عندما نظَر البشرُ من الفضاء إلى كوكب الأرض لأول مرة، بدأَت تتوغَّل في وَعيِنا فكرةُ وَحْدة هذا النظام الذي يستضيف جنسَنا البشري. وسُرعانَ ما حظِي مفهومُ التفاعل الوثيق بين مكوِّنات الكوكب، من غلاف جوي، ومحيطات، وتربة، وصخور، بوصفها عناصرَ في نظامٍ واحد، بانتشارٍ واسع في الأوساط العِلمية. ويُعرَف هذا المجال العلمي الجديد الذي يُسهِم فيه علماءُ الجغرافيا والجيولوجيا والأحياء، وعلماءُ المحيطات وفيزياء الغِلاف الجوي، باسم «عِلم نظام الأرض». ويتناول هذا الكتابُ من سلسلة «مقدمة قصيرة جدًّا» الكيفيةَ التي نشأ بها العالَم الذي تطوَّر فيه البشر، وكيف أننا نُعيد تشكيلَه حاليًّا بصفتنا أحدَ الأنواع التي تعيش فيه، كما يتناول الكتاب الشكلَ المحتمَل للمستقبل المستدام للبشر ضِمن نظام الأرض، ويَطرح — بالاستعانة بمبادئَ من علوم الجيولوجيا والأحياء والكيمياء والفيزياء والرياضيات — سؤالًا مهمًّا حول إن كان عِلمُ نظام الأرض يُمكِن أن يساعد في إرشادنا نحوَ مسارٍ مستدام يَحفظ بقاءَنا، قبل أن نُغيِّر نظام الأرض إلى الحد الذي نُدمِّر فيه أنفُسَنا وحضارتنا.