📘 ❞ الله، العروبة والزعيم: مراجعة في الدعوة القومية الاجتماعية ❝ كتاب ــ يوسف حميد اصدار 2005

فكر وثقافة - 📖 ❞ كتاب الله، العروبة والزعيم: مراجعة في الدعوة القومية الاجتماعية ❝ ــ يوسف حميد 📖

█ _ يوسف حميد 2005 حصريا كتاب الله العروبة والزعيم: مراجعة الدعوة القومية الاجتماعية عن دار نلسن للنشر 2024 الاجتماعية: ينطلق الدكتور معوض كتابه "الله والزعيم"() (مراجعة الاجتماعية) من حافزين ووزن أما الحافزين فأولهما تحسس الكاتب بتألم سعادة كل زاوية إنتاجه الفكري بهذا السؤال: "ما الذي جلب شعبي هذا الويل؟" وثانيهما هو حضّ هشام شرابي للكاتب أن يكتب شيئاً حراً طليقاً بعيداً الايديولوجيا الحزبية المقوننة الوزن فهو غرار الشعار الكتائبي المشهور الوطن والعائلة" فيصبح هنا والزعيم" لكن تستهويه أبعد ذلك ايضاً الحدود والتداخلات العمودية التي رسمها الزعيم مع الإله والأفقية وفي الامر ضمناً اشارة إشكاليتين لم يتم الحسم فيهما بعد هما موقف الدين وعلاقته به ونظرته وموقفه منها ولا تزال السجالات حول موضع تجاذب وتساؤلات يحاول أخذ خلفية الموقف بظاهره كقوله مثلاً "إن انخراط محافل الفرماصوفية كان له تأثيره موقفه المشكك العبادات والخوارق والطقوس الكنسية" (ص16) ويربط احياناً بين نقيضين او نقائض لتقريب جوهره ويسأل بأصوات سواه مفكر سوري وثني بحسب حازم صاغية؟ أم ذميّ "أقلوي" حبيب مالك؟ صاحب كتابات أرثوذكسية ميشال سبع؟ مؤمن بدين حركي نديم محسن؟ ويذهب أدبيات الحزب أسدلت الستار أو اغفلت موضوع القناعات الدينية الشخصية اعتبار دعوة انقاذية تنافس الديانات وما علاقة فكرة سورية الكبرى ونشأة جو ارثوذكسي منفتح المحيط الاسلامي؟ جانب أحادي الجانب الثاني يطرح سؤال الوحدة السورية "مدينة انطاكية العظمى" لجمع شمل أبناء الطائفة؟ النهاية مؤمناً ملحداً؟ يتدرج بدءاً جد (انطون) يسخر المصلين كلما مرّ قرب الكنيسة ثم والده خليل تبنى نظريات داروين وترجم انجيل برنابا العربية الجو المنفتح وفّر لأنطون نظرة علمية نقدية اين تظهر الدين؟ "نشوء الأمم" يرى نشأت رعب الانسان وخوفه الطبيعة واتقاء شرها الفكرة دهري مفاده العالم لا صانع ساجل الشاعر القروي وحاور فخري المعلوف والافكار أوردها الحالتين شكلت أكثر فأكثر تطور نظرته قال إن الوحي ليس أمراً حصرياً بل مرهون بالزمان والمكان نازعاً بذلك الصفة الجوهرية أي الحقيقة المطلقة بينما تختلف القصة فهنا يمتزج الذاتي بالموضوعي يتخلى ويتألم كأن هزيمة شخصية أمام خصم عنيد أحسّ المعركة غير متكافئة الموروث الديني ما يظهر رسالة لغسان تويني: "لا خلاف مطلقاً يكون المرء محمدياً مسيحياً وأن قومياً اجتماعياً الدنيا" ونرى يذهب رسالته نحو الأبعد: "يمكنكم تنشروا أفكاركم واستنتاجاتكم الخلق والنشر والحشر والحساب وليوافقكم شاء وليخالفكم شاء" حاول تقويض مبادئ السموية سعى التوفيق عقائد متضاربة تفادى الغوص المشاكل الطائفية؟ وهذا مفتوح للبحث وللاقتراب منه سبل وزوايا وحيثيات يقيم المقارنة التاريخية حل بموسوليني قبله عندما تثبيت ايديولوجيته مكان الايمان الكاثوليكي لا يكتفي باقتباس وتحليل كتاباته ومواقفه وظروفها يرمي سؤاله القوميين ومفاده القوميون الوصول ديانة توفيقية؟ ينقل عبدالله الحديث البطريرك الماروني بكركي: "مذهبياً وايمانياً أنا سنّة الرسول العربي رسول وناقل كلمته اليّ ولكنني حضارياً وقومياً عيسى ابن مريم أحيا تراثنا الحضاري السوري شكل جامع ومتألق وبخاصة نقض اليهودية ومقوماتها الاساسية وأنا معه بأن أعطي لقيصر لله لله" وينقل اختبار حالة الخوف متن الباخرة واتجاه أفكاره موضوعات دينية ويؤكد شرابي: "لست أدري حتى اليوم مكنني مقاومة الجذب السلفي ورفض أوهام الطفولة والسير طريق العقل الموضوعي" يختار هذه النماذج ليعمم خلالها ليترصد القومي الملتزم؟ تقديس السياسة وتسييس أين وقف سعادة؟ يترك المجال لهشام يجيب: "لم يصل السلطة ولكنه دعاة الديانة السياسية" يفسر ربما تبشير بالانسان الجديد والحياة الجديدة وعلى طريقة نفسه يعلن وضوح عام 1937 "أن قد شهد البلاد أدياناً تهبط الارض السماء فنرى ديناً جديداً رافعاً النفوس بزوبعة حمراء السماء" نصه قبل يصعد فيه رتبة الوضوح والمعلومية يتضح المضمون فماذا الشكل؟ ماذا الطقوس؟ يحلل الطقوس ويقارنها المسيحية فعودة لبنان آذار 1947 اشبه بأحد الشعانين والقسم الحزبي سر المعمودية ويذكر مراسم الزواج وكلمة التأبينية الوفاة ليست سوى تجليات المخيلة الجماعية للقوميين السوريين تنجح اقامة العلمانية لاصطدامها بحاجزين اثنين معوض: 1 الهوة وقومه خص 2 خطاب يتحرر الشكل طابعه وأرى ثمة حاجزاً ثالثاً موضوعياً يذكره وهو العامل الخارجي المتعلق بقمع إمكان التغيير الحاسم الشعوب الكيانات المنطقة يرى استكمالاً للخطاب استخدمه أنه ظل يغرف لغة المرسلين وينهل المصادر المقدسة والصرخات الانجيلية ديني لتأسيس علمانية كيف؟ تبشيري يقول سعادة: "أتت تعاليمنا واحداً موحداً ليرفع الأمة" الهدف والغاية الدنيا والآخرة والخالق ليبقى أيعمل أجل انقاذ مجتمعه يعمل جنة الخلود؟ يختم بحثه همّ كحامل النهضة ينزع سوريا تلك الطبائع الشرقية الخمولة الا انه صراعه الآلهة ينج التركة ورواسبها جاء دهرياً ينطق بلغة الرسل وأطل نبياً يتنكر للآخرة عند النقطة يلتقط الصورة المطابقة للواقع حال الكلمة المفتاح حياة وعبرته هي الصراع يضعه صادقاً ذاته قضيته والى الرمق الاخير في مبحثه "الزعيم واليعربي" يلقي الضوء إجمالاً العرب بيئته "العربة" حيث عمران تمدن يعرفوا العلم وفنونهم مقصورة الغزو والسلب والاحتيال ونظم الشعر وينتقي آية القرآن تلائم الطرح "الاعراب أشد كفراً ونفاقاً" وهل تمييز دقيق وثاقب والاعراب؟ يلاحظ يفخر بالماضي ولم يلبس العقال تمنطق بالسلاح وأبعد يعتبر الفتح الحوادث الطارئة العابرة الاهمية والسؤال: حد يثبت التاريخ والواقع ذلك؟ واجه "خطي نار" اللبناني الضيق واليعربي بامتداداته وحجبته العلمية اعلى المزيج السلالي مقابل العرق الصافي والنموذج الاتيني المزدهر النموذج الإسبرطي المنضبط والبيئة الجغرافية مواجهة رابطة القربى يلتفت الناحية الادبية ليحدد المنسجم المفهوم لدى يذكر عنترة والمهلهل والمتنبي يأتي عرضاً أبو نواس الفارسي البيئة والحضارة وذو الاسلوب المجوني البديع جمع بينهما؟ رفض التقليد والتمرد والسخرية المرجع البدوي المنتج لأدب جامد متحجر وليس نهضة للصحراء وتهليل للمدينة العمران والعمران فوجهة خلدون والتمييز القادم الصحراء المتقدم المتمدن القاطن بلاد الشام لك البادية والصحراء ولنا يقدم تفسيراً لتحليل مستنداً قاله تأثر بالفكر الالماني كوّن عقيدته تويني بالأب لامنس وهوية المتميزة كما المبحث بسعادة وديانته يتراجع ليستقطب نراه محاضرته الرابعة استمالة العروبيين بقوله الأمة احدى أمم الأمم السطر رسم السور الايديولوجي خشية الربع الخالي الهلال الخصيب كتاب محاولة بحثية متمكنة ومراجعة ثاقبة واذا كانت الشروط المتكاملة يشوبها الحذر فإنها تثير اسئلة جديرة بأضواء جديدة وتعيد الاعتبار فكر خارج القوننة بكونه مفكراً نهضوياً قادراً المقابسة والبناء والانعكاس ولعل يجترحه خلط الاوراق وتمهيد الطريق وفتح الآفاق لرؤية الأسطرة والأوهام وثقافة مجاناً PDF اونلاين الثقافة تعني صقل النفس والمنطق والفطانة المثقف يقوم بتعلم أمور القلم بريه هذا القسم يشمل العديدة الكتب الفكر والثقافة تتعدّد المعاني ترمي إليها اللغة فهي ترجِع أصلها إلى الفعل الثلاثي ثقُفَ يعني الذكاء والفطنة وسرعة التعلم والحذق والتهذيب وتسوية الشيء وإقامة اعوجاجه والعلم والفنون والتعليم والمعارف

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الله، العروبة والزعيم: مراجعة في الدعوة القومية الاجتماعية
كتاب

الله، العروبة والزعيم: مراجعة في الدعوة القومية الاجتماعية

ــ يوسف حميد

صدر 2005م عن دار نلسن للنشر
الله، العروبة والزعيم: مراجعة في الدعوة القومية الاجتماعية
كتاب

الله، العروبة والزعيم: مراجعة في الدعوة القومية الاجتماعية

ــ يوسف حميد

صدر 2005م عن دار نلسن للنشر
عن كتاب الله، العروبة والزعيم: مراجعة في الدعوة القومية الاجتماعية:
ينطلق الدكتور يوسف معوض في كتابه "الله، العروبة والزعيم"() (مراجعة في الدعوة القومية الاجتماعية) من حافزين ووزن. أما الحافزين فأولهما تحسس الكاتب بتألم سعادة في كل زاوية من إنتاجه الفكري بهذا السؤال: "ما الذي جلب على شعبي هذا الويل؟" وثانيهما هو حضّ هشام شرابي للكاتب أن يكتب شيئاً حراً طليقاً عن سعادة بعيداً عن الايديولوجيا الحزبية المقوننة. أما الوزن فهو على غرار الشعار الكتائبي المشهور "الله، الوطن والعائلة"، فيصبح هنا "الله، العروبة والزعيم". لكن معوض تستهويه أبعد من ذلك ايضاً الحدود والتداخلات العمودية التي رسمها الزعيم مع الإله والأفقية التي رسمها مع العروبة، وفي الامر ضمناً اشارة الى إشكاليتين لم يتم الحسم فيهما بعد هما موقف سعادة من الدين وعلاقته به، ونظرته الى العروبة وموقفه منها، ولا تزال السجالات حول ذلك موضع تجاذب وتساؤلات. يحاول معوض أخذ خلفية الموقف بظاهره، كقوله مثلاً "إن انخراط سعادة في محافل الفرماصوفية كان له تأثيره على موقفه المشكك في العبادات والخوارق والطقوس الكنسية" (ص16)، ويربط احياناً بين نقيضين او نقائض لتقريب الموقف من جوهره. ويسأل بأصوات سواه هل سعادة مفكر سوري وثني بحسب حازم صاغية؟ أم هو مفكر ذميّ "أقلوي" بحسب حبيب مالك؟ أم هو صاحب كتابات أرثوذكسية بحسب ميشال سبع؟ أم هو مؤمن بدين حركي بحسب نديم محسن؟ ويذهب معوض الى أن أدبيات الحزب أسدلت الستار أو اغفلت موضوع القناعات الدينية الشخصية مع اعتبار الدعوة القومية الاجتماعية دعوة انقاذية تنافس الديانات. وما علاقة فكرة سورية الكبرى ونشأة سعادة في جو ارثوذكسي منفتح على المحيط الاسلامي؟ هذا جانب أحادي. أما الجانب الثاني الذي يطرح فهو سؤال الوحدة السورية "مدينة الله انطاكية العظمى" لجمع شمل أبناء الطائفة؟ هل كان سعادة في النهاية مؤمناً أم ملحداً؟


يتدرج معوض في هذا الامر بدءاً من جد سعادة (انطون) الذي كان يسخر من المصلين كلما مرّ قرب الكنيسة. ثم الى والده خليل الذي تبنى نظريات داروين وترجم انجيل برنابا الى العربية. هذا الجو المنفتح وفّر لأنطون سعادة نظرة علمية نقدية الى الدين. لكن اين تظهر نظرة سعادة الى الدين؟ في كتابه "نشوء الأمم" يرى سعادة أن الدين فكرة نشأت من رعب الانسان وخوفه من الطبيعة واتقاء شرها. في الفكرة، ضمناً، موقف دهري مفاده ان العالم لا صانع له. ساجل سعادة مع الشاعر القروي وحاور فخري المعلوف في موضوع الدين. والافكار التي أوردها في الحالتين شكلت أكثر فأكثر تطور نظرته الى الدين. مع الشاعر القروي قال إن الوحي ليس أمراً حصرياً بل مرهون بالزمان والمكان نازعاً بذلك عن الدين الصفة الجوهرية أي الحقيقة المطلقة. بينما تختلف القصة مع فخري المعلوف فهنا يمتزج الذاتي بالموضوعي. يتخلى المعلوف، ويتألم سعادة، كأن الامر هزيمة شخصية له أمام خصم عنيد هو الدين. ويسأل معوض هل أحسّ سعادة ان المعركة غير متكافئة مع الموروث الديني. هذا ما يظهر في رسالة سعادة لغسان تويني: "لا خلاف مطلقاً بين ان يكون المرء محمدياً او مسيحياً في الدين... وأن يكون قومياً اجتماعياً في الدنيا". ونرى سعادة يذهب في رسالته الى المعلوف نحو الأبعد: "يمكنكم أن تنشروا أفكاركم واستنتاجاتكم في الخلق والنشر والحشر والحساب وليوافقكم على ذلك من شاء وليخالفكم من شاء". هل حاول سعادة تقويض مبادئ الديانات السموية أم سعى الى التوفيق بين عقائد متضاربة أم تفادى الغوص في المشاكل الدينية الطائفية؟ وهذا سؤال مفتوح للبحث، وللاقتراب منه سبل وزوايا وحيثيات. يقيم معوض المقارنة التاريخية مع ما حل بموسوليني قبله عندما حاول تثبيت ايديولوجيته مكان الايمان الكاثوليكي.


لا يكتفي معوض باقتباس سعادة وتحليل كتاباته ومواقفه وظروفها بل يرمي سؤاله الى القوميين ومفاده هل حاول القوميون الوصول الى ديانة توفيقية؟ ينقل معوض عن عبدالله سعادة هذا الحديث مع البطريرك الماروني في بكركي: "مذهبياً وايمانياً أنا على سنّة الرسول العربي، فهو رسول الله، وناقل كلمته اليّ. ولكنني حضارياً وقومياً أنا مع عيسى ابن مريم، الذي أحيا في رسالته تراثنا الحضاري السوري في شكل جامع ومتألق وبخاصة في نقض اليهودية ومقوماتها الاساسية، وأنا معه بأن أعطي ما لقيصر لقيصر، وما لله لله". وينقل معوض عن شرابي اختبار حالة الخوف على متن الباخرة واتجاه أفكاره نحو موضوعات دينية. ويؤكد شرابي: "لست أدري حتى اليوم ما مكنني من مقاومة هذا الجذب السلفي ورفض أوهام الطفولة والسير في طريق العقل الموضوعي". هل يختار معوض هذه النماذج ليعمم من خلالها أم ليترصد موقف الانسان القومي الملتزم؟ بين تقديس السياسة وتسييس الدين، أين وقف سعادة؟ يترك معوض المجال لهشام شرابي أن يجيب: "لم يصل الى السلطة ولكنه كان من دعاة الديانة السياسية". وهذا يفسر ربما تبشير سعادة بالانسان الجديد والحياة الجديدة وعلى طريقة الدعوة الدينية. لكن سعادة نفسه يعلن في وضوح عام 1937 "أن العالم قد شهد في هذه البلاد أدياناً تهبط الى الارض من السماء أما اليوم فنرى ديناً جديداً من الارض رافعاً النفوس بزوبعة حمراء الى السماء". لا يترك معوض نصه قبل ان يصعد فيه الى رتبة الوضوح والمعلومية.


يتضح المضمون، فماذا عن الشكل؟ ماذا عن الطقوس؟ يحلل معوض الطقوس الحزبية ويقارنها مع الطقوس الدينية المسيحية، فعودة سعادة الى لبنان في آذار 1947 اشبه بأحد الشعانين، والقسم الحزبي هو سر المعمودية، ويذكر مراسم الزواج وكلمة الحزب التأبينية في الوفاة. هذه الطقوس ليست سوى تجليات المخيلة الجماعية للقوميين السوريين. لم تنجح دعوة سعادة الى اقامة الديانة العلمانية لاصطدامها بحاجزين اثنين بحسب معوض: 1- الهوة بين سعادة وقومه في ما خص القومية الدينية، -2 خطاب سعادة نفسه الذي لم يتحرر في الشكل ولا في المضمون من طابعه الديني. وأرى أن ثمة حاجزاً ثالثاً موضوعياً لم يذكره معوض وهو العامل الخارجي المتعلق بقمع إمكان التغيير الحاسم في الشعوب أو الكيانات في المنطقة.


يرى معوض استكمالاً للخطاب الديني الذي استخدمه سعادة أنه ظل يغرف من لغة المرسلين وينهل من المصادر المقدسة والصرخات الانجيلية، أي من خطاب ديني، لتأسيس ديانة علمانية. كيف؟ خطاب تبشيري يقول فيه سعادة: "أتت تعاليمنا القومية ديناً واحداً موحداً ليرفع هذه الأمة" بين الهدف والغاية، الدنيا والآخرة، الانسان والخالق، ليبقى السؤال: أيعمل المرء من أجل انقاذ مجتمعه أم يعمل من أجل جنة الخلود؟


يختم معوض بحثه بأن همّ الزعيم كحامل فكرة النهضة أن ينزع عن سوريا تلك الطبائع الشرقية الخمولة، الا انه في صراعه مع الآلهة لم ينج من التركة الدينية ورواسبها. جاء دهرياً ينطق بلغة الرسل، وأطل نبياً يتنكر للآخرة. عند هذه النقطة يلتقط معوض الصورة المطابقة للواقع. لكن في أي حال إن الكلمة المفتاح في حياة سعادة وعبرته هي الصراع وما يضعه المرء صادقاً من ذاته في قضيته في هذا الصراع والى الرمق الاخير.


في مبحثه الثاني "الزعيم واليعربي" يلقي معوض الضوء على علاقة سعادة ونظرته إجمالاً الى العرب والى بيئته "العربة" حيث لا عمران ولا تمدن. لم يعرفوا العلم، وفنونهم مقصورة على الغزو والسلب والاحتيال ونظم الشعر. وينتقي سعادة آية من القرآن تلائم الطرح "الاعراب أشد كفراً ونفاقاً". وهل من تمييز دقيق وثاقب بين العرب والاعراب؟ يلاحظ معوض أن سعادة لم يفخر بالماضي العربي ولم يلبس العقال ولا تمنطق بالسلاح. وأبعد، يعتبر ان الفتح العربي من الحوادث الطارئة العابرة الاهمية. والسؤال: الى أي حد يثبت التاريخ والواقع ذلك؟ واجه سعادة "خطي نار" اللبناني الضيق واليعربي بامتداداته، وحجبته نظرته العلمية. اعلى سعادة المزيج السلالي السوري مقابل العرق الصافي، والنموذج الاتيني المزدهر على النموذج الإسبرطي المنضبط، والبيئة الجغرافية في مواجهة رابطة القربى.


يلتفت معوض الى الناحية الادبية ليحدد النموذج المنسجم مع المفهوم لدى سعادة. لا يذكر عنترة والمهلهل، والمتنبي يأتي عرضاً، أما أبو نواس فهو الشاعر الفارسي، السوري البيئة والحضارة وذو الاسلوب المجوني البديع. ماذا جمع بينهما؟ ليس رفض التقليد والتمرد والسخرية بل رفض النموذج/ المرجع ورفض النموذج البدوي المنتج لأدب جامد متحجر وليس لأدب نهضة. رفض للصحراء وتهليل للمدينة. أما في العمران الحضاري والعمران البدوي فوجهة سعادة هي ابن خلدون والتمييز بين النموذج البدوي القادم من الصحراء والنموذج المتقدم المتمدن القاطن في بلاد الشام. لك البادية والصحراء ولنا سوريا والحضارة. يقدم معوض تفسيراً لتحليل سعادة مستنداً الى ما قاله شرابي عن تأثر سعادة بالفكر الالماني الذي كوّن عقيدته السورية الاجتماعية، او ما قاله تويني عن تأثر سعادة بالأب لامنس وهوية سوريا المتميزة. لكن كما في المبحث المتعلق بسعادة وديانته العلمانية، يتراجع ليستقطب، نراه في محاضرته الرابعة يحاول استمالة العروبيين بقوله إن الأمة السورية احدى أمم العالم العربي، او احدى الأمم العربية. وفي السطر الاخير أن الزعيم ما رسم هذا السور الايديولوجي الا خشية من الربع الخالي على الهلال الخصيب.


كتاب "الله، العروبة والزعيم" محاولة بحثية متمكنة ومراجعة ثاقبة في الدعوة القومية الاجتماعية. واذا كانت الشروط المتكاملة يشوبها الحذر فإنها تثير اسئلة جديرة بأضواء جديدة وتعيد الاعتبار الى فكر سعادة من خارج القوننة الحزبية بل بكونه مفكراً نهضوياً حراً طليقاً قادراً على المقابسة والبناء والانعكاس. ولعل ما يجترحه يوسف معوض هنا هو خلط الاوراق وتمهيد الطريق وفتح الآفاق لرؤية جديدة بعيداً عن الأسطرة والأوهام.


الترتيب:

#11K

0 مشاهدة هذا اليوم

#90K

9 مشاهدة هذا الشهر

#115K

318 إجمالي المشاهدات
المتجر أماكن الشراء
يوسف حميد ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار نلسن للنشر 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث