█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ لقد تحولت الديمقراطية اليوم إلى مجموعة من القوانين والتدابير التي تعمل على تسهيل أداء اقتصاد السوق ليغطى كل مناحي الحياة . إذ تقاس قيمة كل شيء بمردوديته المالية، فلا قيمة إلا قيمة المال والسلعة. وهذا ما يؤكده الخطاب الرسمى المفكرى العولمة الاقتصادية. لقد أصبح زوال القيم المعنوية والأخلاقية لصالح القيم السلعية - وهو ما تنبأ به ماركس في منتصف القرن التاسع عشر - أمراً واقعاً في أيامنا هذه. ويرى الفيلسوف الإيطالي جياني قاتيمو أن تحول كل القيم إلى قيم سلعية هو أبرز ملمح من ملامح عدمية عالمنا المعاصر التي بشر بها نيتشه .
وهذا يطرح بإلحاح السؤال عن البديل .
وهنا لا يقدم جارودى مشروعاً علمياً محدداً بالمعنى المتعارف عليه في الفكر السياسي الغربي، والذي يقوم على إنجاز خطة سياسية محددة تقوم بها قوى اجتماعية معينة، وإنما يطرح توجهات عامة مطروحة للاستلهام في السياسة والاقتصاد والتعليم والدين، ويلجأ إلى منابع لا تنضب في الإنسان، وهي ممثلة في الإيمان والحلم . والإيمان لديه لا يتعلق بالأديان فحسب، بل يتسع لكل نزعة إنسانية حقيقية تحرص على كرامة البشر وحريتهم . أما الحلم، فقد قدم جارودي في كتابه هذا نموذجا له، فتخيل في منتصف القرن الحادي والعشرين إنسانية متنوعة متسامحة متضامنة، تنظر إلى القرن العشرين والقرون السابقة على أنها عصور ما قبل التاريخ . ❝