█ _ يوسف القرضاوي 2010 حصريا كتاب الورع والزهد عن مكتبة وهبة 2024 والزهد: مقدمة الحمد لله والصلاة والسلام سيدنا وإمامنا وأسوتنا ومعلِّمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن اتَّبع هداه (وبعد) فإن تعالى قد خلقنا لنعرفه ونعبده وحده لا شريك له ونقوم بخلافته أرضه وهي المنزلة التي اشرأبَّت إليها أعناق الملائكة أن تُناط بهم قائلين: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة:30] فخصَّ الإنسان بالاستخلاف الأرض ومكَّن فيها وجعل معايش وبارك وقدَّر أقواتها مبتلى {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ} [الإنسان:2] ومما ابتلاه به: أمانة التكاليف جمع تكليف وهو إلزام ما فيه كُلفة ومشقَّة الأمانة عُرضت {عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:73 72] وكان من تمام نعمة الإنسان: أنه أمدَّه بكلِّ يعينه أداء مهمَّة العبادة والاستخلاف وبلوغ كماله المقدَّر فمنحه العقل الذي به يفكِّر والإرادة بها يرجِّح والقدرة ينفِّذ وآتاه المواهب والملكات النفسية والروحية لم يؤته مخلوقًا آخر وأنزل عليه الكتب وبعث الرسل مبشِّرين ومنذرين لئلا يكون للناس حُجَّة بعد كما كان الابتلاء للإنسان: سلَّط نفسه بين جنبيه أمَّارة بالسوء تحبُّ العاجلة وتَذَرُ الآخرة وسلَّط عدوَّه إبليس اللعين (الشيطان) وجنوده وقد حلف أمام جلَّ وعلا: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:16 17] ؛ ومن يومها والمعركة دائرة الشيطان والإنسان حذَّر منه أشدَّ التحذير: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6] وقام الأنبياء وورثتهم العلماء بمهمَّتهم تنبيه الخلق غفلتهم وإمدادهم بالأسلحة تُعينهم معركتهم حتى يستحوذ عليهم فينسيهم ذكر وينضمُّوا إلى حزب المجافي والمعادي لحزب الرحمن وركْب الإيمان وبيَّنوا عهد إليهم عبادته عزَّ وجلَّ ومعاداة عدوِّه: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ لّا تَعْبُدُوا مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [يس:60 61] فالله يريد عباده يعبدوه ولا يشركوا بعبادته أحدًا شيئًا وذلك باتِّباع منهجه الرباني شرعه ألسنة رسله وخاتمهم محمد صلى وسلم والشيطان يريدهم يتَّبعوا ويَدَعوا منهج فيَدَعوا الهدى الضلال والنور الظلام؛ هنا قام الربانيون كلِّ جيل متأسِّين برسول مقتبسين مشكاة نبوَّته ليردُّوا الناس ويسوقوهم الجنة مرغِّبين ومرهِّبين وألاَّ تغرُّهم الحياة الدنيا يغرُّهم بالله الغرور وأن يسيروا طريق عبادة مخلصين الدين حنفاء وعبادة تشمل الظاهرة والعبادة الباطنة وإذا (علم الفقه) يعنى (بالعبادات الظاهرة) الصلاة والزكاة والذكر والتسبيح والدعاء فإن السلوك) أو (فقه الباطنة) النية والإخلاص والتوكُّل والتوبة والرجاء والخوف والشكر والصبر والورع والمراقبة والمحاسبة وغيرها منازل السائرين ومدارج السالكين مقامات (إياك نعبد وإياك نستعين) حسب تعبير الإمام الهروي ونحن نعلم القرآن جعل النجاة منوطة بسلامة القلب: {يَوْمَ يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:89 88] والقلب السليم هو الشرك والنفاق والكبر والحقد والرياء وآثار البدع والمعاصي يدخلها إلاَّ ذا قلب منيب: {هَذَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاءَ مُّنِيبٍ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} [ق:32 34] وفي الحديث المتَّفق عليه: "ألا إن الجسد مضغة إذا صلحت صلح كلُّه وإذا فسدت فسد كلُّه" هذا كنتُ أصدرت أربع كتب سلسلة الطريق حول: الربانية والعلم التوكُّل واليوم أُتبعها بخامس (الورع والزهد) ولعله ينبغي يقدَّم بعض نُشر ولكني جرت عادتي أكتب فيما ييسِّر لي الكتابة ثم أنشره حاله وإن يكن الترتيب أحبُّه ولعل ذلك يحدث تتمَّ أجزاء السلسلة فإما أرتِّبها أنا قدَّر يرتِّبها بعدي يقوم تراثي وكلُّ شيء عند بأجل مسمَّى الزهد والتصوف وتزكية النفس مجاناً PDF اونلاين ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل تصوف الصوفية التصوف مذهب إسلامي لكن وفق الرؤية الصوفية ليست مذهبًا وإنما أحد أركان الثلاثة (الإسلام الإحسان) فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام وعلم العقيدة بالإيمان بتحقيق مقام الإحسان التربية والسلوك تربية وتطهيرهما الرذائل وتحليتهما بالفضائل الركن الثالث الإسلامي الكامل ركني والإيمان جمعها حديث جبريل السلام وذكرها ابن عاشر منظومته (المرشد المعين الضروري علوم الدين) وحث أكثر لما عظيم القدر والشأن قال العارف أحمد بن عجيبة: "مقام يُعبّر عنه بالشريعة ومقام بالطريقة بالحقيقة فالشريعة: الظواهر والطريقة: تصفية الضمائر والحقيقة: شهود الحق تجليات المظاهر فالشريعة تعبده والطريقة تقصده والحقيقة تشهده" وقال أيضاً: "مذهب الصوفية: العمل حدّه الجوارح يُسمى انتقل لتصفية البواطن بالرياضة والمجاهدة فتح العبد بأسرار الحقيقة الإحسان" والإحسان كما تضمنه هو: (أن تعبد كأنك تراه تكن فإنه يراك) يسلكه للوصول أي الوصول معرفته الاجتهاد العبادات واجتناب المنهيات وتربية وتطهير القلب الأخلاق السيئة وتحليته بالأخلاق الحسنة وهذا المنهج يقولون يستمد أصوله وفروعه والسنة النبوية واجتهاد يرد نص فهو علم كعلم مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده كغيره العلوم جيلاً جعلوه علما سموه بـ التزكية السلوك فألفوا الكثيرة بينوا أشهر هذه الكتب: الحِكَم العطائية لابن عطاء السكندري قواعد للشيخ زروق وإحياء للإمام الغزالي والرسالة القشيرية القشيري والتعرف لمذهب أهل أبي بكر الكلاباذي ومعنى الحقيقي الصدر الأول عصر الصحابة فالخلفاء الأربعة كانوا صوفيين معنى ويؤكد حلية الأولياء للحافظ نعيم الأصبهاني مشاهير المحدثين فقد بدأ كتابه الحلية بصوفية أتبعهم التابعين وهكذا انتشرت حركة العالم القرن الهجري كنزعات فردية تدعو وشدة تطورت تلك النزعات صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق والتاريخ زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل: الجنيد البغدادي وأحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني وأبو الحسن الشاذلي مدين الغوث ومحي عربي وشمس التبريزي وجلال الرومي والنووي والغزالي والعز عبد القادة صلاح الأيوبي ومحمد الفاتح والأمير وعمر المختار وعز القسام نتج كثرة دخول غير المتعلمين والجهلة طرق عدد الممارسات خاطئة عرّضها بداية الماضي للهجوم باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية تنشر الخرافات مع منتصف الهجوم قبل المدرسة السلفية بدعة دخيلة
❞ ضرورة الحوار مع الدعاة إلى تحكيم الشريعة الإسلامية، نظرا لخطورة الموضوع، واتساع القاعدة، التي تنادى به، وعدم قيام حوار من هذا النوع، رغم أهميته لحاضر الأمة ومستقبلها . ❝
❞ التسليم بالواقع هو مقتضى العقل و الدين معاً وإلا فليفعل ما يشاء من إظهار الكآبه و الهلع و المبالغة في الوهج و التشكي
هل يغير هذا من الواقع شيئاً ؟ و هل يبدل سنن الله في الكون ؟
بالقطع لا، و إنما يزيد النفس كمداً و غماً! . ❝
❞ الإنسان بطبعه عجول ، حتى جعل القرآن العجل كأنه المادة التي خلق الإنسان منها فإذا أبطأ على الإنسان ما يريده نفذ صبره و ضاق صدره، ناسياً أن لله في خلقه سننا لا تتبدل و أن لكل شيء أجل مسمى و أن الله لا يعجل بعجلة أحد من الناس، ولكل ثمرة أوان تنضج فيه فيحسن عندئذ قطافها و الاستعجال لا ينضجها قبل وقتها . ❝
❞ مِن إحسان العمل: أن نُقَدِّم ما حقه التقديم، ونؤخِّر ما حقه التأخير، ونضع كل عمل في مرتبته التي وضعها له الشرع؛ فلا نُقَدِّم النافلة على الفريضة، ولا الفرع على الأصل، ولا نقترف حرامًا لنفعل مستحبًّا، أو نضيع فرضًا لنتجنب مکروهًا، أو نُقَدِّم فرْض الكفاية على فرْض العين، أو نُقَدِّم فرْض الكفاية الذي قام به عدد كافٍ، على فرْض الكفاية الذي لم يقم به أَحد، أو لم يقم به مَن یکفي ويُغني، أو نُقَدِّم فرْض العين المتعلق بحق الأُمَّة، على فرْض العين المتعلق بحق الأفراد وهكذا، وهذا ما سميته: فِقه الأولويات . ❝