❞❝
❞ تجمَّد الأب ˝محمدو˝ كعمود خيمة صحراوية كبيرة وسط هذا الفناء العاري، عيناه تلمس الآفاق كأنه يستجديهما في هذا الموقف الصعب. هل يوفي بعهده بعدم مسامحته لإبنه بسبب إلتحاقه بالمنظمات الإرهابية؟! لقد كان يأمل أن يكون مهندسا كبيرا، يفتخر به بين أهله ووسط قريته. أن يصير بذلك من أعيان القرية، يفسحون له في المجالس، ويتقربون إليه ليحل لهم مشاكلهم بالعاصمة. أن يتوسط بينهم في خصوماتهم العائلية وما بين الجيران، ولم لا قد يلعب معه الحظ ويبايعونه ملكا على القبيلة، بعد المرض الخطير الذي نخر عظام وقوة الملك الحالي!
أم يتجلد ويقدم عاطفة الأبوة على كل شيء، مهما كان الغضب فإن القلب لا يتحمل حضن الإبن بعد الغياب الطويل. خاصة عندما كان لا يعلم هل هو حي أم ميت؟! هل سيراه من بعد أم ذهب ولن يعود أبدا…؟!
إنهار الأب بين يدي إبنه وأجهش بالبكاء المرير، كأنين الحامل عند وضع جنينها. زاد الإبن من تقبيل رأسه ويديه، طالبا منه المسامحة بغصَّة وبحنو يشبه الصمت، حتى لا يوقظ من بالداخل، خاصة زوجة أبيه التي لن يستطيعوا غلق فمها الثرثار، الذي لا يتوقف أبدا إلا عند النوم. وأحيانا تتكلم وهي نائمة أيضا، تسب أبناء الجيران ونسوان الجيران، وكل من احتكت بهم بالنهار أو رمقتهم بعينيها الحادتين ولو من بعيد.
ـ تعال ورائي، بهدوء … . ❝
❞ منذُ فجرِ الحضارةِ شَرَعَ الإنسانُ في نسجِ القصص، سواءٌ كانتْ تستَنِدُ إلى حكاياتٍ دينيةٍ في البداية، أو افتراضاتٍ كونية، أو أخبارٍ للملوك، يَتلاعبُ بها الخيالُ الإنسانيُّ ليجعلَ منها مع مرورِ الأيامِ أسطورةً غيرَ معلومةِ الأصل، تَتناقلُها الأجيال. في القِسْمِ الأوَّلِ من هذا الكتابِ يَختارُ المؤلِّفُ الأساطيرَ الشرقية، ليُقدِّمَها إلى القارئِ وسيلةً للتسليةِ والمُتْعة. ثُم يَشرحُ في القِسْمِ الثاني منه الصلةَ بينَ التاريخِ وكلِّ أسطورةٍ من تلكَ الأساطِير، في محاولةٍ للوصولِ إلى أصلِها الحقيقيِّ الذي انبثقتْ منه. كما قدَّمَ في نهايةِ الكتابِ مُعْجَمًا يَشرحُ فيه أسماءَ الآلهةِ واختصاصاتِهم، وأسماءَ الأبطالِ والأمكنةِ التي كانتْ مَسْرحًا للأحداث . ❝