❞ لماذا الكوارث..
إن كل ما بالعالم من كوارث وازمات ومحن وحروب ومجاعات ينبع من اصل واحد هو أزمة الضمير الإنسانى وما أصابه.
إن السماء لن تجود بالماء ولا الأرض بالحياة وأبناؤها يسفحون عليها الدم
بغيا وجورا على بعضهم البعض فخالق الأرض وما تثمر من غلات هو الله وحده وبيده مرفق المياه الذى ينساب من السماء كما أن بيده تغوير المياه الجوفية التى تخرج من الأرض وهو قد جعل الاجتهاد سببا فى الرزق كما جعل الطاعة والتقوى والمحبة مؤهلات أكبر خطرا ..
ولا شك أن الشرور والمحن التى تغرق الأرض يواكبها على الناحية الاخرى موجات الكفر والشرك والوثنية والتدهور الخلقى وتفكك الأسرة وطغيان الظلم وغلبة الشهوات المادية على كل القيم والاعتبارات ..حتى فى البلاد التى عرفت بتراثها العريق فى الدين والتدين قد انحسر الآن إلى مجرد شكليات دينية فى حين انحرف السلوك إلى مادية مسرفة وراح الكل يتسابق إلى الكسب المادى والثراء العاجل على حساب جميع القيم الدينية.
وإذا كان ما يجرى فى أثيوبيا بسبب القحط والجفاف من موت الملايين جوعا وعطشا يذيب الفؤاد حسرة وألما ..فإن ماجاء فى تقرير لجنة المعونة البريطانية لأثيوبيا يستوقف النظر فقد جاء فى التقرير أن المعونة لا تصل إلى المستحقين وأنها تمنع عن القرى التى بها ثوار وأن هذه القرى تترك ليفترسها الجوع والعطش بينما تذهب المعونة إلى الجيش وإلى القوات الحكومية ويعلق التقرير على البذخ والملايين والدولارات التى انفقتها الحكومة فى الاحتفال بأعياد الاشتراكية وفى الولائم والمسيرات الشبابية والمهرجانات فى اديس أبابا بينما الفلاحون يموتون هم وبهائهم جوعا وعطشا فى القرى الاثيوبية وهو كلام يقال فى مواطن كثيرة ولدول كثيرة من العالم وليس لاثيوبيا وحدها.
إن الخير وحتى الخير البحت الذى ينبع من الضمير لا يوزع بضمير ويظل المبدأ هو نفس المبدأ ..أنا آكل وخصمى فى الرآى يموت..
ماذا يتوقع فى عالم كهذا..
إن ما يجرى داخل الاسرة وداخل الوطن من مظالم يظهر مكبرا على مساحة العالم كله ثم يعود فيظهر مترجما فى احداث وازمات وحروب ومحن واوبئة ومجاعات.
بل أن ما يجرى فى ضمير الفرد من صراع وما تسكن رأسه من خواطر وما تتنازعه من رغبات هو المفتاح للمشكلة كلها..
وإذا كان البحر تلوث ..فقد تلوث بنا نحن وبما أفرزناه فيه.
إن فضلات أفكارنا ورغباتنا هى التى صنعت كل هذا ..
سمعت الرجل يلوم زوجته ويلقى براسها وعلى النساء جميعا ما بالعالم من بؤس..فهى لا ترضى ولا تشبع ولا تكف عن الطلب وهى كرباج لا يكف ولا ينزل على ظهرة ليجرى ويهرول ويسعى إلى السوق لتنفق ماجمع وتطلب المزيد ولا هامش ليدها للاكتفاء.
وإذا صدق الرجل فى شكواه فهو ملوم هو الآخر مثل زوجته فيبدو أنه لا هامش ليده للخضوع والرضوخ والضعف والاستكانة ..فهو ملوم لضعفه بمثل ماهى ملومة لضغيانها ولن تكون الذرية التى ينجبها الاثنان إلا استمرارا لهذه العيوب وتضخيمها لها مع مرور الوقت ..وهكذا تتفاقم العيوب بمثل ما تتضاعف الأرقام فى متوالية حسابية..وتتدهور الأجيال ويتدهور النتاج الإنسانى فنا وفكراً وسياسة..ومع الوقت لن يكون التقدم العلمى فى مثل هذه المجتمعات حسنة بل عيبا لأنه سيضع فى يد هؤلاء الضعاف وسيلة دمار كلية يقضون بها على كل شئ وينسفون بها كل ما كسبه أجدادهم من تراث الحضارة وا بنوه وما شيدوه بعرقهم ودمائهم.
إن العلم سوف يسلح الحماقة.
وطاقة الذرة سوف تكون ذراعا للطغيان وأداة لحب السيطرة.
والصاروخ سوف يكون أداة للقهر والاستبداد.
وسوف تتجسد المأساة فى هذا المسخ الشائه الذى له ذراعا شمشون والذى له ضمير وغد محتال.
ولكنا جميعا وضعنا بذرة هذا المسخ ونحن جميعا أنجبناه وربيناه.
ولايملك أحدنا أن يبرئ نفسه.
وقديما قال عمر بن الخطاب (لو عثرت دابة فى العراق لرأيت نفسى مسئولا عما حدث لها ) وهى قولة حق ..فما يجرى فى أى مجتمع هو محصلة أفعال أفراده وكل منهم مسئول بحسب مكانه تصاعديا من القاعدة إلى القمة.
إن ما يحدث لنا هو نحن وكل واحد لا يقابل فى الطريق إلا نفسه..
المجرم تتسابق إليه مناسبات الاجرام والفاضل الخير تتسابق إليه مناسبات الخير والعطاء.
وبمثل ما تجود أيدينا تجود أرضنا وتجود سماؤنا لأن الذى خلق الكون خلق له قوانين الحافظة التى يزدهر بها طالما كان ناميا والقوانين الهادمة له إذا دب فيه الفساد ونخر فيه السوس.
وبيئة المجتمع مثل بنية الجسم هى فى نماء واذدهار طالما غلبت فيها عوامل الانسجام والنظام والصحة فإذا غلب الاضراب والفوضى والمرض تداعب إلى تراب.
فلا تلوموا القدر ولا تحتجوا على السماء ولا تقولوا ظلمنا ربنا بهذه الكوارث..
بل قولوا ربنا ظلمنا أنفسنا..
ولينظر كل منا ماذا يفعل فى دولة نفسه وإلى أى جانب من رغباته ينحاز..إلى لذاته العاجلة وإلى منفعته الذاتية أم إلى نجدة المحروم ونصرة الضعيف..
إلى الأصنام المادية يتوجه؟؟!أم إلى القيم ..أم إلى الرب القيم ثم لينظر ماذا يفعل لا ماذا يقول ..
وماذا يخفى لا ماذا يعلن ..
وحينئذ سيعرف الجواب على سؤاله
لماذا كل هذه الكوارث .. !
من كتاب : نار تحت الرماد
الدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ لماذا الكوارث.
إن كل ما بالعالم من كوارث وازمات ومحن وحروب ومجاعات ينبع من اصل واحد هو أزمة الضمير الإنسانى وما أصابه.
إن السماء لن تجود بالماء ولا الأرض بالحياة وأبناؤها يسفحون عليها الدم
بغيا وجورا على بعضهم البعض فخالق الأرض وما تثمر من غلات هو الله وحده وبيده مرفق المياه الذى ينساب من السماء كما أن بيده تغوير المياه الجوفية التى تخرج من الأرض وهو قد جعل الاجتهاد سببا فى الرزق كما جعل الطاعة والتقوى والمحبة مؤهلات أكبر خطرا .
ولا شك أن الشرور والمحن التى تغرق الأرض يواكبها على الناحية الاخرى موجات الكفر والشرك والوثنية والتدهور الخلقى وتفكك الأسرة وطغيان الظلم وغلبة الشهوات المادية على كل القيم والاعتبارات .حتى فى البلاد التى عرفت بتراثها العريق فى الدين والتدين قد انحسر الآن إلى مجرد شكليات دينية فى حين انحرف السلوك إلى مادية مسرفة وراح الكل يتسابق إلى الكسب المادى والثراء العاجل على حساب جميع القيم الدينية.
وإذا كان ما يجرى فى أثيوبيا بسبب القحط والجفاف من موت الملايين جوعا وعطشا يذيب الفؤاد حسرة وألما .فإن ماجاء فى تقرير لجنة المعونة البريطانية لأثيوبيا يستوقف النظر فقد جاء فى التقرير أن المعونة لا تصل إلى المستحقين وأنها تمنع عن القرى التى بها ثوار وأن هذه القرى تترك ليفترسها الجوع والعطش بينما تذهب المعونة إلى الجيش وإلى القوات الحكومية ويعلق التقرير على البذخ والملايين والدولارات التى انفقتها الحكومة فى الاحتفال بأعياد الاشتراكية وفى الولائم والمسيرات الشبابية والمهرجانات فى اديس أبابا بينما الفلاحون يموتون هم وبهائهم جوعا وعطشا فى القرى الاثيوبية وهو كلام يقال فى مواطن كثيرة ولدول كثيرة من العالم وليس لاثيوبيا وحدها.
إن الخير وحتى الخير البحت الذى ينبع من الضمير لا يوزع بضمير ويظل المبدأ هو نفس المبدأ .أنا آكل وخصمى فى الرآى يموت.
ماذا يتوقع فى عالم كهذا.
إن ما يجرى داخل الاسرة وداخل الوطن من مظالم يظهر مكبرا على مساحة العالم كله ثم يعود فيظهر مترجما فى احداث وازمات وحروب ومحن واوبئة ومجاعات.
بل أن ما يجرى فى ضمير الفرد من صراع وما تسكن رأسه من خواطر وما تتنازعه من رغبات هو المفتاح للمشكلة كلها.
وإذا كان البحر تلوث .فقد تلوث بنا نحن وبما أفرزناه فيه.
إن فضلات أفكارنا ورغباتنا هى التى صنعت كل هذا .
سمعت الرجل يلوم زوجته ويلقى براسها وعلى النساء جميعا ما بالعالم من بؤس.فهى لا ترضى ولا تشبع ولا تكف عن الطلب وهى كرباج لا يكف ولا ينزل على ظهرة ليجرى ويهرول ويسعى إلى السوق لتنفق ماجمع وتطلب المزيد ولا هامش ليدها للاكتفاء.
وإذا صدق الرجل فى شكواه فهو ملوم هو الآخر مثل زوجته فيبدو أنه لا هامش ليده للخضوع والرضوخ والضعف والاستكانة .فهو ملوم لضعفه بمثل ماهى ملومة لضغيانها ولن تكون الذرية التى ينجبها الاثنان إلا استمرارا لهذه العيوب وتضخيمها لها مع مرور الوقت .وهكذا تتفاقم العيوب بمثل ما تتضاعف الأرقام فى متوالية حسابية.وتتدهور الأجيال ويتدهور النتاج الإنسانى فنا وفكراً وسياسة.ومع الوقت لن يكون التقدم العلمى فى مثل هذه المجتمعات حسنة بل عيبا لأنه سيضع فى يد هؤلاء الضعاف وسيلة دمار كلية يقضون بها على كل شئ وينسفون بها كل ما كسبه أجدادهم من تراث الحضارة وا بنوه وما شيدوه بعرقهم ودمائهم.
إن العلم سوف يسلح الحماقة.
وطاقة الذرة سوف تكون ذراعا للطغيان وأداة لحب السيطرة.
والصاروخ سوف يكون أداة للقهر والاستبداد.
وسوف تتجسد المأساة فى هذا المسخ الشائه الذى له ذراعا شمشون والذى له ضمير وغد محتال.
ولكنا جميعا وضعنا بذرة هذا المسخ ونحن جميعا أنجبناه وربيناه.
ولايملك أحدنا أن يبرئ نفسه.
وقديما قال عمر بن الخطاب (لو عثرت دابة فى العراق لرأيت نفسى مسئولا عما حدث لها ) وهى قولة حق .فما يجرى فى أى مجتمع هو محصلة أفعال أفراده وكل منهم مسئول بحسب مكانه تصاعديا من القاعدة إلى القمة.
إن ما يحدث لنا هو نحن وكل واحد لا يقابل فى الطريق إلا نفسه.
المجرم تتسابق إليه مناسبات الاجرام والفاضل الخير تتسابق إليه مناسبات الخير والعطاء.
وبمثل ما تجود أيدينا تجود أرضنا وتجود سماؤنا لأن الذى خلق الكون خلق له قوانين الحافظة التى يزدهر بها طالما كان ناميا والقوانين الهادمة له إذا دب فيه الفساد ونخر فيه السوس.
وبيئة المجتمع مثل بنية الجسم هى فى نماء واذدهار طالما غلبت فيها عوامل الانسجام والنظام والصحة فإذا غلب الاضراب والفوضى والمرض تداعب إلى تراب.
فلا تلوموا القدر ولا تحتجوا على السماء ولا تقولوا ظلمنا ربنا بهذه الكوارث.
بل قولوا ربنا ظلمنا أنفسنا.
ولينظر كل منا ماذا يفعل فى دولة نفسه وإلى أى جانب من رغباته ينحاز.إلى لذاته العاجلة وإلى منفعته الذاتية أم إلى نجدة المحروم ونصرة الضعيف.
إلى الأصنام المادية يتوجه؟؟!أم إلى القيم .أم إلى الرب القيم ثم لينظر ماذا يفعل لا ماذا يقول .
وماذا يخفى لا ماذا يعلن .
وحينئذ سيعرف الجواب على سؤاله
لماذا كل هذه الكوارث . !
من كتاب : نار تحت الرماد
الدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝
❞ الدين لا يمكن غرسه بالإكراه ، و الفضائل لا تولد عنوة . إن الصيحة التي يمكن أن يطلقها الدعاة اليوم هي
" أصلح نفسك ".
ليصلح كل واحد نفسه و ليحاول أن يروض سلوكه و يحكم دولته الداخلية و يخضع أهواءه و شهواته .. فإذا نجح فليحاول أن يصلح أهله و جيرته فإذا نجح فليكن صوت حق و قدوة و مثالا للمجموع و تلك أوسع خطوة ممكنة نحو حكم إسلامي .
أما محاولة الإصلاح بالثورة و الإنقلاب العنيف فهي أحلام تسلطية و شهوات حكم و تحكم .. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الدين لا يمكن غرسه بالإكراه ، و الفضائل لا تولد عنوة . إن الصيحة التي يمكن أن يطلقها الدعاة اليوم هي
˝ أصلح نفسك ˝.
ليصلح كل واحد نفسه و ليحاول أن يروض سلوكه و يحكم دولته الداخلية و يخضع أهواءه و شهواته . فإذا نجح فليحاول أن يصلح أهله و جيرته فإذا نجح فليكن صوت حق و قدوة و مثالا للمجموع و تلك أوسع خطوة ممكنة نحو حكم إسلامي .
أما محاولة الإصلاح بالثورة و الإنقلاب العنيف فهي أحلام تسلطية و شهوات حكم و تحكم. ❝
❞ لا يمكن أن يقطع الله عن عباده مدد رحمته وهم أحوج ما يكونون إلى تلك الرحمة
فإنه سبحانه هو الرحمان الرحيم خلقنا برحمته ووسع خطايانا برحمته و أفسح لنا بعد الموت جنات رحمته.. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ لا يمكن أن يقطع الله عن عباده مدد رحمته وهم أحوج ما يكونون إلى تلك الرحمة
فإنه سبحانه هو الرحمان الرحيم خلقنا برحمته ووسع خطايانا برحمته و أفسح لنا بعد الموت جنات رحمته. ❝
❞ ملخص كتاب ❞كتاب نار تحت الرماد❝ الكِتاب عبارة عن مجموعة من المقالات النارية. يوضِح الكاتب أنَّ هناك قنبلة على وشكِ الانفجار، وأنَّ الفتيل بدأ في الاشتعال، ثُم باقي المقالات يوضِح مشكلات عديدة منها: كيفية أن يَقوم حُكْم إسلامي في هذه الظروف التي نعيش فيها، ولو جاء حاكِم إسلامي عصري، وحاول أَخْذ الأمور بالتدرج والترفق؛ هل يَرضى عنه أهل الدعوة المتشددون؟ كما يوجه العناية إلى سحر الكلمات حيث يقول: لا تستهينوا بالكلمات؛ فالكلمة تَخْرُج كالطلقة لا تعود، وأكبر دليل هو أننا لم نهتم بالإعلام وكلماته. ويؤكد الدكتور (مصطفى محمود ) على أن تحرير الشعوب التي نادت بها الدول الغربية ما هي إلا لعبة وخدعة للشعوب. 1- قنبلة على وشك الانفجار: كنت في (لندن ) من عشر سنوات. كانت جميع الشوارع تغطيها لافتات كبيرة من محاضرات الزعيم الروحي والصوفي الهندي (ماهیشی ). وكان الشباب يَحُجُّون إلى هذه المحاضرات، بنفس التعطش الذي يَسعون به إلى ملاعب الكرة، وقد أطالوا ذقونهم وأظفارهم، وعَلَّقوا المسابح في رقابهم. وقد سمعنا عن النبي الجديد (مون )، وما فعله في (أوروبا )، وسمعنا عن النبي الآخَر الزنجي (أليجا محمد )، الذي جَمَع حوله طائفة من أقوى الطوائف الإسلامية في (أمريكا ). وفي كل مرة نَرَي رجلًا يَظهر كداعية إلى الله؛ فيَجتمِع حوله الألوف من الشباب، يتابعونه في طاعة وبراءة الأطفال.
لقد فشلت التكنولوجيا وحدها في أنْ تَكُون هدفًا للحياة. وفشلت الحضارة المادية في أنْ تُقَدِّم المحراب البديل عن المسجد والكنيسة. وانهزمت الماركسية في امتحان التطبيق، وانكَشفت عوراتها وثغراتها، وفَقدت تلك اللمعة التي كانت تَجذب إليها الشباب. كما عَجَز رجال الدين التقليديون من قساوسة ومشايخ، عن مخاطبة الأجيال الجديدة؛ فأصبح الباب مفتوحًا عن آخره لأي زعامة متطرفة، يَقُودها أي شيطان مقنّع يُجيد الكلام، ويُتقِن هذه اللغة السحرية التي يَتكلم بها أهل الله، وعادة ما يَكُون هذا الشيطان من أصحاب القوى المغناطيسية في التأثير.
إني لأشعر أحيانًا أنَّ تحت أقدامنا فتيل قنبلة دينية زمنية، وأنَّ النار تَسْرح في الفتيل، وأنَّ القنبلة قاربت على الانفجار، وأننا في أشد الحاجة إلى إلى من يوجّه هذا الحماس الديني؛ حتى يأتي التحول بإصلاح وليس بموجات جديدة من الجرائم. والخيط دائمًا رفيع جدًا بين أهل الله وأهل الشيطان، خاصة إذا وضع أهل الشيطان رداءً دينيًا، واتخَذوا المصاحف والأناجيل شعارًا والدعوة إلى الله وإلى الفضيلة والتقوى وسيلة ملتوية، والفارق دائمًا هو تلك النبرة الحادة، وذلك الميل إلى التعصب.. ❝ ⏤مصطفى محمود
ملخص كتاب ❞كتاب نار تحت الرماد❝
الكِتاب عبارة عن مجموعة من المقالات النارية. يوضِح الكاتب أنَّ هناك قنبلة على وشكِ الانفجار، وأنَّ الفتيل بدأ في الاشتعال، ثُم باقي المقالات يوضِح مشكلات عديدة منها: كيفية أن يَقوم حُكْم إسلامي في هذه الظروف التي نعيش فيها، ولو جاء حاكِم إسلامي عصري، وحاول أَخْذ الأمور بالتدرج والترفق؛ هل يَرضى عنه أهل الدعوة المتشددون؟ كما يوجه العناية إلى سحر الكلمات حيث يقول: لا تستهينوا بالكلمات؛ فالكلمة تَخْرُج كالطلقة لا تعود، وأكبر دليل هو أننا لم نهتم بالإعلام وكلماته. ويؤكد الدكتور (مصطفى محمود ) على أن تحرير الشعوب التي نادت بها الدول الغربية ما هي إلا لعبة وخدعة للشعوب.
كنت في (لندن ) من عشر سنوات. كانت جميع الشوارع تغطيها لافتات كبيرة من محاضرات الزعيم الروحي والصوفي الهندي (ماهیشی ). وكان الشباب يَحُجُّون إلى هذه المحاضرات، بنفس التعطش الذي يَسعون به إلى ملاعب الكرة، وقد أطالوا ذقونهم وأظفارهم، وعَلَّقوا المسابح في رقابهم. وقد سمعنا عن النبي الجديد (مون )، وما فعله في (أوروبا )، وسمعنا عن النبي الآخَر الزنجي (أليجا محمد )، الذي جَمَع حوله طائفة من أقوى الطوائف الإسلامية في (أمريكا ). وفي كل مرة نَرَي رجلًا يَظهر كداعية إلى الله؛ فيَجتمِع حوله الألوف من الشباب، يتابعونه في طاعة وبراءة الأطفال.
لقد فشلت التكنولوجيا وحدها في أنْ تَكُون هدفًا للحياة. وفشلت الحضارة المادية في أنْ تُقَدِّم المحراب البديل عن المسجد والكنيسة. وانهزمت الماركسية في امتحان التطبيق، وانكَشفت عوراتها وثغراتها، وفَقدت تلك اللمعة التي كانت تَجذب إليها الشباب. كما عَجَز رجال الدين التقليديون من قساوسة ومشايخ، عن مخاطبة الأجيال الجديدة؛ فأصبح الباب مفتوحًا عن آخره لأي زعامة متطرفة، يَقُودها أي شيطان مقنّع يُجيد الكلام، ويُتقِن هذه اللغة ....... [المزيد]
تصلنا الأخبار كل يوم عن حوادث الشغب والتظاهر هنا وهناك. وما يَلفت النظر هو أنَّ الشعارات المرفوعة هي شعارات دينية، وأنَّ وراءها أموالًا سوفيتية أحيانًا. إنهم يَحرقون المؤسَّسَات ودور السينما، ويَقتلون الأطفال والشيوخ والنساء باسم الدِّين، وهو أَمْر مريب. فالسينما أداة علمية محايدة شأنها شأن البترول والبخار والذرة والكهرباء، وهي أدوات يُمْكن أن تُستخدَم في الخير، ويمكن أن تُستخدم في الشر، والفيلم السينمائي يمكن أن يَكُون داعيًا إلى الحق والخير والجمال، كما يمكن أن يَكون داعيًا إلى الانحلال. ولا ذنب لدور السينما ولا لرواد السينما، وإنما الذنب ذنب العقول الماكرة، والمذاهب التي تَستخدم هذه الأدوات للتخريب، والسوفييت هم أول مَن استَخدم السينما لهدم الأفكار الدينية، ونشر المادية في العالم كله.
إنَّ الفراغ الروحي هو همزة الوصل الناقصة، التي أودت بالشباب إلى هذه الانفجارات الانتحارية، وهي وراء كل تطرف إجرامي أو عدواني، وهي وراء إدمان المخدرات، وحالة الهروب والاغتراب. إنهم دائمًا شباب يَفتقِد الهدف والغاية، وقد نَجَح الزعماء الطغاة العظام، ....... [المزيد]
الإحساس الديني لا يَترك الإنسان حتى في ذروة انحلاله، وهذا هو الحال دائمًا في هذه البلاد التي عَرَفت الله وبَنَت له المعابد منذ سبعة آلاف سنة، لا تَجِدُ فيها كافرًا واحدًا حقيقيًا. وإنما تجد فيها أهل غفلة وأهل هوى وأهل دنیا. وعصرنا الذي نعيشه اليوم هو عصر غفلة، انشغالات وهموم ومصالح وأطماع وشهوات تأخذ الناس في دواماتها، ولكن في القلب وفي الصميم، يظل هناك عطش واشتياق وحزن على شيء مفقود.
أتظن أنه يُمْكن أنْ يَقوم حُكْم إسلامي في هذه الظروف التي نعيش فيها؟ حُكْم مثل حُکْم (عمر بن الخطاب ) أو (عمر بن عبد العزيز )، وهل يُمْكن قيام مِثل هذا الحُكم دون إنها كامل لهذا العصر؟ ودون إرهاب حديدي يَستخدم العنف؛ ليستأصل عادات تَرَسَّخَت في النفوس، وأصبحت مثل الهواء، ولو جاء حاكِم إسلامي عصري، وحاول أَخْذ الأمور بالتدرج والمودة والترفق؛ هل يَرضي عنه أهل الدعوة المتشددون؟ ألا يتهمونه بالترخص والابتداع؟ ثم ألا ينشق الجميع فِرقًا تَتهم بعضها بعضًا، وتَقْتل بعضها بعضًا؟
نحن نعيش في عصر مادي جاهلي، مبتعِد بمؤسساته وتنظيماته وعاداته عن الروحانيات والمنهج ....... [المزيد]
الممثِّل الأمريكي العالمي (جيج يونج ) قَتَل زوجته، ثم قَتَل نفسه رميًا بالرصاص. والممثل الفرنسي (شارل بوایيه ) مات منتحرًا، وكذلك ماتت زوجته منتحرة، وكذلك مات ابنه منتحرًا. ونجمة الإغراء الشهيرة (مارلين مونرو ) قَتلت نفسها بالحبوب المنوِّمة، و(سوزان هيوارد ) دَمَّرت حياتها بالخمر، و (الان دیلون ) دَمَّر حياته بالمخدرات. و (أنا جاردنر ) لا تفيق من السُكر، و (مارلين ديترتش ) أصابها جنون السرقة، و (جريتا جاربو ) أصابها جنون الاختفاء.
إنَّ النجوم لا يُحسَدون على ما هم فيه من ثراء وذيوع وانتشار؛ فإنها صنعة مكلِّفة، تُكلِّفهم حياتهم ودنياهم وآخرتهم، ثم لا يبقى منهم شيء. وكما يأتي الانتحار نتيجة لحياة مادية متطرفة؛ كذلك يمكن أنْ يأتي نتيجة لتدين متطرف. إنَّ ما أَمر به المسيح من قَتْل النفس - ومراد المسيح كان بالطبع هو قَتْل الشهوات - يمكن أن يَصِل به المتطرف إلى رهبانية خاوية قاسية أو إلى قَتْل؛ فيَقوم بالانتحار، كما فَعَل الأب (جيم جونز ) وطائفته في موعظة الانتحار الجماعی، مردِّدًا آية المسيح: "ومَن قَتَل نفسه مِن أَجْلي وَجَدها ".
أهْل التطرف مِن اليمين ....... [المزيد]