█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ صاحبني صوت ظَل يتردد داخلي يقول:
لابد من وجود شيء ما أو إطار لتجميع وتنظيم الافكار، وشذرات الخواطر والانطباعات التي أدوّنها من حين لآخر عن كل ما أقابله من أشخاص وأماكن. شيء أكثر عُمقاً من مجرد وصف المعالم السياحية والأماكن بشكل جمالي فقط، وكأنني أكتفي بالقشرة الخارجية، أو أصف الجزء الظاهر من جبال الجليد في الماء، لكن ما يوجد في الأعماق أكبر واعظم، وأكثر جمالاً وروعة.
لكنني لم أصل إلى هذا الشيء المُنظم اللمنهج بعد . ❝
❞ أكثر ما لفت نظري في واحات الوادي الجديد طغيان الح الفني الراقي الجاد، وكأنما هو فطرة يولد بها السكان هناك، فلا يوجد مكان إا وبه عمل فني متميز، سواء أكان رسماً أم أشغالاص يدوية أم تصميمات الكليم السجاد. لابد أن هناك سراً يجعل أغلب الأهالي ذوي قدرات فنية مُزهلة، والمثير للدهشة ورغم إتقان الأعمال الفنية لم يتلقّ أيّ ممن صصادفنا ورأينا أعماله تدريباً، أو تعليماً فنياً متخصصاً، بل منهم من لم ينل أي تعليم من الأساس . ❝
❞ كل مكان له طاقة روحانية مختلفة عن الآخر، تبعث في النفس نوعًا خاصًّا من الراحة والطمأنينة والهدوء النفسي، كل مكان له خصوصيته التي تجعلنا نشتاق إليه عن غيره، لا سبيل هنا للمقارنة أو التفاضل، لكن لإحساسنا في لحظة ما بالمكان. على سبيل المثال هل نشعر بالحنين إلى جبال كاترين منبع الأنبياء، وقدسية الشجرة المباركة، والجبال التي شهدت مولد رسالة سماوية؟! أم للواحات حيث الطيبة والنقاء والفطرة، حيث الراحة من صخب الحياة وقسوتها؟! الأمر أشبه بشعور الاشتياق إلى الأب والأم وقد أحببناهما بالقدر ذاته، لا سبيل للاختيار بينهما أو المقارنة، سنختارهما معًا في الرحلة الممتدة بطول سنوات العمر. ولطالما راودني شعور بأن الواحات بالنسبة إليّ تشبه الأم، تحمل دفئها وحنانها وعطاءها بلا حدود، وبعد ترددي عليها، وارتباطي بها كل زيارة عن الأخرى، شعرتُ وكأنما لي جذور بها، وإن لم تكن مكان موطن ميلادي الأصلي، أو بلدة أبي وأمي، فإنها محل ميلاد جديد، بدأ منذ أول مرة خطوتُ على أرضها، نبتت لي جذورٌ لم أتبين وجودها، إلى أن طرحت حياة كاملة أضع بداياتها بين ضفتي هذا العمل . ❝
❞ مدينة القصر الإسلامية الأثرية، وهي مدينة ما الت آثارها من منازل ومحال ودكاكين موجودة إلى الآن، بل ما زال يسكنها بعض الناس. وبها بعض أصحاب المهن التي على شفا الاندثار التي تعتمد على العمل اليدوي من دون آلات أو ماكينات متطورة، مثل النجارة والحدادة وأعمال الفخار. أوضح الدليل السياحي أن أغلب الشباب والفتيات من الجيل الجديد لا يريدون استكمال مسيرة الأهل والعمل في تلك المهن، ما يهددها بالاندثار والاختفاء برحيل جيل الآباء والأجداد العاملين بها الآن. فبدا ذلك أمراً محزناً من جانب الاحتمالات شبه المؤكدة التي تُنذر باختفاء هذه المهن، ومن جانب آخر في التعاطف مع الأبناء، وتفهم رغبتهم في اختيار مصائرهم والأعمال التي يريدونها . ❝