لقد ظهرت الأغنية الوطنية كمصدر قوي لإنماء الشعور العربي فتنبه لذلك المتابعون للتطورات السياسية في الشرق الأوسط إلى الحد الذي جعلهم يربطون بين الأغنية وبين ما يحدث في المنطقة العربية، ومن ذلك ما ذكرته إحدى الصحف الأمريكية أن صوت أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب كان من أخطر أسلحة ثورة يوليو، لدرجة أن هتلر ''كان يخطط – في حال انتصاره على الإنجليز في معركة العلمين ودخوله مصر – أن يجند هذين الصوتين لنشر الأفكار النازية بالغناء له ولإمبراطوريته !'' إن الأغنية الوطنية المصرية كانت – وما زالت هي القلب النابض، والعقل الواعي، والقوة المعنوية الهائلة، لكل الشعوب العربية والقوة الناعمة كقوة الأسلحة ، ولمصر دورها القيادي والريادي الذي لم ينقطع أبدا حتى في الفترات التي آلت فيها الزعامة الشكلية إلى غيرها؛ حيث ساعدت الأغنية الوطنية على تماسك البنيان الإنساني والثقافي للشعوب العربية رغم ما يحيط بها من أخطار وتحديات ومزاعم عقائدية للتفريق بينها، وإقصاء كل منها على حدة، حتى يسهل التفريق بينهم، وكانت مصر من أولى الأمم المطالبة بالاستقلال ومناهضة الاحتلال على مدار تاريخها الطويل.