❞ 📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد
– فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل الخامس عشر:
التحرر الأخير – حين يفهم أحدهما نفسه أخيرًا
🔹 الجزء الثالث
حين يتحرر القلب، لا يعود يبحث عن تفسيرٍ لكل ما حدث،
بل يكتفي بأن يقول لنفسه: “كنتُ في طريقي إلى هذا الفهم، ولو لم يحدث ما حدث… لما وصلت.”
هنا تنتهي المعركة مع الأسئلة، ويبدأ السلام مع النفس.
تتغير نظرتك للعلاقات، فبدلًا من أن تسأل: “لماذا ابتعدوا؟”
تبدأ تسأل: “ما الذي جعلني أتمسك بما آلمني؟”
التحرر ليس أن تنسى، بل أن تتذكّر دون أن تتألم.
أن تمرّ على الذكرى كما تمرّ على شارعٍ قديم كنت تسلكه يوميًا،
فتعرف كل تفاصيله، لكنك لم تعد تنتمي إليه.
تراه من بعيد وتقول: “كان هناك، وكنت أنا، لكن لم نعد كما كنّا.”
الفهم الحقيقي يجعلك تتقبّل أن البعض جاؤوا ليعلّموك حدودك،
والبعض الآخر ليكشفوا لك ما لا تريده في نفسك.
كل شخصٍ مرّ بك كان مرآةً مؤقتةً أظهرت شيئًا كنت تغفله.
وحين تُدرك ذلك، لا يعود في قلبك مساحة للغضب أو الندم،
بل فقط الامتنان الهادئ لمن مرّ ورحل،
ولمن بقي دون أن يفسد فيك نقاءك.
إن التحرر الأخير ليس صرخة، بل همس.
ليس إعلانًا أمام العالم، بل سلامًا داخليًا
يشبه غروبًا طويلًا بعد عاصفةٍ أنهكت البحر.
❞ 📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد
– فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل الخامس عشر:
التحرر الأخير – حين يفهم أحدهما نفسه أخيرًا
🔹 الجزء الثالث
حين يتحرر القلب، لا يعود يبحث عن تفسيرٍ لكل ما حدث،
بل يكتفي بأن يقول لنفسه: “كنتُ في طريقي إلى هذا الفهم، ولو لم يحدث ما حدث… لما وصلت.”
هنا تنتهي المعركة مع الأسئلة، ويبدأ السلام مع النفس.
تتغير نظرتك للعلاقات، فبدلًا من أن تسأل: “لماذا ابتعدوا؟”
تبدأ تسأل: “ما الذي جعلني أتمسك بما آلمني؟”
التحرر ليس أن تنسى، بل أن تتذكّر دون أن تتألم.
أن تمرّ على الذكرى كما تمرّ على شارعٍ قديم كنت تسلكه يوميًا،
فتعرف كل تفاصيله، لكنك لم تعد تنتمي إليه.
تراه من بعيد وتقول: “كان هناك، وكنت أنا، لكن لم نعد كما كنّا.”
الفهم الحقيقي يجعلك تتقبّل أن البعض جاؤوا ليعلّموك حدودك،
والبعض الآخر ليكشفوا لك ما لا تريده في نفسك.
كل شخصٍ مرّ بك كان مرآةً مؤقتةً أظهرت شيئًا كنت تغفله.
وحين تُدرك ذلك، لا يعود في قلبك مساحة للغضب أو الندم،
بل فقط الامتنان الهادئ لمن مرّ ورحل،
ولمن بقي دون أن يفسد فيك نقاءك.
إن التحرر الأخير ليس صرخة، بل همس.
ليس إعلانًا أمام العالم، بل سلامًا داخليًا
يشبه غروبًا طويلًا بعد عاصفةٍ أنهكت البحر.
❞ 📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل السابع: حين يتعب المطارد ويقرّر الرحيل
🔹 الجزء الثاني
حين يتعب المطارد، يبدأ في مراجعة كل التفاصيل الصغيرة التي كانت تمرّ عليه دون انتباه.
يتذكّر الرسائل التي كتبها ولم تصل، المكالمات التي انتظرها ولم تأتِ، الوعود التي ذابت في الهواء، والنظرات التي لم تكن سوى محاولات لطمأنةٍ زائفة.
حين يتعب المطارد، لا يبحث عن تبرير، بل عن معنى.
يريد أن يفهم كيف تحوّل حبه إلى سباقٍ بلا نهاية، وكيف صار العطاء واجبًا بينما الصمت في الجهة الأخرى فضيلة.
لقد خاض معارك كثيرة باسم الوفاء،
لكن لم يخبره أحد أن الوفاء حين يُقدَّم لمن لا يقدّره يتحوّل إلى قيدٍ ذهبي،
لامع من الخارج، خانق من الداخل.
ذلك المطارد كان يظنّ أنه الأقوى لأنه يملك الشجاعة على البقاء،
لكن الحكاية كانت تخفي وجهًا آخر:
القوة ليست في البقاء رغم الألم، بل في الجرأة على المغادرة حين يُصبح البقاء نوعًا من الانتحار الهادئ.
في تلك اللحظة، يبدأ في فهم أن الحب الناضج لا يُثبت نفسه بالركض،
بل بالهدوء، بالثقة، وبالقدرة على التراجع حين يُصبح الطريق عبثيًا.
يتوقف ليس لأنه فقد الإحساس،
بل لأنه أدرك أن الإحساس وحده لا يكفي ليُنقذ علاقة تُغرقه في العجز.
يبدأ المطارد بالتخفّف من التفاصيل التي كانت تُثقله.
يتوقّف عن تتبّع آخر ظهورٍ،
عن تفسير كل كلمة،
وعن اختراع أعذارٍ لأشخاصٍ لم يعودوا يهمّهم أن يُفهِموه.
إنه يتعلّم الصمت من جديد،
لكن هذه المرّة ليس صمت الخيبة،
بل صمت النضج.
ذلك الصمت الذي لا يحمل استسلامًا،
بل يحمل يقينًا أن من أراد البقاء سيبقى،
ومن أراد الرحيل لن تمنعه كل كلمات العالم من الذهاب.
وحين يتعب المطارد ويقرر أن يختار نفسه،
تبدأ الحياة في إعادة موازينها.
يرى أنه لم يخسر أحدًا،
بل تخلّص من وهمٍ كان يرتديه على هيئة أمل.
ويكتشف أن أصعب أنواع الرحيل،
ذلك الذي لا تسبقه مواجهة،
ولا تلحقه دموع،
بل يمرّ كنسمةٍ خفيفة تهمس:
«لقد اكتفيت، وسأرحل بسلام».
وهنا، يصبح الرحيل شفاءً لا هزيمة.
يصبح بدايةً جديدة لا نهايةً باهتة.
❞ 📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل السابع: حين يتعب المطارد ويقرّر الرحيل
🔹 الجزء الثاني
حين يتعب المطارد، يبدأ في مراجعة كل التفاصيل الصغيرة التي كانت تمرّ عليه دون انتباه.
يتذكّر الرسائل التي كتبها ولم تصل، المكالمات التي انتظرها ولم تأتِ، الوعود التي ذابت في الهواء، والنظرات التي لم تكن سوى محاولات لطمأنةٍ زائفة.
حين يتعب المطارد، لا يبحث عن تبرير، بل عن معنى.
يريد أن يفهم كيف تحوّل حبه إلى سباقٍ بلا نهاية، وكيف صار العطاء واجبًا بينما الصمت في الجهة الأخرى فضيلة.
لقد خاض معارك كثيرة باسم الوفاء،
لكن لم يخبره أحد أن الوفاء حين يُقدَّم لمن لا يقدّره يتحوّل إلى قيدٍ ذهبي،
لامع من الخارج، خانق من الداخل.
ذلك المطارد كان يظنّ أنه الأقوى لأنه يملك الشجاعة على البقاء،
لكن الحكاية كانت تخفي وجهًا آخر:
القوة ليست في البقاء رغم الألم، بل في الجرأة على المغادرة حين يُصبح البقاء نوعًا من الانتحار الهادئ.
في تلك اللحظة، يبدأ في فهم أن الحب الناضج لا يُثبت نفسه بالركض،
بل بالهدوء، بالثقة، وبالقدرة على التراجع حين يُصبح الطريق عبثيًا.
يتوقف ليس لأنه فقد الإحساس،
بل لأنه أدرك أن الإحساس وحده لا يكفي ليُنقذ علاقة تُغرقه في العجز.
يبدأ المطارد بالتخفّف من التفاصيل التي كانت تُثقله.
يتوقّف عن تتبّع آخر ظهورٍ،
عن تفسير كل كلمة،
وعن اختراع أعذارٍ لأشخاصٍ لم يعودوا يهمّهم أن يُفهِموه.
إنه يتعلّم الصمت من جديد،
لكن هذه المرّة ليس صمت الخيبة،
بل صمت النضج.
ذلك الصمت الذي لا يحمل استسلامًا،
بل يحمل يقينًا أن من أراد البقاء سيبقى،
ومن أراد الرحيل لن تمنعه كل كلمات العالم من الذهاب.
وحين يتعب المطارد ويقرر أن يختار نفسه،
تبدأ الحياة في إعادة موازينها.
يرى أنه لم يخسر أحدًا،
بل تخلّص من وهمٍ كان يرتديه على هيئة أمل.
ويكتشف أن أصعب أنواع الرحيل،
ذلك الذي لا تسبقه مواجهة،
ولا تلحقه دموع،
بل يمرّ كنسمةٍ خفيفة تهمس:
«لقد اكتفيت، وسأرحل بسلام».
وهنا، يصبح الرحيل شفاءً لا هزيمة.
يصبح بدايةً جديدة لا نهايةً باهتة.
❞ اسم الكتاب:
الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب:
هاني الميهى
الفصل الثالث:
اللعبة الصامتة بين الاثنين
الجزء الثاني
تأمّل معي، يا صديقي، كيف تتحوّل العلاقات إلى ميدان صامتٍ للصراع دون أن تُقال كلمة واحدة.
الهارب لا يعلن انسحابه، لكنه يترك فجواتٍ صغيرة في حضوره،
يختفي حينًا، ويعود حين يطمئن أن الشوق ما زال موجودًا.
والمطارد لا يعترف بالمطاردة،
لكنه يتتبّع أثر الخطوات، ويتشبّث بفتات الإشارات،
وكأنّ قلبه صار جهاز إنذارٍ يعمل على تردد الحنين.
اللعبة لا تحتاج إلى صوت،
فالقلوب المرهقة تتكلم بلغة لا تُسمع.
الهارب يتنفس خوفًا، والمطارد يتنفس رجاءً.
أحدهما يهرب من الغرق، والآخر يسبح في التيار ذاته،
لكن كلٌّ منهما يظن أنه وحده من يُعاني.
تبدأ المعادلة بالاختلال، حين يشعر الهارب أن المطارد يقترب أكثر مما يجب،
وحين يشعر المطارد أن الهارب يبتعد أكثر مما يحتمل.
هنا يتحوّل الصمت إلى ميدانٍ من الظنون،
كلّ رسالةٍ غير مكتوبة تُفسَّر،
وكلّ غيابٍ يُحمَّل ما لا يحتمل من المعاني.
أتعلم يا صديقي؟
إن الهروب ليس دائمًا فعلاً من الخوف،
وأحيانًا يكون شكلاً من أشكال الاحترام للآخر.
فالهارب، في قرارة نفسه، يخشى أن يدمّر ما يحبه،
فيبتعد ليحميه، لا ليعاقبه.
لكن المطارد لا يرى إلا الفراغ،
ذلك الفراغ الذي يملؤه بكل الاحتمالات السيئة،
حتى يُنهك نفسه بحثًا عن سببٍ لم يُقَل.
هكذا تستمر اللعبة — لا رابح، ولا نهاية.
فكلما اقترب أحدهما، ابتعد الآخر.
وكلما سكت أحدهما، تكلمت المسافات.
إنها لعبة اللا وضوح،
حيث لا أحد يملك الشجاعة ليقترب تمامًا،
ولا أحد يملك القسوة ليختفي نهائيًّا.
وتبقى المشاعر معلّقةً في منتصف الطريق،
كعصفورٍ لا يعرف هل يطير نحو الضوء أم يعود إلى العش القديم.
يا صديقي،
في تلك اللحظة التي تظن فيها أنك تمسك بالخيط،
ستكتشف أنه ليس خيطًا بل دخانًا،
وأن كل ما بنيته من توقعاتٍ كان قصرًا على الهواء.
لكن رغم الألم، تظل اللعبة مغرية.
ففي كل اقترابٍ جديد، هناك أملٌ بأن يفهم أحدهما الآخر أخيرًا،
وفي كل انسحابٍ، هناك وعدٌ كاذب بأن المسافة ستحمي القلوب من الانكسار.
❞ اسم الكتاب:
الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب:
هاني الميهى
الفصل الثالث:
اللعبة الصامتة بين الاثنين
الجزء الثاني
تأمّل معي، يا صديقي، كيف تتحوّل العلاقات إلى ميدان صامتٍ للصراع دون أن تُقال كلمة واحدة.
الهارب لا يعلن انسحابه، لكنه يترك فجواتٍ صغيرة في حضوره،
يختفي حينًا، ويعود حين يطمئن أن الشوق ما زال موجودًا.
والمطارد لا يعترف بالمطاردة،
لكنه يتتبّع أثر الخطوات، ويتشبّث بفتات الإشارات،
وكأنّ قلبه صار جهاز إنذارٍ يعمل على تردد الحنين.
اللعبة لا تحتاج إلى صوت،
فالقلوب المرهقة تتكلم بلغة لا تُسمع.
الهارب يتنفس خوفًا، والمطارد يتنفس رجاءً.
أحدهما يهرب من الغرق، والآخر يسبح في التيار ذاته،
لكن كلٌّ منهما يظن أنه وحده من يُعاني.
تبدأ المعادلة بالاختلال، حين يشعر الهارب أن المطارد يقترب أكثر مما يجب،
وحين يشعر المطارد أن الهارب يبتعد أكثر مما يحتمل.
هنا يتحوّل الصمت إلى ميدانٍ من الظنون،
كلّ رسالةٍ غير مكتوبة تُفسَّر،
وكلّ غيابٍ يُحمَّل ما لا يحتمل من المعاني.
أتعلم يا صديقي؟
إن الهروب ليس دائمًا فعلاً من الخوف،
وأحيانًا يكون شكلاً من أشكال الاحترام للآخر.
فالهارب، في قرارة نفسه، يخشى أن يدمّر ما يحبه،
فيبتعد ليحميه، لا ليعاقبه.
لكن المطارد لا يرى إلا الفراغ،
ذلك الفراغ الذي يملؤه بكل الاحتمالات السيئة،
حتى يُنهك نفسه بحثًا عن سببٍ لم يُقَل.
هكذا تستمر اللعبة — لا رابح، ولا نهاية.
فكلما اقترب أحدهما، ابتعد الآخر.
وكلما سكت أحدهما، تكلمت المسافات.
إنها لعبة اللا وضوح،
حيث لا أحد يملك الشجاعة ليقترب تمامًا،
ولا أحد يملك القسوة ليختفي نهائيًّا.
وتبقى المشاعر معلّقةً في منتصف الطريق،
كعصفورٍ لا يعرف هل يطير نحو الضوء أم يعود إلى العش القديم.
يا صديقي،
في تلك اللحظة التي تظن فيها أنك تمسك بالخيط،
ستكتشف أنه ليس خيطًا بل دخانًا،
وأن كل ما بنيته من توقعاتٍ كان قصرًا على الهواء.
لكن رغم الألم، تظل اللعبة مغرية.
ففي كل اقترابٍ جديد، هناك أملٌ بأن يفهم أحدهما الآخر أخيرًا،
وفي كل انسحابٍ، هناك وعدٌ كاذب بأن المسافة ستحمي القلوب من الانكسار.
❞ 📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل التاسع: صمت الهارب.. وضجيج المطارد
🔹 الجزء الأول
في كل علاقةٍ إنسانية،
هناك طرفٌ يلوذ بالصمت كأنه يملك مفاتيح النجاة،
وطرفٌ آخر يملأ الأرض ضجيجًا،
كأنه يحارب الفراغ ذاته.
لكنّ ما لا يفهمه الاثنان أنّ الصمت ليس ضعفًا،
والضجيج ليس شجاعة.
فالأول يحتمي خلف جدارٍ من الغموض،
والثاني يختبئ وراء كلماتٍ تفضحه أكثر مما تُبرّره.
صمت الهارب ليس خلوًّا من المشاعر،
بل هو امتلاءٌ بها إلى حدّ العجز عن التعبير.
كمن يحمل في صدره عاصفة،
لكنّه يخشى أن تدمّر كل شيء إن تحدّث.
فيختار أن يصمت،
ليُخفي وجعه عن الآخر، أو ربما عن نفسه.
إنه لا يهرب من الصوت،
بل من الحقيقة التي ستخرج لو نطق بها.
أما المطارد،
فصوته المرتفع ليس لأنّ لديه ما يقول،
بل لأنه لا يحتمل الفراغ الذي تركه الصمت خلفه.
يضرب الهواء بكلماته،
يكتب، يرسل، يبرّر، يحاول ألف مرة،
وكأنّ الضجيج سيعيد الراحل أو يطمئن الغائب.
لكنّ الحقيقة المؤلمة أن الضجيج لا يُحدث فرقًا،
بل يُغرق صاحبه في صدى نفسه.
يا قارئي،
تأمّل قليلًا:
أيهما أقسى؟
من يرحل بصمته تاركًا السؤال معلقًا؟
أم من يظلّ يصرخ حتى يختنق،
دون أن يسمعه أحد؟
كلاهما ضحية الخوف ذاته،
لكنّ أحدهما يخاف من المواجهة،
والآخر يخاف من النهاية.
🕊️ الهارب يصمت لأن الكلام اعتراف،
والمطارد يصرخ لأن الصمت موت.
❞ 📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل التاسع: صمت الهارب. وضجيج المطارد
🔹 الجزء الأول
في كل علاقةٍ إنسانية،
هناك طرفٌ يلوذ بالصمت كأنه يملك مفاتيح النجاة،
وطرفٌ آخر يملأ الأرض ضجيجًا،
كأنه يحارب الفراغ ذاته.
لكنّ ما لا يفهمه الاثنان أنّ الصمت ليس ضعفًا،
والضجيج ليس شجاعة.
فالأول يحتمي خلف جدارٍ من الغموض،
والثاني يختبئ وراء كلماتٍ تفضحه أكثر مما تُبرّره.
صمت الهارب ليس خلوًّا من المشاعر،
بل هو امتلاءٌ بها إلى حدّ العجز عن التعبير.
كمن يحمل في صدره عاصفة،
لكنّه يخشى أن تدمّر كل شيء إن تحدّث.
فيختار أن يصمت،
ليُخفي وجعه عن الآخر، أو ربما عن نفسه.
إنه لا يهرب من الصوت،
بل من الحقيقة التي ستخرج لو نطق بها.
أما المطارد،
فصوته المرتفع ليس لأنّ لديه ما يقول،
بل لأنه لا يحتمل الفراغ الذي تركه الصمت خلفه.
يضرب الهواء بكلماته،
يكتب، يرسل، يبرّر، يحاول ألف مرة،
وكأنّ الضجيج سيعيد الراحل أو يطمئن الغائب.
لكنّ الحقيقة المؤلمة أن الضجيج لا يُحدث فرقًا،
بل يُغرق صاحبه في صدى نفسه.
يا قارئي،
تأمّل قليلًا:
أيهما أقسى؟
من يرحل بصمته تاركًا السؤال معلقًا؟
أم من يظلّ يصرخ حتى يختنق،
دون أن يسمعه أحد؟
كلاهما ضحية الخوف ذاته،
لكنّ أحدهما يخاف من المواجهة،
والآخر يخاف من النهاية.
🕊️ الهارب يصمت لأن الكلام اعتراف،
والمطارد يصرخ لأن الصمت موت.
❞ 📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد
– فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل الرابع عشر: دروس الهروب الأولى
🔹 الجزء الثالث
في دروس الهروب الأولى، تتعلم أن قلبك ليس ساحة تجارب لأحد،
وأن من لا يعرف قيمتك اليوم، لن يكتشفها بعد فوات الأوان.
الهروب ليس أن تبتعد بجسدك فقط،
بل أن تُطفئ صوت الانتظار داخلك،
أن تكفّ عن مراجعة الرسائل القديمة،
أن تتوقف عن المقارنة بين \"ما كان\" و\"ما يجب أن يكون\"،
وأن تدرك أن السلام الذي فقدته في العلاقة
لن تجده في البقاء القسريّ داخلها.
الدرس الأصعب أن تُدرك أن البعض لا يعودون،
ليس لأنهم قساة، بل لأنهم لم يفهموا عمق حضورك.
لقد أعطيتهم ما لا يُشترى، فظنّوه متاحًا دائمًا.
الهارب الحقيقيّ لا يهرب من الحبّ،
بل من اختلال الموازين، من وجعٍ يُعاد كل يوم،
من علاقةٍ تُرهق روحه أكثر مما تُنضجها.
في البداية، ستظنّ أنك فقدت شيئًا عظيمًا،
لكنك مع الوقت تدرك أنك فقدت فقط وهمًا جميلًا.
الوهم الذي ظننت أنه حبّ،
والذي اكتشفت لاحقًا أنه احتياجٌ متنكّر في ثوب الحنين.
إنها لحظة الوعي الكبرى حين تنظر إلى الوراء
وترى أنك كنت تطارد خيالًا لا ملامح له.
وهنا، تتوقف، وتبتسم بمرارةٍ نبيلة،
ثم تتابع السير في طريقك،
لأنك فهمت أن الهروب لم يكن نهاية،
بل بداية ميلاد جديد.
الهروب الأوّل هو البوابة إلى نفسك.
تتعلم أن تكون كفايةً لنفسك،
أن تملأ فراغاتك بوجودك لا بوجود الآخرين،
أن تقف في منتصف الليل وتقول:
“لقد عدت إلى نفسي، بعد طول غياب.”
ومن هناك، يبدأ السلام الحقيقي.
❞ 📘 اسم الكتاب: الهارب والمطارد
– فلسفة التعلّق والانسحاب
✍️ اسم الكاتب: هانى الميهى
الفصل الرابع عشر: دروس الهروب الأولى
🔹 الجزء الثالث
في دروس الهروب الأولى، تتعلم أن قلبك ليس ساحة تجارب لأحد،
وأن من لا يعرف قيمتك اليوم، لن يكتشفها بعد فوات الأوان.
الهروب ليس أن تبتعد بجسدك فقط،
بل أن تُطفئ صوت الانتظار داخلك،
أن تكفّ عن مراجعة الرسائل القديمة،
أن تتوقف عن المقارنة بين ˝ما كان˝ و˝ما يجب أن يكون˝،
وأن تدرك أن السلام الذي فقدته في العلاقة
لن تجده في البقاء القسريّ داخلها.
الدرس الأصعب أن تُدرك أن البعض لا يعودون،
ليس لأنهم قساة، بل لأنهم لم يفهموا عمق حضورك.
لقد أعطيتهم ما لا يُشترى، فظنّوه متاحًا دائمًا.
الهارب الحقيقيّ لا يهرب من الحبّ،
بل من اختلال الموازين، من وجعٍ يُعاد كل يوم،
من علاقةٍ تُرهق روحه أكثر مما تُنضجها.
في البداية، ستظنّ أنك فقدت شيئًا عظيمًا،
لكنك مع الوقت تدرك أنك فقدت فقط وهمًا جميلًا.
الوهم الذي ظننت أنه حبّ،
والذي اكتشفت لاحقًا أنه احتياجٌ متنكّر في ثوب الحنين.
إنها لحظة الوعي الكبرى حين تنظر إلى الوراء
وترى أنك كنت تطارد خيالًا لا ملامح له.
وهنا، تتوقف، وتبتسم بمرارةٍ نبيلة،
ثم تتابع السير في طريقك،
لأنك فهمت أن الهروب لم يكن نهاية،
بل بداية ميلاد جديد.
الهروب الأوّل هو البوابة إلى نفسك.
تتعلم أن تكون كفايةً لنفسك،
أن تملأ فراغاتك بوجودك لا بوجود الآخرين،
أن تقف في منتصف الليل وتقول:
“لقد عدت إلى نفسي، بعد طول غياب.”
ومن هناك، يبدأ السلام الحقيقي.