📘 ❞ التراث والاصالة والمعاصرة فى فكر ميشيل عفلق ❝ كتاب ــ محمد احمد السامرائى اصدار 1999

كتب الادب والتراث - 📖 كتاب ❞ التراث والاصالة والمعاصرة فى فكر ميشيل عفلق ❝ ــ محمد احمد السامرائى 📖

█ _ محمد احمد السامرائى 1999 حصريا كتاب ❞ التراث والاصالة والمعاصرة فى فكر ميشيل عفلق ❝ 2025 عفلق: للإنسان مكانة الرسالة الإسلامية من خلال مجموعة المفاهيم والمصاديق ذلك رأينا المناسب جدّاً أن نوضح موقف الشريعة المباركة الثابت والمتغير حياة الإنسان وكيف يتعامل الإسلام معها بما يحفظ ظهر هذا الكوكب بعد اجتياح التجربة الأوروبية الحديثة لكافة الأفكار والرؤى التي كانت سائدة قبل عصر ما يسمِّيه الأوروبيون بالنهضة أوروبا انتقلت إلى بلاد المسلمين مرحلة السقوط أمام الهجمة الغازية أفكار ونظريات ورؤى الأوروبي عموماً وكانت فكرة الصراع بين القديم والحديث والتراث وصراع مع تطورات الزمان والمكان إحدى النظريات امتطت صهوة الغزو الأجنبي لبلاد وتعني هذه الفكرة فيما تعني أنّ رسالة وشريعة ليس بمقدوره يساير موجة التجديد الناس ولذا تعبّر بعض الدراسات والأدبيات عن تلك الوافدة بالصراع الدين والعلم وما مصطلحات وقد شهد العالم الإسلامي تنادي بهذه حيث مثّلها ونادى بها مفكّرون وشخوص ومؤسسات اجتماعية وسياسية ومنتديات فكرية ووسائل إعلام ومعاهد تربوية ورجال علم غير وإذا كان والجديد له مبرّراته الواقعية الوجوه كما لاحظنا أبحاث سابقة فإنّ المبررات لا وجود لها المسلمين: 1 الأصيل عندنا لم يعلن حربه الجديد ولم يقف حجر عثرة طريق التقدّم والتطوّر ومستجدّات الحياة الزمكانية 2 يشن حرب إبادة كلِّ مقولات الموروث قيم ومبادئ ومقدسات جرى بالنسبة لعدوانِ الفكر ونظرياته موروث الفكرية والاجتماعية والسياسية نعم إنّ النزعة العدوانية أجّجها العملاء الفكريون والمتحجّرون هي أوجدت حالة التدابر النافع استثنينا الأسباب الخارجية أجّجت الأصالة والقديم – وهي أسباب أساسية لوجدنا هناك عوامل أخرى تشكّل أرضية مناسبة لعيش بلادنا وهذه العوامل ندرجها محورين: تحجّر المؤسسات الفقهية الرسمية بلداننا وحشرها للإسلام زاوية الاجترار لبعض والصور التطبيقية تخطتها ظروف وعدم قدرة استيعاب المتغيّرات الجديدة عالم المدنية والقوانين والتشريعات ويعتبر فرمان "الكلخانة" الذي أصدره السلطان العثماني عبدالمجيد[1] عام 1839م أوضح الأدلّة فشل المؤسسة عجزت مدّ نظام الدولة العثمانية بالقوانين تستوعب مستجدات ضوء عمل المذكور إجراء أخطر عملية لتطعيم الدستور التأريخ المبكِّر بمواد قانونية أجنبية ممّا سجّل انطباعاً لدى الكثير أو هكذا يستفاد النكسة الفقه عاجز مسايرة تطوّرات والعلمية والاجتماعية[2] اعتقاد المتعلِّمين التحولات العلمية والتقنية شهدتها النهضة الصناعية العامّة فيها جاء نتيجة طبيعية للتجربة الاجتماعية أيّ تحول مدني مناسب دنيا يتطلّب الائتمام بالإنسان اتجاهه الحضاري مما عزّز نظرية الفصل والحياة وأعطى مبرّراً للتحرّك العلماني الواسع شكل أحزاب ومناهج ثقافية وإعلامية الاعتقاد يمتلك سنداً واقعياً بالمرّة فالذي يدرس تأريخ يشكّ مطلقاً بأنّ الثورة أنتجت قد سبقت والدستورية ناحية ومن فإنّا نجد التطورات لو محصّلة للمنهج السياسي لما وجدنا يشترك مختلف الأنظمة السياسية والاتجاهات الحضارية أقصى اليمين اليسار فالتقدّم العلمي والفنِّي تجده يبلغ القمّة ظلال نازي كنظام هتلر ألمانيا بينما تجد ذاته رأسمالي إقطاعي امبراطوري كاليابان إضافة التحول الكبير أنظمة رأسمالية ديمقراطية كبريطانيا وفرنسا وأمريكا وأنظمة شيوعية كالنظام الروسي السابق النظام الصيني الحالي وغيرهما وهكذا فالتطور وقفاً اتجاه حضاري دون آخر شريطة يجد أجواء للإنطلاق والنموّ كالتشجيع والدعم والامكانات المادية وغير هذين المحورين وربط بأفكارها المتبناة وفّرا فرصاً للصراع ومبادئه جهة والتقدّم ثانية ولو بقي فكرياً لهان الأمر إلّا تحوّل صراع عملي قوى ظهرت مسرح الأحداث بناءً ثلاثة اتجاهات: أ‌ يدعو التخلّي واعتباره مبادئ مرحلية عفا عليها الزمن وهو الأحزاب الشيوعية والقوى القومية الاشتراكية المتأثّرة كأفكار عفلق[3] وقسطنطين زريق وساطع الحصري وشبلي العيسمي والياس فرح وجورج حبش إليهم القوميين الاشتراكيين ب‌ تطوير ينسجم الحضارة المعاصرة ويتولّى الخط تفسير وأفكاره تفسيراً ديمقراطياً اشتراكياً وافدة المؤلفات تفسِّر بهذا الاتجاه عقد الستينات أمثال: العربية د عبدالله العربي المجتمع النظرية والتطبيق البهي الخولي اشتراكية مصطفى السباعي الإنصاف والجحود عبدالغني حسن وغيرها مؤلفات طابقت والمذاهب يقود إضفاء الشرعية المذاهب وتوفير الأرضية لقبولها طمس الدعوة لمعالم تحت ركام الموضات الفكرية! ت‌ دعوة بالانغلاق الذات والاكتفاء بالموروث الماضية للشريعة ورفض كل عدا ومفاهيم وعلم ومعرفة وتقنية المنكفئ اليمن الأئمة بدايات القرن العشرين أفغانستان بداية أيضاً جسدته التقليدية الصوفية وتكايا الزهّاد والمتصوفة السودان الماضي سرعان طواه عبر تغيّراته المتسارعة بالنظر لمخالفته لروح ومطالب الإنسانية المتجددة ويختلف الموقف الثالث الموقفين السالفين الأخير يتحرك أصحابه بدافع الإخلاص وأعرافه وإن كانوا أخطأوا المنهج السليم موقفهم الآخَرَين روّادهما ومدارسهما ومؤسساتهما تتحرك دعم النفوذ وهذان الاتجاهان يحتلّان المتقدمة العامة يحظيان بإدارة شؤون أكثر أقاليم ويمتلكان مراكز الثقل والقوة والإمكانات الأقاليم يجسّد خطورة الاتجاهين الوافدين بوضوح المرحلة استعراض الحقائق والأحداث رافقت موضوع يقتضي نشخّص القضية تزال المجامع تطرحها الحين والآخر ويدور حولها الجدل المفكّرين والأدباء وأهل التشريع والتقنين والفقهاء فنقول[4]: احتكّ المسلمون العصر الحديث تشتمل محاور: محور والمفاهيم تتناول والمجتمع والإنسان والدولة وفدت العديد المبادئ والأفكار والأعراف والقيم الاستعماري لبلادنا وفي والتصورات يناقض وقوانينها فالإسلام نظرته الخاصة لمصدر الوجود ومصير وخلقه المستقل لعلاقة الرجل بالمرأة وله تصوّره الخاص حول توزيع الثروة والملكية أنّه طبيعة ومهامّها تختلف غيره أجل تخطٍّ صريح لواحد حدود الله وبصائر وحيه يعدّ اعتداءً عزّ وجلّ وتجاوزاً لمبدأ وتحليلاً حرّم تحريماً أحلّ المدني المتعدد والأبعاد يمثله التطور الطب والفلك الفضاء والكيمياء والهندسة والنبات والجيولوجيا والصناعة بكثير حقولها وآفاقها! منها يحمل الحضارات أنتجتها أساساً اللون التقدم والنمو مسيرة إنّما يشكّل امتداداً وثماراً لجهود والنتاجات حققها البشر ثلاثين حضارة شهدها الكوكب[5] قفزت بالعلم بآفاقه العديدة قفزات واسعة استفادته الخبرات السابقة وأضافت إليه تجربة العلماء والخبراء والفنّانين وهذا النمط العطاء يشجّعه الحنيف ويحثّ أتباعه المساهمة إثرائه وتطويره تماماً يفعل إبّان قيام طيلة عدة قرون الجدير ذكره هنا العلم والتطور التقني أبداً وإنّما هو ملك لكلّ عقل حرّ وأمة ناهضة مهما نظامها الاجتماعي والسياسي 3 حقل التنظيمات الإدارية والمالية والعسكرية كتنظيم المصارف والمرور وتنظيم العمال والطلبة ودوائر والجيش والشرطة البريد وتوزيع المال المحتاجين يرى بأساً الاستفادة سواءً نتاج أوروبي آسيوي باعتبارها تجارب حضارية تخدم وتساهم تحقيق السعادة يلوّن بلون خاص ويطوّرها وفقاً لضوابطه الرسالية وينفي عنها علق قشرة تأثير مخالف لقيمه يعمل استحداث قوانين وضوابط خاصة تنتجها عبقريات أبنائه التقسيم الفني لنتاج ينتجها ظروفه يمكّننا تعزيز ثقافتنا ومبادئنا فنعمّقها الفرد والجماعة ونحافظ الوقت ننتفع فيه بالجديد الإيجابي فضلاً امتلاكنا فرصة الاجتثاث لنظرية (تطوير) حسب إرادة جذورها وضوح أذهان المفكِّرين الإسلاميين يدفعهم اليوم لخوض معركة المصير يستأنف وجوده الأرض دورة تأريخية جديدة تنفض تراب التخلف والنكوص كاهل المسلم إن شاء الهوامش: [1] كيف هدمت الخلافة عبدالقديم زلوم دار الأُمّة للطباعة ص38 39 الكلخانة: مصطلح لأوّل دستور للدولة طُعِّم بالتشريعات الغربية زمن عبدالمجيد الأوّل [2] أصدر شيخ أعلى سلطة دينية فقهية قراراً بجواز الأخذ بالنظم المصدر ص48 [3] أنظر فس سبيل البعث ومؤلفات الياس وغيرهم [4] استفدنا قضية كتاب: رسالتنا جماعة الجف الأشرف بحث (رسالتنا خالدة متطورة) وكتاب: ورسالته الخالدة أبو المجد ط1 بيروت وكتاب التوحيد للشيخ الصدوق (رض) (مناظرات الإمام الرضا (ع) لليهود والنصارى والزرادشتية وأصحاب الكلام وغيرهم) وبحث ومتطلبات التغيير للعلامة المرحوم السيد حسين الطباطبائي [5] تويبني كتابه: "دراسة للتأريخ" تأريخهم الطويل شهدوا توارثت بزمام أمر وصياغة حياته كتب الادب مجاناً PDF اونلاين تاريخ الأدب التاريخي للكتابة النثريه والشعريه تقدم للقارئ اوالمستمع اوالمشاهد المتعه والثقافة فضلا التقنيات الأدبية المستخدمة ايصال القطع ببعضها ليست الكتابات ادباً كتب التاريخ لنشأة وتطور والعصور التاريخية ألمت

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
التراث والاصالة والمعاصرة فى فكر ميشيل عفلق
كتاب

التراث والاصالة والمعاصرة فى فكر ميشيل عفلق

ــ محمد احمد السامرائى

صدر 1999م
التراث والاصالة والمعاصرة فى فكر ميشيل عفلق
كتاب

التراث والاصالة والمعاصرة فى فكر ميشيل عفلق

ــ محمد احمد السامرائى

صدر 1999م
حول
محمد احمد السامرائى ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب التراث والاصالة والمعاصرة فى فكر ميشيل عفلق:
للإنسان مكانة في الرسالة الإسلامية من خلال مجموعة من المفاهيم والمصاديق، من خلال ذلك رأينا من المناسب جدّاً أن نوضح موقف الشريعة الإسلامية المباركة من الثابت والمتغير في حياة الإنسان، وكيف يتعامل الإسلام معها، بما يحفظ مكانة الإنسان على ظهر هذا الكوكب... بعد اجتياح فكر التجربة الأوروبية الحديثة لكافة الأفكار والرؤى التي كانت سائدة قبل عصر ما يسمِّيه الأوروبيون بالنهضة الحديثة في أوروبا، انتقلت إلى بلاد المسلمين بعد مرحلة السقوط أمام الهجمة الأوروبية الغازية أفكار ونظريات ورؤى الإنسان الأوروبي عموماً، وكانت فكرة الصراع بين القديم والحديث والتراث والمعاصرة وصراع القديم مع تطورات الزمان والمكان إحدى النظريات التي امتطت صهوة الغزو الأجنبي لبلاد المسلمين. وتعني هذه الفكرة فيما تعني أنّ الإسلام رسالة وشريعة ليس بمقدوره أن يساير موجة التجديد في حياة الناس، ولذا تعبّر بعض الدراسات والأدبيات عن تلك الفكرة الوافدة بالصراع بين الدين والعلم، وما إلى ذلك من مصطلحات. وقد شهد العالم الإسلامي موجة تنادي بهذه الفكرة حيث مثّلها، ونادى بها مفكّرون وشخوص ومؤسسات اجتماعية وسياسية ومنتديات فكرية ووسائل إعلام ومعاهد تربوية ورجال علم إلى غير ذلك. وإذا كان الصراع بين القديم والجديد له مبرّراته الواقعية في أوروبا من بعض الوجوه كما لاحظنا في أبحاث سابقة، فإنّ هذه المبررات لا وجود لها في بلاد المسلمين: 1- فإنّ القديم الأصيل عندنا لم يعلن حربه على الجديد ولم يقف حجر عثرة في طريق التقدّم والتطوّر ومستجدّات الحياة الزمكانية. 2- كما أنّ الجديد في بلاد المسلمين لم يشن حرب إبادة على كلِّ مقولات القديم الموروث من قيم ومبادئ ومقدسات كما جرى بالنسبة لعدوانِ الفكر الجديد ونظرياته على كلِّ موروث في الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية في أوروبا، نعم إنّ النزعة العدوانية التي أجّجها العملاء الفكريون في بلاد المسلمين والمتحجّرون من المسلمين هي التي أوجدت حالة من التدابر بين القديم الموروث والجديد النافع. وإذا استثنينا الأسباب الخارجية التي أجّجت هذا الصراع بين الأصالة والمعاصرة والقديم والجديد في العالم الإسلامي – وهي أسباب أساسية – لوجدنا أنّ هناك عوامل أخرى تشكّل أرضية مناسبة لعيش فكرة الصراع بين القديم والحديث في بلادنا وهذه العوامل ندرجها في محورين: 1- تحجّر بعض المؤسسات الفقهية الرسمية في بلداننا، وحشرها للإسلام في زاوية الاجترار لبعض المفاهيم والصور التطبيقية التي تخطتها ظروف الزمان والمكان وعدم قدرة تلك المؤسسات على استيعاب المتغيّرات الجديدة في عالم المدنية والقوانين والتشريعات. ويعتبر فرمان "الكلخانة" الذي أصدره السلطان العثماني عبدالمجيد[1] عام 1839م أوضح الأدلّة على فشل المؤسسة الفقهية الرسمية في العالم الإسلامي التي عجزت عن مدّ نظام الدولة العثمانية بالقوانين التي تستوعب مستجدات الحياة في ضوء الشريعة الإسلامية، حيث عمل السلطان العثماني المذكور على إجراء أخطر عملية لتطعيم الدستور العثماني في ذلك التأريخ المبكِّر بمواد قانونية أجنبية ممّا سجّل انطباعاً لدى الكثير من المسلمين – أو هكذا يستفاد من هذه النكسة – في أنّ الفقه الإسلامي عاجز عن مسايرة تطوّرات الحياة الفكرية والعلمية والاجتماعية[2]. 2- اعتقاد بعض المتعلِّمين من المسلمين أنّ التحولات العلمية والتقنية التي شهدتها أوروبا بعد النهضة الصناعية العامّة فيها جاء نتيجة طبيعية للتجربة الاجتماعية والسياسية الأوروبية الحديثة ولذا فإنّ أيّ تحول مدني مناسب في دنيا المسلمين يتطلّب الائتمام بالإنسان الأوروبي في اتجاهه الحضاري عموماً، مما عزّز نظرية الفصل بين الإسلام والحياة، وأعطى مبرّراً للتحرّك العلماني الواسع في العالم الإسلامي على شكل أحزاب ومناهج ومؤسسات ثقافية وإعلامية وما إلى ذلك. على أنّ الاعتقاد المذكور لم يمتلك سنداً واقعياً بالمرّة، فالذي يدرس تأريخ أوروبا الحديثة لا يشكّ مطلقاً، بأنّ الثورة الصناعية وما أنتجت قد سبقت التحولات الفكرية والدستورية في أوروبا الحديثة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنّا نجد أنّ التطورات العلمية لو كانت محصّلة طبيعية للمنهج الحضاري أو السياسي لما وجدنا هذه التطورات يشترك فيها مختلف الأنظمة السياسية والاتجاهات الحضارية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. فالتقدّم العلمي والفنِّي تجده يبلغ القمّة في ظلال نظام نازي كنظام هتلر في ألمانيا، بينما تجد هذا التقدّم ذاته في ظلال نظام رأسمالي إقطاعي امبراطوري كاليابان الحديثة، إضافة إلى وجود هذا التحول العلمي الكبير في ظلال أنظمة رأسمالية – ديمقراطية كبريطانيا، وفرنسا وأمريكا، وأنظمة شيوعية كالنظام الروسي السابق أو النظام الصيني الحالي وغيرهما. وهكذا، فالتطور العلمي ليس وقفاً على اتجاه حضاري دون آخر شريطة أن يجد أجواء مناسبة للإنطلاق والنموّ، كالتشجيع والدعم والامكانات المادية وغير ذلك. إنّ هذين المحورين – تحجّر المؤسسات الفقهية الرسمية وربط التحول العلمي في أوروبا بأفكارها المتبناة – قد وفّرا فرصاً مناسبة للصراع بين الإسلام ومبادئه من جهة، والتقدّم العلمي من جهة ثانية، ولو بقي الصراع المذكور فكرياً لهان الأمر، إلّا أنّ ذلك الصراع تحوّل إلى صراع عملي بين قوى ومؤسسات ورجال فكر، وقد ظهرت على مسرح الأحداث بناءً على ذلك ثلاثة اتجاهات: أ‌- اتجاه يدعو إلى التخلّي عن الإسلام واعتباره مبادئ مرحلية عفا عليها الزمن، وهو اتجاه الأحزاب الشيوعية في العالم الإسلامي، والقوى القومية الاشتراكية المتأثّرة بها كأفكار ميشيل عفلق[3] وقسطنطين زريق وساطع الحصري وشبلي العيسمي والياس فرح وجورج حبش ومن إليهم من القوميين الاشتراكيين في العالم الإسلامي. ب‌- اتجاه يدعو إلى تطوير الإسلام بما ينسجم مع الحضارة الأوروبية المعاصرة، ويتولّى هذا الخط تفسير الإسلام ومبادئه وأفكاره تفسيراً ديمقراطياً أو اشتراكياً أو ما إلى ذلك من أفكار وافدة. وقد ظهرت الكثير من المؤلفات التي تفسِّر الإسلام بهذا الاتجاه في عقد الستينات أمثال: ديمقراطية القومية العربية، د. عبدالله العربي، المجتمع الإسلامي بين النظرية والتطبيق، البهي الخولي، اشتراكية الإسلام، د. مصطفى السباعي، الإسلام بين الإنصاف والجحود، د. عبدالغني حسن وغيرها من مؤلفات. حيث طابقت هذه المؤلفات بين الشريعة الإسلامية والمذاهب الاجتماعية والسياسية الحديثة، الأمر الذي يقود إلى إضفاء الشرعية على تلك المذاهب الوافدة، وتوفير الأرضية لقبولها إضافة إلى طمس هذه الدعوة لمعالم الإسلام تحت ركام هذه الموضات الفكرية! ت‌- دعوة تنادي بالانغلاق على الذات والاكتفاء بالموروث من المفاهيم الإسلامية والصور التطبيقية الماضية للشريعة ورفض كل ما عدا ذلك من فكر ومفاهيم وعلم ومعرفة وتقنية. وقد ظهر هذا الاتجاه المنكفئ على الذات في اليمن في عصر الأئمة في بدايات القرن العشرين، كما ظهر في أفغانستان في بداية القرن أيضاً، كما جسدته بعض المؤسسات الفقهية التقليدية والاتجاهات الصوفية، وتكايا الزهّاد والمتصوفة في السودان، وغيرها في بداية القرن الماضي. إلّا أنّ هذا الاتجاه سرعان ما طواه الزمن عبر تغيّراته المتسارعة بالنظر لمخالفته لروح الإسلام ومطالب الحياة الإنسانية المتجددة. ويختلف الموقف الثالث عن الموقفين السالفين في أنّ الموقف الأخير كان يتحرك أصحابه بدافع الإخلاص للإسلام وأعرافه، وإن كانوا قد أخطأوا المنهج السليم في موقفهم المذكور، إلّا أنّ الموقفين الآخَرَين كان روّادهما ومدارسهما ومؤسساتهما تتحرك من خلال دعم النفوذ الأجنبي في بلاد المسلمين. وهذان الاتجاهان يحتلّان المتقدمة في حياة المسلمين العامة، حيث يحظيان بإدارة شؤون المسلمين في أكثر أقاليم العالم الإسلامي، ويمتلكان مراكز الثقل والقوة والإمكانات في تلك الأقاليم، الأمر الذي يجسّد خطورة الاتجاهين الوافدين بوضوح في هذه المرحلة. إنّ استعراض هذه الحقائق والأحداث التي رافقت موضوع الصراع بين القديم والحديث يقتضي أن نشخّص الموقف الإسلامي الأصيل من هذه القضية الحضارية التي لا تزال المجامع العلمية تطرحها بين الحين والآخر ويدور حولها الجدل بين المفكّرين والأدباء وأهل التشريع والتقنين والفقهاء... فنقول[4]: إنّ التجربة الحضارية الأوروبية المعاصرة التي احتكّ بها المسلمون في العصر الحديث تشتمل على ثلاثة محاور: 1- محور الأفكار والتشريعات والمفاهيم التي تتناول الحياة والمجتمع والإنسان والدولة، حيث وفدت العديد من المبادئ والأفكار والقوانين والأعراف والقيم مع موجة الغزو الاستعماري لبلادنا الإسلامية، وفي هذه المبادئ والتصورات ما يناقض مبادئ الرسالة الإسلامية وقوانينها. فالإسلام له نظرته الخاصة لمصدر الوجود ومصير الإنسان، وخلقه المستقل، كما أنّ له نظرته لعلاقة الرجل بالمرأة، وله تصوّره الخاص حول توزيع الثروة والملكية، كما أنّه طبيعة الدولة ومهامّها تختلف لدى الإسلام عن غيره من المذاهب السياسية إلى غير ذلك. ومن أجل ذلك فإنّ تخطٍّ صريح لواحد من حدود الله ومبادئه وبصائر وحيه يعدّ اعتداءً على حدود الله عزّ وجلّ، وتجاوزاً لمبدأ الأصالة وتحليلاً لما حرّم الله أو تحريماً لما أحلّ. 2- محور التقدّم المدني المتعدد الوجوه والأبعاد الذي يمثله التطور في علم الطب والفلك وعلم الفضاء والكيمياء والهندسة والنبات والجيولوجيا والصناعة بكثير من حقولها وآفاقها! دون ما كان منها يحمل قيم الحضارات التي أنتجتها أساساً. وغير ذلك، إنّ هذا اللون من التقدم والنمو في مسيرة الحياة الإنسانية إنّما يشكّل امتداداً وثماراً لجهود العديد من الحضارات والنتاجات التي حققها البشر عبر ثلاثين حضارة شهدها هذا الكوكب[5]. إلّا أنّ أوروبا قد قفزت بالعلم بآفاقه العديدة قفزات واسعة لما استفادته من الخبرات السابقة، وأضافت إليه تجربة العلماء والخبراء والفنّانين الجديدة... وهذا النمط من العطاء ممّا يشجّعه الإسلام الحنيف، ويحثّ أتباعه على المساهمة في إثرائه وتطويره تماماً كما كان يفعل إبّان قيام الحضارة الإسلامية في العالم طيلة عدة قرون. ومن الجدير ذكره هنا أنّ العلم والتطور التقني ليس وقفاً على حضارة أو تجربة اجتماعية دون أخرى أبداً، وإنّما هو ملك لكلّ عقل حرّ وأمة ناهضة مهما كان نظامها الاجتماعي والسياسي. 3- حقل التنظيمات الإدارية والمالية والعسكرية وغيرها، كتنظيم المصارف والمرور وتنظيم العمال والطلبة ودوائر الدولة والجيش والشرطة وتنظيم البريد وتوزيع المال على المحتاجين وما إلى ذلك، فإنّ الإسلام لا يرى بأساً من الاستفادة منها سواءً كانت من نتاج أوروبي أو آسيوي، باعتبارها تجارب حضارية تخدم مسيرة الإنسان وتساهم في تحقيق السعادة له. على أنّ الإسلام الحنيف يلوّن هذه التنظيمات بلون حضاري خاص ويطوّرها وفقاً لضوابطه الرسالية الخاصة، وينفي عنها ما علق بها من قشرة أو تأثير حضاري آخر مخالف لقيمه، كما يعمل على استحداث قوانين وضوابط خاصة تنتجها عبقريات أبنائه. إنّ هذا التقسيم الفني لنتاج الحضارات التي ينتجها الإنسان عبر ظروفه الزمكانية هو الذي يمكّننا من تعزيز الأصيل من ثقافتنا ومبادئنا فنعمّقها في حياة الفرد والجماعة ونحافظ عليها في الوقت الذي ننتفع فيه بالجديد الإيجابي فضلاً عن امتلاكنا فرصة الاجتثاث لنظرية (تطوير) الإسلام حسب إرادة النفوذ الحضاري الاستعماري من جذورها. إنّ وضوح هذا الموقف في أذهان المفكِّرين الإسلاميين هو الذي يدفعهم اليوم لخوض معركة المصير من أجل أن يستأنف الإسلام وجوده الحضاري في الأرض في دورة تأريخية جديدة تنفض تراب التخلف والنكوص عن كاهل الإنسان المسلم إن شاء الله عزّ وجلّ. الهوامش: [1]- كيف هدمت الخلافة، عبدالقديم زلوم، دار الأُمّة للطباعة، ص38-39. الكلخانة: هو مصطلح لأوّل دستور للدولة العثمانية طُعِّم بالتشريعات الغربية الأوروبية في زمن السلطان عبدالمجيد الأوّل. [2]- أصدر شيخ الإسلام وهو أعلى سلطة دينية فقهية في الدولة العثمانية قراراً بجواز الأخذ بالنظم الأوروبية، المصدر السابق، ص48. [3]- أنظر فس سبيل البعث، ميشيل عفلق، ومؤلفات الياس فرح وساطع الحصري وغيرهم. [4]- استفدنا موقف الإسلام من قضية الصراع بين الأصالة والمعاصرة أو القديم والجديد من كتاب: رسالتنا، جماعة العلماء في الجف الأشرف، بحث (رسالتنا خالدة متطورة)، وكتاب: الإسلام ورسالته الخالدة، محمد أبو المجد، ط1، بيروت، وكتاب التوحيد، للشيخ الصدوق (رض)، (مناظرات الإمام الرضا (ع) لليهود والنصارى والزرادشتية وأصحاب الكلام وغيرهم)، وبحث الإسلام ومتطلبات التغيير الاجتماعي للعلامة المرحوم السيد محمد حسين الطباطبائي (رض). [5]- يرى تويبني في كتابه: "دراسة للتأريخ" أنّ البشر عبر تأريخهم الطويل قد شهدوا ثلاثين حضارة توارثت الأخذ بزمام أمر الإنسان وصياغة حياته.
الترتيب:

#31K

19 مشاهدة هذا اليوم

#60K

5 مشاهدة هذا الشهر

#70K

4K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 17.