📘 ❞ الإمام الشاطبي سيد القراء ❝ كتاب ــ إبراهيم محمد الجرمي اصدار 2000

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب الإمام الشاطبي سيد القراء ❝ ــ إبراهيم محمد الجرمي 📖

█ _ إبراهيم محمد الجرمي 2000 حصريا كتاب الإمام الشاطبي سيد القراء عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 القراء: هو القاسم بن فِيرُّه – بكسر الفاء بعدها ياء مثناة تحتية ساكنة ثم راء مشددة مضمومة هاء ؛ ومعناه بلغة عجم الأندلس : الحديد ابن خلف أحمد أبو وأبو الرعيني الضرير وليُّ الله العلاَّمة أحد الأعلام الكبار المشتهرين الأقطار وهو من علماء المسلمين أهل السنة والجماعة وأبرز علم القراءات نشأته وتربيته هو فيرة (نسبة إلى ذي رعين أقيال اليمن) والشاطبي: بفتح الشين المعجمة وبعد الألف طاء مكسورة مهملة وبعدها باء موحدة هذه النسبة شاطبة وهي مدينة كبيرة ذات قلعة حصينة بشرق خرج منها جماعة العلماء استولى عليها الفرنج العشر الأخير شهر رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة ولادته ولد عام 538 هـ بالأندلس كف بصره صغيرًا وعنيت به أسرته فحفظ القرآن الكريم وتعلم طرفًا الحديث والفقه واتجه حلقات العلم التي كانت تعقد مساجد ومالت نفسه فتلقاها أبي عبد العاص النفزي شد رحاله بلنسية وكانت حواضر وممن كناه أبا كالسخاوي وغيره لم يجعل له اسماً سواها والأكثرون أنه في بلنسية رحل بالقرب بلده فعرض بها التيسير حفظه والقراءات هذيل وسمع منه وروى عنه وعن يوسف سعادة صاحب علي الحسين سكرة الصدفي الشيخ عاشر البطليوسي جعفر المرسي العباس طرازميل الحسن عليم هاني العمري وأبي حميد أخذ «كتاب سيبويه» و«الكامل» للمبرد و«أدب الكاتب» لابن قتيبة وغيرها الرحيم النعمة كتاب: «ريّ الظمآن تفسير القرآن» حبيش الحق عطية التفسير المشهور ورواه رحلة الحج ثم رحل للحج فسمع طاهر السلفي بالإسكندرية ولما دخل مصر أكرمه القاضي الفاضل وعرف مقداره وأنزله بمدرسته بناها بدرب الملوخيا داخل القاهرة وجعله شيخها وعظمه تعظيماً كثيراً فجلس للإقراء وقصده الخلائق وبها أتم نظَم هذا المتن المبارك ونظم أيضًا قصيدته الرائية المسماة: «عقيلة أتراب القصائد أسنى المقاصد» الرسم وقصيدة أخرى تسمى «ناظمة الزهر» عدد الآي دالية خمسمائة بيت لـخَّصَ فيها «التمهيد» البر إنه لما فتح الملك الناصر صلاح الدين المقدس توجه فزاره 589 رجع فأقام بالمدرسة الفاضلية يُقرئ حتى تُوفي قيل عنه وكان إماماً كبيراً أعجوبة الذكاء كثير الفنون آية آيات غاية حافظاً للحديث بصيراً بالعربية اللغة رأساً الأدب مع الزهد والولاية والعبادة والانقطاع والكشف شافعي المذهب مواظباً السُّنَّة قال خلكان: « كان إذا قُرئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ تُصحح النسخ » بلغنا وُلد أعمى ولقد حكى أصحابه ومن يجتمع عجائباً! وعظموه بالغاً أنشده الحافظ شامة الدمشقي نظمه ذلك: رَأَيْتُ جَمَاعَةً فُضَلاَءَ فَازُوا برُؤْيَةِ شَيْخِ مِصْرَ الشَّاطِبيِّ وَكُلُّهُمُ يُعَظِّمُهُ وَيُثْنِي كَتَعْظِيمِ الصَّحَابَةِ للنَّبِيِّ وذكر بعضهم: أن يُصلي الصبح بالفاضلية يجلس فكان الناس يتسابقون إليه وكان قعد لا يزيد قوله: جاء أوَّلاً فليقرأ يأخذ الأسبق فالأسبق يتكلم إلاََّ بما تدعو الضرورة ولا إلا طهارة هيئة حسنة وخضوع واستكانة ويمنع جلساءه الخوض والقرآن يعتل العلة الشديدة ولا يشتكي يتأوَّه وإذا سُئل حاله قال: العافية ذلك اهـ طلابه وممن قرأ النظم وعرض ما تضمنه القراءات: الصمد السخاوي أجلُّ أنبغ تلاميذه وانتهت رئاسة الإقراء بعد شيخه والإمام عمر القرطبي والسديد عيسى مكي ومرتضى والكمال شجاع صهره والزَّيْن الكردي الرحمن سعيد الشافعي وعيسى إسماعيل المقدسي وعلي موسى النجيبي وعبد التونسي وممن سمع وقرأ بعض عمرو عثمان الحاجب والشيخ هبة الجميزي بكر وضَّاح اللخمي الوارث الأزرق آخر موتاً منظومة الشاطبية هذا بحرز الأماني ووجه التهاني للإمام الورع فيره جمع ناظمه تواتر السبعة وهي أوائل نظمت إن تكن أولها الإطلاق وفضلا أنها حوت السبع المتواترة فهي تعتبر عيون الشعر اشتملت عذوبة الألفاظ ورصانة الأسلوب وجودة السبك وحسن الديباجة وجمال المطلع والمقطع وروعة المعنى وسمو التوجيه وبديع الحكم الإرشاد بحق كما العلامة الجزري ومن وقف مقدار آتاه خصوصا اللامية عجز البلغاء بعده معارضتها فإنه يعرف مقدارها نظم منوالها أو قابل بينها وبين طريقها رزق الكتاب الشهرة والقبول أعلمه لكتاب غيره الفن بل أكاد أقول غير فإنني أحسب بلدا بلاد الإسلام يخلو أظن طالب نسخة به ولقد تنافس ورغبوا اقتناء الصحاح وبالغ التغالي بعضهم بذلك حد تكون لغير معصوم ويقول الذهبي كتابه معرفة الكبار: ولقد سارت الركبان بقصيدته حرز وعقيلة اللتين والرسم وحفظهما خلق يحصون وخضع لها فحول الشعراء وكبار وحذاق فلقد أبدع وأوجز وسهل الصعب لذا تلقاها سائر الأعصار والأمصار بالقبول وعنوا أعظم عناية مقدمة تميم الزعبي تعود شهرة منظومته "حزر التهاني" قراءات نافع إمام المدينة وابن مكة العلاء البصرة وعاصم وحمزة والكسائي أئمة الكوفة عامر الشام وجاء يقرأ قصيدتي وينفعه لأنني نظمتها لله ومتن الشاطبية المدهش نجد يكتف بالقراءات فحسب ضمن العديد الفوائد النحوية واللغوية والإشارت الوعظية والاقتباسات الحديثية والشاطبية قصيدة لامية اختصرت "التيسير السبع" الداني المتوفى (444هـ= 1052م) وقد لقيت إقبالا منقطع النظير تزال يومنا العمدة لمن يريد إتقان وظلت موضع اهتمام منذ نظمها رواية وأداء وذلك لإبداعها العجيب استعمال الرمز وإدماجه الكلام حيث استعمله عوضًا أسماء الرواة فقد يدل الحرف قارئ واحد أكثر وهناك رموز ومصطلحات المنظومة البديعة يعرفها أتقن منهج مصطلحه ضمّن منهجه وطريقته أبياتها: جزى بالخيرات عنا أئمة لنا نقلوا عذبًا وسلسلا فمنهم بدور سبعة قد توسطت سماء العلا والعدل زهرًا وكُمَّلا لها شهب عنها استنارت فنورت سواد الدجى تفرق وانجلا ولم يحظ بالعناية حظيت كثر شُراحها وتعددت مختصراتها أشهر شروح الشاطبية: فتح الوصيد شرح القصيد لـ "علم السخاوي" 643هـ= 1245م وإبراز المعاني "أبي شامة" 665هـ= 1266م وكنز "الجعبري" 732هـ=1331م وسراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي "ابن القاصح" 801هـ= 1398م وتقريب النفع للشيخ "علي الضباع" شيخ عموم المقارئ المصرية 1380هـ= 1961 م والوافي "عبد الفتاح القاضي" 1403هـ= 1982م وقد بارك تصنيفه سيما رُزق القبول والشهرة نعلمه صارت جميع تخلو بالغ فيه وأخذ أقواله مُسلَّمة واعتبار ألفاظه منطوقاً ومفهوماً وتجاوز الحد فزعم هو وأن عدا تجوز القراءة به! شرحه الأئمة المعتبرين منهم: برهان الجعبري وشمس الكوراني الفناري وعلم المصري النحوي المعروف بشعلة الموصلي وعلاء بابن القاصح البغدادي الفاسي وعماد يعقوب الحصني القسطلاّني وتقي ا الإمام مصر ذكرت كتب التراجم انتقل جاوز الثلاثين عمره انتقاله (572هـ) وكان وصول استقلال الأيوبي بالحكم وقيام الدولة الأيوبية وزارة تابعة لنور محمود زنكي المعركة وصلى وصام واعتكف ولما استقبله فأكرمه إكرامه الملوخية وبقي يُقْرِئ توفاه والأعلام مجاناً PDF اونلاين الذي يتناول سير حياة عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد الذين تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم عهد الرسول صلى وسلم بزمن يسير حرص حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي والناس روى مسلم صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي عباس فجعل يحدث ويقول: رسول يأذن لحديثه ينظر فقال: يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ فقال عباس: إنا كنا مرة سمعنا رجلا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة الرجال ناقلي بسبب حال نقلة النبوية ينبني المعرفة قبول والتعبد تعالى رد تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات بيان أهمية صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من منهم حدث سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) وما مدة ملازمته لكلّ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ هي الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب تفرّدته الأمة الإسلامية باقي الأمم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الإمام الشاطبي سيد القراء
كتاب

الإمام الشاطبي سيد القراء

ــ إبراهيم محمد الجرمي

صدر 2000م عن دار القلم للنشر والتوزيع
الإمام الشاطبي سيد القراء
كتاب

الإمام الشاطبي سيد القراء

ــ إبراهيم محمد الجرمي

صدر 2000م عن دار القلم للنشر والتوزيع
عن كتاب الإمام الشاطبي سيد القراء:

هو القاسم بن فِيرُّه – بكسر الفاء، بعدها ياء مثناة تحتية ساكنة، ثم راء مشددة مضمومة، بعدها هاء ؛ ومعناه بلغة عجم الأندلس : الحديد – ابن خلف بن أحمد أبو القاسم، وأبو محمد الشاطبي الرعيني، الضرير، وليُّ الله الإمام العلاَّمة، أحد الأعلام الكبار المشتهرين في الأقطار. وهو من علماء المسلمين أهل السنة والجماعة وأبرز علماء علم القراءات.

نشأته وتربيته
هو أبو محمد القاسم بن فيرة بن أحمد الشاطبي الرعيني (نسبة إلى ذي رعين أحد أقيال اليمن). والشاطبي: بفتح الشين المعجمة وبعد الألف طاء مكسورة مهملة وبعدها باء موحدة، هذه النسبة إلى شاطبة، وهي مدينة كبيرة ذات قلعة حصينة بشرق الأندلس، خرج منها جماعة من العلماء، استولى عليها الفرنج في العشر الأخير من شهر رمضان، سنة خمس وأربعين وستمائة.

ولادته
ولد عام 538 هـ في مدينة شاطبة بالأندلس، كف بصره صغيرًا، وعنيت به أسرته، فحفظ القرآن الكريم، وتعلم طرفًا من الحديث والفقه، واتجه إلى حلقات العلم التي كانت تعقد في مساجد شاطبة، ومالت نفسه إلى علم القراءات، فتلقاها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي، ثم شد رحاله إلى بلنسية وكانت من حواضر العلم في الأندلس. وممن كناه أبا القاسم كالسخاوي وغيره، لم يجعل له اسماً سواها. والأكثرون على أنه أبو محمد القاسم.

في بلنسية
رحل إلى بلنسية بالقرب من بلده، فعرض بها التيسير من حفظه والقراءات على الإمام ابن هذيل وسمع منه الحديث وروى عنه وعن أبي عبد الله محمد بن أبي يوسف بن سعادة، صاحب أبي علي الحسين بن سكرة الصدفي ؛ وعن الشيخ أبي محمد عاشر بن محمد بن عاشر، صاحب أبي محمد البطليوسي ؛ وعن أبي محمد عبد الله بن أبي جعفر المرسي ؛ وعن أبي العباس بن طرازميل ؛ وعن أبي الحسن عليم بن هاني العمري، وأبي عبد الله محمد بن حميد، أخذ عنه «كتاب سيبويه» و«الكامل» للمبرد و«أدب الكاتب» لابن قتيبة وغيرها ؛ وعن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحيم، وأبي الحسن ابن النعمة صاحب كتاب: «ريّ الظمآن في تفسير القرآن»، وعن أبي القاسم حبيش صاحب عبد الحق بن عطية، صاحب التفسير المشهور، ورواه عنه.

رحلة الحج
ثم رحل للحج ؛ فسمع من أبي طاهر السلفي بالإسكندرية وغيره. ولما دخل مصر، أكرمه القاضي الفاضل وعرف مقداره، وأنزله بمدرسته التي بناها بدرب الملوخيا داخل القاهرة، وجعله شيخها، وعظمه تعظيماً كثيراً، فجلس بها للإقراء، وقصده الخلائق من الأقطار، وبها أتم نظَم هذا المتن المبارك. ونظم – أيضًا – قصيدته الرائية المسماة: «عقيلة أتراب القصائد، في أسنى المقاصد» في علم الرسم، وقصيدة أخرى تسمى «ناظمة الزهر» في علم عدد الآي. وقصيدة دالية خمسمائة بيت لـخَّصَ فيها «التمهيد» لابن عبد البر. ثم إنه لما فتح الملك الناصر صلاح الدين يوسف بيت المقدس، توجه فزاره سنة /589 هـ/، ثم رجع فأقام بالمدرسة الفاضلية يُقرئ حتى تُوفي.

قيل عنه
وكان إماماً كبيراً، أعجوبة في الذكاء، كثير الفنون، آية من آيات الله، غاية في القراءات، حافظاً للحديث، بصيراً بالعربية، إماماً في اللغة، رأساً في الأدب، مع الزهد والولاية، والعبادة، والانقطاع والكشف، شافعي المذهب، مواظباً على السُّنَّة ؛ قال ابن خلكان: « كان إذا قُرئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ، تُصحح النسخ من حفظه ». بلغنا أنه وُلد أعمى. ولقد حكى عنه أصحابه ومن كان يجتمع به عجائباً! وعظموه تعظيماً بالغاً، حتى أنشده الإمام الحافظ أبو شامة الدمشقي من نظمه في ذلك:

رَأَيْتُ جَمَاعَةً فُضَلاَءَ فَازُوا برُؤْيَةِ شَيْخِ مِصْرَ الشَّاطِبيِّ
وَكُلُّهُمُ يُعَظِّمُهُ وَيُثْنِي كَتَعْظِيمِ الصَّحَابَةِ للنَّبِيِّ
وذكر بعضهم: أن الشاطبي كان يُصلي الصبح بالفاضلية، ثم يجلس للإقراء، فكان الناس يتسابقون إليه، وكان إذا قعد لا يزيد على قوله: من جاء أوَّلاً فليقرأ ؛ ثم يأخذ على الأسبق فالأسبق ؛ وكان لا يتكلم إلاََّ بما تدعو الضرورة إليه.

ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة، في هيئة حسنة وخضوع واستكانة، ويمنع جلساءه من الخوض إلا في العلم والقرآن ؛ وكان يعتل العلة الشديدة ولا يشتكي، ولا يتأوَّه ؛ وإذا سُئل عن حاله قال: العافية ؛ لا يزيد على ذلك. اهـ.

طلابه
وممن قرأ عليه هذا النظم المبارك، وعرض عليه ما تضمنه من القراءات: الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي، وهو أجلُّ أصحابه وكان أنبغ تلاميذه، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بعد شيخه، ؛ والإمام أبو عبد الله محمد بن عمر القرطبي، والسديد عيسى بن مكي، ومرتضى بن جماعة، والكمال علي بن شجاع الضرير، وهو صهره ؛ والزَّيْن محمد بن عمر الكردي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن سعيد الشافعي، وعيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسي، وعلي بن محمد بن موسى النجيبي وعبد الرحمن بن إسماعيل التونسي.

وممن سمع عليه، وقرأ عليه بعض القراءات: الإمام أبو عمرو عثمان بن عمر بن الحاجب، والشيخ أبو الحسن علي بن هبة الله بن الجميزي، وأبو بكر محمد بن وضَّاح اللخمي، وعبد الله بن عبد الوارث بن الأزرق، وهو آخر أصحابه موتاً.

منظومة الشاطبية
هذا النظم المبارك المشهور بحرز الأماني ووجه التهاني للإمام الورع القاسم بن فيره بن خلف الشاطبي الرعيني جمع ناظمه ما تواتر عن القراء السبعة

وهي من أوائل القصائد التي نظمت في علم القراءات إن لم تكن أولها على الإطلاق وفضلا عن أنها حوت القراءات السبع المتواترة فهي تعتبر من عيون الشعر بما اشتملت عليه من عذوبة الألفاظ ورصانة الأسلوب وجودة السبك وحسن الديباجة وجمال المطلع والمقطع وروعة المعنى وسمو التوجيه وبديع الحكم وحسن الإرشاد فهي بحق كما قال العلامة ابن الجزري

ومن وقف على قصيدته علم مقدار ما آتاه الله في ذلك خصوصا اللامية التي عجز البلغاء من بعده عن معارضتها فإنه لا يعرف مقدارها إلا من نظم على منوالها أو قابل بينها وبين ما نظم على طريقها ولقد رزق هذا الكتاب من الشهرة والقبول ما لا أعلمه لكتاب غيره في هذا الفن بل أكاد أن أقول ولا في غير هذا الفن فإنني لا أحسب بلدا من بلاد الإسلام يخلو منه بل لا أظن أن بيت طالب علم يخلو من نسخة به

ولقد تنافس الناس فيها ورغبوا من اقتناء النسخ الصحاح منها وبالغ الناس في التغالي فيها حتى خرج بعضهم بذلك عن حد أن تكون لغير معصوم

ويقول الإمام الذهبي في كتابه معرفة القراء الكبار:

ولقد سارت الركبان بقصيدته حرز الأماني وعقيلة أتراب القصائد اللتين في القراءات والرسم وحفظهما خلق لا يحصون وخضع لها فحول الشعراء وكبار البلغاء وحذاق القراء فلقد أبدع وأوجز وسهل الصعب

لذا تلقاها العلماء في سائر الأعصار والأمصار بالقبول الحسن وعنوا بها أعظم عناية من مقدمة محمد تميم الزعبي

تعود شهرة الشاطبي إلى منظومته "حزر الأماني ووجه التهاني" في القراءات السبع، وهي قراءات نافع إمام أهل المدينة، وابن كثير إمام أهل مكة، وأبي عمرو بن العلاء بن العلاء إمام أهل البصرة، وعاصم وحمزة والكسائي أئمة أهل الكوفة، وابن عامر إمام أهل الشام. وجاء عنه قال: لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلا وينفعه الله، لأنني نظمتها لله.

ومتن الشاطبية، ذلك النظم المدهش، نجد الشاطبي لم يكتف بالقراءات فحسب، بل ضمن منظومته العديد من الفوائد النحوية، واللغوية، والإشارت الوعظية، والاقتباسات الحديثية.

والشاطبية قصيدة لامية اختصرت كتاب "التيسير في القراءات السبع" للإمام أبي عمرو الداني المتوفى سنة (444هـ= 1052م)، وقد لقيت إقبالا منقطع النظير، ولا تزال حتى يومنا هذا العمدة لمن يريد إتقان القراءات السبع، وظلت موضع اهتمام العلماء منذ أن نظمها الشاطبي رواية وأداء، وذلك لإبداعها العجيب في استعمال الرمز وإدماجه في الكلام، حيث استعمله عوضًا عن أسماء القراء أو الرواة، فقد يدل الحرف على قارئ واحد أو أكثر من واحد، وهناك رموز ومصطلحات في المنظومة البديعة، لا يعرفها إلا من أتقن منهج الشاطبي وعرف مصطلحه، وقد ضمّن في مقدمة المنظومة منهجه وطريقته، ومن أبياتها:

جزى الله بالخيرات عنا أئمة لنا نقلوا القرآن عذبًا وسلسلا
فمنهم بدور سبعة قد توسطت سماء العلا والعدل زهرًا وكُمَّلا
لها شهب عنها استنارت فنورت سواد الدجى حتى تفرق وانجلا
ولم يحظ كتاب في القراءات بالعناية التي حظيت بها هذه المنظومة، حيث كثر شُراحها وتعددت مختصراتها، ومن أشهر شروح الشاطبية:

فتح الوصيد في شرح القصيد لـ "علم الدين السخاوي"، المتوفى سنة 643هـ= 1245م.
وإبراز المعاني من حرز التهاني لـ "أبي شامة"، المتوفى سنة 665هـ= 1266م.
وكنز المعاني في شرح حرز الأماني ووجه التهاني لـ "الجعبري"، المتوفى سنة 732هـ=1331م.
وسراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي لـ "ابن القاصح"، المتوفى سنة 801هـ= 1398م.
وتقريب النفع في القراءات السبع للشيخ "علي محمد الضباع"، شيخ عموم المقارئ المصرية، المتوفى سنة 1380هـ= 1961 م.
والوافي في شرح الشاطبية لـ "عبد الفتاح القاضي"، المتوفى سنة 1403هـ= 1982م.
وقد بارك الله له في تصنيفه، لا سيما هذا النظم المبارك، فلقد رُزق من القبول والشهرة، ما لا نعلمه لكتاب غيره في هذا الفن، حتى صارت جميع بلاد الإسلام لا تخلو منه، ولقد بالغ أكثر الناس في التغالي فيه، وأخذ أقواله مُسلَّمة، واعتبار ألفاظه منطوقاً ومفهوماً، وتجاوز بعض الحد فزعم أن ما فيها هو القراءات السبع، وأن ما عدا ذلك لا تجوز القراءة به! وقد شرحه كثير من الأئمة المعتبرين، منهم: برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري، وشمس الدين الكوراني، وشمس الدين الفناري، وعلم الدين علي بن محمد السخاوي المصري، وأبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل النحوي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد – المعروف بشعلة الموصلي – وعلاء الدين بن عثمان المعروف بابن القاصح البغدادي، وأبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد الفاسي، وعماد الدين علي بن يعقوب الموصلي، وجمال الدين بن علي الحصني، وأبو العباس أحمد بن محمد القسطلاّني المصري، وأبو العباس أحمد بن علي الموصلي، وتقي الدين عبد الرحمن بن أحمد ا

الإمام الشاطبي في مصر
ذكرت كتب التراجم أن الإمام الشاطبي انتقل إلى مصر بعد ما جاوز الثلاثين من عمره، وكان انتقاله عام (572هـ).

وكان وصول الإمام الشاطبي إلى مصر بعد استقلال صلاح الدين الأيوبي بالحكم في مصر وقيام الدولة الأيوبية، بعد أن كانت وزارة صلاح الدين الأيوبي تابعة لنور الدين محمود زنكي في الشام، ولما فتح صلاح الدين بيت المقدس في هذه المعركة توجه الإمام الشاطبي إلى بيت المقدس، وصلى به وصام فيه رمضان واعتكف.

ولما دخل الشاطبي مصر استقبله القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي اللخمي فأكرمه وبالغ في إكرامه، وأنزله بمدرسته التي بناها بدرب الملوخية داخل القاهرة، وجعله شيخها، وبقي الإمام الشاطبي بها يُقْرِئ القراءات إلى أن توفاه الله.
الترتيب:

#7K

0 مشاهدة هذا اليوم

#43K

13 مشاهدة هذا الشهر

#21K

11K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 270.
المتجر أماكن الشراء
إبراهيم محمد الجرمي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث