█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ شعر القرمزي، بوخزةٍ في جهة صدره اليسرى، أحس بسهمٍ اخترق قلبه، وقد أدرك أن ثمة شيًئا غير طبيعي يجري حوله، لقد قابل مترجمًا محليًا بالسفارة، ولكن لم يعطه معلومات... والحديث الذي جرى لمرتين مع السفير، وأثار فيه خلاف أركان الحكم في بلاده، وتطرق كما يتذكر لاسم العقيد غازي فلاح، هل هناك من سرب هذه المعلومات، الحديث كان قد جرى بأقصى سرية؟ أم هو مجرد تخمين ذكي من الرجل لتوريطه وجره لاعتراف غير مبرمج...؟
˝اعترف بأنني التقيت السفير مثلما يلتقيه الجميع، كتاب وصحفيين، رؤساء أحزاب وجمعيات... وكان ذلك بوضح النهار... دخلت السفارة وخرجت في الضوء˝
جرى الاستجواب أمام الرجل المساعد الذي ظل طوال الوقت منتصبًا كالصنم، وكأنه شاهد على سين، جيم!
دقيقتان فصلتا بين آخر سؤال، وجواب... وبين تغير العقيد غازي فلاح من إنسان إلى وحشٍ كاسر...
عند منتصف الليل... وجد أحمد القرمزي نفسه عاريًا في زنزانةٍ اسمنتية، بفصل شهر تموز القائظ، وضوء مصباح كاشف، أشبه بأضواء ملاعب كرة القدم، وأمامه، وخلفه العقيد... كان صباح اليوم إنسانًا وقد أضحى أداة آلية، خلت من كل رحمة وعاطفة... فقد بعدها القرمزي وعيه، فتح عينيه ثانية بمنتصف النهار وقد تحول إلى جثةٍ حيةٍ مهشمة، لا يذكر معها سوى بقية من نبضٍ، يكفيه للبقاء على قيد الحياة . ❝
❞ تعج منطقة قلب ميلانو، وأطرافها بحركةٍ عامة، تنتشر على أطرافها مقاهي الأرصفة، روادها غالبيتهم من كبار السن، ذوي وجوهٍ تغمرها ابتسامات باردة، تجول نظراتهم ببطء وكسل مع كل حدث يجري أمامهم، مهما كان تافهًا وهامشيًا، وأطراف مقابلة تكتظ بمحلات بيع الأزهار والحقائب النسائية وملابس رياضية، لا تتوقف حركة السيارات والمشاة... تبدأ الحركة منذ التاسعة صباحًا وتشتد تدريجيًا، وتبلغ ذروتها مع الظهيرة حتى تتعاظم بنهاية الأسبوع، وإذا صادف يوم مباراة قمة الدوري الإيطالي يغلق الشارع، وتحتدم الزحمة... وتتشح الشوارع بأغانٍ منبعثة من بعض المحلات ومقاهي الرصيف.
بناية اللاجئين، أطلق التسمية عليها كهل إيطالي، عنصري النزعة ثم تغير، يقطن شقة بالدور الثاني، يبلغ التسعين كما يبدو من عروق ونتوء عظام وجهه المتشح بحب الشباب! يقطن البناية مع امرأة، تصغره سنًا، أنيقة المظهر، لا يعرف سكان البناية عنها شيئًا، تكهن البعض بأنها زوجته، وراهن آخرون أنها عشيقته، منذ الحرب الكونية الثانية، أكد بعض السكان من الذين أصابتهم سهامه العنصرية، أنه كان ينتمي لجيش موسوليني...
طويل القامة، مقوس الظهر كغصنٍ شجرةٍ معمرة بخريف الزمن... فقس عن وجهه عينان، واسعتان، ثاقبتان، يكتسح رأسه شعر طفيف تركز بمؤخرة رأسه المفلطح، يقابله أنف جميل يحسده كل من يصادفه، يدعي ماريو فيتالي... قنديل البحر! . ❝
❞ نهضَ إدريس وجلسَ القُرفصاء وفتَحَ فاه وحَدقَ بصالح بعينين متوردتين وقد صُعق... تَلفَتَ حوله ودون انتظار ردّ من صالح، نهضَ وغابَ لفترةٍ وجيزة... راح يمشِي على أصابعِ قدميه يتَطلَّع حولهُ بحذرٍ وخوف، ظلّ يتلفَتْ يمينًا وشمالاً وهو يتفحصُ البحارة النائمين، فجأة جَمدَّ في مكانهِ حين سمع نوْبةِ سعال صادرة من أحدِ البحارة... أدركَ أن الرجل من المدخنين، كان صوتُ صدره وهو يتنفس دليلاً على أنه من المدمنين على لفّ السجائر، أنتظر لبُرهةٍ حتى أدرك أن الرجل يغطُ في نومٍ عميق رغم موجة السعال التي صدرت عنه.
- هل يستحق الأمر كلّ هذا؟ يبدو أن جوري تدفع الجميع للجنون! إنه يدفعني مثلهم للجنون... ما الذي أفعلهُ بحقِ الشيطان؟
خاطبَ نفسه وقد رَكَعَ على قدميهِ بقربِ الرجل الذي كان يتنفس بصعوبة، تلفتَ حوله، كان الهدوء يسودُّ المكان... توَزَّعَ الرجال الاثني عشر على كاملِ سطح المركب، كان يخشى أن يكون ثمة من هو صاحٍ مثلهُ ويراقبه في هذه اللحظة.
- هل تستحق جوري هذه المُجازَفة؟
سأل نفسه، ثم بَركَ على جثةِ الرجل النائم وبدأ يعبثُ في صرةِ ملابسهِ...
- أنتَ لِفَّ السيجارة، أنا لا أعرف كيف يفعلونها؟ هل تعرف أنتَ؟
سأل إدريس صالح وهو يدفع لهُ حفنة من التبغ وحزْمة صغيرة من ورقٍ شفاف أبيض اللون بعد أن عاد متسلِّلاً كلصٍ، بل هو لص!
بعد أن قضيا فترة في تحضير السيجارة... فجأة نظرَ صالح بدهشةٍ إلى صاحبهِ وقد بدا مصدومًا.
- بماذا أشْعلُها؟
تبادلا النظرات المُحيّرة وملامح الخيبة على وجهيهما، تناوبا تلك النظرات برتابةٍ لفترةٍ ثم أدرك إدريس مغزى نظرة صالح فسارع القول بنبرةٍ حاسمة...
- أقسم بالسماء والأرض، لن أُجازف مرَّة أخرى حتى لو...
قاطعه صالح...
- لا تقسم أرجوك... سوف أروي لك قصتنا بكلِّ أسرارها التي لا تتَخيَّلها.
توقفَ إدريس ونظر إلى صالح ثم تساءل سرًا في داخله˝ هل يستحق الأمر ذلك؟˝
أمسكَ صالح إدريس من يدهِ وأضافَ بحماسٍ شديد...
- لو أشْعلتُ السيجارة ودخنتُها الليلة أُقْسم لك بأنك ستسمع مني فقط ما يعلمه الله وحده... فيمّا بيني وبين جوري.
- هل تروي لي كلّ شيء بالتفصيل؟
سأل إدريس بنغمةِ شغف وفضول.
- كلَّ ما يعلم به الله؟
ردَّ صالح وما زال يقبض بالسيجارة بين أصابعه...
- كلّ ما يعلم به الله... حتى ما يجري في الفراش بينكُما؟
الغانية والبحر
رواية | أحمد جمعة
#معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب2024
#اسكرايب #اقرأ #جدد_مكتبتك 📚 . ❝
❞ من رواية ˝القرنفل التبريزي أبو العلاء المعري وخليله˝
- حدثني عن الشكّ أبي العلاء، أما زلتَ بين الريبة واليقين؟ يُخَيَّل إليّ أنك بمنعطف السبيل إلى السداد، وكم تستغرق سفرة بلوغ مرفأ الحقيقة؟
˝إنّ حزناً في ساعة الموت، أضعاف سرورٍ في ساعةِ الميلادِ، أمر الإله واختلف الناسُ، فداعٍ إلى ضلال وهادٍ، واللبيبُ اللبيبُ من ليس يغترُّ بكونٍ مصيره للفساد، يأتي على الخلق إصباحٌ وإمساء وكلّنا لصروف الدهر نسّاءٌ، نالوا قليلاً من اللذات وارتحلوا، فإذاً النعماء بَأْسَاءٌ˝✍️ . ❝
❞ رواية شاي مع ماريو فيتالي للكاتب البحريني أحمد جمعة.
بقلم/ شيرين رضا
العمل الروائي ما هو إلا نسيج لغوي تتشابك طبقاته حسب المقومات التي يتم بناء الصراع الدرامي عليها والتي من خلالها نرى ايديولوچية الرواية المعاصرة.
فبعض النصوص تأتي محملة بشفرات ودلالات عديدة، تضعنا أمام مناوئة حادة بيننا وبين أنفسنا، فنصارعها بعقل يقظ، يجعلنا نصل معها إلى النهاية. وقد امتاز العمل الروائي بحمله كافة الأسلحة المعرفية والثقافية، التي تحفو عقولنا للوصول إليها. ونحنُ بصدد عمل مغاير للاستنتاجات الأولى له حيث يضعنا أمام المعايير والسمات الوظيفية للنص الروائي.
ولكي نصل لتلك الأساسيات الوظيفية علينا دراسة أهم المقومات التي يرشدنا إليها النص والعناصر التي استنبطتها الرواية المعاصرة.
فصناعة العمل الروائي بحاجة لوحدات مترابطة من العناصر اللغوية والأسلوبية والصور الفنية التي ترسم ملامحها عن طريق الحبكة الدرامية.
شاي مع ماريو فيتالي هو عمل أدبي ذات وحدة متكاملة، ينتمي إلى منهجية النصوص الطويلة التي تملك دلالات زمانية ومكانية، وعناصر زاخرة بالمعطيات الدرامية والأسلوبية واللغوية للنص الدرامي، كما أمتلك طبيعة سردية شملت البُعد الاجتماعي لكل شخصية، وتصاعدها تدريجيا حيث استخدم الكاتب صيغة الفعل الماضي في السرد - انتقال الأحداث من زمان لمكان حسب التصاعد التدريجي لسلوك الشخصيات زائد المعطيات الفنية الخاصة بدراما العمل؛ فيقدم لنا دراسة كاملة لنص أدبي شمل داخله واحدة من لسانيات اللغة السردية.
ومن سمات العمل الروائي أنه يعمل على إعادة هيكلة النص السردي ويضع ضوابط تمكن القارئ من وقوفه على قارعة الطريق لينقل لنا صورة كاملة عن طريق إزالة العوائق التي تُحيل بينه وبين مفهومية النص . ❝