❞ ليس هناك أغرب من عادة شرب الدخان ..
أن يصرف رجل عاقل نقوده في إحراق بعض المخلفات و استنشاق دخانها اللاسع الخانق الكريه .
يدخن و يسعل و يبصق .. ثم يعود فيبتلع الدخان و يسعل و يبصق .. و يقول بصوت أجش مشروخ إنه يشكو من برد مزمن ، و إنه لهذا السبب استبدل الدخان الإنجليزي بالدخان التركي !
ثم ينفث حلقات الدخان و هو يحملق في الفراغ و فمه مفتوح ، و قد وضع ساقاً على ساق ، و سبح بخياله في حالة انعدام وزن لا يفكر في شيء .. مشهد كاريكاتوري من مسرح لا معقول .
قصة بلهاء من خمس دقائق تبدأ بشطة عود كبريت ، ثم حركات استعراضية من رجل عجيب يأخذ أوضاعاً بهلوانية في كرسيه و يسترخي و يسرح و يشفط و ينفخ و يسعل و يبصق .
و نفهم من القصة أنه يدفع من قوته و قوت عياله في سبيل هذا الدخان ..
ثم يعود فيدفع مرة أخرى ليعالج نفسه من هذا السعال و الدخان ..
ثم يعود فيدفع مرة ثالثة لينظف أسنانه من أوساخ هذا الدخان ..
ثم يروي لنا أنه قرأ في المجلة عن تسبب التدخين في السرطان و في نفس الصفحة قرأ إعلانات عن فوائد التدخين .
فإذا سألته و ماذا ستفعل ؟
قال لك سأستبدل لفافة التبغ بالسيجار ، أو السيجار بالشيشة ، أو الشيشة بالجوزة !
و تراه يصوم عن الطعام و لا يستطيع أن يصوم عن السيجارة ..
و تراه يستمر في هذا الإنتحار الصغير كل يوم فيلقي بنقوده و صحته في البحر ، و يقف يتفرج على الإثنين يغرقان و هو يسعل و يبصق و يلهث ..
رجل مخبول تماماً ..
و لكن هذا المخبول هو كل الناس ..
كل الناس ينتحرون لسبب غير مفهوم ..
العملة الصعبة التي تنفق في استيراد التبغ و السيجار و المعسل في العالم كافية لحل مشاكل المجاعة و الفقر و الجهل و المرض ..
و الإنسان المجنون ابتكر وسائل انتحار أخرى .. غير التبغ ، مثل الأفيون ، و الحشيش ، و الكوكايين ، و الهيرويين ، و عقار الهلوسة و الخمور بأنواعها .. و لم يكتف بهذا فاخترع أسلحة القتل السريع الأكيد مثل الرصاصة ، و القنبلة ، و الغاز السام .
ثم عاد فابتكر الأعذار و المبررات الجاهزة للقتل .. مثل الصراع الطبقي و تغيير التاريخ ، و إنقاذ الحرية !
و الحرية ذاتها كانت دائماً هي المخدر الأكبر ..
المدخن يقول لك : أنا أدخن لأني حر .
و مدمن المخدرات يقول لك : أنا حر .
و الذي يطلق أول رصاصة يطلقها ليكون حراً
و دائماً الحرية هي أول ما تجهز عليه هذه الأسلحة ..
و دائماً الحرية هي الضحية ..
و الإنسان القاتل و المقتول هما الضحية ..
و الجنون العام هو الحقيقة ..
و هو طابع هذا الإنسان العاقل اللامعقول اللغز ...
مقال / الجنون العام
من كتاب / الشيطان يحكم
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ ليس هناك أغرب من عادة شرب الدخان .
أن يصرف رجل عاقل نقوده في إحراق بعض المخلفات و استنشاق دخانها اللاسع الخانق الكريه .
يدخن و يسعل و يبصق . ثم يعود فيبتلع الدخان و يسعل و يبصق . و يقول بصوت أجش مشروخ إنه يشكو من برد مزمن ، و إنه لهذا السبب استبدل الدخان الإنجليزي بالدخان التركي !
ثم ينفث حلقات الدخان و هو يحملق في الفراغ و فمه مفتوح ، و قد وضع ساقاً على ساق ، و سبح بخياله في حالة انعدام وزن لا يفكر في شيء . مشهد كاريكاتوري من مسرح لا معقول .
قصة بلهاء من خمس دقائق تبدأ بشطة عود كبريت ، ثم حركات استعراضية من رجل عجيب يأخذ أوضاعاً بهلوانية في كرسيه و يسترخي و يسرح و يشفط و ينفخ و يسعل و يبصق .
و نفهم من القصة أنه يدفع من قوته و قوت عياله في سبيل هذا الدخان .
ثم يعود فيدفع مرة أخرى ليعالج نفسه من هذا السعال و الدخان .
ثم يعود فيدفع مرة ثالثة لينظف أسنانه من أوساخ هذا الدخان .
ثم يروي لنا أنه قرأ في المجلة عن تسبب التدخين في السرطان و في نفس الصفحة قرأ إعلانات عن فوائد التدخين .
فإذا سألته و ماذا ستفعل ؟
قال لك سأستبدل لفافة التبغ بالسيجار ، أو السيجار بالشيشة ، أو الشيشة بالجوزة !
و تراه يصوم عن الطعام و لا يستطيع أن يصوم عن السيجارة .
و تراه يستمر في هذا الإنتحار الصغير كل يوم فيلقي بنقوده و صحته في البحر ، و يقف يتفرج على الإثنين يغرقان و هو يسعل و يبصق و يلهث .
رجل مخبول تماماً .
و لكن هذا المخبول هو كل الناس .
كل الناس ينتحرون لسبب غير مفهوم .
العملة الصعبة التي تنفق في استيراد التبغ و السيجار و المعسل في العالم كافية لحل مشاكل المجاعة و الفقر و الجهل و المرض .
و الإنسان المجنون ابتكر وسائل انتحار أخرى . غير التبغ ، مثل الأفيون ، و الحشيش ، و الكوكايين ، و الهيرويين ، و عقار الهلوسة و الخمور بأنواعها . و لم يكتف بهذا فاخترع أسلحة القتل السريع الأكيد مثل الرصاصة ، و القنبلة ، و الغاز السام .
ثم عاد فابتكر الأعذار و المبررات الجاهزة للقتل . مثل الصراع الطبقي و تغيير التاريخ ، و إنقاذ الحرية !
و الحرية ذاتها كانت دائماً هي المخدر الأكبر .
المدخن يقول لك : أنا أدخن لأني حر .
و مدمن المخدرات يقول لك : أنا حر .
و الذي يطلق أول رصاصة يطلقها ليكون حراً
و دائماً الحرية هي أول ما تجهز عليه هذه الأسلحة .
و دائماً الحرية هي الضحية .
و الإنسان القاتل و المقتول هما الضحية .
و الجنون العام هو الحقيقة .
و هو طابع هذا الإنسان العاقل اللامعقول اللغز ..
مقال / الجنون العام
من كتاب / الشيطان يحكم
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝
❞ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)
قوله تعالى : وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون
قوله تعالى : وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان لما دنا فرج يوسف - عليه السلام - رأى الملك رؤياه ، فنزل جبريل فسلم على يوسف وبشره بالفرج وقال : إن الله مخرجك من سجنك ، وممكن لك في الأرض ، يذل لك ملوكها ، ويطيعك جبابرتها ، ومعطيك الكلمة العليا على إخوتك ، وذلك بسبب رؤيا رآها الملك ، وهي كيت وكيت ، وتأويلها كذا وكذا ، فما لبث في السجن أكثر مما رأى الملك الرؤيا حتى خرج ، فجعل الله الرؤيا أولا ليوسف بلاء وشدة ، وجعلها آخرا بشرى ورحمة ; وذلك أن الملك الأكبر الريان بن الوليد رأى في نومه كأنما خرج من نهر يابس سبع بقرات سمان ، في أثرهن سبع عجاف - أي مهازيل - وقد أقبلت العجاف على السمان فأخذن بآذانهن فأكلنهن ، إلا القرنين ، ورأى سبع سنبلات خضر قد أقبل عليهن سبع يابسات فأكلنهن حتى أتين عليهن فلم يبق منهن شيء وهن يابسات ، وكذلك البقر كن عجافا فلم يزد فيهن شيء من أكلهن السمان ، فهالته الرؤيا ، فأرسل إلى الناس وأهل العلم منهم والبصر بالكهانة والنجامة والعرافة والسحر ، وأشراف قومه ، فقال : يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي فقص عليهم ، فقال القوم : أضغاث أحلام قال ابن جريج قال لي عطاء : إن أضغاث الأحلام الكاذبة المخطئة من الرؤيا . وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : إن الرؤيا منها حق ، ومنها أضغاث أحلام ، يعني بها الكاذبة . وقال الهروي : قوله تعالى : أضغاث أحلام أي أخلاط أحلام . والضغث في اللغة الحزمة من الشيء كالبقل والكلأ وما أشبههما ، أي قالوا : ليست رؤياك ببينة ، والأحلام الرؤيا المختلطة . وقال مجاهد : أضغاث الرؤيا أهاويلها . وقال أبو عبيدة : الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا .
قوله تعالى : سبع بقرات سمان حذفت الهاء من " سبع " فرقا بين المذكر والمؤنث " سمان " من نعت البقرات ، ويجوز في غير القرآن سبع بقرات سمانا ، نعت للسبع ، وكذا خضرا ، قال الفراء : ومثله . سبع سماوات طباقا . وقد مضى في سورة " البقرة " اشتقاقها ومعناها . وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : المعز والبقر إذا دخلت المدينة فإن كانت سمانا فهي سني رخاء ، وإن كانت عجافا كانت شدادا ، وإن كانت المدينة مدينة بحر وإبان سفر قدمت سفن على عددها وحالها ، وإلا كانت فتنا مترادفة ، كأنها وجوه البقر ، كما في الخبر يشبه بعضها بعضا . وفي خبر آخر في الفتن كأنها صياصي البقر يريد لتشابهها ، إلا أن تكون صفرا كلها فإنها أمراض تدخل على الناس ، وإن كانت مختلفة الألوان ، شنيعة القرون وكان الناس ينفرون منها ، أو كأن النار والدخان يخرج من أفواهها فإنه عسكر أو غارة ، أو عدو يضرب عليهم ، وينزل بساحتهم . وقد تدل البقرة على الزوجة والخادم والغلة والسنة ; لما يكون فيها من الولد والغلة والنبات .
يأكلهن سبع عجاف من عجف يعجف ، على وزن عظم يعظم ، وروي عجف يعجف على وزن حمد يحمد .
قوله تعالى : يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي جمع الرؤيا رؤى : أي أخبروني بحكم هذه الرؤيا .
إن كنتم للرؤيا تعبرون العبارة مشتقة من عبور النهر ، فمعنى عبرت النهر بلغت شاطئه ، فعابر الرؤيا يعبر بما يئول إليه أمرها . واللام في للرؤيا للتبيين ، أي إن كنتم تعبرون ، ثم بين فقال : للرؤيا قاله الزجاج .. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)
قوله تعالى : وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون
قوله تعالى : وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان لما دنا فرج يوسف - عليه السلام - رأى الملك رؤياه ، فنزل جبريل فسلم على يوسف وبشره بالفرج وقال : إن الله مخرجك من سجنك ، وممكن لك في الأرض ، يذل لك ملوكها ، ويطيعك جبابرتها ، ومعطيك الكلمة العليا على إخوتك ، وذلك بسبب رؤيا رآها الملك ، وهي كيت وكيت ، وتأويلها كذا وكذا ، فما لبث في السجن أكثر مما رأى الملك الرؤيا حتى خرج ، فجعل الله الرؤيا أولا ليوسف بلاء وشدة ، وجعلها آخرا بشرى ورحمة ; وذلك أن الملك الأكبر الريان بن الوليد رأى في نومه كأنما خرج من نهر يابس سبع بقرات سمان ، في أثرهن سبع عجاف - أي مهازيل - وقد أقبلت العجاف على السمان فأخذن بآذانهن فأكلنهن ، إلا القرنين ، ورأى سبع سنبلات خضر قد أقبل عليهن سبع يابسات فأكلنهن حتى أتين عليهن فلم يبق منهن شيء وهن يابسات ، وكذلك البقر كن عجافا فلم يزد فيهن شيء من أكلهن السمان ، فهالته الرؤيا ، فأرسل إلى الناس وأهل العلم منهم والبصر بالكهانة والنجامة والعرافة والسحر ، وأشراف قومه ، فقال : يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي فقص عليهم ، فقال القوم : أضغاث أحلام قال ابن جريج قال لي عطاء : إن أضغاث الأحلام الكاذبة المخطئة من الرؤيا . وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : إن الرؤيا منها حق ، ومنها أضغاث أحلام ، يعني بها الكاذبة . وقال الهروي : قوله تعالى : أضغاث أحلام أي أخلاط أحلام . والضغث في اللغة الحزمة من الشيء كالبقل والكلأ وما أشبههما ، أي قالوا : ليست رؤياك ببينة ، والأحلام الرؤيا المختلطة . وقال مجاهد : أضغاث الرؤيا أهاويلها . وقال أبو عبيدة : الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا .
قوله تعالى : سبع بقرات سمان حذفت الهاء من ˝ سبع ˝ فرقا بين المذكر والمؤنث ˝ سمان ˝ من نعت البقرات ، ويجوز في غير القرآن سبع بقرات سمانا ، نعت للسبع ، وكذا خضرا ، قال الفراء : ومثله . سبع سماوات طباقا . وقد مضى في سورة ˝ البقرة ˝ اشتقاقها ومعناها . وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : المعز والبقر إذا دخلت المدينة فإن كانت سمانا فهي سني رخاء ، وإن كانت عجافا كانت شدادا ، وإن كانت المدينة مدينة بحر وإبان سفر قدمت سفن على عددها وحالها ، وإلا كانت فتنا مترادفة ، كأنها وجوه البقر ، كما في الخبر يشبه بعضها بعضا . وفي خبر آخر في الفتن كأنها صياصي البقر يريد لتشابهها ، إلا أن تكون صفرا كلها فإنها أمراض تدخل على الناس ، وإن كانت مختلفة الألوان ، شنيعة القرون وكان الناس ينفرون منها ، أو كأن النار والدخان يخرج من أفواهها فإنه عسكر أو غارة ، أو عدو يضرب عليهم ، وينزل بساحتهم . وقد تدل البقرة على الزوجة والخادم والغلة والسنة ; لما يكون فيها من الولد والغلة والنبات .
يأكلهن سبع عجاف من عجف يعجف ، على وزن عظم يعظم ، وروي عجف يعجف على وزن حمد يحمد .
قوله تعالى : يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي جمع الرؤيا رؤى : أي أخبروني بحكم هذه الرؤيا .
إن كنتم للرؤيا تعبرون العبارة مشتقة من عبور النهر ، فمعنى عبرت النهر بلغت شاطئه ، فعابر الرؤيا يعبر بما يئول إليه أمرها . واللام في للرؤيا للتبيين ، أي إن كنتم تعبرون ، ثم بين فقال : للرؤيا قاله الزجاج. ❝
❞ دفعها إياد إلى داخل المنزل بقسوة، لتجد نفسها أمام بهو واسع تُزيّنه الثريات الضخمة واللوحات الفنية الباهظة. أشار بيده نحو الأريكة الجلدية الفاخرة بنبرة آمرة لا تُقبل الرفض:
\"اجلسي!\".
جلست حياة على حافة الأريكة، تُضمّ ساقيها ببعضهما وتُحاول إخفاء خوفها ورعبها الذي لا يُوصف. وقف إياد أمامها بكل جبروته وعيناه تُحدقان فيها بنظرات ثاقبة تُشعرها بالاختناق، قبل أن يُخرج علبة سجائر من جيبه ويُشعل إحداها ببطء مُتعمد. أخذ نفَساً عميقاً من سيجارته، ثم نفث الدخان بكثافة أمام وجهها مُستمتعاً بمشهد ضعفها وانكسارها.
اقترب منها بخطوات هادئة حتى أصبح على بُعد أُنملة منها، أحست حياة برائحة عطره الفواح تختلط برائحة الدخان، رائحة ستظل عالقة في ذاكرتها تُذكّرها بهذه الليلة المُرعبة. مد يده ببطء ليُلامس وجنتها بنعومة مُريبة، لكنّها أطرقت برأسها بعيداً لتتجنّب لمسته، وهذا ما أثار غضبه.
\"أنتِ لي الآن يا حياة... ملك لي وحدي\" قالها بصوت أشبه بالفحيح، وهو يُمسك بذقنها بقوة ليرفع وجهها إليه،
\"سأُريك معنى أن تتحدّيني وتمدين يدك علي... ستتمنين الموت ولن تُحقّقيه\".. ❝ ⏤وداد جلول
❞ دفعها إياد إلى داخل المنزل بقسوة، لتجد نفسها أمام بهو واسع تُزيّنه الثريات الضخمة واللوحات الفنية الباهظة. أشار بيده نحو الأريكة الجلدية الفاخرة بنبرة آمرة لا تُقبل الرفض:
˝اجلسي!˝.
جلست حياة على حافة الأريكة، تُضمّ ساقيها ببعضهما وتُحاول إخفاء خوفها ورعبها الذي لا يُوصف. وقف إياد أمامها بكل جبروته وعيناه تُحدقان فيها بنظرات ثاقبة تُشعرها بالاختناق، قبل أن يُخرج علبة سجائر من جيبه ويُشعل إحداها ببطء مُتعمد. أخذ نفَساً عميقاً من سيجارته، ثم نفث الدخان بكثافة أمام وجهها مُستمتعاً بمشهد ضعفها وانكسارها.
اقترب منها بخطوات هادئة حتى أصبح على بُعد أُنملة منها، أحست حياة برائحة عطره الفواح تختلط برائحة الدخان، رائحة ستظل عالقة في ذاكرتها تُذكّرها بهذه الليلة المُرعبة. مد يده ببطء ليُلامس وجنتها بنعومة مُريبة، لكنّها أطرقت برأسها بعيداً لتتجنّب لمسته، وهذا ما أثار غضبه.
˝أنتِ لي الآن يا حياة.. ملك لي وحدي˝ قالها بصوت أشبه بالفحيح، وهو يُمسك بذقنها بقوة ليرفع وجهها إليه،
˝سأُريك معنى أن تتحدّيني وتمدين يدك علي.. ستتمنين الموت ولن تُحقّقيه˝. ❝
❞ إن (عادل) نذل.. الكل يقول هذا عنه.. أمه وأخته وأخوه.. كلهم يعرفون أنه نذل وصاحب مصلحة وأنك متى احتجت له لم تجده. يحاول (عادل) أن يزيل هذا اﻻنطباع ويبذل مجهودات عنيفة، لكنه ﻻ يظفر إﻻ بعبارة : "برغم أنه نذل فمن الغريب أنه مفيد أحيانًا.."
أصيب أخوه في حادث مروع، ونقل إلى المستشفى.. خلال خمس دقائق كان (عادل) هناك.. لم تأت زوجة (عادل) إﻻ في اليوم التالي، وكذا لم تأت أم (عادل) وﻻ أخته، وحينما احتاج اﻷطباء إلى دم تبرع (عادل) على الفور ﻷخيه..
في اليوم التالي جاءت بقية اﻷسرة، وكان رأيهم إن (عادل) نذل لكنه يتصرف كالرجال أحيانًا، وتصرفه هذا هو الاستثناء الذي يؤكد قاعدة نذالته.. صحيح إن أخته من ذات فصيلة الدم لكنها رفضت التبرع بقطرة دم واحدة ﻷخيها ﻷن لديها أسرتها، وهي بحاجة لقوتها. قالت للأطباء: "لم ﻻ تأخذون المزيد من دم ذلك النذل (عادل)؟"
قالوا لها إن هذا ببساطة سيقتله، فقالت: "على اﻷقل سينقص عدد اﻷنذال واحدًا.."
عندما شبت النار في بيت أخته، سكب (عادل) على نفسه دلوًا من الماء ثم اقتحم النيران، ووسط الدخان خرج يحمل ابنتي أخته تسعلان. هنأه الزوج الذي وقف في الخارج ضاحكًا وقال:
- "غريب أن يصدر هذا التصرف ممن هو مثلك، لكن قد تسبق العرجاء"
تم تقسيم الميراث كما تعلم في حياة أمه، فتبين أن المرأة المسنة تركت كل شيء ﻷخته و أخيه ﻷن (عادل) نذل وﻻ يستحق مالها، بينما أخواه كريمان شهمان..
لم يقل (عادل) شيئًا ، وعندما ماتت اﻷم بعد ذلك ملأ الدنيا صراخًا وبكاءً وأصابه اكتئاب شديد. قال أخوه مفسرًا وهو يلتهم قطعة كبيرة من اللحم: "السبب أنه نذل، وضميره يؤنبه على ما فعله مع أمه "
هنا أنحشرت قطعة كبيرة من اللحم في حلقه فأزرق لونه و راح يجاهد طلبًا للتنفس، هنا وثب (عادل) فوق المنضدة والتف وراء أخيه، وأحاط بطنه بيده وضغط بقوة كما تقضي مناورة (هايمليخ) الشهيرة، من ثم اندفعت قطعة اللحم خارجة..
قالت اﻷخت في استحسان:
-"ﻻ بأس.. حتى الأنذال يظهرون بعض الشهامة أحيانًا "
(عادل) صديقي، وأنا أكرهه ﻷنه نذل.. صحيح أنني أقترض منه مالًا بلا توقف، وأكلفه باﻷمور الصعبة الشاقة مثل تبديل إطار السيارة والشجار في الدوائر الحكومية، لكنني لن أنسى حقيقة أنه نذل وأننا جميعًا أكرم منه، صحيح أنه مواظب على الصلاة، لكني أعرف أنني أفضل منه في كل شيء، وفي المرات القليلة التي أصلي فيها أحمد الله على أنه لم يخلقني نذلًا مثله.
. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ إن (عادل) نذل. الكل يقول هذا عنه. أمه وأخته وأخوه. كلهم يعرفون أنه نذل وصاحب مصلحة وأنك متى احتجت له لم تجده. يحاول (عادل) أن يزيل هذا اﻻنطباع ويبذل مجهودات عنيفة، لكنه ﻻ يظفر إﻻ بعبارة : "برغم أنه نذل فمن الغريب أنه مفيد أحيانًا."
أصيب أخوه في حادث مروع، ونقل إلى المستشفى. خلال خمس دقائق كان (عادل) هناك. لم تأت زوجة (عادل) إﻻ في اليوم التالي، وكذا لم تأت أم (عادل) وﻻ أخته، وحينما احتاج اﻷطباء إلى دم تبرع (عادل) على الفور ﻷخيه.
في اليوم التالي جاءت بقية اﻷسرة، وكان رأيهم إن (عادل) نذل لكنه يتصرف كالرجال أحيانًا، وتصرفه هذا هو الاستثناء الذي يؤكد قاعدة نذالته. صحيح إن أخته من ذات فصيلة الدم لكنها رفضت التبرع بقطرة دم واحدة ﻷخيها ﻷن لديها أسرتها، وهي بحاجة لقوتها. قالت للأطباء: "لم ﻻ تأخذون المزيد من دم ذلك النذل (عادل)؟"
قالوا لها إن هذا ببساطة سيقتله، فقالت: "على اﻷقل سينقص عدد اﻷنذال واحدًا."
عندما شبت النار في بيت أخته، سكب (عادل) على نفسه دلوًا من الماء ثم اقتحم النيران، ووسط الدخان خرج يحمل ابنتي أخته تسعلان. هنأه الزوج الذي وقف في الخارج ضاحكًا وقال:
- "غريب أن يصدر هذا التصرف ممن هو مثلك، لكن قد تسبق العرجاء"
تم تقسيم الميراث كما تعلم في حياة أمه، فتبين أن المرأة المسنة تركت كل شيء ﻷخته و أخيه ﻷن (عادل) نذل وﻻ يستحق مالها، بينما أخواه كريمان شهمان.
لم يقل (عادل) شيئًا ، وعندما ماتت اﻷم بعد ذلك ملأ الدنيا صراخًا وبكاءً وأصابه اكتئاب شديد. قال أخوه مفسرًا وهو يلتهم قطعة كبيرة من اللحم: "السبب أنه نذل، وضميره يؤنبه على ما فعله مع أمه "
هنا أنحشرت قطعة كبيرة من اللحم في حلقه فأزرق لونه و راح يجاهد طلبًا للتنفس، هنا وثب (عادل) فوق المنضدة والتف وراء أخيه، وأحاط بطنه بيده وضغط بقوة كما تقضي مناورة (هايمليخ) الشهيرة، من ثم اندفعت قطعة اللحم خارجة.
قالت اﻷخت في استحسان:
- "ﻻ بأس. حتى الأنذال يظهرون بعض الشهامة أحيانًا "
(عادل) صديقي، وأنا أكرهه ﻷنه نذل. صحيح أنني أقترض منه مالًا بلا توقف، وأكلفه باﻷمور الصعبة الشاقة مثل تبديل إطار السيارة والشجار في الدوائر الحكومية، لكنني لن أنسى حقيقة أنه نذل وأننا جميعًا أكرم منه، صحيح أنه مواظب على الصلاة، لكني أعرف أنني أفضل منه في كل شيء، وفي المرات القليلة التي أصلي فيها أحمد الله على أنه لم يخلقني نذلًا مثله. ❝