█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2023
❞ إشراقة النُّور
الحمد لله خالق الظلمات النور، الذي أرسل نبيه بالهدى والنور، والصلاة والسلام على الذي أنزل عليه النور، ما تغنى في الجنان حور، وبعد
فإنَّ عقيدة التَّوحيد نورٌ خارجيٌّ يُلقيه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده , فإذا طرق ذلك النُّور أبواب القلب , اهتزَّت به جبلَّة العبد الخالصة , فإذا وافقه العبد بالتَّسليم والقبول أجلى عنه رانه كما تُجلي النَّار الصديد عن الحديد فيبرق , فيشعُّ نور القلب الأصلي الفطري الجبلي , ثمَّ ينفجر ذلك النُّور من داخل القلب فيدفع كلَّ الشَّوائب المتعلِّقة به حتَّى يظهر على الجوارح بمبدئِ اللِّسانِ , فينطق به قولا وتصديقا , فإذا ما وافقه الإنسان واتَّبعه، عمِلَ به سائر جسده , فإن سلَّم له واتَّبعه في كلِّ أحواله تمكنَّ منه وانتشر على سائر جوارحه , فيُرى التَّوحيد في قلبه تصديقا , وعلى لسانه نطقا , وعلى جوارحه عملا , فيرسخُ رسوخَ الجبال , فلا جحافل الأهواء تمنعه , ولا جيوش الشهوات تقمعه , ولا غُبار الفتن يرهقه , ولا قٌطَّاع طُرُقِ الأنوار توقفه , وحتَّى إن عرضته الزلَّات يتلقَّاها نوره بالتَّوبة والإنابة , فيمحق عوالقها فيعود برَّاقا كالثوب إذا ما غُسل , فإن رحَّب المسلمُ بكلِّ هذا فُـتِّحت له أبواب العلوم والفهم على مصرعيها , فإن سار فيها سيَّرهُ الله تعالى مهيِّئًا له جنوده الخفيَّة , فإن توكَّل عليه حقَّ توكُّله زاده وألقى في نور قلبه لذَّة علمه , فلا يبغي عنه حولا , ولا يرضى بغيره بدلا , فتراه سعيدا ولو في المصائبِ , فرحا ولو في الأحزان , نشوانا ولو في التعب , وإن جاع , وإن ظُلمَ , وإن تعرَّى , وإن قُهرَ , فيرى الدُّنيا من فوق علم , علمٍ من نور يكسوه علم من صخر , نور حارق لكلِّ الأهواء والشهوات , وصخر لا يَهزُّه الظلم ولا الظُّلمات , فحينها يصلِّي على النبِّي الذي بنور سنَّتهِ رأى النور , شاكرا لله الغفور الشكور الذي بفضله طرق قلبه ذلك النور , فصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ما دام ساقي الجنان يدور والحمد لله رب العالمين نور على نور . ❝
❞ وطن المسلم الذي يحن إليه ويدافع عنه ليس قطعة أرض، وجنسية المسلم التي يعرف بها ليست جنسية حكم، وعشيرة المسلم التي يأوي إليها ويدفع عنها ليست قرابة دم، وراية المسلم التي يعتز بها ويستشهد تحتها ليست راية قوم، وانتصار المسلم الذي يهفو إليه ويشكر الله عليه ليس غلبة جيش.........وتتعدد الأمثال على ذلك في القرآن الكريم فشجية الابوة في قصة نوح، ووشيجة البنوة والوطن في قصة ابراهيم، ووشيجة الأهل والعشيرة والوطن جميعا في قصة أصحاب الكهف، ورابطة الزوجية في قصص امرأتي نوح ولوط وامرأة فرعون....إنه النصر تحت راية العقيدة دون سائر الرايات، والجهاد لنصرة دين الله وشريعته لا لأي هدف من الأهداف، والذياد عن ˝دار الإسلام˝ بشروطها تلك لا أية دار، والتجرد بعد هذا كله لله، لا لمغنم ولا لسمعة، ولا حمية لأرض أو قوم، أو ذود عن أهل أو ولد، إلا لحمايتهم من الفتنة عن دين الله . ❝
❞ فنحن مازلنا مع الله لم يظهر فينا غيره .. هو الظاهر بأسمائه وأفعاله في كل شيء .. ولكن من وراء ستار الأسباب ومن خلف نقاب الكثرة ..
وبرغم هذه الكثرة فإنه لا إله إلا الله .. لا فعال سواه ، ولا شاف ولا رازق ولا نافع ولا ضار ولا محيى ولا مميت , ولا جبار ولا مهیمن غيره .. إنها ذاته الواحدة الفاعلة أبدا وأزلا ..
ألا تبدو الطاقة الكهربائية في كل مصباح بشكل مختلف حسب نوع الفتيل المعدني داخله ..
ألا تبدو الكهرباء في مصابيح النيون بألوان وتألقات متفاوتة ..
حسب نوع الغازات في تلك الأنابيب المفرغة ..
ما أشبهها جميعا بنفوسنا التي تختلف استعدادتها فتختلف أفعالها مع أن الفاعل فيها واحد ..
مجرد مثال
والدنيا كلها مثال رامز للقدرة قدرة الواحد الأحد الذي ليس كمثله شيء وإذا رأيت هذا الواحد من وراء الكثرة وإذا أنت لم تعبأ بهذه الكثرة وشعرت بنفسك تتعامل طول الوقت وجها لوجه
مع الله فلم تر شافيا لك غيره برغم تعاطيك الدواء واستسلامك لمبضع الجراح ، وإذا رأيته هو الذي يطعمك ويسقيك وشعرت
بنفسك تأكل من يده وتشرب من يده برغم كثرة المشارب والمطاعم التي تتردد عليها ، وإذا نسيت نفسك ولم تر غيره فأنت
المسلم الموحد على وجه التحقيق ..
وإنما يأتي فساد الأعمال من تصور الواحد منا أنه يأتيها وحده .. كما تصور قارون أنه صاحب العلم وصاحب العمل وصاحب الفضل وقال مختالا وهو يتحدث عن ماله وجاهه :
« إنما أوتيته على علم عندى » ..(۷۸ - القصص) ..
فلم يرى غیر نفسه ولم يشهد غير علمه الذاتي ونسی أنه
لا يملك علما ذاتيا ولا قدرة ذاتية ، وإنما قدرته وعلمه وذكاؤه
كانت كلها هبات سيده وهذا هو الشرك الخفي .. حينما يصبح اله الواحد نفسه وهواه وملكاته ..
« أفرأيت من اتخذ إلهه هواه »..(۲۳ - الجاثية )
ولهذا يتبرأ العارفون عن أعمالهم الصالحة ويسندونها إلى الله وتوفيقه
وأكثر من هذا يتبرأ الواحد من إرادته الخيرة ومن نياته الطيبة ويرى انها من أفضال سيده .. ثم يتبرأ من نفسه التي بين
جنبيه .. وينسى ذاته .. ويشهد أنه لا يملك من نفسه إلا العدم
وأن كل ماله من الله .. ولا يعود يختار .. وإنما يشهد الله يختار له
في كل لحظة .. ثم لا يعود يشهد إلا الله في كل شيء .. فذلك
هو التوحيد الكامل .. وهذه هي لا إله إلا الله حينها تصبح حياة ..
ونری دعاء أبي الحسن الشاذلي في هذه الحالة من الوجد :
رب خذني إليك مني ، وارزقني الفناء عني ، ولا تجعلني مفتونا بنفسي ، محجوبا بحسي ..
ونقرأ في المواقف والمخاطبات للنفری
ما يقوله الله لعبده العارف « ألق الاختيار ألقى المساءلة البته »
فثواب مثل هذا التوحيد الكامل الذي يلقى فيه العبد اختياره ويأخذه باختيار الله في كل شيء .. هو المغفرة الكاملة
وعدم المحاسبة . يقول الله في حديثه القدسي إلى المذنب :
لو جئتني بملء قراب الأرض خطايا ولقيتني لا تشرك بي شيئا
لوجدت عندي ملء قراب الأرض مغفرة ..
فتلك ثمرة التوحيد ، وهذا ثواب كلمة
لا إله إلا الله ، إذا جعلها الواحد منا حياته وسلوكه ومنهجه ونبضه وتنفسه وذوب قلبه .. وهذا ما أراده القرآن الكريم بإسلام الوجه لله سبحانه
وتعالى . وهذا ما أراده رسولنا العظيم محمد عليه الصلاة والسلام ، حينها سأله أحدهم أن يوجز له الدين الذي تلقاه عن
ربه في كلمتين .. فقال كلمته الجامعة :
« قل لا إله إلا الله ثم استقم » ..
الملة الحنيفية ملة أبينا إبراهيم الذي لم يعرف لنفسه إلها ولا خالقا ولا رازقا ولا شافيا ولا منقذا إلا الله .. والذي ألقى به في النار وظهر له جبريل يسأله حاجته .. فقال له النبي
العارف الموحد. أما لك فلا ..
إنه في ساعة الخوف والهول والفزع لا يسأل أحدا إلا ربه ..
لأنه لا يرى أحدا يملك له شيئا حتى ولو كان كبير الملائكة الروح القدس نفسه .. فلا فاعل في الكون إلا الله .. ولا يملك
أحد أن ينفع أو يضر إلا بإذنه
وتلك مرتبة عرفانية لا يصل إليها إلا نبی
وهذا معنى التوحيد ..🤎
#الاسلام_ما_هو . ❝