📘 ❞ أعلام التاريخ ❝ كتاب ــ علي الطنطاوي اصدار 1960

التراجم والأعلام - 📖 كتاب ❞ أعلام التاريخ ❝ ــ علي الطنطاوي 📖

█ _ علي الطنطاوي 1960 حصريا كتاب ❞ أعلام التاريخ ❝ عن دار الفكر للطباعة والنشر بسوريا 2024 التاريخ: عبد الرّحمن بن عوف القرشيّ الزهريّ (43 ق هـ 32 580 656م) هو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة ومن السابقين الأولين إلى الإسلام وأحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام الستة أصحاب الشورى اختارهم عمر الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده كان اسمه الجاهلية عمرو وقيل الكعبة فسماه النبي الرحمن وُلد بعد عام الفيل بعشر سنين وكان إسلامه يد أبي بكر الصديق هاجر الحبشة الهجرة الأولى ثم المدينة وشارك جميع الغزوات العصر النبوي فشهد غزوة بدر والخندق وبيعة الرضوان وأرسله سرية دومة الجندل وصلى محمد وراءه إحدى يستشيره وجعله ذكرهم للخلافة وقال: «هم توفي رسول الله صلى عليه وسلم وهو عنهم راض » توفى سنة عثمان عفان وحمل جنازته سعد وقاص ودفن بالبقيع خمس وسبعين كان تاجرًا ثريًا كريمًا حيث تصدَّق زمن بنصف ماله والبالغ أربعة آلاف تصدق بأربعين ألفًا واشترى خمسمائة فرس للجهاد اشترى راحلة ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي أهل بأربعمائة دينار وأوصى امرأة أمهات المؤمنين بمبلغ كبير وأعتق بعض مماليكه ميراثه مالًا جزيلًا في عهد الراشد الثالث يحظى بمنزلة مشابهة لمنزلته ففي 24 هـ؛ استُخلِفَه الحجّ تلك السنة فحجّ بالنّاس زاهدًا الإمارة فقد أرسل رجلًا قائم يخطب: «أن ارفع رأسك أمر الناس (أي: ادع نفسك)» فقال الرحمن: «ثكلتك أمك إنه لن يلي هذا الأمر إلا لامه يريد أن يُوصي له بالخلافة فلمَّا اشتكى رعافًا دعا كاتبه حمران فقال: «اكتب لعبد العهد بعدي» فكتب وانطلق «البشرى!» قال: «وما ذاك؟» «إن قد كتب لك فقام يدعو بين القبر والمنبر «اللهم إن تولية إياي فأمتني قبله فلم يمكث ستة أشهر حتى مات وفاته صورة لمقام يُنسَب الأردن ليس ضريحًا بل تِذكارًا يُشير إقامته هذه المنطقة توفي خلافة 31 والأول ابن اثنتين وَقيل أنه عاش ثمانيًا خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً أَوصى لمن أَربعمائة وكانوا مائة فأَخذوها وأَخذها فيمن أَخذ: وأَوصى بأَلف سبيل ودُفِن البَقِيع وصلَّى ويقال الزبير العوام طالب يقول جنازته: «أَذْهَبُ عَنْكَ ابْنَ عَوْفٍ فَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا وَسَبَقْتَ رَنْقَهَا حمل فكان ممسكًا بقائمتي السرير تحته يقول: «واجبلاه ورُوِى أُغمي قبل وفاته أفاق فقال: عوف إِنهُ أَتَانِي مَلَكَانِ فَظَّانِ غَلِيظَانِ فَقَالَا لِي: انْطَلِقْ نُخَاصِمْكَ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ قَالَ: فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبَانِ فَقَالَا: نُحَاكِمُهُ خَلِّيَا عَنْهُ فَإِنَّهُ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ عوف ويوجد مقام منطقة الجبيهة شمال العاصمة الأردنية عمان وهذا المقام أو مرورِه منها بلاد الشام مناقبه ثراؤه وكرمه رسم لقافلة تحمل جِمالها هوادج وأمتعة اشتهر بعظم ثروته أكثر التجارة قال أبو عمر: «كان مجدودًا وكسب كثيرًا وخلَّف ألف بعير وثلاثة شاة ومائة ترعى يزرع بالجرف عشرين ناضحًا يدخل منه قوت أهله كثر قدم ذات يوم البر وتحمل الدقيق والطعام فلما دخلت سمع لأهل رَجة وكانت عائشة بنت بيتها فقالت: «ما هذا؟» قالوا: «عير قدمت الشامِ» ويروى ذهب يُقسَّم بالفؤوس مجلت يدي الرجال وترك أربع نسوة أخرجت كل إرثها بثمانين كما اشتهر بكثرة إنفاقه وكثرت الأخبار ذلك تصدّق بشطر وخمسمائة وقد باع يومًا أرضا فرّقها جميعًا بني زُهرة وأمهات المسلمين وفقراء ورُوى أعتق ثلاثين بيت طلحة عيالًا عوف: ثلث يقرضهم وثلث يقضي دينهم ويصل ثلثًا وحين بخمسين الرجل يعطى زهده كان يخشى كثرة فيروي البخاري صحيحه: «أَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَجَعَلَ يَبْكِي وَقَالَ: قُتِلَ حَمْزَةُ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا وَقُتِلَ مُصْعَبُ عُمَيْرٍ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا حَيَاتِنَا الدُّنْيَا ولمّا وُضِع أمامه صحفة فيها خبز ولحم؛ بكى «هَلكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَشْبَعْ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ فَلا أَرَانَا أُخِّرْنَا لِمَا خَيْرٌ لَنَا» ويروي متواضعًا فلا يكاد يُعرف عبيده بره بزوجات النبي كان ينفق وفاة مناقبه التي جاءت الأحاديث النبوية فكانت وأم سلمة تقولان: «اللَّهُمَّ اسْقِ عَبْدَ بْنَ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ» لهن بحديقة بِيعَت بأربع يحرسهن حين سمح بالحج 23 بكار: «كَانَ بْنِ أَمِينَ رَسُولِ نسائه » روايته للحديث كان مُقلًا رواية الحديث روى خمسة وستين حديثًا جمعها مخلد مسنده وله صحيحي ومسلم حديثان متفق عليهما وانفرد بخمسة أحاديث مسند أحمد حنبل واحد وثلاثون وروى عنه الصحابة: عباس وعبد وأنس مالك جبير مطعم وجابر حرام والمسور مخرمة عامر ربيعة بنوه: إبراهيم وحميد وأبو وعمرو ومصعب والتابعي أوس رواها «إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا خَرَجَ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ » منزلته يعد الشخصيات المُبجَّلة خاصةً عند والجماعة يعد السّابقين الأوّلين المهاجرين الهجرتين حضر خلفه تبوك كثير الإنفاق بارًا بأمهات وأنه عزل نفسه وقت واختيار أشار به الحل والعقد وردت وآثار عديدة تبين فضل ومكانته منها: عن قال: عوف أبو الجنة وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد زيد عبيدة الجراح عن سعيد الخدري: عوف كان خالدِ بنِ الوليدِ وبين عبدِالرحمنِ شيءٌ فسبَّه خالدٌ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ وسلَّمَ: "لا تسُبُّوا أحدًا أصحابي فإنَّ أحدَكم لو أنفق مثلَ أُحُدٍ ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه" أم سلمة: عوف سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ لأَزْوَاجِهِ: "إِنَّ الَّذِي يَحْنُو عَلَيْكُمْ بَعْدِي لَهُوَ الصَّادِقُ الْبَارُّ اللَّهُمَّ الْجَنَّةِ عن بكر: عوف قال وآله وسلم: يحنو عليكن بعدي الصابرون سقى سلسبيل الجنة" عوف قطع لي أرضًا بالشّأم يقال لها السّليل فتوفّي النّبيّ ولم يكتب بها كتابًا وإنّما لي: "إذا فَتَحَ علينا الشّأم فهيَ لَكَ" المسور عوف بينما أنا أسير رَكْبٍ قُدّامي خَميصة سوداء عثمان: مَنْ صاحب الخميصة السوداء؟ فناداني يا مسْوَرُ فقلتُ: لبّيك أمير زعم أنّه خير خالك وفي الآخرة كَذَبَ قال حجر العسقلاني: سعد زبير وأبو عبيدة وابن الخلفا لا تسألن القوافي مآثرهم إن شئت فاستنطق القرآن والصحفا الكتاب عبارة سلسلة سبعة كتيبات القطع المتوسط ويراوح عدد صفحات الكتيب الواحد أربعين صفحة وتضم السلسلة أجزاء هي: الصحابي التابعي المبارك القاضي شُرَيْك الإمام النووي عرفان الشهيد الوهاب (وقد أُفرد آخر جزأين المجموعة) التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم العلم الذي يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم الرسول بزمن يسير حرص العلماء حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي فجعل يحدث ويقول: لا يأذن لحديثه ينظر إليه مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول لم نأخذ نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة ناقلي بسبب حال نقلة وذلك لما ينبني المعرفة قبول والتعبد بما لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سِنِيِّ هم الشيوخ (من منهم حدث سماعاً دلس شيئاً عنه) وما مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم والآثار ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ هي الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب تفرّدته الأمة الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يخلوا باب وصنّفت فيه عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
أعلام التاريخ
كتاب

أعلام التاريخ

ــ عَلِيٌّ الطَّنْطَاوِي

صدر 1960م عن دار الفكر للطباعة والنشر بسوريا
أعلام التاريخ
كتاب

أعلام التاريخ

ــ عَلِيٌّ الطَّنْطَاوِي

صدر 1960م عن دار الفكر للطباعة والنشر بسوريا
حول
علي الطنطاوي ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
دار الفكر للطباعة والنشر بسوريا 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب أعلام التاريخ:
عبد الرّحمن بن عوف القرشيّ الزهريّ (43 ق.هـ - 32 هـ / 580 - 656م)، هو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه النبي عبد الرحمن.

وُلد عبد الرّحمن بن عوف بعد عام الفيل بعشر سنين، وكان إسلامه على يد أبي بكر الصديق، هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى، ثم هاجر إلى المدينة، وشارك في جميع الغزوات في العصر النبوي، فشهد غزوة بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان، وأرسله النبي على سرية إلى دومة الجندل، وصلى النبي محمد وراءه في إحدى الغزوات، وكان عمر بن الخطاب يستشيره، وجعله عمر في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.» توفى سنة 32 هـ، وصلى عليه عثمان بن عفان، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة.

كان عبد الرحمن تاجرًا ثريًا، وكان كريمًا، حيث تصدَّق في زمن النبي بنصف ماله والبالغ أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفًا، واشترى خمسمائة فرس للجهاد، ثم اشترى خمسمائة راحلة، ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار، وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كبير، وأعتق بعض مماليكه، وكان ميراثه مالًا جزيلًا.

في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، كان عبد الرحمن بن عوف يحظى بمنزلة مشابهة لمنزلته في عهد عمر، ففي عام 24 هـ؛ استُخلِفَه عثمان على الحجّ في تلك السنة، فحجّ عبد الرحمن بالنّاس، وكان عبد الرحمن زاهدًا في الإمارة، فقد أرسل سعد بن أبي وقاص إلى عبد الرحمن رجلًا وهو قائم يخطب: «أن ارفع رأسك إلى أمر الناس (أي: ادع إلى نفسك)»، فقال عبد الرحمن: «ثكلتك أمك، إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس.» وكان عثمان يريد أن يُوصي له بالخلافة من بعده، فلمَّا اشتكى عثمان رعافًا، دعا كاتبه حمران فقال: «اكتب لعبد الرحمن العهد من بعدي»، فكتب له، وانطلق حمران إلى عبد الرحمن فقال: «البشرى!»، قال: «وما ذاك؟» قال: «إن عثمان قد كتب لك العهد من بعده.» فقام عبد الرحمن يدعو بين القبر والمنبر فقال: «اللهم إن كان من تولية عثمان إياي هذا الأمر، فأمتني قبله.» فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى مات.

وفاته

صورة لمقام يُنسَب لعبد الرحمن بن عوف في الأردن، وهو ليس ضريحًا، بل تِذكارًا يُشير إلى إقامته في هذه المنطقة.
توفي عبد الرحمن بن عوف سنة 32 هـ في خلافة عثمان بن عفان، وقيل سنة 31 هـ والأول أشهر، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وَقيل أنه عاش ثمانيًا وسبعين، وَقيل خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وكان قد أَوصى لمن بقي من أهل غزوة بدر لكل رجل أَربعمائة دينار، وكانوا مائة، فأَخذوها، وأَخذها عثمان فيمن أَخذ: وأَوصى بأَلف فرس في سبيل الله. ودُفِن في البَقِيع، وصلَّى عليه عثمان بن عفان، ويقال الزبير بن العوام، وكان علي بن أبي طالب يقول في جنازته: «أَذْهَبُ عَنْكَ ابْنَ عَوْفٍ، فَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا وَسَبَقْتَ رَنْقَهَا.»، وكان سعد بن أبي وقاص فيمن حمل جنازته فكان ممسكًا بقائمتي السرير وهو تحته يقول: «واجبلاه.» ورُوِى أنه أُغمي عليه قبل وفاته، ثم أفاق فقال:

عبد الرحمن بن عوف إِنهُ أَتَانِي مَلَكَانِ فَظَّانِ غَلِيظَانِ، فَقَالَا لِي: انْطَلِقْ نُخَاصِمْكَ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ، قَالَ: فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ تَذْهَبَانِ، فَقَالَا: نُحَاكِمُهُ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ. قَالَ: خَلِّيَا عَنْهُ فَإِنَّهُ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. عبد الرحمن بن عوف
ويوجد في الأردن مقام يُنسَب لعبد الرحمن بن عوف، في منطقة الجبيهة، شمال العاصمة الأردنية عمان. وهذا المقام ليس ضريحًا، بل تِذكارًا يُشير إلى إقامته في هذه المنطقة، أو مرورِه منها، وهو في بلاد الشام.

مناقبه
ثراؤه وكرمه

رسم لقافلة تحمل بعض جِمالها هوادج وأمتعة
اشتهر عبد الرحمن بن عوف بعظم ثروته وكان أكثر ماله من التجارة، قال أبو عمر: «كان تاجرًا مجدودًا في التجارة، وكسب مالًا كثيرًا، وخلَّف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحًا، فكان يدخل منه قوت أهله سنة.»، ولما كثر ماله قدم له ذات يوم راحلة تحمل البر، وتحمل الدقيق والطعام، فلما دخلت المدينة سمع لأهل المدينة رَجة، وكانت عائشة بنت أبي بكر في بيتها، فقالت: «ما هذا؟» قالوا: «عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف من الشامِ»، ويروى أن ميراثه كان من ذهب يُقسَّم بالفؤوس حتى مجلت يدي الرجال منه، وترك أربع نسوة، أخرجت كل امرأة من إرثها بثمانين ألفًا.

كما اشتهر بكثرة إنفاقه، وكثرت الأخبار في ذلك، منها أنه تصدّق بشطر ماله على عهد النبي، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة، وقد باع يومًا أرضا بأربعين ألف دينار فرّقها جميعًا على أهله من بني زُهرة وأمهات المسلمين وفقراء المسلمين، ورُوى أنه أعتق ثلاثين ألف بيت. فكان طلحة بن عبد الله بن عوف يقول: «كان أهل المدينة عيالًا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثًا.» وحين وفاته أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، فكان الرجل يعطى منها ألف دينار. وأَوصى لمن بقي من أهل غزوة بدر، لكل رجل أَربعمائة دينار، وكانوا مائة، فأَخذوها، وأَخذها عثمان فيمن أَخذ: وأَوصى بأَلف فرس في سبيل الله.

زهده
كان عبد الرحمن بن عوف يخشى من كثرة ماله، فيروي البخاري في صحيحه: «أَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَجَعَلَ يَبْكِي، وَقَالَ: قُتِلَ حَمْزَةُ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ، إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا، وَقُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا.»، ولمّا وُضِع أمامه صحفة فيها خبز ولحم؛ بكى وقال: «هَلكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَشْبَعْ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ، فَلا أَرَانَا أُخِّرْنَا لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَنَا»، ويروي أهل التاريخ أنه كان متواضعًا، فلا يكاد يُعرف من بين عبيده.

بره بزوجات النبي
كان عبد الرحمن بن عوف ينفق على أمهات المؤمنين بعد وفاة النبي، وكانت هذه من مناقبه التي جاءت في الأحاديث النبوية، فكانت عائشة وأم سلمة تقولان: «اللَّهُمَّ اسْقِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ»، فقد أوصى لهن بحديقة بِيعَت بأربع مائة ألف. وكان يحرسهن حين سمح لهن عمر بن الخطاب بالحج سنة 23 هـ. قال الزبير بن بكار: «كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَمِينَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم على نسائه.»

روايته للحديث
كان عبد الرحمن بن عوف مُقلًا في رواية الحديث، روى خمسة وستين حديثًا جمعها بقي بن مخلد في مسنده، وله في صحيحي البخاري ومسلم حديثان متفق عليهما، وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث، وله في مسند أحمد بن حنبل واحد وثلاثون حديثًا، وروى عنه من الصحابة: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، جبير بن مطعم، وجابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، والمسور بن مخرمة، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وروى عنه بنوه: إبراهيم، وحميد، وأبو سلمة، وعمرو، ومصعب، والتابعي مالك بن أوس. ومن الأحاديث التي رواها عن النبي أنه قال: «إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.»

منزلته

يعد عبد الرحمن بن عوف من الشخصيات المُبجَّلة في الإسلام خاصةً عند أهل السنة والجماعة، حيث يعد من السّابقين الأوّلين إلى الإسلام، وأحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن المهاجرين الأولين في الهجرتين جميعًا، ممن حضر غزوة بدر وبيعة الرضوان، وصلى النبي خلفه في غزوة تبوك، وكان كثير الإنفاق في سبيل الله، وكان بارًا بأمهات المؤمنين بعد وفاة النبي، وأنه عزل نفسه من الأمر وقت الشورى واختيار من أشار به أهل الحل والعقد، وقد وردت أحاديث وآثار عديدة تبين فضل عبد الرحمن ومكانته، منها:

عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي أنه قال:
عبد الرحمن بن عوف أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة.

عن أبي سعيد الخدري:
عبد الرحمن بن عوف كان بين خالدِ بنِ الوليدِ وبين عبدِالرحمنِ بنِ عوف شيءٌ، فسبَّه خالدٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تسُبُّوا أحدًا من أصحابي، فإنَّ أحدَكم لو أنفق مثلَ أُحُدٍ ذهبًا، ما أدرك مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه".

عن أم سلمة:
عبد الرحمن بن عوف سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لأَزْوَاجِهِ: "إِنَّ الَّذِي يَحْنُو عَلَيْكُمْ بَعْدِي لَهُوَ الصَّادِقُ الْبَارُّ، اللَّهُمَّ اسْقِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ.

عن عائشة بنت أبي بكر:
عبد الرحمن بن عوف قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يحنو عليكن من بعدي إلا الصابرون، سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة".

عن عبد الرحمن بن عوف قال:
عبد الرحمن بن عوف قطع لي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أرضًا بالشّأم يقال لها السّليل فتوفّي النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، ولم يكتب لي بها كتابًا وإنّما قال لي: "إذا فَتَحَ الله علينا الشّأم فهيَ لَكَ".
عن المسور بن مخرمة قال:
عبد الرحمن بن عوف بينما أنا أسير في رَكْبٍ بين عثمان وعبد الرّحمن بن عوف وعبد الرّحمن قُدّامي عليه خَميصة سوداء، فقال عثمان: مَنْ صاحب الخميصة السوداء؟ قالوا: عبد الرّحمن بن عوف، فناداني عثمان: يا مسْوَرُ، فقلتُ: لبّيك يا أمير المؤمنين، فقال: مَنْ زعم أنّه خير من خالك في الهجرة الأولى وفي الهجرة الآخرة فقد كَذَبَ.

قال ابن حجر العسقلاني:

سعد سعيد زبير طلحة وأبو عبيدة وابن عوف قبله الخلفا
لا تسألن القوافي عن مآثرهم إن شئت فاستنطق القرآن والصحفا

الكتاب عبارة عن سلسلة من سبعة كتيبات من القطع المتوسط، ويراوح عدد صفحات الكتيب الواحد منها بين أربعين صفحة وستين، وتضم السلسلة سبعة أجزاء هي: الصحابي عبد الرحمن بن عوف ، التابعي عبد الله بن المبارك ، القاضي شُرَيْك ، الإمام النووي ، أحمد بن عرفان الشهيد ، الإمام محمد بن عبد الوهاب (وقد أُفرد له آخر جزأين من المجموعة) .
الترتيب:

#9K

0 مشاهدة هذا اليوم

#55K

2 مشاهدة هذا الشهر

#35K

8K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 40.