█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ اعتدتُ الجلوس في ˝مقهى الشرق˝، مقهى قديم يقع في شارع الجلاء بوسط المدينة، وذلك كلما داهمتني الأحزان، أشعر بأُلفة في الأماكن القديمة، أتشمَّم عَبقَ تاريخها، ألتمسُ الطمأنينة فيها، أستعيد الماضي، وهذا حال كثير من الناس، كلما تملَّكهم الإحباط من الحاضر يستحضرون عبق الماضي عبر الأماكن العتيقة.
المقهى عمره تجاوز الخمسين عامًا، يبدو ذلك من جدرانه المُشبعة بالرطوبة، وبعض قطع الجير المنهارة من السقف المرتفع أربعة أمتار وربما خمسة، تتوسطه مروحة تُصدِر هديرًا مزعجًا، لا يزال صاحب المقهى يستخدم المقاعد المصنوعة معظمها من الخوص والغاب، والتي كادت تبلى، أصرَّ على بقائه كما كان في الماضي، مُعلَّقٌ على أحد جدرانه بروازٌ بداخله منقوشة المعوذتان، ورفٌّ خشبي عليه أنواع المشروبات الساخنة، وبجانب الحائط المقابل مرصوصة على الأرض أنواع من الجوزة المختلفة، متلألئة كفتيات يعرضن أجسادهن خلف فاترينات، مساحة المقهى كبيرة تقريبًا، ثلاثة أمتار عرضها في عشرة أمتار طولها، بوفيه رخامي يصبُّ عليه الأسطى المياه الساخنة داخل الأكواب، توجد ثلاجة تبتعد مسافة خطوات عن البوفيه في الجانب المقابل له، تحوي بداخلها المشروبات الباردة؛ اشتراها المعلم صابر بعدما داهم البلاد صيف لافح في العقد الأخير . ❝