اكتسحت فكرة المبالغة عصرنا الحالي. فبمجرد أن تحمل هاتفك، وتدخل على تطبيق اليوتيوب، تظهر لك كل العناوين مثل: "كيف تصبح شخصًا خارقًا في سبعة أيام"، "سر فجر طاقتك الداخلية"، "سر لن يخبرك به أحد، هذا الفيديو للأقوياء"، "فقط أسرار الحضارة الفلانية التي تجعلك غير عاديًا"، و"شاهد وستصير مليونيرًا في شهر". لن تجد أي عنوان واقعي. كل العناوين تحمل أسلوب المبالغة لأن الهدف من كل هذا هو إفراغ جيبك وصيد أموالك، وليس إفادتك بالدرجة الأولى. حيث إن النزعة المادية سيطرت كثيرًا، فالغاية الحقيقية لأبناء عصرنا هي تحصيل أكبر قدر من المال مع إهمال الجانب الأخلاقي أو التناغم وتطوير المجتمع. ألم تلاحظ ظهور بعض الأشخاص الذين يدعون المثالية ويظهرون دائمًا بشكل خالٍ من العيوب ومبهر في شبكات التواصل وخاصة اليوتيوب؟ تجد فيديوهاتهم في كل مواقع التواصل، وينشرون بكثرة وفي كل مواضيع الحياة. كما أنهم يعزلون مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتأثيراتها على الفرد، بينما يركزون على أن الفرد سبب كل مشكلاته، وعليه أن يتحرر من دور الضحية. ثم عندما يحققون قدرًا من الشهرة، يبدؤون في نشر الكورسات ويدعون من ورائها تطويرك. غالبية كلامهم منافٍ للواقع ومعاكس له. رغم وضوح أن أهدافهم ربحية بالدرجة الأولى، إلا أنهم يستقطبون فئة كبيرة لتشتري كورساتهم. غالبية هذه الفئة إما تعاني من مشكلات حقيقية يئست من مشكلاتها المستمرة التي لم تجد لها حلاً، والفئة الأخرى تسعى للتطور والاستكشاف أكثر. تتسم هاتان الفئتان بقابليتهما للتعامل مع المبالغة بشكل عادي رغم العناوين والوعود الزائفة. إلا أن هؤلاء الأشخاص يشتركون في كورساتهم أو يشاهدون فيديوهاتهم، لكنهم في الغالب لن يستطيعوا تحقيق تقدم حقيقي. للأسف، تبقى مشكلاتهم مستمرة ولا يزيد إلا يأسهم وإحباطهم. غالبية من يستفيد منهم يكون من الأساس لديه ظروف مسخرة، يعيش رفاهية كافية منذ ولادته. لذلك يتناول هذا الكتاب خطورة المبالغة على المدى البعيد، والتي تعتبر كذبًا ونقصًا في المصداقية. لن يفيدك حقًا إلا إدراك الواقع كما هو.