█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ “رويت لها بصوتٍ خفيضٍ ما سمعته من حكيم قريتنا، قصة ظلت عالقة بذهني، تحكي أن أحد الصيادين يومًا ما منذ سنين بعيدة، نقل بيض التمساح من مكانه وأخفاه عنه، لكن التمساح حفظ ملامحه وظل يترقبه، وفي ليلة قمرية اتجه الرجل للشاطئ مع صياد آخر مستقلين فلوكة، وراح الرجل الذي نقل البيض يجدف قابعًا في وسط المركب، فجأة هاجمهما التمساح من المنتصف وضرب الفلوكة بذيله من الناحية الأخرى، فأنزل ناقل البيض معه إلى النهر، ثم ابتلعه في ثوانٍ وترك الرجل الآخر، سرعان ما ظهرت بقعة الدم الحمراء، وراحت تتسع وتكبر أمام الصياد الناجي وهو يصرخ، حتى وصل للبر الثاني ليروي القصة لكل مَن يقابله لتنتشر في القرى كلها. هزَّت مِسكة رأسها غير مقتنعة ثم قالت: ما يمكن نصيبه.. أمي دايمًا تقول كل حاجة قسمة ونصيب. برقت عيناها بشدة كأنها توصلت لإجابة لم نكن نعرفها، أطبقت على يدي فشعرت أنها ربما تكون خافت قليلًا فضغطت على كفِّها برفق لأطمئنها، بينما فرائصي لا تزال ترتعد من الحكاية، لكن مِسكة اعتدلت في جلستها لتقترب مني أكثر، ثم روت لي بثقة أن عمي أخبرها بأن التماسيح لا تأكل نوبيًّا أبدًا بل تخاف منه، ولا بد أن القتيل غريب عنَّا، ربما من الجنوب لكنه ليس نوبيًّا، ومع ذلك لم تفلح في طمأنتي وظللت أُخفي وجهي بيمناي كلما رأيت التماسيح ولو من بعيد!” . ❝
❞ “هكذا أنتم دومًا ، تعيشون على الهامش و في الخفاء ، تقولون يا سيدي لغيركم و كنتم الأسياد في أرضكم ، تقتاتون الآن على القهر و الخنوع ، تدخلون الحياة من أبواب جانبية ، و في نهايتها تصعدون إلى السماء من السلالم الخلفية ، لم يشعر بكم أحد ، ولا يُسمع لكم صوت ، متى تكونون مؤثرين يومًا بدلًا من أن تظلوا متأثرين دائمًا ؟!” . ❝
❞ “وقفت أتأمل مضمار سباق الخيل في حسرة. تبدلت المنصة الرئيسية والمقصورة الملكية، وهُدمت المقاعد الخشبية الخضراء، واستبدلت بمصاطب من الأسمنت الرديء، اختفت البدل الرمادية والسوداء ورابطات العنق الوقورة والطرابيش الحمراء القانية والفساتين الملونة والقبعات الزاهية، غلب اللون الكاكي على المكان وعلى بلدي كلها، وكأنه نذير عاصفة ترابية شديدة ستسود لفترة طويلة وقد تحجب الرؤية لسنوات كثيرة قادمة..! يا ألله!” . ❝