█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ﴿3 رمضان - الحديث الخامس﴾
عن واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: لا تَزالونَ بخَيرٍ ما دامَ فيكُم مَن رآني وصاحَبَني، واللَّهِ لا تزالونَ بخَيرٍ ما دامَ فيكُم مَن رأى مَن رآني وصاحبَ مَن صاحَبَني، واللَّهِ لا تزالونَ بخَيرٍ ما دامَ فيكُم مَن رأى مَن رأى مَن رآني وصاحَبَ مَن صاحَبَ مَن صاحَبَني .
********** الشرح **********
وهذا الحديث آية في الدلالة والبيان على أنَّ المؤمنين من أصحاب العصور الذهبيَّة الثلاثة معدَّلون بتعديل رسول الله ﷺ وأنَّ عدالتهم مطلقة لا يشوب ذلك شك، فقوله: ˝لا تَزالونَ بخَيرٍ ما دامَ فيكُم مَن رآني وصاحَبَني˝؛ لأنَّه بمثابة خليفةٍ لرسول الله ﷺ في الوعظ والعلم، فالنَّاس لا تزال بخير ما دام فيهم صحابيٌّ يُرشدهم بإرشاد رسول الله ﷺ ويعلمهم من علم رسول الله ﷺ، وكأن رسول الله ﷺ يقول: عليكم بهم والزموهم والزموا فتاويهم، ولا تبارحوهم في حال الشبهات وتحكِّموا عقولكم للبحث عن الفتاوى، فهؤلاء يكفونكم مؤونة ذلك، فحكمهم من حكمي، ورأيهم من رأي، وعلمهم من علمي، فعليكم بهم.
ثمَّ يظنُّ السامع أنَّ الخير سينتهي مع انتهاء جيل الصحابة الكرام، فيقسم رسول الله ﷺ ويقول: ˝واللَّهِ لا تزالونَ بخَيرٍ ما دامَ فيكُم مَن رأى مَن رآني وصاحبَ مَن صاحَبَني˝ أي: لا تزالون بخير ما دام فيكم تابعيٌّ، فاتَّبعوا
فتاويه فعلمه من علم أصحابي وعلم أصحابي من علمي فالزموهم، ثم يعيد رسول الله ﷺ ويُقسم مرَّة أخرى ويقول: ˝واللَّهِ لا تزالونَ بخَيرٍ ما دامَ فيكُم مَن رأى مَن رأى مَن رآني وصاحَبَ مَن صاحَبَ مَن صاحَبَني˝ فيذكر ﷺ الجيل الثالث وهم أتباع التابعين، أي: الزموهم واقتدوا بهم، فعلمهم من علم من تبع أصحابي، وعلم من تبع أصحابي من علم أصحابي، وعلم أصحابي من علمي، فالزموهم والزموا فتاويه فهم خير أهل الأرض فالزموهم.
فلاحظ معي أنَّ النبي ﷺ أقسم بالله، وهذا القسم لم يقسمه حال ذكره للصحابة، لأنَّه بعلمُ قدر الصحابة عند النَّاس، ولكنَّه أقسم على فضل التابعين وأتباعهم، توكيدا للأمر، وليُبيِّن لكَ أيها القارئ الكريم أنَّ التابعين وأتباعهم هم من رسول الله ﷺ وإليه، وأنَّ عدالتهم لا يشوبها شك، وإلَّا فلما كل هذه الأحاديث والأخبار في فضلهم؟ ولما يقسم رسول الله ﷺ؟ وعليه فيجب على العاقل أن يتفطَّن لفضل التابعين، وأن لا يقارنهم بمن بعدهم.
كما يُنبئُ الحديث أنَّ الخير مازال مادام في أرض من تبع تابعيًّا، ثمَّ يكثر الكذب وشهادة الزور ويقل العلم بعدهم كما في الأحاديث السابقة، فهؤلاء وجودهم بركة وكلامهم حكمة، وهم على العدالة الأصلية المطلقة،
فإن سمعت بتابعيٍّ فاشهد له بالعدالة، ويبقى الأمر على أصله وأنهم معدَّلون بتعديل رسول الله ﷺ حتَّى يأتي صارف يصرفهم من مُطلق عدالتهم إلى غير ذلك.
ولنا إن شاء الله تعالى رسالة ستكون تحت اسم ˝عدالة التابعين المطلقة˝، ونفصل فيها مسألة عدد رجال طبقات السند بين الغربة والعزة والشهرة والاستفاضة والتواتر، ونبين فيها بالأدلة أنَّ الحكم يكون بعد العصور الذهبية، بأدلَّة واضحة صريحة إن شاء الله تعالى.
وفي الحديث: أنَّ الخير كل الخير، في العصور الذهبية الثلاثة.
وفي الحديث: تعديل من رسول الله ﷺ لمؤمني هذه العصور المبجلَّة . ❝