█ كان ﷺ أفصح خلق الله وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداء وأحلاهم منطقاً حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح ويشهد له بذلك أعداؤه وكان إذا تكلم بكلام مُفصَّل مُبَيَّن يعده العاد ليس بِهَذٍّ مُسرع لا يُحفظ ولا مُنقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام بل هديه فيه أكمل الهدي قالت عائشة : ما رسول اللہ يسرد سردكم هذا ولكن يتكلّم بَيّن فَصّلٍ يحفظه من جلس إليه كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ لما كَسَفَتِ الشَّمسُ ، خرج ﷺ إلى المسجد مُسرِعاً فزعاً يجُرُّ رداءه ، وكان كُسُوفُها في أول النهار على مقدار رمحين أو ثلاثة من طلوعها ، فتقدم ، فصلَّى ركعتين قرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وسورة طويلة ، جهر بالقراءة ، ثم ركع ، فأطال الركوع ، ثم رفع رأسه من الركوع ، فأطال القيام وهو دون القيام الأول ، وقال لما رفع رأسه ( سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ ) ، ثم أخذ في القراءة ، ثم ركع ، فأطال الركوع وهو دون الركوع الأولِ ، ثم رفع رأسه من الركوع ، ثم سجد سجدة طويلة فأطال السجود ، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الأولى ، فكان في كُلِّ ركعة ركوعان وسُجودان ، فاستكمل في الركعتين أربع ركعات وأربع سجدات، ورأى في صلاته تلك الجنة والنار ، وهَمَّ أن يأخذ عُنقوداً من الجنة ، فيُريهم إياه ، ورأى أهل العذاب في النار ، فرأى امرأة تخدِشُها هِرَّةٌ ربطتها حتى ماتت جوعاً وعطشاً ، ورأى عمرو بن مالك يجر أمعاءه في النار ، وكان أول من غير دين إبراهيم ، ورأى فيها سارِقَ الحاج يُعذَّب ، ثم انصرف ، فخطب بهم خطبة بليغة ، حُفِظَ منها قوله ( إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الله لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلا لِحَياتِهِ ، فإذا رَأَيْتُم ذَلِكَ ، فَادْعوا الله وكَبِّروا ، وصَلُّوا ، وتَصَدَّقُوا يا أُمَّةَ مُحَمَّد ، والله مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُه ، يا أُمَّة مُحَمَّد ، والله لَوْ تَعْلَمون ما أَعْلَم لَضَحِكُتُم قَليلاً ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً ) . وقال ( لَقَدْ رَأَيْتُ في مَقَامِي هذا كُلَّ شَيْءٍ وُعِدتُم به ، حَتَّى لَقَدْ رأيتُني أريد أن أخذ قطفاً من الجنة حِينَ رأيتُمُونِي أَتَقَدَّمُ ، وَلَقَدْ رأَيتُ جَهَنَّمَ يَحْطِم بَعْضُهَا بَعْضَاً حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ . وفي لفظ ( وَرَأَيْتُ النَّارَ فلم أرَ كاليوم منظراً قَطُّ أَفْطَعَ منها ، ورَأَيْتُ أكثر أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءَ ) قالُوا : وَبِمَ يا رَسُول الله ؟ قال ( بِكُفْرِهِنَّ ) قيل : أيكفُرنَ بالله ؟ قال ( يَكْفُرنَ العَشيرَ ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَان ، لو أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ، ثُمَّ رأت مِنكَ شَيْئاً ، قالت : مَا رَأَيْتُ مِنكَ خَيْراً قط ) . ومنها ( ولَقَدْ أُوحِي إليَّ أَنَّكُم تُفتَنون في القُبُورِ مِثْلِ ، أَوْ قَريباً مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّال ، يُؤْتَى أَحَدُكُم فَيُقال له : ما عِلْمُكَ بِهَذا الرَّجُلِ ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أو قال : المُوقِنُ ، فيقول : مُحَمَّد رَسُولُ الله ، جاءنا بالبيِّنَاتِ وَالهُدَى ، فَأَجَبْنا ، وآمَنَّا ، واتَّبَعْنَا ، فيُقالُ لَهُ : نمْ صَالِحاً فَقَدْ عَلِمْنَا إِن كُنْتَ لُمؤْمِنَا ، وَأَمَّا المُنافِقُ أَوْ قَالَ : المّرّتاب ، فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا ، فقلته ) . وأمر ﷺ في الكسوف بذكر الله ، والصلاة ، والدعاء ، والإستغفار ، والصدقة ، والعِتاقة ، والله أعلم . ❝
❞ فلما دنا رسول الله ﷺ من المدينة ، خرج الناس لتلقيه ، وخرج النساء والصبيان والولائد يقلن : طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا
مِنْ ثَنِيَّاتِ الوَدَاع
وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا
مَا دَعَا لِلَّهِ دَاعِيَ
وبعض الرواة يَتوهَم في هذا ويقول : إنما كان ذلك عند مقدّمه إلى المدينة من مكة ، وهو وهم ظاهر ، لأن ثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام ، لا يراها القادِمُ من مكة إلى المدينة ، ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام ، فلما أشرف ﷺ على المدينة ، قال ( هذه طَابَةُ ، وَهَذَا أَحَدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّه . ❝
❞ في سياق هديه ﷺ في الحج
❞ فلما فرغ ﷺ من صلاته ، ركب حتى أتى الموقف ، فوقف في ذيل الجبل عند الصَّخَراتِ ، واستقبل القبلة ، وجعل حَبْلَ المُشاة بين يديه ، وكان على بعيره فأخذ في الدعاء والتضرع والابتهال إلى غروب الشمس ، وأمر الناس أن يرفعوا عن بطن عُرَنَةً ، وأخبر أن عرفة لا تختص بموقفه ذلك ، بل قال ( وقَفْتُ هاهنا وعَرَفَةُ كُلَّها مَوْقِفٌ ) ، وأرسل إلى الناس أن يكونوا على مشاعرهم ويقفوا بها ، فإنها من إرث أبيهم إبراهيم ، وهنالك أقبل ناس من أهل نجد ، فسألوه عن الحج ، فقال ( الحَج عَرَفَةُ ، مِن جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعِ ، تَمَّ حَجَّهُ ، أَيَّامُ مِنَى ثَلَاثَةٌ ، فَمَنْ تَعَجِّلَ فِي يَوْمَيْن ، فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عليه ) ، ومما ذُكِرَ من دعائه في عرفة( اللَّهُمَّ تَسْمَعُ كَلامي ، وتَرَى مَكَاني ، وتَعْلَمُ سرِّي وعلانيتي ، لا يخفى عليك شَيءٌ مِنْ أَمْري أنا البائس الفقيرُ المُسْتَغِيتُ المُسْتَجيرُ ، وَالوَجلُ المُشْفِقُ ، المقر المعترفُ بِذُنُوبِي ، أَسْأَلكَ مَسْأَلةَ المِسْكِين ، وأبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابتهال المُذْنِبِ الذُّلِيلِ ، وأَدْعُوكَ دُعَاءَ الخَائِفِ الضرِيرِ ، مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ ، وفَاضَتْ لَكَ عَيْنَاهُ ، وذلَّ جَسَدُهُ ، ورَغِمَ أَنْفُهُ لَكَ ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلَنِي بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِياً ، وكُن رؤوفاً رحيماً ، يا خيرَ المَسْؤُولين ، ويَا خَيْرَ المُعْطِينَ ) وكان في دعائه رافعاً يديه إلى صدره كاستطعام المسكين ، وأخبرهم أَنَّ خَيْرَ الدَّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وذكر من دعائه في الموقف أيضا ( اللَّهُمَ لَكَ الحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ ، وخَيْراً مِمَّا نَقُولُ ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلاتِي وَنُسُكي ، ومَحْيَايَ وَمَمَاتِي ، وَإِلَيْكَ مَآبِي ، ولَكَ رَبِّي تُراثي ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ القَبْرِ ، وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ ، وَشَتَاتِ الأمْر ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تِجِيء به الريح ) ، وذكر الإمام أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان أكثرُ دُعاءِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ عرفة ( لا إله إلا الله وحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمدُ ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيء قَدِير ) ، وهناك أُنزِلَتْ عليه ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) ، وهناك سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم فمات ، فأمر رسول الله ﷺ أَن يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْهِ ، ولا يُمَسَّ بِطيبٍ ، وأن يُغسل بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، ولا يُغَطَّى رَأْسُه ، ولا وَجْهُهُ ، وأَخْبَرَ أَنَّ الله تَعَالى يَبْعَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يُلبي . ❝