❞ ملخص كتاب ❞ حوار مع صديقي الملحد❝ لأننا لا نرى الله، ولأننا لا نعرف المستقبل، ولأن الآخرة غيب، ولأن مَن يذهب إلى القبر لا يعود؛ انتشرت بضاعة الإلحاد، وسادت الأفكار المادية، وعَبَد الناس أنفسهم واستسلموا لشهواتهم، وتقاتلوا على منافع الدنيا، وظن أكثرهم أنه ليس وراء الدنيا شيء، وليس بَعد الحياة شيء، وتقاتلت الدول الكبرى على ذَهَبِ الأرض وخيراتها، وأصبح للكفر نظریات، كما أصبح للمادية فلسفات، وللإنكار محارِبين، وللمنکِرین کعبة يتعلقون بها، ويَحُجُّون إليها في ذهابهم وإيابهم، کعبة يسمونها: (العِلم )، وعاد الحوار مع صديقي الملحد مرة أخرى، وعادت موضوعاته عن الجبرية والاختيار، والبعث، والمصير، والحساب؛ لتصبِح مواضيع الساعة، وتَعُود هذه الطبعة الجديدة في وقتها وميعادها؛ لتشارِك في حل هذا اللغز، وتَعُود لتفسِّر الموضوع من منطلق العلم الثابت والإشارات القرآنية، والإيمان بالله. 1- مَنْ خَلَقَ الله؟: يَسْخَر الملحدون ويُرَدِّدون: أنتم تقولون إن الله موجود، ودليلكم هو قانون السببية، الذي يَنص على أنَّ لكل صنعة صانع، ولكل خَلْق خالق، والرسم يدل على الرسَّام، والنقش يدل على النقَّاش، والكون بهذا المنطق أبلغ دليل على الإله القدير الذي خَلَقه، ونحن صَدَّقْنا وآمَنَّا بهذا الخالق، لكن ألا يحق لنا بنفس المنطق أن نَسأل: مَن خَلَق الخالق؟ ومَن خَلَق الله الذي تحدثوننا عنه؟ ألا يقودنا هذا الكلام إلى قانون السببية؟
نحن نقول له: سؤالك فاسد؛ فأنت تقول بأن الله خالق، ثم تقول مَن خَلَقه! فقد جعلتَ الله خالقًا ومخلوقًا في نفس الجملة، وهذا تناقض، والوجه الآخر لفساد السؤال: أنك تتصور أن الخالق خاضع لقوانين مخلوقاته؛ فالخالق وضع لنا قانون السببية، وهو الذي خلق الزمان والمكان، ولا يمكن أن نتصور أن الله خاضع لقانون السببية ولا لقوانين الزمان والمكان التي وضعها.
الله هو الدليل الذي لا يحتاج إلى دليل؛ لأنه الله الحق الواضح بذاته، وهو الحُجَّة على كل شيء، والله ظاهر في النظام والدقة والجمال والإحكام، في ورقة الشجر، وفي ريشة الطاووس، في جناح الفراش، وفي عِطر الورد، في تغريد البلبل، وفي ترابط النجوم والكواكب، وفي هذا النظام الذي اسمه الكون. ولو قلنا إن كل هذا جاء صدفة؛ لكنا مثل الذي يتصور أن الحروف إذا أُلقِيت في الهواء، يمكن أن تتجمع من نفسها، على شَكْل قصيدة شِعر لـ (شكسبير ) بدون شاعر وبدون مؤلِّف، والقرآن يوفر علينا الكلام في هذه المجادلات بكلمات قليلة وبليغة؛ فيقول بوضوح قاطع ودون تفلسف: "قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لَم يَلِد ولَم يُولَد ، ولَم يَكن له كُفوًا أحد ". ❝ ⏤مصطفى محمود
ملخص كتاب ❞ حوار مع صديقي الملحد❝
لأننا لا نرى الله، ولأننا لا نعرف المستقبل، ولأن الآخرة غيب، ولأن مَن يذهب إلى القبر لا يعود؛ انتشرت بضاعة الإلحاد، وسادت الأفكار المادية، وعَبَد الناس أنفسهم واستسلموا لشهواتهم، وتقاتلوا على منافع الدنيا، وظن أكثرهم أنه ليس وراء الدنيا شيء، وليس بَعد الحياة شيء، وتقاتلت الدول الكبرى على ذَهَبِ الأرض وخيراتها، وأصبح للكفر نظریات، كما أصبح للمادية فلسفات، وللإنكار محارِبين، وللمنکِرین کعبة يتعلقون بها، ويَحُجُّون إليها في ذهابهم وإيابهم، کعبة يسمونها: (العِلم )، وعاد الحوار مع صديقي الملحد مرة أخرى، وعادت موضوعاته عن الجبرية والاختيار، والبعث، والمصير، والحساب؛ لتصبِح مواضيع الساعة، وتَعُود هذه الطبعة الجديدة في وقتها وميعادها؛ لتشارِك في حل هذا اللغز، وتَعُود لتفسِّر الموضوع من منطلق العلم الثابت والإشارات القرآنية، والإيمان بالله.
يَسْخَر الملحدون ويُرَدِّدون: أنتم تقولون إن الله موجود، ودليلكم هو قانون السببية، الذي يَنص على أنَّ لكل صنعة صانع، ولكل خَلْق خالق، والرسم يدل على الرسَّام، والنقش يدل على النقَّاش، والكون بهذا المنطق أبلغ دليل على الإله القدير الذي خَلَقه، ونحن صَدَّقْنا وآمَنَّا بهذا الخالق، لكن ألا يحق لنا بنفس المنطق أن نَسأل: مَن خَلَق الخالق؟ ومَن خَلَق الله الذي تحدثوننا عنه؟ ألا يقودنا هذا الكلام إلى قانون السببية؟
نحن نقول له: سؤالك فاسد؛ فأنت تقول بأن الله خالق، ثم تقول مَن خَلَقه! فقد جعلتَ الله خالقًا ومخلوقًا في نفس الجملة، وهذا تناقض، والوجه الآخر لفساد السؤال: أنك تتصور أن الخالق خاضع لقوانين مخلوقاته؛ فالخالق وضع لنا قانون السببية، وهو الذي خلق الزمان والمكان، ولا يمكن أن نتصور أن الله خاضع لقانون السببية ولا لقوانين الزمان والمكان التي وضعها.
الله هو الدليل الذي لا يحتاج إلى دليل؛ لأنه الله الحق الواضح بذاته، وهو الحُجَّة على كل شيء، والله ظاهر في النظام والدقة والجمال والإحكام، في ورقة الشجر، وفي ريشة الطاووس، في جناح الفراش، وفي عِطر ....... [المزيد]
يثير الملحدون قضية القَدَر دائمًا ويُرَدِّدون: أنتم تقولون إن الله يُجرِي كل شيء في مملكته بقضاء وقَدَر، وإن الله قَدَّر علينا أفعالنا، وإنْ كان هذا هو حالي، وأنَّ أفعالي كلها مكتوبة عنده مسبقاً؛ فلماذا يحاسبني عليها؟ ولا تقولوا لي: نحن مُخيَّرون؛ فليس هناك كذبة أكبر من هذه الكذبة، هل اخترتُ ميلادي وجنسي وطولي وعرضي ولوني ووطني؟ هل تَشرق الشمس ويَغرُب القمر باختياري؟ هل أموت باختياري؟ وهل أقع في المصائب باختياري فلا أجد حلًّا إلا الجريمة؟ لماذا يُجبرني الله على فِعل ثم يحاسبني عليه؟ وإذا قلت إنني حر، وإنَّ لي مشيئة إلى جوار مشيئة الله؛ ألا يكون هذا الكلام إشراكًا بالله ووقوعًا في تعدد المشیئات؟ ثم ما قولك في حُكْم البيئة والظروف في تغيير هذا القدر، وفي الحتميات التي يقول بها الماديون التاريخيون؟
أقول لهذا الملحد: أنت واقع في عدة مغالطات؛ فأفعالك معلومة عند الله في كتابه، ولكنها ليست مكتوبة عليك بالإكراه، إنها مُقَدَّرة في عِلمه فقط، كما تُقَدِّر أنت بعلمك أن ابنك سوف يزني، ثم يَحدث أن يَزني بالفعل، فهل أجبرتَه؟ أم كان هذا تقديرًا في ....... [المزيد]
قال صاحبي الملحد ساخرًا: کیف تَقولون إن إلهكم كامل ورحمن ورحیم وکریم ورءوف، وهو قد خَلق كل هذه الشرور في العالَم؟ مِن المرض والشيخوخة والموت، والزلزال والبركاين، والميكروب والسُّم، وآلام السرطان، التي لا تترك الطفل الصغير ولا الشيخ الكبير، إذا كان الله يشجّع على المحبة والجمال والخير؛ فكيف يَخلق الكراهية والقبح والشر؟
إنَّ النظر المحايِد سوف يكشف لنا أن الخير في الكون هو القاعدة، وأن الشر هو الاستثناء؛ فالصحة هي القاعدة، والمرض استثناء، ونحن نَقضي معظم سنوات عمرنا في صحة، ولا نمرض إلا أيامًا قليلة، وبالمثل الزلازل، فمعظمها بضع دقائق في عُمْر الكرة الأرضية، الذي يُحصي بملايين السنين، وكذلك البراكين، وكذلك الحروب هي اضطرابات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة، ثم إننا نَرَي بعض الخير في كل ذلك؛ فالمرض يعطي الجسم مناعة، والألم يربّي الإنسان على الصلابة والتحمل، والزلازل بديلة عن الضغط في داخل الكرة الأرضية، وتحمي قشرة الأرض من الانفجار، وتعيد الجبال إلى أماكنها، والبراكين تُخرِج المعادن والثروات من باطن الأرض ، وتجعل تربة الأرض ....... [المزيد]
يسأل ذلك الملحد في سخرية ويقول: ما رأيك في هذا الإنسان الذي لم يصل القرآن إليه، ولم يَنزل علیه کتاب، ولم يسمع عن أي نبي؟ ما ذنبه؟ وما مصيره عندكم يوم الحساب؟ مثل الناس في القطبين، أو زنجيّ في الغابات، ماذا يكون مصيره بين يدي إلهكم يوم القيامة؟
إن أعجب ما في سؤالك: أنك تتظاهر بالإيمان وبالرحمة الإشفاق على هذا الزنجي المسكين، الذي فاته ما في القرآن من نور ورحمة وهدی، مع أنَّك في الحقيقة كافر بالقرآن وبنوره ورحمته؛ فسؤالك فيه مخادعة، وفيه مناقَضة للنفس هي الوقاحة بعينها؛ فأنت تحاول أن تُقْنِعَنَا بحجة أنت لا تقتنع بها، ألا ترى أن جهاز المنطق عندك في حاجة إلى إصلاح؟
إن َّالرسل الذين جاء ذِكرهم في القرآن ليسوا كل الرسل، وإنما هناك آلاف غيرهم لا نَعلم عنهم شيئًا، والله يقول لنبيه: "منهم من قَصَصْنا عليك ومنهم من لم نَقْصُص عليك "، والله يوحِي إلى كل شيء حتی النحل: "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتًا ومن الشجر ومما يَعرُشون "، وقد يَكون الوحي كتابًا يُلقيه (جبريل )، وقد يلقيه الله في قَلْب العبد، وقد يَكون انشراحًا في الصدر، وقد يَكون حكمة، وقد ....... [المزيد]
قال صاحبي الملحد: ألا تلاحِظ أنَّ مناسك الحج عندكم هي وثنية صريحة؟ ذلك البناء الحجري الذي تُسَمونه الكعبة وتتمسّحون به وتطوفون حوله، ورَجْم الشيطان، والهرولة بين الصفا والمروة، وتقبيل الحجر الأسود، وحكاية السبع طوفات والسبع رجمات والسبع هرولات، هي بقايا من خرافة الأرقام في الشعوذات القديمة، وثَوب الإحرام الذي تلبسونه على اللحم! ما الفائدة منه؟
قلت في هدوء: ألا تلاحظ أنت أيضًا أنَّ في قوانين المادة التي دَرَستها أن الأصغر يطوف حول الأكبر؟ الإلكترون في الذرة يدور حول النواة، والقمر حول الأرض، والأرض حول الشمس، والشمس حول المجرَّة، والمجرة حول مجرة أكبر، إلى أن نَصل إلى الأكبر مُطلَقًا، وهو الله، ألا نقول "الله أكبر "؟ أي أَكبر من كل شيء، وأنت الآن تطوف حوله، ضمن مجموعتك الشمسية، ولا يمكنك أن تغيّر ذلك؛ فلا شيء ثابت في الكون إلا الله، هو الصمد الصامد الساكن والكل يتحرك حوله، وهذا هو قانون الأصغر والأكبر الذي تعلمْتَه في الفيزياء. أمَّا نحن فنطوف باختيارنا حول بیت الله، وهو أول بيت اتخذه الإنسان لعبادة الله؛ فأصبح رمزًا وبيتًا لله، وأنتم ألا ....... [المزيد]
إذا نظَرنا إلى القرآن نظرة محايدة؛ فسوف نَستبعد تمامًا أنْ يكون (محمد ) - صلى الله عليه وسلم - هو مؤلِّفه؛ لأنه لو كان مؤلِّفه؛ لظَهَرت فيه همومه وأحزانه، فقد رأيناه في عام واحد يَفقد زَوْجَه (خديجة ) وعَمَّه (أبا طالب )، ولا سند له في الحياة غيرهما، وحزنه عليهما كبير، ومع ذلك، لا يذكرهما القرآن ولو بكلمة، وكذلك يموت ابنه (إبراهيم ) ويبكي عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يأتي خَبر بذلك في القرآن؛ فالقرآن معزول تمامًا عن شخصية الرسول.
لو نظَرنا في العبارة القرآنية؛ لوجدنا أنها جديدة في صياغتها وتركيبها، وليس لها شبيه في أَدَب العرب السابق، ولا شبيه فيما أتى بعد ذلك؛ حتى تكاد اللغة تنقسم إلى شعر ونثر وقرآن؛ فنحن أمام كلام مميَّز، فالقرآن ليس شعرًا ولا نثرًا، وإذا نظرنا أكثر؛ فإنا سنكتشف الدقة العظيمة؛ فكل حرف في مكانه، لا تقديم ولا تأخير، ولا تستطيع أن تضع كلمة مكان كلمة، ولا حرفًا مکان حرف، كل لفظة تم اختيارها من مليون لفظة بمیزان دقیق، وهذه الدقة الكبيرة لا مثيل لها في التأليف.
يقول الملحد ما معنى: "وسع كرسيه السماوات والأرض "؟ هل من المنطق أن يَكون هناك كرسي صفته هكذا؟ وسأرد عليه بنفس منطقه، وأسأله: لو قلتَ لي ما الإلكترون سأقول لك ما الكرسي؟ قل لي ما الكهرباء؟ قل لي ما الجاذبية؟ قل لي ما الزمان؟ إنك لا تعرف حقيقة أي شيء لتسالني ما الكرسي وما العرش؟ إن العالم مملوء بالأسرار وهذه بعض أسراره، ولماذا تَتعجب من النملة التي تَكلمتْ في القرآن وحَذَّرتْ بقية النمل من قدوم (سلیمان ) وجيشه؟ "قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا یَحْطِمَنَّكُم سليمان وجنوده "، ولو قرأتَ القليل عن عِلم الحشرات الآن؛ لَمَا سألت هذا السؤال، إنَّ عِلم الحشرات مليء بدراسات كثيرة عن لغة النمل ولغة النحل، ولغة النمل الآن حقيقة مؤكَّدة؛ ولا يمكنك أن تتعجب من أن نملة عَرَفت (سلیمان )، ألم يعرف الإنسان الله؟
وقد يقول: هل الله محتاج إلى أنْ يعبده خَلْقُه؟ لكن يجب أن يَعرف أنَّ العبودية لله هی عَکْس العبودية في مفهومنا؛ فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السید الخير من العبد، أما العبودية لله فهي العكس تمامًا، وهي أن يعطِي السيد للعبْد نِعَمًا كثيرة؛ فحينما ....... [المزيد]
قال صاحبي الملحد: لا أفهم كيف يأمر هذا الرب نبيَّه الخليل المقرَّب (إبراهيم ) بأن يَذبح ولده؟ ألا تَرَي أن هذه المسألة يصعب تصديقها؟ ونَرُد بأنَّ هذه القصة تدل على أن الله لم يكن يريد من (إبراهيم ) أن يذبح ابنه ، بدليل أن الذبح لم يَحدث، وإنما كان المراد أن يَذبح (إبراهيم ) محبته الزائدة لابنه، وتعلقه الزائد بابنه؛ إذ لا يجوز أن يَكون في قَلْب النبي تعلقًا بغير الله، لا دنیا، ولا ولد، ولا مال ، ولا سلطان، كل هذه الأمور لا يَصح أن يَتعلق بها قَلْب النبي.
يقول لي هذا الملحد وهذا البهائيّ (البهائية هي ديانة لا تقبل معجزات الأنبياء ): ما رأيك في معجزات (إبراهيم ) العجيبة ودخوله النار دون أن يحترق؟ وما فعله (موسى ) مِن بَعْده؟ ألا يبدو أن الدليل الأقوى على عظمة الله: هو النظام والعقل والانضباط، والقوانين التي يتم تطبيقها في الكون بدون أن يتم اختراقها؟ ونحن نقول بأنَّ هؤلاء فَهَموا المعجزة وتصوروها خطأً؛ فالمعجزة في تَصَوِّرهم عَمَلٌ بهلواني وخَرْق للقانون، ولكن الحقيقة غير ذلك؛ فلو أنك عدت ثلاثة آلاف سنة إلى الوراء، ثم دخلت على فرعون (مصر ) في ذلك الزمن، ....... [المزيد]
❞ قد يصيب شخص واحد في التفكير كما يصيب مئة شخص...
وقد يخطئ مئة مثلما يخطئ واحد...
وما ينبغي لموقف ما أن يكون حقاً لمجرد أنه موقف أغلب الناس...ولا لموقف أن يكون باطلاً لمجرد أنه موقف القلّة...
تلك حقيقة ما يزال يُلحُّ عليها درس المنطق ودرس التاريخ...
إنما تستند الحجّة على دعائمها المنطقية وليس على عدد مؤديها.... ❝ ⏤عادل مصطفى
❞ قد يصيب شخص واحد في التفكير كما يصيب مئة شخص..
وقد يخطئ مئة مثلما يخطئ واحد..
وما ينبغي لموقف ما أن يكون حقاً لمجرد أنه موقف أغلب الناس..ولا لموقف أن يكون باطلاً لمجرد أنه موقف القلّة..
تلك حقيقة ما يزال يُلحُّ عليها درس المنطق ودرس التاريخ..
إنما تستند الحجّة على دعائمها المنطقية وليس على عدد مؤديها. ❝
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي : -
ألست معي في أنكم تبالغون كثيراً في استخدام كلمة لا إله إلا الله و كأنها مفتاح لكل باب .. تشيعون بها الميت و تستقبلون الوليد و تطبعونها على الأختام و تنقشونها على القلائد و تصكون بها العملات و تعلقونها على الجدران .. من ينطق بها منكم تقولون أن جســمه أعتق من النار .. فإذا نطق بها مائة ألف مرة دخل الجنة و كأنها طلسم سحري أو تعويذة لطرد الجن أو قمقم لحبس المردة .. ثم هذه الحروف التي لا تعرفون لها معنى .. ا . ل . م .. كهيعص .. طسم .. حم .. الر .
هل أنجو من العذاب إذا قلت لا إله إلا الله .. إذن فإني أقولها و أشهدك و أشهد الحضور على ذلك .. لا إله إلا الله .. هل انتهى الأمر ؟!
- بل أنت لم تقل شيئـاً .
إن لا إله إلا الله لمن يعمل بها و ليست لمن يشقشق بها لسانه .. لا إله إلا الله منهج عمل و خطة حياة و ليست مجرد حروف ..
و دعنا نفكر قليلاً في معناها .. إننا حينما نقول لا إله إلا الله نعني أنه لا معبود إلا الله و بين لا و إلا بين النفي و الإثبات في العبارة بين هاتين الدفتين تقع العقيدة كلها لا النافية تنفي الألوهية عن كل شيء .. عن كل ما نعبد من مشتهيات في الدنيا .. عن المال و الجاه و السلطان و اللذات و ترف العيش و النساء الباهرات و العز الفاره .. لكل هذا نقول لا .. لا نعبدك .. لست إلهاً ..
ثم نقول لا لنفوسنا التي تشتهي تلك الأشياء لأن الإنسان يعبد نفسه في العادة و يعبد رأيه و يعبد هواه و اختياره و مزاجه و يعبد ذكاءه و مواهبه و شهرته و يتصور أن بيده مقاليد الأمور و أقدار الناس و المجتمع .. و يجعل من نفسه إلهاً دون أن يدري .. لهذه النفس نحن نقول لا .. لا نعبدك .. لست إلهاً .
نقول ((لا)) – للمدير و الرئيس و الحاكم .. لا لست إلهاً .
و معنى كلمة ((إله)) أي ((فاعل)) .. و الفاعل بحق عندنا هو الله ، أما كل هذه الأشياء فوسائط و أسباب ، المدير و الوزير و الرئيس و المال و الجاه و السلطان و النفس بذكائها و مواهبها .. لكل هذا نقول لا .. لست إلهاً .
((إلا)) – واحد نستثنيه و نثبت له تلك الفاعلية و القدرة هـــو الله .
و بين لا و إلا بين هذا النفي و هذا الإثبات تقع العقيدة كلها فمن كان مشغولاً بجمع المال و تكديس الثروات و تملق السلطان و التزلف للرؤساء و تحري اللذات و اتباع هوى نفسه و تعشق رأيه و التعصب لوجهة نظره .. فهو لم يقل لا لكل هــذه المعبودات و هو ساجد في محرابها دون أن يدرى و حينما يقول لا إله إلا الله فهو يقولها كاذباً .. يقول بلسانه ما لا يفعل بيديه و رجليه .. و معنى (( لا إله إلا الله )) أنه لا حسيب و لا رقيب إلا الله .. هو وحده الجدير بالخشية و الخوف و المراقبة .. فمن كان يخاف المرض و من كان يخاف الميكروب و من كان يخاف عصا الشرطي و جند الحاكم فإنه لم يقل (( لا )) .. لكل تلك الآلهة الوهمية .. و إنما هو مازال ساجداً لها و قد أشرك مع خالقه كل تلك الآلهة المزيفة .. فهو كاذب في كلمة (( لا إله إلا الله )) .
و معنى ذلك أن (( لا إله إلا الله )) عهد و دستور و منهج حياة .
و المقصود بها .. العمل بها ، فمن عمل بها كانت له طلسماً بالفعل يفتح له كل الأبواب العصية .. و كانت نجاة في الدنيا و الآخرة و مدخلاً إلى الجنة .
أما نطق اللسان بدون تصديق القلب و عمل الجوارح .. فإنه لا يغني .
و (( لا إله إلا الله )) تعنى أكثر من هذا موقفاً فلسفياً .
يقول الدكتور زكى نجيب محمود أن (( شهادة لا إله إلا الله )) تتضمن الإقرار بثلاث حقائق .. أن الشاهد موجود و المشهود موجود .. و الحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة موجودون أيضاً أي أنها إقرار صريح بأن : الذات و الله و الآخرين لهم جميعاً وجود حقيقي .
و بهذا يرفض الإسلام الفلسفة المثالية كما يرفض الفلسفة المادية في ذات الوقت .. يرفض اليمين و اليسار معاً و يختار موقفـاً وسطاً .
يرفض المثالية الفلسفية .. لأن المثالية الفلسفية لا تعترف بوجود الآخرين و لا بوجود العالم الموضوعي كحقيقة خارجية مستقلة عن العقل .. و إنما كل شيء في نظر الفلسفة المثالية يجري كأنه حلم في دماغ .. أو أفكار في عقل .. أنت و الراديو و الشارع و المجتمع و الصحيفة و الحرب كلها حوادث و مرائي و أحلام تجري في عقلي .. لا وجود حقيقي للعــالم الخارجى .
و هذا الموقف المثالى المتطرف يرفضه الإسلام و ترفضه الشهادة لأنها كما قلنا إقرار صريح بأن الشاهد و المشهود و الحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة .. أي الذات و الله و الآخرين حقائق مقررة .
كما يرفض الإسلام أيضاً الفلسفة المادية لأن الفلسفة المادية تعترف بالعالم الموضوعي و لكنها تنكر ما وراءه .. تنكر الغيب و الله .
و الإسلام بهذا يقدم فلسفة واقعية و فكراً واقعياً فيعترف بالعالم الموضوعي ثم يضيف إلى هذا العالم كل الثراء الذي يتضمنه الوجود الإلهي الغيبي .. و يقدم تركيباً جدلياً جامعاً بين فكر اليمين و فكر اليسار في فلسفة جامعة ما زالت تتحدى كل اجتهاد المفكرين فتسبق ما سطروا من نظريات ظنية لا تقوم على يقين .
شهادة (( لا إله إلا الله )) تعني إذن منهج حياة و موقفاً فلسفياً . و لهذا فأنت تكذب و أنت الرجل الماديّ الذي اخترت موقفـاً فلسفــيـاً ماديـاً و أنت تنطق بالشهادة كذبتين :
الكذبة الأولى – أنك تشهد بما ينافي فلسفتك .
و الكذبة الثانية – أنك لا تعمل بهذه الشهادة في حياتك قدر خردلة .
أما حكاية .. ا . ل . م .. و كهيعص .. حم .. الر . فدعني أسألك .. و ما حكـاية س ص و لوغاريتم و معادلة الطاقة ط = ك × س2 و هي ألغاز و طلاسم بالنســبة لمن لا يعرف شيئـاً في الحساب و الجبر و الرياضيات .. و عند العالمين لها معاني خطيرة .
كذلك هذه الحروف حينما يكشف لنا عن معناها .
- قال صاحبي في سخرية : - و هل كشف لك عن معناها ؟
- قلت و أنا ألقي بالقنبلة : - هذا موضوع مثير يحتاج إلى كلام آخر طويل سوف يدهشك .
من كتاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي : -
ألست معي في أنكم تبالغون كثيراً في استخدام كلمة لا إله إلا الله و كأنها مفتاح لكل باب . تشيعون بها الميت و تستقبلون الوليد و تطبعونها على الأختام و تنقشونها على القلائد و تصكون بها العملات و تعلقونها على الجدران . من ينطق بها منكم تقولون أن جســمه أعتق من النار . فإذا نطق بها مائة ألف مرة دخل الجنة و كأنها طلسم سحري أو تعويذة لطرد الجن أو قمقم لحبس المردة . ثم هذه الحروف التي لا تعرفون لها معنى . ا . ل . م . كهيعص . طسم . حم . الر .
هل أنجو من العذاب إذا قلت لا إله إلا الله . إذن فإني أقولها و أشهدك و أشهد الحضور على ذلك . لا إله إلا الله . هل انتهى الأمر ؟!
- بل أنت لم تقل شيئـاً .
إن لا إله إلا الله لمن يعمل بها و ليست لمن يشقشق بها لسانه . لا إله إلا الله منهج عمل و خطة حياة و ليست مجرد حروف .
و دعنا نفكر قليلاً في معناها . إننا حينما نقول لا إله إلا الله نعني أنه لا معبود إلا الله و بين لا و إلا بين النفي و الإثبات في العبارة بين هاتين الدفتين تقع العقيدة كلها لا النافية تنفي الألوهية عن كل شيء . عن كل ما نعبد من مشتهيات في الدنيا . عن المال و الجاه و السلطان و اللذات و ترف العيش و النساء الباهرات و العز الفاره . لكل هذا نقول لا . لا نعبدك . لست إلهاً .
ثم نقول لا لنفوسنا التي تشتهي تلك الأشياء لأن الإنسان يعبد نفسه في العادة و يعبد رأيه و يعبد هواه و اختياره و مزاجه و يعبد ذكاءه و مواهبه و شهرته و يتصور أن بيده مقاليد الأمور و أقدار الناس و المجتمع . و يجعل من نفسه إلهاً دون أن يدري . لهذه النفس نحن نقول لا . لا نعبدك . لست إلهاً .
نقول ((لا)) – للمدير و الرئيس و الحاكم . لا لست إلهاً .
و معنى كلمة ((إله)) أي ((فاعل)) . و الفاعل بحق عندنا هو الله ، أما كل هذه الأشياء فوسائط و أسباب ، المدير و الوزير و الرئيس و المال و الجاه و السلطان و النفس بذكائها و مواهبها . لكل هذا نقول لا . لست إلهاً .
((إلا)) – واحد نستثنيه و نثبت له تلك الفاعلية و القدرة هـــو الله .
و بين لا و إلا بين هذا النفي و هذا الإثبات تقع العقيدة كلها فمن كان مشغولاً بجمع المال و تكديس الثروات و تملق السلطان و التزلف للرؤساء و تحري اللذات و اتباع هوى نفسه و تعشق رأيه و التعصب لوجهة نظره . فهو لم يقل لا لكل هــذه المعبودات و هو ساجد في محرابها دون أن يدرى و حينما يقول لا إله إلا الله فهو يقولها كاذباً . يقول بلسانه ما لا يفعل بيديه و رجليه . و معنى (( لا إله إلا الله )) أنه لا حسيب و لا رقيب إلا الله . هو وحده الجدير بالخشية و الخوف و المراقبة . فمن كان يخاف المرض و من كان يخاف الميكروب و من كان يخاف عصا الشرطي و جند الحاكم فإنه لم يقل (( لا )) . لكل تلك الآلهة الوهمية . و إنما هو مازال ساجداً لها و قد أشرك مع خالقه كل تلك الآلهة المزيفة . فهو كاذب في كلمة (( لا إله إلا الله )) .
و معنى ذلك أن (( لا إله إلا الله )) عهد و دستور و منهج حياة .
و المقصود بها . العمل بها ، فمن عمل بها كانت له طلسماً بالفعل يفتح له كل الأبواب العصية . و كانت نجاة في الدنيا و الآخرة و مدخلاً إلى الجنة .
أما نطق اللسان بدون تصديق القلب و عمل الجوارح . فإنه لا يغني .
و (( لا إله إلا الله )) تعنى أكثر من هذا موقفاً فلسفياً .
يقول الدكتور زكى نجيب محمود أن (( شهادة لا إله إلا الله )) تتضمن الإقرار بثلاث حقائق . أن الشاهد موجود و المشهود موجود . و الحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة موجودون أيضاً أي أنها إقرار صريح بأن : الذات و الله و الآخرين لهم جميعاً وجود حقيقي .
و بهذا يرفض الإسلام الفلسفة المثالية كما يرفض الفلسفة المادية في ذات الوقت . يرفض اليمين و اليسار معاً و يختار موقفـاً وسطاً .
يرفض المثالية الفلسفية . لأن المثالية الفلسفية لا تعترف بوجود الآخرين و لا بوجود العالم الموضوعي كحقيقة خارجية مستقلة عن العقل . و إنما كل شيء في نظر الفلسفة المثالية يجري كأنه حلم في دماغ . أو أفكار في عقل . أنت و الراديو و الشارع و المجتمع و الصحيفة و الحرب كلها حوادث و مرائي و أحلام تجري في عقلي . لا وجود حقيقي للعــالم الخارجى .
و هذا الموقف المثالى المتطرف يرفضه الإسلام و ترفضه الشهادة لأنها كما قلنا إقرار صريح بأن الشاهد و المشهود و الحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة . أي الذات و الله و الآخرين حقائق مقررة .
كما يرفض الإسلام أيضاً الفلسفة المادية لأن الفلسفة المادية تعترف بالعالم الموضوعي و لكنها تنكر ما وراءه . تنكر الغيب و الله .
و الإسلام بهذا يقدم فلسفة واقعية و فكراً واقعياً فيعترف بالعالم الموضوعي ثم يضيف إلى هذا العالم كل الثراء الذي يتضمنه الوجود الإلهي الغيبي . و يقدم تركيباً جدلياً جامعاً بين فكر اليمين و فكر اليسار في فلسفة جامعة ما زالت تتحدى كل اجتهاد المفكرين فتسبق ما سطروا من نظريات ظنية لا تقوم على يقين .
شهادة (( لا إله إلا الله )) تعني إذن منهج حياة و موقفاً فلسفياً . و لهذا فأنت تكذب و أنت الرجل الماديّ الذي اخترت موقفـاً فلسفــيـاً ماديـاً و أنت تنطق بالشهادة كذبتين :
الكذبة الأولى – أنك تشهد بما ينافي فلسفتك .
و الكذبة الثانية – أنك لا تعمل بهذه الشهادة في حياتك قدر خردلة .
أما حكاية . ا . ل . م . و كهيعص . حم . الر . فدعني أسألك . و ما حكـاية س ص و لوغاريتم و معادلة الطاقة ط = ك × س2 و هي ألغاز و طلاسم بالنســبة لمن لا يعرف شيئـاً في الحساب و الجبر و الرياضيات . و عند العالمين لها معاني خطيرة .
كذلك هذه الحروف حينما يكشف لنا عن معناها .
- قال صاحبي في سخرية : - و هل كشف لك عن معناها ؟
- قلت و أنا ألقي بالقنبلة : - هذا موضوع مثير يحتاج إلى كلام آخر طويل سوف يدهشك .
من كتاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝