ملخص كتاب ❞ السلام العالمى والاسلام❝ ، بقلم هايدى 💬 أقوال سيد قطب 📖 كتاب السلام العالمي والإسلام

- 📖 من ❞ كتاب السلام العالمي والإسلام ❝ سيد قطب 📖

█ ملخص كتاب ❞ السلام العالمى والاسلام❝ بقلم هايدى العالمي والإسلام مجاناً PDF اونلاين 2024 هذا الكتاب الرائع يشرح لنا عظمة ديننا وشريعتنا كم نخسر بعدم تطبيقها وكم هو اسلامنا شمولي لكل اركان الدولة والحياة وكيف يأتينا قبل يكون ضمائرنا وفي انفسنا بيوتنا من اقل نقطة فينا حتى اكبر حياتنا حقا ممتع وقوي الحجة واسلوب بسيط وسلس خطوط تصور طبيعة الاسلام فليس سلاما بالمعنى الضيق اي تجنب القتال باي ثمن او السلم التي تقام حساب البشرية والمبادئ العليا للانسان كما ارادها الله فهذا الذي يحذر المسلمين منه

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات

ملخص كتاب ❞ السلام العالمى والاسلام❝ ، بقلم هايدى

منقول من engzketab.com ، مساهمة من: REHAM
يبحث كل العالم الآن عن تحقيق السلام، ولكن الواقع يقول أنها مجرد محاولات فاشلة لم تحقق السلام أبدًا. يناقش الأستاذ (سيد قطب) هذه القضية في هذا الكتاب من وجهة نظر الإسلام، من حيث رأي الدين الإسلامي في قضية السلام العالمي، والأسس الإسلامية التي يقوم عليها السلام العالمي، والخطوات التي يخطوها الإسلام للوصول إلى السلام العالمي بدءًا بالفرد مرورًا بالأسرة ثم المجتمع، وصولًا إلى الأمة. وقد أبدع (سيد قطب) في بيان الجوانب المتعددة التي اعتنى بها الإسلام ليحلّ السلام في الأرض، حتى الجهاد في سبيل الله؛ فهو وسيلة إلى السلام بين البشر.

- أثر العقيدة الدينية في الحياة

العقيدة الدينية القوية، هي التي تجعل الإنسان يقف أمام قوى السلطان، وقوى المال، التي تنهزم أمام العقيدة الدينية القوية الواثقة. ولا تملك أي قوة أخرى أن تمنح الإنسان الضعيف هذه القوى غير العقيدة الدينية. إن هذه العقيدة قوة هائلة في أيدينا، قوة لا يتخلى عنها صاحبها في زحمة الصراع، إلا أن يكون به حمق، ونحن نواجه صراعًا ضخمًا من حولنا. فإذا كانت عقيدتنا تعيننا على مواجهة هذا الصراع؛ فأي ضمير يملك أن يفرّط في تلك القوى لمجرد أنها نابعة من تلك العقيدة؟ إن بعض النظم الأخرى قد تقدم لنا بعض الحلول، لبعض المشكلات في بعض الأحيان، ولكن قيمة العقيدة التي ندعو إليها ليست مجرد تقديم الحلول المؤقتة للمشكلات، إنما قيمتها أنها تقدم هذه الحلول، وتقدم معها القوة الضامنة لتحقيقها.

إن العقيدة الدينية تمثل تصوُّرًا شاملًا، يربط الإنسان بقوى الكون الظاهرة والخافية، ويثبّت روحه بالثقة والطمأنينة، وهذه العقيدة تفسّر للفرد علاقاته بما حوله من الناس والأحداث والأشياء، وتوضح له غايته واتجاهه وطريقه، وَتُجمِّع طاقاته وقواه كلها. والشخصية الإنسانية السليمة هي وحدة متماسكة؛ فهي تحتاج إلى عقيدة موحدة ترشدها في كل اتجاه، وتساعدها في مواجهة الكون والحياة، وترجع النفس إليها في كل صغيرة وكبيرة؛ فالفرد كالجماعة، كلاهما في حاجة ملحّة إلى عقيدة تتسع لكل ألوان النشاط في الحياة، وتعمل في كل اتجاهاتها، والعقيدة الإسلامية هي الحالة المثالية الوحيدة التي عرفتها الإنسانية في تاريخها الطويل. إنها العقيدة التي تتسع فتشمل كل نشاط الإنسان في كل مناحي الحياة.

2- طبيعة السلام في الإسلام

فكرة السلام في الإسلام فكرة أصيلة، تتصل اتصالًا قويًا بطبيعته وتصوّره الكلّي عن الكون والحياة والإنسان. وطبيعة السلام في الإسلام مستمَدَّة من هذا التناسق في طبيعة الكون، وفي أصل الإنسان؛ فالسلام هو القاعدة الدائمة، والحرب هي الاستثناء الذي يستلزم الخروج عن هذا التناسق المتمثل في دين الله الواحد، بالبغي والظلم، أو بالفساد والاحتلال. وأشد الظلم الشرك بالله، وأسوأ الفساد عبادة غير الله، فيستلزم ذلك كله الحرب، يقول تعالى: " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّي لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِير".

والإسلام ينفي - منذ اللحظة الأولى - معظم الأسباب التي تثير في الأرض الحروب، ويستبعد ألوانًا من الحروب لا يُقِرُّ بواعثها وأهدافها. يستبعد الحروب التي تثيرها القومية العنصرية؛ فالإسلام يعترف أن الناس كلهم من أصل واحد، وأنهم خلقوا من نفس واحدة، ويستبعد الحروب التي تُثِيرُهَا المطامع والمنافع، حروب الاستعمار والاستغلال، بل يعتبر الكون كله وحدة واحدة غير متنازعة الأهداف، وهو يأمر بالتعاون على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان. ويحرّم السلب والنهب والغصب، كما يستبعد الحروب التي تثيرها حب الأمجاد الزائفة للملوك والأبطال، أو حب المغانم الشخصية. جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: "الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذِّكْر، والرجل يقاتل لِيُرَي، فمن في سبيل الله؟ قال – صلى الله عليه وسلم -: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ". هنا يظهر أن تلك الحرب الوحيدة المشروعة التي يُقِرُّها الإسلام. وكلمة الله التي يُقَاتَل من أجلها هي التعبير عن إرادته الظاهرة لنا نحن البشر؛ فالإسلام جاء ليحقق العدالة بكل أنواعها. لهذه الأغراض العليا وحدها يحمل الإسلام السيف.

3- كيف يوفر الإسلام للفرد أسباب السلام؟

لا سلام لعالم ضمير الفرد فيه لا يستمتع بالسلام، تلك هي نظرة الإسلام. وللفرد. السلام في النظام الإسلامي يمثل قيمة أساسية؛ فهو اللبنة الأولى في بناء الجماعة، وفي ضمير الفرد يغرس الإسلام بذرة السلام، السلام الإيجابي الذي يرفع الحياة، لا السلام السلبي الذي يرضى بكل شيء، ويترك المبادئ العليا تداس في سبيل العافية والسلامة، والسلام الذي يعترف للفرد بوجوده، ويعترف في الوقت ذاته بالجماعة ومصالحها وأهدافها، وبالإنسانية وحاجاتها، وبالدين والخُلُقِ، كل ذلك في توافق. فالضمير الفردي في قلق دائم؛ لأنه إما أن يؤمن فيبتعد عن المنطق، وإما أن يعتصم بالمنطق فيقوده إلى الكفر والإلحاد، وإما أن يبقى في حيرة بينهما، ولكن الإسلام يريح الضمير من كل هذه الأشياء المقلقة؛ فالإسلام يُعرّف الإنسان أن الله قريب منه، مستجيب له، لا يغفل عن رعايته ولا ينساه، يقول – تعالى –: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ". والإسلام منذ اللحظة الأولى يعترف بضرورات الحياة الأصيلة الكامنة في طبيعة البشر. فالإسلام حين يدعو إلى التطهر الروحي، والتخلص من الشهوات؛ فإنه لا يعني كبت الدوافع الحيوية، إنما هو يدعو إلى أن يملك الإنسان قيادة نفسه؛ فلا يكون عبدًا مملوكًا لشهواته.

والإسلام يعالج أسباب ما يسمى (بالعقد النفسية)، فلا وجود لأسبابها في جو العقيدة الإسلامية. والإسلام أيضًا يعترف للفرد بدوافع الخطأ والخطيئة، فأما الخطأ والنسيان وما يقع عن إكراه فلا يُحَاسَبُ الفرد عليها، يقول – صلى الله عليه وسلم –: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "، وأما الذنب والخطيئة فباب التوبة منهما مفتوح في كل لحظة، يقول – تعالى –: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَي أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ". ويذهب الإسلام في هذا مذهبًا بعيدًا، حتى أن بعض الناس - عند النظرة الأولى- يعتقدون الإسلام يجمّل للناس الخطيئة ليتوبوا منها! يقول – صلى الله عليه وسلم –: "كل بني آدم خَطّاء وخير الخطّائين التوابون "، وهو لا يزين الخطيئة هنا، ولكنه ييسر التوبة، فالإسلام يمنح ضمائر الخطائين التّوّابين السلام، ويهب أرواحهم الاطمئنان.

والإسلام لا يكلف النفس البشرية فوق طاقتها، لأن تكليف الفرد فوق طاقته لا ينتهي إلا إلى نتائج ثلاث: أولها الإرهاق والعسر والكبت والحرمان، وتحطيم الذات الإنسانية، وثانيها النفور والخروج عن الأوامر والنواهي، والعداء الشديد، وثالثها القلق النفسي الدائم، والشعور دائمًا بالخطيئة أو التقصير، وهذا عذاب دائم لا يُحْتَمَل. ولذلك حرص الإسلام على أن تكون تكاليفه كلها في حدود الطاقة، وفي ذلك يقول الله – تعالى – في القرآن الكريم: "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ".

والإسلام يكره أن تقع الخصومة بين المسلم والمسلم، ولكنه في الوقت ذاته يُقَدِّرُ أن شعور الغضب لا يمكن محوه؛ فلا يعتبره ذنبًا بمجرد وقوعه، قال – صلى الله عليه وسلم –: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام "، فليس على الفرد إلا أن يسلّم نفسه لله، وأن يجعل رضا الله غايته، وأن يجاهد ليجعل كلمة الله هي العليا، ويحقق إرادة الله في الأرض.

4- كيف يحافظ الإسلام على تماسك الأسرة من أجل تحقيق السلام؟
الفرد الذي لا يستمتع في بيته بالسلام، لن يعرف للسلام قيمة، ولن يتذوق له طعمًا، ولن يكون عامل سلام وفي عقله معارك طاحنة، وفي نفسه قلق؛ ولذلك يتجه الإسلام إلى نشر السلام في البيت، في الوقت ذاته الذي يتجه فيه إلى الضمير الفردي، وإلى المجتمع الدولي، فكلها حلقات متصلة. والنواة الأولى لتكوين الأسرة هي الزواج، يقول الله – تعالى –: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً "؛ فهو صلة النفس بالنفس والسكن والاستقرار، وهو تعبير كامل عن حقيقة الصلة التي يفترضها الإسلام لذلك الرباط الإنساني الوثيق، فيحيط الإسلام الأسرة بكل رعايته وبكل ضماناته، وحَسَب طبيعة الإسلام الكلية، فإنه لا يكتفي بالإشعاعات الروحية، بل يتبعها التنظيمات القانونية. فأولًا: لا بد في هذا الارتباط من الرضا والاستئذان، فلا تُزَوَّج المرأة بغير إذنها ورضاها. وثانيًا: لا بد فيه من نية الاستمرارية، فالزواج علاقة أصلها الدوام؛ ولكي يهيئ الإسلام للبيت جوه، ويهيئ للأطفال فيه رعايته، أوجب على الرجل النفقة وجعلها فريضة، كي يتاح للأم من الجهد ومن الوقت ومن راحة البال ما تشرف به على الأطفال.

إن خروج المرأة لتعمل كارثة على البيت قد تبيحها الضرورة، أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون على منعها؛ فتلك هي اللعنة التي تصيب الأرواح والعقول في عصور الانتكاس. وفي سبيل الاستقرار البيتي، جعل الإسلام القوامة للرجل؛ لأن توحيد القيادة ضروري لأمن السفينة. وفي سفينة البيت لا بد من قيادة تحتمل الضغوط وتحفظ النظام. وفي سبيل السلام البيتي أيضًا كان النهي عن التبرج والاختلاط، وكان الأمر بالحشمة والتحفظ، حتى لأمهات المؤمنين في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم –، يقول الله – تعالى –: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَي أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ ".

إن من حق الرجل -كما أن من حق المرأة -أن يطمئن كل منهما إلى رفيقه. والإسلام يكره أن تشيع الفاحشة في المجتمع، يقول الله – تعالى –: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ "، فإذا وقعت الفاحشة، ففي سبيل سلام البيت وفي سبيل تماسك المجتمع، يأخذ الأمر بعقوبات رادعة، يقول – تعالى –: "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِين "، ومع ذلك فالإسلام لا يقضي بهذه العقوبة الرادعة إلا في حالات التأكد المطلق الذي لا شبهة فيه.

ولتحقيق السلام البيتي شرع الله الطلاق، فالطلاق هو أبغض الحلال إلى الله، ولكنه مكروه تبيحه الضرورة؛ لأن هناك حالات واقعية تستحيل فيها الحياة الزوجية، فإمساك الزوجين على هذا الرباط وهم مجبرون لا يؤدي إلى خير، ومع ذلك لا يُسْرع الإسلام إلى قطع رباط الزوجية، ولكنه يتمسّك به، فلا يدعه إلا بعد المحاولة واليأس من الاستمرار.

ورخصة تعد الزوجات، تُعَدُّ هي الأخرى ضرورة تؤدي وظيفة صمام الأمن في مجالها، وهي في الإسلام وقاية اجتماعية بحتة، يتقي بها أخطارًا أكبر من مزاج الأفراد، ومن رغبات الزوجات والأزواج. ثم نتجاوز شخص الزوج والزوجة؛ لنجد الإسلام يراعي أمن الأسرة، وينظم العلاقات بين أفرادها جميعًا، فكل فرد في الأسرة له واجبات وعليه حقوق، هذا التكافل العائلي الواسع النطاق هو أحد دعائم السلام والأمان للأسرة.

5- كيف يحقق الإسلام السلام الشامل في المجتمع؟

عندما تفرض بعض المذاهب الاجتماعية أن العلاقة بين الفرد والفرد هي علاقة الصراع والخصومة، وأن العلاقة بين الأفراد والسلطات هي علاقة الكبت والإجبار، يقرر الإسلام أن العلاقة بينهم جميعًا في المجتمع المسلم هي علاقة الود والرحمة، وعلاقة التضامن والتعاون، وعلاقة الأمن والسلام. إن الإسلام لا يقيم هذا السلام الشامل على حساب الفرد أو حساب الجماعة، ولا يقيمه على أساس مصلحة طبقة ضد طبقة، أو سلطة ضد سلطة، إنما يقيمه بتعاونهم جميعًا.

يبدأ الإسلام بناء المجتمع في ضمائر الأفراد ووجدانهم؛ فيغرس في النفوس الحب والرحمة، يقول – تعالى –: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ ". والرحمة ليست مطلوبة من المسلمين وحدهم، بل من البشر أجمعين. ولكي يحقق الإسلام الحب والصفاء في النفوس، يؤدبها بآداب نفسية واجتماعية؛ فهو يكره الكِبْر، ويحرّم كل ما يمس كرامة الناس، وينهى عن المنّ بالمعروف أوالصدقة. ولا يقف عن حدود النهي عن هذه الأخلاق السيئة، بل يدفعهم إلى الأخلاق الحسنة؛ فهو يدعو إلى إشاعة الكلمة الطيبة بين الناس، وإلى إفشاء السلام في كل مكان ولكل إنسان، وهو يدعو إلى الصفح عن الإساءة وضبط النفس عند الغضب، كل هذه الأخلاق الحسنة تساعد في بناء السلام في المجتمع.

ثم يربط الإسلام الأفراد في المجتمع بعد ذلك بجعل المصالح مشتركة؛ فيحثهم على التعاون والتضامن، فالجماعة مسئولة عن رعاية الضعفاء، يقول – تعالى –: "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَر ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَر ". ولتحقيق مبدأ التعاون؛ حرّم الربا لما يثيره من الأحقاد في الجماعة، فالمال ينبغي أن يُعطَي للمحتاجين قرضًا بلا فائدة، يقول – تعالى –: "وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَي مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ "، وحرم أيضًا الاحتكار ولعن المحتكرين، وحرم الغش وتطفيف الميزان، ثم أمر المسلمين أن يعتصموا بحبل الله جميعًا، يقول – تعالى –: "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ".

ونظام الحكم في الإسلام هو أحد أسس السلام في المجتمع، فنظام الحكم كفيل بإقرار العلاقات بين الراعي والرعية على أسس من السلام والعدل والطمأنينة. وطاعة الناس للحاكم واجبة ما دام قد أقام هذه الشريعة ونفّذ القانون الإسلامي، قال – صلى الله عليه وسلم –: " اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة، ما أقام فيكم كتاب الله "، فالحاكم الإسلامي يستمد عدالته من عدالة القانون ذاته، وحين يطمئن الأفراد في المجتمع إلى أن القانون الذي يُحَاكَمُون به هو من صنع الإله العادل، عندئذ تطمئن نفوسهم.

6- كيف يكون الجهاد أداة لتحقيق السلام العالمي؟

الإسلام لم يكلف المسلمين إكراه غيرهم على اعتناق الإسلام؛ بسبب أنه الصورة الكاملة الشاملة الصادقة لدين الله الواحد في الأرض، يقول – تعالى –: " لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "، إنما كلفهم أولا بحماية المؤمنين حتى لا يُفْتَنُوا عن دينهم، وكف القوة عنهم بالقوة؛ لأن الدعوة بالحسنى هنا لا تجدي. وكلفهم ثانيًا كفالة حرية الدعوة، وإزالة كل قوة طاغية في الأرض تمنع دعوة الإسلام أن تصل إلى الناس كافة. وكلفهم ثالثًا إقرار سلطان الله في الأرض، ودفع المعتدين على هذا السلطان، أولئك الذين يَدَّعُون أن لهم حق التشريع للناس من دون الله. وكلفهم رابعًا إقامة العدالة الكبرى في الأرض.

فالجهاد في سبيل الله معناه الجهاد لتحقيق ربوبية الله للعباد؛ لتكون كلمة الله هي العليا، لا بإكراه الناس ليكونوا مسلمين، بل بإتاحة فرصة الاختيار دون تدخّل من القوة الطاغية الضالة. وهذه الخطوط تصوِّر طبيعة السلام العالمي في الإسلام، فليس هو سلامًا بالمعنى الضيق (أي تجنب القتال بأي ثمن)، فحيثما كان ظلم؛ فالقتال مطلوب لرفعه ودفعه، والإسلام يواجه القوى الواقفة في وجهه بواحدة من ثلاث: أولها الإسلام؛ لأنه الصورة الأخيرة لدين الله الخالد، ولأنه الهدى للبشرية جميعًا. وثانيها الجزية، لأنها دليل التوقف عن المقاومة، وتحقيق حرية الدعوة. وثالثها القتال، لأنه في هذه الحالة هو الرد الباقي على مقاومة كلمة الله، وحرمان البشرية من الاستمتاع بعدلها. فالإسلام لم يكن أبدًا دين عدوان، بل هو دين يحمي الناس من العدوان عليهم، فهو دين يدعو إلى السلام، وستظل البشرية حائرة تبحث عن العدل والسلام، ما لم تطبق الإسلام في كل أمورها، فالإسلام هو الضامن الحقيقي لإقامة السلام العالمي.