❞ المأمون هو عبد الله بن هارون الرشيد سابع خلفاء بني العباس، ولد عام 170 هـ 786 وتوفي غازياً في 19 رجب عام 218 هـ 10 أغسطس سنة 833 بطرسوس، شهد عهده ازدهارًا بالنهضة العلمية والفكرية في العصر العباسي الأول، وذلك لأنه شارك فيها بنفسه.توفي هارون الرشيد عام 809م في خراسان وأخذت البيعة لابنه الأمين وفقا لوصية والده التي نصت أيضًا أن يخلف المأمون أخاه الأمين، إلا أن الخليفة الجديد سريعًا ما خلع أخاه من ولاية العهد، وعين ابنه موسى الناطق بالحق وليًا للعهد، وكان المأمون آنذاك في خراسان، فلما علم بأن أخاه قد خلعه عن ولاية العهد أخذ البيعة من أهالي خراسان وتوجه بجيش لمحاربة أخيه، وقد استمرت الحروب بينهما أربع سنوات، إلى أن استطاع المأمون محاصرة بغداد والتغلب على الأمين وقتله عام 813م، ظافرًا بالخلافة.
تفرد عهد المأمون بتشجيع مطلق للعلوم من فلسفة وطب ورياضيات وفلك واهتمام خاص بعلوم اليونان، وقد أسس الخليفة عام 830م جامعة بيت الحكمة في بغداد والتي كانت من كبريات جامعات عصرها، واخترع في عهده الاسطرلاب وعدد من الآلات التقنية الأخرى، وحاول العلماء قياس محيط الأرض ما يدل على الاعتراف بكرويتها من ناحية وتطور العلوم من ناحية ثانية؛ وقد تكون عمليات الترجمة التي رعاها هو وحاشيته وولاته، أبرز سمات عهده، إذ نقلت خلالها العلوم والآداب السريانية والفارسية واليونانية إلى العربية، اكتسبت من خلاله اللغة العربية مكانة مرموقة إذ تحولت من لغة شعر وأدب فحسب إلى لغة علم وفلسفة. وكذلك فقد ساهمت عمليات الترجمة في إرساء منسوب ثقافي عال في الدولة، ثم عهد بولاية العهد قسطاً من الزمن لعلي الرضا وأخذ الشعار الأخضر بدلا من الشعار الأسود، ثم عاد إلى شعار بني العباس الأسود وعين أخاه وليا للعهد. وزار المأمون مصر ودمشق والجزيرة السورية وتوفي ودفن بطرسوس شمال بلاد الشام في 10 أغسطس سنة 833م، الموافق فيه 19 رجب سنة 218هـ وأخذت البيعة لأخيه محمد المعتصم بالله، واستمرت عمليات الترجمة والنهضة العلمية في عهده كما افتتحها سلفه المأمون.. ❝ ⏤محمد مصطفى هدارة
❞ المأمون هو عبد الله بن هارون الرشيد سابع خلفاء بني العباس، ولد عام 170 هـ 786 وتوفي غازياً في 19 رجب عام 218 هـ 10 أغسطس سنة 833 بطرسوس، شهد عهده ازدهارًا بالنهضة العلمية والفكرية في العصر العباسي الأول، وذلك لأنه شارك فيها بنفسه.توفي هارون الرشيد عام 809م في خراسان وأخذت البيعة لابنه الأمين وفقا لوصية والده التي نصت أيضًا أن يخلف المأمون أخاه الأمين، إلا أن الخليفة الجديد سريعًا ما خلع أخاه من ولاية العهد، وعين ابنه موسى الناطق بالحق وليًا للعهد، وكان المأمون آنذاك في خراسان، فلما علم بأن أخاه قد خلعه عن ولاية العهد أخذ البيعة من أهالي خراسان وتوجه بجيش لمحاربة أخيه، وقد استمرت الحروب بينهما أربع سنوات، إلى أن استطاع المأمون محاصرة بغداد والتغلب على الأمين وقتله عام 813م، ظافرًا بالخلافة.
تفرد عهد المأمون بتشجيع مطلق للعلوم من فلسفة وطب ورياضيات وفلك واهتمام خاص بعلوم اليونان، وقد أسس الخليفة عام 830م جامعة بيت الحكمة في بغداد والتي كانت من كبريات جامعات عصرها، واخترع في عهده الاسطرلاب وعدد من الآلات التقنية الأخرى، وحاول العلماء قياس محيط الأرض ما يدل على الاعتراف بكرويتها من ناحية وتطور العلوم من ناحية ثانية؛ وقد تكون عمليات الترجمة التي رعاها هو وحاشيته وولاته، أبرز سمات عهده، إذ نقلت خلالها العلوم والآداب السريانية والفارسية واليونانية إلى العربية، اكتسبت من خلاله اللغة العربية مكانة مرموقة إذ تحولت من لغة شعر وأدب فحسب إلى لغة علم وفلسفة. وكذلك فقد ساهمت عمليات الترجمة في إرساء منسوب ثقافي عال في الدولة، ثم عهد بولاية العهد قسطاً من الزمن لعلي الرضا وأخذ الشعار الأخضر بدلا من الشعار الأسود، ثم عاد إلى شعار بني العباس الأسود وعين أخاه وليا للعهد. وزار المأمون مصر ودمشق والجزيرة السورية وتوفي ودفن بطرسوس شمال بلاد الشام في 10 أغسطس سنة 833م، الموافق فيه 19 رجب سنة 218هـ وأخذت البيعة لأخيه محمد المعتصم بالله، واستمرت عمليات الترجمة والنهضة العلمية في عهده كما افتتحها سلفه المأمون. ❝
❞ القاهرة
قلعة الجبل
١٠ أكتوبر ١٢٩٠
كل الأمراء مجتمعون حول ذلك الراقد علىٰ السرير، إنه سلطان المسلمين سلطان مصر وبلاد الشام السلطان\" \"المنصور قلاون\"، قد بدا واضحًا أنه قد حان وقت الرحيل، الكل يتهامس أن السلطان لم يعهد بعد بولاية العهد بعد وفاة ولده الأكبر\" علاء الدين\" لم يعهد لابنه الآخر \"الأشرف خليل\" بعد وإن كان قد كتب له عهدًا بالولاية، إلا إنه لم يختمه بعد. الجميع يقول: (لا، لابد أن يترك لنا سلطانًا، فالجيش يتجهز لقتال صليبي الشام، ويتجهز لفتح عكا؛ وتطهير بلاد الشام مِنْ دنس هؤلاء، ولابد أن يولي السلطان رجلًا يتحمل المسؤولية في تلك الظروف.)
يدخل في تلك الأثناء القاضي صاحب ديوان الإنشاء \"فتح الدين بن عبد الظاهر\" حاملًا معه كتاب العهد وختم السلطان واتجه للسلطان الراقد قائلًا: مولاي شفاك الله وعفاك، ألم يحن الوقت أن تضع ختمك علىٰ كتاب العهد لمولاي الأمير خليل؟
يفتح السلطان عينيه بصعوبة مِنْ شدة الإعياء، فيبعد بيد مرتعشة الكتاب الممدود له مِنْ القاضي \"فتح الدين\" قائلًا : \"لا والله لا أولي خليل المسلمين أبدًا\"
ثم ينظر إلىٰ نائبه \"حسام الدين طرنطاي\" وكأنه يريد أن يقول شيئًا، ولكن تتراخىٰ يده فجاءة ثم تسقط يده وتجحظ عيناه؛ لتعلن الروح خروجها مِنْ ذلك السلطان.
مات السلطان \"المنصور قلاون\" في قلعة الجبل وعلىٰ سرير الملك، لكن قد يظن الجميع خطئًا أنه طالما قد مر علىٰ القلعة ثلاث سلاطين بداية مِنْ ابنيَّ \"بيبرس\"، وحتىٰ قلاون لم يُقتَلوا أن القلعة قد تطهرت مِنْ تلك الدماء، ولكن بتولي ذلك الشاب أمور السلطنة سترجع حلقات الدم أكثر وأكثر مما كانت.
كان\" الأشرف خليل بن قلاون\" أهوج، حاد الطباع، مُتقلب المزاج، كان يهين الأمراء في عهد أبيه وحتىٰ في أول يوم لتوليه السلطنة قد أيقن الجميع أنه لن تكون نهاية هذا السلطان عادية أبدًا.
البداية
قلعة الجبل
أكتوبر ١٢٩٠
قاعة الحكم الواسعة ومقاعد متراصة جنبًا بجنب، وفي صدرها كرسي كبير تشتم منه رائحة الموت (كرسي السلطنة) يدخل الشاب الذي لم يتعدَّ عمره بعد الربع قرن مِنْ الزمان، يتمشىٰ في كِبر وزهو والأمراء عن يمينه ويساره يقفون ينحنون له، ثم يجلس علىٰ عرش السلطنة ثم ينادي : أين قاضينا \"فتح الباب\" صاحب ديوان الإنشاء ؟
يتقدم نحوه أحد الحاضرين قائلًا : مولاي إنه أنا في طاعتكم
السلطان: أين كتاب العهد لكي يبايع الأمراء؟
_ إنه ها هنا يا مولاي، كما أعلنها والدكم رحمه الله السلطان \"قلاون \"
_ أعطني إياه أرىٰ ما فيه.
فناوله الكتاب فأخذه منه \"خليل\" ثم صاح : أين التقليد يا بن عبد الظاهر ؟
_ لعل أباكم رحمه الله قد آخرها ل...
_ لا داعي للارتباك يا \"بن عبد الظاهر\" أن أبي قد منع عني حقي، وإن الله قد أعطاني إياه، سلبني أبي ملكًا، وجائني مِنْ الله.
قالها مقاطعًا القاضي، وقد ألقىٰ بكتاب العهد أرضًا،
ثم نظر إلىٰ وجوه الحاضرين وبالتحديد في وجه الأمير \"حسام الدين طرنطاي\" نائب السلطنة في عهد أبيه وقال له : أو ليس الله قد أعطاني الحكم يا نائبنا ؟
انتزعت تلك الكلمات الأمير \"طرنطاي\" مِنْ مكانه فهو يعرف أن السلطان لن يغفر له استخفافه به حين كان وليًا للعهد فقال مرتبكًا : نعم يا مولاي قد صدقت، وقُلت حقًا.
ثم حلف له الأمراء كلهم بالسمع والطاعة، وبدأت حلقات الدم في عهد \"خليل\" تظهر جلية، فبعد توليه السلطة بثلاث أيام أرسل الأمير \"سنجر الشجاعي\" الذي عينه في منصب الوزارة للقبض علىٰ الأمير \"حسام الدين طرنطاي\" نائب السلطنة بتهمة الاختلاس؛ ثم ألقىٰ به في السجن، وأرسل إلىٰ قائد السجون قائلًا : أريد أن يرتاح نائبنا هذا لكن دون دماء.
وبالفعل ما هيّٰ إلا أيام قليلة حتىٰ خرج الخبر المُنتظر أن الأمير \"حسام طرنطاي\" نائب السلطنة المُعتقل قد توفىٰ في محبسه فجأة، ومع مصادرة أملاكه وتوزيعها علىٰ الأمراء.
كان هكذا بدأ خليل حلقات القتل التي ستطوله في نهاية المطاف لا محال، ولكن أكاد أجزم أنك لن ترَ سلطانًا أكثر تناقضًا منه .... !
قلعه الدم. ❝ ⏤عبد الفتاح صابر عبد الفتاح
❞ القاهرة
قلعة الجبل
١٠ أكتوبر ١٢٩٠
كل الأمراء مجتمعون حول ذلك الراقد علىٰ السرير، إنه سلطان المسلمين سلطان مصر وبلاد الشام السلطان˝ ˝المنصور قلاون˝، قد بدا واضحًا أنه قد حان وقت الرحيل، الكل يتهامس أن السلطان لم يعهد بعد بولاية العهد بعد وفاة ولده الأكبر˝ علاء الدين˝ لم يعهد لابنه الآخر ˝الأشرف خليل˝ بعد وإن كان قد كتب له عهدًا بالولاية، إلا إنه لم يختمه بعد. الجميع يقول: (لا، لابد أن يترك لنا سلطانًا، فالجيش يتجهز لقتال صليبي الشام، ويتجهز لفتح عكا؛ وتطهير بلاد الشام مِنْ دنس هؤلاء، ولابد أن يولي السلطان رجلًا يتحمل المسؤولية في تلك الظروف.)
يدخل في تلك الأثناء القاضي صاحب ديوان الإنشاء ˝فتح الدين بن عبد الظاهر˝ حاملًا معه كتاب العهد وختم السلطان واتجه للسلطان الراقد قائلًا: مولاي شفاك الله وعفاك، ألم يحن الوقت أن تضع ختمك علىٰ كتاب العهد لمولاي الأمير خليل؟
يفتح السلطان عينيه بصعوبة مِنْ شدة الإعياء، فيبعد بيد مرتعشة الكتاب الممدود له مِنْ القاضي ˝فتح الدين˝ قائلًا : ˝لا والله لا أولي خليل المسلمين أبدًا˝
ثم ينظر إلىٰ نائبه ˝حسام الدين طرنطاي˝ وكأنه يريد أن يقول شيئًا، ولكن تتراخىٰ يده فجاءة ثم تسقط يده وتجحظ عيناه؛ لتعلن الروح خروجها مِنْ ذلك السلطان.
مات السلطان ˝المنصور قلاون˝ في قلعة الجبل وعلىٰ سرير الملك، لكن قد يظن الجميع خطئًا أنه طالما قد مر علىٰ القلعة ثلاث سلاطين بداية مِنْ ابنيَّ ˝بيبرس˝، وحتىٰ قلاون لم يُقتَلوا أن القلعة قد تطهرت مِنْ تلك الدماء، ولكن بتولي ذلك الشاب أمور السلطنة سترجع حلقات الدم أكثر وأكثر مما كانت.
كان˝ الأشرف خليل بن قلاون˝ أهوج، حاد الطباع، مُتقلب المزاج، كان يهين الأمراء في عهد أبيه وحتىٰ في أول يوم لتوليه السلطنة قد أيقن الجميع أنه لن تكون نهاية هذا السلطان عادية أبدًا.
البداية
قلعة الجبل
أكتوبر ١٢٩٠
قاعة الحكم الواسعة ومقاعد متراصة جنبًا بجنب، وفي صدرها كرسي كبير تشتم منه رائحة الموت (كرسي السلطنة) يدخل الشاب الذي لم يتعدَّ عمره بعد الربع قرن مِنْ الزمان، يتمشىٰ في كِبر وزهو والأمراء عن يمينه ويساره يقفون ينحنون له، ثم يجلس علىٰ عرش السلطنة ثم ينادي : أين قاضينا ˝فتح الباب˝ صاحب ديوان الإنشاء ؟
يتقدم نحوه أحد الحاضرين قائلًا : مولاي إنه أنا في طاعتكم
السلطان: أين كتاب العهد لكي يبايع الأمراء؟
_ إنه ها هنا يا مولاي، كما أعلنها والدكم رحمه الله السلطان ˝قلاون ˝
_ أعطني إياه أرىٰ ما فيه.
فناوله الكتاب فأخذه منه ˝خليل˝ ثم صاح : أين التقليد يا بن عبد الظاهر ؟
_ لعل أباكم رحمه الله قد آخرها ل..
_ لا داعي للارتباك يا ˝بن عبد الظاهر˝ أن أبي قد منع عني حقي، وإن الله قد أعطاني إياه، سلبني أبي ملكًا، وجائني مِنْ الله.
قالها مقاطعًا القاضي، وقد ألقىٰ بكتاب العهد أرضًا،
ثم نظر إلىٰ وجوه الحاضرين وبالتحديد في وجه الأمير ˝حسام الدين طرنطاي˝ نائب السلطنة في عهد أبيه وقال له : أو ليس الله قد أعطاني الحكم يا نائبنا ؟
انتزعت تلك الكلمات الأمير ˝طرنطاي˝ مِنْ مكانه فهو يعرف أن السلطان لن يغفر له استخفافه به حين كان وليًا للعهد فقال مرتبكًا : نعم يا مولاي قد صدقت، وقُلت حقًا.
ثم حلف له الأمراء كلهم بالسمع والطاعة، وبدأت حلقات الدم في عهد ˝خليل˝ تظهر جلية، فبعد توليه السلطة بثلاث أيام أرسل الأمير ˝سنجر الشجاعي˝ الذي عينه في منصب الوزارة للقبض علىٰ الأمير ˝حسام الدين طرنطاي˝ نائب السلطنة بتهمة الاختلاس؛ ثم ألقىٰ به في السجن، وأرسل إلىٰ قائد السجون قائلًا : أريد أن يرتاح نائبنا هذا لكن دون دماء.
وبالفعل ما هيّٰ إلا أيام قليلة حتىٰ خرج الخبر المُنتظر أن الأمير ˝حسام طرنطاي˝ نائب السلطنة المُعتقل قد توفىٰ في محبسه فجأة، ومع مصادرة أملاكه وتوزيعها علىٰ الأمراء.
كان هكذا بدأ خليل حلقات القتل التي ستطوله في نهاية المطاف لا محال، ولكن أكاد أجزم أنك لن ترَ سلطانًا أكثر تناقضًا منه .. !