📘 ❞ بدايات علم الكلام في الإسلام ❝ كتاب ــ جوزيف فان إس اصدار 1977

الفكر والفلسفة - 📖 كتاب ❞ بدايات علم الكلام في الإسلام ❝ ــ جوزيف فان إس 📖

█ _ جوزيف فان إس 1977 حصريا كتاب ❞ بدايات علم الكلام الإسلام ❝ 2024 : يوسف أس منحازٌ للمدرسة المعتزلية لكنه موسوعته وتقديمه هذا يتعرض لكلّ الاتجاهات الكلامية والواقع أنه يرسمُ هنا حدود اللاهوت أو أصول الدين بعد التمهيد خمسة فصول: المتكلمون نَظَر أنفُسِهِمْ: الخلافات والزندقة – والكلام والقرآن: معراج النبي والنقاش بشأن التجسيم والعلم: الذَريّة الإنساني: الصُوَر التاريخية والأفكار السياسية ومبادئ الكلام: التأويل والمعرفة في صفحات التقديم ينبّه المؤلّف إلى أنَّ الاهتمام اليوم منصبٌّ الأصولية الإسلامية وما كان الأمر كذلك قبل مدة الغرب كما الشرق لكنّ الإسلامي فقد حظوظَهُ لدى المسلمين أنفُسِهِمْ قرونٍ طويلة تقدَّمَ عليه الفقه بقي من اهتمامات سيطرت فيها الأشعرية السنية وجاء الحنابلةُ وبعدها الوهّابية فَحَرَّموا (الكلام العقائديَّ) كلَّه إنما ما نتحدث عنه ينصبٌّ القرون الثاني والثالث والرابع للهجرة وفي ظهر وسيطروا وأثاروا مشكلاتٍ وحقّقوا أهدافاً وحدَّدوا حدوداً ونافسوا فلاسفةَ الأوائل (الكندي والفارابي وابن سينا رشد) لكنهم أخطأوا الانحياز للسلطة فيما يُعرفُ بأحداث المحنة والتي حاول خلالها الخليفة المأمون أن يفرض عقيدةً معيَّنةً العلماء والعامة ولذلك أَعرض عنهم الناس وفقدوا بالتدريج أهميتهم ودورَهم فلنَسْتَعرِضْ البحث اللاهوتي فترة ازدهار القرنين (الثامن والتاسع للميلاد) الفصل الأول: يرون أنُفَسهم الاختلاف يذكّر المؤلف بمسائل لتكفير اليوم: كيف فَرِّق القضاء بين نصر حامد أبو زيد وامرأته ثم أولئك الذين سمِّوا أنفسهم بالتكفير والهجرة المتشددين كفَّروا كلَّ الآخرين وهجروهم هاجروا بينهم تشبُّهاً بهجرة مكة ويعود العصور الوسطى فيقول إنّ التكفير شائعاً أيضاً المعتزلة العقلانيين فأبو هاشم الجبُاّئي كفِّر أباه وأُخت أبي كفِّرت أخاها وأباها! وأبو حيان التوحيدي (أديبٌ القرن الرابع) يذكر ذلك بأسى ويصرخ: متى سينتهي هؤلاء الأفاضل؟! الابتداع الكفر (بالله بالأعراف الدينية التي عليها إجماع) يُسمّى هَرسَي (heresy) وهي كلمة إغريقية كانت تعني (اختيار) وأعطاها آباءُ الكنيسة (في المسيح) الجانب السلبيَّ عندما اعتبروا أنّ المخالفين لهم اختاروا (خياراً) خاطئاً يمكن يقول المسلمون تبعاً للقرآن: اتبعوا أهواءَهم (من الهوى)! والهوى يتمثّل ترك العقيدة بعض بنودها اتفق اللاهوتيون وفاعلُ يُسمَّى أبوستات مُرتد أي تارك للعهد والعقد مع الله هذه الأمور مسيحية بحتة وليست موجودةً الأصل اليهود والمسلمين ومع وجُدت الاتهامات بالكفر وبالارتداد ليس طبقة رجال هي تملكُ (الخَلاص) تدُيرُهُ وتُدخلُ فيه تخرجُ منه ليست بنود اعتقادية ينبغي الالتزامُ بها شأن هو المسيحية (قانون إيمان) الشهادتان والإيمان بالله الواحد والنبوات واليوم الآخر هكذا بشكل عام النقاشين الأول والثاني (واللذين تسبّبا الظهور الكلام) دارا حول الإيمان بالذات أمةٌ واحدةٌ متآخية القرآن وقد حققوا انتصارات مُذْهلة العالَم خلال السابع والثامن للميلاد اختلفوا ودارت فتنٌ وحروبٌ فهؤلاء المتحاربون (عثمان وخصومه وعلي ومعاوية) وكلهم أصحاب الكبار بقوا جميعاً مؤمنين وناجين رغم بعضَهم قَتَل البعضَ الآخر؟ وبالتالي علاقةُ بالعمل؟ اختلف واصل بن عطاء مؤسِّس الاعتزال شيخه الحسن البصري إيمان عدم (مرتكب الكبيرة) كبيرة القتل لمؤمنٍ آخر أمّا المسألة الثانية جرى التكقير أساسٍ منها فهي: القضاءُ والقدر طبيعةُ علاقة بالإنسان؟ مَنْ المسؤول عن أفعال الإنسان وعن ولادته؟ هناك خلافٌ كثيرٌ الولادة والموت (وإن يكن يقولون المقتول ميتٌ بغير أَجَلِه) الخلاف انصبَّ والمسؤولية بشأنها فإن مقدَّرةً فكيف يُحاسبُهُ عليها؟ وإن الإنسانُ مستقلاً فهذا يعني لا يعلمُها وهذا قصورٌ يُنزِّهُ اللهُ الإيمانُ والقَدَر كانا إذن الموضوعين الأُولين اللذين حولهما وهما الموضوعان اللذان تأسس لكنْ: هما مشكلتان داخليتان أم تأثر بالنصارى كانوا يملكون تراثاً ضخماً الجدال السالفي الذكر يميل التأثر إنْ ففي الطريقة والمنهج وليس الموضوعات لأنها تَرِدُ بداهةً كل ديانات التوحيد ولأنّ هنالك غموضاً قرآنياً أما السببُ الثالثُ للتكفير غير مفهوم ومفهوم وحرية الإنسان؛ فهو الزندقة كلمةٌ إيرانيةُ وتعني الشرح والتفسير أطلقها الزرادشتية دين ماني (220 274م) الذي اعتبروه ابتداعاً وشرحاً محرَّفاً لكتبهم المقدَّسة وماني ذاته اعتبر نفسَه نبياً وتراوح الإعجاب بشخصية المسيح وشخصية زرادشت لم يخرج مبدأ الثنُائية الإيرانية القديمة: الخير والشر وأنّ لكل منهما جوهراً ومبدأ حالة صراع ينتصر النهاية (أهورامزدا ضد أهرِمَنْ) صعَّبَ انتصار وقال بالاختلاط الظلام والنور (المادّة) الكثيف يهُاجم النور ويتداخَلُ معه ولا بد لتخليص (الروح الجسد الإنسان) احتقار الجَسَد بالصوم وتقليل الطعام والبُعد الدنيويات (ومنها أكل اللحم وذبح الحيوان) والانصراف التبتُّل والطريف المذهب نجح نجاحاً باهراً منذ الأولى إنه يبدو اخترق جهاز الكُتَّاب ذوي الإيراني إدارة الدولة والماغوية يؤمنون أبداً بنبوة محمد وقد أنشأ المهدي العباسي (الخليفة الثالث) ديواناً لمكافحة وكانت التهمة خاصةً بالمانوية صارت تُطلقُ المنحرفين نظر المتكلمين الفقهاء السُلُطات والسببُ الرابعُ والأخير الصراعُ الفِرَق وبداخل مثلما حصل ويحصُل السنة والشيعة ويعتقدُ أَوَّلَ كفَّرَهُمُ الخوارج المتطرفون اعتقدوا أنهم الحق وحدهم يخوض موضوع (تنزيه الله) ويعتبر المشكلة الثالثة الأهمية المبكّر والقَدرَ وهو حديث المعراج عُرج بالنبي نتيجة مؤدَّاها فهموا النبيَّ رأى –سبحانه المعراج: ﴿لقد آيات ربِّه الكبرى﴾ والرؤيةُ ذاتاً كالذوات تُحيطُ به الأبصار الإنسانيةُ المحدودة: (لا تُدركهُ الأبصار) دار صراعٌ عنيفٌ والمحدِّثين استمرَّ عشرات العقود وانتهى بفوز الاتجاه يمكنُ تجسيمُهُ تشبيهُ كائنٍ حين روى المحدِّثون (وبخاصة الحنابلة) أحاديث تُشعر كلُّها بالتشبيه وعندما ظهرت وافقت التنزيه لكنها قالت رؤية بالأبصار جائزةٌ يوم القيامة الدنيا: (وجوهٌ يومئذ ناضرَة ربِّها ناظرة) في الفصل الثالث يدرس الفلسفة الطبيعِّة تَحدَّد الطبيعي نظرهم الثامن الميلادي يعرفون الكثير اليونانية والهندية أرسطو العالم قديم مثل المبدأ وإنما انتقل (الطبيعة) القوة الفعل بأنَّ المحرَّك حَرَََََّكه تبنَّى الرأيَ التوجُّه النظري الفلاسفة الكندي وحاولوا الاحتيال حتى يتهمهم بالخروج الإسلام؛ لأنَّ بوضوح أوجد العالَمَ العَدَم مفتونين بالمعلِّم (أرسطو) باستثناء النظّام الجيل الرابع المعتزلة) استطاعوا الأَخْذَ برأْيه أصل الطبيعة والعالم بل لجأوا لبعض التوجهات تُعارضُ ديمقريطس وهيرقليطس وابيقور؛ وأضافوا إليها الأشياء لتتلاءمَ أكثر أخذوا نظرية الذَرّية الجوهر الجزء يتجزّأ فالعالَمُ بحسَبهم إذا تجزَّأَ يصل جُزيءٍ صغير يتجزأ ومن المفروض العدم والبقية أتت طرائق تراكُب الذرّات والتولُّد أولُ قال بذلك المتكلّمين الهُذيل العلاّف (مطالع الهجري التاسع الميلادي) وناقضَهُ تلميذُهُ إسحاق بالطَفْرة وُجد بطريقة البيغ بانغ تقريباً أعداء الأشاعرة بالنظرية الذَرّيّة وطوال ثلاثة قرون تأملات كثيرة تركيب الذرّة وهل تتركب الأجسام ست أربع ثمان ذرْات؟ الإيجادُ بفعل (كُنْ) الإلهي للعَدَمِ وجوداً نوعٍ للتقارب وجود العالمَ بالقوة الخ كتاب كتابٌ مهمٌّ لكنْ له تقديمٌ وتلخيص لكتابه الكبير المعتزلي والرجل بارعٌ التحليل بارعاً التركيب تلخيصُ 4000 صفحة مائتي الحجم الصغير بدا الضعف فصلهن السياسي (الرابع) بعقليتهم اللاهوتية تناولوا الشؤون العامة وجهة لاهوتية وبذلك مباحثُ الإمامة عندهم فرعاً تأمُّلاتهم موضوعي المبحثان طبعاً بما حدث خلافات عهد الراشدين الأربعة صورة أصلَ مباحثهم المؤلِّف أمرٍ آخَر الربطُ ومباحثهم أُصول وأُصول الُّلغة والمعروف للمعتزلة إسهامات المنطق والتفلسف يظهرْ مقدمة الواقع الكتاب أظهر جوهر والحدود أوصل العلم بالشيء القليل الفكر والفلسفة مجاناً PDF اونلاين ترتيب أمور معلومة للتأدي مجهول ويُستخدم الدراسات المتعلقة بالعقل البشري ويشير قدرة العقل تصحيح الاستنتاجات حقيقي واقعي وبشأن كيفية حل المشكلات ويمكن تقسيم النقاش المتعلق بالفكر مجالين واسعي النطاق هذين المجالين استمر استخدام المصطلحين "الفكر" و"الذكاء" كمصطلحين مرتبطين ببعضهما البعض الفلسفة (لغويا φιλοσοφία‏ philosophia حرفيًا "حب الحكمة") دراسة الأسئلة والأساسية الوجود والقيم والعقل والاستدلال واللغة غالبًا تطرح كمسائل لدراستها حلها ربما صاغ مصطلح "فيلسوف (محب الحكمة)" الفيلسوف وعالم الرياضيات فيثاغورس (570 495 الميلاد) تشمل الأساليب الفلسفية الاستجواب والمناقشة النقدية والحجة المنطقية والعرض المنهجي وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
بدايات علم الكلام في الإسلام
كتاب

بدايات علم الكلام في الإسلام

ــ جوزيف فان إس

صدر 1977م
بدايات علم الكلام في الإسلام
كتاب

بدايات علم الكلام في الإسلام

ــ جوزيف فان إس

صدر 1977م
عن كتاب بدايات علم الكلام في الإسلام :
يوسف فان أس منحازٌ للمدرسة المعتزلية، لكنه في موسوعته وتقديمه هذا يتعرض لكلّ الاتجاهات الكلامية. والواقع أنه يرسمُ هنا حدود علم اللاهوت أو علم الكلام أو علم أصول الدين بعد التمهيد في خمسة فصول: المتكلمون في نَظَر أنفُسِهِمْ: الخلافات والزندقة في الإسلام – والكلام والقرآن: معراج النبي والنقاش بشأن التجسيم – والكلام والعلم:

الذَريّة المعتزلية – والكلام والواقع الإنساني: الصُوَر التاريخية والأفكار السياسية – ومبادئ علم الكلام: التأويل والمعرفة.

في صفحات التقديم ينبّه المؤلّف إلى أنَّ الاهتمام اليوم منصبٌّ على الأصولية الإسلامية، وما كان الأمر كذلك قبل مدة في الغرب كما في الشرق. لكنّ علم الكلام الإسلامي فقد حظوظَهُ لدى المسلمين أنفُسِهِمْ قبل قرونٍ طويلة، تقدَّمَ عليه الفقه، وما بقي من اهتمامات سيطرت فيها الأشعرية السنية. وجاء الحنابلةُ وبعدها الوهّابية فَحَرَّموا (الكلام العقائديَّ) كلَّه. إنما ما نتحدث عنه هنا ينصبٌّ على القرون الثاني والثالث والرابع للهجرة. وفي الثاني والثالث ظهر المتكلمون المعتزلية وسيطروا، وأثاروا مشكلاتٍ وحقّقوا أهدافاً، وحدَّدوا حدوداً، ونافسوا فلاسفةَ الإسلام الأوائل (الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد).

لكنهم أخطأوا في الانحياز للسلطة فيما يُعرفُ بأحداث المحنة، والتي حاول خلالها الخليفة المأمون أن يفرض عقيدةً معيَّنةً على العلماء والعامة. ولذلك فقد أَعرض عنهم الناس، وفقدوا بالتدريج أهميتهم ودورَهم. فلنَسْتَعرِضْ البحث اللاهوتي في فترة ازدهار في القرنين الثاني والثالث للهجرة (الثامن والتاسع للميلاد).

الفصل الأول: المتكلمون كما يرون أنُفَسهم، الاختلاف والزندقة في الإسلام. يذكّر المؤلف بمسائل لتكفير لدى المسلمين اليوم: كيف فَرِّق القضاء بين نصر حامد أبو زيد وامرأته، ثم أولئك الذين سمِّوا أنفسهم بالتكفير والهجرة من المتشددين المسلمين الذين كفَّروا كلَّ الآخرين وهجروهم أو هاجروا من بينهم تشبُّهاً بهجرة النبي من مكة. ويعود فان أس إلى العصور الوسطى الإسلامية فيقول إنّ التكفير كان شائعاً أيضاً بين المعتزلة العقلانيين. فأبو هاشم الجبُاّئي كفِّر أباه، وأُخت أبي هاشم كفِّرت أخاها وأباها! وأبو حيان التوحيدي (أديبٌ من القرن الرابع) يذكر ذلك بأسى، ويصرخ: متى سينتهي هذا الأمر بين هؤلاء الناس الأفاضل؟!

الابتداع أو الكفر (بالله أو بالأعراف الدينية التي عليها إجماع) يُسمّى هَرسَي (heresy)، وهي كلمة إغريقية كانت تعني (اختيار)، وأعطاها آباءُ الكنيسة الأوائل (في القرنين الثاني والثالث بعد المسيح) الجانب السلبيَّ عندما اعتبروا أنّ المخالفين لهم إنما اختاروا (خياراً) خاطئاً، أو كما يمكن أن يقول المسلمون تبعاً للقرآن: اتبعوا أهواءَهم (من الهوى)! والهوى هذا يمكن أن يتمثّل في ترك العقيدة أو بعض بنودها التي اتفق عليها اللاهوتيون، وفاعلُ ذلك يمكن أن يُسمَّى أبوستات أو مُرتد، أي تارك للعهد والعقد مع الله.

والواقع أنّ هذه الأمور مسيحية بحتة وليست موجودةً في الأصل لدى اليهود والمسلمين، ومع ذلك فقد وجُدت بينهم الاتهامات بالكفر وبالارتداد. ليس في الإسلام طبقة من رجال الدين هي التي تملكُ (الخَلاص) أو تدُيرُهُ، وتُدخلُ فيه أو تخرجُ منه. كما أنه ليست في الإسلام بنود اعتقادية ينبغي الالتزامُ بها، شأن ما هو في العقيدة المسيحية (قانون إيمان). في الإسلام الشهادتان، والإيمان بالله الواحد والنبوات واليوم الآخر، هكذا بشكل عام. لكنّ النقاشين الأول والثاني (واللذين تسبّبا في الظهور علم الكلام) دارا حول الإيمان بالذات. المسلمون أمةٌ واحدةٌ متآخية كما في القرآن، وقد حققوا انتصارات مُذْهلة في العالَم خلال القرنين السابع والثامن للميلاد.

لكنهم اختلفوا ودارت بينهم فتنٌ وحروبٌ، فهؤلاء المتحاربون (عثمان وخصومه وعلي ومعاوية) وكلهم من أصحاب النبي الكبار، هل بقوا جميعاً مؤمنين وناجين رغم أنَّ بعضَهم قَتَل البعضَ الآخر؟ وبالتالي ما علاقةُ الإيمان بالعمل؟ على ذلك اختلف واصل بن عطاء مؤسِّس الاعتزال مع شيخه الحسن البصري، أي على إيمان أو عدم إيمان (مرتكب الكبيرة) كبيرة القتل لمؤمنٍ آخر. أمّا المسألة الثانية التي جرى التكقير على أساسٍ منها فهي: القضاءُ والقدر، أو ما هي طبيعةُ علاقة الله بالإنسان؟ مَنْ المسؤول عن أفعال الإنسان، وعن ولادته؟ ما كان هناك خلافٌ كثيرٌ حول الولادة والموت (وإن يكن المعتزلة يقولون إنّ المقتول ميتٌ بغير أَجَلِه)، لكنّ الخلاف انصبَّ على أفعال الإنسان والمسؤولية بشأنها.

فإن كانت مقدَّرةً من الله، فكيف يُحاسبُهُ عليها؟ وإن كان الإنسانُ مستقلاً بها، فهذا يعني أنّ الله لا يعلمُها، وهذا قصورٌ يُنزِّهُ اللهُ عنه. الإيمانُ والقَدَر كانا إذن الموضوعين الأُولين اللذين جرى الخلاف حولهما، وهما الموضوعان اللذان تأسس عليها علم الكلام. لكنْ: هل هما مشكلتان داخليتان أم تأثر فيها المسلمون بالنصارى الذين كانوا يملكون تراثاً ضخماً من الجدال في الموضوعين السالفي الذكر. فان أس يميل إلى أنَّ التأثر إنْ كان ففي الطريقة والمنهج وليس في الموضوعات، لأنها تَرِدُ بداهةً في كل ديانات التوحيد، ولأنّ هنالك غموضاً قرآنياً بشأنها.

أما السببُ الثالثُ للتكفير غير مفهوم الإيمان، ومفهوم القضاء والقدر وحرية الإنسان؛ فهو الزندقة. وهي كلمةٌ إيرانيةُ الأصل وتعني الشرح والتفسير. وقد أطلقها الزرادشتية على دين ماني (220-274م) الذي اعتبروه ابتداعاً وشرحاً محرَّفاً لكتبهم المقدَّسة. وماني ذاته اعتبر نفسَه نبياً، وتراوح بين الإعجاب بشخصية المسيح وشخصية زرادشت. لكنه لم يخرج على مبدأ الثنُائية الإيرانية القديمة: الخير والشر، وأنّ لكل منهما جوهراً ومبدأ، وهما في حالة صراع إلى أن ينتصر الخير في النهاية (أهورامزدا ضد أهرِمَنْ).

ماني صعَّبَ انتصار الخير، وقال بالاختلاط بين الظلام والنور، أو أنّ الظلام (المادّة) الكثيف يهُاجم النور ويتداخَلُ معه، ولا بد لتخليص النور من الظلام (الروح من الجسد في الإنسان) من احتقار الجَسَد بالصوم وتقليل الطعام والبُعد عن الدنيويات (ومنها أكل اللحم وذبح الحيوان)، والانصراف إلى التبتُّل. والطريف أنّ هذا المذهب أو الدين نجح نجاحاً باهراً منذ المسيحية في القرون الأولى. ثم إنه فيما يبدو اخترق جهاز الكُتَّاب ذوي الأصل الإيراني في إدارة الدولة الإسلامية والماغوية لا يؤمنون أبداً بنبوة محمد.

وقد أنشأ المهدي العباسي (الخليفة العباسي الثالث) ديواناً لمكافحة الزندقة. وكانت هذه التهمة خاصةً بالمانوية، ثم صارت تُطلقُ على كل المنحرفين في نظر المتكلمين أو الفقهاء أو السُلُطات. والسببُ الرابعُ والأخير للتكفير هو الصراعُ بين الفِرَق وبداخل الفِرَق، مثلما حصل ويحصُل بين السنة والشيعة. ويعتقدُ فان أس أنَّ أَوَّلَ مَنْ كفَّرَهُمُ الخوارج المتطرفون الذين اعتقدوا أنهم على الدين الحق وحدهم.

الفصل الثاني يخوض المؤلّف فان أس فيه في موضوع (تنزيه الله). ويعتبر ذلك المشكلة الثالثة في الأهمية في علم الكلام المبكّر لدى المعتزلة بعد الإيمان والقَدرَ. وهو يذكر حديث المعراج الذي عُرج فيه بالنبي إلى نتيجة مؤدَّاها أنّ المسلمين الأوائل فهموا أنَّ النبيَّ رأى الله –سبحانه- في المعراج: ﴿لقد رأى من آيات ربِّه الكبرى﴾. والرؤيةُ تعني أنّ الله –سبحانه- ذاتاً لا كالذوات، ولا تُحيطُ به الأبصار الإنسانيةُ المحدودة: (لا تُدركهُ الأبصار). وقد دار صراعٌ عنيفٌ بين المعتزلة والمحدِّثين استمرَّ عشرات العقود، وانتهى بفوز الاتجاه الذي يقول إنّ الله –سبحانه- لا يمكنُ تجسيمُهُ ولا تشبيهُ الإنسان أو أي كائنٍ آخر به. في حين روى المحدِّثون (وبخاصة الحنابلة) أحاديث تُشعر كلُّها بالتشبيه أو التجسيم.

وعندما ظهرت الأشعرية السنية وافقت المعتزلة في التنزيه، لكنها قالت إنّ رؤية الله بالأبصار جائزةٌ يوم القيامة وليس في هذه الدنيا: (وجوهٌ يومئذ ناضرَة، إلى ربِّها ناظرة)
في الفصل الثالث يدرس فان أس الفلسفة الطبيعِّة لدى المعتزلة، أو كيف تَحدَّد العالَم الطبيعي في نظرهم. في القرن الثامن الميلادي ما كان المسلمون يعرفون الكثير عن الفلسفة اليونانية والهندية. لكنهم كانوا يعرفون أنّ أرسطو يقول إنّ العالم قديم مثل المبدأ الأول أو الله لدى المسلمين، وإنما انتقل العالم (الطبيعة) من القوة إلى الفعل بأنَّ المبدأ الأول أو المحرَّك الأول حَرَََََّكه.

وقد تبنَّى هذا الرأيَ أو التوجُّه النظري الفلاسفة منذ الكندي، وحاولوا الاحتيال عليه حتى لا يتهمهم المسلمون بالخروج على الإسلام؛ لأنَّ القرآن يقول بوضوح إنّ الله أوجد العالَمَ من العَدَم. المتكلمون الذين كانوا مفتونين بالمعلِّم الأول (أرسطو) باستثناء النظّام (من الجيل الرابع من المعتزلة) ما استطاعوا الأَخْذَ برأْيه في أصل الطبيعة والعالم. بل لجأوا لبعض التوجهات التي كانت تُعارضُ أرسطو مثل ديمقريطس وهيرقليطس وابيقور؛ وأضافوا إليها بعض الأشياء لتتلاءمَ مع الإسلام أكثر. الذي أخذوا به نظرية الذَرّية أو الجوهر أو الجزء الذي لا يتجزّأ. فالعالَمُ بحسَبهم إذا تجزَّأَ يصل إلى جُزيءٍ صغير لا يتجزأ.

ومن المفروض أنّ الله أوجد هذا الجوهر أو الجزء من العدم، والبقية أتت من طرائق تراكُب الذرّات، والتولُّد أولُ مَنْ قال بذلك من المتكلّمين أبو الهُذيل العلاّف (مطالع القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي)، وناقضَهُ تلميذُهُ أبو إسحاق النظّام الذي قال بالطَفْرة، أي وُجد العالَم كما هو بطريقة البيغ بانغ تقريباً. لكنّ كل المتكلمين، حتى أعداء المعتزلة من الأشاعرة أخذوا بالنظرية الذَرّيّة. وطوال ثلاثة قرون كانت هناك تأملات كثيرة حول تركيب الذرّة، وهل تتركب الأجسام من ست أو أربع أو ثمان ذرْات؟ ثم كيف كان الإيجادُ من العَدَم بفعل (كُنْ) الإلهي أو أنّ للعَدَمِ وجوداً من نوعٍ ما للتقارب مع أرسطو في وجود العالمَ بالقوة..الخ.

كتاب فان أس هذا كتابٌ مهمٌّ لكنْ له حدود. فهو تقديمٌ وتلخيص لكتابه الكبير في علم الكلام المعتزلي. والرجل بارعٌ في التحليل، لكنه ليس بارعاً في التركيب. ولا يمكن تلخيصُ 4000 صفحة في مائتي صفحة من الحجم الصغير. وقد بدا الضعف بوضوح في فصلهن السياسي (الرابع) فهؤلاء المتكلمون بعقليتهم اللاهوتية تناولوا حتى الشؤون العامة من وجهة نظر لاهوتية. وبذلك فقد كانت مباحثُ الإمامة عندهم فرعاً على تأمُّلاتهم في موضوعي الإيمان والقَدَر. وقد تأثر المبحثان طبعاً بما حدث من خلافات في عهد الراشدين الأربعة.

لكنّ صورة الراشدين ما كانت أصلَ مباحثهم السياسية. وما نجح المؤلِّف في أمرٍ آخَر وهو الربطُ بين علم الكلام لدى المعتزلة ومباحثهم في أُصول الفقه وأُصول الُّلغة. والمعروف أنّ للمعتزلة إسهامات كبيرة في علم المنطق والتفلسف أيضاً، وهذا لم يظهرْ أيضاً في مقدمة فان أس. لكنّ الواقع أنّ الكتاب أظهر جوهر علم الكلام، والحدود التي أوصل إليها هذا العلم، وهذا ليس بالشيء القليل.
الترتيب:

#11K

0 مشاهدة هذا اليوم

#70K

3 مشاهدة هذا الشهر

#115K

352 إجمالي المشاهدات
المتجر أماكن الشراء
جوزيف فان إس ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية