█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ إنّ الإنسان جسم وروح، وهو قلب وعقل وعواطف وجوارح، لا يسعد ولا يفلح ولا يرقى رقياً مُتَّزِناً عادلاً حتى تنمو فيه هذه القُوى كلها نمواً متناسباً لائقاً بها، ويتغذى غذاء صالحاً، ولا يمكن أن توجد المدنية الصالحة البتة إلا إذاساد وسط ديني خلقي عقلي جسدي يمكن فيه للإنسان بسهولة أن يبلغ كماله الإنساني، وقد أثبتت التجربة أنه لا يكون ذلك إلا إذا كانت قيادة الحياة وإدارة دفة المدنية بيد الذين يؤمنون بالروح والمادة، ويكونون أمثلة كاملة في الحياة الدينية والخلقية، وأصحاب عقول سليمة راجحة، وعلوم صحيحة نافعة؛ فإذا كان فيهم نقص في عقيدتهم أو في تربيتهم عاد ذلك النقص في مدنيتهم، وتضخم وظهر في مظاهر كثيرة، وفي أشكال متنوعة.
فإذا تغلبت جماعة لا تعبد إلا المادة وما إليها من لذة ومنفعة محسوسة، ولا تؤمن إلا بهذه الحياة، ولا تؤمن بما وراء الحس أثَّرت طبيعتها ومبادئها وميولها في وضع المدنية وشكلها، وطبعتها بطابعها، وصاغتها في قالبها، فكملت نواحٍ للإنسانية واختلت نواحٍ أُخرى أهم منها. عاشت هذه المدنية وازدهرت في الجصِّ والآجر، وفي الورق والقماش، وفي الحديد والرصاص، وأخصبت في ميادين الحروب وساحات القتال، وأوساط المحاكم ومجالس اللهو ومجامع الفجور، وماتت وأجدبت في القلوب والأرواح وفي علاقة المراة بزوجها، والولد بوالده والوالد بولده، والأخ بأخيه والرجل بصديقه، وأصبحت المدنية كجسم ضخم متورِّم يملأ العين مهابةً ورواءً، ويشكو في قلبه آلاماً وأوجاعاً، وفي صحته انحرافاً واضطراباً.
وإذا تغلبت جماعة تجحد المادة أو تهمل ناحيتها ولا تهتم إلا بالروح وما وراء الحس والطبيعة، وتعادي هذه الحياة وتعاندها، ذبلت زهرة المدنية، وهزلت القوى الإنسانية، وبدأ الناس -بتأثير هذه القيادة- يُؤْثِرُوْن الفرار إلى الصحاري والخلوات على المدن، والعزوبة على الحياة الزوجية، ويعذبون الأجسام حتى يضعف سلطانها فتتطهر الروح ويؤثرون الموت على الحياة، لينتقلوا من مملكة المادة إلى إقليم الروح ويستوفوا كَمَالَهُم هنالك؛ لأن الكمال في عقيدتهم لا يحصل في العالم المادي، ونتيجة ذلك أن تحتضر الحضارة وتخرب المدن ويختل نظام الحياة.
ولما كان هذا مضاداً للفطرة لا تلبث أن تثور عليه، وتنتقم منه بمادية حيوانية ليس فيها تسامح لروحانية وأخلاق، وهكذا تنتكس الإنسانية وتخلفها البهيمية والسبعية الإنسانية الممسوخة، أو تهجم على هذه الجماعة الراههبة جماعة مادية قوية فتعجز عن المقاومة لضعفها الطبيعي، وتستسلم وتخضع لها، أو تسبق هي-بما يعتريها من الصعوبات في معالجة أمور الدنيا- فتمد يد الاستعانة إلى المادية ورجالها وتسند إليهم أمور السياسة وتكتفي هي بالعبادات والتقاليد الدينية، ويحدث فصل بين الدين والسياسة فتضمحل الروحانية والأخلاق ويتقلص ظلها وتفقد سلطانها على المجتمع البشري والحياة العملية حتى تصير شبحاً وخيالاً أو نظرية علمية لا تأثير لها في الحياة، وتؤول الحياة مادية محضة.
وقلما خلت جماعة من الجماعات التي تولت قيادة بني جنسها من هذا النقص لذلك لم تزل المدنية متأرجحة بين مادية بهيميّة وروحانية ورهبانية، ولم تزل في اضطراب . ❝
❞ “كل ماتقوله لك أنانيتك شر، لأنها تجعلك في عزلة عن الآخرين، وتحرم روحك غذائها الطبيعي، باتصالها بالحياة في جميع مجالاتها.. أنانيتك تفقرك وتجذب روحك.” . ❝
❞ رواية قطنا (رواية تاريخية من عصر إخناتون) – ماريا كورانتكانت تدور احداث الرواية في العصور الفرعونية، حيث كانت هناك مملكة قطنا، الممتدة على أراضي سوريا الطبيعية في الألف الثاني قبل الميلاد، دولة مزدهرة حضارياً وأحد أهم المراكز التجارية في العالم القديم، فباتت بالتالي بؤره أطماع الحضارات المجاوره في الأناضول وما بين النهرين ووادي النيل. تتحالف المملكة مع القوه الفرعونيه العظمي في ذلك الوقت، وترسل أميرتها كيا زوجة ثانية لوريث عرش مصر إخناتون أول الموحدين، والذي سيبلبل عقل كيا ويغرس فيه بذور الشك في الآلهة التي تعبدها، فتدخل في دوامة من الأسئلة الكبيرة، وفي دوامة أخرى من الدسائس الداخلية التي تحكيها نفرتيتي، الزوجة الأولى للفرعون، لتحافظ على مكانتها. ومن خلال قصة أميرة قطنا كيا والنبؤة الغامضة التي تراها، تضيىء الكاتبة علي أحداث ذاك العصر المضطرب، المشحون بالدسائس الداخلية والخارجية والحروب القتصادية التوسعية . ❝
❞ أما أنتم أيها الكارهون للدين: فثمَّ عفنٌ فكريٌ راكدٌ عميقٌ متجذرٌ لدى بعضكم؛ لدرجة أن فهم الدين حق الفهم أصبح أمراً مستعصياً و غير قابل للتحقق ، بالرغم من سريان النفحة الدينية و تجذرها في مظاهر الوجود الطبيعي!
إني لا أفهم هذا الإصرار الوقح على إنكار الدين و موقعه؛ و هو إصرار في أكثر أحواله مبنيٌّ على الجهل بموقع الدين من الحياة!
لمصلحة من تستمرئون هذا التعتيم الأعمى على حقيقة الدين ودوره في صوغ الحاضر؛ و صقل المستقبل ؟! . ❝