█ لمة جمع القرآن تطلق تارة ويراد منها حفظه واستظهاره الصدور وتطلق أخرى كتابته كله حروفا وكلمات وآيات وسورا هذا الصحائف والسطور وذاك القلوب والصدور ثم إن جمعه بمعنى حدث الصدر الأول ثلاث مرات: الأولى عهد النبي صلى الله عليه وسلم والثانية خلافة أبي بكر والثالثة عثمان وفي هذه المرة الأخيرة وحدها نسخت المصاحف وأرسلت إلى الآفاق وقد أثيرت الموضوع شبه باردة لا مناص لنا من أن نكشف عنها اللثام ثم نعرضها لحرارة الحقائق العلمية الصحيحة حتى تذوب وتنماع, أو تذهب وتتبخر فأما الزبد فيذهب جفاء {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} كتاب مناهل العرفان علوم مجاناً PDF اونلاين 2024 الكريم: ختم به الكتب وأنزله نبي الأنبياء بدين عام خالد الأديان فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق وقانون السماء لهداية الأرض أنهى إليه منزله كل تشريع وأودعه نهضة وناط سعادة وهو حجة الرسول وآيته الكبرى يقوم فم الدنيا شاهدا برسالته ناطقا بنبوته دليلا صدقه وأمانته ملاذ الدين الأعلى يستند الإسلام عقائده وعباداته وحكمه وأحكامه وآدابه وأخلاقه وقصصه ومواعظه وعلومه ومعارفه عماد لغة العرب الأسمى: تدين له اللغة بقائها وسلامتها وتستمد علومها منه تنوعها وكثرتها وتفوق سائر اللغات العالمية أساليبها ومادتها أولا وآخرا القوة المحولة التي غيرت صورة العالم ونقلت حدود الممالك وحولت مجرى التاريخ وأنقذت الإنسانية العاثرة فكأنما خلقت الوجود خلقا جديدا لذلك كان الكريم موضع العناية وصحابته ومن سلف الأمة وخلفها جميعا يوم الناس وقد اتخذت أشكالا مختلفة فتارة ترجع لفظه وأدائه وأخرى أسلوبه وإعجازه وثالثة ورسمه ورابعة تفسيره وشرحه غير ذلك ولقد أفرد العلماء ناحية النواحي بالبحث والتأليف ووضعوا أجلها العلوم ودونوا وتباروا الميدان الواسع أشواطا بعيدة زخرت المكتبة الإسلامية بتراث مجيد آثار سلفنا الصالح وعلمائنا الأعلام وكانت الثروة ولا تزال مفخرة نتحدى بها أمم ونفحم أهل الملل والنحل عصر ومصر وهكذا أصبح بين أيدينا الآن مصنفات متنوعة وموسوعات قيمة فيما نسميه علم القراءات وعلم التجويد النسخ العثماني التفسير الناسخ والمنسوخ غريب إعجاز إعراب وما شاكل الدينية والعربية مما يعتبر بحق أروع مظهر عرفه لحراسة هو سيد وبات المظهر معجزة جديدة مصدقة لقوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} أنجبت تلك الآنفة وليدا مزيج وسليل لها فيه مقاصدها وأغراضها وخصائصها وأسرارها والولد سر أبيه أسموه وهو موضوع دراستنا الكتاب شاء وسأحاول أكتبه أمزج حاجة الأزهريين البحث والتحليل وبين رغبات جماهير القراء المعاصرين تقريب الأسلوب وتعبيد السبيل ما وسعني الإمكان وسأضطر بسبب شيء الإسهاب والتطويل ولكنها تضحية ضئيلة بجانب تأدية رسالتنا وجوب الاتصال الديني بالجماهير وسأعرض بعون وتأييده لعلاج الشبهات أطلق بخورها أعداء وسددوا سهامها الطائشة ولكن عند المناسبة وسنوح الفرصة وسأجتزئ مبحث ببعض أمثلة دون أحاول حاوله الكاتبين استيعاب فرد لكل نوع فإن حبل طويل وثقيل حين الناظر يكفيه الإيضاح بقليل التمثيل وسأجعل نقاط المنهج المقرر عناوين بارزة المباحث عليها مقتفيا الغالب أثر النقط التسمية الترتيب {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
❞ القرآن حض على معرفة علوم الكون وصنائع العالم وحث على الانتفاع بكل ما يقع تحت نظرنا في الوجود. قال سبحانه وتعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وقال جلت حكمته: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} . فلا يليق بالمسلمين وهم المخاطبون بهذا أن يفروا من وجه هذه المنافع العامة ولا أن يزهدوا في علوم الكون ولا أن يحرموا أنفسهم فوائد التمتع بثمرات هذه القوى العظيمة التي أودعها الله لخلقه في خزائن سمواته وأرضه ولهذا نص علماؤنا على أن تعلم تلك العلوم الكونية وحذق هذه الصناعات الفنية فرض من فروض الكفايات ما داموا في حاجة إليها لمصلحة الفرد أو المجموع. وذلك لأن البقاء في هذه الحياة للأصلح والحياة في هذا الوجود للسلام المسلح والأسلحة في كل عصر عامة وفي هذا العصر خاصة إنما تقوم على التمهر في العلوم وعلى السبق في حلبة الصناعات والفنون. والويل فينا للضعيف والحظ كل الحظ للقوي والله تعالى يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه مسلم عن أبي هريرة: "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا. ولكن قل قدر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان" . ❝
❞ لقراءات جمع قراءة وهي في اللغة مصدر سماعي لقرأ. وفي الاصطلاح مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها. قال السيوطي عند كلامه على تقسيم الإسناد إلى عال ونازل ما نصه: ومما يشبه هذا التقسيم الذي لأهل الحديث تقسيم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة. وإن كان للراوي عنه فرواية. أو لمن بعده فنازلا فطريق. أو لا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فيه فوجه. اهـ.
وفي منجد المقرئين لابن الجزري ما نصه: القراءات علم بكيفيات أداء كلمات القرآن واختلافها بعزو الناقلة1 ... والمقرئ: العالم بها رواها مشافهة فلو حفظ التيسير مثلا ليس له أن يقرئ بما فيه إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا لأن في القراءات أشياء لا تحكم إلا بالسماع والمشافهة. والقارئ المبتدئ من شرع في الإفراد إلى أن يفرد ثلاثا من القراءات. والمنتهي من نقل من القراءات أكثرها وأشهرها اهـ . ❝