█ _ سليم حسن 2000 حصريا كتاب موسوعة مصر القديمة الجزء الثالث عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2024 الثالث: مدنية ثقافتها الدولة العهد الإهناسي هي تاريخية ضخمة هذه الموسوعة التاريخية القيمة " التي لا غني عنها لكل المتخصصين والدارسين لتاريخ القديم والآثار ولا غنى أيضاً المثقفين الراغبين التزود بالمعرفة لجذور الحضارة تغلغلت بين الشعوب التى تسكن أراضى المنطقة الجغرافية الواسعة الممتدة من إلى بلاد النوبة والسودان وليبيا والمناطق السورية وبلاد النهرين وآسيا الصغرى وجزر البحر المتوسط واليونان كتب تاريخ مجاناً PDF اونلاين هو أطول مستمر لدولة العالم لما يزيد 7000 عام قبل الميلاد حيث تميزت بوجود نهر النيل الذي يشق أرضها والذي اعتبر عامل مساعد لقيام حضارة عريقة بها كما تقع بموقع جغرافي متميز يربط قارتي آسيا وإفريقيا ويرتبط بقارة أوروبا طريق الأبيض كل هذا أدى قيام عرفت بأنها أقدم التاريخ الإنساني
❞ من طرائف قصص المصري القديم أن سفينة كانت في رحلة إلي بلاد بونت غرقت بمن فيها، ونجا من ركابها واحد فقط استطاع العودة،
كان الغريق الناجي قد لجأ إلي جزيرة صغيرة عاش عليها إلي أن أنقذته سفينة أخري عبرت من نفس المكان . ❝
❞ هرب (سنوهيت) بعد فشل المؤامرة وتولي (سنوسرت الأول) حكم مصر، وفي البلاد التي هرب إليها استطاع أن يصل إلي رتب عالية في السلطة هناك، كان المصريون يلقون الاحترام والتبجيل من كل البلاد المجاورة، وكانوا هم أصحاب العلم والمعرفة، فكانوا أينما حلوا مستشارين أكفاء لأي حاكم.
استطاع سنوهيت أن يعلو في البلاد اللتي هاجر إليها حتي اشتاق للعودة، واستطاع التواصل مع الملك إلي أن منحه حق العودة من جديد إلي موطنه مصر.
في عهد هذه الأسرة والتي كان أشهر ملوكها (أمنمحات الأول والثاني والثالث، وسنوسرت الأول والثاني والثالث) بلغت البلاد من القوة والبأس لدرجة أن حدود البلاد التي كانت منتهكة قبلهم قد أصبحت آمنة تماما بل ازدادت حدود سلطة الملك في عهدهم حتي أنهم وسعوا حدود مصر من جميع الجهات، كما أنهم قلصوا من سلطة حكام الأقاليم بشدة وجمعوا السلطة كلها في يد الملك.
اشتهر ملوك هذه الأسرة بكثرة بعوثهم إلي البلاد المجاورة وإلي سيناء بغرض الحصول علي الأحجار بأنواعها المختلفة، وكذلك المعادن المختلفة، وأيضا الأخشاب وكافة المواد التجارية التي كانت مصر تحصل عليها من هذه البلاد.
ارتقت مصر من الناحية المدنية والحضارية في هذا العهد، كان من بين طرائف المصريين في هذه الأيام أن الابن الأكبر يتولي كافة الصلوات الجنازية الخاصة بالأب عند موته، وهو ما يحدث شيء شبيه به الان. ومن بين الطقوس الجنائزية أيضا أن المصريين أيام الأعياد كانوا يزورون المقابر ويوزعون أرغفة الخبز لروح الميت، وهو ما نراه حتي الان في مصر وفي الأعياد أيضا . ❝
❞ استغرق الجزء الحالي كل عصر الأسرتين الثانية عشرة والثالثة عشرة وانتهي هذا العصر بنهاية الأسرتين، وقد كان من أهم ما ورد بهذا الجزء هو سماء ملوك وملكات جديدة تماما لم نكن نعرف عنهم أي شيء قبل التعرف إليهم هنا، فهناك عدد من الملوك يحملون اسم ˝انتف˝ حتي أن الكاتب يصف عصرهم بعصر ˝الأناتفة˝ مثلما نقول عن الملوك الذين حكموا مصر باسم ˝رمسيس˝ عددهم 13 ملك، نطلق علي عصرهم اسم عصر ˝الرعامسة˝، ˝الأناتفة˝ حكام أسهموا إسهام واضح وقوي في تأسيس الدولة المصرية القديمة، لكننا لا نعرف حتي أسماؤهم.
انتهت الأسرة الحادية عشرة بعد حروب واضطرابات داخلية كي تأتي بعدها واحدة من أقوي الأسرات التي حكمت مصر، بدأت هذه الأسرة بعصر الملك (أمنمحات الأول)، في عهد (أمنمحات الأول) جرت ضده مؤامرة من الواضح أنها نجحت في قتله ولكن المتآمرين فشلوا في السيطرة علي السلطة، لأن الملك (سنوسرت الأول) هو من ورث السلطة، واستطاع إعادة الهدوء للبلاد، وفي عهده هرب واحد من المتآمرن وله قصة شهيرة جدا في التاريخ هي قصة (سنوهي، أو سنوهيت) . ❝
❞ الحضارة المصرية القديمة كانت شديدة التفوق في كل شيء، كانت كأنها نبتت في فراغ يشمل العالم، فراغ من التخلف الضحالة والفوضي، في وسط هذا العالم نبتت مصر، نهضت من قلب الطين نشأة لم تتكرر علي مدار التاريخ كله.
لم تكن الحضارة المصرية حضارة مباني وإنشاءات ضخمة فقط، بل هذه الحضارة ما استطاعت أن تنشيء مبانيها ولا معابدها الضخمة إلا بعد أن أنشأت الإنسان الكامل حسب وجهة نظرها للكمال الإنساني في ذلك الزمان،
استطاعت مصر أن تبني الإنسان ثم بني الإنسان هذا الوطن العظيم.
مثل الأدب بفروعه المختلفة واحد من روافد الإبداع في مصر القديمة، فبالرغم مما يشاع عن أن الأدب بفروعه المختلفة هو نتاج حديث إلا أن مصر القديمة كانت لها إسهاماتها العظيمة جدا المبكرة جدا في إنشاء هذا الانواع الأدبية المختلفة من قصة ومسرحية وشعر وغيره.
ويعتقد كثيرون أن الدراما والأشعار الملحمية وغيرها من الفنون قد ابتكرت مع العصر اليوناني،
لكن ذلك يتنافي مع الكشوفات الأثرية التي دلت علي أن المصريين القدماء قد ألفوا في الدراما والتمثيليات بعض المؤلفات التي يمكن قراءتها مثل: الدراما المنفية أو تمثيلية بدء الخليقة. ودراما التتويج،
ودراما انتصار حور علي أعدائه. أما الأغاني والأناشيد فقد ألف المصريون في الأناشيد الدينية والأناشيد الغنائية والغزليات. كما ألف المصريون المدائح لملوكهم في شكل أشعار. كما دون المصريون الأغاني التي كان يدندن بها العمال أثناء تأدية أعمالهم . ❝
❞ الرجل الذي يعمل علي حسب عقل غيره لا ينجح
لا تدخلن بيت غيرك... ولا تمعنن في النظر إلي الشيء المنتقد في بيته؛ إذ يمكن لعينك أن تراه، ولكن الزم الصمت، ولا تتحدثن عنه لآخر في الخارج؛ حتي لا تصبح جريمة كبري تستحق الإعدام عندما تسمع.
إذا كنت ماهرا في الكتابة، فإن الناس أجمع يفعلون كل ما تقوله، إذن خصص نفسك للكتب وضعها في لبك، وبذلك يكون كل ما تقوله ممتازا. كل وظيفة يعين فيها الكاتب فإنه لا بد يستشير فيها الكتب وبذلك يلازمه النجاح، فليس هناك ولد لملاحظ الخزانة ولا وارث لملاحظ الحصن... الوظائف لا أولاد لها... وفي هذه الحالة يحصل عليها الأكفاء الذين تعلموا كثيرا . ❝
❞ مقتطفات من حكم مصر القديمة التي ورثناها عن أدابها.
إن الروح تذهب إلي المكان الذي تعرفه ولا تحيد في مسيرها عن طريق أمسها.
ولو كنت استللت سلاحي بيدي، لكنت جعلت هؤلاء المخنثين يولون الأدبار، ولكن لا شجاع في الليل، ولا أحد يحارب وحيدا، ولا يحرز النصر بدون عضد.
لقد أعطيت الفقير وعلمت اليتيم، وقد جعلت الرجل المغمور الذكر يصل إلي غرضه مثل صاحب المكانة.
تأمل لا شيء يفوق الكتب . ❝
❞ الحضارة المصرية القديمة كانت شديدة التفوق في كل شيء، كانت كأنها نبتت في فراغ يشمل العالم، فراغ من التخلف الضحالة والفوضي، في وسط هذا العالم نبتت مصر، نهضت من قلب الطين نشأة لم تتكرر علي مدار التاريخ كله.
لم تكن الحضارة المصرية حضارة مباني وإنشاءات ضخمة فقط، بل هذه الحضارة ما استطاعت أن تنشيء مبانيها ولا معابدها الضخمة إلا بعد أن أنشأت الإنسان الكامل حسب وجهة نظرها للكمال الإنساني في ذلك الزمان، استطاعت مصر أن تبني الإنسان ثم بني الإنسان هذا الوطن العظيم.
مثل الأدب بفروعه المختلفة واحد من روافد الإبداع في مصر القديمة، فبالرغم مما يشاع عن أن الأدب بفروعه المختلفة هو نتاج حديث إلا أن مصر القديمة كانت لها إسهاماتها العظيمة جدا المبكرة جدا في إنشاء هذا الانواع الأدبية المختلفة من قصة ومسرحية وشعر وغيره . ❝
❞ تستمر حروب الملوك الغرباء بدماء أحيانا تكون مصرية، وإن لم تكن مصرية فالمال من عرق المصريين ومن دمهم أحيانا، استمرت حروب هؤلاء لامتلاك مزيد من الأرض ومد نفوذهم لبلاد سوريا، حتي بلغت الحروب التي وقعت لضم سوراي سبعة حروب.
في الحقيقة لم تكن الحياة المصرية راكدة راضية بحكم الإغريق، بل هناك الكثير من الثورات التي قامت لطرد الإغريق وبعض هذه الثورات كانت تحت قيادة رجال من ذوي الدم الملكي الذين بقوا محاولين إعادة مجد عائلاتهم وأسرهم الحاكمة ومجد بلادهم كما كان.
استغل الرومان اضطراب البلاد وقام سفرائهم بدراسة كل شبر في مصر ومع كثرة الاستعانة بهم لفض خلافات الحكم ووراثته في مصر أصبح لهم كلمة فيمن يحكم ومن لا يحكم،
يكفي أن يساند حاكم روما رجلا إغريقيا كي يصبح حاكما علي البلاد،
وهذا جعل روما ملجأ لكل من شعر بالظلم وكل من اغتصب منه العرش،
وفي النهاية وقعت البلاد تماما في ظل الحكم الروماني كي تبدأ البلاد حلقة جديدة من حلقات الضياع. وكي تبدأ صفحة جديدة من صفحات الحزن الطويل . ❝
❞ لم تكن أحوال مصر تسر أحد في عهد البطالمة، رغم أن بعضهم قد اهتم اهتماما شديدا بالزراعة، فازدادت في عهده رقعة البلاد الزراعية كما اهتم بمشروعات الري وغيرها. غير أن عهد البطالمة بكامله تقريبا كان عهد مذلة للمصريين،
كل هذا بالرغم من محاولات بعض الملوك البطالمة التقرب للكهنة المصريين بالتعبد في المعابد المصرية والاهتمام بآلهة مصر القديمة إرضاء للمصريين.
كانت مشاعر المصريين تتجه نحو كراهية المحتل بلا هوادة، وكان المحتل يشتد في إيذاء الشعب كلما واتته الفرصة بهدف جلب المزيد من أموال الضرائب. وكانت الحروب المستمرة للبطالمة خارج الحدود المصرية، لزيادة أملاكهم ، سببا آخر في شقاء المصريين.
ورغم أن البطالمة استبعدوا تماما المصريين من التجنيد في الجيش للحفاظ علي حالة الاستقرار ومنع حدوث ثورات مسلحة تستهدف اقصائهم عن حكم البلاد، إلا أن بعض حروب البطالمة في سوريا قد اضطرتهم لاستخدام المجندين المصريين، وكان هروب الإغريق من ميدان الحرب وثبات المصريين حتي النصر أمرا حافزا للروح القومية المصرية التي بدأت تتواثب من جديد وتسعي لأداء دورها التاريخي.
من بين أهم الآثار التي خلفها لنا البطالمة معبد فيله، وقد ظل العمل فيه مستمرا لأكثر من قرن كامل من الزمان، واستغرق حياة عددا من حكام البطالمة، وكذلك من أهم الأثار التي خلفها لنا هذا العصر، حجر رشيد، ومن المعروف عن حجر رشيد أنه مكتوب بثلاث لغات، أو بثلاث خطوط مختلفة، وعن طريق مطابقة المكتوب باللغة المصرية القديمة مع اللغة الاغريقية المكتوبة علي نفس الحجر تم فك رموز اللغة المصرية القديمة وطريقة نطقها والتعرف علي معاني كلماتها. وهذا الحجر كان عبارة عن مرسوم ملكي يتضمن بعض القوانين، ومن الطريف أنه يوجد أكثر من حجر يشبه حجر رشيد من حيث وجود كتابة متعددة اللغات تتيح التعرف علي اللغة المصرية من خلالها.
تستمر الأسماء الغريبة في الظهور والانتشار والاستقرار مع غياب الأسماء التي تعودنا عليها ألاف السنين. نجد حاكما وقائدا مثل أنطيوكوس، وإيريجيتيس،
وكليوباترا وغيرهم من القادة والملوك يستقرون في مصر مع الغياب التام لملوك مصر القديمة . ❝
❞ لم ينس المصريون مجدهم ولا عظمة ملوكهم، ووجدوا أن الاحتلال إهانة شديدة لتاريخهم المجيد لذلك قاموا بالعديد من الثورات التي سجلها بعض المؤرخين، إلا أن هذه الثورات تفاوتت شدة وضعفا ولقت من العنف المبالغ فيه ما حكم إرادة الثوار واستتب الأمر في النهاية لملوك البطالمة إلي حين.
استعرض المؤلف في هذا الجزء وكعادته في باقي الأجزاء الأثار التي دلت علي تاريخ الملكين بطليموس الثالث والرابع،
وذكر كل قطعة أمكن الاستشهاد بها مهما كانت صغيرة، وهذه الأثار تغطي أماكن متفرقة في البلاد، وهي أثار متنوعة، فبعضها منشئات كاملة وبعضها مجرد إضافة لمعابد قائمة وبعضها مجرد قطع أثرية لا تلفت نظر أحد غير الأثريين.
في هذا الجزء يستمر الحزن والملل علي ما آلت إليه بلد عظيم وشعب عظيم خلد اسمه في كل كتب التاريخ . ❝
❞ إستطاع الفرس غزو مصر أكثر من مرة، نجحوا أحيانا وفشلوا أحيانا،
بعض هذه المرات كان بعض قادة جيشهم مرتزقة من الإغريق. كما أن الإغريق في أخر الأمر قاموا بطرد الفرس من مصر بدون قتال في عهد الاسكندر
حيث دارت بينهم معارك عيدة في الكثير من البلاد فشل فيها الفرس في الاحتفاظ ببعض قوتهم للبقاء في مصر فتركوها بدون شروط كي تقع في يد الاسكندر الأكبر.
آخر ملوك مصر كان الملك ˝نقطانب الثاني˝ هو آخر من قاوم الفرس من المصريين لكنه سقط ووقعت لبلاد في عهده في يد الفرس ورغم قيام الثورات ضد الفرس إلا أنهم بقوا حتي طردهم الإغريق، ولأجل أن يستتب له الأمر عرف الاسكندر عقائد المصريين واحترمها وجعل نفسه ابنا للإله ˝أمون˝ وجعله الكهنة فرعونا علي مصر رغم أنه أجنبي عنها.
كان الحكم في بيت الاسكندر الأكبر لأبيه وكان هناك صراع واضح بين زوجتيه علي من يخلفه، وجرت بعض جرائم القتل المعتادة في مثل هذه الظروف تبعها هروب بعض أفراد البيت المالك، وعمليات انتقام بالتبعية، والكثير من التفاصيل التي سبقت تولي الاسكندر الأكبر الملك.
استطاع الاسكندر بعبقرية عسكرية قيادية واضحة أن ينهي الصراع بين الفرس والإغريق بالضربات القاضية المتتالية في وسط أسيا حتي استطاع الحصول علي استسلام غير مشروط في مصر وأصبحت مصر ولاية تابعة لإمبراطورية مترامية الأطراف.
كان الموت الفجائي للإسكندر الأكبر بعد مغادرته مصر ذو أثر كارثي علي الامبراطورية، حيث تداول كبار القادة أمر وراثة الحكم حتي انتهي الأمر باقتسام التركة بين القادة الكبار،
ووقعت مصر في نصيب بطليموس الأول الذي سيحكم مصر وسيورث الحكم لأولاده من بعده وسيحكم مصر عائلة كاملة من البطالمة سيزيد عددهم عن عشرة، مما سيذكرنا بعصر الرعامسة الثلاثة عشر . ❝
❞ إن هزيمة الفرس أمام الإغريق في إحدي المعارك الطويلة بينهم أدت إلي قيام ثورات في مصر استطاع الملك ˝أكزركزس الأول˝ القضاء عليها، غير أن المعارك التي دارت بين الفرس والإغريق من جديد كانت مبررا للمصريين للقيام بثورات جديدة أشعل نارها مصري يدعي ˝إيناروس˝ لكنه لم يفلح في طرد الفرس.
رغم حالة السوء التي كانت تعيش فيها البلاد، ورغم قسوة الظروف التي عاناها الشعب في ذلك الوقت، إلا أن في البلاد لم تعدم ظهور ملك حاول واستطاع أن يجلب للبلاد استقلالها، واستطاع أن ينتصر ويطرد الفرس من مصر. هذا الملك هو ˝أمير تاوس˝، وكان نصره في ثصورته علي الملك ˝دارا الثاني˝، وهو من الملوك المجهولين جدا في مصر إذ ليس له شهرة كافية في التاريخ المصري لقلة الآثار التي تدل عليه، كما أنه أتي في فترة اضمحلال في نهايات التاريخ المصري، وقد أسس هذا الملك الأسرة الثامنة والعشرين، ولا يعرف ملكا في هذه الأسرة غيره.
استطاع ملوك مصر في عهد الأسرتين التاسعة والعشرين والثلاثين تبني سياسة حيادية تقوم علي الحفاظ علي استقلال البلاد دون الدخول في حروب توسعية، وكان من جراء ذلك أن استطاعت البلاد مقاومة هجوم فارسي جديد في عهد نقطانب الأول وبفضل فيضان النيل وبفضل وجود آلاف الجنود المرتزقة المحترفين من بلاد الإغريق صدت مصر هجوم فارسي جديد . ❝
❞ تستمر مشاعر وأحاسيس العظمة كلما استمريت في القراءة في تاريخ مصر القديمة، وتختلف المشاعر وتتطور الأحاسيس بتطور أحداث هذا التاريخ، فمصر تقوي وتستمر في القوة والسطوة وتستمر في كتابة تاريخ استمر لألاف السنين قبل أن يشاركها في مسك قلم التاريخ أي دولة أخري،
وحينما ظهرت دول أخري حاولت منافسة مصر في قيادة العالم،
ولعشرات القرون تفشل هذه المحاولات؛ لأن مصر كانت أشد بأسا ونفوذا من أن يشاركها في قيادة العالم أحد. لكن لا تستمر الحياة علي وتيرة واحدة، فبالرغم من أن دولا وحضارات ظهرت وماتت وبقيت مصر، إلا أن هناك أمما جديدة علي مسرح الأحداث ظهرت في وقت شاخت فيه مصر وأصابها المرض، فاستطاعت هذه الأمم الفتية أن تغلبها وتسيطر عليها وتسقط الأسرات المصرية العريقة وتستبدل بها أسرا غير مصرية في الحكم.
ولا نبالغ إذا قلنا أن تغلغل السلالات الأجنبية في أرجاء البلاد، واستيلاء أسرهم علي السلطة كان السبب الرئيسي في حالة الانهيار الحضاري التي ألمت بالبلاد وأدت في لنهاية إلي سقوط حضارة مصر وانتهائها بعد أن عمرت الدنيا دهرا طويلا.
سقطت دولة آشور وانتهت تماما، وسقط اللوبيون ونساهم التاريخ وغيرهم من الأمم التي ظهرت بجوار مصر في بعض فترات التاريخ، وورث هذا العالم القديم دولة الفرس،
وظهرت أمة الإغريق الفتية، وجرت بينهما الكثير من المعارك علي السيادة والسيطرة علي الأمم المعروفة في ذلك الوقت. وفي بلاد الفرس ظهر الكثير من الملوك المشاهير منهم قمبيز، ودارا الأول والثاني، وأكزركزس، وأرتكزركزس، و
غيرهم من الملوك الكبار الذين دخلوا في صراعات مع الإغريق انتهت بسيطرتهم علي مصر في عهد الملك قمبيز بعد أن استطاع هزيمة ملك مصر ˝أحمس الثاني˝ . ❝
❞ ظهر الحيثيون أولا والآشوريون ثم الكوشيون واللوبيون والفينيقيون والفرس والإغريق أخيرا، كل هؤلاء لعبوا دورا هاما علي مسرح التاريخ، يختلف في حجمه حسب حجم مشاركة هذه الشعوب في الحضارة العالمية، كما استطاع بعضهم عمل علاقة شراكة قوية مع مصر،
ظلت تقوي حتي انتهي الحال بهم إلي العمل كمرتزقة في الجيش ووصل الحال من ضعف مصر في بعض فترات تاريخها إلي وصول بعض هؤلاء الغرباء إلي كرسي السلطة في البلاد وأسسوا أسرات حاكمة لم تكن من أصول مصرية.
بعد انهيار الحضارة المصرية القديمة، وسقوط مصر في قبضة الفوضي وانهيار أمنها الخارجي بغزوات متكررة من جهاتها الحدودية الجنوبية والشرقية والغربية، استطاع بعض الرجال العودة بالبلاد سيرتها الأولي، وقد كانت ذروة هذه النهضة في عهد الملك ˝بسمتيك الأول˝، وقد كان ذروة المجد في أغرب أحداثه التاريخية في عهد الملك ˝نيكاو الثاني˝.
قام الملك ˝بسمتيك الأول˝ فور توليه الحكم بإعادة البلاد إلي حالة من الأمن والاستقرار بفضل حزمه وصرامته وحسن تخطيطه، كما أنه استخدم المرتزقة من الإغريق،
مضطرا؛ لبراعتهم في فنون الحرب بصورة لم تكن معروفة في مصر في فترة انحطت فيها قوتها العسكرية. وفي عهد ابنه الملك ˝
نيكاو الأول˝ أصبح لمصر اسطولا تجاريا تمكن به من السيطرة علي البحار المعروفة في زمنه. وكان لهذا الملك طموح بأن يعيد مجد مصر في عهد تحتمس الثالث . ❝
❞ لمصر تاريخ طويل وعلاقات بعيدة في الزمن بجيرانها، ولمصر في جيرتها سياسات تعتمد علي الاحتفاظ بسيادة تحفظ لها حقوقها الأمنية بالدرجة الأولي ثم حقوقها التجارية مع هذه البلاد التي تحيط بحدودها من جميع الجهات،
وتحتفظ الوثائق التي يرجع عمرها لألاف السنين بدلائل قوية علي علاقات اختلفت طبيعتها بحسب الحالة التي كانت تمر بها مصر من قوة أو ضعف عبر الزمن،
فتارة تكون العلاقة سيادة مصرية شاملة وقبول بالأمر الواقع عن رضا وقناعة من الطرف الآخر بسيادة مصر، وتارة تكون هذه العلاقة علاقة جوار وسلام إذا قويت البلاد المجاورة وضمنت استقلال قراها وضمنت مصر تجارة وسلام علي جدودها، وفي أحيان أخري تضعف مصر متغير عليها الدول المجاورة لها وأحيانا يتسرب إليها العنصر الأجنبي عنها فيصل إلي الحكم.
وقد مضي علي مصر عصور طويلة من الزمن لم يكن هناك دول منظمة غيرها، ولم تكن هناك حضارات إلا فيها، ولم يكن هناك شعوب ذات اتجاهات قومية إلا شعبها،
لكن بمرور الزمن وتوالي العصور صعدت إلي مسرح التاريخ أمم أخري، ربطتها بمصر علاقات تعاون أحيانا ومنافسة أحيانا أخري،
ومع بداية ضعف الدولة المصرية بدأت هذه الأمم الصاعدة تطمع في أن تحل محل مصر في قيادة العالم، بل بدأت بعض هذه الأمم الناشئة في مناوءة مصر علي أرضها حتي أسقطتها واحتلتها في نهاية الأمر . ❝