█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ تتمة غزوة الخندق ...
ولما طالت هذه الحال على المسلمين ، أراد رسول الله ﷺ أن يُصالح عيينة بن حِصنٍ ، والحارث بن عوف رئيسي غَطَفَان ، على تُلثِ ثِمار المدينة ، وينصرفا بقومهما ، وجرت المراوضة على ذلك ، فاستشار السَّعدين في ذلك ، فقالا : يا رسول الله ، إن كان الله أمَرَك بهذا ، فسمعاً وطاعة ، وإن كان شيئاً تصنعه لنا ، فلا حاجة لنا فيه ، لقد كُنا نحن وهؤلاء القومُ على الشّرك باللهِ وعِبادة الأوثان ، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعاً ، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك ، تعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف ، فصوَّبَ رأيهما ، وقال ﷺ ( إِنَّمَا هُوَ شَيء أَصْنَعُهُ لَكُمْ لَمَّا رَأَيْتُ العَرَبَ قَدْ رَمَتْكُم عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ ) ، ثم إن الله عز وجل - وله الحمد - صنع أمراً من عنده خَذَلَ به العدو وهزم جموعهم وفَلَّ حدهم ، فكان مما هيا ذلك ، أن رجلاً مِن غَطَفَان يُقَال له : نُعَيْمُ بن مسعود بن عامر رضي الله عنه ، جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: یا رسول الله ! إني قد أسلمتُ ، فمُرني بما شئت ، فقال رسول الله ﷺ ( إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ وَاحِدٌ ، فَخَدِّلْ عَنَّا مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّ الحَرْبَ خَدْعَة ) ، فذهب من فوره ذلك إلى بني قريظة ، وكانت عشيراً لهم في الجاهلية فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه ، فقال : يا بني قريظة إنكم قد حاربتُم محمداً ، وإن قريشاً إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا انشمَرُوا إلى بلادهم راجعين وتركُوكُم ومحمداً ، فانتقم منكم ، قالوا : فما العمل يا نُعيم ؟ قال : لا تُقاتِلُوا معهم حتى يُعطوكم رهائن ، قالوا : لقد أشرتَ بالرأي ، ثم مضى على وجهه إلى قريش ، فقال لهم : تعلمون وُدّي لكم ، ونُصحي لكم ، قالوا : نعم ، قال : إن يهود قد نَدِمُوا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه ، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثمَّ يُمالِئُونه عليكم ، فإن سألوكم رهائن ، فلا تعطوهم ، ثم ذهب إلى غَطَفَانَ ، فقال لهم مِثْلَ ذلِكَ ، فلما كان ليلة السبت من شوال بعثوا إلى اليهود إنا لسنا بأرض مقام ، وقد هلك الكُراعُ والخُفُ ، فانهضُوا بنا حتى ننَاجِزَ محمداً ، فأرسل إليهم اليهود : إن اليوم يوم السبت ، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا هذا فإنا لا نُقاتِلُ معكم حتى تبعثوا إلينا رَهائِنَ ، فلما جاءتهم رُسُلُهم بذلك ، قالت قريش : صدقَكُم والله نعيم ، فبعثوا إلى يهود : إنا والله لا نُرسل إليكم أحداً ، فاخرجُوا معنا حتى نُناجِزَ محمداً ، فقالت قريظة : صدقكم والله نعيم ، فتخاذل الفريقان ، وأرسل الله على المشركين جنداً الريح ، فجعلتْ تُقوِّضُ خِيامهم ، ولا تَدَعُ لهم قدراً إِلَّا كَفَاتُها ولا طُنُباً إلَّا قَلَعَتْه ولا يَقِرُّ لهم قرار ، وجند الله من الملائكة يزلزلونهم ويُلقون في قلوبهم الرُّعْبَ والخوف ، وأرسل رسولُ اللهِ ﷺ حذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم ، فوجدهم على هذه الحال ، وقد تهيؤوا للرحيل ، فرجع إلى رسول الله ﷺ برحيل القوم ، فأصبح رسول الله ﷺ وقد ردَّ اللهُ عدوه بغيظه لم ينالوا خيراً وكفاه الله قتالهم ، فصدق وعده ، وأعز جنده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، فدخل المدينة ووضع السلاح ، فجاءه جبريل عليه السلام وهو يغتسل في بيت أم سلمة ، فقال : أَوَضَعْتُمُ السَّلاحَ ، إِنَّ المَلائِكَةَ لَمْ تَضَعْ بَعْدُ أَسْلِحَتَهَا انْهَضْ إِلَى غَزْوَةِ هؤلاء ، يَعْنِي بني قُرَيْظَةَ ، فَنَادَى رَسُولُ الله ﷺ ( مَن كَانَ سَامِعاً مُطِيعاً ، فَلَا يُصَلِّيَنَّ العَصْرَ إِلَّا في بني قُرَيْظَةَ ) ، فخرج المسلمون سراعاً ، وكان من أمره ﷺ وأمر بني قريظة ما قدمناه ، واستشهد يوم الخندق ويومَ قريظة نحو عشرة من المسلمين . ❝