█ فلا عيش إلا المحبين الذين قَرّت أعينهم بحبيبهم وسكنت نفوسهم إليه وإطمئنت قلوبهم به وإستأنسوا بقربه وتنعموا بحبه ففي القلب فاقة لا يسدها محبة الله والإقبال عليه والإنابة ولا يلم شعثه بغير ذلك ألبته ومن لم يظفر بذلك فحياته كلها هموم وغموم وآلام وحسرات فإنه إن كان ذا همة عالية تقطعت نفسه الدنيا حسرات فإن همته ترضى فيها بالدون وإن مهينا خسيسا فعيشه كعيش أخس الحيوانات تَقرّ العيون بمحبة الحبيب الأول كتاب مدارج السالكين (ط العلمية) مجاناً PDF اونلاين 2024 هذا الكتاب هو من خير ما كتب الإمام ابن القّيم وحسبنا تهذيب النفوس والأخلاق والتأدب بآداب المتقين الصادقين مما يدل أوضح دلالة أنه أولئك المهتدين طابت بتقوى فجاء ليسدّ الحاجة الماسّة عصر المادة يجمع إلى النشاط المادي عند الناس صفاء الأرواح وتقوى وتهذيب الأخلاق حتى يجعل للعرب والمسلمين فيما آتاهم الأسباب المادية والغنى والثراء الحاضر والمنتظر المستقبل حياة عزيزة كريمة آمنة ظل الإسلام والإمام القيّم كتابه ينبه أن كمال الإنسان إنما بالعلم النافع والعمل الصالح وهما الهدى ودين الحق وبتكميله لغيره هذين الأمرين وبالتوصية بالحق والصبر وما الإيمان وليس بالإقبال القرآن وتفهمه وتدبره واستخراج كنوزه وآثاره الكفيل بمصالح العباد المعاش والمعاد والموصل لهم سبيل الرشاد فالحقيقة والطريقة والأذواق والمواجيد الصحيحة تقبس مشكاته تستثمر شجراته القيم كله بالكلام فاتحة وأم وعلى بعض تضمنته هذه السورة المطالب الرد جميع طوائف أهل البدع والضلال منازل السائرين ومقامات العارفين والفرق بين وسائلها وغاياتها ومواهبها وكسبياتها وبيان يقوم غير مقامها يسد مسدها ولذلك ينزل تعالى التوراة الإنجيل مثلها ونظراً لأهمية فقد عمل تحقيقه حيث تم تخريج آياته وأهم أحاديثه والتعليق نصوصه بما يفيد المطالع جانب أعطى نبذة يسيرة عن الفرق الإسلامية ووقف المصطلحات الصوفية والفلسفية وإتماماً للنفع وضعت ترجمة لشيخ مستهل
❞ إن العبد إذا لاحظ مافيه من الألطاف ، وشهده من عين المِنِّة ومحض الجود ، شهد مع ذلك فقره إليه في كل لحظة ، وعدم إستغنائه عنه طرفة عين ، فكان ذلك من أعظم أبواب الشكر وأسباب المزيد وتوالي النعم عليه ، وكلما توالت عليه النعم أنشأت في قلبه سحائب السرور ، وإذا إنبسطت هذه السحائب في سماء قلبه وإمتلأ بها أفقه أمطرت عليه وابل الطرب بما هو فيه من لذيذ السرور ، فإن لم يصبه وابل فطل ، وحينئذ يجري على لسانه وظاهره نهر الإفتخار من غير عجب ولا فخر ، بل فرحا بفضل الله ورحمته ، فالإفتخار على ظاهره والإفتقار والإنكسار في باطنه ، ولا ينافي أحدهما الآخر ، وتأمل قول النبي ﷺ ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ) فكيف أخبر بفضل الله ومنته عليه ، وأخبر أن ذلك لم يصدر منه إفتخارا به على من دونه ، ولكن إظهارا لنعمة الله عليه ، وإعلاما للأمة بقدر إمامهم ومتبوعهم عند الله ، وعلو منزلته لديه ، لتعرف الأمة نعمة الله عليه وعليهم . ❝
❞ كان النبي ﷺ يمر على الصبيان فيُسلم عليهم ، وكان يخصف نعله ، ويرقع ثوبه ، ويحلب الشاة لأهله ، ويعلف البعير ، ويأكل مع الخادم ، ويجالس المساكين ، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما ، ويبدأ من لقيه بالسلام ، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء ، وكان ﷺ هين المؤنة ، لين الخلق ، كريم الطبع ، جميل المعاشرة ، طلق الوجه بساما ، متواضعا من غير ذِلَّة ، جَوّاد من غير سَرّف ، رقيق القلب ، رحيما بكل مسلم ، خافض الجناح للمؤمنين ، لين الجانب لهم . ❝
❞ إن الله تعالى جعل حياة البدن بالطعام والشراب ، وحياة القلب بدوام الذكر والإنابة إلى الله وترك الذنوب والغفلة الجاثمة على القلوب ، والتعلق بالرذائل والشهوات المنقطعة عن قريب يضعف هذه الحياة ، ولا يزال الضعف يتولى عليه حتى يموت ، وعلامة موته أنه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا . ❝