📘 ❞ التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا ❝ كتاب ــ يوسف القرضاوي اصدار 1992

كتب إسلامية متنوعة - 📖 ❞ كتاب التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا ❝ ــ يوسف القرضاوي 📖

█ _ يوسف القرضاوي 1992 حصريا كتاب التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا عن مكتبة وهبة 2024 البنا: تمهيد: أرأيت إلى الأرض الخاشعة الهامدة ينزل الله عليها الماء فتهتز وتربو وتحيا بعد موتها وتنبت من كل زوج بهيج! كذلك كانت الأمة منتصف القرن الرابع عشر الهجري وقبل ظهور حركة الإخوان المسلمين: دُمرت الخلافة وهي آخر مظهر للتجمع تحت راية العقيدة ومُزِّق الوطن الإسلامي شر ممزق بين براثن المستعمرين بريطانيين وفرنسيين وغيرهم حتى هولندا التي لم تكن تتجاوز بضعة ملايين تحكم نحو مائة مليون أندونيسيا! وعُطِّلت أحكام الإسلام واتُخذ القرآن مهجورًا وسيطرت القوانين الوضعية والتقاليد الغربية والقيم الأجنبية حياة المسلمين وبخاصة الطبقة المثقفة منهم نتيجة لهيمنة الاستعمار الكافر أزِمَّة التعليم والتوجيه والتأثير فتخرَّجت أجيال تحمل أسماء إسلامية وعقولًا أوروبية وانضم هذا الفساد الذي وفد مع الدخيل خلَّفته عصور الانحطاط والتخلف فازداد الطين بلة والداء علة وشاء تكفَّل بحفظ وبقاء وإظهاره الدين كله أن يجدد لهذا شبابه ويعيد لجسد هذه الهامد رُوحه وحياته جديد فكانت دعوة وكان مؤسس الحركة «الكبرى» مضى خمسون عامًا تركت فيها «بصمات» وآثارًا مجال وفي مكان داخلَ العالم وخارجه ولستُ أكتب الصحائف مؤرِّخًا لحركة ومبلغ تأثيرها الحياة المصرية والعربية والإسلامية فهذا جهد ينوء به فرد مهما قدرته ووسائله وإنما هو واجب الجماعة فرَّطت فيه اليوم وإن الضربات المتلاحقة أصابت العهود تجعل لها بعض العُذر لا كُلَّه إنما هنا جانب واحد جوانب الضخمة وهو: كما فهمه وكما طبَّقوه ولست أحاول الاستقصاء والإحاطة أكتفي بإبراز المعْلَم وإعطاء الملامح تكفي لإيضاح فكرة وجهودها ممارستها ونقلها واقع حيٍّ يتمثل بشر أحياء ولا يخفى دارس أو مراقب تمثل الدرجة الأولى مدرسة نموذجية ناجحة للتربية الحقة وأن أهم ما حققته تكوين جيل مسلم يفهم فهمًا صحيحًا ويؤمن إيمانًا عميقًا ويعمل نفسه وأهله ويجاهد لإعلاء كلمته وتحكيم شريعته وتوحيد أمته وقد ساعد النجاح جملة عوامل: 1 إيمان يتزعزع بأن هي الوسيلة الفذة لتغيير المجتمع وبناء الرجال وتحقيق الآمال إمام الشهيد يعلم طريق بعيدة الشُّقَّة طويلة المراحل كثيرة المشاقّ ولا يصبر طولها ومتاعبها إلا القليل الناس أولي العزم ولكنه كان كذلك علم اليقين أنها وحدها الطريق الموصلة غيرها فلا بديل غنى عنها؛ سلكها النبي صلى عليه وسلم فكوَّن بها الجيل الرباني النموذجي تر عين الدنيا مثله والذي تولَّى ذلك تربية الشعوب وقيادتها الحق والخير 2 منهاج محدَّد الأهداف واضح الخطوات معلوم المصادر متكامل الجوانب متنوع الأساليب قائم فلسفة بيِّنة المفاهيم مستمدَّة دون سواه 3 جو جماعي إيجابي هيَّأته شأنه يعين أخ يحيا الإيحاء والقدوة والمشاركة الوجدانية والعملية والمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه ضعيف بمفرده قويٌّ بجماعته فالجماعة قوة الخير والطاعة وعصمة الشر والمعصية الحديث: «يد الجماعة» «وإنما يأكل الذئب الغنم القاصية» 4 قائد مربٍّ بفطرته وبثقافته وبخبرته وهبه شحنة إيمانية نفسية غير معتادة أثَّرت قلوب مَن اتصل وأفاض قلبه حوله أشبه بـ «المولِّد» «الدينامو» ملأ منه الآخرون «بطاريات» قلوبهم والكلام إذا خرج القلب دخل القلوب بغير استئذان وإذا اللسان يجاوز الآذان فصاحب الحي يؤثِّر مستمعيه ومريديه أما صاحب الميت؛ يستطيع يُحيي قلب غيره ففاقد الشيء يعطيه وليست النائحة كالثكلي 5 عدد المربِّين المخلصين الأقوياء الأمناء آمنوا بطريقة القائد ونسجوا منواله أثروا تلاميذهم ثم أصبح هؤلاء أساتذة لمن بعدهم وهكذا ولست أعني بالمربِّين هنا: خريجي المعاهد العليا حملة الماجستير والدكتوراه أناسًا ذوي «شحنة» عالية الإيمان وقوة الروح وصفاء النفس وصلابة الإرادة وسعة العاطفة والقدرة التأثير الآخرين وربما أحد مهندسًا موظفًا بسيطًا تاجرًا عاملًا ممن علاقة له بدراسة أصول مناهجها 6 وسائل مرنة متنوعة بعضها فردي وبعضها نظري عملي عقلي عاطفي سلبي دروس خطب محاضرات ندوات أحاديث فردية ومن شعارات تحفظ هتافات تدوِّي أناشيد تؤثِّر بكلماتها ولحنها ونغمها لقاءات دورية لمجموعات مختارة البيوت القراءة والثقافة والعبادة والأخوَّة سميت مجموعة منها «أسرة» إيحاءً بمعنى الألفة والمودة أبناء العائلة الواحدة أخرى شعبة غالبًا موعدها الليل تتجدد العقول بالثقافة والقلوب بالعبادة والأجسام بالرياضة وسميت «الكتيبة» إيحاء الجهاد الوسائل والطرائق تهدف بناء الإنسان المسلم المتكامل وكل إنما تتكيَّف بحسب الغاية الحيوانات فالبقرة تربَّى للبن تربي للحم للحرث وكذلك والتربية فتربية الوجودي الشيوعي وهما البورجوازي الرأسمالي وكلها وتربية التقليدي الإيجابي مجتمع يحكمه وتسيطر تعاليم مجتمعات تصطرع الجاهلية والإسلام ويتنازعها الكفر والإيمان والتحلل والالتزام أجل إن يكتفي بالصلاة والصيام والذكر والدعاء ذكر أمامه حال والمسلمين اقتصر الحوقلة والاسترجاع يغلي صدره غِيرة القِدْر فوق النار ويذوب أسى يذوب المِلْح يحوِّل الأسى وتلك الغيرة دافعة للعمل وانطلاقة باعثة التغيير هذا المنشود يستسلم للواقع بل يعمل تغييره أمر يعتذر بالقضاء والقدر يؤمن بأنه قضاء الغالب وقدرة يُرَدّ إنه لإقامة رسالة أمة وإحياء حضارة «رسالة امتدت طولًا شملت آماد الزمن وامتدت عرضًا انتظمت آفاق الأمم عمقًا استوعبت شئون والآخرة»(1) وأمة خصها بخير أنزل وأعظم نبي أرسل جعلها خيرَ أمَّة أُخرجت للناس وجعلها وسطًا شيء وأهَّلها للأستاذية والشهادة وحضارة ربانية إنسانية عالمية أخلاقية جمعت العلم ومزجت المادة والروح ووازنت والآخرة وحفظت للإنسان خصائص وكرامة كانت المهمة الإخوان؛ لأنه وحده أساس ومحور الصلاح والإصلاح أمل استئناف قيام دولة تطبيق قوانين بغيره وكان فهم وتطبيقهم بارزة ومميزات ظاهرة أهمها: التأكيد الربانية التكامل والشمول الاعتدال والتوازن الإيجابية والبناء الأخوة الجماعية التميز والاستقلال وسنحاول نخص كلًّا بحديث بقدر يتسع المقام وبالله التوفيق د كتب مجاناً PDF اونلاين المنهج وضعه سبحانه وتعالى كي يستقيموا وتكون حياتهم مبنيةً بيَّنه رسوله وسلّم لهم وإنّ للإسلام المبادئ والأُسس يجب يكون مسلماً بحق الالتزام اركان كتب فقه وتفسير وعلوم قرآن وشبهات وردود وملل ونحل ومجلات الأبحاث والرسائل العلمية, التفسير, الثقافة الاسلامية, الحديث الشريف والتراجم, الدعوة والدفاع الإسلام, الرحلات والمذكرات والكثير

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا
كتاب

التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا

ــ يوسف القرضاوي

صدر 1992م عن مكتبة وهبة
التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا
كتاب

التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا

ــ يوسف القرضاوي

صدر 1992م عن مكتبة وهبة
مجاني للتحميل
عن كتاب التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا:
تمهيد:

أرأيت إلى الأرض الخاشعة الهامدة، ينزل الله عليها الماء، فتهتز وتربو وتحيا بعد موتها، وتنبت من كل زوج بهيج!

كذلك كانت الأمة الإسلامية في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقبل ظهور حركة الإخوان المسلمين: دُمرت الخلافة، وهي آخر مظهر للتجمع تحت راية العقيدة الإسلامية، ومُزِّق الوطن الإسلامي شر ممزق بين براثن المستعمرين، من بريطانيين وفرنسيين وغيرهم، حتى هولندا التي لم تكن تتجاوز بضعة ملايين، كانت تحكم نحو مائة مليون في أندونيسيا! وعُطِّلت أحكام الإسلام، واتُخذ القرآن مهجورًا، وسيطرت القوانين الوضعية والتقاليد الغربية، والقيم الأجنبية على حياة المسلمين، وبخاصة الطبقة المثقفة منهم، نتيجة لهيمنة الاستعمار الكافر على أزِمَّة التعليم والتوجيه والتأثير، فتخرَّجت أجيال، تحمل أسماء إسلامية، وعقولًا أوروبية.

وانضم هذا الفساد الذي وفد مع الاستعمار الدخيل، إلى الفساد الذي خلَّفته عصور الانحطاط والتخلف، فازداد الطين بلة، والداء علة. وشاء الله الذي تكفَّل بحفظ القرآن، وبقاء الإسلام، وإظهاره على الدين كله، أن يجدد لهذا الدين شبابه، ويعيد لجسد هذه الأمة الهامد رُوحه وحياته من جديد. فكانت دعوة الإخوان المسلمين، وكان حسن البنا مؤسس هذه الحركة «الكبرى»، التي مضى عليها خمسون عامًا، تركت فيها «بصمات» وآثارًا في كل مجال، وفي كل مكان، داخلَ العالم الإسلامي وخارجه.

ولستُ أكتب هذه الصحائف مؤرِّخًا لحركة الإخوان ومبلغ تأثيرها في الحياة المصرية والعربية والإسلامية، فهذا جهد ينوء به فرد، مهما تكن قدرته ووسائله. وإنما هو واجب الجماعة الذي فرَّطت فيه حتى اليوم، وإن كانت الضربات المتلاحقة التي أصابت الجماعة في كل العهود، تجعل لها بعض العُذر لا كُلَّه.

إنما أكتب هنا عن جانب واحد من جوانب هذه الحركة الضخمة، وهو: جانب التربية، كما فهمه الإخوان من الإسلام، وكما طبَّقوه، ولست أحاول هنا الاستقصاء والإحاطة، وإنما أكتفي بإبراز المعْلَم، وإعطاء الملامح، التي تكفي لإيضاح فكرة الجماعة عن التربية وجهودها في ممارستها، ونقلها إلى واقع حيٍّ يتمثل في بشر أحياء.

ولا يخفى على دارس أو مراقب أن حركة الإخوان تمثل - في الدرجة الأولى - مدرسة نموذجية ناجحة للتربية الإسلامية الحقة، وأن أهم ما حققته هو تكوين جيل مسلم جديد، يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا، ويؤمن به إيمانًا عميقًا، ويعمل به في نفسه وأهله ويجاهد لإعلاء كلمته، وتحكيم شريعته، وتوحيد أمته.

وقد ساعد على هذا النجاح جملة عوامل:

1- إيمان لا يتزعزع بأن التربية هي الوسيلة الفذة لتغيير المجتمع، وبناء الرجال، وتحقيق الآمال، وكان إمام الجماعة الشهيد حسن البنا يعلم أن طريق التربية بعيدة الشُّقَّة، طويلة المراحل، كثيرة المشاقّ، ولا يصبر على طولها ومتاعبها إلا القليل من الناس من أولي العزم، ولكنه كان يعلم كذلك علم اليقين، أنها وحدها الطريق الموصلة، لا طريق غيرها، فلا بديل لها، ولا غنى عنها؛ وهي الطريق التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم، فكوَّن بها الجيل الرباني النموذجي، الذي لم تر عين الدنيا مثله، والذي تولَّى بعد ذلك تربية الشعوب وقيادتها إلى الحق والخير.

2- منهاج للتربية محدَّد الأهداف، واضح الخطوات، معلوم المصادر، متكامل الجوانب، متنوع الأساليب، قائم على فلسفة بيِّنة المفاهيم، مستمدَّة من الإسلام دون سواه.

3- جو جماعي إيجابي هيَّأته الجماعة، من شأنه أن يعين كل أخ مسلم على أن يحيا حياة إسلامية عن طريق الإيحاء والقدوة، والمشاركة الوجدانية والعملية، والمرء قليل بنفسه، كثير بإخوانه، ضعيف بمفرده، قويٌّ بجماعته، فالجماعة قوة على الخير والطاعة، وعصمة من الشر والمعصية، وفي الحديث: «يد الله مع الجماعة»، «وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية».

4- قائد مربٍّ بفطرته، وبثقافته، وبخبرته. وهبه الله شحنة إيمانية نفسية غير معتادة، أثَّرت في قلوب مَن اتصل به، وأفاض من قلبه على قلوب من حوله، وكان أشبه بـ «المولِّد» أو «الدينامو» الذي ملأ منه الآخرون «بطاريات» قلوبهم. والكلام إذا خرج من القلب دخل القلوب بغير استئذان، وإذا خرج من اللسان لم يجاوز الآذان. فصاحب القلب الحي هو الذي يؤثِّر في مستمعيه ومريديه، أما صاحب القلب الميت؛ فلا يستطيع أن يُحيي قلب غيره، ففاقد الشيء لا يعطيه، وليست النائحة كالثكلي.

5- عدد من المربِّين المخلصين، الأقوياء الأمناء، آمنوا بطريقة القائد، ونسجوا على منواله، أثروا في تلاميذهم، ثم أصبح هؤلاء أساتذة لمن بعدهم .. وهكذا.

ولست أعني بالمربِّين هنا: خريجي المعاهد العليا للتربية، أو حملة الماجستير والدكتوراه فيها، وإنما أعني أناسًا ذوي «شحنة» عالية من الإيمان، وقوة الروح، وصفاء النفس، وصلابة الإرادة، وسعة العاطفة، والقدرة على التأثير في الآخرين .. وربما كان أحد هؤلاء مهندسًا أو موظفًا بسيطًا أو تاجرًا أو عاملًا، ممن لا علاقة له بدراسة أصول التربية أو مناهجها.

6- وسائل مرنة متنوعة، بعضها فردي، وبعضها جماعي، بعضها نظري، وبعضها عملي، بعضها عقلي، بعضها عاطفي، بعضها إيجابي، وبعضها سلبي، من دروس إلى خطب، إلى محاضرات، إلى ندوات، إلى أحاديث فردية، ومن شعارات تحفظ، إلى هتافات تدوِّي، إلى أناشيد تؤثِّر بكلماتها ولحنها ونغمها.. ومن لقاءات دورية لمجموعات مختارة في البيوت على القراءة والثقافة والعبادة والأخوَّة، سميت كل مجموعة منها «أسرة» إيحاءً بمعنى الألفة والمودة بين أبناء العائلة الواحدة، إلى لقاءات أخرى في شعبة الجماعة غالبًا، موعدها الليل، تتجدد فيها العقول بالثقافة، والقلوب بالعبادة، والأجسام بالرياضة، وسميت هذه «الكتيبة»، إيحاء بمعنى الجهاد، إلى غير ذلك من الوسائل والطرائق التي تهدف إلى بناء الإنسان المسلم المتكامل.

وكل تربية إنما تتكيَّف بحسب الغاية منها، حتى في الحيوانات، فالبقرة التي تربَّى للبن، غير التي تربي للحم، غير التي تربي للحرث، وكذلك الإنسان والتربية، فتربية الإنسان الوجودي، غير تربية الإنسان الشيوعي، وهما غير تربية الإنسان البورجوازي، أو الرأسمالي، وكلها غير تربية الإنسان المسلم. وتربية المسلم التقليدي غير تربية المسلم الإيجابي.. تربية المسلم في مجتمع يحكمه القرآن، وتسيطر عليه تعاليم الإسلام، غير تربية المسلم في مجتمعات تصطرع فيها الجاهلية والإسلام، ويتنازعها الكفر والإيمان، والتحلل والالتزام.

أجل.. إن تربية المسلم الذي يكتفي من الإسلام بالصلاة والصيام والذكر والدعاء، وإذا ذكر أمامه حال الإسلام والمسلمين اقتصر على الحوقلة والاسترجاع، غير تربية المسلم الذي يغلي صدره غِيرة على الإسلام، كما يغلي القِدْر فوق النار، ويذوب قلبه أسى على المسلمين كما يذوب المِلْح في الماء، ثم يحوِّل ذلك الأسى وتلك الغيرة إلى قوة دافعة للعمل، وانطلاقة باعثة على التغيير.

هذا هو المسلم المنشود، الذي لا يستسلم للواقع، بل يعمل على تغييره كما أمر الله، ولا يعتذر بالقضاء والقدر، بل يؤمن بأنه هو قضاء الله الغالب، وقدرة الذي لا يُرَدّ. إنه المسلم الذي يعمل لإقامة رسالة، وبناء أمة، وإحياء حضارة. «رسالة امتدت طولًا حتى شملت آماد الزمن، وامتدت عرضًا حتى انتظمت آفاق الأمم، وامتدت عمقًا حتى استوعبت شئون الدنيا والآخرة»(1) .

وأمة خصها الله بخير كتاب أنزل، وأعظم نبي أرسل، جعلها خيرَ أمَّة أُخرجت للناس، وجعلها أمة وسطًا في كل شيء، وأهَّلها للأستاذية والشهادة على الناس.

وحضارة ربانية إنسانية عالمية أخلاقية، جمعت بين العلم والإيمان، ومزجت بين المادة والروح، ووازنت بين الدنيا والآخرة، وحفظت للإنسان خصائص الإنسان، وكرامة الإنسان.

كانت تربية هذا المسلم هي المهمة الأولى لحركة الإخوان؛ لأنه هو وحده أساس التغيير، ومحور الصلاح والإصلاح. ولا أمل في استئناف حياة إسلامية، أو قيام دولة إسلامية، أو تطبيق قوانين إسلامية، بغيره.

وكان للتربية الإسلامية في فهم الإخوان وتطبيقهم خصائص بارزة، ومميزات ظاهرة أهمها: التأكيد على الربانية.. التكامل والشمول.. الاعتدال والتوازن.. الإيجابية والبناء.. الأخوة والروح الجماعية.. التميز والاستقلال.

وسنحاول هنا أن نخص كلًّا منها بحديث، بقدر ما يتسع المقام.. وبالله التوفيق.

د. يوسف القرضاوي
الترتيب:

#7K

0 مشاهدة هذا اليوم

#64K

10 مشاهدة هذا الشهر

#49K

6K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 104.
قراءة أونلاين 📱 تحميل مجاناً
يوسف القرضاوي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
مكتبة وهبة 🏛 الناشر
QR Code
نتيجة البحث