█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ قال صديقي في شماتة وقد تصور أنه أمسكني من عنقي وأنه لامهرب لي هذه المرة: أنتم تقولون إن الله يجري كل شيء في مملكته بقضاء وقدر، وإن الله قدر علينا أفعالنا ، فإذا كان هذا هو حالي ، وأن أفعالي كلها مقدرة عنده فلماذا يحاسبني عليها ؟ لا تقل لي كعادتك .. أنا مخير .. فليس هناك قرية أكبر من هذه القرية ودعني أسألك: هل خيرت في ميلادي وجنسي وطولي وعرضي ولوني ووطني هل باختياري تشرق الشمس ويغرب القمر ؟ هل باختياري ينزل على القضاء ويفاجئني الموت وأقع في المأساة فلا أحد مخرجاً إلا الجريمة.. لماذا يكرهني الله على فعل ثم يؤاخذني عليه ؟ وإذا قلت إنك حر ، وإن لك مشيئة إلى حوار مشيئة الله ألا تشرك بهذا الكلام وتقع في القول بتعدد المشبنات ؟ ثم ما قولك في حكم البيئة والظروف ، وفي الحتميات التي يقول بها الماديون التاريخيون ؟
أطلق صاحبي هذه الرصاصات ثم راح يتنفس الصعداء في راحة وقد تصور أني توفيت وانتهيت ، ولم يبق أمامه إلا استحضار الكفن..
قلت له في هدوء: أنت واقع في عدة مغالطات .. فأفعالك معلومة عند الله في كتابه ، ولكنها ليست مقدورة عليك بالإكراه .. إنها مقدرة في علمه فقط .. كما تقدر أنت بعلمك أن ابنك سوف يزني .. ثم يحدث أن يزني بالفعل .. فهل أكرهته .. أو كان هذا تقديراً في العلم وقد أصاب علمك..
أما كلامك عن الحرية بأنها قرية ، وتدليلك على ذلك بأنك لم تخير في ميلادك ولا في جنسك ولا في طولك ولا في لونك ولا في موطنك ، وأنك لا تملك نقل الشمس من مكانها .. هو تخليط آخر.. وسبب التخليط هذه المرة أنك تتصور الحرية بالطريقة غير تلك التي نتصورها نحن المؤمنين.. أنت تتكلم عن حرية مطلقة .. فتقول .. أكنت أستطيع أن أخلق نفسي أبيض أو أسود أو طويلا أو قصيراً .. هل بإمكاني أن أنقل الشمس من مكانها أو أوقفها في مدارها .. أين حريتي ؟.
ونحن نقول له : أنت تسأل عن حرية مطلقة .. حرية التصرف في الكون وهذه ملك لله وحده .. نحن أيضا لا نقول بهذه الحرية { ورثك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخبرة } 68 سورة القصص ليس لأحد الخيرة في مسألة الخلق ، لأن الله هو الذي يخلق ما بشاء ويختار..
ولن يحاسبك الله على قصرك ولن يعاتبك على طولك ولن يعاقبك لانك لم توقف الشمس عن مدارها . ❝