█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ *قلبُ محطم*
في ليلة من ليالي أكتوبر، الدمار أحتل المكان بأكملهِ، قذف في كل مكان؛ حتى انهدمت البيوت، حتى صِرنا بلا مسكن يأوينا، في هذه اللحظة احتضنت دُميتي بيدي؛ لأشعر بذلك الأمان الذي افتقدته منذ حطام كل شيء من حولي، تساقطت الجدران، أسير خطوة تلو الأخرى، ويلحق بي أخي الصغير، وهو لا يدرك ماذا يحدث؟
كنا أطفال لا ندرك شيء غير اللعب الذي انحرمنا منه، ولكن هذا الدمار جعلنا ندرك كل شيء، البشر في كل مكان، وكأن زلزال قذف الأرض سريعًا؛ لتصبح هلاكًا لأرواحنا قبل بيوتنا، ذلك المنزل المتهالك الذي نحتمي به من تلاطم أرواحنا، منظر بشع الدماء في كل مكان، قلبي يتقافز من الهلع والخوف، أتجه يمينًا ويسارًا أبحث عن عائلتي، نظرت بعيدًا، رأيت ما لم أتوقعه، صدمةٌ حلت بقلبي المحطم من ذلك المشهد، اقترب من ذلك المكان الذي سُلط عليه نظري، وأدعوا ٱلله أن تكون رؤيتي خاطئة، اقترب ودقات قلبي تتزايد تدريجيًا؛ حتى وصلت إلى تلك النقطة، رأيت أبي ملطخ بالدماء، وأمي بجانبه، تسارعت عينايَ لتذرف دمًا على فراقهم، أعلم إنهم شهداء عند الله، ولكن كيف احتمل مسئولية أخي وأنا صغيرة هٰكذا؟
لا يوجد من يراعنا سوى ٱلله، بكيت بشدة حتى تسارعت عبراتي على وجنتي، لا أعرف ماذا أقول لأخي، يكثر السؤال ويقول لي: لماذا أمي لا تُحادثني؟
وأبي أيضًا، أفعلت شيء يزعجهم مني؟
لم أجد جواب لهذا الموقف غير دموعي، احتضنت أخي بشدة؛ ليشعر بالأمان الذي افتقدناه، جففت عبراته وابتسمت في وجهه، والنيران تأكل قلبي، وقلت له: لا تبكي يا صغيري فأمي وأبي يشعرون بما نفعل الآن، ابتسم يا صغيري وأدعي لهم بالرحمة؛ فكل شيء سيبقي على ما يرام، حينها رأيت ابتسامته وإيمائه لي وكأنه يدرك ما يحدث لنا، في ذلك الوقت شعرت بالمسئولية نحو أخي، ودعوت ٱلله أن يحفظ لي أخي، ويجعلني ثابتة حتى أرعاه.
گ/إنجي محمد˝بنت الأزهر˝ . ❝