيرًا على جميع المرات التي أشتقت له فيها، وبعد ذلك غضبت منه، وبعدته عني، ولكنه نظره لي بحب وأخبرني
_ عارف أنك انتظرتني كتير، وأنك زعلانه مني وحقكك تزعلي، وأن في أسئلة كتيرة عايزه تسأليها، بس قبل كل ده
_ تتجوزيني
= لا، عشان أنت مستشار مش لطيف
_ بصيلي وعيناه فيها دموع، وضحك وقالي وحشني تفاصيل أيامك يقلب المستشار
_ حقكك على قلبي يا رؤي، هصلحك بشعر عمرو حسن، عارف أنه شاعرك المفضل، \"حقكك على عيني يا نور عيني، يا رفيقة مشواري الدايمة، حقكك يا نجومي اللي بشوفها، يا مركبي اللي بحسك عايمة، بتسأفلك وانتي لوحدك اللي إنا في الدنيا أتاسفله، حصلت أيامي الفاضية مافيهاش غيرك، أنتي حبيبتي وأمي وبنتي وميراثي وتاجي ورأسي مالي\"
كفاية كده ولا اي
= بصيلته، بحب وغضب، وقلتله براحتك
_ أنا آسف يا رؤي، بس اضطرت أسافر، لأن والدتي تعبت ودخلت في غيبوبة فجأة، ماكنتش عارف اتصرف يا رؤي، والدكاترة قالولي حالتها صعبة وميأوس منها، الدنيا اسودت في عينا، وماكنتش عارف اكلم مين، لحد ما كلمت دكتور صحبي في باريس وشرحلته حالة والدتي، وسافرنا على أول طايرة نزلت على باريس، قضيت أصعب الأيام يا رؤي، ماكنتش بنام من قلقي وخوفي من خسارتها، أصلك متعرفيش يوسف والدته بنسباله اي!!
= اي كل ده؟! طيب ليه يا يوسف مقولتليش، كنت هبقى جنبك ونعدي كل حاجة سوا
= وماما عامله اي دلوقت
_ كويسه الحمد لله، وهتبقى أفضل لما تشوف خطيبت أبنها
ونزل على الأرض، واتقدملي وقالي أنا بحبك تقبلي أكونلك أب
=ماكنتش مصدقه من فرحتي، ونزلت بركبتي، قولتله موافقه يا مستشاري يوسف
وبعدما انتهينا سألني
_عجبتك المفاجأت دي كلها يا رؤي ؟!
= الحقيقة عجبتني اوي يا يوسف، وبالذات حركة الأفلام دي
_ بصيلي وضحك وقالي، متغيرتيش يا رؤي دمك خفيف وعفوايه وروحك جميلة، أنتِ لطيفة اوي يا أميرة قلبي.
= علمت في قصتي هذه، أن الصدف أفضل مائة مرة من التخطيط، وأن شعور الحب لا وصف له، فإن جميع ما يدعى الإبداع، لن ولم يكفي في وصفه، لكل منا شريك قد خلق له، ولكن في مكان ما، مثلما تلقيت بقصتي.
ماشي. ❝ ⏤كـ/نَـيّـرة الـسَّـيّـد
❞ _ مساء الخير حضرت النقيب
= حضرت النقيب مين؟!
_ يسعد صباحك بكل خير، بصي والله لسه فاتح من ساعة ما بعت لحضرتك، ألا تقولي مطنشك ومش برد عليكي
= اوكي، أصلًا معرفش حضرتك؛ عشان أقولك مطنشني!
_ حبيت أوضحلك بس
= تمام
_ على فكرة، أنا اللي حبيت اكلمك امبارح؛ لإني كنت سهران، فلقيت حضرتك قدامي، قولت ارخم عليكي، بس شكلك نمتي قبل ما تردي
= ااه مشفتش المسدج
_ ولا يهمك يا سعت المستشار، كنت في فرح بنت خالتي امبارح عقبالك
= شكرًا، أقدر أفيدك بحاجة؟!
_ لا كفاية إني كلمتك، وأنك رديتي عليا، أجمل حاجة في الدنيا ومافيها، ربنا يوفقك يارب، أهم حاجة صلي وإن شاء الله تعبك مش هيروح على الفاضي
=شكرًا على زوقك وكلامك، لكن أنت تعرفني؟! أصلك بتنصحني وكأنك عارفني، مستغربة بالصراحة
_ لا لا والله، لكن ده طبع فيا بحب البنات الناجحة اللي بتكون شايفه حلمها ونفسها وتحققه
= وأنت شوفت إني ناجحة فين؟!
_ بيكون إحساس وباين من طريقة كلامك، وكمان قرأت كلامك اللي كاتبه على بروفايلك
= ممممم
_ حاسك مصدومة اوي
= الحقيقة ااه
_ اضحكي اضحكي، زمانك بتقولي اي الرخامة دي، الله يخربيتك طلعتلي منين
= عرفت منين؟!!
_ إحساس يا بنتي
= ماشي ياعم الإحساس
انتهى الحديث إلى هنا، وبدأت في مهام حياتي اليومية، إلا أن جاء يوم، وكان أول بداية قصتي.
_أهلًا بحضرتك، أنا الصحفي المستجد
= أهلًا بيك وبمكانك، نورت جريدتنا
_ تسلمي على استقبالك الجميل، بلغوني إني هدرب مع حضرتك، ممكن تفاصيل الشغل؟
= أولًا بلاش حضرتك دي، أنا اسمي رؤي
_ اوكي، وأنا يوسف
= اهلًا بيك تاني مرة
_ شكرًا، هنبدأ امتي؟!
= أنت جد اوي لي كده، احنا لسه بنتعرف، هتشتغل كتير لحد ما تزهق
= اي وشك قلب ألوان ليه كده، بهزر معاك، الشغل هنا لطيف وفريق العمل متحد ومتعاون هتحب الشغل معانا
_ إن شاء الله، خلتيني متحمس
= تعال معايا اشرحلك تفاصيل شغلك وخطة العمل بتاعتنا
وبالفعل قد أخبرته من الألف إلى الياء خطة وأهداف المجلة.
_ تصدقي
= اي
_ انتي المفروض تكوني مُدرسة
= ليه بقى؟!
_ أصلك ماشاء الله شاطورة اوي وشرحك مبسط وقمة في البساطة، بتعرفي توصلي معلوماتك بطريقة سلسة ومميزة
= قولتلهم كده، محدش صدقني إني المفروض أكون بين طلابي في المدارس، فنانة أنا عارفه
_ دمك خفيف اوي
= شكرًا شكرًا، المهم اي حاجة محتاجها أنا موجودة، أنا مدربتك في الجريدة فلا تقلق
_حقيقي أنا حبيت الشغل من طريقة شرحك
= ولسه لسه أنت في البداية
_ بس صحيح مش معايا رقمك
= ااه خده 010678..
_ اي ده؟!
= هو أنت بتاع حضرت النقيب؟!
_ ااه اي الصدفة دي حقيقي جميلة جدًا، المهم في حاجة بفكر أعملها وعايز أعرض فكرتها عليكي
= طيب معاك قول
_ لا ده الموضوع كبير كبير اوي يا بنتي
= ممممم
_ مممم اي؟! بقولك اي لو معندكيش مشكلة في كافي قريب من الجريدة، نطلع بدري ساعة أشرحلك الفكرة ونروح على المجلة سوا، ومتخافيش القهوة عليا
= بما أنك هتعزمني، فمضطره أوافق على العرض ده
_اتفقنا
وبعدما عرض عليه فكرته، فكانت من أجمل الأفكار، وبالفعل تم تنفذها على أرض الواقع، وعملنا عليها بجد سويًا، إلا أن حققت ربح للجريدة ما بين جميع الجرائد، وكانت أول نقطة لنجاح لنا.
_ تعرفي يا رؤي
= اي يا حضرت المستشار
_ أنتِ هتفضلي ماسكهالي ولا اي
= ماهو في حد يدخل لحد يقوله كده
_ هي جات كده بقى، المهم
= هو فيه أهم من كده؟!
_ أنتِ هتفضلي كده يا رؤي على طول بتحبي تهزري في كل حاجة
= خالص خالص معاك
_ أنا حقيقي مبسوط اوي يا رؤي بالنجاح ده، بس مش عشان النجاح نفسه، لا لأنك جزء من النجاح ده يا رؤي
= وقتها ماكنتش عارفه اقوله اي، بصيت في عيونه وصابني السكوت، بس شعرت بشعور وقتها مش عارفه أحدده، بس كل اللي أعرفه أنه شعور جميل اوي، وكأني أملك سعادة العالم بجواري.
ومنذ هذه الخروجة، ولم أعلم عنه شيئًا، ولم أراه في الجريدة قط، جن جنوني، فكل شئ كان جميل للغاية، وقد اختفى كل هذا في يوم وليلة فقط، قد قررت الذهاب إلي بيته، ولكني لم أعلم ماذا أفعل وكيف أذهب وحدي؟! فأخذت أصدقاء المجلة وذهبنا زيارة له، فهو لم يجيب على مكالمتي أو ربما هاتفه قد أغلقه، أخذنا عنوانه من cv الجريدة، وذهبنا موجهًا لبيته، قد بلغنا عامل النظافة أنه من تلك الليلة نقل إلى بيت آخر، رجعت وأنا مليئة باليأس، وكأني فقدت نفسي بعدما وجدها معه، مرت الأيام وكأني مقيدة بين أجنحة الحب الغريب هذا، فنعم إني أحبه كثيرًا، أخذت من الوقت الكثير عندما علمت بما في قلبي له، ولكنه تركني دون أن أخبره، كم أنا أحب وجوده، وكم أسعد برؤيته كل يوم، كنت أريد أن أخبره بأشياء عديدة، تقف عنده فقط، مر شهرين ومازال يكمن بين تفاصيل حياتي وأيامي، فكنت أذهب إلى الكافي، على أملًا أن أراه يومًا، وفي يوم من الأيام جئت إلى الكافي كالمعتاد، ولكن كان يختلف هذا اليوم؛ لأنه عيد مولودي، قررت الإحتفال بمفردي مثلما السنوات الماضية، كنت أظن أن هذا العام ربما يكون مختلف بعض الشئ، ولكني أخطأت هذه المرة، تناولت الكعكة وبينما أردت الذهاب، رأيت أمام طاولتي، طاولة أخري غاية في الجمآل، كان هناك شاب وسيم يزين الطاولة بكل حب، لم أراه جيدًا، فكان مستديل ظهره لي، وهناك كعكة تشبه ما أكلتها، فربما محبوبته عيد مولودها اليوم مثلي، نظرت بعين حزن وتمنيت لهم السعادة، وتلفت لإذهب، ولكن فجأة، اصدمتُ بصندوق ضخم للغاية ولكنه جميل، أخبرني مدير الكافي أنه لي، لم أصدق ولم أستوعب ماذا يحدث؟! اقتربت من الصندوق، كان هناك رسالة موجهه لي، ˝ أهلًا عزيزتي رؤي، اليوم عيد مولودك التي لطالما أنتظرته كثيرًا، لرؤيتك بشوق والإحتفال بقربك، تلك الهدية لا أعلم ثمنها لديك، ولكن أرجو أن تعجبك.˝
= كانت الكلمات مكتوبة بحب شديد، لدرجة أنها وصلت بي للبكاء.
= فتحت هذا الصندوق الضخم، فوجدت عزيزي يوسف، نعم أنه مستشاري يوسف!!
لا أصدق عيناي، حينها بكيت كثيرًا على جميع المرات التي أشتقت له فيها، وبعد ذلك غضبت منه، وبعدته عني، ولكنه نظره لي بحب وأخبرني
_ عارف أنك انتظرتني كتير، وأنك زعلانه مني وحقكك تزعلي، وأن في أسئلة كتيرة عايزه تسأليها، بس قبل كل ده
_ تتجوزيني
= لا، عشان أنت مستشار مش لطيف
_ بصيلي وعيناه فيها دموع، وضحك وقالي وحشني تفاصيل أيامك يقلب المستشار
_ حقكك على قلبي يا رؤي، هصلحك بشعر عمرو حسن، عارف أنه شاعرك المفضل، ˝حقكك على عيني يا نور عيني، يا رفيقة مشواري الدايمة، حقكك يا نجومي اللي بشوفها، يا مركبي اللي بحسك عايمة، بتسأفلك وانتي لوحدك اللي إنا في الدنيا أتاسفله، حصلت أيامي الفاضية مافيهاش غيرك، أنتي حبيبتي وأمي وبنتي وميراثي وتاجي ورأسي مالي˝
كفاية كده ولا اي
= بصيلته، بحب وغضب، وقلتله براحتك
_ أنا آسف يا رؤي، بس اضطرت أسافر، لأن والدتي تعبت ودخلت في غيبوبة فجأة، ماكنتش عارف اتصرف يا رؤي، والدكاترة قالولي حالتها صعبة وميأوس منها، الدنيا اسودت في عينا، وماكنتش عارف اكلم مين، لحد ما كلمت دكتور صحبي في باريس وشرحلته حالة والدتي، وسافرنا على أول طايرة نزلت على باريس، قضيت أصعب الأيام يا رؤي، ماكنتش بنام من قلقي وخوفي من خسارتها، أصلك متعرفيش يوسف والدته بنسباله اي!!
= اي كل ده؟! طيب ليه يا يوسف مقولتليش، كنت هبقى جنبك ونعدي كل حاجة سوا
= وماما عامله اي دلوقت
_ كويسه الحمد لله، وهتبقى أفضل لما تشوف خطيبت أبنها
ونزل على الأرض، واتقدملي وقالي أنا بحبك تقبلي أكونلك أب
=ماكنتش مصدقه من فرحتي، ونزلت بركبتي، قولتله موافقه يا مستشاري يوسف
وبعدما انتهينا سألني
_عجبتك المفاجأت دي كلها يا رؤي ؟!
= الحقيقة عجبتني اوي يا يوسف، وبالذات حركة الأفلام دي
_ بصيلي وضحك وقالي، متغيرتيش يا رؤي دمك خفيف وعفوايه وروحك جميلة، أنتِ لطيفة اوي يا أميرة قلبي.
= علمت في قصتي هذه، أن الصدف أفضل مائة مرة من التخطيط، وأن شعور الحب لا وصف له، فإن جميع ما يدعى الإبداع، لن ولم يكفي في وصفه، لكل منا شريك قد خلق له، ولكن في مكان ما، مثلما تلقيت بقصتي.
❞ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)
قوله تعالى : قالوا أئنك لأنت يوسف لما دخلوا عليه فقالوا : مسنا وأهلنا الضر فخضعوا له وتواضعوا رق لهم ، وعرفهم بنفسه ، فقال : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه فتنبهوا فقالوا : أئنك لأنت يوسف قاله ابن إسحاق . وقيل : إن يوسف تبسم فشبهوه بيوسف واستفهموا قال ابن عباس لما قال لهم : هل علمتم ما فعلتم بيوسف الآية ، ثم تبسم يوسف - وكان إذا تبسم كأن ثناياه اللؤلؤ المنظوم - فشبهوه بيوسف ، فقالوا له على جهة الاستفهام : أئنك لأنت يوسف . وعن ابن عباس أيضا : أن إخوته لم يعرفوه حتى وضع التاج عنه ، وكان في قرنه علامة ، وكان ليعقوب مثلها شبه الشامة ، فلما قال لهم : هل علمتم ما فعلتم بيوسف رفع التاج عنه فعرفوه ، فقالوا : أئنك لأنت يوسف . وقال ابن عباس : كتب يعقوب إليه يطلب رد ابنه ، وفي الكتاب : من يعقوب صفي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر - أما بعد - فإنا أهل بيت بلاء ومحن ، ابتلى الله جدي إبراهيم بنمروذ وناره ، ثم ابتلى أبي إسحاق بالذبح ، ثم ابتلاني بولد كان لي أحب أولادي إلي حتى كف بصري من البكاء ، وإني لم أسرق ولم ألد سارقا والسلام . فلما قرأ يوسف الكتاب ارتعدت مفاصله ، واقشعر جلده ، وأرخى عينيه بالبكاء ، وعيل صبره فباح بالسر . وقرأ ابن كثير " إنك " على الخبر ، ويجوز أن تكون هذه القراءة استفهاما كقوله : وتلك نعمة .
قال أنا يوسف أي أنا المظلوم والمراد قتله ، ولم يقل أنا هو تعظيما للقصة .
قد من الله علينا أي بالنجاة والملك .
إنه من يتق ويصبر أي يتق الله ويصبر على المصائب ، وعن المعاصي .
فإن الله لا يضيع أجر المحسنين أي الصابرين في بلائه ، القائمين بطاعته . وقرأ ابن كثير : " إنه من يتقي " بإثبات الياء ; والقراءة بها جائزة على أن تجعل " من " بمعنى الذي ، وتدخل يتقي في الصلة ، فتثبت الياء لا غير ، وترفع " ويصبر " . وقد يجوز أن تجزم " ويصبر " على أن تجعل " يتقي " في موضع جزم و " من " للشرط ، وتثبت الياء ، وتجعل علامة الجزم حذف الضمة التي كانت في الياء على الأصل ; كما قال :
ثم نادي إذا دخلت دمشقا يا يزيد بن خالد بن يزيد
وقال آخر :
ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد
وقراءة الجماعة ظاهرة ، والهاء في " إنه " كناية عن الحديث ، والجملة الخبر .. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)
قوله تعالى : قالوا أئنك لأنت يوسف لما دخلوا عليه فقالوا : مسنا وأهلنا الضر فخضعوا له وتواضعوا رق لهم ، وعرفهم بنفسه ، فقال : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه فتنبهوا فقالوا : أئنك لأنت يوسف قاله ابن إسحاق . وقيل : إن يوسف تبسم فشبهوه بيوسف واستفهموا قال ابن عباس لما قال لهم : هل علمتم ما فعلتم بيوسف الآية ، ثم تبسم يوسف - وكان إذا تبسم كأن ثناياه اللؤلؤ المنظوم - فشبهوه بيوسف ، فقالوا له على جهة الاستفهام : أئنك لأنت يوسف . وعن ابن عباس أيضا : أن إخوته لم يعرفوه حتى وضع التاج عنه ، وكان في قرنه علامة ، وكان ليعقوب مثلها شبه الشامة ، فلما قال لهم : هل علمتم ما فعلتم بيوسف رفع التاج عنه فعرفوه ، فقالوا : أئنك لأنت يوسف . وقال ابن عباس : كتب يعقوب إليه يطلب رد ابنه ، وفي الكتاب : من يعقوب صفي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر - أما بعد - فإنا أهل بيت بلاء ومحن ، ابتلى الله جدي إبراهيم بنمروذ وناره ، ثم ابتلى أبي إسحاق بالذبح ، ثم ابتلاني بولد كان لي أحب أولادي إلي حتى كف بصري من البكاء ، وإني لم أسرق ولم ألد سارقا والسلام . فلما قرأ يوسف الكتاب ارتعدت مفاصله ، واقشعر جلده ، وأرخى عينيه بالبكاء ، وعيل صبره فباح بالسر . وقرأ ابن كثير ˝ إنك ˝ على الخبر ، ويجوز أن تكون هذه القراءة استفهاما كقوله : وتلك نعمة .
قال أنا يوسف أي أنا المظلوم والمراد قتله ، ولم يقل أنا هو تعظيما للقصة .
قد من الله علينا أي بالنجاة والملك .
إنه من يتق ويصبر أي يتق الله ويصبر على المصائب ، وعن المعاصي .
فإن الله لا يضيع أجر المحسنين أي الصابرين في بلائه ، القائمين بطاعته . وقرأ ابن كثير : ˝ إنه من يتقي ˝ بإثبات الياء ; والقراءة بها جائزة على أن تجعل ˝ من ˝ بمعنى الذي ، وتدخل يتقي في الصلة ، فتثبت الياء لا غير ، وترفع ˝ ويصبر ˝ . وقد يجوز أن تجزم ˝ ويصبر ˝ على أن تجعل ˝ يتقي ˝ في موضع جزم و ˝ من ˝ للشرط ، وتثبت الياء ، وتجعل علامة الجزم حذف الضمة التي كانت في الياء على الأصل ; كما قال :
ثم نادي إذا دخلت دمشقا يا يزيد بن خالد بن يزيد
وقال آخر :
ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد
وقراءة الجماعة ظاهرة ، والهاء في ˝ إنه ˝ كناية عن الحديث ، والجملة الخبر. ❝