يمكننا البدء بالتعريف بك للجمهور. - من هو محمد تامر؟ وكيف كانت بدايتك مع الكتابة؟- محمد تامر هو ببساطة أنا - كما يبدو - لا كثير لأقوله عن نفسي سوى معلوماتي الشخصية؛ وهي أنني أدين بالإسلام، ومن جمهورية مصر العربية، وأبلغ من العمر واحداً وعشرين عاماً، وأدرس بكلية التربية. تتنوع مواهبي كالكتابة وصناعة الموسيقى الإلكترونية والتصميم الجرافيكي | لا أزال مبتدئاً | والحديث الإذاعي والتصوير الفوتوغرافي، وتتعدد اهتماماتي كالقراءة والسينما والألعاب الإلكترونية، وغيرهم. كانت بدايتي مع الكتابة تحديداً في الصف الثالث الابتدائي؛ جربت كتابة قصة قصيرة في ورقة واحدة - ولست فخوراً جداً بها - ومن هنا قلت لنفسي: "رائع، إنني أستطيع أن أكتب!" وعلى مدار سنوات وبعد أن توسعت قراءاتي؛ زاد إنتاجي الأدبي وتحسن، ولا يزال إلى اليوم يتحسن ويتبلور. -ما هي اللحظة التي شعرت فيها أن الكتابة قد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتك؟- ليست هنالك لحظة محددة شعرت فيها بهذا، لكن دعوني أقول أنني على مدار سنوات عمري منذ بدأت الكتابة حتى الآن شعرت أن الكتابة هي أكبر محدد لهويتي، وأعظم فرصة أجد بها ذاتي وأحققها، وأفرغ بها ثرثرة عقلي، وببلاغة أكثر (أترجم نفسي على الورق)! -ما هو مصدر إلهامك الأساسي في كتابة أعمالك؟ وهل هناك أشخاص أو تجارب معينة تركت أثرًا كبيرًا في أدبك؟- مصدر إلهامي هو اهتماماتي؛ القراءات والأفلام والمسلسلات والألعاب الإلكترونية. د.نبيل فاروق ود.أحمد خالد توفيق ألهماني بجعل رواياتي شيقة وممتعة بعيدة عن الإطالة والحشو، ومناسبة لأن يقرأها شاب يحيا في عصر السرعة، وديستوفيسكي؛ الروائي الروسي الغني عن التعريف، ألهمني بأعماله المتكاملة ألا أضيع جانب الغوص في نفوس أبطالي مع كل رواية أكتبها، والمخرج الرائع كريستوفر نولان علمني كيف أوجد أفكاراً أصيلة وإبداعية، وأصنع لكل رواية عالماً خاصاً بها بتفاصيله وأحداثه وتاريخه وإسقاطاته وشخصياته، والألعاب الإلكترونية ألهمتني جداً بأفكار لحبكات متنوعة وأبنية شخصيات دقيقة وقوية، وتحديداً سأقول أن الألعاب القصصية أو ذات التوجه الفني قد تصنع منك كاتباً أو صاحب أفكار روائية في أقل من أسبوع إن أردت فعلاً أن تكون واحداً! بالنسبة للتجارب المميزة التي أثرت في؛ فأولها سلسلة رجل المستحيل لد.نبيل فاروق؛ والتي علمتني كيف أدرج الأكشن والإثارة في رواياتي كما تمنيت أن أفعل دائماً، وثلاثية أفلام The dark knight لمخرجها كريستوفر نولان؛ التي لم تعمق بداخلي حب الشخصية الخيالية "باتمان" وحسب بل علمتني حقاً كيف أوظف الخيال العلمي وعناصر الإثارة لأقدم حبكات رواياتي وإسقاطاتها على الواقع، ولا أنسى ذكر سلسلة ألعابي الإلكترونية المفضلة Assassin"s creed التي كانت تلهمني في كل جزء لها تقريباً بفكرة حبكة أو تفاصيل عالم أو حوار فلسفي ما. -كيف تختار موضوعات رواياتك أو كتبك؟ هل تبدأ بفكرة عامة أم بمشهد معين يتطور إلى عمل كامل؟- في الواقع، أحياناً ما أسمع كلمة واحدة من شخص فأجدها قد تحولت بقدرة الله في ذهني إلي قصة كاملة بعالم وشخصيات وأحداث، وهذا من فضل الله وحده لأنه أمر أعجز أنا شخصياً عن تفسيره، لكن الحق أن ذهني مولد خصب لأفكار الحبكات والقصص؛ ولذا فإن الأفكار العامة أو المشاهد أو غيرهم تتطور في ذهني كلها إلى أعمال كاملة. هل لديك طقوس معينة تتبعها أثناء الكتابة؟ ومتى تشعر أن الإبداع يتدفق بسهولة أكبر؟ لا قاعدة محددة لهذا الأمر عندي، هنالك فصول من رواياتي أكتبها في محاضرات الكلية، وأحياناً في طريقي إلى مكان ما وأنا في سيارة أو باص، وأذكر أيضاً أنني كتبت نصفاً كاملاً من فصل رواية وأنا على السرير أحاول النوم...الأمر عبثي بصراحة، لكن الأمر الأكيد أن درجة إبداعي تتناسب طردياً مع وجود الموسيقى المناسبة! -حدثنا عن عملك الأخير. ما هي القصة أو الفكرة التي أردت إيصالها من خلاله؟- -ما هي أصعب التحديات التي واجهتها أثناء كتابة هذا العمل؟ وكيف تغلبت عليها؟- ملي الفردي الأخير هو نوفيلا "رجل الخطايا الصعبة"، أردت أن أركز في هذه الرواية القصيرة على فكرة الفساد السياسي، وتأليه الحكام لأنفسهم، وأمور شائكة كتلك! خلال كتابتي لهذا العمل كانت المشكلة الأكبر هي أنني بدأتها ولم أعلم وقتئذ كيف أنهيها، ووضعت لها عدة هوامش وسيناريوهات استبعدت أغلبها، وكدت ألغيها تماماً في لحظة ما لكنني تعلمت من هذه التجربة ألا أوقف العمل على رواية ما أبداً، ربما أؤجلها لكن لا أوقف العمل عليها؛ فأنا بطبعي أتعلم وأحصل على خبرات جديدة بمرور الوقت، وربما أصل في المستقبل إلى مرحلة أجد فيها لدي من الخبرة والذكاء ما يجعلني أستطيع خلق نهاية أو ختام مناسب للحبكة، وهذا ما حدث لأنني بدأت الرواية في فترة كانت نفسي مرهقة فيها، وكان ذهني ينزف دماً إن جاز التعبير، فعندما وجدتني لا أركز جيداً في الكتابة أوقفت العمل على الرواية لبعض الوقت إلى أن عدت لطبيعتي - نوعاً ما - وعاد إلي هدوئي ووقاري؛ فعدت أتابع الكتابة فيها، ووجدتني بحمد الله وتوفيقه أسد فراغاتها بشكل مقبول، وتابعت إلى أن أنهيتها. -كيف ترى تطورك ككاتب بين أول أعمالك وكتاباتك الحالية؟- شتان ما بين الثرى والثريا طبعاً! تطورت أفكاري، وتطورت لغتي، وتطورت بلاغتي ومعرفتي النحوية، وتطورت تقنياتي الأدبية، وهذا كله يرجع لتوفيق الله والخبرة والقراءة المستمرة، والاستلهام. -كيف تتعامل مع النقد، سواء كان إيجابيًا أم سلبيًا؟ وهل هناك نقد أثر في طريقة كتابتك؟- النقد الإيجابي المهذب أعامل صاحبه بود ولطف وأشكره عليه، وأستخلص منه ما أجده لي نافعاً ومعيناً على أن أحسن مستواي، أما عن النقد السلبي فحتى لو كان أسلوب صاحبه جارحاً لكنه قد ينطوي بالفعل على فوائد أكثر من النقد الإيجابي حتى؛ لذا فإنني أكظم غيظي وأحاول التعامل بأسلوب هادئ واحترافي، وألا أثير أية مشكلة بقدر الإمكان؛ فما يهمني إلا الفائدة من النقد وليس صاحب النقد. أذكر أن أحدهم - وهو شخص أحترمه - نقد لي ذات مرة رواية نقداً لاذعاً، لكن بأدب، والحق أن هذا النقد قد يكون صاحب نسبة خمسين بالمائة من تطوري ومستواي الكتابي الحالي! -هل تتواصل مع قرائك؟ وكيف يؤثر رأي الجمهور على أعمالك القادمة؟- نعم، لا أمتنع عن التواصل معهم ودائماً ما آخذ بآرائهم؛ فلهم حق التعليق بالطبع طالما أنني وجهت ما أكتب إليهم؛ ولذا فإن رأيهم بالفعل يؤثر - حتى وإن لم يكن تأثيراً ضخماً - وقد أغير أموراً في حبكاتي استجابة لآرائهم. -برأيك، ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الكتابة في تغيير المجتمعات أو التأثير على الفكر العام؟- ما سأقوله ليس رأياً بل حقيقة أثبتها التاريخ: الكتابة والأدب من محركات وعي الشعوب، ودعونا نتذكر الثورات والتغيرات المختلفة التي حدثت في المجتمعات بسبب أفكار الأدباء أو مقالات صحفية لمناضلين شرفاء! -ما هي الرسائل التي تحرص على إيصالها من خلال أدبك؟- أحب الفلسفة جداً؛ ولذا فإن أغلب رسائلي في رواياتي يمكن صياغتها في أسئلة وعبارات فلسفية أو وجودية بحتة، لكن باختصار دعوني أقول أن الإنسان وقضية وجوده هما أكثر ما أكتب عنه في أدبي، وأيضاً هنالك فكرة دائماً ما تجدونها ملازمة لي فيما أكتب وهي قيمة الإنسان وأفعاله، ومحاولة الإنسان تطهيره لذاته بالتضحية...أمور عميقة وحزينة وسادية لا يحبها أحد! -كيف ترى مستقبل الكتابة الأدبية في ظل التغيرات التكنولوجية وسرعة الإعلام الرقمي؟- إنه للأسف مظلم كون كل شيء قد حل محل الأدب تقريباً، وهو أمر محزن لكن ربما هنالك بصيص من الأمل، وربما تعود للكتابة مكانتها ووقارها إن توقف الكتاب عن اعتبارها وسيلة كسب مال وحسب، واحترموا عقول القراء بدل الهراء الذي يكتبونه لنا، والذي جعل الكتابة والقراءة بقيمة الفول السوداني وأكياس المقرمشات: تسلية رخيصة نضيع بها الوقت دون فائدة حقيقية مرجوة! -ما هو الكتاب أو الكاتب الذي ترك فيك أثرًا عميقًا، سواء كقارئ أو ككاتب؟- كل كتاب قرأته وكل كاتب قرأت له ترك فيّ أكبر الأثر، لكن ربما أقول أن رواية "الغريب" لألبير كامي أثرت في لوقت لا بأس به، وجعلتني أتساءل عن جوهر وجودي أنا شخصياً في هذه الحياة، وألهمتني بثروة فكرية فلسفية ضخمة لا زلت أفرغها على الأوراق حتى اليوم! -إذا أتيحت لك الفرصة للتعاون مع كاتب آخر، من ستختار ولماذا؟- أتيحت بالفعل وحدثت بحمد الله، وعلى العموم فإني سأحب بلا شك أن أتعاون مع الكتاب الذين أعرفهم من رفاقي المقربين؛ أمثال ميمونة أحمد وأدهم نصار وعمر داهش، وغيرهم ممن لا يتسع المقام لذكرهم، وأظنني منفتحاً على التعاون مع أي مبتدئ عنده فكرة جيدة ويود أن يخوض تجربة يستخلص منها خبرة كتابية تساعده. -ما هي نصيحتك للمبتدئين في مجال الكتابة الذين يطمحون لنشر أعمالهم؟- هي نصيحة واحدة: احترموا عقل القارئ، وتتفرع منها نصيحة هامة أخرى: لا تعتبروا الكتابة وسيلة كسب مادي وحسب، هي أعظم قدراً من ذلك، أنتم أصحاب رسالة ومفاتح وعي المجتمعات يفترض أنها بين أيديكم... يفترض! -كلمة أخيرة تود توجيهها إلى جمهورك أو إلى عشاق الأدب بشكل عام؟- أقول لهم شكراً؛ لأنهم لا يجعلون أمثالنا من الكتاب يشعرون أنهم غرباء في العالم، أو كائنات فضائية مثلاً! ، دليل وجدول مواعيد معارض الكتب في الوطن العربي ، وتقويم للفعاليات والاحداث الخاصة بالكتب والمؤلفين والندوات والمؤتمرات الثقافية