❞ -ورقة في درجي كتبتھا في السابعة من عمري أودع فیھا العالم لأنني قررت الانتحار !!... أصابني الھلع: ترى ھل انتحرت فعلاً بعد ما كتبت الورقة ؟.. ربما .. أشعر أحیانًا بأنني جثة نخرة ... ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞
- ورقة في درجي كتبتھا في السابعة من عمري أودع فیھا العالم لأنني قررت الانتحار !!.. أصابني الھلع: ترى ھل انتحرت فعلاً بعد ما كتبت الورقة ؟. ربما . أشعر أحیانًا بأنني جثة نخرة
❞ إنها السابعة مساءًا عزيزي.....
إشتقت إليكَ كثيرًا لم أكُن أرغب في القولِ ولكن ليس باليدي حيلةً، لم تعُد تسعني الأسطُر، ليتكَ تعلم ما حَل بي بهذه الليلة.
#إيمان_الزوام.. ❝ ⏤Iman ELzwam
❞ إنها السابعة مساءًا عزيزي...
إشتقت إليكَ كثيرًا لم أكُن أرغب في القولِ ولكن ليس باليدي حيلةً، لم تعُد تسعني الأسطُر، ليتكَ تعلم ما حَل بي بهذه الليلة.
#إيمان_الزوام. ❝
❞ الفاروق عمر
أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، المُلقب بالفاروق، هو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار أصحاب الرسول محمد، وأحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي ومن أكثرهم تأثيرًا ونفوذًا. هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم. تولّى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق في 23 أغسطس سنة 634م، الموافق للثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 13 هـ. كان ابن الخطّاب قاضيًا خبيرًا وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق، لتفريقه بين الحق والباطل.
هو مؤسس التقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثيّ أراضي الامبراطورية البيزنطية. تجلّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة، فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها.
لقبه "الفاروق" وكنيته "أبو حفص"، أما كنيته، فقد قيل أن الرسول محمد كنّاه بذلك يوم بدر ويرجع سبب إطلاق المسلمين السنّة لقب "الفاروق" على عمر ابن الخطاب، لأنه حسب الروايات أنه أظهر الإسلام في مكة وفرّق بين الحق والباطل. وكان الناس يهابونه، فعندما آمن وجاء إلى الرسول في دار الأرقم بن أبي الارقم قال له: «ألسنا على حق؟» قال: «بلى» قال: «والذي بعثك بالحق لنخرجن». وخرج المسلمون في صفين صف يتقدمه حمزة بن عبد المطلب وصف يتقدمه عمر فيعتبرون أن فرق الله به بين الكفر والإيمان. وقيل أول من سماه بذلك النبي محمد. فقد روى ابن عساكر في تاريخ دمشق وأبو نعيم في حلية الأولياء عن ابن عباس أنه قال:
«سألت عمر رضي الله عنه "لأي شيء سميت الفاروق؟" قال: "أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام، ثم شرح الله صدري للإسلام"، فقلت: "الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى، فما في الأرض نسمة أحب إلي من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قلت: "أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟" قالت أختي: "هو في دار الأرقم بن الأرقم عند الصفا"، فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوس في الدار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، فضربت الباب فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: "مالكم؟" قالوا: "عمر"، قال: "فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابه ثم نثره فما تمالك أن وقع على ركبته"، فقال: "ما أنت بمنته يا عمر؟" قال: "فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله". قال: "فكبّر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد"، قال: "فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟" قال: "بلى، والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم"، قال: "فقلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن"، فاخرجناه في صفين حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد، قال: "فنظرت إلى قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها فسماني رسول اللهصلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق. وفرق الله بين الحق والباطل."»
وروى الطبري في تاريخه، وابن أبي شيبة في تاريخ المدينة وابن سعد وابن الأثير في أسد الغابة في معرفة الصحابة عن أبي عمرو ذكوان قال:« "قلت لعائشة: "من سمى عمر الفاروق؟" قالت: النبي صلى الله عليه وسلم".» وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق والمتقي الهندي في كنز العمال عن النزال بن سبرة قال: «وافقنا من علي يومًا أطيب نفسًا ومزاجًا فقلنا يا أمير المؤمنين حدثنا عن عمر بن الخطاب قال: "ذاك امرؤ سماه الله الفاروق فرق به بين الحق والباطل".» وقيل سماه به أهل الكتاب. قال ابن سعد في الطبقات الكبرى: « قال ابن شهاب: "بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق، وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أن رسول الله ذكر من ذلك شيئاً ولم يبلغنا"» وقيل سماه به جبريل عليه السلام، رواه البغوي.
أمير المؤمنين
على خلاف مع الشيعة، يرى أهل السنة أن عمر بن الخطاب أول من سُمي بأمير المؤمنين، فبعد وفاة النبي محمد خلفه أبو بكر والذي كان يُلقب بخليفة رسول الله كما يروي ذلك أهل السنة. فلما توفي أبو بكر أوصى للخلافة بعده لعمر بن الخطاب، فقيل لعمر "خليفة خليفة رسول الله". فاعترض عمر على ذلك قائلاً: «فمن جاء بعد عمر قيل له خليفة خليفة خليفة رسول الله فيطول هذا ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة يدعى به من بعده الخلفاء» فقال بعض أصحاب الرسول: «نحن المؤمنون وعمر أميرنا». فدُعي عمر أمير المؤمنين.
وروى البخاري في الأدب المفرد والحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير وغيرهم: أن عمر بن عبد العزيز سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة : لم كان أبو بكر يكتب: من أبي بكر خليفة رسول الله، ثم كان عمر يكتب بعده: من عمر بن الخطاب خليفة أبي بكر، من أول من كتب: أمير المؤمنين؟ فقال: «حدثتني جدتي الشفاء، وكانت من المهاجرات الأول، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا هو دخل السوق دخل عليها، قالت: "كتب عمر بن الخطاب إلى عامل العراقين: أن ابعث إلي برجلين جلدين نبيلين، أسألهما عن العراق وأهله، فبعث إليه صاحب العراقين بلبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم، فقدما المدينة فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد فوجدا عمرو بن العاص، فقالا له: يا عمرو، استأذن لنا على أمير المؤمنين عمر، فوثب عمرو فدخل على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له عمر: ما بدا لك في هذا الاسم يا ابن العاص؟ لتخرجن مما قلت، قال: نعم، قدم لبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم، فقالا لي: استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقلت: أنتما والله أصبتما اسمه، وإنه الأمير، ونحن المؤمنون"». فجرى الكتاب من ذلك اليوم. وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام": قال الزهري: "أول من حيا عمر بأمير المؤمنين المغيرة بن شعبة".
في حين يرى الشيعة على أن علي بن أبي طالب هو أول من لقب بأمير المؤمنين. ويُروى كذلك أن عبد الله بن جحش الأسدي هو أول من سُمي بأمير المؤمنين في السرية التي بعثه فيها النبي محمد إلى نخلة حسب الأحاديث الصحيحة الواردة في كتب السنة
زوجاته وذريته
تزوج وطلق ما مجموعه سبع نساء في الجاهلية والإسلام وله ثلاثة عشر ولدًا، أما نسائه فهن:
قبل الإسلام
قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة بن مخزوم المخزومية القرشية، أخت أم سلمة، بقيت قريبة على شركها، وقد تزوجها عمر في الجاهلية، فلما أسلم عمر بقيت هي على شركها زوجة له، حتى نزلت الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، وذلك بعد صلح الحديبية فطلّقها ثم تزوجها معاوية بن أبي سفيان وكان مشركاً، ثم طلقها. ولم يرد أنها ولدت لعمر.
أم كلثوم مليكة بنت جرول الخزاعية: تزوجها في الجاهلية ولدت له زيدًا، وعبيد الله، ثم طلقها بعد صلح الحديبية بعد نزول الآية: ﴿ولا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾، فتزوجها أبو جهم بن حذيفة وهو من قومها وكان مثلها مشركًا.
زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحية القرشية: أخت عثمان بن مظعون، تزوجها بالجاهلية في مكة، ثم أسلما وهاجرا معًا إلى المدينة المنورة ومعهما ابنهما عبد الله بن عمر. وولدت له حفصة وعبد الرحمن وعبد الله.
بعد الإسلام
جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأوسية الأنصارية: وهي أخت عاصم بن ثابت كان اسمها عاصية فسماها النبي محمد جميلة، تزوجها في السنة السابعة من الهجرة ولدت له ولدًا واحدًا في العهد النبوي هو عاصم ثم طلقها عمر. فتزوجت بعده زيد بن حارثة فولد له عبد الرحمن بن زيد فهو أخو عاصم بن عمر.
عاتكة بنت زيد وهي ابنة زيد بن عمرو بن نفيل بن عدي العدوية القرشية. وأخت سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة، زوجة عبد الله بن أبي بكر من قبله، ولدت له ولدًا واحدًا هو عياض بن عمر. تزوجت من الزبير بن العوام بعد وفاة عمر.
أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن مخزوم المخزومية القرشية: كانت تحت عكرمة بن أبي جهل، فقتل عنها في معركة اليرموك، فخلف عليها خالد بن سعيد بن العاص، فقتل عنها يوم مرج الصفر، فتزوجها عمر بن الخطاب، فولدت له فاطمة بنت عمر.
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب الهاشمية القرشية:(1). تزوجها وهي صغيرة السن، وذلك في السنة السابعة عشرة للهجرة، وبقيت عنده إلى أن قتل، وهي آخر أزواجه، ونقل الزهري وغيره: أنها ولدت لعمر زيد، ورقية.. ❝ ⏤محمد حسين هيكل
❞ الفاروق عمر
أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، المُلقب بالفاروق، هو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار أصحاب الرسول محمد، وأحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي ومن أكثرهم تأثيرًا ونفوذًا. هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم. تولّى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق في 23 أغسطس سنة 634م، الموافق للثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 13 هـ. كان ابن الخطّاب قاضيًا خبيرًا وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق، لتفريقه بين الحق والباطل.
هو مؤسس التقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثيّ أراضي الامبراطورية البيزنطية. تجلّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة، فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها.
لقبه ˝الفاروق˝ وكنيته ˝أبو حفص˝، أما كنيته، فقد قيل أن الرسول محمد كنّاه بذلك يوم بدر ويرجع سبب إطلاق المسلمين السنّة لقب ˝الفاروق˝ على عمر ابن الخطاب، لأنه حسب الروايات أنه أظهر الإسلام في مكة وفرّق بين الحق والباطل. وكان الناس يهابونه، فعندما آمن وجاء إلى الرسول في دار الأرقم بن أبي الارقم قال له: «ألسنا على حق؟» قال: «بلى» قال: «والذي بعثك بالحق لنخرجن». وخرج المسلمون في صفين صف يتقدمه حمزة بن عبد المطلب وصف يتقدمه عمر فيعتبرون أن فرق الله به بين الكفر والإيمان. وقيل أول من سماه بذلك النبي محمد. فقد روى ابن عساكر في تاريخ دمشق وأبو نعيم في حلية الأولياء عن ابن عباس أنه قال:
«سألت عمر رضي الله عنه ˝لأي شيء سميت الفاروق؟˝ قال: ˝أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام، ثم شرح الله صدري للإسلام˝، فقلت: ˝الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى، فما في الأرض نسمة أحب إلي من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم˝، قلت: ˝أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟˝ قالت أختي: ˝هو في دار الأرقم بن الأرقم عند الصفا˝، فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوس في الدار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، فضربت الباب فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ˝مالكم؟˝ قالوا: ˝عمر˝، قال: ˝فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابه ثم نثره فما تمالك أن وقع على ركبته˝، فقال: ˝ما أنت بمنته يا عمر؟˝ قال: ˝فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله˝. قال: ˝فكبّر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد˝، قال: ˝فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟˝ قال: ˝بلى، والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم˝، قال: ˝فقلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن˝، فاخرجناه في صفين حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد، قال: ˝فنظرت إلى قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها فسماني رسول اللهصلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق. وفرق الله بين الحق والباطل.˝» وروى الطبري في تاريخه، وابن أبي شيبة في تاريخ المدينة وابن سعد وابن الأثير في أسد الغابة في معرفة الصحابة عن أبي عمرو ذكوان قال:« ˝قلت لعائشة: ˝من سمى عمر الفاروق؟˝ قالت: النبي صلى الله عليه وسلم˝.» وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق والمتقي الهندي في كنز العمال عن النزال بن سبرة قال: «وافقنا من علي يومًا أطيب نفسًا ومزاجًا فقلنا يا أمير المؤمنين حدثنا عن عمر بن الخطاب قال: ˝ذاك امرؤ سماه الله الفاروق فرق به بين الحق والباطل˝.» وقيل سماه به أهل الكتاب. قال ابن سعد في الطبقات الكبرى: « قال ابن شهاب: ˝بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق، وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أن رسول الله ذكر من ذلك شيئاً ولم يبلغنا˝» وقيل سماه به جبريل عليه السلام، رواه البغوي.
أمير المؤمنين
على خلاف مع الشيعة، يرى أهل السنة أن عمر بن الخطاب أول من سُمي بأمير المؤمنين، فبعد وفاة النبي محمد خلفه أبو بكر والذي كان يُلقب بخليفة رسول الله كما يروي ذلك أهل السنة. فلما توفي أبو بكر أوصى للخلافة بعده لعمر بن الخطاب، فقيل لعمر ˝خليفة خليفة رسول الله˝. فاعترض عمر على ذلك قائلاً: «فمن جاء بعد عمر قيل له خليفة خليفة خليفة رسول الله فيطول هذا ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة يدعى به من بعده الخلفاء» فقال بعض أصحاب الرسول: «نحن المؤمنون وعمر أميرنا». فدُعي عمر أمير المؤمنين.
وروى البخاري في الأدب المفرد والحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير وغيرهم: أن عمر بن عبد العزيز سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة : لم كان أبو بكر يكتب: من أبي بكر خليفة رسول الله، ثم كان عمر يكتب بعده: من عمر بن الخطاب خليفة أبي بكر، من أول من كتب: أمير المؤمنين؟ فقال: «حدثتني جدتي الشفاء، وكانت من المهاجرات الأول، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا هو دخل السوق دخل عليها، قالت: ˝كتب عمر بن الخطاب إلى عامل العراقين: أن ابعث إلي برجلين جلدين نبيلين، أسألهما عن العراق وأهله، فبعث إليه صاحب العراقين بلبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم، فقدما المدينة فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد فوجدا عمرو بن العاص، فقالا له: يا عمرو، استأذن لنا على أمير المؤمنين عمر، فوثب عمرو فدخل على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له عمر: ما بدا لك في هذا الاسم يا ابن العاص؟ لتخرجن مما قلت، قال: نعم، قدم لبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم، فقالا لي: استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقلت: أنتما والله أصبتما اسمه، وإنه الأمير، ونحن المؤمنون˝». فجرى الكتاب من ذلك اليوم. وقال الذهبي في ˝تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام˝: قال الزهري: ˝أول من حيا عمر بأمير المؤمنين المغيرة بن شعبة˝.
في حين يرى الشيعة على أن علي بن أبي طالب هو أول من لقب بأمير المؤمنين. ويُروى كذلك أن عبد الله بن جحش الأسدي هو أول من سُمي بأمير المؤمنين في السرية التي بعثه فيها النبي محمد إلى نخلة حسب الأحاديث الصحيحة الواردة في كتب السنة
زوجاته وذريته
تزوج وطلق ما مجموعه سبع نساء في الجاهلية والإسلام وله ثلاثة عشر ولدًا، أما نسائه فهن:
قبل الإسلام
قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة بن مخزوم المخزومية القرشية، أخت أم سلمة، بقيت قريبة على شركها، وقد تزوجها عمر في الجاهلية، فلما أسلم عمر بقيت هي على شركها زوجة له، حتى نزلت الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، وذلك بعد صلح الحديبية فطلّقها ثم تزوجها معاوية بن أبي سفيان وكان مشركاً، ثم طلقها. ولم يرد أنها ولدت لعمر.
أم كلثوم مليكة بنت جرول الخزاعية: تزوجها في الجاهلية ولدت له زيدًا، وعبيد الله، ثم طلقها بعد صلح الحديبية بعد نزول الآية: ﴿ولا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾، فتزوجها أبو جهم بن حذيفة وهو من قومها وكان مثلها مشركًا.
زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحية القرشية: أخت عثمان بن مظعون، تزوجها بالجاهلية في مكة، ثم أسلما وهاجرا معًا إلى المدينة المنورة ومعهما ابنهما عبد الله بن عمر. وولدت له حفصة وعبد الرحمن وعبد الله.
بعد الإسلام
جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأوسية الأنصارية: وهي أخت عاصم بن ثابت كان اسمها عاصية فسماها النبي محمد جميلة، تزوجها في السنة السابعة من الهجرة ولدت له ولدًا واحدًا في العهد النبوي هو عاصم ثم طلقها عمر. فتزوجت بعده زيد بن حارثة فولد له عبد الرحمن بن زيد فهو أخو عاصم بن عمر.
عاتكة بنت زيد وهي ابنة زيد بن عمرو بن نفيل بن عدي العدوية القرشية. وأخت سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة، زوجة عبد الله بن أبي بكر من قبله، ولدت له ولدًا واحدًا هو عياض بن عمر. تزوجت من الزبير بن العوام بعد وفاة عمر.
أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن مخزوم المخزومية القرشية: كانت تحت عكرمة بن أبي جهل، فقتل عنها في معركة اليرموك، فخلف عليها خالد بن سعيد بن العاص، فقتل عنها يوم مرج الصفر، فتزوجها عمر بن الخطاب، فولدت له فاطمة بنت عمر.
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب الهاشمية القرشية:(1). تزوجها وهي صغيرة السن، وذلك في السنة السابعة عشرة للهجرة، وبقيت عنده إلى أن قتل، وهي آخر أزواجه، ونقل الزهري وغيره: أنها ولدت لعمر زيد، ورقية. ❝
❞ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5)
قوله تعالى : قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين فيه إحدى عشرة مسألة : الأولى : فيكيدوا لك كيدا أي يحتالوا في هلاكك ; لأن تأويلها ظاهر ; فربما يحملهم الشيطان على قصدك بسوء حينئذ . واللام في لك تأكيد . كقوله : إن كنتم للرؤيا تعبرون .
الثانية : الرؤيا حالة شريفة ، ومنزلة رفيعة ، قال - صلى الله عليه وسلم - : لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة الصادقة يراها الرجل الصالح أو ترى له . وقال : أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا . وحكم - صلى الله عليه وسلم - بأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، وروي من سبعين جزءا من النبوة . وروي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - جزءا من أربعين جزءا من النبوة . ومن حديث ابن عمر جزء من تسعة وأربعين جزءا . ومن حديث العباس جزء من خمسين جزءا من النبوة . ومن حديث أنس من ستة وعشرين . وعن عبادة بن الصامت من أربعة وأربعين من النبوة . والصحيح منها حديث الستة والأربعين ، ويتلوه في الصحة حديث السبعين ; ولم يخرج مسلم في صحيحه غير هذين الحديثين ، أما سائرها فمن أحاديث الشيوخ ; قاله ابن بطال . قال أبو عبد الله المازري : والأكثر والأصح عند أهل الحديث من ستة وأربعين . قال الطبري : والصواب أن يقال إن عامة هذه الأحاديث أو أكثرها صحاح ، ولكل حديث منها مخرج معقول ; فأما قوله : إنها جزء من سبعين جزءا من النبوة فإن ذلك قول عام في كل رؤيا صالحة صادقة ، ولكل مسلم رآها في منامه على أي أحواله كان ; وأما قوله : إنها من أربعين أو ستة وأربعين فإنه يريد بذلك من كان صاحبها بالحال التي ذكرت عن الصديق - رضي الله عنه - أنه كان بها ; فمن كان من أهل إسباغ الوضوء في السبرات ، والصبر في الله على المكروهات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فرؤياه الصالحة - إن شاء الله - جزء من أربعين جزءا من النبوة ، ومن كانت حاله في ذاته بين ذلك فرؤياه الصادقة بين جزأين ما بين الأربعين إلى الستين لا تنقص عن سبعين ، وتزيد على الأربعين وإلى هذا المعنى أشار أبو عمر بن عبد البر فقال : اختلاف الآثار في هذا الباب في عدد أجزاء الرؤيا ليس ذلك عندي اختلافا متضادا متدافعا - والله أعلم - لأنه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة من بعض من يراها على حسب ما يكون من صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والدين المتين ، وحسن اليقين ; فعلى قدر اختلاف الناس فيما وصفنا تكون الرؤيا منهم على الأجزاء المختلفة العدد فمن خلصت نيته في عبادة ربه ويقينه وصدق حديثه كانت رؤياه أصدق وإلى النبوة أقرب كما أن الأنبياء يتفاضلون ، قال الله تعالى : ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض .
قلت : فهذا التأويل يجمع شتات الأحاديث ، وهو أولى من تفسير بعضها دون بعض وطرحه ; ذكره أبو سعيد الأسفاقسي عن بعض أهل العلم قال : معنى قوله : جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، فإن الله تعالى أوحى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - في النبوة ثلاثة وعشرين عاما - فيما رواه عكرمة وعمرو بن دينار عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فإذا نسبنا ستة أشهر من ثلاثة وعشرين عاما وجدنا ذلك جزءا من ستة وأربعين جزءا ; وإلى هذا القول أشار المازري في كتابه " المعلم " واختاره القونوي في تفسيره من سورة [ يونس ] عند قوله تعالى : لهم البشرى في الحياة الدنيا . وهو فاسد من وجهين : أحدهما : ما رواه أبو سلمة عن ابن عباس وعائشة بأن مدة الوحي كانت عشرين سنة ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث على رأس أربعين ، فأقام بمكة عشر سنين ; وهو قول عروة والشعبي وابن شهاب والحسن وعطاء الخراساني وسعيد بن المسيب على اختلاف عنه ، وهي رواية ربيعة وأبي غالب عن أنس ، وإذا ثبت هذا الحديث بطل ذلك التأويل - الثاني : أن سائر الأحاديث في الأجزاء المختلفة تبقى بغير معنى .
الثالثة : إنما كانت الرؤيا جزءا من النبوة ; لأن فيها ما يعجز ويمتنع كالطيران ، وقلب الأعيان ، والاطلاع على شيء من علم الغيب ; كما قال - عليه السلام - : إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصادقة في النوم . . . الحديث . وعلى الجملة فإن الرؤيا الصادقة من الله ، وإنها من النبوة ; قال - صلى الله عليه وسلم - : الرؤيا من الله والحلم من الشيطان وأن التصديق بها حق ، ولها التأويل الحسن ، وربما أغنى بعضها عن التأويل ، وفيها من بديع الله ولطفه ما يزيد المؤمن في إيمانه ; ولا خلاف في هذا بين أهل الدين والحق من أهل الرأي والأثر ، ولا ينكر الرؤيا إلا أهل الإلحاد وشرذمة من المعتزلة .
الرابعة : إن قيل : إذا كانت الرؤيا الصادقة جزءا من النبوة فكيف يكون الكافر والكاذب والمخلط أهلا لها ؟ وقد وقعت من بعض الكفار وغيرهم ممن لا يرضى دينه منامات صحيحة صادقة ; كمنام رؤيا الملك الذي رأى سبع بقرات ، ومنام الفتيين في السجن ; ورؤيا بختنصر التي فسرها دانيال في ذهاب ملكه ، ورؤيا كسرى في ظهور النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنام عاتكة عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمره وهي كافرة ، وقد ترجم البخاري " باب رؤيا أهل السجن " : فالجواب أن الكافر والفاجر والفاسق والكاذب وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات لا تكون من الوحي ولا من النبوة ; إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب يكون خبره ذلك نبوة ; وقد تقدم في [ الأنعام ] أن الكاهن وغيره قد يخبر بكلمة الحق فيصدق ، لكن ذلك على الندور والقلة ، فكذلك رؤيا هؤلاء ; قال المهلب : إنما ترجم البخاري بهذا لجواز أن تكون رؤيا أهل الشرك رؤيا صادقة ، كما كانت رؤيا الفتيين صادقة ، إلا أنه لا يجوز أن تضاف إلى النبوة إضافة رؤيا المؤمن إليها ، إذ ليس كل ما يصح له تأويل من الرؤيا حقيقة يكون جزءا من النبوة .
الخامسة : الرؤيا المضافة إلى الله تعالى هي التي خلصت من الأضغاث والأوهام ، وكان تأويلها موافقا لما في اللوح المحفوظ ، والتي هي من خبر الأضغاث هي الحلم ، وهي المضافة إلى الشيطان ، وإنما سميت ضغثا ; لأن فيها أشياء متضادة ; قال معناه المهلب . وقد قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا أقساما تغني عن قول كل قائل ; روى عوف بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الرؤيا ثلاثة منها أهاويل الشيطان ليحزن ابن آدم ، ومنها ما يهتم به في يقظته فيراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة . قال : قلت : سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ! سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
السادسة : قوله تعالى : قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك الآية . الرؤيا مصدر رأى في المنام ، رؤيا على وزن فعلى كالسقيا والبشرى ; وألفه للتأنيث ولذلك لم ينصرف . وقد اختلف العلماء في حقيقة الرؤيا ; فقيل : هي إدراك في أجزاء لم تحلها آفة ، كالنوم المستغرق وغيره ; ولهذا أكثر ما تكون الرؤيا في آخر الليل لقلة غلبة النوم ; فيخلق الله تعالى للرائي علما ناشئا ، ويخلق له الذي يراه على ما يراه ليصح الإدراك ، قال ابن العربي : ولا يرى في المنام إلا ما يصح إدراكه في اليقظة ، ولذلك لا يرى في المنام شخصا قائما قاعدا بحال ، وإنما يرى الجائزات المعتادات . وقيل : إن لله ملكا يعرض المرئيات على المحل المدرك من النائم ، فيمثل له صورا محسوسة ; فتارة تكون تلك الصور أمثلة موافقة لما يقع في الوجود ، وتارة تكون لمعان معقولة غير محسوسة ، وفي الحالتين تكون مبشرة أو منذرة ; قال - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم وغيره : رأيت سوداء ثائرة الرأس تخرج من المدينة إلى مهيعة فأولتها الحمى . ورأيت سيفي قد انقطع صدره وبقرا تنحر فأولتهما رجل من أهل بيتي يقتل والبقر نفر من أصحابي يقتلون . ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة . ورأيت في يدي سوارين فأولتهما كذابين يخرجان بعدي . إلى غير ذلك مما ضربت له الأمثال ; ومنها ما يظهر معناه أولا فأولا ، ومنها ما لا يظهر إلا بعد التفكر ; وقد رأى النائم في زمن يوسف - عليه السلام - بقرا فأولها يوسف السنين ، ورأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر فأولها بإخوته وأبويه .
السابعة : إن قيل : إن يوسف - عليه السلام - كان صغيرا وقت رؤياه ، والصغير لا حكم لفعله ، فكيف تكون له رؤيا لها حكم حتى يقول له أبوه : لا تقصص رؤياك على إخوتك ؟ فالجواب : أن الرؤيا إدراك حقيقة على ما قدمناه ، فتكون من الصغير كما يكون منه الإدراك الحقيقي في اليقظة ، وإذا أخبر عما رأى صدق ، فكذلك إذا أخبر عما يرى في المنام ; وقد أخبر الله سبحانه عن رؤياه وأنها وجدت كما رأى فلا اعتراض ; روي أن يوسف - عليه السلام - كان ابن اثنتي عشرة سنة .
الثامنة : هذه الآية أصل في ألا تقص الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح ، ولا على من لا يحسن التأويل فيها ; روى أبو رزين العقيلي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الرؤيا جزء من أربعين جزءا من النبوة . والرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت فلا تحدثوا بها إلا عاقلا أو محبا أو ناصحا أخرجه الترمذي وقال فيه : حديث حسن صحيح ; وأبو رزين اسمه لقيط بن عامر . وقيل لمالك : أيعبر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ؟ وقال مالك : لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها ، فإن رأى خيرا أخبر به ، وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت ; قيل : فهل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال إنها على ما تأولت عليه ؟ فقال : لا ! ثم قال ، : الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة .
التاسعة : وفي هذه الآية دليل على أن مباحا أن يحذر المسلم أخاه المسلم ممن يخافه عليه ، ولا يكون داخلا في معنى الغيبة ; لأن يعقوب - عليه السلام - قد حذر يوسف أن يقص رؤياه على إخوته فيكيدوا له كيدا ، وفيها أيضا ما يدل على جواز ترك إظهار النعمة عند من تخشى غائلته حسدا وكيدا ; وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود . وفيها أيضا دليل واضح على معرفة يعقوب - عليه السلام - بتأويل الرؤيا ; فإنه علم من تأويلها أنه سيظهر عليهم ، ولم يبال بذلك من نفسه ; فإن الرجل يود أن يكون ولده خيرا منه ، والأخ لا يود ذلك لأخيه . ويدل أيضا على أن يعقوب - عليه السلام - كان أحس من بنيه حسد يوسف وبغضه ; فنهاه عن قصص الرؤيا عليهم خوف أن تغل بذلك صدورهم ، فيعملوا الحيلة في هلاكه ; ومن هذا ومن فعلهم بيوسف يدل على أنهم كانوا غير أنبياء في ذلك الوقت ، ووقع في كتاب الطبري لابن زيد أنهم كانوا أنبياء ، وهذا يرده القطع بعصمة الأنبياء عن الحسد الدنيوي ، وعن عقوق الآباء ، وتعريض مؤمن للهلاك ، والتآمر في قتله ، ولا التفات لقول من قال إنهم كانوا أنبياء ، ولا يستحيل في العقل زلة نبي ، إلا أن هذه الزلة قد جمعت أنواعا من الكبائر ، وقد أجمع المسلمون على عصمتهم منها ، وإنما اختلفوا في الصغائر على ما تقدم ويأتي .
العاشرة : روى البخاري عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا : وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة وهذا الحديث بظاهره يدل على أن الرؤيا بشرى على الإطلاق وليس كذلك ; فإن الرؤيا الصادقة قد تكون منذرة من قبل الله - تعالى - لا تسر رائيها ، وإنما يريها الله تعالى المؤمن رفقا به ورحمة ، ليستعد لنزول البلاء قبل وقوعه ; فإن أدرك تأولها بنفسه ، وإلا سأل عنها من له أهلية ذلك . وقد رأى الشافعي - رضي الله عنه - وهو بمصر رؤيا لأحمد بن حنبل تدل على محنته فكتب إليه بذلك ليستعد لذلك ، وقد تقدم في [ يونس ] في تفسير قوله تعالى : لهم البشرى في الحياة الدنيا أنها الرؤيا الصالحة . وهذا وحديث البخاري مخرجه على الأغلب ، والله أعلم .
الحادية عشرة : روى البخاري عن أبي سلمة قال : لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول : وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها وليتفل ثلاث مرات ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره . قال علماؤنا : فجعل الله الاستعاذة منها مما يرفع أذاها ; ألا ترى قول أبي قتادة : إني كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل ، فلما سمعت بهذا الحديث كنت لا أعدها شيئا . وزاد مسلم من رواية جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليتعوذ بالله من الشيطان ثلاثا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه . وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل . قال علماؤنا : وهذا كله ليس بمتعارض ; وإنما هذا الأمر بالتحول ، والصلاة زيادة ، فعلى الرائي أن يفعل الجميع ، والقيام إلى الصلاة يشمل الجميع ; لأنه إذا صلى تضمن فعله للصلاة جميع تلك الأمور ; لأنه إذا قام إلى الصلاة تحول عن جنبه ، وإذا تمضمض تفل وبصق ، وإذا قام إلى الصلاة تعوذ ودعا وتضرع لله تعالى في أن يكفيه شرها في حال هي أقرب الأحوال إلى الإجابة ; وذلك السحر من الليل .. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5)
قوله تعالى : قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين فيه إحدى عشرة مسألة : الأولى : فيكيدوا لك كيدا أي يحتالوا في هلاكك ; لأن تأويلها ظاهر ; فربما يحملهم الشيطان على قصدك بسوء حينئذ . واللام في لك تأكيد . كقوله : إن كنتم للرؤيا تعبرون .
الثانية : الرؤيا حالة شريفة ، ومنزلة رفيعة ، قال - صلى الله عليه وسلم - : لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة الصادقة يراها الرجل الصالح أو ترى له . وقال : أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا . وحكم - صلى الله عليه وسلم - بأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، وروي من سبعين جزءا من النبوة . وروي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - جزءا من أربعين جزءا من النبوة . ومن حديث ابن عمر جزء من تسعة وأربعين جزءا . ومن حديث العباس جزء من خمسين جزءا من النبوة . ومن حديث أنس من ستة وعشرين . وعن عبادة بن الصامت من أربعة وأربعين من النبوة . والصحيح منها حديث الستة والأربعين ، ويتلوه في الصحة حديث السبعين ; ولم يخرج مسلم في صحيحه غير هذين الحديثين ، أما سائرها فمن أحاديث الشيوخ ; قاله ابن بطال . قال أبو عبد الله المازري : والأكثر والأصح عند أهل الحديث من ستة وأربعين . قال الطبري : والصواب أن يقال إن عامة هذه الأحاديث أو أكثرها صحاح ، ولكل حديث منها مخرج معقول ; فأما قوله : إنها جزء من سبعين جزءا من النبوة فإن ذلك قول عام في كل رؤيا صالحة صادقة ، ولكل مسلم رآها في منامه على أي أحواله كان ; وأما قوله : إنها من أربعين أو ستة وأربعين فإنه يريد بذلك من كان صاحبها بالحال التي ذكرت عن الصديق - رضي الله عنه - أنه كان بها ; فمن كان من أهل إسباغ الوضوء في السبرات ، والصبر في الله على المكروهات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فرؤياه الصالحة - إن شاء الله - جزء من أربعين جزءا من النبوة ، ومن كانت حاله في ذاته بين ذلك فرؤياه الصادقة بين جزأين ما بين الأربعين إلى الستين لا تنقص عن سبعين ، وتزيد على الأربعين وإلى هذا المعنى أشار أبو عمر بن عبد البر فقال : اختلاف الآثار في هذا الباب في عدد أجزاء الرؤيا ليس ذلك عندي اختلافا متضادا متدافعا - والله أعلم - لأنه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة من بعض من يراها على حسب ما يكون من صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والدين المتين ، وحسن اليقين ; فعلى قدر اختلاف الناس فيما وصفنا تكون الرؤيا منهم على الأجزاء المختلفة العدد فمن خلصت نيته في عبادة ربه ويقينه وصدق حديثه كانت رؤياه أصدق وإلى النبوة أقرب كما أن الأنبياء يتفاضلون ، قال الله تعالى : ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض .
قلت : فهذا التأويل يجمع شتات الأحاديث ، وهو أولى من تفسير بعضها دون بعض وطرحه ; ذكره أبو سعيد الأسفاقسي عن بعض أهل العلم قال : معنى قوله : جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، فإن الله تعالى أوحى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - في النبوة ثلاثة وعشرين عاما - فيما رواه عكرمة وعمرو بن دينار عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فإذا نسبنا ستة أشهر من ثلاثة وعشرين عاما وجدنا ذلك جزءا من ستة وأربعين جزءا ; وإلى هذا القول أشار المازري في كتابه ˝ المعلم ˝ واختاره القونوي في تفسيره من سورة [ يونس ] عند قوله تعالى : لهم البشرى في الحياة الدنيا . وهو فاسد من وجهين : أحدهما : ما رواه أبو سلمة عن ابن عباس وعائشة بأن مدة الوحي كانت عشرين سنة ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث على رأس أربعين ، فأقام بمكة عشر سنين ; وهو قول عروة والشعبي وابن شهاب والحسن وعطاء الخراساني وسعيد بن المسيب على اختلاف عنه ، وهي رواية ربيعة وأبي غالب عن أنس ، وإذا ثبت هذا الحديث بطل ذلك التأويل - الثاني : أن سائر الأحاديث في الأجزاء المختلفة تبقى بغير معنى .
الثالثة : إنما كانت الرؤيا جزءا من النبوة ; لأن فيها ما يعجز ويمتنع كالطيران ، وقلب الأعيان ، والاطلاع على شيء من علم الغيب ; كما قال - عليه السلام - : إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصادقة في النوم . . . الحديث . وعلى الجملة فإن الرؤيا الصادقة من الله ، وإنها من النبوة ; قال - صلى الله عليه وسلم - : الرؤيا من الله والحلم من الشيطان وأن التصديق بها حق ، ولها التأويل الحسن ، وربما أغنى بعضها عن التأويل ، وفيها من بديع الله ولطفه ما يزيد المؤمن في إيمانه ; ولا خلاف في هذا بين أهل الدين والحق من أهل الرأي والأثر ، ولا ينكر الرؤيا إلا أهل الإلحاد وشرذمة من المعتزلة .
الرابعة : إن قيل : إذا كانت الرؤيا الصادقة جزءا من النبوة فكيف يكون الكافر والكاذب والمخلط أهلا لها ؟ وقد وقعت من بعض الكفار وغيرهم ممن لا يرضى دينه منامات صحيحة صادقة ; كمنام رؤيا الملك الذي رأى سبع بقرات ، ومنام الفتيين في السجن ; ورؤيا بختنصر التي فسرها دانيال في ذهاب ملكه ، ورؤيا كسرى في ظهور النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنام عاتكة عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمره وهي كافرة ، وقد ترجم البخاري ˝ باب رؤيا أهل السجن ˝ : فالجواب أن الكافر والفاجر والفاسق والكاذب وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات لا تكون من الوحي ولا من النبوة ; إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب يكون خبره ذلك نبوة ; وقد تقدم في [ الأنعام ] أن الكاهن وغيره قد يخبر بكلمة الحق فيصدق ، لكن ذلك على الندور والقلة ، فكذلك رؤيا هؤلاء ; قال المهلب : إنما ترجم البخاري بهذا لجواز أن تكون رؤيا أهل الشرك رؤيا صادقة ، كما كانت رؤيا الفتيين صادقة ، إلا أنه لا يجوز أن تضاف إلى النبوة إضافة رؤيا المؤمن إليها ، إذ ليس كل ما يصح له تأويل من الرؤيا حقيقة يكون جزءا من النبوة .
الخامسة : الرؤيا المضافة إلى الله تعالى هي التي خلصت من الأضغاث والأوهام ، وكان تأويلها موافقا لما في اللوح المحفوظ ، والتي هي من خبر الأضغاث هي الحلم ، وهي المضافة إلى الشيطان ، وإنما سميت ضغثا ; لأن فيها أشياء متضادة ; قال معناه المهلب . وقد قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا أقساما تغني عن قول كل قائل ; روى عوف بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الرؤيا ثلاثة منها أهاويل الشيطان ليحزن ابن آدم ، ومنها ما يهتم به في يقظته فيراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة . قال : قلت : سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ! سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
السادسة : قوله تعالى : قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك الآية . الرؤيا مصدر رأى في المنام ، رؤيا على وزن فعلى كالسقيا والبشرى ; وألفه للتأنيث ولذلك لم ينصرف . وقد اختلف العلماء في حقيقة الرؤيا ; فقيل : هي إدراك في أجزاء لم تحلها آفة ، كالنوم المستغرق وغيره ; ولهذا أكثر ما تكون الرؤيا في آخر الليل لقلة غلبة النوم ; فيخلق الله تعالى للرائي علما ناشئا ، ويخلق له الذي يراه على ما يراه ليصح الإدراك ، قال ابن العربي : ولا يرى في المنام إلا ما يصح إدراكه في اليقظة ، ولذلك لا يرى في المنام شخصا قائما قاعدا بحال ، وإنما يرى الجائزات المعتادات . وقيل : إن لله ملكا يعرض المرئيات على المحل المدرك من النائم ، فيمثل له صورا محسوسة ; فتارة تكون تلك الصور أمثلة موافقة لما يقع في الوجود ، وتارة تكون لمعان معقولة غير محسوسة ، وفي الحالتين تكون مبشرة أو منذرة ; قال - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم وغيره : رأيت سوداء ثائرة الرأس تخرج من المدينة إلى مهيعة فأولتها الحمى . ورأيت سيفي قد انقطع صدره وبقرا تنحر فأولتهما رجل من أهل بيتي يقتل والبقر نفر من أصحابي يقتلون . ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة . ورأيت في يدي سوارين فأولتهما كذابين يخرجان بعدي . إلى غير ذلك مما ضربت له الأمثال ; ومنها ما يظهر معناه أولا فأولا ، ومنها ما لا يظهر إلا بعد التفكر ; وقد رأى النائم في زمن يوسف - عليه السلام - بقرا فأولها يوسف السنين ، ورأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر فأولها بإخوته وأبويه .
السابعة : إن قيل : إن يوسف - عليه السلام - كان صغيرا وقت رؤياه ، والصغير لا حكم لفعله ، فكيف تكون له رؤيا لها حكم حتى يقول له أبوه : لا تقصص رؤياك على إخوتك ؟ فالجواب : أن الرؤيا إدراك حقيقة على ما قدمناه ، فتكون من الصغير كما يكون منه الإدراك الحقيقي في اليقظة ، وإذا أخبر عما رأى صدق ، فكذلك إذا أخبر عما يرى في المنام ; وقد أخبر الله سبحانه عن رؤياه وأنها وجدت كما رأى فلا اعتراض ; روي أن يوسف - عليه السلام - كان ابن اثنتي عشرة سنة .
الثامنة : هذه الآية أصل في ألا تقص الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح ، ولا على من لا يحسن التأويل فيها ; روى أبو رزين العقيلي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الرؤيا جزء من أربعين جزءا من النبوة . والرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت فلا تحدثوا بها إلا عاقلا أو محبا أو ناصحا أخرجه الترمذي وقال فيه : حديث حسن صحيح ; وأبو رزين اسمه لقيط بن عامر . وقيل لمالك : أيعبر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ؟ وقال مالك : لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها ، فإن رأى خيرا أخبر به ، وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت ; قيل : فهل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال إنها على ما تأولت عليه ؟ فقال : لا ! ثم قال ، : الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة .
التاسعة : وفي هذه الآية دليل على أن مباحا أن يحذر المسلم أخاه المسلم ممن يخافه عليه ، ولا يكون داخلا في معنى الغيبة ; لأن يعقوب - عليه السلام - قد حذر يوسف أن يقص رؤياه على إخوته فيكيدوا له كيدا ، وفيها أيضا ما يدل على جواز ترك إظهار النعمة عند من تخشى غائلته حسدا وكيدا ; وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود . وفيها أيضا دليل واضح على معرفة يعقوب - عليه السلام - بتأويل الرؤيا ; فإنه علم من تأويلها أنه سيظهر عليهم ، ولم يبال بذلك من نفسه ; فإن الرجل يود أن يكون ولده خيرا منه ، والأخ لا يود ذلك لأخيه . ويدل أيضا على أن يعقوب - عليه السلام - كان أحس من بنيه حسد يوسف وبغضه ; فنهاه عن قصص الرؤيا عليهم خوف أن تغل بذلك صدورهم ، فيعملوا الحيلة في هلاكه ; ومن هذا ومن فعلهم بيوسف يدل على أنهم كانوا غير أنبياء في ذلك الوقت ، ووقع في كتاب الطبري لابن زيد أنهم كانوا أنبياء ، وهذا يرده القطع بعصمة الأنبياء عن الحسد الدنيوي ، وعن عقوق الآباء ، وتعريض مؤمن للهلاك ، والتآمر في قتله ، ولا التفات لقول من قال إنهم كانوا أنبياء ، ولا يستحيل في العقل زلة نبي ، إلا أن هذه الزلة قد جمعت أنواعا من الكبائر ، وقد أجمع المسلمون على عصمتهم منها ، وإنما اختلفوا في الصغائر على ما تقدم ويأتي .
العاشرة : روى البخاري عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا : وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة وهذا الحديث بظاهره يدل على أن الرؤيا بشرى على الإطلاق وليس كذلك ; فإن الرؤيا الصادقة قد تكون منذرة من قبل الله - تعالى - لا تسر رائيها ، وإنما يريها الله تعالى المؤمن رفقا به ورحمة ، ليستعد لنزول البلاء قبل وقوعه ; فإن أدرك تأولها بنفسه ، وإلا سأل عنها من له أهلية ذلك . وقد رأى الشافعي - رضي الله عنه - وهو بمصر رؤيا لأحمد بن حنبل تدل على محنته فكتب إليه بذلك ليستعد لذلك ، وقد تقدم في [ يونس ] في تفسير قوله تعالى : لهم البشرى في الحياة الدنيا أنها الرؤيا الصالحة . وهذا وحديث البخاري مخرجه على الأغلب ، والله أعلم .
الحادية عشرة : روى البخاري عن أبي سلمة قال : لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول : وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها وليتفل ثلاث مرات ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره . قال علماؤنا : فجعل الله الاستعاذة منها مما يرفع أذاها ; ألا ترى قول أبي قتادة : إني كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل ، فلما سمعت بهذا الحديث كنت لا أعدها شيئا . وزاد مسلم من رواية جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليتعوذ بالله من الشيطان ثلاثا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه . وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل . قال علماؤنا : وهذا كله ليس بمتعارض ; وإنما هذا الأمر بالتحول ، والصلاة زيادة ، فعلى الرائي أن يفعل الجميع ، والقيام إلى الصلاة يشمل الجميع ; لأنه إذا صلى تضمن فعله للصلاة جميع تلك الأمور ; لأنه إذا قام إلى الصلاة تحول عن جنبه ، وإذا تمضمض تفل وبصق ، وإذا قام إلى الصلاة تعوذ ودعا وتضرع لله تعالى في أن يكفيه شرها في حال هي أقرب الأحوال إلى الإجابة ; وذلك السحر من الليل. ❝
❞ الدولة الأيوبية هي دولة إسلامية نشأت في مصر، وامتدت لتشمل الشام والحجاز واليمن والنوبة وبعض أجزاء المغرب العربي. يعد صلاح الدين يوسف بن أيوب مؤسس الدولة الأيوبية، كان ذلك بعد أن عُيِّن وزيرًا للخليفة الفاطمي العاضد لدين الله ونائبًا عن السلطان نور الدين محمود في مصر، فعمل على أن تكون كل السلطات تحت يده، وأصبح هو المتصرف في الأمور، وأعاد مصر إلى تبعية الدولة العباسية، فمنع الدعاء للخليفة الفاطمي ودعا للخليفة العباسي، وأغلق مراكز الشيعة الفاطمية، ونشر المذهب السني.
بعد وفاة نور الدين زنكي توجه صلاح الدين إلى بلاد الشام، فدخل دمشق، ثم ضمَّ حمص ثم حلب، وبذلك أصبح صلاح الدين سلطانًا على مصر والشام. كانت دولة الأيوبيين قد امتدت إلى بلاد الحجاز، حيث قام صلاح الدين بتحصين جنوب فلسطين، والاستعداد لأي أمر يقوم به أرناط صاحب قلعة الكرك، والذي كان يدبر للهجوم على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وكان صلاح الدين قد اعتنى بميناء القلزم وميناء جدة، لأن أرناط كان قد عمَّر أسطولا في ميناء أَيْلَة (العقبة)، وأرسل سفنًا بلغت عِيذاب، فاستولى صلاح الدين على أيلة. استرد صلاح الدين بيت المقدس في 27 رجب 583 هـ الموافق 2 أكتوبر 1187م، بعد ثلاثة أشهر من انتصاره في معركة حطين، عقب ذلك سقطت في يده كل موانئ الشام، ما عدا مينائي إمارة طرابلس وأنطاكية، وانتهت الحرب الصليبية الثالثة بسقوط عكا بيد الصليبيين، وتوقيع صلح الرملة بين صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد.
توفي صلاح الدين عام 589 هـ بعد أن قسم دولته بين أولاده وأخيه العادل، ولكنهم تناحروا فيما بينهم، وظل بعضهم يقاتل بعضًا في ظروف كانت الدولة تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد الصليبيين. بعد وفاة العادل تفرقت المملكة بين أبنائه الثلاثة الكامل محمد على حكم مصر، والمعظم عيسى على دمشق وما حولها، والأشرف موسى على باقي الشام، لم يكد يتوفى العادل أبو بكر حتى انهال الصليبيون على الشام ومصر وخصوصًا مصر في ثلاث حملات صليبية متتابعة أرغمت الكامل محمد على أن يتنازل طواعية عن بيت المقدس للملك فريدريك الثاني سنة 625 هـ الموافق 1228م. اختلف الأشرف موسى مع المعظم عيسى على حدود النفوذ في الشام والجزيرة ووقعت بينهما الكثير من المشاكل والاضطرابات كرست الفتنة وعمقت أسباب الخلاف ومهدت لمزيد من التخبط وفتحت طريق سقوط الدولة.
وُلِّي بعد وفاة الكامل محمد ابنه الصالح أيوب وذلك سنة 637 هـ، والذي استرد بيت المقدس ودمشق وعسقلان بعد تحالفه مع القوات الخوارزمية الهاربة من الغزو المغولي. في آخر حياة الصالح أيوب هجمت الحملة الصليبية السابعة على مدينة دمياط يقودها لويس التاسع ملك فرنسا سنة 647 هـ، فرابط الصالح أيوب بالمنصورة، وهناك أصيب بمرض شديد تفاقم عليه حتى مات، فأخفت جاريته أم خليل الملقبة شجر الدر خبر موته وأرسلت لولده الأمير توران شاه وكان بالشام، فقاد الجيوش المصرية وحقق انتصارًا كبيرًا على الصليبيين، وأسر ملكهم لويس التاسع. لما حقق توران شاه انتصاره على الصليبيين استدار إلى زوجة أبيه وباقي قادة الجيش وكانوا جميعًا من المماليك البحرية، وخطط للتخلص منهم وعزلهم، جعلت هذه الأمور شجرة الدر تتآمر مع المماليك على قتل توران شاه، فهاجموه في ليلة 28 محرم 648 هـ الموافق 2 مايو 1250م وقتلوه، وبذلك انتهت الدولة الأيوبية.
تحدث المؤرخون عن النسب الأيوبي واختلفوا حول هذا النسب، ولكنهم اتفقوا على أن جد الأيوبيين هو الملك الأفضل نجم الدين أيوب بن شادي (أو شاذي) بن مروان. كتب كل من ابن الأثير وأبو شامة وابن العديم وابن خلكان وغيرهم عن نسب الأيوبيين، ولكنهم لم يجمعوا على رأي واحد، ولم يبتوا نهائيًا في النسب الأيوبي حتى المعاصرين منهم، فمنهم من قال بأنهم كرد، ومن قال أنهم عرب أمويون، ومن قال أنهم عرب ينتسبون إلى علي بن أحمد المري، ولكن لم يثبت بأن أحد من الأيوبيين نسب نفسه إلى الأكراد فمنهم من أيد الرأي الثاني وبعضهم أيد الرأي الثالث وقد نفو ا جميعهم الرأي الأول.
يرجع نسب الأيوبيين إلى أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دوين في أرمينية، وقد أختلف المؤرخون في نسب العائلة الأيوبية حيث أورد ابن الأثير في تاريخه أن أيوب بن شاذي بن مروان يرجع إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية، ويذكر أحمد بن خلكان ما نصه: «قال لي رجل فقيه عارف بما يقول، وهو من أهل دوين، إن على باب دوين قرية يُقال لها \"أجدانقان\" وجميع أهلها أكراد روادية، وكان شاذي قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت، ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد»، بينما يرفض بعض ملوك الأيوبيين هذا النسب وقالوا: «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم\"».
الأيوبيون نفسهم اختلفوا في نسبهم فالملك المعز إسماعيل الأيوبي صاحب اليمن أرجع نسب بني أيوب إلى بني أمية، وأن نسبهم يرجع إلى أيوب بن شادي (أو شاذي) بن مروان بن الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، وحين بلغ ذلك الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب قال: \"كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً\"، أما الأيوبيون ملوك دمشق فقد أثبتوا نسبهم إلى بني مرة بن عوف من بطون غطفان وقد أحضر هذا النسب على المعظم عيسى بن أحمد صاحب دمشق وأسمعه ابنه الملك الناصر صلاح الدين داود.
شرح الحسن بن داود الأيوبي في كتابه \"الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية\" ما قيل عن نسب أجداده وقطع أنهم ليسوا أكرادًا، بل نزلوا عندهم فنسبوا إليهم. وقال: \"ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب\". كما أن الحسن بن داود قد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن غريب، والتي فيها نسبة العائلة إلى أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي محمد بن عنترة بن الحسن بن علي بن أحمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هُدْبة بن الحُصَين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مُرَّة بن عوف بن أسامة بن بيهس بن الحارث بن عوف بن أبي حارثة بن مرة بن نَشبَة بن غيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش.. ❝ ⏤بيبرس المنصوري الدوادار
❞ الدولة الأيوبية هي دولة إسلامية نشأت في مصر، وامتدت لتشمل الشام والحجاز واليمن والنوبة وبعض أجزاء المغرب العربي. يعد صلاح الدين يوسف بن أيوب مؤسس الدولة الأيوبية، كان ذلك بعد أن عُيِّن وزيرًا للخليفة الفاطمي العاضد لدين الله ونائبًا عن السلطان نور الدين محمود في مصر، فعمل على أن تكون كل السلطات تحت يده، وأصبح هو المتصرف في الأمور، وأعاد مصر إلى تبعية الدولة العباسية، فمنع الدعاء للخليفة الفاطمي ودعا للخليفة العباسي، وأغلق مراكز الشيعة الفاطمية، ونشر المذهب السني.
بعد وفاة نور الدين زنكي توجه صلاح الدين إلى بلاد الشام، فدخل دمشق، ثم ضمَّ حمص ثم حلب، وبذلك أصبح صلاح الدين سلطانًا على مصر والشام. كانت دولة الأيوبيين قد امتدت إلى بلاد الحجاز، حيث قام صلاح الدين بتحصين جنوب فلسطين، والاستعداد لأي أمر يقوم به أرناط صاحب قلعة الكرك، والذي كان يدبر للهجوم على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وكان صلاح الدين قد اعتنى بميناء القلزم وميناء جدة، لأن أرناط كان قد عمَّر أسطولا في ميناء أَيْلَة (العقبة)، وأرسل سفنًا بلغت عِيذاب، فاستولى صلاح الدين على أيلة. استرد صلاح الدين بيت المقدس في 27 رجب 583 هـ الموافق 2 أكتوبر 1187م، بعد ثلاثة أشهر من انتصاره في معركة حطين، عقب ذلك سقطت في يده كل موانئ الشام، ما عدا مينائي إمارة طرابلس وأنطاكية، وانتهت الحرب الصليبية الثالثة بسقوط عكا بيد الصليبيين، وتوقيع صلح الرملة بين صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد.
توفي صلاح الدين عام 589 هـ بعد أن قسم دولته بين أولاده وأخيه العادل، ولكنهم تناحروا فيما بينهم، وظل بعضهم يقاتل بعضًا في ظروف كانت الدولة تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد الصليبيين. بعد وفاة العادل تفرقت المملكة بين أبنائه الثلاثة الكامل محمد على حكم مصر، والمعظم عيسى على دمشق وما حولها، والأشرف موسى على باقي الشام، لم يكد يتوفى العادل أبو بكر حتى انهال الصليبيون على الشام ومصر وخصوصًا مصر في ثلاث حملات صليبية متتابعة أرغمت الكامل محمد على أن يتنازل طواعية عن بيت المقدس للملك فريدريك الثاني سنة 625 هـ الموافق 1228م. اختلف الأشرف موسى مع المعظم عيسى على حدود النفوذ في الشام والجزيرة ووقعت بينهما الكثير من المشاكل والاضطرابات كرست الفتنة وعمقت أسباب الخلاف ومهدت لمزيد من التخبط وفتحت طريق سقوط الدولة.
وُلِّي بعد وفاة الكامل محمد ابنه الصالح أيوب وذلك سنة 637 هـ، والذي استرد بيت المقدس ودمشق وعسقلان بعد تحالفه مع القوات الخوارزمية الهاربة من الغزو المغولي. في آخر حياة الصالح أيوب هجمت الحملة الصليبية السابعة على مدينة دمياط يقودها لويس التاسع ملك فرنسا سنة 647 هـ، فرابط الصالح أيوب بالمنصورة، وهناك أصيب بمرض شديد تفاقم عليه حتى مات، فأخفت جاريته أم خليل الملقبة شجر الدر خبر موته وأرسلت لولده الأمير توران شاه وكان بالشام، فقاد الجيوش المصرية وحقق انتصارًا كبيرًا على الصليبيين، وأسر ملكهم لويس التاسع. لما حقق توران شاه انتصاره على الصليبيين استدار إلى زوجة أبيه وباقي قادة الجيش وكانوا جميعًا من المماليك البحرية، وخطط للتخلص منهم وعزلهم، جعلت هذه الأمور شجرة الدر تتآمر مع المماليك على قتل توران شاه، فهاجموه في ليلة 28 محرم 648 هـ الموافق 2 مايو 1250م وقتلوه، وبذلك انتهت الدولة الأيوبية.
تحدث المؤرخون عن النسب الأيوبي واختلفوا حول هذا النسب، ولكنهم اتفقوا على أن جد الأيوبيين هو الملك الأفضل نجم الدين أيوب بن شادي (أو شاذي) بن مروان. كتب كل من ابن الأثير وأبو شامة وابن العديم وابن خلكان وغيرهم عن نسب الأيوبيين، ولكنهم لم يجمعوا على رأي واحد، ولم يبتوا نهائيًا في النسب الأيوبي حتى المعاصرين منهم، فمنهم من قال بأنهم كرد، ومن قال أنهم عرب أمويون، ومن قال أنهم عرب ينتسبون إلى علي بن أحمد المري، ولكن لم يثبت بأن أحد من الأيوبيين نسب نفسه إلى الأكراد فمنهم من أيد الرأي الثاني وبعضهم أيد الرأي الثالث وقد نفو ا جميعهم الرأي الأول.
يرجع نسب الأيوبيين إلى أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دوين في أرمينية، وقد أختلف المؤرخون في نسب العائلة الأيوبية حيث أورد ابن الأثير في تاريخه أن أيوب بن شاذي بن مروان يرجع إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية، ويذكر أحمد بن خلكان ما نصه: «قال لي رجل فقيه عارف بما يقول، وهو من أهل دوين، إن على باب دوين قرية يُقال لها ˝أجدانقان˝ وجميع أهلها أكراد روادية، وكان شاذي قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت، ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد»، بينما يرفض بعض ملوك الأيوبيين هذا النسب وقالوا: «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم˝».
الأيوبيون نفسهم اختلفوا في نسبهم فالملك المعز إسماعيل الأيوبي صاحب اليمن أرجع نسب بني أيوب إلى بني أمية، وأن نسبهم يرجع إلى أيوب بن شادي (أو شاذي) بن مروان بن الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، وحين بلغ ذلك الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب قال: ˝كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً˝، أما الأيوبيون ملوك دمشق فقد أثبتوا نسبهم إلى بني مرة بن عوف من بطون غطفان وقد أحضر هذا النسب على المعظم عيسى بن أحمد صاحب دمشق وأسمعه ابنه الملك الناصر صلاح الدين داود.
شرح الحسن بن داود الأيوبي في كتابه ˝الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية˝ ما قيل عن نسب أجداده وقطع أنهم ليسوا أكرادًا، بل نزلوا عندهم فنسبوا إليهم. وقال: ˝ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب˝. كما أن الحسن بن داود قد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن غريب، والتي فيها نسبة العائلة إلى أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي محمد بن عنترة بن الحسن بن علي بن أحمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هُدْبة بن الحُصَين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مُرَّة بن عوف بن أسامة بن بيهس بن الحارث بن عوف بن أبي حارثة بن مرة بن نَشبَة بن غيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش. ❝