█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ أعجب أشد العجب من شاب مثقف يقول لي شامخاً بأنفه وهو يحتضن الكتب والمراجع.. ما برهانك على وجود الله ؟!!
و أتساءل: كيف انقلبت في ذهنه القضية.. فأصبح يرى الله.. الذي هو برهان كل شيء.. هو ذاته في حاجة إلى برهان الله الذي هو المستند الوحيد الذي تستند إليه أحقية كل شيء..
كيف انقلب إلى حقيقة ظنية تحتاج إلى حقيقة أكبر تستند إليها؟ يقول ربنا كما ذكر النفرى في كتابه "المواقف والمخاطبات" :
أنا يُستدل بي .. أنا لا يُستدل على ..
ذلك لأن الله هو الحق الخالص الذي تستند إليه كل الحقائق الثانوية في مصداقيتها .. وهو الذي يستدل به عليها وليس الشيء المظنون الذي يستدل عليه بها أو بغيرها.
والله هو الموجود بذاته وكل الكون بما فيه موجود بالله .. بمدده وبفضله .. وذلك لأنه الأول الذي ليس قبله شئ منذ ايام أرسطو ومن قبل أرسطو منذ بدأ الفكر يفكر والعقل يتعقل ومن قبل ذلك منذ الأزل .. هذا من ناحية الفكر.
أما من ناحية الحس والوجدان والشعور والاستبصار فالله شاخص ماثل حاضر على الدوام وله المثل الأعلى مثل شمس لا تغيب ونهار لا ينقطع .. فمن ذا الذي يطلب برهاناً على الشمس وهي طالعة ملء الأبصار أو يطلب برهاناً على النهار وهو في عز النهار؟!!
وإذا كانت عيوننا لا ترى الله لأن أبصارنا أعجز من أن تحيط بلانهائيته إلا أننا عرفناه من اثاره وصنعته وعجائب قدرته في أنفسنا وفي الكون وفي الخلائق صغيرها وكبيرها .. فنحن نراه بآثاره فيها كما يرى الأعمى الشمس بدفئها تشيعه في بدنه . ❝