❞ وحيدٌ في صخب العالم… إلّا من الله كنتُ أنظر إلى العالم كمن ينظر من نافذة قطارٍ لا ينوي التوقّف. الوجوه تمرّ… الأحاديث تعلو… الساعات تتسابق… وأنا؟ كأنّني شبحٌ يتدلّى من ذاكرةٍ قديمة، لا يثبّت قدميه في الواقع، ولا يجد مأواه في الحلم. كان الصمت في داخلي عميقًا، ضجيجًا لا يُسمع، وكان قلبي كقنديلٍ في مهبّ ريح، يتأرجح على هاوية الانطفاء. أجاهدُ لأبدو حيًّا، فيما الخراب داخلي ينمو كجذور شجرةٍ في مقبرة منسيّة. أبتسم، لا لأنّي سعيد، بل لأنّني لم أعد أملك مبررًا للبكاء. كم مرّةٍ صرختُ في سرّي: \"يا رب، لا أراك، لكنّي أختنق!\" وكم مرّةٍ تجاهلتُ فيض رحمته يُناديني من بين التنهّدات… لكنّي كنتُ أعمى بما يكفي، مشغولًا بالعتمة، لا أبحث عن النور. ثم… في ليلةٍ سوداء كقلبي، ضاق فيها الصدر، وضاع فيها السند، سجدت. لا لأطلب شيئًا، بل لأنّي عجزت عن حمل نفسي. وهناك، على بلاط الأرض البارد، شعرتُ بدفءٍ لا يُشبه دفء البشر، ولا دفء الشموع. دفءٌ خرج من أعماقي، كأنّ الله… ما غاب عنّي طرفة عين، بل أنا من غفوت. يا من وصلتَ إلى هذه السطور، لا تكتفِ بالبكاء في عتمتك. لا تُراكم في قلبك الغبار حتى يختنق نبضك. عُدْ إلى الله… ليس لأنّك قوي، بل لأنّك منكسر. ليس لأنّك كامل، بل لأنّك ضعيف وتشتاق أن تُرفَع. ارفع يديك… حتى ولو خُيّل إليك أنّها ثقيلة… وفي الليل، همسًا، قُل: يا رب، إني تائه… فردّني إليك. الكاتبة /جنى محمد جوهر. ❝ ⏤جنى محمد جوهر