█ ولما أفضت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز أتته الوفود فإذا فيهم وفد الحجاز فنظر صبي صغير السن وقد أراد أن يتكلم فقال: ليتكلم من هو أسن منك فإنه أحق بالكلام فقال الصبي: يا أمير المؤمنين لو كان القول كما تقول لكان مجلسك هذا به قال: صدقت فتكلم المؤمنين: إنا قدمنا عليك بلد تحمد الله الذي منّ علينا بك ما رغبة منا ولا رهبة أما عدم الرغبة فقد أمنا منازلنا وأما الرهبة جورك بعدلك فنحن الشكر والسلام له رضي عنه: عظني غلام إن أناسا غرّهم حلم وثناء الناس عليهم فلا تكن ممن يغره عليه فتزل قدمك وتكون الذين قال وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ 21 «2» سن الغلام اثنتا عشرة سنة فأنشدهم تعالى عنه: تعلّم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن جاهل فإنّ كبير القوم عنده إذا التفّت المحافل كتاب المستطرف كل فن مستظرف مجاناً PDF اونلاين 2024 الأدب والأخبار تأليف بهاء الدين الأبشيهي المتوفى نحو 850 هـ الكتاب مكوّن أربعة وثمانين بابًا يتمحور الكتاب الأخلاق والأدب وأخبار العرب وهلمَ جرا: الإنسانيات بشكلٍ عام يعمل بضم شتات ويرتبها هيئة أبواب جاء كشف الظنون: «المستطرف للشيخ الإمام محمد أحمد الخطيب الابشيهى وهو مشتمل ظريف وفيه الاستدلال بآيات القرآن وأحاديث صحيحة وحكايات حسنة عن الأخيار ونقل فيه كثيرا مما أودعه الزمخشري ربيع الأبرار وابن ربه العقد لطائف عديدة منتخبات الكتب المفيدة وأودعه الأمثال والنوادر الهزلية والغرائب والدقائق والاشعار والرقائق وجعله مشتملا عدتها وثمانون » ويقول المحقق إبراهيم صالح اعتمد للزمخشري اعتمادًا شبه كلي الوقت لم ينقل الفريد إلا صفحاتٍ قلائل معدودات كتب أخرى منها التذكرة الحمدونية لابن حمدون المحب والمحبوب للسري الرفاء وسراج الملوك للطرطوشي وحياة الحيوان للدميري وعجائب المخلوقات للقزويني طبع الكتاب طبع مرات طبع مطبعة بولاق 1272 1285 ومطبعة شاهين 1277 كاستلى 1279 مصطفى 1300 شرف 1302 الرزاق 1304 1306 1311 والميمنية 1308 1321 اختصارات للكتاب اختصارات كثيرة منها: «زبدة المستطرف» ليبورك السملالي نسخة مخطوطة خزانة أزاريف (بالمغرب) «الجزء الاشرف لمحمد الجليل البلكرامي
❞ ▪️قال ملِكٌ لوزيره: ما خيرُ ما يُرزقه العبدُ؟ قال: عقلٌ يعيشُ به؛ قال: فإِن عَدِمَه؟ قال: أَدبٌ يتحلَّى به؛ قال فإِن عَدِمَه؟ قال: مالٌ يَستُرُه؛ قال فإِن عَدِمَه؟ قال فَصاعِقَةٌ تَحرقُه وتريحُ منه العبادَ والبِلاد.
. ❝
❞ وحكي أن رجلا عبد الله سبعين سنة، فبينما هو في معبده ذات ليلة إذ وقفت به امرأة جميلة فسألته أن يفتح لها، وكانت ليلة شاتية فلم يلتفت إليها، وأقبل على عبادته، فولت المرأة، فنظر إليها، فأعجبته فملكت قلبه وسلبت لبه، فترك العبادة وتبعها وقال: إلى أين؟ فقالت:
إلى حيث أريد. فقال: هيهات صار المراد مريدا والأحرار عبيدا. ثم جذبها فأدخلها مكانه، فأقامت عنده سبعة أيام، فعند ذلك تذكر ما كان فيه من العبادة، وكيف باع عبادة سبعين سنة بمعصية سبعة أيام، فبكى حتى غشي عليه، فلما أفاق قالت له: يا هذا والله أنت ما عصيت الله مع غيري، وأنا ما عصيت الله مع غيرك، وإني أرى في وجهك أثر الصلاح، فبالله عليك إذا صالحك مولاك فاذكرني. قال فخرج هائما على وجهه. فآواه الليل إلى خربة فيها عشرة عميان، وكان بالقرب منهم راهب يبعث إليهم في كل ليلة بعشرة أرغفة، فجاء غلام الراهب على عادته بالخبز، فمد ذلك الرجل العاصي يده، فأخذ رغيفا، فبقي منهم رجلا لم يأخذ شيئا، فقال: أين رغيفي؟ فقال الغلام: قد فرقت عليكم العشرة. فقال: أبيت طاويا، فبكى الرجل العاصي وناول الرغيف لصاحبه وقال لنفسه:
أنا أحق أن أبيت طاويا لأنني عاص، وهذا مطيع، فنام واشتد به الجوع حتى أشرف على الهلاك. فأمر الله تعالى ملك الموت بقبض روحه فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: هذا رجل فر من ذنبه، وجاء طائعا. وقالت ملائكة العذاب: بل هو رجل عاص، فأوحى الله تعالى إليهم أن زنوا عبادة السبعين سنة بمعصية السبع ليال، فوزنوها فرجحت المعصية على عبادة السبعين سنة، فأوحى الله إليهم أن زنوا معصية السبع ليال بالرغيف الذي آثر به على نفسه. فوزنوا ذلك، فرجح الرغيف فتوفته ملائكة الرحمة، وقبل الله توبته . ❝
❞ ودخلت امرأة على هرون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه، فقالت: يا أمير المؤمنين: أقر الله عينك، وفرحك بما آتاك، وأتم سعدك لقد حكمت فقسطت، فقال لها: من تكونين أيتها المرأة. فقالت: من آل برمك ممن قتلت رجالهم، وأخذت أموالهم، وسلبت نوالهم.
فقال: أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله، ونفذ فيهم قدره، وأما المال فمردود إليك، ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه، فقال: أتدرون ما قالت هذه المرأة، فقالوا:
ما نراها قالت إلا خيرا. قال: ما أظنكم فهمتم ذلك، أما قولها أقر الله عينك، أي أسكنها عن الحركة، وإذا سكنت العين عن الحركة عميت، وأما قولها: وفرّحك بما آتاك، فأخذته من قوله تعالى: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً
«1» وأما قولها: وأتم الله سعدك، فأخذته من قول الشاعر:
إذا تمّ أمر بدا نقصه ... ترقّب زوالا إذا قيل، تم
وأما قولها لقد حكمت فقسطت، فأخذته من قوله تعالى: أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً 15
«2» ، فتعجبوا من ذلك . ❝