█ لحظة انحدار الشمس خلف صف المنازل أهمل عبدالله النظر إلى وسط الشارع حيث كان يركّز نظره الحفر والمطبّات الصغيرة يتألم لمرأى أكوام القمامة المتناثرة هنا وهناك وصعّدَ بصره واجهات الدور المغبرّة ثم النوافذ المغلقة وأفياء الأشجار الوارفة وفي حين يمسح كل ذلك بنظرات صامتة متسائلة كانت أشياء تفقد لونها الطبيعي إذ أصبح الفضاء أكثر عتمة ذهبتْ حمرة السماء وانبسطت ظُلمة باهتة كغطاء سميك يحجب الأبصار فاتخذت الأشياء صوراً أخرى لها رهبة تهزّ القلب وبينما يقف متأملاً وقد اعتاد أغلب المساءات اجتازت سيارة (إيفا) بسرعة جنونية تسبّبت إثارة الغبار وتطاير الحصى الناعم الذي أرغمهُ التراجع للخلف حاجباً وجههُ بمنديل يسعل بحدّة كتاب فتى الحروب مجاناً PDF اونلاين 2024 مجموعة قصصية للقصصي والشاعر نبيل جميل والتي تعكس بأسلوب أدبي دقيق قصص ومشاهد حول وما يتخلف عنها وأثارها التتابعية حتى بعد انهاء تلك والعنف ومد قًبحه كمنظومة مًستقله خاضعه لقوانينها الخاصة التي لا تخضع شئ سوي ذاتها القبيحة فالعنف كائن متجبر مًستقل عن السياسة والسلطة يعيث الفساد بيدية دون احتياج داعم أو تبرير
❞ عيناها تُراقِبان فضاء الغرفة، وقد أحاطتهما هالتان بلون الرماد، وإذا خفضت بصرها، شعرت بقُرب نهايتها، إذ لازمها استياء دائم منذ أول الشتاء، عندما استيقظت فزِعة عند الفجر تصرخ: (أبعدوه عني، إنه يجثم على صدري) وعندما هرع من كان في البيت محاولين تهدئتها، كانت هي ترتجف، بعدها لم تنطق سوى: (كاد يقتلني.. كاد يقتلني) . ❝
❞ ثم اجتاز المجاز المظلّل بعريشة شجرة العنب، متجهاً نحو باب الحديقة، وقد ميّز رائحة النهر، رغم عَبق الحديقة العامرة بشتى أنواع الزهور. بحركة ناشطة امتط الدراجة وانطلق، تلفح وجهه ريح باردة، جعلته شديد الرغبة بالتجول في هذا الصباح النقي، فكر: إذا ذهبت إلى السوق الكبيرة سيتبقى لي شيء من النقود، فالأشياء هُناك أرخص سعراً . ❝
❞ كانت رغبته قوية في إنعاش ذاكرته هذا المساء، فقد شعر بفراغ كبير زاد من رغبته وألمه، منذ أن ابتعدت زوجته وطلبت الطلاق، ثم هذا التيه الكبير الذي عم جميع أحياء المدينة، منذ بدء القصف، صارت حياته شبه مشلولة، حت العمل في النهار توقف، فالمصنع الذي يعمل فيه، قصفته الطائرات مُحطمه الجزء الأكبر منه . ❝