📘 ❞ الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدثين ❝ كتاب ــ عبد الغني الدقر اصدار 1994

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدثين ❝ ــ عبد الغني الدقر 📖

█ _ عبد الغني الدقر 1994 حصريا كتاب الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدثين عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 والمحدثين: أبو زكريا يحيى بن شرف الحزامي الشافعي (631هـ 1233م 676هـ 1277م) المشهور باسم "النووي" هو مُحدّث وفقيه ولغوي مسلم وأحد أبرز فُقهاء الشافعية اشتهر بكتبه وتصانيفه العديدة الفقه والحديث واللغة والتراجم كرياض الصالحين والأربعين النووية ومنهاج الطالبين والروضة ويوصف بأنه محرِّر المذهب ومهذّبه ومنقّحه ومرتبه حيث استقر العمل بين فقهاء ما يرجحه ويُلقب بشيخ فإذا أُطلق لفظ "الشيخين" عند أُريد بهما وأبو القاسم الرافعي القزويني ولد نوى سنة 631هـ ولما بلغ عشر سنين جعله أبوه دكان فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء تعلم القرآن الكريم وحفظه حتى ختم وقد قارب البلوغ ومكث بلده الثامنة من عمره ثم ارتحل إلى دمشق قدم 649هـ فلازم مفتي الشام الرحمن إبراهيم الفزاري وتعلم منه وبقي نحواً ثمان وعشرين أمضاها كلها بيت صغير المدرسة الرواحية يتعلّم ويُعلّم ويُؤلف الكتب وتولى رئاسة الحديث الأشرفية أن وافته المنية وفاته في الثلث الأخير ليلة الأربعاء 25 رجب 676 هـ الموافق 22 (كانون الأول ديسمبر) 1277 [والذي ترجمته أنه توفي 24 لكن ذلك يصادف الثلاثاء] يقول التاج السبكي: «لما مات بنوى ارتجت وما حولها بالبكاء وتأسف عليه المسلمون أسفاً شديداً وأحيوا ليالي كثيرة لسنته» وقال ابن العطار: « فسار وزار القدس والخليل السلام عاد ومرض عقب زيارته لها والده فبلغني مرضه فذهبت لعيادته ففرح رحمه الله بذلك قال لي: «ارجع أهلك» وودعته أشرف العافية يوم السبت العشرين ست وسبعين وستمائة الرابع والعشرين فبينا أنا نائم تلك الليلة إذا منادٍ ينادي سدة جامع جمعة: «الصلاة الشيخ ركن الدين الموقع» فصاح الناس لذلك النداء فاستيقظت فقلت: «إنا لله وإنا إليه راجعون» فلم يكن إلا الجمعة عشية الخميس إذ جاء الخبر بموته فنودي الصلاة وصلي بجامع فتأسف تأسفاً بليغاً الخاص والعام والمادح والذام» ودُفن قريته وقبره ظاهر يُزار ومما أُثر خبره لما دنا أجله ردّ المستعارة عنده الأوقاف جميعها قطب اليونيني: «ولما وصل بوفاته لدمشق توجه قاضي القضاة عز محمد الصائغ وجماعة أصحابه للصلاة قبره» قال: «وكان يسأل يموت بأرض فلسطين فاستجاب تعالى منه» رثاؤه قال الذهبي: ورثاه غير واحد يبلغون عشرين نفساً بأكثر ستمائة وممن رثوه أبو العباس أحمد مصعب وأول قصيدته: أكتم حزني والمدامع تُبديه لفقد امرئ كل البرية تبكيه ومنهم الأديب نجم عماد أمين التغلبي مرثيته: أعينيّ جودا بالدموع الهواملِ وجودا بها كالساريات الهواطلِ ورثاه بعض فضلاء الحنفية مرثيته: مُصاب أصاب القلب والجفن أرّقا وخطب أتى بالحزن والصبر فرّقا ورثاه عمر أبي شاكر الحنفي الأربلي بقصيدة طويلة أولها: عَزّ العزاءُ وعمّ الحادث الجللُ وخاب بالموت تعميرك الأملُ واستوحشتْ بعدما كنتَ الأنيس لها وساءها فقدك الأسحار والأصلُ وكنتَ تتلو كتابَ معتبراً لا يعتريك تكراره مللُ قد كنت للدِّين نوراً يُستضاء به مسدداً فيه منك القولُ والعملُ وكنت سنّة المختار مجتهداً وأنت باليُمن والتوفيق مشتملُ وكنت زيناً لأهل العلم مفتخراً على جديدٍ كساهُم ثوبُك السملُ وكنت أسبغهم ظلاً استعرت هواجرُ الجهل والأظلال تنتقل كساك ربُّك أثواباً مجمَّلةً يضيق حصرها التفصيلُ والجملُ أسلى كمالُك قومٍ مضوا بدلاً وعن كمالك مسلى ولا بدلُ فمثلُ فقدكَ ترتاع القلوبُ له وفقدُ مثلك جرحٌ ليس يندملُ زهدت هذه الدنيا وزخرفها عزماً وحزماً فمضروبٌ بك المثلُ شخصيته وصفاته الزهد والورع قال لي شيخنا القادر الأنصاري: «لو أدرك القشيري صاحب الرسالة شيخكم (يعني النووي) وشيخه أبا إسحاق عثمان المغربي) قدّم عليهما ذكره لمشايخها أحداً جمع فيهما والعمل والزهد والورع والنطق بالحكمة وغير ذلك» ويقول مع تبحره وسعة معرفته بالحديث والفقه بما قد سارت به الركبان رأساً الزهد قدوةً الورع» أيضاً: «كان عديم الميرة والرفاهية والتنعم التقوى والقناعة الثخين والمراقبة السر والعلانية وترك رعونات النفس ثياب حسنة ومأكل طيب وتجمل الهيئة» رشيد إسماعيل المعلم الحنفي: «عذلته عدم دخوله الحمام وتضييق عيشه أكله ولباسه وجميع أحواله وقلت له: «أخشى عليك مرضاً يعطلك أشياء أفضل مما تقصده» فقال «إن فلاناً صام وعبد اخضرّ عظمه» فعرفت له غرضٌ المقام دارنا التفاتٌ نحن فيه» ومن ورع كان يأكل فاكهة كما اتفق أرخ وسألته فقال: «إنها والأملاك لمن تحت الحجر شرعاً يجوز التصرف وجه الغبطة والمصلحة والغبطة لليتيم والمحجور والناس يفعلونها جزء ألف الثمرة للمالك فكيف تطيب نفسي؟» الأمر بالمعروف والنهي المنكر كان كثير الأمر المنكر المثل المنكر» أجمع المترجمون يبالي أمره ونهيه لومة لائم بل الإهانة والموت يَكبُر عندَه أحدٌ النصيحة العلماء والأمراء والملوك مواجهاً للملوك والجبابرة بالإنكار يأخذه وكان عجز المواجهة كتب الرسائل وتوصل إبلاغها» ويقول يواجه الملوك والظلمة ويكتب إليهم ويخوفهم بالله تعالى» مناصحته للظاهر بيبرس ومن أشهر قضايا وقوفه الملك الظاهر بيبرس البندقداري قضية الحوطة الغوطة القطب «إنه واقف مرة بدار العدل بسبب بساتين كثير: قام أرادوا وضع الأملاك بساتينها فرد عليهم ووقى شرها بعد غضب السلطان وأراد البطش أحبه وعظمه يقول: أفزع عندما خرج لقتال التتار بالشام طلب فتاوى أخذ مال الرعية ليستنصر قتال العدو فكتب وقتل خلقاً كثيراً إفتائهم بعدم الجواز «هل بقي أحد؟» فقالوا: «نعم محيي النووي» فطلبه «اكتب خطك الفقهاء» فامتنع وقال: «لا» «ما سبب امتناعك؟» «أنا أعرف أنك الرق للأمير بندقدار وليس لك مَنّ وجعلك ملكاً وسمعت عندك مملوك كلهم حياصة ذهب وعندك مئتا جارية لكل حق الحلي أنفقت كله وبقيت مماليكك بالبنود الصوف بدلاً الحياصات الذهب الجواري بثيابهن دون ولم يبق المال شيء نقد أو متاع أرض أفتيتك بأخذ وإنما يُستعان الجهاد وغيره بالافتقار واتباع آثار نبيه صلى وسلم» فغضب كلامه «اخرج بلدي» يعني «السمع والطاعة» وخرج فقيل للملك: قتلك له؟» «كلما أردت قتله أرى عاتقه سَبْعَين يريدان افتراسي فأمتنع أي إن خوفه بهذه المثابة وكثيراً صرح يخافه رأى لم تُجدِ نفعاً عمد الكتابة بأسلوب ترغيب وترهيب ووقع معه كتبه: «بسم الرحيم الحمد رب العالمين تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [51:55] ﴿وإذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس تكتمونه﴾ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ الْهَدْيَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى تَعَاوَنُواْ الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [5:2] أوجب المكلفين نصيحة أعز أنصاره ونصيحة عامة المسلمين ففي الصحيح رسول وسلم «الدين ولكتابه ورسوله وأئمة وعامتهم» وفّقه لطاعته وتولاه بكرامته يُنهى الأحكام جرت خلاف قواعد وأوجب الشفقة والاهتمام بالضعفة وإزالة الضرر عنهم ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [15:88] أنعم علينا وعلى سائر بالسلطان فقد أقامه لنصرة والذب وأذل الأعداء جميع الطوائف وفتح الفتوحات المشهورة المدة اليسيرة وأوقع الرعب قلوب أعداء وسائر المارقين ومهّد البلاد والعباد وقمع بسببه أهل الزيغ والفساد وأمده بالإعانة واللطف والسعادة فلله النعم المتظاهرة والخيرات المتكاثرة ونسأل دوامها وللمسلمين وزيادتها خير وعافية آمين شكر نعمه ووعد الزيادة للشاكرين ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ لحق أملاكهم أنواع يمكن التعبير عنها وطُلب منهم إثبات يلزمهم فهذه تحل أحد علماء يده فهو ملكه يحل الاعتراض يكلف بإثباته سيرة يحب بالشرع ويوصي نوابه أولى عمل والمسؤول: إطلاق والإفراج جميعهم فأطلقهم أطلقك مكروه » فغضب الجرأة وأمر بقطع رواتبه وعزله مناصبه فقالوا للشيخ راتب منصب» يفده مشى بنفسه وقابله وكلمه كلاماً فأراد يبطش «فصرف قلبه وحمى وأبطل أمر وخلَّص شرها» قول المؤرخين صفته الشكلية قال الذهبي وصف النووي: أسمر كث اللحية ربعة مهيباً قليل الضحك اللعب جدّاً صرفاً الحق وإن مُراً يخاف لائم» ووصفه أيضاً بأن لحيته سوداء فيها شعرات بيض وعليه هيبة وسكينة الإسنوي: سكينة ووقار البحث وأما ملبسه فيقول "تاريخ الإسلام": مثل آحاد الحوارنة يؤبه شبختانية صغيرة» "تذكرة الحفاظ": «ملبسه ثوب خام وعمامة يلبس الثياب الرثة يدخل وكانت أمه ترسل القميص ونحوه ليلبسه» معيشته كان خشن العيش قانعاً بالقوت تاركاً للشهوات عبادة وخوف اليوم والليلة أكلة واحدة وقوته قِبَل يُجري الشهر الشيء الطفيف يشرب بالسحر ترك ملاذّ المأكول يأتيه كعك يابس وتين حوراني الفواكه سوى العشاء الآخرة شربة السحر وإذا شرب فلا الماء المبرد «ورأيت رجلاً قشر خيارة ليطعمه إياها أكلها أخشى ترطب جسمي وتجلب النوم» السخاوي: «ونحوه تعاطيه البلح عادة الدمشقيين» والمشهور يتزوج قط مؤلفاته مخطوطة للأربعين مكتبة تشستر بيتي بإيرلندا مما يميز حياةَ العلمية غزارةُ إنتاجه اعتنى بالتأليف وبدأه عام 660هـ الثلاثين وله الكثير المؤلفات عاش نحو وأربعين فقط لو قُسم سنيّ حياته لكان نصيب كراستين ولقد حُكي عنه يكتب تكل فتعجزه فيضع ينشد: لئن هذا الدمعُ يجري صبابة على سُعدى دمع مُضيّع قال الكمال الأدفوي: «كل (أي تصنيف مصنفاته) زمن يسير وعمر قصير» «وانتفع بسائر بتصانيفه وأكبوا تحصيل تواليفه رأيت يشنؤها (يبغضها) مجتهداً تحصيلها والانتفاع موته فرحمه ورضي وجمع بيننا وبينه جناته» وقد علوم شتى: وشرح والمصطلح والتوحيد وتتميز مؤلفاته بالوضوح وصحة وانسيابه بسهولة وعدم تكلف عبارته أبسط كلامه» وأسلوبه أسلوب عصره عذوبة الألفاظ مالك النحوي الشهير اشتهى يحفظ المنهاج إعجاباً ويؤلف ومؤلفات ثلاثة أقسام: قسم أنجزه وأتمه وقسم أدركته الوفاة قبل يتمه غسل أوراقه محاها وكانوا يغسلونها لأمر يتلفونها لحاجتهم ورقها زالت الآن تحظى باهتمام وينتفعون من المهم يقرأ العظيم علّه يأخذ صفاته ومناقبه شيئاً يتقوت رحلته الدار سواء 1 ناحية حرصه والقيام بوظائفه قصد للدنيا بذاته فكلما ازداد علماً قرباً وكلما 2 زهده أنواعها وورعه وهذا نفتقده الأيام يعمل لدنياه منها بمقدار يدفع الهلكه نفسه 3 الذي مقياس لزيادة إيمان المؤمن أما الكاتب للإمام الفاضل ماظفر التراجم الموثوقة ورتبها ونسقها وقدّمها بطريقة جميلة فاشتملت ذكر كافّة نواحي يخرج مثلها الورع وأعاد بركاته واسكنه الجنة بمنته وفضله والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة وهو دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم عهد الرسول بزمن حرص حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق أولا الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا روى صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي عباس يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي حال نقلة النبوية وذلك ينبني المعرفة قبول والتعبد رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر السنة فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم سمع سِنِيِّ هم الشيوخ (من حدث سماعاً دلس أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد الحاضرين عنده؟ هي الأوهام التي وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق متعلّقة الباب تفرّدته الأمة الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات وهذا خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدثين
كتاب

الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدثين

ــ عبد الغني الدقر

صدر 1994م عن دار القلم للنشر والتوزيع
الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدثين
كتاب

الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدثين

ــ عبد الغني الدقر

صدر 1994م عن دار القلم للنشر والتوزيع
عن كتاب الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين وعمدة الفقهاء والمحدثين:

أبو زكريا يحيى بن شرف الحزامي النووي الشافعي (631هـ-1233م / 676هـ-1277م) المشهور باسم "النووي" هو مُحدّث وفقيه ولغوي مسلم، وأحد أبرز فُقهاء الشافعية، اشتهر بكتبه وتصانيفه العديدة في الفقه والحديث واللغة والتراجم، كرياض الصالحين والأربعين النووية ومنهاج الطالبين والروضة، ويوصف بأنه محرِّر المذهب الشافعي ومهذّبه، ومنقّحه ومرتبه، حيث استقر العمل بين فقهاء الشافعية على ما يرجحه النووي. ويُلقب النووي بشيخ الشافعية، فإذا أُطلق لفظ "الشيخين" عند الشافعية أُريد بهما النووي وأبو القاسم الرافعي القزويني.

ولد النووي في نوى سنة 631هـ، ولما بلغ عشر سنين جعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن تعلم القرآن الكريم وحفظه، حتى ختم القرآن وقد قارب البلوغ، ومكث في بلده نوى حتى بلغ الثامنة عشر من عمره، ثم ارتحل إلى دمشق. قدم النووي دمشق سنة 649هـ، فلازم مفتي الشام عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري وتعلم منه، وبقي النووي في دمشق نحواً من ثمان وعشرين سنة، أمضاها كلها في بيت صغير في المدرسة الرواحية، يتعلّم ويُعلّم ويُؤلف الكتب، وتولى رئاسة دار الحديث الأشرفية، إلى أن وافته المنية سنة 676هـ.

وفاته
في الثلث الأخير من ليلة الأربعاء 25 رجب 676 هـ الموافق 22 (كانون الأول/ديسمبر) 1277، [والذي في ترجمته أنه توفي ليلة الأربعاء في 24 من رجب لكن ذلك يصادف ليلة الثلاثاء] توفي الإمام النووي، يقول التاج السبكي: «لما مات النووي بنوى ارتجت دمشق وما حولها بالبكاء، وتأسف عليه المسلمون أسفاً شديداً، وأحيوا ليالي كثيرة لسنته». وقال ابن العطار: «... فسار إلى نوى وزار القدس والخليل عليه السلام، ثم عاد إلى نوى، ومرض عقب زيارته لها في بيت والده، فبلغني مرضه فذهبت من دمشق لعيادته، ففرح رحمه الله بذلك، ثم قال لي: «ارجع إلى أهلك»، وودعته وقد أشرف على العافية يوم السبت العشرين من رجب سنة ست وسبعين وستمائة، ثم توفي في ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من رجب، فبينا أنا نائم تلك الليلة إذا منادٍ ينادي على سدة جامع دمشق في يوم جمعة: «الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع»، فصاح الناس لذلك النداء، فاستيقظت فقلت: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، فلم يكن إلا ليلة الجمعة عشية الخميس إذ جاء الخبر بموته رحمه الله، فنودي يوم الجمعة عقب الصلاة بموته، وصلي عليه بجامع دمشق، فتأسف المسلمون عليه تأسفاً بليغاً، الخاص والعام، والمادح والذام».

ودُفن الإمام النووي في قريته نوى، وقبره ظاهر يُزار. ومما أُثر من خبره أنه لما دنا أجله ردّ الكتب المستعارة عنده من الأوقاف جميعها. قال قطب الدين اليونيني: «ولما وصل الخبر بوفاته لدمشق، توجه قاضي القضاة عز الدين محمد بن الصائغ وجماعة من أصحابه إلى نوى للصلاة على قبره»، قال: «وكان يسأل أن يموت بأرض فلسطين، فاستجاب الله تعالى منه».

رثاؤه
قال الإمام الذهبي: ورثاه غير واحد، يبلغون عشرين نفساً بأكثر من ستمائة بيت. وممن رثوه أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن مصعب، وأول قصيدته:

أكتم حزني والمدامع تُبديه لفقد امرئ كل البرية تبكيه
ومنهم الأديب نجم الدين أبو العباس أحمد بن عماد الدين محمد بن أمين الدين التغلبي، وأول مرثيته:

أعينيّ جودا بالدموع الهواملِ وجودا بها كالساريات الهواطلِ
ورثاه بعض فضلاء الحنفية وأول مرثيته:

مُصاب أصاب القلب والجفن أرّقا وخطب أتى بالحزن والصبر فرّقا
ورثاه محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر الحنفي الأربلي بقصيدة طويلة أولها:

عَزّ العزاءُ وعمّ الحادث الجللُ وخاب بالموت في تعميرك الأملُ
واستوحشتْ بعدما كنتَ الأنيس لها وساءها فقدك الأسحار والأصلُ
وكنتَ تتلو كتابَ الله معتبراً لا يعتريك على تكراره مللُ
قد كنت للدِّين نوراً يُستضاء به مسدداً فيه منك القولُ والعملُ
وكنت في سنّة المختار مجتهداً وأنت باليُمن والتوفيق مشتملُ
وكنت زيناً لأهل العلم مفتخراً على جديدٍ كساهُم ثوبُك السملُ
وكنت أسبغهم ظلاً إذا استعرت هواجرُ الجهل والأظلال تنتقل
كساك ربُّك أثواباً مجمَّلةً يضيق عن حصرها التفصيلُ والجملُ
أسلى كمالُك عن قومٍ مضوا بدلاً وعن كمالك لا مسلى ولا بدلُ
فمثلُ فقدكَ ترتاع القلوبُ له وفقدُ مثلك جرحٌ ليس يندملُ
زهدت في هذه الدنيا وزخرفها عزماً وحزماً فمضروبٌ بك المثلُ
شخصيته وصفاته
الزهد والورع
قال ابن العطار: قال لي شيخنا محمد بن عبد القادر الأنصاري: «لو أدرك القشيري صاحب الرسالة شيخكم (يعني النووي) وشيخه (يعني أبا إسحاق إبراهيم بن عثمان المغربي) لما قدّم عليهما في ذكره لمشايخها أحداً، لما جمع فيهما من العلم والعمل والزهد والورع، والنطق بالحكمة وغير ذلك».

ويقول الذهبي: «وكان مع تبحره في العلم، وسعة معرفته بالحديث والفقه واللغة وغير ذلك بما قد سارت به الركبان، رأساً في الزهد، قدوةً في الورع»، وقال أيضاً: «كان عديم الميرة والرفاهية والتنعم، مع التقوى والقناعة والورع الثخين، والمراقبة لله في السر والعلانية، وترك رعونات النفس من ثياب حسنة، ومأكل طيب، وتجمل في الهيئة». وقال رشيد الدين إسماعيل بن المعلم الحنفي: «عذلته في عدم دخوله الحمام، وتضييق عيشه في أكله ولباسه وجميع أحواله، وقلت له: «أخشى عليك مرضاً يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده»، فقال لي: «إن فلاناً صام وعبد الله تعالى حتى اخضرّ عظمه»، قال: فعرفت أنه ليس له غرضٌ في المقام في دارنا ولا التفاتٌ لما نحن فيه». ومن ورع النووي أنه كان لا يأكل من فاكهة دمشق، كما اتفق على ذلك من أرخ له، يقول ابن العطار: وسألته عن ذلك فقال: «إنها كثيرة الأوقاف والأملاك لمن هو تحت الحجر شرعاً، ولا يجوز التصرف في ذلك إلا على وجه الغبطة والمصلحة، والغبطة لليتيم والمحجور عليه، والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء من الثمرة للمالك، فكيف تطيب نفسي؟».

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
كان النووي كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الذهبي: «كان عديم المثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وقد أجمع المترجمون له على أنه كان لا يبالي في أمره ونهيه لومة لائم، بل لا يبالي الإهانة والموت، ولا يَكبُر عندَه أحدٌ عن النصيحة، حتى العلماء والأمراء والملوك، يقول ابن العطار: «وكان مواجهاً للملوك والجبابرة بالإنكار، لا يأخذه في الله لومة لائم، وكان إذا عجز عن المواجهة كتب الرسائل، وتوصل إلى إبلاغها». ويقول الذهبي: «وكان يواجه الملوك والظلمة بالإنكار، ويكتب إليهم ويخوفهم بالله تعالى».

مناصحته للظاهر بيبرس
ومن أشهر قضايا النووي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقوفه في وجه الملك الظاهر بيبرس البندقداري في قضية الحوطة على الغوطة، قال القطب اليونيني: «إنه واقف الظاهر غير مرة بدار العدل بسبب الحوطة على بساتين دمشق وغير ذلك»، وقال ابن كثير: «إنه قام على الظاهر في دار العدل في قضية الغوطة لما أرادوا وضع الأملاك على بساتينها، فرد عليهم ذلك، ووقى الله شرها بعد أن غضب السلطان، وأراد البطش به، ثم بعد ذلك أحبه وعظمه، حتى كان يقول: أنا أفزع منه».

عندما خرج الظاهر بيبرس لقتال التتار بالشام طلب فتاوى العلماء بأنه يجوز أخذ مال من الرعية ليستنصر به على قتال العدو، فكتب له فقهاء الشام بذلك، وقتل خلقاً كثيراً من العلماء بسبب إفتائهم له بعدم الجواز، فقال: «هل بقي أحد؟» فقالوا: «نعم، بقي الشيخ محيي الدين النووي»، فطلبه فقال: «اكتب خطك مع الفقهاء»، فامتنع وقال: «لا»، فقال: «ما سبب امتناعك؟» فقال: «أنا أعرف أنك كنت في الرق للأمير بندقدار، وليس لك مال، ثم مَنّ الله عليك وجعلك ملكاً، وسمعت أن عندك ألف مملوك كلهم عنده حياصة من ذهب، وعندك مئتا جارية، لكل جارية حق من الحلي، فإذا أنفقت ذلك كله، وبقيت مماليكك بالبنود الصوف بدلاً عن الحياصات الذهب وبقيت الجواري بثيابهن دون الحلي، ولم يبق في بيت المال شيء من نقد أو متاع أو أرض، أفتيتك بأخذ المال من الرعية، وإنما يُستعان على الجهاد وغيره بالافتقار إلى الله تعالى، واتباع آثار نبيه صلى الله عليه وسلم»، فغضب السلطان من كلامه وقال: «اخرج من بلدي» يعني دمشق، فقال: «السمع والطاعة»، وخرج إلى نوى، فقيل للملك: «ما سبب عدم قتلك له؟» فقال: «كلما أردت قتله أرى على عاتقه سَبْعَين يريدان افتراسي فأمتنع من ذلك»، أي إن خوفه منه كان بهذه المثابة، وكثيراً ما صرح أنه يخافه. ولما رأى النووي أن المواجهة لم تُجدِ نفعاً عمد إلى الكتابة إليه بأسلوب فيه ترغيب وترهيب، فكتب إليه ووقع معه بعض العلماء، وكان مما كتبه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [51:55]، وقال تعالى: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه﴾، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [5:2]، وقد أوجب الله على المكلفين نصيحة السلطان أعز الله أنصاره، ونصيحة عامة المسلمين، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الدين النصيحة، لله ولكتابه ورسوله، وأئمة المسلمين وعامتهم»، ومن نصيحة السلطان، وفّقه الله لطاعته وتولاه بكرامته، أن يُنهى إليه الأحكام إذا جرت على خلاف قواعد الإسلام، وأوجب الله تعالى الشفقة على الرعية والاهتمام بالضعفة وإزالة الضرر عنهم، قال الله تعالى: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [15:88]... وقد أنعم الله تعالى علينا وعلى سائر المسلمين بالسلطان أعز الله أنصاره، فقد أقامه الله لنصرة الدين، والذب عن المسلمين، وأذل له الأعداء من جميع الطوائف، وفتح عليه الفتوحات المشهورة في المدة اليسيرة، وأوقع الرعب منه في قلوب أعداء الدين وسائر المارقين، ومهّد له البلاد والعباد، وقمع بسببه أهل الزيغ والفساد، وأمده بالإعانة واللطف والسعادة، فلله الحمد على هذه النعم المتظاهرة والخيرات المتكاثرة، ونسأل الله الكريم دوامها له وللمسلمين، وزيادتها في خير وعافية آمين. وقد أوجب الله شكر نعمه، ووعد الزيادة للشاكرين، فقال تعالى: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾، وقد لحق المسلمين بسبب هذه الحوطة على أملاكهم أنواع من الضرر، لا يمكن التعبير عنها، وطُلب منهم إثبات لا يلزمهم، فهذه الحوطة لا تحل عند أحد من علماء المسلمين، بل من في يده شيء فهو ملكه، لا يحل الاعتراض عليه، ولا يكلف بإثباته. وقد اشتهر من سيرة السلطان أنه يحب العمل بالشرع، ويوصي نوابه به، فهو أولى من عمل به، والمسؤول: إطلاق الناس من هذه الحوطة والإفراج عن جميعهم، فأطلقهم أطلقك الله من كل مكروه...»
فغضب السلطان من هذه الجرأة عليه، وأمر بقطع رواتبه وعزله عن مناصبه، فقالوا له: «إنه ليس للشيخ راتب وليس له منصب»، ولما رأى الشيخ أن الكتاب لم يفده، مشى بنفسه إلى السلطان وقابله وكلمه كلاماً شديداً، فأراد السلطان أن يبطش به، «فصرف الله تعالى قلبه عن ذلك وحمى الشيخ، وأبطل السلطان أمر الحوطة، وخلَّص الله تعالى الناس من شرها» على قول المؤرخين المسلمين.

صفته الشكلية
قال الذهبي في وصف الإمام النووي: «كان أسمر كث اللحية، ربعة مهيباً، قليل الضحك، عديم اللعب، بل جدّاً صرفاً، يقول الحق وإن كان مُراً، لا يخاف في الله لومة لائم»، ووصفه الذهبي أيضاً بأن لحيته سوداء فيها شعرات بيض، وعليه هيبة وسكينة، وقال الإسنوي: «كان في لحيته شعرات بيض، وعليه سكينة ووقار في البحث مع الفقهاء». وأما ملبسه، فيقول الذهبي في "تاريخ الإسلام": «وكان في ملبسه مثل آحاد الفقهاء من الحوارنة لا يؤبه له، عليه شبختانية صغيرة»، وقال في كتاب "تذكرة الحفاظ": «ملبسه ثوب خام، وعمامة شبختانية صغيرة»، وقال أيضاً: «وكان يلبس الثياب الرثة، ولا يدخل الحمام، وكانت أمه ترسل له القميص ونحوه ليلبسه».

معيشته
كان النووي خشن العيش، قانعاً بالقوت، تاركاً للشهوات، صاحب عبادة وخوف، وكان لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة واحدة، وقوته من قِبَل والده، يُجري عليه في الشهر الشيء الطفيف، وكان لا يشرب إلا مرة بالسحر، فقد ترك جميع ملاذّ الدنيا من المأكول، إلا ما يأتيه به أبوه من كعك يابس وتين حوراني، وترك الفواكه جميعها، وكان لا يأكل في اليوم والليلة سوى أكلة واحدة بعد العشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، وإذا شرب فلا يشرب الماء المبرد. قال ابن العطار: «ورأيت رجلاً من أصحابه قشر خيارة ليطعمه إياها، فامتنع من أكلها وقال: أخشى أن ترطب جسمي وتجلب النوم»، وقال السخاوي: «ونحوه عدم تعاطيه البلح على عادة الدمشقيين». والمشهور أن الإمام النووي لم يتزوج قط.

مؤلفاته

مخطوطة للأربعين النووية في مكتبة تشستر بيتي بإيرلندا
مما يميز حياةَ الإمام النووي العلمية غزارةُ إنتاجه، فقد اعتنى بالتأليف وبدأه عام 660هـ، وكان قد بلغ الثلاثين من عمره، وله الكثير من المؤلفات، مع أنه عاش نحو ست وأربعين سنة فقط، فقد ترك من المؤلفات ما لو قُسم على سنيّ حياته لكان نصيب كل يوم كراستين، ولقد حُكي عنه أنه كان يكتب حتى تكل يده فتعجزه، فيضع القلم ثم ينشد:

لئن كان هذا الدمعُ يجري صبابة على غير سُعدى فهو دمع مُضيّع
قال الكمال الأدفوي: «كل ذلك (أي تصنيف مصنفاته) في زمن يسير وعمر قصير»، وقال ابن العطار: «وانتفع الناس بسائر البلاد بتصانيفه، وأكبوا على تحصيل تواليفه، حتى رأيت من كان يشنؤها (يبغضها) في حياته، مجتهداً في تحصيلها والانتفاع بها بعد موته، فرحمه الله ورضي عنه، وجمع بيننا وبينه في جناته».

وقد ألف النووي في علوم شتى: الفقه والحديث وشرح الحديث والمصطلح واللغة والتراجم والتوحيد وغير ذلك، وتتميز مؤلفاته بالوضوح وصحة التعبير وانسيابه بسهولة وعدم تكلف، يقول الذهبي: «إن عبارته أبسط من كلامه»، وأسلوبه أسلوب عصره مع عذوبة في الألفاظ، حتى إن ابن مالك النحوي الشهير اشتهى أن يحفظ المنهاج إعجاباً بما يكتب ويؤلف. ومؤلفات النووي ثلاثة أقسام: قسم أنجزه وأتمه، وقسم أدركته الوفاة قبل أن يتمه، وقسم غسل أوراقه أي محاها، وكانوا يغسلونها لأمر ما ولا يتلفونها لحاجتهم إلى ورقها. وما زالت مؤلفاته حتى الآن تحظى باهتمام المسلمين، وينتفعون بها في سائر البلاد.


من المهم لكل مسلم أن يقرأ سيرة هذا الإمام العظيم علّه يأخذ من صفاته ومناقبه شيئاً يتقوت به في رحلته إلى الدار الآخرة سواء كان ذلك من 1- ناحية حرصه -رحمه الله- على العلم والقيام بوظائفه مع قصد الله تعالى به فهو ليس للدنيا بل هو كما قال العلم بذاته عبادة إذا قصد به وجه الله فكلما ازداد علماً ازداد من الله قرباً وكلما ازداد قرباً ازداد علماً 2- من زهده في الدنيا وجميع أنواعها وورعه - وهذا ما نفتقده هذه الأيام - فهو لم يعمل لدنياه قط ولم يأخذ منها إلا بمقدار ما يدفع الهلكه عن نفسه 3- أو من ناحية أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر الذي كان لا يخاف في الله لومة لائم وهذا هو مقياس لزيادة إيمان المؤمن..

أما الكتاب فقد جمع فيه الكاتب ترجمته للإمام الفاضل من كل ماظفر به من كتب التراجم الموثوقة ورتبها ونسقها وقدّمها بطريقة جميلة فاشتملت على ذكر كافّة نواحي حياته ،لم يخرج للناس مثلها في هذا الإمام الورع فرحمه الله وأعاد علينا وعلى المسلمين من بركاته واسكنه الجنة بمنته وفضله
الترتيب:

#962

0 مشاهدة هذا اليوم

#47K

12 مشاهدة هذا الشهر

#28K

9K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 215.
المتجر أماكن الشراء
عبد الغني الدقر ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث